إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

الإعلان عن طلب العروض خطوة جديدة نحو الإنجاز.. ميناء النفيضة كلفته 3 آلاف مليون دينار وقادر على خلق 52 ألف موطن شغل

 

استعرض الاجتماع الدوري الخامس للجنة المشاريع الكبرى، مؤخراً، والذي أشرفت عليه رئيسة الحكومة، سارة الزعفراني الزنزري، وضعية بعض المشاريع الكبرى والاستراتيجية وذات الأولوية، ومدى تقدّم إنجاز عدد منها، والحلول المقترحة لتجاوز كل الصعوبات التي تعترضها حتى يتم استكمالها في الآجال المحددة. وتهمّ هذه المشاريع عدّة قطاعات، منها الصحة والنقل والتعليم العالي والبحث العلمي.

ومن بين المشاريع التي ناقشها هذا الاجتماع مشروع ميناء المياه العميقة ومنطقة الخدمات اللوجستية بالنفيضة، حيث تم الإعلان عن الانطلاق في إجراءات الإعلان عن طلب عروض مسبوق بانتقاء بخصوص إنجاز ميناء المياه العميقة ومنطقة الخدمات اللوجستية بالنفيضة طبقاً للمواصفات الدولية. وتُعدّ هذه الخطوة متقدمة في علاقة بهذا المشروع «الحلم» الذي تأجّل إنجازه لعشرين سنة رغم كل الوعود والتعهّدات السابقة.

فمشروع ميناء المياه العميقة بالنفيضة طُرح لأول مرة سنة 2006 كمشروع يُصنّف ضمن المشاريع الاستراتيجية التي تراهن عليها الدول لإحداث نقلة كبيرة على المستوى اللوجستي والاقتصادي والاجتماعي، وتكون قادرة على إحداث التأثير الإيجابي على أكثر من مستوى. وفي سنة 2018، عندما أعلنت الحكومة حينها أنها ستنطلق في إنجاز الميناء، تم إحداث مؤسسة عمومية تحت اسم «شركة ميناء النفيضة» تُعنى بإنجاز وتطوير وصيانة هذا الميناء ومنطقة الخدمات اللوجستية المحاذية له، والتنسيق بين مختلف مشاريع البنية الأساسية للنقل ذات الصلة، وإنجاز الدراسات ومخططات التهيئة والتطوير، ولكن يبدو اليوم أن جهة الإشراف والتنفيذ ستكون ديوان البحرية التجارية والموانئ.

في نوفمبر الماضي، قال وزير النقل، رشيد عامري، خلال أشغال الجلسة العامة البرلمانية، إن مشروع إنجاز ميناء المياه العميقة ومنطقة الخدمات اللوجستية بالنفيضة يحظى بمتابعة خاصة من قبل الحكومة نظراً لأهميته الاستراتيجية وتأثيراته الإيجابية على المستويين الاقتصادي والاجتماعي، حيث سيساهم في خلق 52 ألف موطن شغل بصفة مباشرة وغير مباشرة، مؤكداً أن هناك تدقيقاً لاختيار شريك استراتيجي لتنفيذ المشروع.

وكانت وزيرة التجهيز والإسكان السابقة، ورئيسة الحكومة، سارة الزعفراني الزنزري، قد أكدت في جويلية الماضي خلال جلسة استماع بالبرلمان، أن تونس قررت الذهاب في اتجاه البحث عن شريك استراتيجي لتنفيذ ميناء المياه العميقة بالنفيضة، على أن يكون ذلك ضمن اتفاق يحترم سيادة الدولة، وذلك بإيجاد شريك استراتيجي جدي لا يطلب أي ضمان سيادي أو ضمانات عينية أخرى، مع التنصيص على عدم المساس بسيادة الدولة. كما أكدت سارة الزعفراني الزنزري في تلك الجلسة أن مشروع الميناء ومنطقة الخدمات اللوجستية المتصلة به يُعدّ أول ميناء ذكي في تونس ويستجيب للمواصفات العالمية، وسيساهم في معاضدة الموانئ التونسية الأخرى من خلال ربط البلاد بمحاور النقل البحري الكبرى في العالم. كما استعرضت مراحل تطور المشروع خلال السنوات الماضية، والتي من بينها إحداث شركة ميناء النفيضة سنة 2018، وحصول الشركة على ضمان الدولة للدخول في شراكة مع القطاع الخاص. كما أشارت الزنزري إلى أن الهيئة العليا للطلب العمومي لم توافق في وقت سابق على طلبات إبداء رغبة من قبل إحدى الشركات للدخول في شراكة مع شركة ميناء النفيضة لتنفيذ المشروع، نظراً لوجود إخلالات تتصل بعدم احترام بعض المواصفات الفنية.

ووفق بعض المعطيات الرسمية الصادرة عن جهات حكومية، فإن إحداث ميناء النفيضة يتطلب ضخ تمويلات في حدود 3000 مليون دينار، أي ما يقارب 1030 مليون دولار، ويتعين على القطاع العام توفير قرابة 768 مليون دولار، تعادل 75 بالمائة من إجمالي التمويلات، في حين يوفّر القطاع الخاص، من جانبه، 262 مليون دولار مخصصة لشراء المعدات.

ويؤكد ديوان البحرية التجارية والموانئ أن الهدف من الميناء هو خلق حيوية بين الميناء ومنطقة الخدمات اللوجستية والمنطقة الصناعية المحاذية له، وذلك بإحداث قطب اقتصادي وتجاري وصناعي هام لإسداء خدمات مندمجة للنقل من خلال الميناء ومطار النفيضة. كذلك، من الرهانات المهمة، خاصة مع ارتفاع معدّلات البطالة، إحداث مواطن شغل مباشرة وغير مباشرة.

واختيار موقع النفيضة كان نتيجة دراسات متعددة المعايير، والتي أخذت بعين الاعتبار تموقع منطقة النفيضة على محور الخطوط البحرية شرق وغرب المتوسط، بالإضافة إلى توفر مساحات عقارية شاسعة تمكّن من تركيز فضاءات خزن وتحويل وإنتاج تساهم في تطوير نشاط الميناء، فضلاً عن مرور الطريق السيارة والسكة الحديدية والطريق الوطنية رقم 1 بجانب الموقع، وكذلك لقرب منطقة النفيضة من تونس العاصمة، وفي الوقت ذاته من صفاقس، بالنظر إلى أهمية هذين القطبين اقتصاديًا وتجارياً.

ووفق المعطيات المعلنة كذلك، فإن المركّب المينائي بالنفيضة سيمتد على مساحة جملية في حدود 3000 هكتار، حيث سيشمل الميناء 1000 هكتار، بينما تمتد منطقة الخدمات الاقتصادية واللوجستية على مساحة 2000 هكتار. وفي سنة 2023، تم انتزاع الأراضي المخصصة للمشروع في إطار الانتزاع للمصلحة العامة، وتم استكمال إجراءات الشهادات الملكية في جوان 2024.

وفي انتظار الإعلان عن الشريك الاستراتيجي الذي سيتولى تنفيذ المشروع مع الدولة التونسية، يُذكر أنه في وقت سابق، وعندما أعلنت الحكومة سنة 2018 أن الأشغال بالميناء ستنطلق، أعلن الرئيس المدير العام لديوان البحرية التجارية والموانئ، سامي بطيخ، وقتها، أن سبع شركات عالمية من فرنسا والصين وتركيا وأمريكا، مختصة في مجال إنشاء الموانئ، شاركت في طلب العروض الخاص بمشروع ميناء النفيضة، الذي سيستغرق إنجازه حوالي سنتين، إلا أن ذلك لم يحدث، وتعطّل المشروع قبل أن ينطلق فعلياً، رغم كل الوعود التي قدمتها الحكومة آنذاك.

واليوم، لا شك أن الدولة ستجد شركاء مهتمين بإنجاز هذا المشروع، الذي يُعد من المشاريع المهمة والمضمونة الأرباح. وإذا ما تم النجاح في ذلك، وانطلقت الأعمال في إنجاز ميناء النفيضة والمتوقّع أن تنتهي مع حلول سنة 2030، فإن ذلك يُعد من المنجزات الوطنية الكبرى ومن الرهانات التي ستحدث نقلة هامة على مستوى التجارة البحرية بالنسبة لتونس، حيث يمكن أن يجعل ميناء النفيضة من تونس بوابة بحرية مهمة لقارة إفريقيا، وكذلك نقطة ربط محورية بين شرق المتوسط وغربه.

منية العرفاوي

الإعلان عن طلب العروض خطوة جديدة نحو الإنجاز..   ميناء النفيضة كلفته 3 آلاف مليون دينار وقادر على خلق 52 ألف موطن شغل

 

استعرض الاجتماع الدوري الخامس للجنة المشاريع الكبرى، مؤخراً، والذي أشرفت عليه رئيسة الحكومة، سارة الزعفراني الزنزري، وضعية بعض المشاريع الكبرى والاستراتيجية وذات الأولوية، ومدى تقدّم إنجاز عدد منها، والحلول المقترحة لتجاوز كل الصعوبات التي تعترضها حتى يتم استكمالها في الآجال المحددة. وتهمّ هذه المشاريع عدّة قطاعات، منها الصحة والنقل والتعليم العالي والبحث العلمي.

ومن بين المشاريع التي ناقشها هذا الاجتماع مشروع ميناء المياه العميقة ومنطقة الخدمات اللوجستية بالنفيضة، حيث تم الإعلان عن الانطلاق في إجراءات الإعلان عن طلب عروض مسبوق بانتقاء بخصوص إنجاز ميناء المياه العميقة ومنطقة الخدمات اللوجستية بالنفيضة طبقاً للمواصفات الدولية. وتُعدّ هذه الخطوة متقدمة في علاقة بهذا المشروع «الحلم» الذي تأجّل إنجازه لعشرين سنة رغم كل الوعود والتعهّدات السابقة.

فمشروع ميناء المياه العميقة بالنفيضة طُرح لأول مرة سنة 2006 كمشروع يُصنّف ضمن المشاريع الاستراتيجية التي تراهن عليها الدول لإحداث نقلة كبيرة على المستوى اللوجستي والاقتصادي والاجتماعي، وتكون قادرة على إحداث التأثير الإيجابي على أكثر من مستوى. وفي سنة 2018، عندما أعلنت الحكومة حينها أنها ستنطلق في إنجاز الميناء، تم إحداث مؤسسة عمومية تحت اسم «شركة ميناء النفيضة» تُعنى بإنجاز وتطوير وصيانة هذا الميناء ومنطقة الخدمات اللوجستية المحاذية له، والتنسيق بين مختلف مشاريع البنية الأساسية للنقل ذات الصلة، وإنجاز الدراسات ومخططات التهيئة والتطوير، ولكن يبدو اليوم أن جهة الإشراف والتنفيذ ستكون ديوان البحرية التجارية والموانئ.

في نوفمبر الماضي، قال وزير النقل، رشيد عامري، خلال أشغال الجلسة العامة البرلمانية، إن مشروع إنجاز ميناء المياه العميقة ومنطقة الخدمات اللوجستية بالنفيضة يحظى بمتابعة خاصة من قبل الحكومة نظراً لأهميته الاستراتيجية وتأثيراته الإيجابية على المستويين الاقتصادي والاجتماعي، حيث سيساهم في خلق 52 ألف موطن شغل بصفة مباشرة وغير مباشرة، مؤكداً أن هناك تدقيقاً لاختيار شريك استراتيجي لتنفيذ المشروع.

وكانت وزيرة التجهيز والإسكان السابقة، ورئيسة الحكومة، سارة الزعفراني الزنزري، قد أكدت في جويلية الماضي خلال جلسة استماع بالبرلمان، أن تونس قررت الذهاب في اتجاه البحث عن شريك استراتيجي لتنفيذ ميناء المياه العميقة بالنفيضة، على أن يكون ذلك ضمن اتفاق يحترم سيادة الدولة، وذلك بإيجاد شريك استراتيجي جدي لا يطلب أي ضمان سيادي أو ضمانات عينية أخرى، مع التنصيص على عدم المساس بسيادة الدولة. كما أكدت سارة الزعفراني الزنزري في تلك الجلسة أن مشروع الميناء ومنطقة الخدمات اللوجستية المتصلة به يُعدّ أول ميناء ذكي في تونس ويستجيب للمواصفات العالمية، وسيساهم في معاضدة الموانئ التونسية الأخرى من خلال ربط البلاد بمحاور النقل البحري الكبرى في العالم. كما استعرضت مراحل تطور المشروع خلال السنوات الماضية، والتي من بينها إحداث شركة ميناء النفيضة سنة 2018، وحصول الشركة على ضمان الدولة للدخول في شراكة مع القطاع الخاص. كما أشارت الزنزري إلى أن الهيئة العليا للطلب العمومي لم توافق في وقت سابق على طلبات إبداء رغبة من قبل إحدى الشركات للدخول في شراكة مع شركة ميناء النفيضة لتنفيذ المشروع، نظراً لوجود إخلالات تتصل بعدم احترام بعض المواصفات الفنية.

ووفق بعض المعطيات الرسمية الصادرة عن جهات حكومية، فإن إحداث ميناء النفيضة يتطلب ضخ تمويلات في حدود 3000 مليون دينار، أي ما يقارب 1030 مليون دولار، ويتعين على القطاع العام توفير قرابة 768 مليون دولار، تعادل 75 بالمائة من إجمالي التمويلات، في حين يوفّر القطاع الخاص، من جانبه، 262 مليون دولار مخصصة لشراء المعدات.

ويؤكد ديوان البحرية التجارية والموانئ أن الهدف من الميناء هو خلق حيوية بين الميناء ومنطقة الخدمات اللوجستية والمنطقة الصناعية المحاذية له، وذلك بإحداث قطب اقتصادي وتجاري وصناعي هام لإسداء خدمات مندمجة للنقل من خلال الميناء ومطار النفيضة. كذلك، من الرهانات المهمة، خاصة مع ارتفاع معدّلات البطالة، إحداث مواطن شغل مباشرة وغير مباشرة.

واختيار موقع النفيضة كان نتيجة دراسات متعددة المعايير، والتي أخذت بعين الاعتبار تموقع منطقة النفيضة على محور الخطوط البحرية شرق وغرب المتوسط، بالإضافة إلى توفر مساحات عقارية شاسعة تمكّن من تركيز فضاءات خزن وتحويل وإنتاج تساهم في تطوير نشاط الميناء، فضلاً عن مرور الطريق السيارة والسكة الحديدية والطريق الوطنية رقم 1 بجانب الموقع، وكذلك لقرب منطقة النفيضة من تونس العاصمة، وفي الوقت ذاته من صفاقس، بالنظر إلى أهمية هذين القطبين اقتصاديًا وتجارياً.

ووفق المعطيات المعلنة كذلك، فإن المركّب المينائي بالنفيضة سيمتد على مساحة جملية في حدود 3000 هكتار، حيث سيشمل الميناء 1000 هكتار، بينما تمتد منطقة الخدمات الاقتصادية واللوجستية على مساحة 2000 هكتار. وفي سنة 2023، تم انتزاع الأراضي المخصصة للمشروع في إطار الانتزاع للمصلحة العامة، وتم استكمال إجراءات الشهادات الملكية في جوان 2024.

وفي انتظار الإعلان عن الشريك الاستراتيجي الذي سيتولى تنفيذ المشروع مع الدولة التونسية، يُذكر أنه في وقت سابق، وعندما أعلنت الحكومة سنة 2018 أن الأشغال بالميناء ستنطلق، أعلن الرئيس المدير العام لديوان البحرية التجارية والموانئ، سامي بطيخ، وقتها، أن سبع شركات عالمية من فرنسا والصين وتركيا وأمريكا، مختصة في مجال إنشاء الموانئ، شاركت في طلب العروض الخاص بمشروع ميناء النفيضة، الذي سيستغرق إنجازه حوالي سنتين، إلا أن ذلك لم يحدث، وتعطّل المشروع قبل أن ينطلق فعلياً، رغم كل الوعود التي قدمتها الحكومة آنذاك.

واليوم، لا شك أن الدولة ستجد شركاء مهتمين بإنجاز هذا المشروع، الذي يُعد من المشاريع المهمة والمضمونة الأرباح. وإذا ما تم النجاح في ذلك، وانطلقت الأعمال في إنجاز ميناء النفيضة والمتوقّع أن تنتهي مع حلول سنة 2030، فإن ذلك يُعد من المنجزات الوطنية الكبرى ومن الرهانات التي ستحدث نقلة هامة على مستوى التجارة البحرية بالنسبة لتونس، حيث يمكن أن يجعل ميناء النفيضة من تونس بوابة بحرية مهمة لقارة إفريقيا، وكذلك نقطة ربط محورية بين شرق المتوسط وغربه.

منية العرفاوي