قررت لجنة الصناعة والتجارة والثروات الطبيعية والطاقة والبيئة الانطلاق في دراسة مشروع قانون يتعلق بالموافقة على الاتفاقية الخاصة وملحقاتها المتعلقة بامتياز استغلال المحروقات الذي يعرف بامتياز «سرسينة»، ومشروع قانون يتعلق بالموافقة على الملحق عدد 1 المنقح للاتفاقية الخاصة برخصة البحث عن المحروقات وملحقاتها التي تعرف برخصة «شعال»، وينتظر في هذا الصدد أن تعقد جلسة استماع إلى وزيرة الصناعة والمناجم والطاقة بصفتها ممثلة عن جهة المبادرة.
وأشار رئيس لجنة الصناعة والتجارة والثروات الطبيعية والطاقة والبيئة شكري البحري في تصريح لـ «الصباح» إلى أنه قبل كل شيء لابد من التأكيد على أن اللجنة من باب الدفاع عن المصلحة العليا للدولة التونسية مازالت متمسكة بشدة بمطلب سن مجلة جديدة للمحروقات، مجلة تكرس السيادة الوطنية على الثروات الطبيعية على اعتبار أن هذه الثروات وكما نص عليه الفصل السادس عشر من دستور 2022 هي ملك للشعب التونسي. وأوضح أن هذا المطالب كان في صدارة توصياتها خلال الدورة النيابية الماضية حينما عبرت عن رفضها لمشروعي القانونين المتعلقين بامتيازي استغلال المحروقات عشتروت ورحمورة وذلك قبل أن تتولى رئاسة الجمهورية سحب المشروعين المذكورين.
فاللجنة حسب قوله، تريد اعتماد مقاربة تونسية في علاقة بحقول المحروقات وغيرها من الثروات الطبيعية وتريد إقامة شراكة حقيقية بين المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية والشركات المستثمرة في تونس ولا يعني ذلك رغبة في القطع مع المستثمرين الأجانب. وأكد البحري أن لجنة الصناعة والتجارة والثروات الطبيعية والطاقة والبيئة ترحب بالمستثمرين الأجانب لكنها ستتصدى دائما ودون هوادة لجميع محاولات الاستغلال الفاحش لهذه الثروات من قبل الشركات الأجنبية، فهذه الثروات هي ثروات الشعب على هذا الأساس تطالب اللجنة دائما بتشريك اليد العاملة التونسية والخبرات التونسية إذ هناك في تونس خبراء من ذوي الكفاءات العالية ومن الذين ذاع صيتهم على مستوى عالمي لكنها في المقابل ترفض رفضا قاطعا السماح لمن تعامل منهم مع المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية بالعمل لفائدة الشركات البترولية الأجنبية فهذا ليس فيه تضارب مصالح فحسب بل هو ضرب للاقتصاد الوطني وللمقدرات الفكرية التونسية.
وأضاف رئيس لجنة الصناعة والتجارة والثروات الطبيعية والطاقة والبيئة شكري البحري أن اللجنة ترغب في تنظيم يوم دراسي بالأكاديمية البرلمانية حول مجلة المحروقات ومختلف النصوص الأخرى المنظمة لهذا القطاع من أوامر عليّة ومراسيم وقوانين وكراس شروط وذلك حتى تكون الرؤية واضحة أمام النواب، وحتى يتم الدفع أكثر نحو مراجعة هذه النصوص في اتجاه تكريس مفهوم السيادة الوطنية، وكذلك لاستحثاث الحكومة على تقديم مشروع مجلة جديدة للمحروقات. وذكر أنه من باب حرص النواب على تطوير التشريعات فإنهم تقدموا بمقترحات عديدة في علاقة بالثروات الطبيعية من بترول وغاز وكذلك الشأن بالنسبة إلى الطاقة الشمسية، لكن وزارة الإشراف لا تتفاعل مع مقترحات نواب الشعب، ولذلك طلبت اللجنة تنظيم أيام دراسية بالأكاديمية البرلمانية من أجل إعادة التفكير في المنظومة التشريعية للمحروقات وتقييم التشريعات الجديدة لقطاع الطاقات المتجددة لأن المشكل القائم في تونس في الوقت الراهن هو مشكل طاقة بالأساس، وهذا المشكل ليس مرده غياب الكفاءات بل يعود إلى عدم وضوح الرؤية في علاقة بقطاع المحروقات والطاقات.
وعبر رئيس اللجنة عن رغبته في أن تكون هناك شراكة حقيقية بين الوظيفة التشريعية والوظيفة التنفيذية لإصلاح القطاع وأن يتم وضع رؤية واضحة المعالم تقوم على تكريس المبادئ التي جاء بها دستور 2022 وأن تكون البرامج الاستثمارية طموحة وتراعي حق الشعب التونسي في عائدات الثروات الوطنية وتأخذ بعين الاعتبار حقوق الأجيال القادمة. وذكر أنه لا بد أيضا من التأكيد على ضرورة التزام المستثمرين بالتشريعات الوطنية، ولاحظ وجود خرق كبير للقانون في علاقة بقطاع الطاقة الشمسية وهناك إهدار للمال العام وغياب للحوكمة، ونفس الشيء حسب قوله بالنسبة إلى قطاع المحروقات وفسر أنه بمناسبة دراسة اتفاقيتي استغلال المحروقات عشتروت ورحمورة اكتشف نواب اللجنة تجاوزات خطيرة لعل أهمها غياب وسائل الحماية والسلامة، ويرى البحري أنه في ظل غياب هذه الوسائل فإن موقع عشتروت اليوم هو أشبه بالقنبلة الموقوتة في عرض البحر.
وخلص البحري إلى أن اللجنة ستتولى دراسة المشروعين الجديدين المعروضين على أنظارها والمتعلقين بامتيازي سرسينة وشعال وستسلط المجهر على جميع بنود الاتفاقيتين، وستستمع إلى الجهات المعنية وفي مقدمتها وزارة الصناعة والمناجم والطاقة، وليس هذا فقط بل وعلى غرار نفس المنهجية المتبعة من قبلها في الدورة النيابية الماضية، ستنظم زيارات ميدانية للحقول موضوع امتيازي سرسينة وشعال بهدف الإطلاع على وضعياتها عن كثب، كما ستستأنس بآراء المختصين في المجال.
الغرفة الثانية
وإضافة إلى تعهد لجنة الصناعة والتجارة والثروات الطبيعية والطاقة والبيئة بمجلس نواب الشعب بصفة رسمية بدارسة مشروع القانون المتعلق بالموافقة على الاتفاقية الخاصة وملحقاتها المتعلقة بامتياز استغلال المحروقات الذي يعرف بامتياز «سرسينة» ومشروع القانون المتعلق بالموافقة على الملحق عدد 1 المنقح للاتفاقية الخاصة برخصة البحث عن المحروقات وملحقاتها التي تعرف برخصة «شعال»، يذكر أنه بمقتضى المرسوم عدد 1 لسنة 2024 المؤرخ في 13 سبتمبر 2024 المتعلق بتنظيم العلاقات بين مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم يتم النظر في مشاريع القوانين المتعلقة بالاتفاقيات وعقود الاستثمار المتعلقة بالثروات الوطنية من قبل المجلسين، وفي هذا الإطار قرر مكتب المجلس الوطني للجهات والأقاليم، إحالة نفس المشروعين إلى لجنة القطاعات الإنتاجية التي ترأسها النائبة دلال اللموشي ولجنة الاستثمار والتعاون الدولي التي يرأسها النائب بلال السعيدي على أن تكون جلسات اللجنتين المذكورتين مشتركة كما قرر مكتب المجلس تنظيم أيام برلمانية حول رخص استغلال الثروات الطبيعية.
وبالنسبة إلى الإجراءات التي سيتم إتباعها لاحقا، فإنه في صورة مصادقة مجلس نواب الشعب في جلسة عامة على المشروعين المذكورين يُحيل رئيس مجلس نواب الشعب فورا إلى رئيس المجلس الوطني للجهات والأقاليم المشروعين بعد المصادقة عليهما ويُعلم بذلك رئيس الجمهورية. ويُنهي المجلس الوطني للجهات والأقاليم النظر في المشروعين المصادق عليهما من قبل مجلس نوّاب الشّعب في أجل أقصاه خمسة عشر يوما من تاريخ توصله بها وإذا انقضى هذا الأجل ولم يتلق رئيس مجلس نواب الشعب إعلاما خلال يومي عمل اللاحقين لانقضاء الأجل المذكور، فإنه يحيل مشروع القانون الذي صادق عليه مجلس نواب الشعب إلى رئيس الجمهورية لختمه.
امتياز سرسينة
وبالإطلاع على مشروع القانون المتعلق بالموافقة على الاتفاقية الخاصة وملحقاتها المتعلقة بامتياز استغلال المحروقات الذي يعرف بامتياز «سرسينة» المعروض حاليا على أنظار الغرفتين النيابيتين، يذكر أن هذا المشروع تضمن فصلا وحيدا نص على ما يلي: تتم الموافقة على الاتفاقية الخاصة وملحقاتها المتعلقة بامتياز استغلال المحروقات الذي يعرف بامتياز الاستغلال سرسينة المرفقة بهذا القانون والممضاة بتونس في 17 فيفري 2025 بين الدولة التونسية من جهة والمؤسسة التونسية للأنشطة البترولية وشركة بانورو ت.ب.س يوكاي بروداكشن المحدودة من جهة أخرى.
وحسب وثيقة شرح الأسباب يهدف مشروع القانون المعروض طبقا للمقتضيات الدستورية والتشريعية إلى الموافقة على الاتفاقية الخاصة المتعلقة بمواصلة استغلال امتياز المحروقات المسمى سرسينة في إطار إسناد جديد بعد أن انقضت صلوحيته بتاريخ 21 فيفري 2024. وتم اكتشاف حقل سرسينة الموجود بولاية صفاقس في إطار رخصة البحث عن المحروقات قرقنة الغربية المسندة سنة 1979 وتم تأسيسه كامتياز استغلال مستقل بذاته بمقتضى قرار وزير الاقتصاد الوطني المؤرخ في 10 فيفري 1994 لمدة صلوحية بثلاثين سنة قبل أن يتم ضمه إلى امتياز الاستغلال سرسينة الجنوبية المنبثق عن نفس الرخصة بمقتضى قرار وزير الصناعة والطاقة المؤرخ في 27 أكتوبر 2004 قصد التطوير والاستغلال المندمج لكلا الامتيازين. ويوجد امتياز استغلال سرسينة بالمياه غير العميقة غرب جزيرة قرقنة على مساحة 144 كلم مربع ويتقاسم منشآت الاستغلال والمعالجة مع أربعة امتيازات استغلال أخرى موجودة بنفس المنطقة وهو يضم 16 بئرا منها 6 آبار منتجة و10 آبار مهجورة ويبلغ معدل إنتاجه اليومي حوالي 1100 برميل من النفط.
كما تمت الإشارة في وثيقة شرح أسباب مشروع القانون المعروض حاليا على أنظار مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم إلى أن امتياز سرسينة يرجع حاليا لكل من المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية بنسبة 51 بالمائة وشركة بانورو ت ب س يوكاي بروداكشن المحدودة بنسبة 49 بالمائة وتقوم شركة تينا للخدمات البترولية ت ب اس بدور المشغل للامتياز والتي يمتلك رأس مالها مناصفة كل من الشريكين.
أما من حيث النظام القانوني فإن امتياز سرسينة كان يخضع إلى النصوص القانونية السابقة لمجلة المحروقات الصادرة سنة 1999 وذلك بمقتضى الأحكام الانتقالية لهذه المجلة التي نصت بالنسبة للسندات التي سبق تأسيسها على تواصل سريان الأحكام المنطبقة عليها إلي حين انقضاء صلوحيتها. ويندرج امتياز الاستغلال سرسينة ضمن مجموعة من الامتيازات تضم 18 امتيازا انقضت صلوحيتها خلال الفترة الفاصلة بين شهر ديسمبر 2018 وشهر فيفري 2024 وهو ما يستوجب قبل انقضائها اعتماد خطة ومنهجية عمل موحدة لتحديد مآلها في ضوء مختلف الجوانب الفنية والاقتصادية والقانونية المتعلقة بها. حيث أن مآل امتيازات الاستغلال عند انقضاء صلوحيتها يقتصر على فرضيتين اثنتين وهما إما مواصلة استغلالها في إطار إسناد جديد أو إيقاف استغلالها وبالتالي هجرها بصفة نهائية وقد تم اعتماد الخيار الأول بصفة مبدئية ورئيسية لما لهذا التوجه من مردودية إيجابية للمحافظة على نسق الإنتاج الوطني من المحروقات وتطويره.
وجاء في نفس الوثيقة أنه لتجسيم خيار مواصلة الاستغلال، تم الاعتماد على آلية حق الأولوية المنصوص عليها بالفصل 68 من كراس الشروط الملحق بالاتفاقيات الخاصة برخص البحث المتأتية منها الامتيازات المذكورة بما في ذلك امتياز سرسينة، حيث ينص هذا الفصل على أن السلطة المانحة تتعهد بإعطاء أصحاب الامتياز الأولوية في التمتع بامتياز استغلال جديد لنفس المساحة المعنية بنفس الشروط التي يمكن أن تسند بها إلى الغير على أن تتولى السلطة المانحة في هذه الصورة إعلام أصحاب الامتياز بقرارها مواصلة الاستغلال وبتطبيق حق الأولوية في إطار منح امتياز استغلال جديد وذلك في أجل خمس سنوات قبل انقضاء مدة صلوحية الامتياز. وقد تم الحرص على تفعيل حق الأولوية لفائدة كل امتيازات الاستغلال المعنية دون استثناء أو تمييز باعتباره يبقى حقا حصريا وآليا لأصحاب هذه الامتيازات حسب أحكام الفصل 68 سالف الذكر وهو ما من شأنه أن يجنب الدولة التونسية أية مؤاخذات أو إشكاليات على هذا الصعيد.
امتياز جديد
وأشارت الحكومة في وثيقة شرح الأسباب المرفقة بمشروع القانون المتعلق بالموافقة على الاتفاقية الخاصة وملحقاتها المتعلقة بامتياز استغلال المحروقات الذي يعرف بامتياز «سرسينة،» إلى أنه في إطار تطبيق هذا التمشي المبدئي على امتياز الاستغلال سرسينة فقد ثبت جدوى مواصلة استغلاله بعد انقضاء صلوحيته الأصلية وذلك على اعتبار المردودية المنتظرة والبالغة 28 فاصل 4 مليون دولار على أساس سعر 80 دولارا للبرميل، إذ تقدر عائدات الدولة من المشروع بحوالي 144 فاصل 1 مليون دولار موزعة بين 55 مليون دولار بعنوان الإتاوة و71 فاصل 2 مليون دولار ضريبة على الأرباح و9 فاصل 8 مليون دولار لتزويد السوق المحلية و8 فاصل 1 مليون دولار تمثل حصة المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية. ويقدر الإنتاج المتبقي القابل للاستخراج من الحقل وفق ما تمت الإشارة إليه في نفس الوثيقة بحوالي 5 فاصل 3 مليون برميل من النفط الخام.
وعلى ضوء ذلك تم ضبط شروط وبنود مواصلة الاستغلال وتبليغها إلى المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية وشركة بانورو حيث تقدم الطرفان على هذا الأساس بمطلب رسمي يوم 20 فيفري 2024 يلتمسان من خلاله الحصول على امتياز استغلال جديد مسمى سرسينة، وتم عرض هذا المطلب على أنظار اللجنة الاستشارية للمحروقات المنعقدة بتاريخ 26 مارس 2024 وأبدت اللجنة رأيها بالموافقة على منح امتياز استغلال المحروقات سرسينة لفائدة المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية وشركة بانورو لمدة صلوحية 20 سنة تحتسب بداية من 22 فيفري 2024 وذلك لمواصلة الاستغلال في إطار حق الأولوية عملا بأحكام الفصل 68 من كراس الشروط، وتبعا لذلك تضمن مشروع الاتفاقية المقترحة فصل امتياز سرسينة عن امتياز سرسينة الجنوبية على المستوى المحاسبي والجبائي بعد أن سبق ضمهما مما يفضي إلى إسناد امتاز الاستغلال سرسينة الجديد على أساس وحدة قانونية واقتصادية مستقلة بذاتها كما سيتواصل استغلال امتياز سرسينة الجنوبية كوحدة مستقلة وذلك لأن صلوحيته مازالت سارية المفعول إلى حدود 26 أكتوبر 2034. وفسرت الحكومة أن إجراءات إعداد الاتفاقية موضوع مشروع القانون سجلت بعض التأخير وهذا التأخير ناجم خاصة عن إعداد اتفاق فك الارتباط المحاسبي والجبائي بين الامتيازين ويستمد النظام القانوني للاتفاقية المقترحة مرجعيته من مجلة المحروقات، وتبين من خلال دراسة الملف أن مختلف الاعتبارات الواقعية والموضوعية والمصلحة العامة تقتضي مواصلة استغلال امتياز استغلال المحروقات سرسينة في إطار منح امتياز جديد وهو توجه ينخرط في صلب خطة عمل قطاع المحروقات والتي تشتمل في أحد محاورها على المحافظة على نسق الإنتاج الوطني من المحروقات وتطويره.
وأوضحت الحكومة في وثيقة شرح أسباب مشروع القانون، أن أصحاب امتياز سرسينة واصلوا استغلاله إلى نهاية صلوحيته استنادا على الموافقة المبدئية للجنة الاستشارية للمحروقات في انتظار استكمال إجراءات الإسناد وذلك لاعتبارات فنية بحتة وفسرت أن إيقاف استغلال الآبار المنتجة يشكل عملية ذات مخاطر عالية قد ينجر عنها استحالة استئناف نشاطها لاحقا وهو ما يجعل المضي في الموافقة على الاتفاقية المعروضة الخيار الأسلم من الناحية الفنية حسب رأيها وكذلك الخيار الأسلم من الناحية القانونية لأن حق الأولوية هو حق تعاقدي أصيل ويستوجب العدول عنه توفر أسباب جدية ووجيهة تبرر ذلك. وبما أن مسار إسناد امتياز استغلال المحروقات سرسينة إلى المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية وشركة بانورو استوفى الشروط الشكلية والإجرائية خاصة من خلال توفر سند قانوني يسمح بذلك وموافقة اللجنة الاستشارية للمحروقات مع ثبوت الجدوى الاقتصادية للدولة والمؤسسة التونسية للأنشطة البترولية في مواصلة الاستغلال فقد تم إعداد مشروع القانون المعروض للموافقة على الاتفاقية الخاصة وملحقاتها المتعلقة بامتياز الاستغلال سرسينة.
رخصة شعال
مشروع القانون الثاني المعروض على أنظار الغرفتين النيابيتين يتعلق بالموافقة على الملحق عدد 1 المنقح للاتفاقية الخاصة برخصة البحث عن المحروقات وملحقاتها التي تعرف برخصة «شعال». وتضمن هذا المشروع فصلا وحيدا نص على أن تتم الموافقة على الملحق عدد 1 المنقح للاتفاقية الخاصة برخصة البحث عن المحروقات وملحقاتها التي تعرف برخصة شعال المرفق بهذا القانون والممضى بتونس بتاريخ 8 جانفي 2025 بين الدولة التونسية من جهة والمؤسسة التونسية للأنشطة البترولية من جهة أخرى. وتم إسناد رخصة البحث عن المحروقات شعال لفائدة المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية بنسبة مائة بالمائة بمقتضى قرار وزير الصناعة بتاريخ 22 نوفمبر 2011 طبقا لأحكام مجلة المحروقات والاتفاقيات الخاصة وملحقاتها الممضاة في 27 ماي 2011 والمصادق عليها بالأمر عدد 3285 لسنة 2011 المؤرخ في 21 نوفمبر 2011.
وجاء في وثيقة شرح أسباب مشروع القانون أنه منذ حصول الشركة التونسية للأنشطة البترولية على الرخصة قامت بتنفيذ عدة أشغال استكشافية ودراسات جيولوجية وجيوفيزيائية إلى حدود سنة 2019 مكنت من اختيار بنية بير علي بن خليفة لحفر البئر الاستكشافية التعاقدية شعال 2، وبما أن صلوحية الرخصة باعتبار فترات التمديد المستحقة قد انقضت بتاريخ 28 أوت 2021 فقد تقدمت المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية بتاريخ 28 جوان 2021 بمطلب يتعلق بالتجديد الأول لرخصة البحث عن المحروقات شعال لمدة ثلاث سنوات تمتد من 29 أوت 2021 إلى غاية 28 أوت 2024 مقابل الالتزام بحفر بئر استكشافية بكلفة قدرها 12 مليون دولار. وقد تم تقديم هذا المطلب طبقا لأحكام مجلة المحروقات وعلى معنى الفصل 23 من هذه المجلة الذي يستوجب وفاء طالب التجديد بالتزاماته السابقة. وحسب ما ورد في نفس الوثيقة، فإن المؤسسة لم تلتزم في وضعية الحال بحفر البئر الاستكشافية بعنوان المدة الأولى للرخصة فقد تمت دعوتها إلى استبدال الأساس القانوني لمطلب التجديد باعتماد الفصل 27 من مجلة المحروقات الذي ينص على أنه «إذا لم يحقق صاحب الرخصة التعهد الأدنى بالمصاريف وبرنامج الأشغال أو أحدهما فإنه يحق له تجديد رخصة بحثه بعد أن يدفع للسلطة المانحة الفارق بين المبلغ الأدنى للمصاريف الواجب انجازها ومبلغ المصاريف المنجزة أو المبلغ الضروري لإتمام الأشغال كما نصت على ذلك الاتفاقية الخاصة.
وتقدمت المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية على هذا الأساس بمطلب جديد بتاريخ 15 سبتمبر 2021 تم عرضه على أنظار اللجنة الاستشارية للمحروقات في اجتماعها بتاريخ 27 ديسمبر 2021 والتي أبدت رأيها بإرجاء البت في مطلب التجديد الأول لرخصة البحث عن المحروقات شعال إلى حين استكمال حفر البئر الاستكشافية شعال 2 من قبل المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية باعتبارها البئر التعاقدية المتعلقة بالمدة الأولى للرخصة. وأوضحت الحكومة في وثيقة شرح الأسباب أن هذا الرأي يستمد مرجعته القانونية من أحكام الفصل 29 من مجلة المحروقات الذي ينص في فقرته الثانية على أنه إذا لم تبت الإدارة في مطلب تجديد الرخصة قبل انقضاء مدة صلوحيتها فإنه يقع التمديد فيها ضمنيا دون القيام بإجراءات أخرى وذلك إلى حين صدور قرار الوزير. وحيث أن الرخصة في وضعية الحال انقضت في 28 أوت 2021 دون أن تبت الإدارة في مطلب التجديد المقدم في الآجال القانونية فقد تم اعتماد أحكام الفصل 29 المذكور قصد تمكين المؤسسة الوطنية خلال فترة التمديد الضمني من الإيفاء بالتزاماتها التعاقدية بعنوان فترة الصلوحية الأولى. وكان من المنتظر أن تتمكن الشركة التونسية للأنشطة البترولية خلال فترة التمديد الضمني من استكمال حفر البئر في مدة معقولة بما يمكن من البت في ملف مطلب التجديد الأول خلال مدة التجديد المطلوبة والمقدرة بثلاث سنوات من 29 أوت 2021 إلى غاية 28 أوت 2024 إلا أن الشركة لم تتمكن من استكمال أشغال البئر التعاقدية إلا خلال شهر جوان 2024. وتبعا لذلك تم عرض وضعية رخصة البحث شعال والمطلب المتعلق بالتجديد الأول للرخصة على أنظار اللجنة الاستشارية للمحروقات المنعقدة بتاريخ 11 نوفمبر 2024 التي أوصت بالعمل بصفة مستعجلة على إعداد مشروع تنقيح الاتفاقية المبرمة بين الطرفين في اتجاه الترفيع في مدة التجديد الأول إلى الحد الأقصى المنصوص عليه بالفصل 23 من مجلة المحروقات وهو أربع سنوات عوضا عن الثلاث سنوات المنصوص عليها بالاتفاقية مع مراجعة التزامات كل طرف وذلك بالنظر إلى أهمية رخصة البحث شعال باعتبارها ملكا للمؤسسة التونسية للأنشطة البترولية بنسبة مائة بالمائة وفي ظل حاجة الدولة التونسية لمختلف الموارد الطاقية.
تسوية وضعية
وتمت الإشارة في وثيقة شرح الأسباب المرفقة بمشروع القانون المتعلق بالموافقة على الملحق عدد 1 المنقح للاتفاقية الخاصة برخصة البحث عن المحروقات وملحقاتها التي تعرف برخصة «شعال إلى أنه تبعا لذلك تم إعداد مشروع الملحق الذي يهدف إلى تعديل بعض أحكام الاتفاقية وذلك بتسوية الوضعية القانونية للرخصة في علاقة بمدة صلوحية التجديد الأول علاوة على الالتزامات التعاقدية المرتبطة بكل مدة ومنح المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية أكثر مرونة لاستكمال تجارب الإنتاج. وتم تعديل الفصل الخامس من كراس الشروط الملحق بالاتفاقية المتعلق بتجديد الرخصة حتى يكون لصاحب الرخصة الحق في فترتين من التجديد مدة كل منهما أربع سنوات عوضا عن ثلاث سنوات. وبالنسبة إلى فترة التجديد الأول التي تبدأ من 29 أوت 2021 وتنتهي في 28 أوت 2025 يلتزم صاحب الرخصة بتنفيذ برنامج الأشغال المتمثل في إجراء تجارب إنتاج للبئر الاستكشافية شعال 2 مكرر التي تم حفرها خلال الفترة الممتدة بين 5 جانفي 2024 إلى 2 جوان 2024 وتقدر تكاليف تنفيذ هذا البرنامج بخمسة ملايين دولار أمريكي، أما بالنسبة إلى فترة التجديد الثاني فيلتزم صاحب الرخصة بتنفيذ برنامج أعمال الاستكشاف الآتي ذكرها: حفر بئر استكشافية بكلفة تقدر بمبلغ 12 مليون دولار أمريكي. كما تم تعديل الفصل التاسع المتعلق بتجديد الرخصة في حالة اكتشاف الحقل الوارد بكراس الشروط الملحق بالاتفاقية كما يلي: «يكون لصحاب الرخصة الحق في فترة تجديد ثالثة لمدة أربع سنوات ويكون هذا التجديد مشروطا بتحقيق اكتشاف». وسيمكن الملحق المقترح، المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية من استكمال الأشغال على رخصة البحث شعال والانتهاء من تجارب الإنتاج للتأكد من المخزون القابل للاستخراج وهو ما يندرج صلب خطة العمل الرامية إلى تطوير الإنتاج الوطني من المحروقات.
سعيدة بوهلال
قررت لجنة الصناعة والتجارة والثروات الطبيعية والطاقة والبيئة الانطلاق في دراسة مشروع قانون يتعلق بالموافقة على الاتفاقية الخاصة وملحقاتها المتعلقة بامتياز استغلال المحروقات الذي يعرف بامتياز «سرسينة»، ومشروع قانون يتعلق بالموافقة على الملحق عدد 1 المنقح للاتفاقية الخاصة برخصة البحث عن المحروقات وملحقاتها التي تعرف برخصة «شعال»، وينتظر في هذا الصدد أن تعقد جلسة استماع إلى وزيرة الصناعة والمناجم والطاقة بصفتها ممثلة عن جهة المبادرة.
وأشار رئيس لجنة الصناعة والتجارة والثروات الطبيعية والطاقة والبيئة شكري البحري في تصريح لـ «الصباح» إلى أنه قبل كل شيء لابد من التأكيد على أن اللجنة من باب الدفاع عن المصلحة العليا للدولة التونسية مازالت متمسكة بشدة بمطلب سن مجلة جديدة للمحروقات، مجلة تكرس السيادة الوطنية على الثروات الطبيعية على اعتبار أن هذه الثروات وكما نص عليه الفصل السادس عشر من دستور 2022 هي ملك للشعب التونسي. وأوضح أن هذا المطالب كان في صدارة توصياتها خلال الدورة النيابية الماضية حينما عبرت عن رفضها لمشروعي القانونين المتعلقين بامتيازي استغلال المحروقات عشتروت ورحمورة وذلك قبل أن تتولى رئاسة الجمهورية سحب المشروعين المذكورين.
فاللجنة حسب قوله، تريد اعتماد مقاربة تونسية في علاقة بحقول المحروقات وغيرها من الثروات الطبيعية وتريد إقامة شراكة حقيقية بين المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية والشركات المستثمرة في تونس ولا يعني ذلك رغبة في القطع مع المستثمرين الأجانب. وأكد البحري أن لجنة الصناعة والتجارة والثروات الطبيعية والطاقة والبيئة ترحب بالمستثمرين الأجانب لكنها ستتصدى دائما ودون هوادة لجميع محاولات الاستغلال الفاحش لهذه الثروات من قبل الشركات الأجنبية، فهذه الثروات هي ثروات الشعب على هذا الأساس تطالب اللجنة دائما بتشريك اليد العاملة التونسية والخبرات التونسية إذ هناك في تونس خبراء من ذوي الكفاءات العالية ومن الذين ذاع صيتهم على مستوى عالمي لكنها في المقابل ترفض رفضا قاطعا السماح لمن تعامل منهم مع المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية بالعمل لفائدة الشركات البترولية الأجنبية فهذا ليس فيه تضارب مصالح فحسب بل هو ضرب للاقتصاد الوطني وللمقدرات الفكرية التونسية.
وأضاف رئيس لجنة الصناعة والتجارة والثروات الطبيعية والطاقة والبيئة شكري البحري أن اللجنة ترغب في تنظيم يوم دراسي بالأكاديمية البرلمانية حول مجلة المحروقات ومختلف النصوص الأخرى المنظمة لهذا القطاع من أوامر عليّة ومراسيم وقوانين وكراس شروط وذلك حتى تكون الرؤية واضحة أمام النواب، وحتى يتم الدفع أكثر نحو مراجعة هذه النصوص في اتجاه تكريس مفهوم السيادة الوطنية، وكذلك لاستحثاث الحكومة على تقديم مشروع مجلة جديدة للمحروقات. وذكر أنه من باب حرص النواب على تطوير التشريعات فإنهم تقدموا بمقترحات عديدة في علاقة بالثروات الطبيعية من بترول وغاز وكذلك الشأن بالنسبة إلى الطاقة الشمسية، لكن وزارة الإشراف لا تتفاعل مع مقترحات نواب الشعب، ولذلك طلبت اللجنة تنظيم أيام دراسية بالأكاديمية البرلمانية من أجل إعادة التفكير في المنظومة التشريعية للمحروقات وتقييم التشريعات الجديدة لقطاع الطاقات المتجددة لأن المشكل القائم في تونس في الوقت الراهن هو مشكل طاقة بالأساس، وهذا المشكل ليس مرده غياب الكفاءات بل يعود إلى عدم وضوح الرؤية في علاقة بقطاع المحروقات والطاقات.
وعبر رئيس اللجنة عن رغبته في أن تكون هناك شراكة حقيقية بين الوظيفة التشريعية والوظيفة التنفيذية لإصلاح القطاع وأن يتم وضع رؤية واضحة المعالم تقوم على تكريس المبادئ التي جاء بها دستور 2022 وأن تكون البرامج الاستثمارية طموحة وتراعي حق الشعب التونسي في عائدات الثروات الوطنية وتأخذ بعين الاعتبار حقوق الأجيال القادمة. وذكر أنه لا بد أيضا من التأكيد على ضرورة التزام المستثمرين بالتشريعات الوطنية، ولاحظ وجود خرق كبير للقانون في علاقة بقطاع الطاقة الشمسية وهناك إهدار للمال العام وغياب للحوكمة، ونفس الشيء حسب قوله بالنسبة إلى قطاع المحروقات وفسر أنه بمناسبة دراسة اتفاقيتي استغلال المحروقات عشتروت ورحمورة اكتشف نواب اللجنة تجاوزات خطيرة لعل أهمها غياب وسائل الحماية والسلامة، ويرى البحري أنه في ظل غياب هذه الوسائل فإن موقع عشتروت اليوم هو أشبه بالقنبلة الموقوتة في عرض البحر.
وخلص البحري إلى أن اللجنة ستتولى دراسة المشروعين الجديدين المعروضين على أنظارها والمتعلقين بامتيازي سرسينة وشعال وستسلط المجهر على جميع بنود الاتفاقيتين، وستستمع إلى الجهات المعنية وفي مقدمتها وزارة الصناعة والمناجم والطاقة، وليس هذا فقط بل وعلى غرار نفس المنهجية المتبعة من قبلها في الدورة النيابية الماضية، ستنظم زيارات ميدانية للحقول موضوع امتيازي سرسينة وشعال بهدف الإطلاع على وضعياتها عن كثب، كما ستستأنس بآراء المختصين في المجال.
الغرفة الثانية
وإضافة إلى تعهد لجنة الصناعة والتجارة والثروات الطبيعية والطاقة والبيئة بمجلس نواب الشعب بصفة رسمية بدارسة مشروع القانون المتعلق بالموافقة على الاتفاقية الخاصة وملحقاتها المتعلقة بامتياز استغلال المحروقات الذي يعرف بامتياز «سرسينة» ومشروع القانون المتعلق بالموافقة على الملحق عدد 1 المنقح للاتفاقية الخاصة برخصة البحث عن المحروقات وملحقاتها التي تعرف برخصة «شعال»، يذكر أنه بمقتضى المرسوم عدد 1 لسنة 2024 المؤرخ في 13 سبتمبر 2024 المتعلق بتنظيم العلاقات بين مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم يتم النظر في مشاريع القوانين المتعلقة بالاتفاقيات وعقود الاستثمار المتعلقة بالثروات الوطنية من قبل المجلسين، وفي هذا الإطار قرر مكتب المجلس الوطني للجهات والأقاليم، إحالة نفس المشروعين إلى لجنة القطاعات الإنتاجية التي ترأسها النائبة دلال اللموشي ولجنة الاستثمار والتعاون الدولي التي يرأسها النائب بلال السعيدي على أن تكون جلسات اللجنتين المذكورتين مشتركة كما قرر مكتب المجلس تنظيم أيام برلمانية حول رخص استغلال الثروات الطبيعية.
وبالنسبة إلى الإجراءات التي سيتم إتباعها لاحقا، فإنه في صورة مصادقة مجلس نواب الشعب في جلسة عامة على المشروعين المذكورين يُحيل رئيس مجلس نواب الشعب فورا إلى رئيس المجلس الوطني للجهات والأقاليم المشروعين بعد المصادقة عليهما ويُعلم بذلك رئيس الجمهورية. ويُنهي المجلس الوطني للجهات والأقاليم النظر في المشروعين المصادق عليهما من قبل مجلس نوّاب الشّعب في أجل أقصاه خمسة عشر يوما من تاريخ توصله بها وإذا انقضى هذا الأجل ولم يتلق رئيس مجلس نواب الشعب إعلاما خلال يومي عمل اللاحقين لانقضاء الأجل المذكور، فإنه يحيل مشروع القانون الذي صادق عليه مجلس نواب الشعب إلى رئيس الجمهورية لختمه.
امتياز سرسينة
وبالإطلاع على مشروع القانون المتعلق بالموافقة على الاتفاقية الخاصة وملحقاتها المتعلقة بامتياز استغلال المحروقات الذي يعرف بامتياز «سرسينة» المعروض حاليا على أنظار الغرفتين النيابيتين، يذكر أن هذا المشروع تضمن فصلا وحيدا نص على ما يلي: تتم الموافقة على الاتفاقية الخاصة وملحقاتها المتعلقة بامتياز استغلال المحروقات الذي يعرف بامتياز الاستغلال سرسينة المرفقة بهذا القانون والممضاة بتونس في 17 فيفري 2025 بين الدولة التونسية من جهة والمؤسسة التونسية للأنشطة البترولية وشركة بانورو ت.ب.س يوكاي بروداكشن المحدودة من جهة أخرى.
وحسب وثيقة شرح الأسباب يهدف مشروع القانون المعروض طبقا للمقتضيات الدستورية والتشريعية إلى الموافقة على الاتفاقية الخاصة المتعلقة بمواصلة استغلال امتياز المحروقات المسمى سرسينة في إطار إسناد جديد بعد أن انقضت صلوحيته بتاريخ 21 فيفري 2024. وتم اكتشاف حقل سرسينة الموجود بولاية صفاقس في إطار رخصة البحث عن المحروقات قرقنة الغربية المسندة سنة 1979 وتم تأسيسه كامتياز استغلال مستقل بذاته بمقتضى قرار وزير الاقتصاد الوطني المؤرخ في 10 فيفري 1994 لمدة صلوحية بثلاثين سنة قبل أن يتم ضمه إلى امتياز الاستغلال سرسينة الجنوبية المنبثق عن نفس الرخصة بمقتضى قرار وزير الصناعة والطاقة المؤرخ في 27 أكتوبر 2004 قصد التطوير والاستغلال المندمج لكلا الامتيازين. ويوجد امتياز استغلال سرسينة بالمياه غير العميقة غرب جزيرة قرقنة على مساحة 144 كلم مربع ويتقاسم منشآت الاستغلال والمعالجة مع أربعة امتيازات استغلال أخرى موجودة بنفس المنطقة وهو يضم 16 بئرا منها 6 آبار منتجة و10 آبار مهجورة ويبلغ معدل إنتاجه اليومي حوالي 1100 برميل من النفط.
كما تمت الإشارة في وثيقة شرح أسباب مشروع القانون المعروض حاليا على أنظار مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم إلى أن امتياز سرسينة يرجع حاليا لكل من المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية بنسبة 51 بالمائة وشركة بانورو ت ب س يوكاي بروداكشن المحدودة بنسبة 49 بالمائة وتقوم شركة تينا للخدمات البترولية ت ب اس بدور المشغل للامتياز والتي يمتلك رأس مالها مناصفة كل من الشريكين.
أما من حيث النظام القانوني فإن امتياز سرسينة كان يخضع إلى النصوص القانونية السابقة لمجلة المحروقات الصادرة سنة 1999 وذلك بمقتضى الأحكام الانتقالية لهذه المجلة التي نصت بالنسبة للسندات التي سبق تأسيسها على تواصل سريان الأحكام المنطبقة عليها إلي حين انقضاء صلوحيتها. ويندرج امتياز الاستغلال سرسينة ضمن مجموعة من الامتيازات تضم 18 امتيازا انقضت صلوحيتها خلال الفترة الفاصلة بين شهر ديسمبر 2018 وشهر فيفري 2024 وهو ما يستوجب قبل انقضائها اعتماد خطة ومنهجية عمل موحدة لتحديد مآلها في ضوء مختلف الجوانب الفنية والاقتصادية والقانونية المتعلقة بها. حيث أن مآل امتيازات الاستغلال عند انقضاء صلوحيتها يقتصر على فرضيتين اثنتين وهما إما مواصلة استغلالها في إطار إسناد جديد أو إيقاف استغلالها وبالتالي هجرها بصفة نهائية وقد تم اعتماد الخيار الأول بصفة مبدئية ورئيسية لما لهذا التوجه من مردودية إيجابية للمحافظة على نسق الإنتاج الوطني من المحروقات وتطويره.
وجاء في نفس الوثيقة أنه لتجسيم خيار مواصلة الاستغلال، تم الاعتماد على آلية حق الأولوية المنصوص عليها بالفصل 68 من كراس الشروط الملحق بالاتفاقيات الخاصة برخص البحث المتأتية منها الامتيازات المذكورة بما في ذلك امتياز سرسينة، حيث ينص هذا الفصل على أن السلطة المانحة تتعهد بإعطاء أصحاب الامتياز الأولوية في التمتع بامتياز استغلال جديد لنفس المساحة المعنية بنفس الشروط التي يمكن أن تسند بها إلى الغير على أن تتولى السلطة المانحة في هذه الصورة إعلام أصحاب الامتياز بقرارها مواصلة الاستغلال وبتطبيق حق الأولوية في إطار منح امتياز استغلال جديد وذلك في أجل خمس سنوات قبل انقضاء مدة صلوحية الامتياز. وقد تم الحرص على تفعيل حق الأولوية لفائدة كل امتيازات الاستغلال المعنية دون استثناء أو تمييز باعتباره يبقى حقا حصريا وآليا لأصحاب هذه الامتيازات حسب أحكام الفصل 68 سالف الذكر وهو ما من شأنه أن يجنب الدولة التونسية أية مؤاخذات أو إشكاليات على هذا الصعيد.
امتياز جديد
وأشارت الحكومة في وثيقة شرح الأسباب المرفقة بمشروع القانون المتعلق بالموافقة على الاتفاقية الخاصة وملحقاتها المتعلقة بامتياز استغلال المحروقات الذي يعرف بامتياز «سرسينة،» إلى أنه في إطار تطبيق هذا التمشي المبدئي على امتياز الاستغلال سرسينة فقد ثبت جدوى مواصلة استغلاله بعد انقضاء صلوحيته الأصلية وذلك على اعتبار المردودية المنتظرة والبالغة 28 فاصل 4 مليون دولار على أساس سعر 80 دولارا للبرميل، إذ تقدر عائدات الدولة من المشروع بحوالي 144 فاصل 1 مليون دولار موزعة بين 55 مليون دولار بعنوان الإتاوة و71 فاصل 2 مليون دولار ضريبة على الأرباح و9 فاصل 8 مليون دولار لتزويد السوق المحلية و8 فاصل 1 مليون دولار تمثل حصة المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية. ويقدر الإنتاج المتبقي القابل للاستخراج من الحقل وفق ما تمت الإشارة إليه في نفس الوثيقة بحوالي 5 فاصل 3 مليون برميل من النفط الخام.
وعلى ضوء ذلك تم ضبط شروط وبنود مواصلة الاستغلال وتبليغها إلى المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية وشركة بانورو حيث تقدم الطرفان على هذا الأساس بمطلب رسمي يوم 20 فيفري 2024 يلتمسان من خلاله الحصول على امتياز استغلال جديد مسمى سرسينة، وتم عرض هذا المطلب على أنظار اللجنة الاستشارية للمحروقات المنعقدة بتاريخ 26 مارس 2024 وأبدت اللجنة رأيها بالموافقة على منح امتياز استغلال المحروقات سرسينة لفائدة المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية وشركة بانورو لمدة صلوحية 20 سنة تحتسب بداية من 22 فيفري 2024 وذلك لمواصلة الاستغلال في إطار حق الأولوية عملا بأحكام الفصل 68 من كراس الشروط، وتبعا لذلك تضمن مشروع الاتفاقية المقترحة فصل امتياز سرسينة عن امتياز سرسينة الجنوبية على المستوى المحاسبي والجبائي بعد أن سبق ضمهما مما يفضي إلى إسناد امتاز الاستغلال سرسينة الجديد على أساس وحدة قانونية واقتصادية مستقلة بذاتها كما سيتواصل استغلال امتياز سرسينة الجنوبية كوحدة مستقلة وذلك لأن صلوحيته مازالت سارية المفعول إلى حدود 26 أكتوبر 2034. وفسرت الحكومة أن إجراءات إعداد الاتفاقية موضوع مشروع القانون سجلت بعض التأخير وهذا التأخير ناجم خاصة عن إعداد اتفاق فك الارتباط المحاسبي والجبائي بين الامتيازين ويستمد النظام القانوني للاتفاقية المقترحة مرجعيته من مجلة المحروقات، وتبين من خلال دراسة الملف أن مختلف الاعتبارات الواقعية والموضوعية والمصلحة العامة تقتضي مواصلة استغلال امتياز استغلال المحروقات سرسينة في إطار منح امتياز جديد وهو توجه ينخرط في صلب خطة عمل قطاع المحروقات والتي تشتمل في أحد محاورها على المحافظة على نسق الإنتاج الوطني من المحروقات وتطويره.
وأوضحت الحكومة في وثيقة شرح أسباب مشروع القانون، أن أصحاب امتياز سرسينة واصلوا استغلاله إلى نهاية صلوحيته استنادا على الموافقة المبدئية للجنة الاستشارية للمحروقات في انتظار استكمال إجراءات الإسناد وذلك لاعتبارات فنية بحتة وفسرت أن إيقاف استغلال الآبار المنتجة يشكل عملية ذات مخاطر عالية قد ينجر عنها استحالة استئناف نشاطها لاحقا وهو ما يجعل المضي في الموافقة على الاتفاقية المعروضة الخيار الأسلم من الناحية الفنية حسب رأيها وكذلك الخيار الأسلم من الناحية القانونية لأن حق الأولوية هو حق تعاقدي أصيل ويستوجب العدول عنه توفر أسباب جدية ووجيهة تبرر ذلك. وبما أن مسار إسناد امتياز استغلال المحروقات سرسينة إلى المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية وشركة بانورو استوفى الشروط الشكلية والإجرائية خاصة من خلال توفر سند قانوني يسمح بذلك وموافقة اللجنة الاستشارية للمحروقات مع ثبوت الجدوى الاقتصادية للدولة والمؤسسة التونسية للأنشطة البترولية في مواصلة الاستغلال فقد تم إعداد مشروع القانون المعروض للموافقة على الاتفاقية الخاصة وملحقاتها المتعلقة بامتياز الاستغلال سرسينة.
رخصة شعال
مشروع القانون الثاني المعروض على أنظار الغرفتين النيابيتين يتعلق بالموافقة على الملحق عدد 1 المنقح للاتفاقية الخاصة برخصة البحث عن المحروقات وملحقاتها التي تعرف برخصة «شعال». وتضمن هذا المشروع فصلا وحيدا نص على أن تتم الموافقة على الملحق عدد 1 المنقح للاتفاقية الخاصة برخصة البحث عن المحروقات وملحقاتها التي تعرف برخصة شعال المرفق بهذا القانون والممضى بتونس بتاريخ 8 جانفي 2025 بين الدولة التونسية من جهة والمؤسسة التونسية للأنشطة البترولية من جهة أخرى. وتم إسناد رخصة البحث عن المحروقات شعال لفائدة المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية بنسبة مائة بالمائة بمقتضى قرار وزير الصناعة بتاريخ 22 نوفمبر 2011 طبقا لأحكام مجلة المحروقات والاتفاقيات الخاصة وملحقاتها الممضاة في 27 ماي 2011 والمصادق عليها بالأمر عدد 3285 لسنة 2011 المؤرخ في 21 نوفمبر 2011.
وجاء في وثيقة شرح أسباب مشروع القانون أنه منذ حصول الشركة التونسية للأنشطة البترولية على الرخصة قامت بتنفيذ عدة أشغال استكشافية ودراسات جيولوجية وجيوفيزيائية إلى حدود سنة 2019 مكنت من اختيار بنية بير علي بن خليفة لحفر البئر الاستكشافية التعاقدية شعال 2، وبما أن صلوحية الرخصة باعتبار فترات التمديد المستحقة قد انقضت بتاريخ 28 أوت 2021 فقد تقدمت المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية بتاريخ 28 جوان 2021 بمطلب يتعلق بالتجديد الأول لرخصة البحث عن المحروقات شعال لمدة ثلاث سنوات تمتد من 29 أوت 2021 إلى غاية 28 أوت 2024 مقابل الالتزام بحفر بئر استكشافية بكلفة قدرها 12 مليون دولار. وقد تم تقديم هذا المطلب طبقا لأحكام مجلة المحروقات وعلى معنى الفصل 23 من هذه المجلة الذي يستوجب وفاء طالب التجديد بالتزاماته السابقة. وحسب ما ورد في نفس الوثيقة، فإن المؤسسة لم تلتزم في وضعية الحال بحفر البئر الاستكشافية بعنوان المدة الأولى للرخصة فقد تمت دعوتها إلى استبدال الأساس القانوني لمطلب التجديد باعتماد الفصل 27 من مجلة المحروقات الذي ينص على أنه «إذا لم يحقق صاحب الرخصة التعهد الأدنى بالمصاريف وبرنامج الأشغال أو أحدهما فإنه يحق له تجديد رخصة بحثه بعد أن يدفع للسلطة المانحة الفارق بين المبلغ الأدنى للمصاريف الواجب انجازها ومبلغ المصاريف المنجزة أو المبلغ الضروري لإتمام الأشغال كما نصت على ذلك الاتفاقية الخاصة.
وتقدمت المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية على هذا الأساس بمطلب جديد بتاريخ 15 سبتمبر 2021 تم عرضه على أنظار اللجنة الاستشارية للمحروقات في اجتماعها بتاريخ 27 ديسمبر 2021 والتي أبدت رأيها بإرجاء البت في مطلب التجديد الأول لرخصة البحث عن المحروقات شعال إلى حين استكمال حفر البئر الاستكشافية شعال 2 من قبل المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية باعتبارها البئر التعاقدية المتعلقة بالمدة الأولى للرخصة. وأوضحت الحكومة في وثيقة شرح الأسباب أن هذا الرأي يستمد مرجعته القانونية من أحكام الفصل 29 من مجلة المحروقات الذي ينص في فقرته الثانية على أنه إذا لم تبت الإدارة في مطلب تجديد الرخصة قبل انقضاء مدة صلوحيتها فإنه يقع التمديد فيها ضمنيا دون القيام بإجراءات أخرى وذلك إلى حين صدور قرار الوزير. وحيث أن الرخصة في وضعية الحال انقضت في 28 أوت 2021 دون أن تبت الإدارة في مطلب التجديد المقدم في الآجال القانونية فقد تم اعتماد أحكام الفصل 29 المذكور قصد تمكين المؤسسة الوطنية خلال فترة التمديد الضمني من الإيفاء بالتزاماتها التعاقدية بعنوان فترة الصلوحية الأولى. وكان من المنتظر أن تتمكن الشركة التونسية للأنشطة البترولية خلال فترة التمديد الضمني من استكمال حفر البئر في مدة معقولة بما يمكن من البت في ملف مطلب التجديد الأول خلال مدة التجديد المطلوبة والمقدرة بثلاث سنوات من 29 أوت 2021 إلى غاية 28 أوت 2024 إلا أن الشركة لم تتمكن من استكمال أشغال البئر التعاقدية إلا خلال شهر جوان 2024. وتبعا لذلك تم عرض وضعية رخصة البحث شعال والمطلب المتعلق بالتجديد الأول للرخصة على أنظار اللجنة الاستشارية للمحروقات المنعقدة بتاريخ 11 نوفمبر 2024 التي أوصت بالعمل بصفة مستعجلة على إعداد مشروع تنقيح الاتفاقية المبرمة بين الطرفين في اتجاه الترفيع في مدة التجديد الأول إلى الحد الأقصى المنصوص عليه بالفصل 23 من مجلة المحروقات وهو أربع سنوات عوضا عن الثلاث سنوات المنصوص عليها بالاتفاقية مع مراجعة التزامات كل طرف وذلك بالنظر إلى أهمية رخصة البحث شعال باعتبارها ملكا للمؤسسة التونسية للأنشطة البترولية بنسبة مائة بالمائة وفي ظل حاجة الدولة التونسية لمختلف الموارد الطاقية.
تسوية وضعية
وتمت الإشارة في وثيقة شرح الأسباب المرفقة بمشروع القانون المتعلق بالموافقة على الملحق عدد 1 المنقح للاتفاقية الخاصة برخصة البحث عن المحروقات وملحقاتها التي تعرف برخصة «شعال إلى أنه تبعا لذلك تم إعداد مشروع الملحق الذي يهدف إلى تعديل بعض أحكام الاتفاقية وذلك بتسوية الوضعية القانونية للرخصة في علاقة بمدة صلوحية التجديد الأول علاوة على الالتزامات التعاقدية المرتبطة بكل مدة ومنح المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية أكثر مرونة لاستكمال تجارب الإنتاج. وتم تعديل الفصل الخامس من كراس الشروط الملحق بالاتفاقية المتعلق بتجديد الرخصة حتى يكون لصاحب الرخصة الحق في فترتين من التجديد مدة كل منهما أربع سنوات عوضا عن ثلاث سنوات. وبالنسبة إلى فترة التجديد الأول التي تبدأ من 29 أوت 2021 وتنتهي في 28 أوت 2025 يلتزم صاحب الرخصة بتنفيذ برنامج الأشغال المتمثل في إجراء تجارب إنتاج للبئر الاستكشافية شعال 2 مكرر التي تم حفرها خلال الفترة الممتدة بين 5 جانفي 2024 إلى 2 جوان 2024 وتقدر تكاليف تنفيذ هذا البرنامج بخمسة ملايين دولار أمريكي، أما بالنسبة إلى فترة التجديد الثاني فيلتزم صاحب الرخصة بتنفيذ برنامج أعمال الاستكشاف الآتي ذكرها: حفر بئر استكشافية بكلفة تقدر بمبلغ 12 مليون دولار أمريكي. كما تم تعديل الفصل التاسع المتعلق بتجديد الرخصة في حالة اكتشاف الحقل الوارد بكراس الشروط الملحق بالاتفاقية كما يلي: «يكون لصحاب الرخصة الحق في فترة تجديد ثالثة لمدة أربع سنوات ويكون هذا التجديد مشروطا بتحقيق اكتشاف». وسيمكن الملحق المقترح، المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية من استكمال الأشغال على رخصة البحث شعال والانتهاء من تجارب الإنتاج للتأكد من المخزون القابل للاستخراج وهو ما يندرج صلب خطة العمل الرامية إلى تطوير الإنتاج الوطني من المحروقات.