إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

تجاوزت قيمتها 17 مليارا.. العثور على 43 كلغ من الكوكايين مخفية داخل شاحنة على الطريق السريعة بالصخيرة

 

الناطق الرسمي باسم الديوانة شكري الجبري لـ«الصباح»: مهربو المخدرات يستغلون ذروة عودة المهاجرين.. ووحدات الحرس الديواني جاهزة للتصدي لهم بكافة المعابر

تم الكشف عن 43 كلغ من «الكوكايين» من قبل الحرس الديواني أثناء القيام بدورية مراقبة وجولان على مستوى الطريق السريعة بالصخيرة. وهذه عملية نوعية من حيث الكمية ومن حيث المكان الذي حجزت فيه.

حول هذه العملية النوعية، أفادنا الناطق الرسمي باسم الديوانة، العميد شكري الجبري، أنه في إطار الحرب على المخدرات ومكافحة التهريب، تمكنت وحدات الحرس الديواني بصفاقس من إيقاف شاحنة يقودها شخص أجنبي، وذلك في إطار عملية مراقبة وجولان عادية. غير أن أحد الأعوان استراب في أمر الشاحنة، وشعر أن هناك شيئًا غير عادي. وبإخضاعها للتفتيش الدقيق، اكتشف عون الحرس الديواني وجود مخبأ تحت مجرورة الشاحنة. وبفتح المخبأ، تبين أنه يحتوي على كمية من المخدرات مخفية تحت كمية من علب السجائر.

تم جلب الشاحنة، وبفتح المخبأ تبين أن الكمية تزن حوالي 43 كلغ من الكوكايين، فتم إعلام النيابة العمومية، التي أذنت بإحالة المشتبه به على التحقيق وحجز الشاحنة والمخدرات، وأذنت بفتح تحقيق للكشف عن خيوط هذه الشبكة، خاصة أن مثل هذه العمليات لا يمكن أن يكون المشتبه فيه طرفًا واحدًا، بل تشمل أطرافًا عدة قد تكون أجنبية ومحلية.

وأكد محدثنا على أن هذه العملية تاريخية من حيث الكمية المحجوزة، التي تعد ضخمة جدًا ولم يسبق أن تم حجز كمية كوكايين بهذا الحجم. كما أنه تم الكشف عن العملية بالطريق السيارة.

وشدد العميد شكري الجبري على أن مهربي المخدرات يستغلون وقت الذروة، الذي يتزامن مع عودة المواطنين بالخارج خلال فصل الصيف، لإدخال المخدرات عبر مختلف المعابر الجوية والبرية والبحرية. مؤكدًا أن وحدات الحرس الديواني جاهزة للتصدي لكافة المحاولات.

تغير خارطة التهريب

ظلت بلادنا لسنوات عدة منطقة عبور للمخدرات القادمة برا من البلدان المجاورة أو بحرا وجوا من أوروبا. لكن خارطة تهريب المخدرات تغيرت، وتغير معها دور تونس، حيث لم تعد منطقة عبور فقط، بل تحولت إلى سوق أساسية لترويج المخدرات بعد أن اتسعت دائرة المستهلكين وأصبح التلاميذ والطلبة «زبائن» مهمين للمروجين.

وعلى الرغم من «الحرب» التي أعلنت عنها قوات الأمن والحرس والديوانة منذ أكتوبر 2024 للتصدي للمهربين والمروجين، وسد المنافذ البرية والجوية والبحرية أمامهم، إلا أن تلك الحرب لم تثنِ المهربين، وما زالت المعابر تشهد تدفقًا كبيرًا للشحنات القادمة من مختلف المعابر.

خارطة تهريب المخدرات

تعتبر المغرب بلدًا منتجًا للمخدرات، خاصة «الزطلة»، ثم يتم تهريبها إلى الجزائر عبر الصحراء الكبرى باعتبارها سوقًا رئيسية. ومنها تهرب إلى تونس عن طريق مهربين يسلكون المسالك البرية. وعادة يوجد شخص يقوم بمهمة التهريب من المغرب إلى الجزائر، ومن الجزائر إلى تونس، وهو «الرأس الكبيرة» ويكون عادة على دراية تامة بحرفائه في تونس وهو من يزودهم بالكميات اللازمة من «الزطلة».

وتشير خارطة التهريب إلى أن المخدرات، مثلها مثل بقية البضائع المهربة، يتم إدخالها عبر المسالك الثانوية للتهريب. وأول ولاية تصل إليها المخدرات هي ولاية القصرين، ثم الكاف. أما بالنسبة للجنوب التونسي، فإن ولاية ڤفصة شهدت «ضربات» كبرى واستقبلت كميات متفاوتة من المخدرات، وتعد منطقة عبور، وتأتي بعدها وبدرجة أقل ولاية توزر. مع العلم أن تونس الكبرى تعد سوقًا مركزية للترويج.

وتعتمد شبكات تهريب المخدرات الهيكلية الهرمية، حيث يكون الزعيم جزائريًا بلا منازع، ثم يأتي الزعيم الأقل منه مرتبة تونسيًا، والثالث ليبيًا.

تطور الاستهلاك وسع من دائرة الترويج

تطور استهلاك وترويج المخدرات خلال السنوات الأخيرة كماً وكيفًا. وبعد أن كانت تونس في الغالب أرض عبور لهذه المادة، أصبحت اليوم سوقًا ضخمة. وبعد أن كانت حكراً على بعض الشرائح والأعمار، أصبحت اليوم عابرة للتصنيفات والأجيال والجهات والفضاءات.

الحصول على المخدرات لم يعد بالأمر العسير، فقد أصبح في متناول كل الفئات والشرائح العمرية الراغبين في اقتنائها. وقد سبق أن أكد ذلك رئيس الجمعية التونسية للوقاية من تعاطي المخدرات، عبد المجيد الزحاف، حيث أوضح أن ثلث الأطفال في تونس بين 15 و17 سنة الذين يتعاطون المخدرات في المدرسة الإعدادية استهلكوها ولو لمرة واحدة، وأن 16 % من الأطفال اعترفوا سنة 2022 بأنهم يشترون المواد المخدرة بسهولة تامة. وبذلك تحول محيط المدارس والفضاءات الترفيهية في كثير من الحالات إلى فضاء غير آمن يعج بالمروجين والمنحرفين.

الكوكايين.. الأخطر

يقدر ثمن الغرام الواحد من مخدر الكوكايين بـ400 دينار، أي أن ثمن الكيلوغرام الواحد يقدر بـ400 ألف دينار، وهو ما يشير إلى أن الشحنة التي تم حجزها تجاوزت قيمتها المالية 17 مليارًا.

وكانت منظمة الأمم المتحدة قد أكدت في تقريرها الصادر مؤخرًا أن الكوكايين «أصبح رائجًا بين شرائح المجتمع الأعلى دخلاً»، معتبرة أن العالم بات في مواجهة «حلقة مفرغة من تزايد الاستهلاك وتضخم الإنتاج».

كما حذر التقرير من أن انتشار الكوكايين لا يقتصر على آثاره الصحية القاتلة، بل بات يغذي مستويات غير مسبوقة من العنف بين العصابات المتنافسة، خاصة في مناطق مثل غرب ووسط أوروبا، حيث تجاوزت كميات الكوكايين المضبوطة نظيراتها في أمريكا الشمالية خلال السنوات الأخيرة.

وسلط التقرير الضوء على النمو المتسارع في سوق الكوكايين، الذي شهد طفرة قياسية في الإنتاج، حيث ارتفع بنسبة تزيد عن الثلث خلال عام واحد فقط، ليصل إلى 3 آلاف و708 أطنان في 2023.

ورافق هذا الارتفاع زيادة موازية في أعداد المستهلكين، من 17 مليون شخص عام 2013 إلى 25 مليونًا في 2023 حول العالم.

مفيدة القيزاني

تجاوزت قيمتها 17 مليارا..   العثور على 43 كلغ من الكوكايين مخفية داخل شاحنة على الطريق السريعة بالصخيرة

 

الناطق الرسمي باسم الديوانة شكري الجبري لـ«الصباح»: مهربو المخدرات يستغلون ذروة عودة المهاجرين.. ووحدات الحرس الديواني جاهزة للتصدي لهم بكافة المعابر

تم الكشف عن 43 كلغ من «الكوكايين» من قبل الحرس الديواني أثناء القيام بدورية مراقبة وجولان على مستوى الطريق السريعة بالصخيرة. وهذه عملية نوعية من حيث الكمية ومن حيث المكان الذي حجزت فيه.

حول هذه العملية النوعية، أفادنا الناطق الرسمي باسم الديوانة، العميد شكري الجبري، أنه في إطار الحرب على المخدرات ومكافحة التهريب، تمكنت وحدات الحرس الديواني بصفاقس من إيقاف شاحنة يقودها شخص أجنبي، وذلك في إطار عملية مراقبة وجولان عادية. غير أن أحد الأعوان استراب في أمر الشاحنة، وشعر أن هناك شيئًا غير عادي. وبإخضاعها للتفتيش الدقيق، اكتشف عون الحرس الديواني وجود مخبأ تحت مجرورة الشاحنة. وبفتح المخبأ، تبين أنه يحتوي على كمية من المخدرات مخفية تحت كمية من علب السجائر.

تم جلب الشاحنة، وبفتح المخبأ تبين أن الكمية تزن حوالي 43 كلغ من الكوكايين، فتم إعلام النيابة العمومية، التي أذنت بإحالة المشتبه به على التحقيق وحجز الشاحنة والمخدرات، وأذنت بفتح تحقيق للكشف عن خيوط هذه الشبكة، خاصة أن مثل هذه العمليات لا يمكن أن يكون المشتبه فيه طرفًا واحدًا، بل تشمل أطرافًا عدة قد تكون أجنبية ومحلية.

وأكد محدثنا على أن هذه العملية تاريخية من حيث الكمية المحجوزة، التي تعد ضخمة جدًا ولم يسبق أن تم حجز كمية كوكايين بهذا الحجم. كما أنه تم الكشف عن العملية بالطريق السيارة.

وشدد العميد شكري الجبري على أن مهربي المخدرات يستغلون وقت الذروة، الذي يتزامن مع عودة المواطنين بالخارج خلال فصل الصيف، لإدخال المخدرات عبر مختلف المعابر الجوية والبرية والبحرية. مؤكدًا أن وحدات الحرس الديواني جاهزة للتصدي لكافة المحاولات.

تغير خارطة التهريب

ظلت بلادنا لسنوات عدة منطقة عبور للمخدرات القادمة برا من البلدان المجاورة أو بحرا وجوا من أوروبا. لكن خارطة تهريب المخدرات تغيرت، وتغير معها دور تونس، حيث لم تعد منطقة عبور فقط، بل تحولت إلى سوق أساسية لترويج المخدرات بعد أن اتسعت دائرة المستهلكين وأصبح التلاميذ والطلبة «زبائن» مهمين للمروجين.

وعلى الرغم من «الحرب» التي أعلنت عنها قوات الأمن والحرس والديوانة منذ أكتوبر 2024 للتصدي للمهربين والمروجين، وسد المنافذ البرية والجوية والبحرية أمامهم، إلا أن تلك الحرب لم تثنِ المهربين، وما زالت المعابر تشهد تدفقًا كبيرًا للشحنات القادمة من مختلف المعابر.

خارطة تهريب المخدرات

تعتبر المغرب بلدًا منتجًا للمخدرات، خاصة «الزطلة»، ثم يتم تهريبها إلى الجزائر عبر الصحراء الكبرى باعتبارها سوقًا رئيسية. ومنها تهرب إلى تونس عن طريق مهربين يسلكون المسالك البرية. وعادة يوجد شخص يقوم بمهمة التهريب من المغرب إلى الجزائر، ومن الجزائر إلى تونس، وهو «الرأس الكبيرة» ويكون عادة على دراية تامة بحرفائه في تونس وهو من يزودهم بالكميات اللازمة من «الزطلة».

وتشير خارطة التهريب إلى أن المخدرات، مثلها مثل بقية البضائع المهربة، يتم إدخالها عبر المسالك الثانوية للتهريب. وأول ولاية تصل إليها المخدرات هي ولاية القصرين، ثم الكاف. أما بالنسبة للجنوب التونسي، فإن ولاية ڤفصة شهدت «ضربات» كبرى واستقبلت كميات متفاوتة من المخدرات، وتعد منطقة عبور، وتأتي بعدها وبدرجة أقل ولاية توزر. مع العلم أن تونس الكبرى تعد سوقًا مركزية للترويج.

وتعتمد شبكات تهريب المخدرات الهيكلية الهرمية، حيث يكون الزعيم جزائريًا بلا منازع، ثم يأتي الزعيم الأقل منه مرتبة تونسيًا، والثالث ليبيًا.

تطور الاستهلاك وسع من دائرة الترويج

تطور استهلاك وترويج المخدرات خلال السنوات الأخيرة كماً وكيفًا. وبعد أن كانت تونس في الغالب أرض عبور لهذه المادة، أصبحت اليوم سوقًا ضخمة. وبعد أن كانت حكراً على بعض الشرائح والأعمار، أصبحت اليوم عابرة للتصنيفات والأجيال والجهات والفضاءات.

الحصول على المخدرات لم يعد بالأمر العسير، فقد أصبح في متناول كل الفئات والشرائح العمرية الراغبين في اقتنائها. وقد سبق أن أكد ذلك رئيس الجمعية التونسية للوقاية من تعاطي المخدرات، عبد المجيد الزحاف، حيث أوضح أن ثلث الأطفال في تونس بين 15 و17 سنة الذين يتعاطون المخدرات في المدرسة الإعدادية استهلكوها ولو لمرة واحدة، وأن 16 % من الأطفال اعترفوا سنة 2022 بأنهم يشترون المواد المخدرة بسهولة تامة. وبذلك تحول محيط المدارس والفضاءات الترفيهية في كثير من الحالات إلى فضاء غير آمن يعج بالمروجين والمنحرفين.

الكوكايين.. الأخطر

يقدر ثمن الغرام الواحد من مخدر الكوكايين بـ400 دينار، أي أن ثمن الكيلوغرام الواحد يقدر بـ400 ألف دينار، وهو ما يشير إلى أن الشحنة التي تم حجزها تجاوزت قيمتها المالية 17 مليارًا.

وكانت منظمة الأمم المتحدة قد أكدت في تقريرها الصادر مؤخرًا أن الكوكايين «أصبح رائجًا بين شرائح المجتمع الأعلى دخلاً»، معتبرة أن العالم بات في مواجهة «حلقة مفرغة من تزايد الاستهلاك وتضخم الإنتاج».

كما حذر التقرير من أن انتشار الكوكايين لا يقتصر على آثاره الصحية القاتلة، بل بات يغذي مستويات غير مسبوقة من العنف بين العصابات المتنافسة، خاصة في مناطق مثل غرب ووسط أوروبا، حيث تجاوزت كميات الكوكايين المضبوطة نظيراتها في أمريكا الشمالية خلال السنوات الأخيرة.

وسلط التقرير الضوء على النمو المتسارع في سوق الكوكايين، الذي شهد طفرة قياسية في الإنتاج، حيث ارتفع بنسبة تزيد عن الثلث خلال عام واحد فقط، ليصل إلى 3 آلاف و708 أطنان في 2023.

ورافق هذا الارتفاع زيادة موازية في أعداد المستهلكين، من 17 مليون شخص عام 2013 إلى 25 مليونًا في 2023 حول العالم.

مفيدة القيزاني