إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

وسط‭ ‬رفض‭ ‬المجمع‭ ‬المهني‭ ‬للملابس‭ ‬المستعملة.. الغرفة‭ ‬الوطنية‭ ‬لحرفيي‭ ‬الأحذية‭ ‬تطالب‭ ‬بإحكام‭ ‬الرقابة‭ ‬على "الفريب"

جددت،‭ ‬أمس،‭ ‬الغرفة‭ ‬الوطنية‭ ‬لحرفيي‭ ‬الأحذية‭ ‬بالجامعة‭ ‬الوطنية‭ ‬للجلود‭ ‬والأحذية،‭ ‬دعوتها‭ ‬إلى‭ ‬تطبيق‭ ‬منشور‭ ‬الإدارة‭ ‬العامة‭ ‬للديوانة‭ ‬المتعلق‭ ‬بـ»مزيد‭ ‬إحكام‭ ‬الرقابة‭ ‬الديوانية‭ ‬حول‭ ‬المؤسسات‭ ‬العاملة‭ ‬تحت‭ ‬نظام‭ ‬التحويل‭ ‬وتوريد‭ ‬وفرز‭ ‬وتحويل‭ ‬الملابس‭ ‬المستعملة‭ ‬والتصدي‭ ‬لظاهرة‭ ‬الأحذية‭ ‬المستعملة‮»‬،‭ ‬وبالتالي‭ ‬منع‭ ‬فرز‭ ‬الأحذية‭ ‬باعتبارها‭ ‬جنحة‭ ‬يعاقب‭ ‬عليها‭ ‬القانون‭.‬

هذا‭ ‬المنشور‭ ‬أثار‭ ‬غضب‭ ‬الغرفة‭ ‬الوطنية‭ ‬لتجار‭ ‬الملابس‭ ‬المستعملة‭ ‬بالجملة‭ ‬والتفصيل،‭ ‬وكان‭ ‬دافعا‭ ‬وراء‭ ‬تنظيمهم‭ ‬سلسلة‭ ‬من‭ ‬التحركات‭ ‬والإضرابات،‭ ‬طالب‭ ‬خلالها‭ ‬التجار‭ ‬بقانون‭ ‬ينظم‭ ‬عملية‭ ‬التوريد،‭ ‬وإدراج‭ ‬الجلود‭ ‬والأحذية‭ ‬ضمن‭ ‬حصة‭ ‬واضحة‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬تحت‭ ‬الرقابة‭ ‬الصحية‭.‬

 

ولا‭ ‬يشكل‭ ‬توريد‭ ‬الجلود‭ ‬والأحذية،‭ ‬موضوع‭ ‬خلاف‭ ‬بين‭ ‬قطاعين‭ ‬فقط،‭ ‬بل‭ ‬يتسع‭ ‬المشكل‭ ‬ليشمل‭ ‬من‭ ‬ناحية،‭ ‬المستهلك‭ ‬التونسي‭ ‬الذي‭ ‬يعتبر‭ ‬أن‭ ‬قطاع‭ ‬الجلود‭ ‬والأحذية‭ ‬غير‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬تلبية‭ ‬حاجياته‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬الجودة‭ ‬والأسعار‭. ‬ويعتبر‭ ‬أن‭ ‬سوق‭ ‬‮«‬الفريب‮»‬‭ ‬تغطي‭ ‬هذا‭ ‬النقص‭ ‬كما‭ ‬تمثل‭ ‬ملجأ‭ ‬لضعاف‭ ‬الحال‭ ‬من‭ ‬العائلات‭ ‬والأفراد‭ ‬حيث‭ ‬توفر‭ ‬لهم‭ ‬الملابس‭ ‬بنوعية‭ ‬جيدة،‭ ‬وأسعار‭ ‬ملائمة‭ ‬لقدرتهم‭ ‬الشرائية‭. ‬ومن‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى‭ ‬فإن‭ ‬فرضيات‭ ‬منع‭ ‬الأحذية‭ ‬والحقائب‭ ‬المستعملة‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬منطلقا‭ ‬لإغلاق‭ ‬مصانع‭ ‬فرز‭ ‬‮«‬الفريب‮»‬‭ ‬والتي‭ ‬تمثل‭ ‬بدورها‭ ‬سوقا‭ ‬تشغيلية‭ ‬هامة‭ ‬لليد‭ ‬العاملة‭ ‬البسيطة‭.‬

وحسب‭ ‬تصريح‭ ‬لرئيس‭ ‬المجمع‭ ‬المهني‭ ‬للملابس‭ ‬المستعملة‭ ‬بكنفدرالية‭ ‬مؤسسات‭ ‬المواطنة‭ ‬التونسية‭ ‬‮«‬كونكت‮»‬،‭ ‬يتراوح‭ ‬عدد‭ ‬المشتغلين‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬الملابس‭ ‬المستعملة‭ ‬بين‭ ‬400‭ ‬و500‭ ‬ألف‭ ‬شخص،‭ ‬ويمكن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬العدد‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬بكثير،‭ ‬نظرا‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬يصعب‭ ‬حصره‭ ‬بدقة،‭ ‬على‭ ‬اعتبار‭ ‬أن‭ ‬نسبة‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬العاملين‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬الملابس‭ ‬المستعملة‭ ‬يعملون‭ ‬دون‭ ‬معرّف‭ ‬جبائي‭ ‬‮«‬باتيندا‮»‬‭.‬

وفي‭ ‬تصريح‭ ‬إعلامي‭ ‬له‭ ‬أول‭ ‬أمس،‭ ‬أفاد‭ ‬رئيس‭ ‬غرفة‭ ‬حرفيي‭ ‬الأحذية‭ ‬وجدي‭ ‬ذويب،‭ ‬أنه‭ ‬تم‭ ‬عقد‭ ‬اجتماع‭ ‬مع‭ ‬ممثلين‭ ‬عن‭ ‬وزارة‭ ‬التجارة،‭ ‬يوم‭ ‬9‭ ‬ماي‭ ‬الجاري،‭ ‬أسفر‭ ‬عن‭ ‬جملة‭ ‬من‭ ‬النقاط‭ ‬أهمها‭ ‬الاتفاق‭ ‬على‭ ‬منع‭ ‬الأحذية‭ ‬المستعملة‭ ‬ومراقبة‭ ‬السوق‭. ‬وتحدث‭ ‬ذويب‭ ‬عن‭ ‬الصعوبات‭ ‬التي‭ ‬يمر‭ ‬بها‭ ‬القطاع‭ ‬وعن‭ ‬النقص‭ ‬الفادح‭ ‬في‭ ‬اليد‭ ‬العاملة‭ ‬المختصة‭. ‬وأشار‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬عدد‭ ‬المؤسسات‭ ‬الناشطة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الجلود‭ ‬والأحذية‭ ‬تراجع‭ ‬من‭ ‬520‭ ‬مؤسسة‭ ‬سنة‭ ‬2010‭ ‬إلى‭ ‬193‭ ‬مؤسسة‭ ‬سنة‭ ‬2025‭. ‬وكشف‭ ‬رئيس‭ ‬غرفة‭ ‬حرفيي‭ ‬الأحذية،‭ ‬أن‭ ‬8‭ ‬مدابغ‭ ‬توقفت‭ ‬عن‭ ‬النشاط‭ ‬منذ‭ ‬بداية‭ ‬هذه‭ ‬السنة‭ ‬وإلى‭ ‬غاية‭ ‬اليوم،‭ ‬مجددا‭ ‬الدعوة‭ ‬إلى‭ ‬ضرورة‭ ‬تنظيم‭ ‬السوق‭ ‬وتشديد‭ ‬المراقبة‭ ‬على‭ ‬السلع‭ ‬وتطبيق‭ ‬القوانين‭ ‬المنظمة‭ ‬للقطاع‭ ‬ووضع‭ ‬حد‭ ‬للتهريب‭.‬

وحسب‭ ‬بلاغ‭ ‬سابق‭ ‬لوزارة‭ ‬الصناعة‭ ‬والمناجم‭ ‬والطاقة،‭ ‬يواجه‭ ‬قطاع‭ ‬الجلود‭ ‬والأحذية‭ ‬إشكاليات‭ ‬متعلقة‭ ‬أساسا‭ ‬بالسوق‭ ‬الموازية‭ ‬وتأثيرها‭ ‬على‭ ‬المصنعين‭ ‬وصغار‭ ‬الحرفيين،‭ ‬ويضم‭ ‬القطاع‭ ‬حوالي‭ ‬200‭ ‬مؤسسة‭ ‬تشغل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬10‭ ‬أشخاص‭ ‬فأكثر‭ ‬منها‭ ‬184‭ ‬مؤسسة‭ ‬مصدرة‭ ‬كليا‭ ‬وتؤمّن‭ ‬حوالي‭ ‬28‭ ‬ألف‭ ‬موطن‭ ‬شغل،‭ ‬علما‭ ‬وأن‭ ‬صادراته‭ ‬قد‭ ‬بلغت‭ ‬حوالي‭ ‬2252‭ ‬مليون‭ ‬دينار‭ ‬مع‭ ‬موفى‭ ‬سنة‭ ‬2023،‭ ‬وتعتبر‭ ‬دول‭ ‬إيطاليا‭ ‬وفرنسا‭ ‬وألمانيا‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬الحرفاء‭ ‬للسوق‭ ‬التونسية‭.‬

في‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭ ‬تشير‭ ‬وزارة‭ ‬التجارة‭ ‬إلى‭ ‬أنّ‭ ‬السوق‭ ‬التونسية‭ ‬تُزوَد‭ ‬سنويًا‭ ‬بـ10‭ ‬آلاف‭ ‬طن‭ ‬من‭ ‬الملابس‭ ‬المستعملة،‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬80‭ ‬ألف‭ ‬طن‭ ‬تدخل‭ ‬إلى‭ ‬البلاد‭ ‬سنويًا،‭ ‬يذهب‭ ‬أغلبها‭ ‬نحو‭ ‬التصدير‭ ‬إلى‭ ‬دول‭ ‬إفريقية‭ ‬وأوروبية‭. ‬كما‭ ‬تفيد‭ ‬الوزارة‭ ‬أنّ‭ ‬90‭ ‬في‭ ‬المائة‭ ‬من‭ ‬التونسيين‭ ‬يقبلون‭ ‬على‭ ‬شراء‭ ‬الملابس‭ ‬المستعملة،‭ ‬فيما‭ ‬يوجد‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬54‭ ‬مصنعًا‭ ‬لفرز‭ ‬تلك‭ ‬الملابس،‭ ‬ولا‭ ‬تستقبل‭ ‬تلك‭ ‬المصانع‭ ‬أيّ‭ ‬كمية‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬مرفقة‭ ‬بشهادة‭ ‬تثبت‭ ‬خلوها‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬جراثيم،‭ ‬إذ‭ ‬تتعرض‭ ‬تلك‭ ‬الملابس‭ ‬إلى‭ ‬التعقيم‭ ‬بواسطة‭ ‬غاز‭ ‬يقضي‭ ‬كليًا‭ ‬على‭ ‬الفيروسات‭ ‬ويمنع‭ ‬الأمراض‭ ‬المنقولة‭.‬

وأمام‭ ‬ما‭ ‬يمثله‭ ‬القطاعان،‭ ‬الملابس‭ ‬المستعملة‭ ‬والجلود‭ ‬والأحذية،‭ ‬من‭ ‬أهمية‭ ‬في‭ ‬الاقتصاد‭ ‬التونسي،‭ ‬أصبحت‭ ‬مسألة‭ ‬تغليب‭ ‬أحدهما‭ ‬على‭ ‬الآخر‭ ‬غير‭ ‬ممكنة،‭ ‬وفي‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭ ‬يبدو‭ ‬من‭ ‬الضروري‭ ‬الذهاب‭ ‬نحو‭ ‬مزيد‭ ‬تقنين‭ ‬إطار‭ ‬عمل‭ ‬كل‭ ‬قطاع‭ ‬لضمان‭ ‬التكامل‭ ‬بينهما‭.‬

وللتذكير،‭ ‬طالب‭ ‬مجمع‭ ‬قطاع‭ ‬الملابس‭ ‬المستعملة،‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الثورة‭ ‬بقانون‭ ‬جديد‭ ‬ينظم‭ ‬المهنة،‭ ‬لكن‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬التفاعل‭ ‬مع‭ ‬ذلك‭ ‬إيجابيا‭ ‬ولم‭ ‬تجد‭ ‬مطالبهم‭ ‬صدى،‭ ‬وبقي‭ ‬الوضع‭ ‬على‭ ‬حاله،‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬القانون‭ ‬الجاري‭ ‬به‭ ‬العمل‭ ‬لا‭ ‬يخدم‭ ‬مصلحة‭ ‬القطاع‭. ‬إذ‭ ‬يمنع‭ ‬على‭ ‬تجار‭ ‬الجملة‭ ‬نقل‭ ‬بضاعتهم‭ ‬بين‭ ‬الولايات،‭ ‬بسبب‭ ‬نظام‭ ‬الحصة‭ ‬الذي‭ ‬حدد‭ ‬لكل‭ ‬ولاية‭ ‬حصة‭ ‬من‭ ‬‮«‬الفريب‮»‬‭. ‬وقد‭ ‬طالب‭ ‬التجار‭ ‬بإلغاء‭ ‬هذا‭ ‬النظام،‭ ‬حتى‭ ‬يتسنى‭ ‬لهم‭ ‬التنقل‭ ‬وتعاطي‭ ‬نشاطهم‭ ‬بكلّ‭ ‬حرية‭ ‬بين‭ ‬الجهات‭. ‬كما‭ ‬طالبت‭ ‬الغرفة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مرّة‭ ‬كلّ‭ ‬الوزارات‭ ‬المشرفة‭ ‬على‭ ‬القطاع،‭ ‬وهي‭ ‬الداخلية‭ ‬والمالية‭ ‬والتجارة‭ ‬والصناعة‭ ‬والشؤون‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬بالترفيع‭ ‬في‭ ‬حصة‭ ‬السوق‭ ‬المحلية‭ ‬من‭ ‬10‭ ‬طن‭ ‬سنويًا‭ ‬وهي‭ ‬حصة‭ ‬محددة‭ ‬منذ‭ ‬1995‭ ‬حسب‭ ‬القانون،‭ ‬والتي‭ ‬تمثل‭ ‬12‭ ‬في‭ ‬المائة‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬حجم‭ ‬الملابس‭ ‬الجديدة‭ ‬داخل‭ ‬تونس،‭ ‬إلى‭ ‬حوالي‭ ‬30‭ ‬ألف‭ ‬طن،‭ ‬لاسيما‭ ‬وأنّ‭ ‬90‭ ‬في‭ ‬المائة‭ ‬من‭ ‬التونسيين‭ ‬يقبلون‭ ‬على‭ ‬استهلاك‭ ‬‮«‬الفريب‮»‬‭.‬

ريم‭ ‬سوودي

 

 

 

وسط‭ ‬رفض‭ ‬المجمع‭ ‬المهني‭ ‬للملابس‭ ‬المستعملة..   الغرفة‭ ‬الوطنية‭ ‬لحرفيي‭ ‬الأحذية‭ ‬تطالب‭ ‬بإحكام‭ ‬الرقابة‭ ‬على "الفريب"

جددت،‭ ‬أمس،‭ ‬الغرفة‭ ‬الوطنية‭ ‬لحرفيي‭ ‬الأحذية‭ ‬بالجامعة‭ ‬الوطنية‭ ‬للجلود‭ ‬والأحذية،‭ ‬دعوتها‭ ‬إلى‭ ‬تطبيق‭ ‬منشور‭ ‬الإدارة‭ ‬العامة‭ ‬للديوانة‭ ‬المتعلق‭ ‬بـ»مزيد‭ ‬إحكام‭ ‬الرقابة‭ ‬الديوانية‭ ‬حول‭ ‬المؤسسات‭ ‬العاملة‭ ‬تحت‭ ‬نظام‭ ‬التحويل‭ ‬وتوريد‭ ‬وفرز‭ ‬وتحويل‭ ‬الملابس‭ ‬المستعملة‭ ‬والتصدي‭ ‬لظاهرة‭ ‬الأحذية‭ ‬المستعملة‮»‬،‭ ‬وبالتالي‭ ‬منع‭ ‬فرز‭ ‬الأحذية‭ ‬باعتبارها‭ ‬جنحة‭ ‬يعاقب‭ ‬عليها‭ ‬القانون‭.‬

هذا‭ ‬المنشور‭ ‬أثار‭ ‬غضب‭ ‬الغرفة‭ ‬الوطنية‭ ‬لتجار‭ ‬الملابس‭ ‬المستعملة‭ ‬بالجملة‭ ‬والتفصيل،‭ ‬وكان‭ ‬دافعا‭ ‬وراء‭ ‬تنظيمهم‭ ‬سلسلة‭ ‬من‭ ‬التحركات‭ ‬والإضرابات،‭ ‬طالب‭ ‬خلالها‭ ‬التجار‭ ‬بقانون‭ ‬ينظم‭ ‬عملية‭ ‬التوريد،‭ ‬وإدراج‭ ‬الجلود‭ ‬والأحذية‭ ‬ضمن‭ ‬حصة‭ ‬واضحة‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬تحت‭ ‬الرقابة‭ ‬الصحية‭.‬

 

ولا‭ ‬يشكل‭ ‬توريد‭ ‬الجلود‭ ‬والأحذية،‭ ‬موضوع‭ ‬خلاف‭ ‬بين‭ ‬قطاعين‭ ‬فقط،‭ ‬بل‭ ‬يتسع‭ ‬المشكل‭ ‬ليشمل‭ ‬من‭ ‬ناحية،‭ ‬المستهلك‭ ‬التونسي‭ ‬الذي‭ ‬يعتبر‭ ‬أن‭ ‬قطاع‭ ‬الجلود‭ ‬والأحذية‭ ‬غير‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬تلبية‭ ‬حاجياته‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬الجودة‭ ‬والأسعار‭. ‬ويعتبر‭ ‬أن‭ ‬سوق‭ ‬‮«‬الفريب‮»‬‭ ‬تغطي‭ ‬هذا‭ ‬النقص‭ ‬كما‭ ‬تمثل‭ ‬ملجأ‭ ‬لضعاف‭ ‬الحال‭ ‬من‭ ‬العائلات‭ ‬والأفراد‭ ‬حيث‭ ‬توفر‭ ‬لهم‭ ‬الملابس‭ ‬بنوعية‭ ‬جيدة،‭ ‬وأسعار‭ ‬ملائمة‭ ‬لقدرتهم‭ ‬الشرائية‭. ‬ومن‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى‭ ‬فإن‭ ‬فرضيات‭ ‬منع‭ ‬الأحذية‭ ‬والحقائب‭ ‬المستعملة‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬منطلقا‭ ‬لإغلاق‭ ‬مصانع‭ ‬فرز‭ ‬‮«‬الفريب‮»‬‭ ‬والتي‭ ‬تمثل‭ ‬بدورها‭ ‬سوقا‭ ‬تشغيلية‭ ‬هامة‭ ‬لليد‭ ‬العاملة‭ ‬البسيطة‭.‬

وحسب‭ ‬تصريح‭ ‬لرئيس‭ ‬المجمع‭ ‬المهني‭ ‬للملابس‭ ‬المستعملة‭ ‬بكنفدرالية‭ ‬مؤسسات‭ ‬المواطنة‭ ‬التونسية‭ ‬‮«‬كونكت‮»‬،‭ ‬يتراوح‭ ‬عدد‭ ‬المشتغلين‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬الملابس‭ ‬المستعملة‭ ‬بين‭ ‬400‭ ‬و500‭ ‬ألف‭ ‬شخص،‭ ‬ويمكن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬العدد‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬بكثير،‭ ‬نظرا‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬يصعب‭ ‬حصره‭ ‬بدقة،‭ ‬على‭ ‬اعتبار‭ ‬أن‭ ‬نسبة‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬العاملين‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬الملابس‭ ‬المستعملة‭ ‬يعملون‭ ‬دون‭ ‬معرّف‭ ‬جبائي‭ ‬‮«‬باتيندا‮»‬‭.‬

وفي‭ ‬تصريح‭ ‬إعلامي‭ ‬له‭ ‬أول‭ ‬أمس،‭ ‬أفاد‭ ‬رئيس‭ ‬غرفة‭ ‬حرفيي‭ ‬الأحذية‭ ‬وجدي‭ ‬ذويب،‭ ‬أنه‭ ‬تم‭ ‬عقد‭ ‬اجتماع‭ ‬مع‭ ‬ممثلين‭ ‬عن‭ ‬وزارة‭ ‬التجارة،‭ ‬يوم‭ ‬9‭ ‬ماي‭ ‬الجاري،‭ ‬أسفر‭ ‬عن‭ ‬جملة‭ ‬من‭ ‬النقاط‭ ‬أهمها‭ ‬الاتفاق‭ ‬على‭ ‬منع‭ ‬الأحذية‭ ‬المستعملة‭ ‬ومراقبة‭ ‬السوق‭. ‬وتحدث‭ ‬ذويب‭ ‬عن‭ ‬الصعوبات‭ ‬التي‭ ‬يمر‭ ‬بها‭ ‬القطاع‭ ‬وعن‭ ‬النقص‭ ‬الفادح‭ ‬في‭ ‬اليد‭ ‬العاملة‭ ‬المختصة‭. ‬وأشار‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬عدد‭ ‬المؤسسات‭ ‬الناشطة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الجلود‭ ‬والأحذية‭ ‬تراجع‭ ‬من‭ ‬520‭ ‬مؤسسة‭ ‬سنة‭ ‬2010‭ ‬إلى‭ ‬193‭ ‬مؤسسة‭ ‬سنة‭ ‬2025‭. ‬وكشف‭ ‬رئيس‭ ‬غرفة‭ ‬حرفيي‭ ‬الأحذية،‭ ‬أن‭ ‬8‭ ‬مدابغ‭ ‬توقفت‭ ‬عن‭ ‬النشاط‭ ‬منذ‭ ‬بداية‭ ‬هذه‭ ‬السنة‭ ‬وإلى‭ ‬غاية‭ ‬اليوم،‭ ‬مجددا‭ ‬الدعوة‭ ‬إلى‭ ‬ضرورة‭ ‬تنظيم‭ ‬السوق‭ ‬وتشديد‭ ‬المراقبة‭ ‬على‭ ‬السلع‭ ‬وتطبيق‭ ‬القوانين‭ ‬المنظمة‭ ‬للقطاع‭ ‬ووضع‭ ‬حد‭ ‬للتهريب‭.‬

وحسب‭ ‬بلاغ‭ ‬سابق‭ ‬لوزارة‭ ‬الصناعة‭ ‬والمناجم‭ ‬والطاقة،‭ ‬يواجه‭ ‬قطاع‭ ‬الجلود‭ ‬والأحذية‭ ‬إشكاليات‭ ‬متعلقة‭ ‬أساسا‭ ‬بالسوق‭ ‬الموازية‭ ‬وتأثيرها‭ ‬على‭ ‬المصنعين‭ ‬وصغار‭ ‬الحرفيين،‭ ‬ويضم‭ ‬القطاع‭ ‬حوالي‭ ‬200‭ ‬مؤسسة‭ ‬تشغل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬10‭ ‬أشخاص‭ ‬فأكثر‭ ‬منها‭ ‬184‭ ‬مؤسسة‭ ‬مصدرة‭ ‬كليا‭ ‬وتؤمّن‭ ‬حوالي‭ ‬28‭ ‬ألف‭ ‬موطن‭ ‬شغل،‭ ‬علما‭ ‬وأن‭ ‬صادراته‭ ‬قد‭ ‬بلغت‭ ‬حوالي‭ ‬2252‭ ‬مليون‭ ‬دينار‭ ‬مع‭ ‬موفى‭ ‬سنة‭ ‬2023،‭ ‬وتعتبر‭ ‬دول‭ ‬إيطاليا‭ ‬وفرنسا‭ ‬وألمانيا‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬الحرفاء‭ ‬للسوق‭ ‬التونسية‭.‬

في‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭ ‬تشير‭ ‬وزارة‭ ‬التجارة‭ ‬إلى‭ ‬أنّ‭ ‬السوق‭ ‬التونسية‭ ‬تُزوَد‭ ‬سنويًا‭ ‬بـ10‭ ‬آلاف‭ ‬طن‭ ‬من‭ ‬الملابس‭ ‬المستعملة،‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬80‭ ‬ألف‭ ‬طن‭ ‬تدخل‭ ‬إلى‭ ‬البلاد‭ ‬سنويًا،‭ ‬يذهب‭ ‬أغلبها‭ ‬نحو‭ ‬التصدير‭ ‬إلى‭ ‬دول‭ ‬إفريقية‭ ‬وأوروبية‭. ‬كما‭ ‬تفيد‭ ‬الوزارة‭ ‬أنّ‭ ‬90‭ ‬في‭ ‬المائة‭ ‬من‭ ‬التونسيين‭ ‬يقبلون‭ ‬على‭ ‬شراء‭ ‬الملابس‭ ‬المستعملة،‭ ‬فيما‭ ‬يوجد‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬54‭ ‬مصنعًا‭ ‬لفرز‭ ‬تلك‭ ‬الملابس،‭ ‬ولا‭ ‬تستقبل‭ ‬تلك‭ ‬المصانع‭ ‬أيّ‭ ‬كمية‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬مرفقة‭ ‬بشهادة‭ ‬تثبت‭ ‬خلوها‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬جراثيم،‭ ‬إذ‭ ‬تتعرض‭ ‬تلك‭ ‬الملابس‭ ‬إلى‭ ‬التعقيم‭ ‬بواسطة‭ ‬غاز‭ ‬يقضي‭ ‬كليًا‭ ‬على‭ ‬الفيروسات‭ ‬ويمنع‭ ‬الأمراض‭ ‬المنقولة‭.‬

وأمام‭ ‬ما‭ ‬يمثله‭ ‬القطاعان،‭ ‬الملابس‭ ‬المستعملة‭ ‬والجلود‭ ‬والأحذية،‭ ‬من‭ ‬أهمية‭ ‬في‭ ‬الاقتصاد‭ ‬التونسي،‭ ‬أصبحت‭ ‬مسألة‭ ‬تغليب‭ ‬أحدهما‭ ‬على‭ ‬الآخر‭ ‬غير‭ ‬ممكنة،‭ ‬وفي‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭ ‬يبدو‭ ‬من‭ ‬الضروري‭ ‬الذهاب‭ ‬نحو‭ ‬مزيد‭ ‬تقنين‭ ‬إطار‭ ‬عمل‭ ‬كل‭ ‬قطاع‭ ‬لضمان‭ ‬التكامل‭ ‬بينهما‭.‬

وللتذكير،‭ ‬طالب‭ ‬مجمع‭ ‬قطاع‭ ‬الملابس‭ ‬المستعملة،‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الثورة‭ ‬بقانون‭ ‬جديد‭ ‬ينظم‭ ‬المهنة،‭ ‬لكن‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬التفاعل‭ ‬مع‭ ‬ذلك‭ ‬إيجابيا‭ ‬ولم‭ ‬تجد‭ ‬مطالبهم‭ ‬صدى،‭ ‬وبقي‭ ‬الوضع‭ ‬على‭ ‬حاله،‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬القانون‭ ‬الجاري‭ ‬به‭ ‬العمل‭ ‬لا‭ ‬يخدم‭ ‬مصلحة‭ ‬القطاع‭. ‬إذ‭ ‬يمنع‭ ‬على‭ ‬تجار‭ ‬الجملة‭ ‬نقل‭ ‬بضاعتهم‭ ‬بين‭ ‬الولايات،‭ ‬بسبب‭ ‬نظام‭ ‬الحصة‭ ‬الذي‭ ‬حدد‭ ‬لكل‭ ‬ولاية‭ ‬حصة‭ ‬من‭ ‬‮«‬الفريب‮»‬‭. ‬وقد‭ ‬طالب‭ ‬التجار‭ ‬بإلغاء‭ ‬هذا‭ ‬النظام،‭ ‬حتى‭ ‬يتسنى‭ ‬لهم‭ ‬التنقل‭ ‬وتعاطي‭ ‬نشاطهم‭ ‬بكلّ‭ ‬حرية‭ ‬بين‭ ‬الجهات‭. ‬كما‭ ‬طالبت‭ ‬الغرفة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مرّة‭ ‬كلّ‭ ‬الوزارات‭ ‬المشرفة‭ ‬على‭ ‬القطاع،‭ ‬وهي‭ ‬الداخلية‭ ‬والمالية‭ ‬والتجارة‭ ‬والصناعة‭ ‬والشؤون‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬بالترفيع‭ ‬في‭ ‬حصة‭ ‬السوق‭ ‬المحلية‭ ‬من‭ ‬10‭ ‬طن‭ ‬سنويًا‭ ‬وهي‭ ‬حصة‭ ‬محددة‭ ‬منذ‭ ‬1995‭ ‬حسب‭ ‬القانون،‭ ‬والتي‭ ‬تمثل‭ ‬12‭ ‬في‭ ‬المائة‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬حجم‭ ‬الملابس‭ ‬الجديدة‭ ‬داخل‭ ‬تونس،‭ ‬إلى‭ ‬حوالي‭ ‬30‭ ‬ألف‭ ‬طن،‭ ‬لاسيما‭ ‬وأنّ‭ ‬90‭ ‬في‭ ‬المائة‭ ‬من‭ ‬التونسيين‭ ‬يقبلون‭ ‬على‭ ‬استهلاك‭ ‬‮«‬الفريب‮»‬‭.‬

ريم‭ ‬سوودي