إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

التبادل التجاري بين دول المغرب العربي.. ضرورة وضع استراتيجية لتعزيز التكامل الإقليمي

 

- الاتحاد بين الدول المغاربية يحقق نموا بنقطتين

- 55 بالمائة من صادرات تونس في اتجاه ليبيا..

يُعَدُّ رفع مستوى التبادل التجاري بين دول المغرب العربي ضرورة استراتيجية لتحقيق التنمية الاقتصادية وتعزيز التكامل الإقليمي. ورغم الإمكانيات الكبيرة التي تُتيحها المنطقة، ما يزال مستوى التبادل التجاري البيني ضعيفًا، حيث لم يتجاوز نسبة 5 % من إجمالي المبادلات التجارية لدول المنطقة، مما يجعل اتحاد المغرب العربي من أقل الكتل الاقتصادية تكاملاً على المستوى العالمي.

ومنذ تأسيس اتحاد المغرب العربي في عام 1989، وُقِّعت أكثر من أربعين اتفاقية تجارية بين الدول الأعضاء، إلا أن هذه الاتفاقيات لم تُفَعَّل بالشكل المطلوب. تشير الإحصائيات إلى أن نسبة التبادلات التجارية البينية لا تتجاوز 5 % من إجمالي المبادلات، مقارنة بـ70 % داخل الاتحاد الأوروبي و22 % في منطقة جنوب شرق آسيا. هذا الوضع يُظهر فجوة كبيرة في تحقيق التكامل الاقتصادي بين دول الاتحاد المغاربي.

وفقًا لتصريحات كمال الحباشي، المدير العام المساعد بالمصرف المغاربي للاستثمار والتجارة الخارجية لـ»الصباح»، فإن ضعف المبادلات التجارية بين دول المغرب العربي يُعزى إلى غياب التنسيق الفعّال بين الدول الأعضاء ووجود عراقيل سياسية وجمركية تعيق تحقيق تعاون اقتصادي مُثمر. رغم هذه التحديات، تظل الإمكانيات الاقتصادية هائلة، خصوصًا مع الموارد الطبيعية والبشرية التي تزخر بها المنطقة.

وبين الحباشي، أن حجم المبادلات التجارية لكل دولة من دول المغرب العربي مع بقية الدول المغاربية لا يتجاوز 5 %، رغم الإمكانيات الكبيرة التي يتيحها الاندماج الاقتصادي بين هذه الدول. وأكد الحباشي على ضرورة تفعيل هذه الإمكانيات عبر تنظيم لقاءات ثنائية مباشرة، وإنشاء قاعدة بيانات تشمل الفاعلين الاقتصاديين والمصارف في المنطقة، بما يفسح المجال أمام المؤسسات التونسية لتوسيع شراكاتها مع نظيراتها في موريتانيا وليبيا وبقية بلدان الاتحاد المغاربي، مستغلين نقاط القوة في القطاعين العام والخاص، لافتا الى أن الدول المغاربية تهدر نقطتين من النمو في حال لم تبادر الى توحيد كافة الجهود ورفع التبادل التجاري فيما بينها.

وبحكم موقعها الجغرافي ومكانتها الاقتصادية، تُعَدُّ تونس المرشح الأول لقيادة جهود رفع التبادل التجاري في المنطقة. تُظهر البيانات أن تونس تُصدِّر ما نسبته 55 % من صادراتها المغاربية إلى ليبيا، بينما تعتمد بنسبة 90 % من وارداتها المغاربية على الجزائر. ورغم هذه الأرقام، فإن المبادلات مع دول المغرب العربي لا تزال محدودة مقارنة بمبادلات تونس مع أوروبا وشرق آسيا.

ارتفاع التبادل التجاري مع ليبيا

وتُعَدُّ ليبيا الشريك المغاربي الرئيسي لتونس، حيث شهد حجم المبادلات بين البلدين نموًا ملحوظًا خلال السنوات الأخيرة. ارتفع حجم التبادل التجاري بين تونس وليبيا من 1507 مليون دينار سنة 2019 إلى 2392 مليون دينار سنة 2023، محققًا نسبة نمو بلغت 59 %. وتركزت الصادرات التونسية إلى ليبيا في قطاعات المعادن والموارد الطبيعية والآلات الصناعية، حيث سجلت نموًا بنسب تتراوح بين 45 % و88 %. ورغم هذا التطور في المبادلات مع ليبيا، تبقى أوروبا الشريك التجاري الأول لتونس، حيث تستحوذ على أكثر من 70 % من إجمالي صادراتها. بالمقابل، تُظهر تونس اهتمامًا متزايدًا بتعزيز علاقاتها التجارية مع دول شرق آسيا، التي تُعَدُّ أسرع المناطق نموًا اقتصاديًا في العالم. في هذا السياق، يُصبح تعزيز التبادل التجاري بين دول المغرب العربي أولوية لتقليل الاعتماد المفرط على الشركاء التقليديين وتنويع الأسواق.

إمكانات واعدة عبر التعاون المغاربي

وحسب العديد من المتابعين للشأن الاقتصادي التونسي، يرى بعض الخبراء أن الاندماج الاقتصادي بين دول المغرب العربي يمكن أن يُحدث طفرة في معدلات النمو الاقتصادي، خاصة لتونس. تُشير الدراسات إلى أن تحقيق تكامل اقتصادي فعّال قد يُضيف نقطتين مئويتين إلى نسبة النمو في تونس. ومن بين القطاعات الواعدة التي يمكن أن تستفيد من هذا التعاون القطاع الزراعي والموارد الطبيعية، حيث تمتلك دول المغرب العربي إمكانيات زراعية هائلة يمكن استغلالها لتغطية احتياجات المنطقة من المواد الغذائية، وتقليل الاعتماد على الواردات الخارجية. مثلًا، يستحوذ قطاع الموارد الطبيعية والمواد الخام غير المعدنية على حصة كبيرة من التبادل بين تونس وليبيا، مع تسجيل نمو بنسبة 58 % في صادراته.

كما يمكن لتونس أن تُصدِّر منتجاتها الصناعية والتكنولوجية إلى دول المغرب العربي، مستفيدة من الخبرات المتراكمة في هذا المجال. على سبيل المثال، تُظهر المنتجات الصناعية والآلات التونسية إمكانيات تصديرية غير مستغلة بقيمة 96 مليون دينار في السوق الليبية. إضافة الى ذلك. يُعَدُّ قطاع الطاقة والبنية التحتية مجالًا حيويًا للتعاون، حيث يمكن تطوير مشاريع مشتركة لتحديث شبكات النقل والمواصلات، وربط دول المنطقة بخطوط سكك حديدية وطرق حديثة. ورغم الإمكانيات الكبيرة، تواجه دول المغرب العربي تحديات عديدة تعيق تحقيق تكامل اقتصادي فعّال، أبرزها العراقيل السياسية والجمارك، حيث تشهد المنطقة خلافات سياسية بين الدول الأعضاء، مما يُعيق تطبيق الاتفاقيات الموقعة. على سبيل المثال، تفرض الجزائر قيودًا جمركية على المنتجات التونسية، بينما تتجه ليبيا إلى فرض ضرائب جديدة على الواردات، مما يعرقل حركة التجارة. كما يفتقر الاتحاد المغاربي إلى إرادة سياسية قوية لتحقيق التعاون الاقتصادي، حيث تُستخدم الملفات الاقتصادية أحيانًا كورقة ضغط في النزاعات السياسية. كما يؤدي اختلاف السياسات النقدية بين دول المنطقة إلى تعقيد العمليات التجارية والمالية. إضافة الى أن ضعف البنية التحتية للنقل يُعيق حركة البضائع والأفراد.

اتحاد يسرع وتيرة النمو

ولتفعيل التبادل التجاري بين دول المغرب العربي، يشدد العديد من خبراء الاقتصاد، اليوم، على ضرورة اتخاذ خطوات عملية وجريئة، من خلال دفع تعاون اقتصادي مستقل عن الصراعات السياسية، يقوده القطاع الخاص، ويُركّز على تعزيز تكامل الأسواق وربط الأنظمة البنكية، وتطوير البنية التحتية، والاستثمار في مشاريع النقل واللوجستيات، مثل إنشاء خطوط سكك حديدية تربط دول المغرب العربي، والذي من شأنه تسهيل حركة البضائع والأفراد، فضلا عن تحفيز القطاع الخاص، من خلال تشجيع الشركات التونسية على إقامة شراكات مع نظيراتها في دول المغرب العربي، مع توفير حوافز مالية وضريبية، إضافة الى ضرورة تفعيل الاتفاقيات التجارية، وإعادة النظر في الاتفاقيات الموقعة، وتفعيلها بما يتماشى مع مصالح جميع الأطراف، مع إزالة العراقيل الجمركية والإدارية.

ومن الضروري الإشارة ، الى أنه في حال تم تعزيز المبادلات التجارية بين تونس ودول المغرب العربي، يمكن أن يشهد الاقتصاد التونسي، والمنطقة ككل طفرة نوعية على عدة مستويات. إذ سيساهم هذا التوجه في تنشيط النمو الاقتصادي المشترك وخلق فرص عمل جديدة، بفضل توسيع رقعة السوق وازدياد الطلب على المنتجات والخدمات المحلية. كما يمكن أن يسهم في تحسين الميزان التجاري من خلال تقليص الاعتماد على الأسواق الخارجية، وخفض كلفة التوريد بفضل القرب الجغرافي. إلى جانب الأبعاد الاقتصادية، فإن تنمية التعاون المغاربي من شأنه أن يعزز الاستقرار السياسي والاجتماعي، ويمنح المنطقة وزنًا تفاوضيًا أقوى في مواجهة التكتلات العالمية، مما يفتح آفاقًا جديدة لتحقيق تكامل اقتصادي فعلي طال انتظاره.

ورغم التحديات الكبيرة التي تواجه التبادل التجاري بين دول المغرب العربي، تظل الإمكانيات الاقتصادية واعدة لتونس، التي بإمكانها أن تلعب دورًا محوريًا في تحقيق التكامل الاقتصادي الإقليمي، مستفيدة من موقعها الجغرافي وإمكاناتها الصناعية. ومع توفر الإرادة السياسية لا سيما أن آمالا عريضة تعلق على القمة المرتقبة بطرابلس التي ستجمع رئيس الجمهورية قيس سعيد والرئيس الليبي محمد المنفي والرئيس الجزائري عبد المجيد وتبون، بما يمكن للمنطقة أن تُحدث نقلة نوعية في معدلات النمو الاقتصادي، مما يُمهّد الطريق لبناء كيان اقتصادي مغاربي موحّد ومزدهر.

سفيان المهداوي

التبادل التجاري بين دول المغرب العربي..   ضرورة وضع استراتيجية لتعزيز التكامل الإقليمي

 

- الاتحاد بين الدول المغاربية يحقق نموا بنقطتين

- 55 بالمائة من صادرات تونس في اتجاه ليبيا..

يُعَدُّ رفع مستوى التبادل التجاري بين دول المغرب العربي ضرورة استراتيجية لتحقيق التنمية الاقتصادية وتعزيز التكامل الإقليمي. ورغم الإمكانيات الكبيرة التي تُتيحها المنطقة، ما يزال مستوى التبادل التجاري البيني ضعيفًا، حيث لم يتجاوز نسبة 5 % من إجمالي المبادلات التجارية لدول المنطقة، مما يجعل اتحاد المغرب العربي من أقل الكتل الاقتصادية تكاملاً على المستوى العالمي.

ومنذ تأسيس اتحاد المغرب العربي في عام 1989، وُقِّعت أكثر من أربعين اتفاقية تجارية بين الدول الأعضاء، إلا أن هذه الاتفاقيات لم تُفَعَّل بالشكل المطلوب. تشير الإحصائيات إلى أن نسبة التبادلات التجارية البينية لا تتجاوز 5 % من إجمالي المبادلات، مقارنة بـ70 % داخل الاتحاد الأوروبي و22 % في منطقة جنوب شرق آسيا. هذا الوضع يُظهر فجوة كبيرة في تحقيق التكامل الاقتصادي بين دول الاتحاد المغاربي.

وفقًا لتصريحات كمال الحباشي، المدير العام المساعد بالمصرف المغاربي للاستثمار والتجارة الخارجية لـ»الصباح»، فإن ضعف المبادلات التجارية بين دول المغرب العربي يُعزى إلى غياب التنسيق الفعّال بين الدول الأعضاء ووجود عراقيل سياسية وجمركية تعيق تحقيق تعاون اقتصادي مُثمر. رغم هذه التحديات، تظل الإمكانيات الاقتصادية هائلة، خصوصًا مع الموارد الطبيعية والبشرية التي تزخر بها المنطقة.

وبين الحباشي، أن حجم المبادلات التجارية لكل دولة من دول المغرب العربي مع بقية الدول المغاربية لا يتجاوز 5 %، رغم الإمكانيات الكبيرة التي يتيحها الاندماج الاقتصادي بين هذه الدول. وأكد الحباشي على ضرورة تفعيل هذه الإمكانيات عبر تنظيم لقاءات ثنائية مباشرة، وإنشاء قاعدة بيانات تشمل الفاعلين الاقتصاديين والمصارف في المنطقة، بما يفسح المجال أمام المؤسسات التونسية لتوسيع شراكاتها مع نظيراتها في موريتانيا وليبيا وبقية بلدان الاتحاد المغاربي، مستغلين نقاط القوة في القطاعين العام والخاص، لافتا الى أن الدول المغاربية تهدر نقطتين من النمو في حال لم تبادر الى توحيد كافة الجهود ورفع التبادل التجاري فيما بينها.

وبحكم موقعها الجغرافي ومكانتها الاقتصادية، تُعَدُّ تونس المرشح الأول لقيادة جهود رفع التبادل التجاري في المنطقة. تُظهر البيانات أن تونس تُصدِّر ما نسبته 55 % من صادراتها المغاربية إلى ليبيا، بينما تعتمد بنسبة 90 % من وارداتها المغاربية على الجزائر. ورغم هذه الأرقام، فإن المبادلات مع دول المغرب العربي لا تزال محدودة مقارنة بمبادلات تونس مع أوروبا وشرق آسيا.

ارتفاع التبادل التجاري مع ليبيا

وتُعَدُّ ليبيا الشريك المغاربي الرئيسي لتونس، حيث شهد حجم المبادلات بين البلدين نموًا ملحوظًا خلال السنوات الأخيرة. ارتفع حجم التبادل التجاري بين تونس وليبيا من 1507 مليون دينار سنة 2019 إلى 2392 مليون دينار سنة 2023، محققًا نسبة نمو بلغت 59 %. وتركزت الصادرات التونسية إلى ليبيا في قطاعات المعادن والموارد الطبيعية والآلات الصناعية، حيث سجلت نموًا بنسب تتراوح بين 45 % و88 %. ورغم هذا التطور في المبادلات مع ليبيا، تبقى أوروبا الشريك التجاري الأول لتونس، حيث تستحوذ على أكثر من 70 % من إجمالي صادراتها. بالمقابل، تُظهر تونس اهتمامًا متزايدًا بتعزيز علاقاتها التجارية مع دول شرق آسيا، التي تُعَدُّ أسرع المناطق نموًا اقتصاديًا في العالم. في هذا السياق، يُصبح تعزيز التبادل التجاري بين دول المغرب العربي أولوية لتقليل الاعتماد المفرط على الشركاء التقليديين وتنويع الأسواق.

إمكانات واعدة عبر التعاون المغاربي

وحسب العديد من المتابعين للشأن الاقتصادي التونسي، يرى بعض الخبراء أن الاندماج الاقتصادي بين دول المغرب العربي يمكن أن يُحدث طفرة في معدلات النمو الاقتصادي، خاصة لتونس. تُشير الدراسات إلى أن تحقيق تكامل اقتصادي فعّال قد يُضيف نقطتين مئويتين إلى نسبة النمو في تونس. ومن بين القطاعات الواعدة التي يمكن أن تستفيد من هذا التعاون القطاع الزراعي والموارد الطبيعية، حيث تمتلك دول المغرب العربي إمكانيات زراعية هائلة يمكن استغلالها لتغطية احتياجات المنطقة من المواد الغذائية، وتقليل الاعتماد على الواردات الخارجية. مثلًا، يستحوذ قطاع الموارد الطبيعية والمواد الخام غير المعدنية على حصة كبيرة من التبادل بين تونس وليبيا، مع تسجيل نمو بنسبة 58 % في صادراته.

كما يمكن لتونس أن تُصدِّر منتجاتها الصناعية والتكنولوجية إلى دول المغرب العربي، مستفيدة من الخبرات المتراكمة في هذا المجال. على سبيل المثال، تُظهر المنتجات الصناعية والآلات التونسية إمكانيات تصديرية غير مستغلة بقيمة 96 مليون دينار في السوق الليبية. إضافة الى ذلك. يُعَدُّ قطاع الطاقة والبنية التحتية مجالًا حيويًا للتعاون، حيث يمكن تطوير مشاريع مشتركة لتحديث شبكات النقل والمواصلات، وربط دول المنطقة بخطوط سكك حديدية وطرق حديثة. ورغم الإمكانيات الكبيرة، تواجه دول المغرب العربي تحديات عديدة تعيق تحقيق تكامل اقتصادي فعّال، أبرزها العراقيل السياسية والجمارك، حيث تشهد المنطقة خلافات سياسية بين الدول الأعضاء، مما يُعيق تطبيق الاتفاقيات الموقعة. على سبيل المثال، تفرض الجزائر قيودًا جمركية على المنتجات التونسية، بينما تتجه ليبيا إلى فرض ضرائب جديدة على الواردات، مما يعرقل حركة التجارة. كما يفتقر الاتحاد المغاربي إلى إرادة سياسية قوية لتحقيق التعاون الاقتصادي، حيث تُستخدم الملفات الاقتصادية أحيانًا كورقة ضغط في النزاعات السياسية. كما يؤدي اختلاف السياسات النقدية بين دول المنطقة إلى تعقيد العمليات التجارية والمالية. إضافة الى أن ضعف البنية التحتية للنقل يُعيق حركة البضائع والأفراد.

اتحاد يسرع وتيرة النمو

ولتفعيل التبادل التجاري بين دول المغرب العربي، يشدد العديد من خبراء الاقتصاد، اليوم، على ضرورة اتخاذ خطوات عملية وجريئة، من خلال دفع تعاون اقتصادي مستقل عن الصراعات السياسية، يقوده القطاع الخاص، ويُركّز على تعزيز تكامل الأسواق وربط الأنظمة البنكية، وتطوير البنية التحتية، والاستثمار في مشاريع النقل واللوجستيات، مثل إنشاء خطوط سكك حديدية تربط دول المغرب العربي، والذي من شأنه تسهيل حركة البضائع والأفراد، فضلا عن تحفيز القطاع الخاص، من خلال تشجيع الشركات التونسية على إقامة شراكات مع نظيراتها في دول المغرب العربي، مع توفير حوافز مالية وضريبية، إضافة الى ضرورة تفعيل الاتفاقيات التجارية، وإعادة النظر في الاتفاقيات الموقعة، وتفعيلها بما يتماشى مع مصالح جميع الأطراف، مع إزالة العراقيل الجمركية والإدارية.

ومن الضروري الإشارة ، الى أنه في حال تم تعزيز المبادلات التجارية بين تونس ودول المغرب العربي، يمكن أن يشهد الاقتصاد التونسي، والمنطقة ككل طفرة نوعية على عدة مستويات. إذ سيساهم هذا التوجه في تنشيط النمو الاقتصادي المشترك وخلق فرص عمل جديدة، بفضل توسيع رقعة السوق وازدياد الطلب على المنتجات والخدمات المحلية. كما يمكن أن يسهم في تحسين الميزان التجاري من خلال تقليص الاعتماد على الأسواق الخارجية، وخفض كلفة التوريد بفضل القرب الجغرافي. إلى جانب الأبعاد الاقتصادية، فإن تنمية التعاون المغاربي من شأنه أن يعزز الاستقرار السياسي والاجتماعي، ويمنح المنطقة وزنًا تفاوضيًا أقوى في مواجهة التكتلات العالمية، مما يفتح آفاقًا جديدة لتحقيق تكامل اقتصادي فعلي طال انتظاره.

ورغم التحديات الكبيرة التي تواجه التبادل التجاري بين دول المغرب العربي، تظل الإمكانيات الاقتصادية واعدة لتونس، التي بإمكانها أن تلعب دورًا محوريًا في تحقيق التكامل الاقتصادي الإقليمي، مستفيدة من موقعها الجغرافي وإمكاناتها الصناعية. ومع توفر الإرادة السياسية لا سيما أن آمالا عريضة تعلق على القمة المرتقبة بطرابلس التي ستجمع رئيس الجمهورية قيس سعيد والرئيس الليبي محمد المنفي والرئيس الجزائري عبد المجيد وتبون، بما يمكن للمنطقة أن تُحدث نقلة نوعية في معدلات النمو الاقتصادي، مما يُمهّد الطريق لبناء كيان اقتصادي مغاربي موحّد ومزدهر.

سفيان المهداوي