نائب رئيس لجنة السياحة لـ"الصباح": قريبا ننظر في مبادرة تشريعية تنظم استغلال الشقق المفروشة
مقالات الصباح
مجال آخر اقترح مجموعة من النواب تنظميه بمقتضى كراس الشروط، حيث تقدموا بمبادرة تشريعية جديدة تتعلق بإخضاع نشاط استغلال الشقق والمساكن المفروشة إلى نظام كراس الشروط، وتولى مكتب مجلس نواب الشعب خلال اجتماعه الأخير إحالتها إلى لجنة السياحة والثقافة والخدمات والصناعات التقليدية.
محمد الهادي العلاني نائب رئيس هذه اللجنة، قال في تصريح لـ «الصباح» إن اللجنة ستنظر عما قريب في هذه المبادرة التي جاءت لتنظيم قطاع كراء الشقق والمساكن المفروشة في تونس. وبين أنه بعد أن تولى مكتب المجلس إحالة مقترح القانون إلى اللجنة مع التوصية بإبداء رأي لجنة التشريع العام، ستتولى اللجنة في مرحلة أولى الإطلاع عليه وبرمجة سلسلة من جلسات الاستماع تخصص الجلسة الأولى للاستماع إلى جهة المبادرة، ثم يتم لاحقا عقد اجتماعات تخصص للاستماع إلى مختلف الأطراف المعنية بالمقترح المذكور من وزارات وأهل القطاع وخبراء وذلك بهدف التعمق في دراسته وحتى تكون الصورة واضحة أمام النائب في علاقة بالوضعية الحالية والمشاكل المطروحة والحلول المقترحة.
وأضاف العلاني أنه إثر استكمال جلسات الاستماع إلى مختلف الأطراف المتداخلة يتم المرور لنقاش الفصول والتصويت عليها إما في صيغتها الأصلية أو في صيغة معدلة ثم يقع التصويت على كامل المبادرة التشريعية وإعداد تقرير حولها والمصادقة عليه ليقع رفعه إلى مكتب مجلس نواب الشعب لكي يتولى المكتب ضبط موعد لعرضها على الجلسة العامة.
وأشار نائب رئيس اللجنة إلى إمكانية تمرير هذه المبادرة بالتزامن مع الموسم السياحي وفسر أن اللجنة حاليا بصدد دراسة مقترح قانون آخر يتعلق بالصناعة السينمائية في تونس وتولت إلى حد الآن عقد جلستين مع جهة المبادرة وبرمجت جلسات استماع إلى عدة أطراف لكن بالنظر إلى أن المبادرة التشريعية الجديدة تأتي بالتزامن مع الموسم السياحي فهناك إمكانية لدراستها بالتوازي مع مقترح القانون المتعلق بالصناعات السينمائية.
وتضمن مقترح القانون المتعلق بتنظيم استغلال الشقق والمساكن المفروشة 19 فصلا وهو مقدم من قبل النواب ألفة المرواني وأحمد بنور وفوزي دعاس ومختار عيفاوي وأيمن المرعوي وإبراهيم حسين والنوري جريدي وفخر الدين فضلون وسيرين مرابط وسوسن مبروك وزينة جيب الله وهالة جاب الله ونجلاء اللحياني وباديس بلحاج علي ومنير الكموني، وجاء فيه أن هذا النشاط يخضع إلى نظام كراس شروط تتم المصادقة عليه بقرار من الوزير المكلف بالسياحة.
ويرى أصحاب المبادرة أن مجال الشقق المفروشة في تونس أصبح من أكثر المواضيع تعقيدا وإثارة للقلق لدى جميع المواطنين نظرا لعدم وجود قانون ينظمه مما يؤدي إلى نشوب خلافات مردها العديد من المشاكل لعل أهمها تحكم مالك الشقة في شروط التعاقد وهو ما انجر عنه انعدام الاهتمام بأدنى مقومات النظافة والعناية بها، وأشار النواب في وثيقة شرح الأسباب إلى حالة الجشع المادي التي يتسم بها بعض أصحاب الشقق المفروشة كما أنهم إضافة إلى ذلك يلزمون المستأجرين بدفع مبالغ مالية إضافية مقابل الحراسة أو غسيل الأغطية والمفروشات وتعقيمها عند مغادرة السكن رغم أن هناك منهم من لا يقوم بتغيير الأغطية وغسلها عند تسليم الشقة إلى مستأجر جديد. ومن المشاكل الأخرى التي أثارها أصحاب المقترح إهمال المؤجر لحالة الأثاث وعدم التثبت من صلاحيته قبل تأجير الشقة. وبينوا أن العديد من الشقق السكنية تحولت خلال العقد الأخير إلى شقق مفروشة معدة للكراء اليومي والشهري وهي توجد داخل الاقامات السكنية العائلية مما تسبب في حوادث وجرائم كان ضحاياها سكان الإقامة وزوارها وهو ما أرغم الكثير على بيع منازلهم أو كرائها وتغيير مقرات إقامتهم تفاديا للوقوع في مشاكل يومية مع المكترين وما يخلفه ذلك من فوضى وصراع داخل العمارات التي توجد بها مثل هذه الشقق.
وذهب أصحاب مقترح القانون إلى أبعد من ذلك ونبهوا من مخاطر استغلال بعض العناصر الإجرامية والإرهابية للوحدات السكنية المفروشة نظرا لغياب ضوابط تنظم تأجير العقارات في خطوة استباقية للوقاية من خطر الإرهاب. كما أشاروا إلى ظاهرة الارتفاع المشط في أسعار كراء الشقق المفروشة وتتغير هذه الأسعار من منطقة إلى أخرى وحسب الموقع والمدة الزمنية وتراوح المعلوم في الليلة الواحدة بين 300 و500 دينار للشقة المفروشة التي لا تتجاوز مساحتها 70 مترا مربعا وكلما كانت المساحة أكبر تكون الأسعار أعلى كما تتغير المعاليم وفق الغرض من الكراء.
ومن المبررات الأخرى لتنظيم استغلال المساكن المفروشة التي استعرضها النواب في وثيقة شرح أسباب مبادرتهم التشريعية، عدم هيكلة قطاع الشقق المفروشة ودخول السماسرة غير القانونيين على الخط وهو ما يحرم خزينة الدولة من محصول جبائي كبير مقابل عمليات الإيجار وذلك بصرف النظر عن الخضوع للضريبة العقارية أي المتعارف عليه بمعاليم «الزبلة والخروبة».
واستئناسا بتجارب الدول السياحية مثل فرنسا واسبانيا واليونان وتركيا هناك حسب قولهم ضرورة لتنظيم هذا القطاع بشكل يضمن عدم قيام المالكين باستغلال المستأجرين من جهة ويضمن من جهة أخرى تمتع المستأجرين بشروط إقامة عادية ويجدون المسكن المستأجر نظيفا ومتوفرا على الأثاث اللازم وأغطية ومفروشات نظيفة ومعقمة. وشددت جهة المبادرة التشريعية على ضرورة وجود رقابة فعالة من قبل الأجهزة المختصة وتنفيذ زيارات دورية لتفقد الشقق المفروشة بهدف ضمان التزام المؤجرين بأحكام القانون.
كراس الشروط
ويتضمن كراس الشروط المنظم لنشاط استغلال الشقق والمساكن المفروشة الذي تتم المصادقة عليه بقرار من وزير السياحة حسب ما نصت عليه المبادرة التشريعية الموجودة حاليا على مكتب لجنة السياحة والثقافة والخدمات والصناعات التقليدية، بيانات المؤجر على أن يكون هذا الأخير خاليا من كل مانع قانوني لممارسة مهنة تجارية طبقا للتشريع الجاري به العمل ويجب أن يكون محل إقامته وموقع الشقة أو المسكن موضوع الاستغلال ومحتوياته والأجر المحدد له وفق جدول تقييم يتم ضبطه من قبل الوزارة. ولا تخضع عقود الانتفاع بحق الإقامة بالشقق والمساكن المفروشة للتشريع المتعلق بالعمليات العقارية.
ونصت المبادرة على إلزام المؤجر بمسك دفتر مرقم ومؤشر عليه من طرف مصالح الجباية يتم فيه تسجيل المقابيض والمصاريف وتسجيل العقود تباعا بكل تفاصيلها ودون ترك بياض في الدفتر المذكور ودون كتابة أي كلمة بين سطوره ويصرح لدى مصالح الأمن الوطني أو الحرس الوطني حسب الاختصاص الترابي بعقد الإحالة مباشرة بعد إبرامه مع المنتفع مقابل إمضاء مصادقة في خانة مخصصة للغرض بالدفتر. ويلتزم المؤجر بالتصريح بالدخل حسب كشوفات هذا الدفتر. وبموجب الفصل الخامس من مقترح القانون لا يعفي هذا التصريح أصحاب الشقق أو المساكن المفروشة وكذلك المؤجرين لها من وجوب الخضوع والانضباط للقرارات التنظيمية الصادر من طرف الجماعات المحلية والمتعلقة بإجراءات وشروط استغلال المحلات والأماكن المفتوحة للعموم. ونص الفصل الموالي على أن إبرام كل عملية إحالة لحق الانتفاع بالإقامة بشقة أو مسكن مفروش تتم بمقتضى كتب طبقا لعقد نموذجي يتضمن خاصة العناصر الآتي ذكرها: هوية المؤجر حيث يتم بيان كونه مالكا لوحدة الإيواء أو متسوغا فإن كان مكتريا عليه أن يذكر تاريخ تصرفه فيها ومجموع مبلغ كرائها السنوي، هوية المنتفع والمرافقين له في السكن، مرجع نص الموافقة على كراس الشروط، وصفا دقيقا للإقامة أو الشقة موضوع العقد، الحقوق والالتزامات المترتبة للطرفين على العقد على معنى القانون. ويتعين تحرير الكتب وجوبا باللغة العربية وبلغة ثانية حسب اختيار الحريف في أربعة نظائر على الأقل. وتتم المصادقة على العقد النموذجي بمقتضى قرار من الوزير المكلف بالسياحة.
وحسب الفصل السابع يسلم المؤجر للمنتفع وجوبا نظيرا من العقد بعد إمضائه، ويحدد فيه خاصيات وحدة الإيواء والمرافق المشتركة التابعة لها والشروط العامة لاستغلالها، في حين نص الفصل الثامن على أن تخضع وحدات الإيواء التي يتم استغلالها طبقا للقانون المتعلق بتنظيم استغلال الشقق والمساكن المفروشة وللتراتيب الجاري بها العمل المتعلقة بمراقبة التصرف في المؤسسات السياحية، وألزم الفصل التاسع المنتفع بحق الإقامة باستعمال وحدة الإيواء للسكن واستخدامها بهدوء والتعهد بواجب احترام راحة الأجوار وسكينتهم وبموجب الفصل الموالي يجوز للمنتفع مبادلة حقه في الانتفاع بالإقامة مع منتفع آخر في ذات الوحدة شرط موافقة المؤجر والتزامه بتجديد العقد وإعلام السلط المعنية بالتغيير الطارئ على العقد.
المخالفات والعقوبات
تضمنت المبادرة التشريعية الجديدة التي أحالها مكتب مجلس نواب الشعب على أنظار لجنة السياحة والثقافة والخدمات والصناعات التقليدية جملة من الأحكام ذات العلاقة بالمخالفات والعقوبات، حيث نص الفصل 11 منها على أن تتم معاينة كل مخالفة لأحكام هذا القانون بواسطة محاضر يتم تحريرها طبقا لمجلة الإجراءات الجزائية من قبل مأموري الضابطة العدلية المبينين بالفقرتين الثالثة والرابعة من الفصل العاشر من المجلة المذكورة وأعوان إدارة السياحة المحلفين والمكلفين بمراقبة المؤسسات السياحية أو غيرهم من الأعوان المؤهلين قانونا لهذا الغرض. تحال المحاضر مباشرة إلى الوزير المكلف بالسياحة الذي يتولى إحالتها إلى وكيل الجمهورية لدى المحكمة الابتدائية المختصة.
وبموجب الفصل الموالي يعاقب بخطية قدرها 20 ألف دينار كل من يمارس نشاط استغلال الشقق أو المساكن المفروشة دون الحصول على الترخيص المسبق. ويمكن للمحكمة الإذن بنشر مضمون الحكم بالصحف اليومية على نفقة المحكوم عليه. ونص الفصل 13 على أن يعاقب بخطية قدرها 5 آلاف دينار المؤجر الذي لا يبرم عقد إحالة لحق الانتفاع بالإقامة بنظام اقتسام الوقت بمقتضى كتب طبقا للعقد النموذجي.. وفي صورة العود تضاعف الخطية. وللتصدي لعمليات التحيل والإشهار الكاذب نصت المبادرة في الفصل 14 على تسليط العقوبات المنصوص عليها بالفصل 291 من المجلة الجزائية على كل شخص قدم صورا لوحدة إيواء لا أساس لها من الصحة في الواقع أو استعمل حيلا أو خزعبلات لجلب الحرفاء.
ويذكر في هذا الصدد أن الفصل 291 نص على عقوبة بالسجن مدة خمسة أعوام وبخطية قدرها 2400 دينار كل من استعمل اسما مدلسا أو صفات غير صحيحة أو التجأ للحيل والخزعبلات التي من شأنها إقناع الغير بوجود مشاريع لا أصل لها في الحقيقة..
وإضافة للعقوبات المالية والسالبة للحرية اقترحت جهة المبادرة في الفصل 15 عقوبة أخرى حيث يمكن للوزير المكلف بالسياحة بعد سماع المؤجر المخالف، إيقافه عن النشاط بصفة مؤقتة لمدة لا تتجاوز سنة وذلك في حالة مخالفة الأحكام الخاصة بعقود الإحالة وفي حالة انعدام توفر أحد الشروط المتعلقة باستغلال وحدات الإيواء السياحي بنظام اقتسام الوقت، وفي حالة الإخلال بواجب الصيانة.
وطبقا للفصل 16 من مقترح القانون فإنه في صورة الغلق المؤقت لوحدة الإيواء يتحمل المؤجر مصاريف إقامة المنتفعين خلال مدة الغلق بنزل أو إقامة من نفس الصنف كائنة بنفس الجهة ما لم يتفق الطرفان على خلاف ذلك. وجاء في الفصل الموالي أنه في صورة ثبوت إخلالات خطيرة يمكن للمحكمة أن تقضي بغلق وحدة الإيواء بشكل نهائي وفي هذه الحالة تنفسخ العقود المبرمة مع المؤجر بصفة آلية ويجوز للمنتفعين المطالبة باسترجاع المبالغ المستحقة دون أن ينتفعوا بما يقابلها وذلك بقطع النظر عن حقهم في طلب التعويض عن الأضرار الناجمة عن عملية الغلق. ونص الفصل 18 على أحكام انتقالية حيث يتعين على كل من قام بتسويق منتوج الإيواء بالشقق أو المساكن المفروشة قبل صدور القانون الجديد تسوية وضعيته وفق أحكامه في أجل ثلاثة أشهر من تاريخ دخوله حيز التنفيذ أما الفصل الختامي فنص على نشر القانون بالرائد الرسمي ودخوله حيز النفاذ.
مؤسسات تربوية خاصة
وباستفساره عن مآل مقترح القانون المتعلق بإحداث المؤسسات التربوية الخاصة وتنظيمها، أجاب محمد الهادي العلاني نائب رئيس لجنة السياحة والثقافة والخدمات والصناعات التقليدية أن مكتب مجلس نواب الشعب أحال هذا المقترح إلى ثلاث لجان تشريعية وهي لجنة التربية والتكوين المهني والبحث العلمي والشباب والرياضة ولجنة الصحة وشؤون المرأة والأسرة والشؤون الاجتماعية وذوي الإعاقة ولجنة السياحة والثقافة والخدمات والصناعات التقليدية وأضاف أنه من المنتظر أن تتم في قادم الأيام برمجة جلسات مشتركة بين هذه اللجان لدراسة مقترح القانون المذكور والاستماع إلى النواب الذين بادروا بتقديمه وإلى مختلف الجهات المعنية. وبين العلاني أنه لابد من الإشارة أيضا إلى أن لجنته استكملت مؤخرا دراسة مقترح القانون المتعلق بالفنان والمهن الفنية ورفعت تقريرها النهائي بشأنه إلى مكتب المجلس وهي تنتظر من المكتب برمجة عرضه على جلسة عامة.
وقال إنه إلى جانب النشاط التشريعي، فقد برمجت اللجنة تنظيم زيارات ميدانية إلى جرجيس وجربة ومدنين وزيارة إلى مكثر وأخرى إلى بنزرت وربما سيتم في وقت لاحق تنظيم زيارة إلى باجة أو جندوبة وذلك للإطلاع عن كثب على وضعية المواقع الأثرية ووضعيات دور الثقافة والمشاكل التي يعاني منها القطاع السياحي وقطاع الصناعات التقليدية ليتم إثر كل زيارة إعداد تقرير يتضمن جملة من المقترحات والتوصيات التي يتم رفعها إلى السلطات المعنية. ووصف العلاني المواقع الأثرية بالكنوز وبين أن البلاد التونسية تزخر بالمواقع الأثرية قادرة على المساهمة في التنمية والتشغيل ولكن الكثير منها يعاني من المشاكل.
سعيدة بوهلال
مجال آخر اقترح مجموعة من النواب تنظميه بمقتضى كراس الشروط، حيث تقدموا بمبادرة تشريعية جديدة تتعلق بإخضاع نشاط استغلال الشقق والمساكن المفروشة إلى نظام كراس الشروط، وتولى مكتب مجلس نواب الشعب خلال اجتماعه الأخير إحالتها إلى لجنة السياحة والثقافة والخدمات والصناعات التقليدية.
محمد الهادي العلاني نائب رئيس هذه اللجنة، قال في تصريح لـ «الصباح» إن اللجنة ستنظر عما قريب في هذه المبادرة التي جاءت لتنظيم قطاع كراء الشقق والمساكن المفروشة في تونس. وبين أنه بعد أن تولى مكتب المجلس إحالة مقترح القانون إلى اللجنة مع التوصية بإبداء رأي لجنة التشريع العام، ستتولى اللجنة في مرحلة أولى الإطلاع عليه وبرمجة سلسلة من جلسات الاستماع تخصص الجلسة الأولى للاستماع إلى جهة المبادرة، ثم يتم لاحقا عقد اجتماعات تخصص للاستماع إلى مختلف الأطراف المعنية بالمقترح المذكور من وزارات وأهل القطاع وخبراء وذلك بهدف التعمق في دراسته وحتى تكون الصورة واضحة أمام النائب في علاقة بالوضعية الحالية والمشاكل المطروحة والحلول المقترحة.
وأضاف العلاني أنه إثر استكمال جلسات الاستماع إلى مختلف الأطراف المتداخلة يتم المرور لنقاش الفصول والتصويت عليها إما في صيغتها الأصلية أو في صيغة معدلة ثم يقع التصويت على كامل المبادرة التشريعية وإعداد تقرير حولها والمصادقة عليه ليقع رفعه إلى مكتب مجلس نواب الشعب لكي يتولى المكتب ضبط موعد لعرضها على الجلسة العامة.
وأشار نائب رئيس اللجنة إلى إمكانية تمرير هذه المبادرة بالتزامن مع الموسم السياحي وفسر أن اللجنة حاليا بصدد دراسة مقترح قانون آخر يتعلق بالصناعة السينمائية في تونس وتولت إلى حد الآن عقد جلستين مع جهة المبادرة وبرمجت جلسات استماع إلى عدة أطراف لكن بالنظر إلى أن المبادرة التشريعية الجديدة تأتي بالتزامن مع الموسم السياحي فهناك إمكانية لدراستها بالتوازي مع مقترح القانون المتعلق بالصناعات السينمائية.
وتضمن مقترح القانون المتعلق بتنظيم استغلال الشقق والمساكن المفروشة 19 فصلا وهو مقدم من قبل النواب ألفة المرواني وأحمد بنور وفوزي دعاس ومختار عيفاوي وأيمن المرعوي وإبراهيم حسين والنوري جريدي وفخر الدين فضلون وسيرين مرابط وسوسن مبروك وزينة جيب الله وهالة جاب الله ونجلاء اللحياني وباديس بلحاج علي ومنير الكموني، وجاء فيه أن هذا النشاط يخضع إلى نظام كراس شروط تتم المصادقة عليه بقرار من الوزير المكلف بالسياحة.
ويرى أصحاب المبادرة أن مجال الشقق المفروشة في تونس أصبح من أكثر المواضيع تعقيدا وإثارة للقلق لدى جميع المواطنين نظرا لعدم وجود قانون ينظمه مما يؤدي إلى نشوب خلافات مردها العديد من المشاكل لعل أهمها تحكم مالك الشقة في شروط التعاقد وهو ما انجر عنه انعدام الاهتمام بأدنى مقومات النظافة والعناية بها، وأشار النواب في وثيقة شرح الأسباب إلى حالة الجشع المادي التي يتسم بها بعض أصحاب الشقق المفروشة كما أنهم إضافة إلى ذلك يلزمون المستأجرين بدفع مبالغ مالية إضافية مقابل الحراسة أو غسيل الأغطية والمفروشات وتعقيمها عند مغادرة السكن رغم أن هناك منهم من لا يقوم بتغيير الأغطية وغسلها عند تسليم الشقة إلى مستأجر جديد. ومن المشاكل الأخرى التي أثارها أصحاب المقترح إهمال المؤجر لحالة الأثاث وعدم التثبت من صلاحيته قبل تأجير الشقة. وبينوا أن العديد من الشقق السكنية تحولت خلال العقد الأخير إلى شقق مفروشة معدة للكراء اليومي والشهري وهي توجد داخل الاقامات السكنية العائلية مما تسبب في حوادث وجرائم كان ضحاياها سكان الإقامة وزوارها وهو ما أرغم الكثير على بيع منازلهم أو كرائها وتغيير مقرات إقامتهم تفاديا للوقوع في مشاكل يومية مع المكترين وما يخلفه ذلك من فوضى وصراع داخل العمارات التي توجد بها مثل هذه الشقق.
وذهب أصحاب مقترح القانون إلى أبعد من ذلك ونبهوا من مخاطر استغلال بعض العناصر الإجرامية والإرهابية للوحدات السكنية المفروشة نظرا لغياب ضوابط تنظم تأجير العقارات في خطوة استباقية للوقاية من خطر الإرهاب. كما أشاروا إلى ظاهرة الارتفاع المشط في أسعار كراء الشقق المفروشة وتتغير هذه الأسعار من منطقة إلى أخرى وحسب الموقع والمدة الزمنية وتراوح المعلوم في الليلة الواحدة بين 300 و500 دينار للشقة المفروشة التي لا تتجاوز مساحتها 70 مترا مربعا وكلما كانت المساحة أكبر تكون الأسعار أعلى كما تتغير المعاليم وفق الغرض من الكراء.
ومن المبررات الأخرى لتنظيم استغلال المساكن المفروشة التي استعرضها النواب في وثيقة شرح أسباب مبادرتهم التشريعية، عدم هيكلة قطاع الشقق المفروشة ودخول السماسرة غير القانونيين على الخط وهو ما يحرم خزينة الدولة من محصول جبائي كبير مقابل عمليات الإيجار وذلك بصرف النظر عن الخضوع للضريبة العقارية أي المتعارف عليه بمعاليم «الزبلة والخروبة».
واستئناسا بتجارب الدول السياحية مثل فرنسا واسبانيا واليونان وتركيا هناك حسب قولهم ضرورة لتنظيم هذا القطاع بشكل يضمن عدم قيام المالكين باستغلال المستأجرين من جهة ويضمن من جهة أخرى تمتع المستأجرين بشروط إقامة عادية ويجدون المسكن المستأجر نظيفا ومتوفرا على الأثاث اللازم وأغطية ومفروشات نظيفة ومعقمة. وشددت جهة المبادرة التشريعية على ضرورة وجود رقابة فعالة من قبل الأجهزة المختصة وتنفيذ زيارات دورية لتفقد الشقق المفروشة بهدف ضمان التزام المؤجرين بأحكام القانون.
كراس الشروط
ويتضمن كراس الشروط المنظم لنشاط استغلال الشقق والمساكن المفروشة الذي تتم المصادقة عليه بقرار من وزير السياحة حسب ما نصت عليه المبادرة التشريعية الموجودة حاليا على مكتب لجنة السياحة والثقافة والخدمات والصناعات التقليدية، بيانات المؤجر على أن يكون هذا الأخير خاليا من كل مانع قانوني لممارسة مهنة تجارية طبقا للتشريع الجاري به العمل ويجب أن يكون محل إقامته وموقع الشقة أو المسكن موضوع الاستغلال ومحتوياته والأجر المحدد له وفق جدول تقييم يتم ضبطه من قبل الوزارة. ولا تخضع عقود الانتفاع بحق الإقامة بالشقق والمساكن المفروشة للتشريع المتعلق بالعمليات العقارية.
ونصت المبادرة على إلزام المؤجر بمسك دفتر مرقم ومؤشر عليه من طرف مصالح الجباية يتم فيه تسجيل المقابيض والمصاريف وتسجيل العقود تباعا بكل تفاصيلها ودون ترك بياض في الدفتر المذكور ودون كتابة أي كلمة بين سطوره ويصرح لدى مصالح الأمن الوطني أو الحرس الوطني حسب الاختصاص الترابي بعقد الإحالة مباشرة بعد إبرامه مع المنتفع مقابل إمضاء مصادقة في خانة مخصصة للغرض بالدفتر. ويلتزم المؤجر بالتصريح بالدخل حسب كشوفات هذا الدفتر. وبموجب الفصل الخامس من مقترح القانون لا يعفي هذا التصريح أصحاب الشقق أو المساكن المفروشة وكذلك المؤجرين لها من وجوب الخضوع والانضباط للقرارات التنظيمية الصادر من طرف الجماعات المحلية والمتعلقة بإجراءات وشروط استغلال المحلات والأماكن المفتوحة للعموم. ونص الفصل الموالي على أن إبرام كل عملية إحالة لحق الانتفاع بالإقامة بشقة أو مسكن مفروش تتم بمقتضى كتب طبقا لعقد نموذجي يتضمن خاصة العناصر الآتي ذكرها: هوية المؤجر حيث يتم بيان كونه مالكا لوحدة الإيواء أو متسوغا فإن كان مكتريا عليه أن يذكر تاريخ تصرفه فيها ومجموع مبلغ كرائها السنوي، هوية المنتفع والمرافقين له في السكن، مرجع نص الموافقة على كراس الشروط، وصفا دقيقا للإقامة أو الشقة موضوع العقد، الحقوق والالتزامات المترتبة للطرفين على العقد على معنى القانون. ويتعين تحرير الكتب وجوبا باللغة العربية وبلغة ثانية حسب اختيار الحريف في أربعة نظائر على الأقل. وتتم المصادقة على العقد النموذجي بمقتضى قرار من الوزير المكلف بالسياحة.
وحسب الفصل السابع يسلم المؤجر للمنتفع وجوبا نظيرا من العقد بعد إمضائه، ويحدد فيه خاصيات وحدة الإيواء والمرافق المشتركة التابعة لها والشروط العامة لاستغلالها، في حين نص الفصل الثامن على أن تخضع وحدات الإيواء التي يتم استغلالها طبقا للقانون المتعلق بتنظيم استغلال الشقق والمساكن المفروشة وللتراتيب الجاري بها العمل المتعلقة بمراقبة التصرف في المؤسسات السياحية، وألزم الفصل التاسع المنتفع بحق الإقامة باستعمال وحدة الإيواء للسكن واستخدامها بهدوء والتعهد بواجب احترام راحة الأجوار وسكينتهم وبموجب الفصل الموالي يجوز للمنتفع مبادلة حقه في الانتفاع بالإقامة مع منتفع آخر في ذات الوحدة شرط موافقة المؤجر والتزامه بتجديد العقد وإعلام السلط المعنية بالتغيير الطارئ على العقد.
المخالفات والعقوبات
تضمنت المبادرة التشريعية الجديدة التي أحالها مكتب مجلس نواب الشعب على أنظار لجنة السياحة والثقافة والخدمات والصناعات التقليدية جملة من الأحكام ذات العلاقة بالمخالفات والعقوبات، حيث نص الفصل 11 منها على أن تتم معاينة كل مخالفة لأحكام هذا القانون بواسطة محاضر يتم تحريرها طبقا لمجلة الإجراءات الجزائية من قبل مأموري الضابطة العدلية المبينين بالفقرتين الثالثة والرابعة من الفصل العاشر من المجلة المذكورة وأعوان إدارة السياحة المحلفين والمكلفين بمراقبة المؤسسات السياحية أو غيرهم من الأعوان المؤهلين قانونا لهذا الغرض. تحال المحاضر مباشرة إلى الوزير المكلف بالسياحة الذي يتولى إحالتها إلى وكيل الجمهورية لدى المحكمة الابتدائية المختصة.
وبموجب الفصل الموالي يعاقب بخطية قدرها 20 ألف دينار كل من يمارس نشاط استغلال الشقق أو المساكن المفروشة دون الحصول على الترخيص المسبق. ويمكن للمحكمة الإذن بنشر مضمون الحكم بالصحف اليومية على نفقة المحكوم عليه. ونص الفصل 13 على أن يعاقب بخطية قدرها 5 آلاف دينار المؤجر الذي لا يبرم عقد إحالة لحق الانتفاع بالإقامة بنظام اقتسام الوقت بمقتضى كتب طبقا للعقد النموذجي.. وفي صورة العود تضاعف الخطية. وللتصدي لعمليات التحيل والإشهار الكاذب نصت المبادرة في الفصل 14 على تسليط العقوبات المنصوص عليها بالفصل 291 من المجلة الجزائية على كل شخص قدم صورا لوحدة إيواء لا أساس لها من الصحة في الواقع أو استعمل حيلا أو خزعبلات لجلب الحرفاء.
ويذكر في هذا الصدد أن الفصل 291 نص على عقوبة بالسجن مدة خمسة أعوام وبخطية قدرها 2400 دينار كل من استعمل اسما مدلسا أو صفات غير صحيحة أو التجأ للحيل والخزعبلات التي من شأنها إقناع الغير بوجود مشاريع لا أصل لها في الحقيقة..
وإضافة للعقوبات المالية والسالبة للحرية اقترحت جهة المبادرة في الفصل 15 عقوبة أخرى حيث يمكن للوزير المكلف بالسياحة بعد سماع المؤجر المخالف، إيقافه عن النشاط بصفة مؤقتة لمدة لا تتجاوز سنة وذلك في حالة مخالفة الأحكام الخاصة بعقود الإحالة وفي حالة انعدام توفر أحد الشروط المتعلقة باستغلال وحدات الإيواء السياحي بنظام اقتسام الوقت، وفي حالة الإخلال بواجب الصيانة.
وطبقا للفصل 16 من مقترح القانون فإنه في صورة الغلق المؤقت لوحدة الإيواء يتحمل المؤجر مصاريف إقامة المنتفعين خلال مدة الغلق بنزل أو إقامة من نفس الصنف كائنة بنفس الجهة ما لم يتفق الطرفان على خلاف ذلك. وجاء في الفصل الموالي أنه في صورة ثبوت إخلالات خطيرة يمكن للمحكمة أن تقضي بغلق وحدة الإيواء بشكل نهائي وفي هذه الحالة تنفسخ العقود المبرمة مع المؤجر بصفة آلية ويجوز للمنتفعين المطالبة باسترجاع المبالغ المستحقة دون أن ينتفعوا بما يقابلها وذلك بقطع النظر عن حقهم في طلب التعويض عن الأضرار الناجمة عن عملية الغلق. ونص الفصل 18 على أحكام انتقالية حيث يتعين على كل من قام بتسويق منتوج الإيواء بالشقق أو المساكن المفروشة قبل صدور القانون الجديد تسوية وضعيته وفق أحكامه في أجل ثلاثة أشهر من تاريخ دخوله حيز التنفيذ أما الفصل الختامي فنص على نشر القانون بالرائد الرسمي ودخوله حيز النفاذ.
مؤسسات تربوية خاصة
وباستفساره عن مآل مقترح القانون المتعلق بإحداث المؤسسات التربوية الخاصة وتنظيمها، أجاب محمد الهادي العلاني نائب رئيس لجنة السياحة والثقافة والخدمات والصناعات التقليدية أن مكتب مجلس نواب الشعب أحال هذا المقترح إلى ثلاث لجان تشريعية وهي لجنة التربية والتكوين المهني والبحث العلمي والشباب والرياضة ولجنة الصحة وشؤون المرأة والأسرة والشؤون الاجتماعية وذوي الإعاقة ولجنة السياحة والثقافة والخدمات والصناعات التقليدية وأضاف أنه من المنتظر أن تتم في قادم الأيام برمجة جلسات مشتركة بين هذه اللجان لدراسة مقترح القانون المذكور والاستماع إلى النواب الذين بادروا بتقديمه وإلى مختلف الجهات المعنية. وبين العلاني أنه لابد من الإشارة أيضا إلى أن لجنته استكملت مؤخرا دراسة مقترح القانون المتعلق بالفنان والمهن الفنية ورفعت تقريرها النهائي بشأنه إلى مكتب المجلس وهي تنتظر من المكتب برمجة عرضه على جلسة عامة.
وقال إنه إلى جانب النشاط التشريعي، فقد برمجت اللجنة تنظيم زيارات ميدانية إلى جرجيس وجربة ومدنين وزيارة إلى مكثر وأخرى إلى بنزرت وربما سيتم في وقت لاحق تنظيم زيارة إلى باجة أو جندوبة وذلك للإطلاع عن كثب على وضعية المواقع الأثرية ووضعيات دور الثقافة والمشاكل التي يعاني منها القطاع السياحي وقطاع الصناعات التقليدية ليتم إثر كل زيارة إعداد تقرير يتضمن جملة من المقترحات والتوصيات التي يتم رفعها إلى السلطات المعنية. ووصف العلاني المواقع الأثرية بالكنوز وبين أن البلاد التونسية تزخر بالمواقع الأثرية قادرة على المساهمة في التنمية والتشغيل ولكن الكثير منها يعاني من المشاكل.
سعيدة بوهلال