- عضو بلجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان لـ«الصباح»: تونس في أمس الحاجة إلى الجزائر والجزائر في أمس الحاجة إلى تونس في ظل المستجدات الإقليمية
- دبلوماسي سابق: المستجدات الدولية تقتضي تنسيقا بين الطرفين
- أستاذ في العلاقات الدولية: تحديات كبيرة تحتم على الدولتين مجابهتها معا بخط دبلوماسي واحد
«الأوضاع المحيطة بالبلدين إقليميا وعالميا لا تبشّر البتّة..، والتنسيق بين البلدين في ظلّ هذه الأوضاع لم يعد ضرورياً فحسب بل أصبح حتميا»، هذا ما جاء في تصريح لوزير الدولة وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج والشؤون الإفريقية بالجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية أحمد عطاف -على هامش زيارة الدولة التي أداها إلى تونس على مدار اليومين الماضيين- وهو تصريح يعكس في جوهره وفقا للمتابعين للشأن العام عمق التحديات المشتركة بين البلدين، وإدراكا من الجانبين بضرورة توحيد الرؤى لمواجهة هذه التحديات في ظل المستجدات الدولية والإقليمية الراهنة.
أحمد عطاف الذي أدى زيارة إلى تونس بصفته مبعوثا خاصا من الرئيس الجزائري عبد المجيد تبّون إلى رئيس الجمهورية التونسية قيس سعيّد كان قد جمعه لقاء مع رئيس الدولة بقصر قرطاج قبل لقائه بنظيره وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج محمد علي النفطي. ومن خلال تصريحاته بدا عطاف أكثر وضوحا ودقة في تشخيص الوضع الراهن والتحديات التي يفرضها، حيث أشار في معرض تصريحه الإعلامي إلى أن الأوضاع المحيطة بالبلدين إقليميا وعالميا لا تبشّر البتّة، ولا تطمئنّ إليها النفوس مشدّدا على أنّ التنسيق بين البلدين في ظلّ هذه الأوضاع لم يعد ضرورياً فحسب، بل أصبح حتميا..»
أوضاع لا تبشر
وأشار عطاف إلى أن التنسيق بين تونس والجزائر لم ينقطع يوما، باعتبار أنّ البلدين «في خندق واحد»، على حدّ تعبيره، موضحا أن هذا التنسيق يتجلّى في مواقف البلدين المتناغمة والمتوافقة، سواء تعلّق الأمر بالقضية الفلسطينية أو بتطوّرات الأوضاع في الجوار الإقليمي، مضيفا أن الأوضاع الإقليمية ودولية لا تبشّر البتّة، ولا تريح البال، في ظلّ ما وصفه بـ«التلاشي المقلق» و«التجاهل المتزايد لأبسط القواعد والقوانين الدولية»، إلى جانب «تحييد دور المنظمات الدولية، وعلى رأسها منظمة الأمم المتحدة».
ولاحظ الوزير الجزائري أنّه في ظلّ هذه التطوّرات، ما تزال منطقة الشرق الأوسط والقارة الإفريقية من أولى وأكثر المناطق تضرّرا، مشيرا إلى أنّ القضية الفلسطينية تشهد أخطر مرحلة في تاريخها، مؤكّدا على وجود «تسابق محموم على سبل للإجهاز عليها».
ولفت أيضا إلى ما تشهده القارة الإفريقية من تردٍّ «مقلق» في الأوضاع الأمنية والسياسية والاقتصادية، مشيرا في هذا الخصوص إلى العدد الكبير من مناطق النزاع، التي باتت تطغى على المشهد القاري، وخاصة في منطقة الساحل الصحراوي.
ومن جهة أخرى أكّد وزير الخارجية الجزائري أنّ الزيارة التي يقوم بها كمبعوث خاص من الرئيس عبد المجيد تبون إلى نظيره التونسي تندرج في إطار الحرص على ترسيخ تقاليد التشاور والتنسيق بين البلدين، مشيرا إلى أنّ هذا التواصل الدائم يمثّل وجها من وجوه التميّز الذي يطبع العلاقة بين الجانبين وتابع قائلا: «أقول دون تحفّظ إنّ العلاقة بين البلدين تعيش أبهى عصورها، بفضل الحرص الدائم والرعاية الخاصة التي أحيطت بها من قبل الرئيسين سعيّد وتبون».
تصريحات وزير الخارجية الجزائري يصفها كثيرون «بالهامة جدا»، بما أنها تندرج في ظل ظروف إقليمية ودولية مضطربة، حيث تشهد المنطقة تحولات أمنية وسياسية عميقة، خاصة مع الأزمة الليبية المستمرة وتداعياتها على حدود البلدين، وذلك بالتوازي مع الاضطراب الأمني في منطقة الساحل الإفريقي، إلى جانب ما يصفه كثير من المهتمين بالشأن العام بالتدخلات الخارجية في شؤون المنطقة وسط تنافس القوى الدولية على النفوذ في إفريقيا بما يعكس إدراكا من الجانبين بضرورة توحيد الرؤى لمواجهة هذه التحديات المشتركة، وهو ما دفع بكثير من المتابعين للوضع العام إلى التأكيد على أن تصريحات وزير الخارجية الجزائري لا يمكن اعتبارها مجرد دعوة روتينية للتعاون بل هي إنذار بضرورة التحرك ورفع درجات التنسيق في ظل مخاطر إقليمية ودولية تهدد استقرار البلدين.
وهي أيضا تأكيد على أن الجزائر وتونس، لا يمكنهما مواجهة هذه التحديات إلا من خلال إستراتيجية موحدة بما يؤشر إلى القول بأن المرحلة القادمة قد تشهد مزيدا من التنسيق المغاربي، خاصة إذا اتسع نطاق الأزمات في المحيط الإقليمي.
حلول عبر النقاش والتفاوض
تفاعلا مع هذه الزيارة أوردت عضو لجنة الشؤون الخارجية بمجلس نواب الشعب، نجلاء اللحياني في تصريح لـ «الصباح» أن العلاقة بين تونس والجزائر هي علاقة تاريخية ولا يمكن اعتبارها وليدة اللحظة، مشيرة إلى أن التنسيق بين البلدين يعتبر واجبا في ظل وجود حدود مشتركة تستوجب المحافظة على أمنها واستقرارها «فتونس في أمس الحاجة إلى الجزائر، والجزائر في أمس الحاجة إلى تونس»، على حد قولها في ظل التغيرات والمستجدات الإقليمية الراهنة.
وأضافت اللحياني أنه في خضم هذه الأوضاع فإن العمل التشاركي بين تونس والجزائر وحتى ليبيا يبقى مطلوبا قائلة: «دبلوماسيا نعمل في هذا الاتجاه لاسيما في ظل تدفقات الهجرة غير النظامية التي تعاني منها تونس كما الجزائر، وإيجاد الحلول يكون عبر النقاش والتفاوض حتى يتسنى التوصل إلى حلول ترضي جميع الأطراف».
وبالعودة إلى تصريحات وزير الخارجية الجزائري يرى أستاذ العلاقات الدولية بالجامعة التونسية عدنان الإمام في تصريح لـ«الصباح»، أن أحمد عطاف محق في تصريحاته وفي تشخيصه للوضع الراهن على اعتبار أن للبلدين تحديات مشتركة يواجهونها معا. وأضاف أنه قد يكون التوجه في المرحلة القادمة نحو تنسيق ثنائي بين تونس والجزائر على اعتبار أن الوضع في ليبيا تسوده الريبة، خاصة وأن القمة الثلاثية بين تونس والجزائر وليبيا والتي يفترض أن تلتئم مع بداية السنة لم تر إلى اليوم النور.
وتابع الإمام قائلا: «إن المشهد الإقليمي يتسم بتحديات كبيرة أمنيا وعسكريا في ظل تدفق المهاجرين غير النظاميين، إضافة إلى الوضع المتفجر في الساحل الإفريقي على أن الأهم هو التحديات التي تطرحها السياسة الأمريكية الجديدة».
وفسر محدثنا في هذا الشأن أنه يستشف من خلال التوصيات التي أعطاها ترامب للسفير الأمريكي الجديد المعين في تونس بضرورة تفعيل اتفاقيات أبراهام قائلا: «وكأن ترامب منحه تعليمات بالتحاق تونس بركب التطبيع في ظل تعهده بالتحاق عدد كبير من الدول العربية باتفاقيات أبراهام. وهي توصيات ستجابه بالرفض القطعي من قبل تونس والجزائر اللتين ترفضان مجرد الخوض في هذا الحديث، وهو أمر قد تكون له كلفة أمنية واقتصادية».
خط دبلوماسي واحد
ولاحظ أستاذ العلاقات الدولية أن تونس والجزائر على دراية بهذه الأخطار المحدقة لاسيما كلفتها السياسية وحتى الاقتصادية في ظل سياسة الترفيع في التعريفات الجمركية التي فرضها ترامب.
ليعتبر الإمام أن وزير الخارجية الجزائري محق في تصريحاته في خضم وجود تحديات وتغيرات في المشهد الإقليمي تتطلب من البلدين مواجهتها معا. ليخلص محدثنا إلى القول بأن «التنسيق بين البلدين اليوم في غاية من الأهمية خاصة وأن تونس تنفذ سياسة خارجية جديدة تعتمد على التنوع في الشركات بعيدا عن الاحتكار الأوروبي والمعسكر الغربي للعلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع تونس عبر انتهاج سياسة تنويع الشراكات والانفتاح على قوى صاعدة في العالم على غرار روسيا والصين».
وأضاف قائلا: «كل ذلك تترتب عنه تحديات كبيرة على الدولتين مجابهتها معا بخط دبلوماسي واحد».
من جهة أخرى وفي قراءته لأبعاد الزيارة يرى الدبلوماسي السابق عبد الله العبيدي في تصريح لـ«الصباح» أن التصريح الأخير لترامب بخصوص الصحراء الغربية، زد على ذلك الوضع الحالي في ليبيا وجميعها عوامل تهدد تونس كما الجزائر. وتابع العبيدي قائلا: «في حال انفجر الوضع لا سامح الله فإن الحدود الوحيدة التي بقيت آمنة هي الحدود التونسية الأمر الذي يستوجب تنسيقا ويقظة من كلا الطرفين».
أفاق أرحب للتعاون
وبالعودة إلى فحوى الزيارة يذكر أن وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج محمد علي النفطي قد جمعه لقاء عمل مع نظيره الجزائري أحمد عطّاف تناول بالخصوص الاستحقاقات الثنائية القادمة الهادفة إلى تعزيز التعاون بين البلدين بما يفتح آفاقا أرحب لمزيد توسيعه وتعميقه وفق ما يخدم المصالح المشتركة للبلدين والشعبين الشقيقين، وفق بلاغ للوزارة. وقد تمّ خلال اللقاء «تأكيد الحرص على تجسيم الإرادة السياسية الراسخة لدى قيادتي البلدين الشقيقين للمضيّ قُدُما في الارتقاء بعلاقات الأخوّة والتعاون الإستراتيجية بين البلدين إلى مستوى أفضل».
وشكّل اللقاء فرصة لاستعراض الحركيّة الجديدة التي تشهدها العلاقات القائمة بين تونس والجزائر في شتّى القطاعات الحيوية، لاسيما الاقتصادية والتجارية، وما يتّصل بالأمن الطاقي والمائي والغذائي، إضافة إلى تنمية المناطق الحدودية بين البلدين، حيث اتّفق الوزيران على مزيد تعزيزها وتوسيع مجالاتها.
ونوه الوزيران بالديناميكية المسجّلة خلال السنة الماضية ومطلع السنة الحالية على المستوى السياحي في الاتجاهين، بما يساهم في مزيد ترسيخ جسر التواصل الاجتماعي والتبادل البشري بين شعبي البلدين.
وتطرّق الوزيران إلى التطورات المتسارعة على مختلف الأصعدة الإقليمية والجهوية والدولية وأهمية تكثيف التنسيق بين البلدين ومزيد إحكامه، بما يمكّن من مواجهة أفضل للتحديات الأمنية والتنموية والمناخية، ويسهم في ترسيخ ركائز الأمن والاستقرار في المنطقة المغاربية والإفريقية والمتوسطية.
منال الحرزي
- عضو بلجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان لـ«الصباح»: تونس في أمس الحاجة إلى الجزائر والجزائر في أمس الحاجة إلى تونس في ظل المستجدات الإقليمية
- دبلوماسي سابق: المستجدات الدولية تقتضي تنسيقا بين الطرفين
- أستاذ في العلاقات الدولية: تحديات كبيرة تحتم على الدولتين مجابهتها معا بخط دبلوماسي واحد
«الأوضاع المحيطة بالبلدين إقليميا وعالميا لا تبشّر البتّة..، والتنسيق بين البلدين في ظلّ هذه الأوضاع لم يعد ضرورياً فحسب بل أصبح حتميا»، هذا ما جاء في تصريح لوزير الدولة وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج والشؤون الإفريقية بالجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية أحمد عطاف -على هامش زيارة الدولة التي أداها إلى تونس على مدار اليومين الماضيين- وهو تصريح يعكس في جوهره وفقا للمتابعين للشأن العام عمق التحديات المشتركة بين البلدين، وإدراكا من الجانبين بضرورة توحيد الرؤى لمواجهة هذه التحديات في ظل المستجدات الدولية والإقليمية الراهنة.
أحمد عطاف الذي أدى زيارة إلى تونس بصفته مبعوثا خاصا من الرئيس الجزائري عبد المجيد تبّون إلى رئيس الجمهورية التونسية قيس سعيّد كان قد جمعه لقاء مع رئيس الدولة بقصر قرطاج قبل لقائه بنظيره وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج محمد علي النفطي. ومن خلال تصريحاته بدا عطاف أكثر وضوحا ودقة في تشخيص الوضع الراهن والتحديات التي يفرضها، حيث أشار في معرض تصريحه الإعلامي إلى أن الأوضاع المحيطة بالبلدين إقليميا وعالميا لا تبشّر البتّة، ولا تطمئنّ إليها النفوس مشدّدا على أنّ التنسيق بين البلدين في ظلّ هذه الأوضاع لم يعد ضرورياً فحسب، بل أصبح حتميا..»
أوضاع لا تبشر
وأشار عطاف إلى أن التنسيق بين تونس والجزائر لم ينقطع يوما، باعتبار أنّ البلدين «في خندق واحد»، على حدّ تعبيره، موضحا أن هذا التنسيق يتجلّى في مواقف البلدين المتناغمة والمتوافقة، سواء تعلّق الأمر بالقضية الفلسطينية أو بتطوّرات الأوضاع في الجوار الإقليمي، مضيفا أن الأوضاع الإقليمية ودولية لا تبشّر البتّة، ولا تريح البال، في ظلّ ما وصفه بـ«التلاشي المقلق» و«التجاهل المتزايد لأبسط القواعد والقوانين الدولية»، إلى جانب «تحييد دور المنظمات الدولية، وعلى رأسها منظمة الأمم المتحدة».
ولاحظ الوزير الجزائري أنّه في ظلّ هذه التطوّرات، ما تزال منطقة الشرق الأوسط والقارة الإفريقية من أولى وأكثر المناطق تضرّرا، مشيرا إلى أنّ القضية الفلسطينية تشهد أخطر مرحلة في تاريخها، مؤكّدا على وجود «تسابق محموم على سبل للإجهاز عليها».
ولفت أيضا إلى ما تشهده القارة الإفريقية من تردٍّ «مقلق» في الأوضاع الأمنية والسياسية والاقتصادية، مشيرا في هذا الخصوص إلى العدد الكبير من مناطق النزاع، التي باتت تطغى على المشهد القاري، وخاصة في منطقة الساحل الصحراوي.
ومن جهة أخرى أكّد وزير الخارجية الجزائري أنّ الزيارة التي يقوم بها كمبعوث خاص من الرئيس عبد المجيد تبون إلى نظيره التونسي تندرج في إطار الحرص على ترسيخ تقاليد التشاور والتنسيق بين البلدين، مشيرا إلى أنّ هذا التواصل الدائم يمثّل وجها من وجوه التميّز الذي يطبع العلاقة بين الجانبين وتابع قائلا: «أقول دون تحفّظ إنّ العلاقة بين البلدين تعيش أبهى عصورها، بفضل الحرص الدائم والرعاية الخاصة التي أحيطت بها من قبل الرئيسين سعيّد وتبون».
تصريحات وزير الخارجية الجزائري يصفها كثيرون «بالهامة جدا»، بما أنها تندرج في ظل ظروف إقليمية ودولية مضطربة، حيث تشهد المنطقة تحولات أمنية وسياسية عميقة، خاصة مع الأزمة الليبية المستمرة وتداعياتها على حدود البلدين، وذلك بالتوازي مع الاضطراب الأمني في منطقة الساحل الإفريقي، إلى جانب ما يصفه كثير من المهتمين بالشأن العام بالتدخلات الخارجية في شؤون المنطقة وسط تنافس القوى الدولية على النفوذ في إفريقيا بما يعكس إدراكا من الجانبين بضرورة توحيد الرؤى لمواجهة هذه التحديات المشتركة، وهو ما دفع بكثير من المتابعين للوضع العام إلى التأكيد على أن تصريحات وزير الخارجية الجزائري لا يمكن اعتبارها مجرد دعوة روتينية للتعاون بل هي إنذار بضرورة التحرك ورفع درجات التنسيق في ظل مخاطر إقليمية ودولية تهدد استقرار البلدين.
وهي أيضا تأكيد على أن الجزائر وتونس، لا يمكنهما مواجهة هذه التحديات إلا من خلال إستراتيجية موحدة بما يؤشر إلى القول بأن المرحلة القادمة قد تشهد مزيدا من التنسيق المغاربي، خاصة إذا اتسع نطاق الأزمات في المحيط الإقليمي.
حلول عبر النقاش والتفاوض
تفاعلا مع هذه الزيارة أوردت عضو لجنة الشؤون الخارجية بمجلس نواب الشعب، نجلاء اللحياني في تصريح لـ «الصباح» أن العلاقة بين تونس والجزائر هي علاقة تاريخية ولا يمكن اعتبارها وليدة اللحظة، مشيرة إلى أن التنسيق بين البلدين يعتبر واجبا في ظل وجود حدود مشتركة تستوجب المحافظة على أمنها واستقرارها «فتونس في أمس الحاجة إلى الجزائر، والجزائر في أمس الحاجة إلى تونس»، على حد قولها في ظل التغيرات والمستجدات الإقليمية الراهنة.
وأضافت اللحياني أنه في خضم هذه الأوضاع فإن العمل التشاركي بين تونس والجزائر وحتى ليبيا يبقى مطلوبا قائلة: «دبلوماسيا نعمل في هذا الاتجاه لاسيما في ظل تدفقات الهجرة غير النظامية التي تعاني منها تونس كما الجزائر، وإيجاد الحلول يكون عبر النقاش والتفاوض حتى يتسنى التوصل إلى حلول ترضي جميع الأطراف».
وبالعودة إلى تصريحات وزير الخارجية الجزائري يرى أستاذ العلاقات الدولية بالجامعة التونسية عدنان الإمام في تصريح لـ«الصباح»، أن أحمد عطاف محق في تصريحاته وفي تشخيصه للوضع الراهن على اعتبار أن للبلدين تحديات مشتركة يواجهونها معا. وأضاف أنه قد يكون التوجه في المرحلة القادمة نحو تنسيق ثنائي بين تونس والجزائر على اعتبار أن الوضع في ليبيا تسوده الريبة، خاصة وأن القمة الثلاثية بين تونس والجزائر وليبيا والتي يفترض أن تلتئم مع بداية السنة لم تر إلى اليوم النور.
وتابع الإمام قائلا: «إن المشهد الإقليمي يتسم بتحديات كبيرة أمنيا وعسكريا في ظل تدفق المهاجرين غير النظاميين، إضافة إلى الوضع المتفجر في الساحل الإفريقي على أن الأهم هو التحديات التي تطرحها السياسة الأمريكية الجديدة».
وفسر محدثنا في هذا الشأن أنه يستشف من خلال التوصيات التي أعطاها ترامب للسفير الأمريكي الجديد المعين في تونس بضرورة تفعيل اتفاقيات أبراهام قائلا: «وكأن ترامب منحه تعليمات بالتحاق تونس بركب التطبيع في ظل تعهده بالتحاق عدد كبير من الدول العربية باتفاقيات أبراهام. وهي توصيات ستجابه بالرفض القطعي من قبل تونس والجزائر اللتين ترفضان مجرد الخوض في هذا الحديث، وهو أمر قد تكون له كلفة أمنية واقتصادية».
خط دبلوماسي واحد
ولاحظ أستاذ العلاقات الدولية أن تونس والجزائر على دراية بهذه الأخطار المحدقة لاسيما كلفتها السياسية وحتى الاقتصادية في ظل سياسة الترفيع في التعريفات الجمركية التي فرضها ترامب.
ليعتبر الإمام أن وزير الخارجية الجزائري محق في تصريحاته في خضم وجود تحديات وتغيرات في المشهد الإقليمي تتطلب من البلدين مواجهتها معا. ليخلص محدثنا إلى القول بأن «التنسيق بين البلدين اليوم في غاية من الأهمية خاصة وأن تونس تنفذ سياسة خارجية جديدة تعتمد على التنوع في الشركات بعيدا عن الاحتكار الأوروبي والمعسكر الغربي للعلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع تونس عبر انتهاج سياسة تنويع الشراكات والانفتاح على قوى صاعدة في العالم على غرار روسيا والصين».
وأضاف قائلا: «كل ذلك تترتب عنه تحديات كبيرة على الدولتين مجابهتها معا بخط دبلوماسي واحد».
من جهة أخرى وفي قراءته لأبعاد الزيارة يرى الدبلوماسي السابق عبد الله العبيدي في تصريح لـ«الصباح» أن التصريح الأخير لترامب بخصوص الصحراء الغربية، زد على ذلك الوضع الحالي في ليبيا وجميعها عوامل تهدد تونس كما الجزائر. وتابع العبيدي قائلا: «في حال انفجر الوضع لا سامح الله فإن الحدود الوحيدة التي بقيت آمنة هي الحدود التونسية الأمر الذي يستوجب تنسيقا ويقظة من كلا الطرفين».
أفاق أرحب للتعاون
وبالعودة إلى فحوى الزيارة يذكر أن وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج محمد علي النفطي قد جمعه لقاء عمل مع نظيره الجزائري أحمد عطّاف تناول بالخصوص الاستحقاقات الثنائية القادمة الهادفة إلى تعزيز التعاون بين البلدين بما يفتح آفاقا أرحب لمزيد توسيعه وتعميقه وفق ما يخدم المصالح المشتركة للبلدين والشعبين الشقيقين، وفق بلاغ للوزارة. وقد تمّ خلال اللقاء «تأكيد الحرص على تجسيم الإرادة السياسية الراسخة لدى قيادتي البلدين الشقيقين للمضيّ قُدُما في الارتقاء بعلاقات الأخوّة والتعاون الإستراتيجية بين البلدين إلى مستوى أفضل».
وشكّل اللقاء فرصة لاستعراض الحركيّة الجديدة التي تشهدها العلاقات القائمة بين تونس والجزائر في شتّى القطاعات الحيوية، لاسيما الاقتصادية والتجارية، وما يتّصل بالأمن الطاقي والمائي والغذائي، إضافة إلى تنمية المناطق الحدودية بين البلدين، حيث اتّفق الوزيران على مزيد تعزيزها وتوسيع مجالاتها.
ونوه الوزيران بالديناميكية المسجّلة خلال السنة الماضية ومطلع السنة الحالية على المستوى السياحي في الاتجاهين، بما يساهم في مزيد ترسيخ جسر التواصل الاجتماعي والتبادل البشري بين شعبي البلدين.
وتطرّق الوزيران إلى التطورات المتسارعة على مختلف الأصعدة الإقليمية والجهوية والدولية وأهمية تكثيف التنسيق بين البلدين ومزيد إحكامه، بما يمكّن من مواجهة أفضل للتحديات الأمنية والتنموية والمناخية، ويسهم في ترسيخ ركائز الأمن والاستقرار في المنطقة المغاربية والإفريقية والمتوسطية.