يبدو أن قطاع الأدوية في تونس يوجد اليوم على رأس الأولويات صلب وزارة الصحة ولدى جميع المصالح المعنية لاسيما وأنه قطاع حيوي واستراتيجي قادر على التطور وتحقيق عائدات هامة للدولة متى تم تجاوز جملة الإشكاليات والعراقيل التي يعاني منها منذ سنوات.
ولعل التغيير الأخير على رأس الصيدلية المركزية بتعيين شكري حمودة رئيسا مديرا عاما خلفا لمهدي الدريدي الذي تم تعيينه في 18 سبتمبر 2023، يندرج في سياق البحث عن حلول ونجاعة أكبر لقطاع تكبله عديد التحديات رغم أفاقه الواعدة ومنها تحقيق الأمن الدوائي والاكتفاء الذاتي والتحول إلى وجهة مصدرة للدواء لاسيما باتجاه دول إفريقيا.
تجدر الإشارة إلى أن رئيس الجمهورية قيس سعيد وتحديدا في ديسمبر 2022، وخلال زيارة لإحدى مؤسسات تصنيع الأدوية وحديثه مع عدد من المسؤولين عن هذه الشركة تم التطرق إلى جملة من المسائل المتعلقة بقطاع الأدوية وضرورة تطوير الصناعات الدوائية حتى تصير تونس دولة مصدّرة. وأكد الرئيس حينها أن تونس لا ينقصها شيء لتلبية حاجياتها من الأدوية، وفق تعبيره.
من جهته صرح مؤخرا وزير الصحة، مصطفى الفرجاني، بأن "الصناعات الدوائية في تونس تغطي نسبة 75 بالمائة من حاجيات التونسيين، وهي قادرة على تلبية نسبة 100 بالمائة منها بفضل قدراتنا الذاتية، وكفاءاتنا من صيادلة وأطباء، خريجي التعليم الطبي العالي التونسي''.
تصنيع الأدوية
تؤكد أيضا مصادر الصيدلية المركزية، أن تونس تقوم "بتصنيع أكثر من 70 بالمائة من حاجياتها من الأدوية وتستورد 30 بالمائة والقيمة المالية للأدوية المستوردة تساوي القيمة المالية للأدوية المصنّعة في تونس". كما تشير المصادر ذاتها إلى أن "95% من الأدوية التي نُصنّعها جنيسة وهي أدوية كيميائية كلاسيكية في حين تستورد الأدوية الحديثة باهظة الثمن والتي تتعلق خاصة بالأمراض السرطانية والتلاقيح البيولوجية"ّ.
وفي تصريح له مؤخرا قال عبد الرزاق الهذيلي المدير العام للوكالة الوطنية للأدوية ومواد الصحة أنه “لدينا صناعة دوائية تونسية عبر 43 مصنعا بما يوفر 60 بالمائة من الاستهلاك المحلي وهي أدوية جنيسة، وهي تضاهي الأدوية الموجودة خارج الوطن، ولكن البعض يعتبر أن الدواء المتأتي من الخارج هو أفضل”.
مضيفا أن “تونس تصدر لـ30 دولة عربية وإفريقية وأيضا أوروبية، ولا بد من تغيير الثقافة نحو الاعتماد على الأدوية الجنيسة، خاصة وأنها تمر بتحاليل مخبرية وإجراءات قانونية”.
وتطرق أيضا مدير الوكالة الوطنية للأدوية ومواد الصحة في حديثه إلى جملة من الإجراءات لتغيير وجه القطاع ومنها ما تضمنه مشروع قانون المالية لسنة 2025 من إعفاء الأدوية المستوردة من قبل الصيدلية المركزية من المعلوم الديواني والأداء على القيمة المضافة التي لها مثيل مصنوع في تونس وهو ما يعني توفير حوالي 40 مليون دينار للصيدلية المركزية.
إلى جانب العمل على مراجعة عدة قوانين بما يمكن الصيدلية المركزية من التعافي، والعمل على التقليص من فترة الانتظار بين التقديم للحصول على الرخصة وبين الاستجابة 9 أشهر فقط..
عقبات وتحديات
تجدر الإشارة أيضا إلى أن الدواء التونسي يتمتع بسمعة جيدة من حيث الجودة والتطابق مع المواصفات العالمية، وقد تحصلت مؤخرا بعض المخابر على الاعتراف الأوروبي، مما يؤكد الحاجة إلى مواصلة دعم وتشجيع المصنعين التونسيين إلى جانب إزالة بعض العقبات والتحديات.
من هذه العقبات ما تعيشه الشركة التونسية للصناعات الصيدلية (سيفات) من أوضاع مالية صعبة نتيجة نقص السيولة وارتفاع مديونيتها وضعف الموارد البشرية ونقص التمويلات وغياب الحوكمة، وفق ما صرح به في وقت سابق الرئيس المدير العام بالنيابة للشركة التونسية للصناعات الصيدلية مهدي الدريدي.
يذكر أن الصيدلية المركزية تمتلك 67.77 بالمائة من رأس مال الشركة التونسية للصناعات الصيدلية التي نشأت في عام 1963 كوحدة تابعة للصيدلية المركزية التونسية، ثم استقلت بذاتها في عام 1989. فيما يستحوذ مساهمون خواص على 32.23 بالمائة، وتم إدراج الشركة بالبورصة في 2001.
وتشير مصادر الصيدلية المركزية أن الصعوبات أثرت بشكل كبير على قدرة شركة "سيفات" على إنتاج الأدوية، حيث تعمل وزارة الصحة على تقديم الدعم اللازم للشركة لتجاوز الأزمة المالية الراهنة واستعادة دورها الحيوي في إنتاج الأدوية في السوق التونسية.
وتبلغ الديون المتخلدة بذمة الشركة التونسية للصناعات الصيدلية حوالي 110 ملايين دينار منها قرابة 30 مليون دينار ديون تجاه الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية، علما وأن رأس مال الشركة يقدر بـ9 ملايين دينار.
هدف التصدير
كشفت مؤخرا السيدة نادية فنينة المديرة العامة لوحدة النهوض بالاستثمار وتصدير الخدمات الصحية أن صناعة الدواء في تونس "تصدّر اليوم ما قيمته 180 مليون دينار. والمؤمل الترفيع في هذه القيمة إلى 1350 مليون دينار اعتبارا لما لتونس من قدرة صناعية هامّة في مجال الدواء (48 مصنعا)".
وتعتبر نادية فنينة أنّ تحقيق الأهداف المرسومة لتصدير الأدوية مرتبط أساسا "بالتقليص في مدّة الحصول على رخصة ترويج الدواء والعمل على التصدير نحو أسواق جديدة خاصّة وأنّ الدواء التونسي يتمتّع بسمعة طيبة من حيث جودته بالإضافة إلى تنظيم قطاع التصدير ببعث شركات مختصّة في هذا المجال أو إنشاء مركز تصدير تابع لوزارة الصحة لأنّ المصدّر اليوم هو المصنّع"...
تجدر الإشارة إلى أن وزير الصحة، أشرف الأربعاء الفارط على جلسة عمل بمقر الوزارة لمتابعة سير العمل بالوكالة الوطنية للدواء ومواد الصحة، وتفعيل برامجها لدعم الصناعات الصيدلانية المحلية وهيكلة قطاع الأدوية.
وكان من أهداف الجلسة "متابعة عمل الوكالة الوطنية للدواء ومواد الصحة لضمان جودة وسلامة الأدوية المتوفرة في السوق المحلية وتسريع إجراءات منح رخص الترويج للأدوية (AMM) لتقليص فترات الانتظار ودعم الصناعات الصيدلانية المحلية لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الأدوية الحياتية وتعزيز قدرتها التنافسية للتصدير".
كما أفضت الجلسة عن جملة من التوصيات منها تطوير الصناعات الصيدلانية المحلية وزيادة قدرتها الإنتاجية ومتابعة تفعيل البرامج الإستراتيجية للوكالة الوطنية للدواء.
م.ي
تونس-الصباح
يبدو أن قطاع الأدوية في تونس يوجد اليوم على رأس الأولويات صلب وزارة الصحة ولدى جميع المصالح المعنية لاسيما وأنه قطاع حيوي واستراتيجي قادر على التطور وتحقيق عائدات هامة للدولة متى تم تجاوز جملة الإشكاليات والعراقيل التي يعاني منها منذ سنوات.
ولعل التغيير الأخير على رأس الصيدلية المركزية بتعيين شكري حمودة رئيسا مديرا عاما خلفا لمهدي الدريدي الذي تم تعيينه في 18 سبتمبر 2023، يندرج في سياق البحث عن حلول ونجاعة أكبر لقطاع تكبله عديد التحديات رغم أفاقه الواعدة ومنها تحقيق الأمن الدوائي والاكتفاء الذاتي والتحول إلى وجهة مصدرة للدواء لاسيما باتجاه دول إفريقيا.
تجدر الإشارة إلى أن رئيس الجمهورية قيس سعيد وتحديدا في ديسمبر 2022، وخلال زيارة لإحدى مؤسسات تصنيع الأدوية وحديثه مع عدد من المسؤولين عن هذه الشركة تم التطرق إلى جملة من المسائل المتعلقة بقطاع الأدوية وضرورة تطوير الصناعات الدوائية حتى تصير تونس دولة مصدّرة. وأكد الرئيس حينها أن تونس لا ينقصها شيء لتلبية حاجياتها من الأدوية، وفق تعبيره.
من جهته صرح مؤخرا وزير الصحة، مصطفى الفرجاني، بأن "الصناعات الدوائية في تونس تغطي نسبة 75 بالمائة من حاجيات التونسيين، وهي قادرة على تلبية نسبة 100 بالمائة منها بفضل قدراتنا الذاتية، وكفاءاتنا من صيادلة وأطباء، خريجي التعليم الطبي العالي التونسي''.
تصنيع الأدوية
تؤكد أيضا مصادر الصيدلية المركزية، أن تونس تقوم "بتصنيع أكثر من 70 بالمائة من حاجياتها من الأدوية وتستورد 30 بالمائة والقيمة المالية للأدوية المستوردة تساوي القيمة المالية للأدوية المصنّعة في تونس". كما تشير المصادر ذاتها إلى أن "95% من الأدوية التي نُصنّعها جنيسة وهي أدوية كيميائية كلاسيكية في حين تستورد الأدوية الحديثة باهظة الثمن والتي تتعلق خاصة بالأمراض السرطانية والتلاقيح البيولوجية"ّ.
وفي تصريح له مؤخرا قال عبد الرزاق الهذيلي المدير العام للوكالة الوطنية للأدوية ومواد الصحة أنه “لدينا صناعة دوائية تونسية عبر 43 مصنعا بما يوفر 60 بالمائة من الاستهلاك المحلي وهي أدوية جنيسة، وهي تضاهي الأدوية الموجودة خارج الوطن، ولكن البعض يعتبر أن الدواء المتأتي من الخارج هو أفضل”.
مضيفا أن “تونس تصدر لـ30 دولة عربية وإفريقية وأيضا أوروبية، ولا بد من تغيير الثقافة نحو الاعتماد على الأدوية الجنيسة، خاصة وأنها تمر بتحاليل مخبرية وإجراءات قانونية”.
وتطرق أيضا مدير الوكالة الوطنية للأدوية ومواد الصحة في حديثه إلى جملة من الإجراءات لتغيير وجه القطاع ومنها ما تضمنه مشروع قانون المالية لسنة 2025 من إعفاء الأدوية المستوردة من قبل الصيدلية المركزية من المعلوم الديواني والأداء على القيمة المضافة التي لها مثيل مصنوع في تونس وهو ما يعني توفير حوالي 40 مليون دينار للصيدلية المركزية.
إلى جانب العمل على مراجعة عدة قوانين بما يمكن الصيدلية المركزية من التعافي، والعمل على التقليص من فترة الانتظار بين التقديم للحصول على الرخصة وبين الاستجابة 9 أشهر فقط..
عقبات وتحديات
تجدر الإشارة أيضا إلى أن الدواء التونسي يتمتع بسمعة جيدة من حيث الجودة والتطابق مع المواصفات العالمية، وقد تحصلت مؤخرا بعض المخابر على الاعتراف الأوروبي، مما يؤكد الحاجة إلى مواصلة دعم وتشجيع المصنعين التونسيين إلى جانب إزالة بعض العقبات والتحديات.
من هذه العقبات ما تعيشه الشركة التونسية للصناعات الصيدلية (سيفات) من أوضاع مالية صعبة نتيجة نقص السيولة وارتفاع مديونيتها وضعف الموارد البشرية ونقص التمويلات وغياب الحوكمة، وفق ما صرح به في وقت سابق الرئيس المدير العام بالنيابة للشركة التونسية للصناعات الصيدلية مهدي الدريدي.
يذكر أن الصيدلية المركزية تمتلك 67.77 بالمائة من رأس مال الشركة التونسية للصناعات الصيدلية التي نشأت في عام 1963 كوحدة تابعة للصيدلية المركزية التونسية، ثم استقلت بذاتها في عام 1989. فيما يستحوذ مساهمون خواص على 32.23 بالمائة، وتم إدراج الشركة بالبورصة في 2001.
وتشير مصادر الصيدلية المركزية أن الصعوبات أثرت بشكل كبير على قدرة شركة "سيفات" على إنتاج الأدوية، حيث تعمل وزارة الصحة على تقديم الدعم اللازم للشركة لتجاوز الأزمة المالية الراهنة واستعادة دورها الحيوي في إنتاج الأدوية في السوق التونسية.
وتبلغ الديون المتخلدة بذمة الشركة التونسية للصناعات الصيدلية حوالي 110 ملايين دينار منها قرابة 30 مليون دينار ديون تجاه الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية، علما وأن رأس مال الشركة يقدر بـ9 ملايين دينار.
هدف التصدير
كشفت مؤخرا السيدة نادية فنينة المديرة العامة لوحدة النهوض بالاستثمار وتصدير الخدمات الصحية أن صناعة الدواء في تونس "تصدّر اليوم ما قيمته 180 مليون دينار. والمؤمل الترفيع في هذه القيمة إلى 1350 مليون دينار اعتبارا لما لتونس من قدرة صناعية هامّة في مجال الدواء (48 مصنعا)".
وتعتبر نادية فنينة أنّ تحقيق الأهداف المرسومة لتصدير الأدوية مرتبط أساسا "بالتقليص في مدّة الحصول على رخصة ترويج الدواء والعمل على التصدير نحو أسواق جديدة خاصّة وأنّ الدواء التونسي يتمتّع بسمعة طيبة من حيث جودته بالإضافة إلى تنظيم قطاع التصدير ببعث شركات مختصّة في هذا المجال أو إنشاء مركز تصدير تابع لوزارة الصحة لأنّ المصدّر اليوم هو المصنّع"...
تجدر الإشارة إلى أن وزير الصحة، أشرف الأربعاء الفارط على جلسة عمل بمقر الوزارة لمتابعة سير العمل بالوكالة الوطنية للدواء ومواد الصحة، وتفعيل برامجها لدعم الصناعات الصيدلانية المحلية وهيكلة قطاع الأدوية.
وكان من أهداف الجلسة "متابعة عمل الوكالة الوطنية للدواء ومواد الصحة لضمان جودة وسلامة الأدوية المتوفرة في السوق المحلية وتسريع إجراءات منح رخص الترويج للأدوية (AMM) لتقليص فترات الانتظار ودعم الصناعات الصيدلانية المحلية لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الأدوية الحياتية وتعزيز قدرتها التنافسية للتصدير".
كما أفضت الجلسة عن جملة من التوصيات منها تطوير الصناعات الصيدلانية المحلية وزيادة قدرتها الإنتاجية ومتابعة تفعيل البرامج الإستراتيجية للوكالة الوطنية للدواء.