"اليسار والاتحاد العام التونسي للشغل التأثير والتأثر 1970 – 2011 " للدكتور رضا مقني.. إصدار جديد يوثق حقبة مهمة في تاريخ اليساروالاتحاد العام التونسي للشغل ويحفظ الذاكرة الوطنيّة
صدر مؤلف "اليسار والاتحاد العام التونسي للشغل التأثير والتأثر 1970 – 2011 " للأستاذ رضا مقني الباحث في التاريخ المعاصر في شهر ديسمبر 2023 عن دار علاء الدين للنشر. والأستاذ رضا مقني متحصل على شهادة الماجستير سنة 2008 ببحث تحت عنوان "الاستعمار الفرنسي والمجال التونسي المنطقة العسكرية بالجنوب الشرقي أنموذجا 1881 – 1938 " وعلى شهادة الدكتوراه سنة 2016 ببحث تحت عنوان "حركة التعمير بالجنوب التونسي زمن الحماية 1881 – 1956 ". قدّم الكاتب عديد المداخلات في الملتقيات العلميّة. وصدرت له مقالات وبحوث علمية في مجلات "روافد" و"الفكر الجديد" و"المجلة التاريخية المغاربية" ومقالات سياسية واجتماعية بجريدة "الشارع المغاربي". بالإضافة إلى عديد المؤلّفات.
صدر مؤلف"اليسار والاتحاد العام التونسي للشغل التأثير والتأثر 1970 – 2011 " بعد كتاب "اليسار التونسي والقضية الفلسطينية 1947 – 1988 " في نوفمبر 2018 عن دار حشاد. وهو يحتوي على 483 صفحة وينقسم إلى خمسة فصول. وقد جاء الفصل الأول تحت عنوان "اليسار التونسي يسارات" والفصل الثاني "اليسارات التونسية وأحداث 26 جانفي 1978 " والفصل الثالث "من مؤتمر قفصة إلى الهجمة الجديدة ضد الاتحاد (1981 – 1987)" والفصل الرابع "التنازلات والانقسامات تضعف تأثير اليسارات في عشرية صعبة 1988 – 2000 " والفصل الخامس "من مؤتمر جربة إلى مؤتمر المنستير ومن انتفاضة الحوض المنجمي إلى سقوط جناح في السلطة".ينقسم كل فصل إلى مبحثين ثم ينقسم كل مبحث إلى عناوين فرعية.
وقد تم يوم السبت 14 ديسمبر 2024 تقديم مؤلف "اليسار والاتحاد العام التونسي للشغل التأثير والتأثر 1970 – 2011 " من قبل الأستاذ حبيب بن حمزة بالمكتبة الجهوية بصفاقس بتعاون بين إدارة المكتبة ودار علاء الدّين للنشر وجمعية أنفاس الثقافيّة.الحضور كان محترما ومتنوعا. رأينا من واكب الفترة التي تعرّض إليها الكاتب في مؤلفه وكان منخرطا صلب الاتحاد العام التونسي للشغل من أسلاك مختلفة كالتعليم والسكك الحديدية. وواكب تقديم المؤلف كذلك من كانوا في الفترة نفسها طلبة صلب الاتحاد العام لطلبة تونس يواصلون دراستهم الجامعية.
كانت التدخلات ثرية والقراءات متعدّدة لمحتوى الكتاب. أصرّت بعضها على الوقوف عند ما يتعرض له الشعب السوري الشقيق من هجوم بربري واحتلال همجي لأراضيه وانتهاكات سافرة لمقدراته العسكرية وممارسات عبثية لمقدساته وإرثه الثقافي بقيادة الكيان الصهيوني والولايات المتحدة الأمريكية وحلفائهما من الدول الغربية الاستعمارية والنظام ألإخواني العميل.
وعلى هامش هذا اللّقاء الفكري، أفادنا الأستاذ إبراهيم بن صالح المتفقد العام للتربية المتقاعد والمسؤول النقابي السابق مشكورا برأيه حول هذا الإصدار الجديد:
"الحقّ أنّي أقبلت على قراءة كتاب "اليسار والاتحاد العام التونسي للشغل التأثير والتأثر 1970 – 2011 " دفعة واحدة لاهتمامي بالشأن النقابي من ناحية، ولأنّي وجدت فيه بعض نفسي من ناحية ثانية، إذ كنت مسؤولا نقابيا في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي. هذا الكتاب عمل أكاديمي فريد في التأريخ لمنظمة الاتحاد العام التونسي للشغل. وتتمثّل فرادته في أنّه جاء كتابا جامعا لأبعاد كثيرة منها:
أولا: البعد التوثيقي، إذ جمع الكاتب مختلف الوثائق التي أنتجتها المنظمة طيلة تاريخها أي منذ تأسيسها وإلى غاية سنة 2011. وأعني بالوثائق جملة البيانات واللوائح الصادرة عن مختلف المؤتمرات التي عقدها الاتحاد والتي عبّر فيها جميعا وبحسب الظروف المختلفة عن سياساته الاجتماعية والاقتصادية وعن مواقف الطبقة الشغيلة السياسية من نظام الحكم سواء مع الرئيس بورقيبة أو مع الرئيس بن علي. ونظرا لهذه الميزة في الكتاب فإني أعتبره مرجعا مهما لا غنى عنه لكلّ النقابيات والنقابيين لأنّ النضال النقابي الواعي يقتضي الإحاطة بتاريخ المنظمة والوقوف على أهم المنعطفات التي اجتازتها في حياتها النضالية. وبما أنّ حياة الكتاب في قراءته فإني أنصح القائمين على شؤون المنظمة بالتشجيع على اقتناء الكتاب واتخاذه مادة حيوية في التكوين النقابي.
البعد التوثيقي لم يقتصر على مسيرة الاتحاد العام التونسي للشغل وحده، وإنما تجاوزه إلى التوثيق لليسار التونسي في نضالاته صلب هذه المنظمة فحقق بذلك غرضين: أوّلهما أنّه وثّق لحركات اليسار من خلال نصوصه ومنتجاته الفكرية مبرزا الفوارق بين هذه الحركات في مقارباتها للأوضاع السياسية العامة. وثانيهما أنّه عالج وبأسلوب علمي طرائق تعامل الحركات اليسارية مع القضايا النقابية متعرّضا إلى الخلفيات الحزبية التي كانت تسوس كلّ حركة في التعاطي مع هذه القضايا ، فبيّن بدقّة أوجه تأثّر اليسار باختيارات القيادات النقابية المختلفة كالاتصاف بالواقعية وحسن الإصغاء إلى صوت الشغيلة في ما ترفعه من شعارات والتقليص من التنظير غير المثمر ، مثلما بيّن بنفس الدقّة أوجه تأثير اليسار في توجهات المنظمة كدعم الممارسات الديمقراطية والتقليص من نزعة المركزية النقابية والارتقاء بالتحاليل السياسية للظواهر النقابية وتجويد اللوائح والبيانات التي تصدر عن المؤتمرات والاجتماعات المختلفة .
ثانيا: البعد التقويمي ، هو البعد الثاني والمهم في هذا الكتاب ، إذ أنّ الكاتب لم يكتف بالتأريخ والتوثيق ، وإنما ذهب إلى تقويم المواقف سواء لدى القيادات النقابية أو لدى حركات اليسار فبيّن أوجه الإصابة عند هذا الجانب أو ذاك مثلما بيّن أوجه الخطأ في المواقف سواء عند هذا الطرف او ذاك ،بل ذهب الكاتب إلى حدّ التشنيع ببعض القياديين اليساريين الذين تعاملوا مع المنظمة بانتهازية فجّة فانتقلوا من موقع المعارض الماركسي اللينيني المتطرّف إلى موقع المتماهي مع السلطة قلبا وقالبا. لقد عبّر الكاتب في هذا السياق عن جرأة كبيرة تتجاوز البعد الأكاديمي الذي أسس عليه الكتاب إلى البعد النضالي الذي كان يتصف به أيام كان منخرطا في منظمة " الشعلة" ، فكان تقويمه للمسالك والمنازع تقويما تاريخيا من جهة ولكنّه كان تقويم المناضل الملتزم الذي ظلّ وفيا لاختياراته أيام شبابه فكان التقويم في صيغة المحاسبة التي لا تلين وحقّ له ذلك.
ثالثا: البعد التنظيمي ، وأعني به أنّ الكاتب اهتمّ عن كثب بالجانب التنظيمي للاتحاد العام التونسي للشغل ، وتتبع مختلف التغيرات التنظيمية سواء في مستوى الهيكلة العامة أو في مستوى التنظيم النقابي القاعدي ، وفي تضاعيف هذه المعالجة لم يخف الكاتب مواقفه من بعض الخروقات التنظيمية بل وحتى الخروقات القانونية التي كانت سببا في الكثير من الخلافات النقابية والمحاكمات الحزبية في صلبه الأمر الذي أدّى إلى ضعف المنظمة وتقلّص مصداقيتها لدى المنخرطين فيها أو لدى السلطة الحاكمة نفسها ، وفي هذا الباب لم يبخل على القرّاء ببعض الاقتراحات التي من شأنها أن تساعد على حلّ المشاكل الطارئة.
وعلى العموم الكتاب جدير بالقراءة، قدّم فيه الكاتب إضافات نوعيّة مهمّة جدّا تصلح علامات على طريق كلّ تصحيح نقابي تحتاج إليه المنظمة في الوقت الحالي، جاء الكتاب مبوّبا تبويبا ميسورا وفي لغة سائغة بعيدة عن التكلّف قريبة من الأفهام تحصل بها الفكرة للقارئ من دون عناء ولا التباس، فشكرا للأستاذ رضا مقني على ما بذله من جهد علمي سيغني به المكتبة التاريخية عامة والمكتبة النقابية خاصة".
من جانب آخر، التقينا بالأستاذ نزار الناجي الخبير في العلاقات المهنية والقانون الاجتماعي الذي أدلى مشكورا بدلوه حول المؤلف:
" يُعتبر مؤلف "اليسار والاتحاد العام التونسي للشغل التأثير والتأثر 1970 – 2011 " مرجعًا هامًا لفهم العلاقة التاريخية بين الاتحاد العام التونسي للشغل (UGTT) والتيارات اليسارية في تونس. من خلال تحليل معمق، يسعى الكتاب إلى تقديم رؤية نقدية وموضوعية لهذه العلاقة التي تأثرت بسياقات سياسية واجتماعية مختلفة.
النقاط الأساسية التي يُبرزها الكتاب:
أولا، دور اليسار في تأسيس ودعم الاتحاد: يركز الكتاب على الدور الريادي لليسار التونسي، خاصة في المراحل الأولى من تأسيس الاتحاد. لقد كان اليسار دائمًا حاضراً كفكر وممارسة في نضالات الطبقة العاملة.
ثانيا،التوترات والصراعات الداخلية: يستعرض الكتاب الصراعات بين التيارات اليسارية من جهة والقيادات النقابية من جهة أخرى. كثيراً ما اتسمت هذه العلاقة بالتوتر بسبب تباين الأولويات بين المطالب الاجتماعية والرهانات السياسية.
ثالثا،التأثير السياسي: يتطرق الكاتب إلى كيفية استغلال الحكومات المتعاقبة للخلافات الداخلية داخل الاتحاد، ما أثر على استقلاليته ودوره الوطني.
رابعا،التحديات الحديثة: يناقش الدكتور مقني كيف تعاطى الاتحاد مع التحولات السياسية والاجتماعية بعد الثورة، ودور التيارات اليسارية في هذه المرحلة.
رأيي كخبير في إدارة الموارد البشرية: أهمية التحليل التاريخي للاتحاد: لفهم كيفية عمل مؤسسة نقابية كبرى مثل UGTT، من الضروري العودة إلى جذورها التاريخية. هذا يساعد الخبراء في الموارد البشرية على التعامل مع النقابات بعقلية أكثر إدراكًا لدورها وأهميتها. الكتاب كمصدر لتطوير السياسات الاجتماعية: يمكن للكتاب أن يكون دليلاً للمديرين والمسؤولين لفهم السياق النقابي وتوقع أنماط العمل والتفاوض مع النقابات، خاصة في المؤسسات الكبرى التي لديها علاقات مع UGTT. قيمة النقد البنّاء: تحليلات الكتاب توفر نموذجاً عن كيفية تحقيق توازن بين المصالح الاقتصادية والاجتماعية داخل المؤسسات، وهو أمر جوهري في إدارة الموارد البشرية.
عموما، يتسم الكتاب بعمق التحليل وغناه بالمعلومات التاريخية، ولكنه قد يحتاج إلى قراءة نقدية واعية لأنه يعبر عن وجهة نظر محددة. يُنصح به للمهتمين بتاريخ الحركة النقابية التونسية والعلاقة بين السياسة والعمل النقابي".
مصدّق الشّريف
صدر مؤلف "اليسار والاتحاد العام التونسي للشغل التأثير والتأثر 1970 – 2011 " للأستاذ رضا مقني الباحث في التاريخ المعاصر في شهر ديسمبر 2023 عن دار علاء الدين للنشر. والأستاذ رضا مقني متحصل على شهادة الماجستير سنة 2008 ببحث تحت عنوان "الاستعمار الفرنسي والمجال التونسي المنطقة العسكرية بالجنوب الشرقي أنموذجا 1881 – 1938 " وعلى شهادة الدكتوراه سنة 2016 ببحث تحت عنوان "حركة التعمير بالجنوب التونسي زمن الحماية 1881 – 1956 ". قدّم الكاتب عديد المداخلات في الملتقيات العلميّة. وصدرت له مقالات وبحوث علمية في مجلات "روافد" و"الفكر الجديد" و"المجلة التاريخية المغاربية" ومقالات سياسية واجتماعية بجريدة "الشارع المغاربي". بالإضافة إلى عديد المؤلّفات.
صدر مؤلف"اليسار والاتحاد العام التونسي للشغل التأثير والتأثر 1970 – 2011 " بعد كتاب "اليسار التونسي والقضية الفلسطينية 1947 – 1988 " في نوفمبر 2018 عن دار حشاد. وهو يحتوي على 483 صفحة وينقسم إلى خمسة فصول. وقد جاء الفصل الأول تحت عنوان "اليسار التونسي يسارات" والفصل الثاني "اليسارات التونسية وأحداث 26 جانفي 1978 " والفصل الثالث "من مؤتمر قفصة إلى الهجمة الجديدة ضد الاتحاد (1981 – 1987)" والفصل الرابع "التنازلات والانقسامات تضعف تأثير اليسارات في عشرية صعبة 1988 – 2000 " والفصل الخامس "من مؤتمر جربة إلى مؤتمر المنستير ومن انتفاضة الحوض المنجمي إلى سقوط جناح في السلطة".ينقسم كل فصل إلى مبحثين ثم ينقسم كل مبحث إلى عناوين فرعية.
وقد تم يوم السبت 14 ديسمبر 2024 تقديم مؤلف "اليسار والاتحاد العام التونسي للشغل التأثير والتأثر 1970 – 2011 " من قبل الأستاذ حبيب بن حمزة بالمكتبة الجهوية بصفاقس بتعاون بين إدارة المكتبة ودار علاء الدّين للنشر وجمعية أنفاس الثقافيّة.الحضور كان محترما ومتنوعا. رأينا من واكب الفترة التي تعرّض إليها الكاتب في مؤلفه وكان منخرطا صلب الاتحاد العام التونسي للشغل من أسلاك مختلفة كالتعليم والسكك الحديدية. وواكب تقديم المؤلف كذلك من كانوا في الفترة نفسها طلبة صلب الاتحاد العام لطلبة تونس يواصلون دراستهم الجامعية.
كانت التدخلات ثرية والقراءات متعدّدة لمحتوى الكتاب. أصرّت بعضها على الوقوف عند ما يتعرض له الشعب السوري الشقيق من هجوم بربري واحتلال همجي لأراضيه وانتهاكات سافرة لمقدراته العسكرية وممارسات عبثية لمقدساته وإرثه الثقافي بقيادة الكيان الصهيوني والولايات المتحدة الأمريكية وحلفائهما من الدول الغربية الاستعمارية والنظام ألإخواني العميل.
وعلى هامش هذا اللّقاء الفكري، أفادنا الأستاذ إبراهيم بن صالح المتفقد العام للتربية المتقاعد والمسؤول النقابي السابق مشكورا برأيه حول هذا الإصدار الجديد:
"الحقّ أنّي أقبلت على قراءة كتاب "اليسار والاتحاد العام التونسي للشغل التأثير والتأثر 1970 – 2011 " دفعة واحدة لاهتمامي بالشأن النقابي من ناحية، ولأنّي وجدت فيه بعض نفسي من ناحية ثانية، إذ كنت مسؤولا نقابيا في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي. هذا الكتاب عمل أكاديمي فريد في التأريخ لمنظمة الاتحاد العام التونسي للشغل. وتتمثّل فرادته في أنّه جاء كتابا جامعا لأبعاد كثيرة منها:
أولا: البعد التوثيقي، إذ جمع الكاتب مختلف الوثائق التي أنتجتها المنظمة طيلة تاريخها أي منذ تأسيسها وإلى غاية سنة 2011. وأعني بالوثائق جملة البيانات واللوائح الصادرة عن مختلف المؤتمرات التي عقدها الاتحاد والتي عبّر فيها جميعا وبحسب الظروف المختلفة عن سياساته الاجتماعية والاقتصادية وعن مواقف الطبقة الشغيلة السياسية من نظام الحكم سواء مع الرئيس بورقيبة أو مع الرئيس بن علي. ونظرا لهذه الميزة في الكتاب فإني أعتبره مرجعا مهما لا غنى عنه لكلّ النقابيات والنقابيين لأنّ النضال النقابي الواعي يقتضي الإحاطة بتاريخ المنظمة والوقوف على أهم المنعطفات التي اجتازتها في حياتها النضالية. وبما أنّ حياة الكتاب في قراءته فإني أنصح القائمين على شؤون المنظمة بالتشجيع على اقتناء الكتاب واتخاذه مادة حيوية في التكوين النقابي.
البعد التوثيقي لم يقتصر على مسيرة الاتحاد العام التونسي للشغل وحده، وإنما تجاوزه إلى التوثيق لليسار التونسي في نضالاته صلب هذه المنظمة فحقق بذلك غرضين: أوّلهما أنّه وثّق لحركات اليسار من خلال نصوصه ومنتجاته الفكرية مبرزا الفوارق بين هذه الحركات في مقارباتها للأوضاع السياسية العامة. وثانيهما أنّه عالج وبأسلوب علمي طرائق تعامل الحركات اليسارية مع القضايا النقابية متعرّضا إلى الخلفيات الحزبية التي كانت تسوس كلّ حركة في التعاطي مع هذه القضايا ، فبيّن بدقّة أوجه تأثّر اليسار باختيارات القيادات النقابية المختلفة كالاتصاف بالواقعية وحسن الإصغاء إلى صوت الشغيلة في ما ترفعه من شعارات والتقليص من التنظير غير المثمر ، مثلما بيّن بنفس الدقّة أوجه تأثير اليسار في توجهات المنظمة كدعم الممارسات الديمقراطية والتقليص من نزعة المركزية النقابية والارتقاء بالتحاليل السياسية للظواهر النقابية وتجويد اللوائح والبيانات التي تصدر عن المؤتمرات والاجتماعات المختلفة .
ثانيا: البعد التقويمي ، هو البعد الثاني والمهم في هذا الكتاب ، إذ أنّ الكاتب لم يكتف بالتأريخ والتوثيق ، وإنما ذهب إلى تقويم المواقف سواء لدى القيادات النقابية أو لدى حركات اليسار فبيّن أوجه الإصابة عند هذا الجانب أو ذاك مثلما بيّن أوجه الخطأ في المواقف سواء عند هذا الطرف او ذاك ،بل ذهب الكاتب إلى حدّ التشنيع ببعض القياديين اليساريين الذين تعاملوا مع المنظمة بانتهازية فجّة فانتقلوا من موقع المعارض الماركسي اللينيني المتطرّف إلى موقع المتماهي مع السلطة قلبا وقالبا. لقد عبّر الكاتب في هذا السياق عن جرأة كبيرة تتجاوز البعد الأكاديمي الذي أسس عليه الكتاب إلى البعد النضالي الذي كان يتصف به أيام كان منخرطا في منظمة " الشعلة" ، فكان تقويمه للمسالك والمنازع تقويما تاريخيا من جهة ولكنّه كان تقويم المناضل الملتزم الذي ظلّ وفيا لاختياراته أيام شبابه فكان التقويم في صيغة المحاسبة التي لا تلين وحقّ له ذلك.
ثالثا: البعد التنظيمي ، وأعني به أنّ الكاتب اهتمّ عن كثب بالجانب التنظيمي للاتحاد العام التونسي للشغل ، وتتبع مختلف التغيرات التنظيمية سواء في مستوى الهيكلة العامة أو في مستوى التنظيم النقابي القاعدي ، وفي تضاعيف هذه المعالجة لم يخف الكاتب مواقفه من بعض الخروقات التنظيمية بل وحتى الخروقات القانونية التي كانت سببا في الكثير من الخلافات النقابية والمحاكمات الحزبية في صلبه الأمر الذي أدّى إلى ضعف المنظمة وتقلّص مصداقيتها لدى المنخرطين فيها أو لدى السلطة الحاكمة نفسها ، وفي هذا الباب لم يبخل على القرّاء ببعض الاقتراحات التي من شأنها أن تساعد على حلّ المشاكل الطارئة.
وعلى العموم الكتاب جدير بالقراءة، قدّم فيه الكاتب إضافات نوعيّة مهمّة جدّا تصلح علامات على طريق كلّ تصحيح نقابي تحتاج إليه المنظمة في الوقت الحالي، جاء الكتاب مبوّبا تبويبا ميسورا وفي لغة سائغة بعيدة عن التكلّف قريبة من الأفهام تحصل بها الفكرة للقارئ من دون عناء ولا التباس، فشكرا للأستاذ رضا مقني على ما بذله من جهد علمي سيغني به المكتبة التاريخية عامة والمكتبة النقابية خاصة".
من جانب آخر، التقينا بالأستاذ نزار الناجي الخبير في العلاقات المهنية والقانون الاجتماعي الذي أدلى مشكورا بدلوه حول المؤلف:
" يُعتبر مؤلف "اليسار والاتحاد العام التونسي للشغل التأثير والتأثر 1970 – 2011 " مرجعًا هامًا لفهم العلاقة التاريخية بين الاتحاد العام التونسي للشغل (UGTT) والتيارات اليسارية في تونس. من خلال تحليل معمق، يسعى الكتاب إلى تقديم رؤية نقدية وموضوعية لهذه العلاقة التي تأثرت بسياقات سياسية واجتماعية مختلفة.
النقاط الأساسية التي يُبرزها الكتاب:
أولا، دور اليسار في تأسيس ودعم الاتحاد: يركز الكتاب على الدور الريادي لليسار التونسي، خاصة في المراحل الأولى من تأسيس الاتحاد. لقد كان اليسار دائمًا حاضراً كفكر وممارسة في نضالات الطبقة العاملة.
ثانيا،التوترات والصراعات الداخلية: يستعرض الكتاب الصراعات بين التيارات اليسارية من جهة والقيادات النقابية من جهة أخرى. كثيراً ما اتسمت هذه العلاقة بالتوتر بسبب تباين الأولويات بين المطالب الاجتماعية والرهانات السياسية.
ثالثا،التأثير السياسي: يتطرق الكاتب إلى كيفية استغلال الحكومات المتعاقبة للخلافات الداخلية داخل الاتحاد، ما أثر على استقلاليته ودوره الوطني.
رابعا،التحديات الحديثة: يناقش الدكتور مقني كيف تعاطى الاتحاد مع التحولات السياسية والاجتماعية بعد الثورة، ودور التيارات اليسارية في هذه المرحلة.
رأيي كخبير في إدارة الموارد البشرية: أهمية التحليل التاريخي للاتحاد: لفهم كيفية عمل مؤسسة نقابية كبرى مثل UGTT، من الضروري العودة إلى جذورها التاريخية. هذا يساعد الخبراء في الموارد البشرية على التعامل مع النقابات بعقلية أكثر إدراكًا لدورها وأهميتها. الكتاب كمصدر لتطوير السياسات الاجتماعية: يمكن للكتاب أن يكون دليلاً للمديرين والمسؤولين لفهم السياق النقابي وتوقع أنماط العمل والتفاوض مع النقابات، خاصة في المؤسسات الكبرى التي لديها علاقات مع UGTT. قيمة النقد البنّاء: تحليلات الكتاب توفر نموذجاً عن كيفية تحقيق توازن بين المصالح الاقتصادية والاجتماعية داخل المؤسسات، وهو أمر جوهري في إدارة الموارد البشرية.
عموما، يتسم الكتاب بعمق التحليل وغناه بالمعلومات التاريخية، ولكنه قد يحتاج إلى قراءة نقدية واعية لأنه يعبر عن وجهة نظر محددة. يُنصح به للمهتمين بتاريخ الحركة النقابية التونسية والعلاقة بين السياسة والعمل النقابي".