المختار مرعي عميد لذاكرة خصبة تشكلت من عزيمته في التّجاوز وآماله في النّجاح
محسن بن أحمد
تستور، المدينة الأندلسية العريقة الشامخة بتراثها الحضاري والثقافي والفني، لا تزال وستبقى على العهد مع المواعيد واللقاءات الثقافية الاستثنائية التي تكتب وتصوغ أروع اللوحات في المدونة الثقافية والأدبية والفكرية في تونس.
وتحتفي تستور اليوم الأحد 8 ديسمبر، بأحد أبنائها من رواد التأليف والكتابة الأدبية، الأستاذ المختار مرعي، تزامنًا مع عيد ميلاده الخامس والتسعين... ذكرى أرادها صاحبها ومن وراءه أهل الثقافة والفكر والفن بتستور أن تكون مناسبة للاحتفاء والاحتفال بصدور كتابه الجديد "كبار الحومة".
هذا اللقاء الأدبي والثقافي والاحتفائي تحتضنه بداية من العاشرة صباحًا اليوم الأحد 8 ديسمبر، دار الثقافة إبراهيم الرياحي بتستور.
لقاء ثقافي متنوع يتضمن العديد من المحطات، منها عرض شريط وثائقي يستعرض مسار البذل والعطاء والاجتهاد للمحتفى به، وشهادات حيّة من أبناء الكاتب وأصدقائه الذين عرفوه في محطات التدريس ومسؤوليات الكتابة العامة لكلية الطب بتونس وصولًا إلى نصوصه النقدية ومقالاته عن تستور وذكريات الأيام. مثلما تساهم فرقة الإنشاد والسلامية والمالوف بتستور بقيادة الشيخ الفنان بدر الدين جبيس في عرض فقرة متنوعة احتفاءً بالكاتب والحضور. ومن أبرز ضيوف اللقاء المشاركين نجد الدكتور شهاب والدكتور شمس الدين، نجلا مختار مرعي، والدكتور محمد الجويني، ابن تستور وعميد كلية الطب بتونس، والكاتب والشاعر مختار بن إسماعيل، ليكون اللقاء بعد ذلك مع الكاتب الروائي والإذاعي مراد البجاوي الذي سيقدم مداخلة تتضمن قراءة للإصدار الجديد للمحتفى به "كبار الحومة".
"كبار الحومة" … الذاكرة الحية
وفي حديثه عن "كبار الحومة"، الذي كتب مقدمته، أشار الكاتب الروائي مراد البجاوي إلى أن:
"من يتصفّح نصوص الكاتب الأستاذ المختار مرعي يستكشف ويقارن ويبحث عن تصنيف ملائم للمضمون. إذ تلوح للقارئ بعد احتواء في تأنٍّ، كأنّها خواطر تارة، وسرعان ما تراوده الفكرة إن كانت مقالات طورًا، بل لعلّها أقرب إلى مذكّرات موغلة في زمكانية البوح المعتّق بحفيف الذاكرة. وفي الأخير، يجد نفسه إزاء هذا الكلّ، والاهتداء إلى عنوان هذا التنوّع السردي المتوكّئ على برزخ أراده السارد المتذكّر أنوار المعشر في الحياة وحياة النور في المعشر. فالأستاذ مختار مرعي - والكلام لمراد البجاوي - خرّيج دار المعلّمين بتونس وكلّية الآداب، مكتسب للغة حرون متجاوزة لكلّ مطبّات النّسيان، ومستحوذ على مشهديّة المعاني المتلألئة من ضياء معجم الجيل الذهبي، ومحيط بفيض هائل من متون الذكريات. تلك الذكريات المشدودة دقة وتفصيلًا وتأصيلًا في الذات المتمرّدة على النسيان والمحرّكة لأسباب التواصل مهما تحاول عتبات السنين العميقة أن تنتزع منه عبق الحنين ووفاء الأقربين ووهج الأمكنة. فالعلاقة علاقتان، والمبدأ مبدآن، والواقع واقعان. إنها العلاقة المتجذّرة أولًا في المكان، مكان المولد والمنشأ، ذاك الذي رسم من ربيعه أروع صلة بمدينته المعشوقة تستور الأندلسية. وأما ثانيًا، فهي تلك العلاقة التي أترعتها الأيام حلاوة من صدق وصدقًا من إباء، كيف لا؟ ومختار مرعي يشيّد صرح المكان برفقاء درب، كلما تذكّر مسعاهم حنّ حنين الأطيار إلى ملقاهم."
ورأى الكاتب مراد البجاوي في المحتفى به من خلال "كبار الحومة" عميدًا لذاكرة خصبة راوحت بين واقعين قد تشكّلا من عزيمته في التّجاوز وآماله في النجاح ورهانه على تحقيق الإفادة. واقع انبنى على ضرورات البناء وتحقيق الذات لدرب الحياة في إقدام ومسؤولية، وآخر بوّأه المكانة العليّة للاستثمار من خبرته وعلمه وتجربته الممتدّة للإقبال بكلّ جدّ على العمل الدؤوب والاجتهاد في الإفادة بروح طافحة حبًا للحياة، مداراتها عائلة متأصّلة ومتجذّرة، وأصدقاء ورفقاء تعاهدوا على صون الذاكرة، ووطن آلى ألاّ ينكر له فضلًا وأن يظلّ على عهده صائنًا لذكره الجميل وداعيًا إلى التفاني في خدمته وإعلاء رايته والتوق إلى الارتقاء به إلى واقع أفضل.
وخلص مراد البجاوي إلى أن الذاكرة تتربع على عرش مملكة الصيرورة الممتدة في كتاب "كبار الحومة"، ذلك أن الأمكنة ترسل أشعة ضياء إلى تلك الديار العامرة، والعلاقات تحكي صدقها وبساطتها، والأحلام تراود كل تائق إلى بستان التذكر الجميل عسى أن يستردّ شيئًا من أنفاس الطمأنينة العائمة في لجّ الذكريات المنقوشة من ذهب، المستأثرة بالأرب، الحائزة شرعة من حبّ وأدب والصامدة في مواجهة الزمن في بهاء وحبب.
المختار مرعي: من يكون؟
هو من مواليد تستور سنة 1929. تحصّل على الشهادة الابتدائية ثم التحق بالتعليم الإعدادي وبعده الثانوي بدار المعلّمين بتونس، وأحرز على البروفاي (Brevet)، ثم على دبلوم ختم الدروس الثانوية.
أحرز على شهادة الكفاءة البيداغوجية، وتخرّج معلمًا مترسّمًا سنة 1950.
عيّنته الإدارة الفرنسية مدير مدرسة في الكريب وحفّوز وأوتيك.
عاد إلى قاعات الدراسة في الجامعة كطالب وتحصّل على الإجازة.
تحصّل على وسام الشغل وارتقى إلى رتبة متصرف عام رئيس.
نشط في الكشافة التونسية والمصائف والجولات.
نشر مقالات في الصحافة باللغتين العربية والفرنسية.
غلاف الكتاب
المختار مرعي عميد لذاكرة خصبة تشكلت من عزيمته في التّجاوز وآماله في النّجاح
محسن بن أحمد
تستور، المدينة الأندلسية العريقة الشامخة بتراثها الحضاري والثقافي والفني، لا تزال وستبقى على العهد مع المواعيد واللقاءات الثقافية الاستثنائية التي تكتب وتصوغ أروع اللوحات في المدونة الثقافية والأدبية والفكرية في تونس.
وتحتفي تستور اليوم الأحد 8 ديسمبر، بأحد أبنائها من رواد التأليف والكتابة الأدبية، الأستاذ المختار مرعي، تزامنًا مع عيد ميلاده الخامس والتسعين... ذكرى أرادها صاحبها ومن وراءه أهل الثقافة والفكر والفن بتستور أن تكون مناسبة للاحتفاء والاحتفال بصدور كتابه الجديد "كبار الحومة".
هذا اللقاء الأدبي والثقافي والاحتفائي تحتضنه بداية من العاشرة صباحًا اليوم الأحد 8 ديسمبر، دار الثقافة إبراهيم الرياحي بتستور.
لقاء ثقافي متنوع يتضمن العديد من المحطات، منها عرض شريط وثائقي يستعرض مسار البذل والعطاء والاجتهاد للمحتفى به، وشهادات حيّة من أبناء الكاتب وأصدقائه الذين عرفوه في محطات التدريس ومسؤوليات الكتابة العامة لكلية الطب بتونس وصولًا إلى نصوصه النقدية ومقالاته عن تستور وذكريات الأيام. مثلما تساهم فرقة الإنشاد والسلامية والمالوف بتستور بقيادة الشيخ الفنان بدر الدين جبيس في عرض فقرة متنوعة احتفاءً بالكاتب والحضور. ومن أبرز ضيوف اللقاء المشاركين نجد الدكتور شهاب والدكتور شمس الدين، نجلا مختار مرعي، والدكتور محمد الجويني، ابن تستور وعميد كلية الطب بتونس، والكاتب والشاعر مختار بن إسماعيل، ليكون اللقاء بعد ذلك مع الكاتب الروائي والإذاعي مراد البجاوي الذي سيقدم مداخلة تتضمن قراءة للإصدار الجديد للمحتفى به "كبار الحومة".
"كبار الحومة" … الذاكرة الحية
وفي حديثه عن "كبار الحومة"، الذي كتب مقدمته، أشار الكاتب الروائي مراد البجاوي إلى أن:
"من يتصفّح نصوص الكاتب الأستاذ المختار مرعي يستكشف ويقارن ويبحث عن تصنيف ملائم للمضمون. إذ تلوح للقارئ بعد احتواء في تأنٍّ، كأنّها خواطر تارة، وسرعان ما تراوده الفكرة إن كانت مقالات طورًا، بل لعلّها أقرب إلى مذكّرات موغلة في زمكانية البوح المعتّق بحفيف الذاكرة. وفي الأخير، يجد نفسه إزاء هذا الكلّ، والاهتداء إلى عنوان هذا التنوّع السردي المتوكّئ على برزخ أراده السارد المتذكّر أنوار المعشر في الحياة وحياة النور في المعشر. فالأستاذ مختار مرعي - والكلام لمراد البجاوي - خرّيج دار المعلّمين بتونس وكلّية الآداب، مكتسب للغة حرون متجاوزة لكلّ مطبّات النّسيان، ومستحوذ على مشهديّة المعاني المتلألئة من ضياء معجم الجيل الذهبي، ومحيط بفيض هائل من متون الذكريات. تلك الذكريات المشدودة دقة وتفصيلًا وتأصيلًا في الذات المتمرّدة على النسيان والمحرّكة لأسباب التواصل مهما تحاول عتبات السنين العميقة أن تنتزع منه عبق الحنين ووفاء الأقربين ووهج الأمكنة. فالعلاقة علاقتان، والمبدأ مبدآن، والواقع واقعان. إنها العلاقة المتجذّرة أولًا في المكان، مكان المولد والمنشأ، ذاك الذي رسم من ربيعه أروع صلة بمدينته المعشوقة تستور الأندلسية. وأما ثانيًا، فهي تلك العلاقة التي أترعتها الأيام حلاوة من صدق وصدقًا من إباء، كيف لا؟ ومختار مرعي يشيّد صرح المكان برفقاء درب، كلما تذكّر مسعاهم حنّ حنين الأطيار إلى ملقاهم."
ورأى الكاتب مراد البجاوي في المحتفى به من خلال "كبار الحومة" عميدًا لذاكرة خصبة راوحت بين واقعين قد تشكّلا من عزيمته في التّجاوز وآماله في النجاح ورهانه على تحقيق الإفادة. واقع انبنى على ضرورات البناء وتحقيق الذات لدرب الحياة في إقدام ومسؤولية، وآخر بوّأه المكانة العليّة للاستثمار من خبرته وعلمه وتجربته الممتدّة للإقبال بكلّ جدّ على العمل الدؤوب والاجتهاد في الإفادة بروح طافحة حبًا للحياة، مداراتها عائلة متأصّلة ومتجذّرة، وأصدقاء ورفقاء تعاهدوا على صون الذاكرة، ووطن آلى ألاّ ينكر له فضلًا وأن يظلّ على عهده صائنًا لذكره الجميل وداعيًا إلى التفاني في خدمته وإعلاء رايته والتوق إلى الارتقاء به إلى واقع أفضل.
وخلص مراد البجاوي إلى أن الذاكرة تتربع على عرش مملكة الصيرورة الممتدة في كتاب "كبار الحومة"، ذلك أن الأمكنة ترسل أشعة ضياء إلى تلك الديار العامرة، والعلاقات تحكي صدقها وبساطتها، والأحلام تراود كل تائق إلى بستان التذكر الجميل عسى أن يستردّ شيئًا من أنفاس الطمأنينة العائمة في لجّ الذكريات المنقوشة من ذهب، المستأثرة بالأرب، الحائزة شرعة من حبّ وأدب والصامدة في مواجهة الزمن في بهاء وحبب.
المختار مرعي: من يكون؟
هو من مواليد تستور سنة 1929. تحصّل على الشهادة الابتدائية ثم التحق بالتعليم الإعدادي وبعده الثانوي بدار المعلّمين بتونس، وأحرز على البروفاي (Brevet)، ثم على دبلوم ختم الدروس الثانوية.
أحرز على شهادة الكفاءة البيداغوجية، وتخرّج معلمًا مترسّمًا سنة 1950.
عيّنته الإدارة الفرنسية مدير مدرسة في الكريب وحفّوز وأوتيك.
عاد إلى قاعات الدراسة في الجامعة كطالب وتحصّل على الإجازة.
تحصّل على وسام الشغل وارتقى إلى رتبة متصرف عام رئيس.