إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

العنف الزوجي يمثّل أعلى نسبة.. تصاعد وتيرة العنف المسلط على النساء

تونس- الصباح 

تؤكد مختلف الأرقام الصادرة عن الجهات الرسمية، من وزارة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن أو تلك الصادرة عن منظمات المجتمع المدني، أن العنف المسلط على النساء يسجل تصاعدا دوريا، وتعرف ظاهرة قتل النساء ارتفاعا وتزايدا واضحا في السنوات الأخيرة.

ولم ينجح القانون الأساسي عدد 58 أو الحملات الوطنية في التخفيض من نسق العنف المسجل.

وتنطلق الـ16 يوما لمناهضة العنف ضد المرأة وسط حضور ضعيف لوزارة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن، فحتى برنامجها لهذا العام امتنعت الوزارة عن تقديمه لـ"الصباح" رغم محاولاتها المتعددة منذ بداية الحملة الحصول عليه.

ولا توجد أرقام جديدة في خصوص إشعارات العنف أو حالات تقتيل النساء المسجلة. 

في المقابل تعمل منظمات المجتمع المدني على جملة من الحملات التحسيسية والتوعية على امتداد الـ16 يوما التي انطلقت يوم 25 نوفمبر الماضي وتتواصل إلى غاية العاشر من ديسمبر تاريخ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

وتواجه النساء المعنفات باختلاف مستوياتهن التعليمية وسنهن، صعوبات وإشكاليات كبيرة في الولوج إلى العدالة والصحة بالأساس وهو أمر أكدته دراسة قامت بها "الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات" و"الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان" و"رابطة الناخبات التونسيات"، وتناولت وضعية 50 امرأة ضحية عنف عن ولايات الشمال الغري، الكاف وجندوبة وباجة وسليانة وولايات الوسط القيروان وسوسة وولايات الجنوب مدنين وقابس وقبلي وتطاوين. وبينت الدراسة أن حضور وزارة المرأة في قضايا العنف لا يتجاوز الـ6% وتكون وزارة الشؤون الاجتماعية شبه مغيبة إذ حضرت في أذهان 2% فقط من العينة ويعنى المسار القضائي بنسبة 10% في الوقت الذي تتجه فيه ضحايا العنف بنسبة 58% للمؤسسات الاستشفائية. ورغم مسؤولية مؤسسات وزارة الأسرة في علاقة بمسألة العنف وضحايا العنف، لا يذكر اغلب المستجوبات أنهن التجأن أو توجهن إلى اللجان المختصة في مكافحة العنف المسلط على النساء، وتقتصر خدمات الوزارة على التوجيه والإرشاد فقط.

وتصف في نفس الدراسة أكثر من 50% من ضحايا العنف، الخدمات المقدمة من قبل الفرق الأمنية بالسيئة وتتهمها بالتعاطف مع الرجال ودعمهم، مع عدم احترام مسار التقاضي وفي العديد من المرات يجبرن النساء على التنازل على القضايا مقابل عدم التشبث بالحق العام كما ينص القانون، كما أنهن يكتشفن تبخر وثائق محددة في القضية أو تغيير في القضية من عنف إلى اعتداء على أملاك الغير وفق قولهن.. وهنا تصنف 40% من المستجوبات المسار القضائي بالسيئ في الوقت الذي تكون فيه 30% فقط منهن راضين عن مسار التقاضي ويعتبرن أن القاضية كانت إنسانية ومتفهمة معهن.

وتسبب ضعف تطبيقات القانون عدد 58 وتردي نوع الخدمات التي تنتفع منها النساء ضحايا العنف من قبل الهياكل والمؤسسات المعنية في الدولة، في تخلي 36% من النساء عن المسار القضائي. ويكون القصور المادي وارتفاع كلفة التقاضي احد ابرز أسباب عدم التجاء ضحايا العنف إلى القضاء.

وكشف المعهد الوطني للإحصاء السنة الماضية 2023، في أول مسح يصدر عنه في علاقة بالعنف المسلط على النساء، أن 84.7% من مجموع 10898 امرأة تم استجوابهن اعترفن بتعرضهن للتعنيف مرة واحدة على الأقل بداية من سن الخامسة عشرة.

وأضاف المعهد خلال ندوة صحفية عقدها بالاشتراك مع صندوق الأمم المتحدة للسكان بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للمرأة الموافق لـ8 مارس، أن 57.1 بالمائة من النساء المستجوبات أكدن تعرضهن خلال سنة 2021 للعنف بمختلف أشكاله.

وأكد المعهد أن المسح الوطني حول العنف المسلط على المرأة شمل 11.610 أسر تنتمي إلى مختلف المناطق الحضرية وغير الحضرية في البلاد وأن أعمار النساء المستجوبات تتراوح بين 15 و74 سنة.

وأفاد بأن العنف المعنوي (عنف نفسي وعنف لفظي) احتل المركز الأول على مستوى أشكال العنف المسلط على المرأة بـتعرّض 49.3 بالمائة من النساء المستجوبات له، لافتا إلى أن العنف الجنسي كان بنسبة 15.6 بالمائة وإلى أن العنف الاقتصادي بنسبة 11.4 بالمائة والعنف المادي بنسبة 5.3 بالمائة.

وبيّن معهد الإحصاء أن 42.7 بالمائة من النساء المتزوجات أو المطلقات أو الأرامل تعرضن للتعنيف مرة على الأقل من قبل أزواجهن أو أزواجهن السابقين وأن النساء الأكثر عرضة للعنف هن الفتيات الشابات والنساء المتحصلات على مستوى متقدم من التعليم والمندمجات في الحياة الاقتصادية والاجتماعية، مشيرا إلى أن ثلث النساء المستجوبات أكدن أنهن كن ضحايا أحد أشكال التحرش الجنسي.

وفي انتظار الإحصائيات والأرقام المحينة لهذه السنة، تجدر الإشارة إلى أن وزارة الأسرة قد أكدت في أكثر من بيان لها، أن العنف ضدّ النساء في تونس في ارتفاع في السنوات الأخيرة وأن العنف الزوجي بات يمثّل أعلى نسبة من أشكال العنف المسجّلة.  وتكشف الإشعارات التي تصلها عبر الخط الأخضر أن 71% من العنف المسلط على النساء هو عنف زوجي. ويشمل العنف مختلف الفئات العمرية والتعليمية، ويتصل بأشكال مختلفة الجسدي واللفظي والاقتصادي والجنسي والمادي.. وتقول الوزارة انه يمكن لحالة عنف واحدة أن تشمل أكثر من شكل واحد من أشكال العنف.

وارتفع منسوب العنف المسلط على النساء خلال السنوات الأخيرة حسب جمعية أصوات نساء وتزايدت فيه جرائم قتل النساء، التي بلغ عددها 13 جريمة حتى تاريخ 9 أوت 2024. وقد عزّز هذا المناخ التسامح والتطبيع مع العنف القائم على النوع الاجتماعي، وعمّق حالة الإفلات من العقاب، وغيّب السياسات الناجعة التي من شأنها أن تكافح هذه الظاهرة وتحمي النساء وتتعهد بهن طبقا لما جاء في الدستور وفي القانون عدد 58-2017.

وتشير الأرقام إلى تضاعف عدد حالات قتل النساء في تونس 6 مرات بين سنة 2018 والى حدود سنة 2024، مع تسجيل لـ 27 حالة تقتيل للنساء سنة 2023.

وتدق الجمعيات النسوية في تونس ناقوس الخطر وتحذر من تواصل السكوت على آفة قتل النساء وما يتعرضن له من عنف في الفضاء العام والخاص، وتعتبر أن تبعاته ستكون مدمرة على الأفراد والأسرة والمجتمع التونسي ككل. 

وللإشارة حسب موقع الأمم المتحدة مازال العنف المسلط على المرأة والفتاة واحدا من أكثر انتهاكات حقوق الإنسان شيوعا في العالم. وتشير التقديرات إلى أن 736 مليون امرأة على مستوى العالم، أي واحدة من كل ثلاث نساء تقريبا، كن ضحايا لعنف جسدي أو جنسي ولو مرة واحدة على الأقل في حياتهن. وتتفاقم هذه الآفة في بيئات مختلفة، بما في ذلك أماكن العمل والمساحات عبر الإنترنت.

وكشف تقرير أممي جديد أن 60% من جميع جرائم قتل الإناث في العالم يرتكبها شركاء حميمون أو أفراد آخرون من الأسرة. وأكد أن العنف ضد المرأة لا يزال منتشرا على نطاق واسع، بما في ذلك في أكثر مظاهره تطرفا، وهو قتل الإناث، وهي ظاهرة عالمية تتجاوز الحدود والوضع الاجتماعي والاقتصادي والفئات العمرية

وقال التقرير إنه في عام 2023 سجلت إفريقيا أعلى معدلات قتل النساء على يد الشريك الحميم والأسرة، تليها الأمريكتان وأوقيانوسيا.

ريم سوودي

العنف الزوجي يمثّل أعلى نسبة.. تصاعد وتيرة العنف المسلط على النساء

تونس- الصباح 

تؤكد مختلف الأرقام الصادرة عن الجهات الرسمية، من وزارة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن أو تلك الصادرة عن منظمات المجتمع المدني، أن العنف المسلط على النساء يسجل تصاعدا دوريا، وتعرف ظاهرة قتل النساء ارتفاعا وتزايدا واضحا في السنوات الأخيرة.

ولم ينجح القانون الأساسي عدد 58 أو الحملات الوطنية في التخفيض من نسق العنف المسجل.

وتنطلق الـ16 يوما لمناهضة العنف ضد المرأة وسط حضور ضعيف لوزارة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن، فحتى برنامجها لهذا العام امتنعت الوزارة عن تقديمه لـ"الصباح" رغم محاولاتها المتعددة منذ بداية الحملة الحصول عليه.

ولا توجد أرقام جديدة في خصوص إشعارات العنف أو حالات تقتيل النساء المسجلة. 

في المقابل تعمل منظمات المجتمع المدني على جملة من الحملات التحسيسية والتوعية على امتداد الـ16 يوما التي انطلقت يوم 25 نوفمبر الماضي وتتواصل إلى غاية العاشر من ديسمبر تاريخ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

وتواجه النساء المعنفات باختلاف مستوياتهن التعليمية وسنهن، صعوبات وإشكاليات كبيرة في الولوج إلى العدالة والصحة بالأساس وهو أمر أكدته دراسة قامت بها "الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات" و"الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان" و"رابطة الناخبات التونسيات"، وتناولت وضعية 50 امرأة ضحية عنف عن ولايات الشمال الغري، الكاف وجندوبة وباجة وسليانة وولايات الوسط القيروان وسوسة وولايات الجنوب مدنين وقابس وقبلي وتطاوين. وبينت الدراسة أن حضور وزارة المرأة في قضايا العنف لا يتجاوز الـ6% وتكون وزارة الشؤون الاجتماعية شبه مغيبة إذ حضرت في أذهان 2% فقط من العينة ويعنى المسار القضائي بنسبة 10% في الوقت الذي تتجه فيه ضحايا العنف بنسبة 58% للمؤسسات الاستشفائية. ورغم مسؤولية مؤسسات وزارة الأسرة في علاقة بمسألة العنف وضحايا العنف، لا يذكر اغلب المستجوبات أنهن التجأن أو توجهن إلى اللجان المختصة في مكافحة العنف المسلط على النساء، وتقتصر خدمات الوزارة على التوجيه والإرشاد فقط.

وتصف في نفس الدراسة أكثر من 50% من ضحايا العنف، الخدمات المقدمة من قبل الفرق الأمنية بالسيئة وتتهمها بالتعاطف مع الرجال ودعمهم، مع عدم احترام مسار التقاضي وفي العديد من المرات يجبرن النساء على التنازل على القضايا مقابل عدم التشبث بالحق العام كما ينص القانون، كما أنهن يكتشفن تبخر وثائق محددة في القضية أو تغيير في القضية من عنف إلى اعتداء على أملاك الغير وفق قولهن.. وهنا تصنف 40% من المستجوبات المسار القضائي بالسيئ في الوقت الذي تكون فيه 30% فقط منهن راضين عن مسار التقاضي ويعتبرن أن القاضية كانت إنسانية ومتفهمة معهن.

وتسبب ضعف تطبيقات القانون عدد 58 وتردي نوع الخدمات التي تنتفع منها النساء ضحايا العنف من قبل الهياكل والمؤسسات المعنية في الدولة، في تخلي 36% من النساء عن المسار القضائي. ويكون القصور المادي وارتفاع كلفة التقاضي احد ابرز أسباب عدم التجاء ضحايا العنف إلى القضاء.

وكشف المعهد الوطني للإحصاء السنة الماضية 2023، في أول مسح يصدر عنه في علاقة بالعنف المسلط على النساء، أن 84.7% من مجموع 10898 امرأة تم استجوابهن اعترفن بتعرضهن للتعنيف مرة واحدة على الأقل بداية من سن الخامسة عشرة.

وأضاف المعهد خلال ندوة صحفية عقدها بالاشتراك مع صندوق الأمم المتحدة للسكان بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للمرأة الموافق لـ8 مارس، أن 57.1 بالمائة من النساء المستجوبات أكدن تعرضهن خلال سنة 2021 للعنف بمختلف أشكاله.

وأكد المعهد أن المسح الوطني حول العنف المسلط على المرأة شمل 11.610 أسر تنتمي إلى مختلف المناطق الحضرية وغير الحضرية في البلاد وأن أعمار النساء المستجوبات تتراوح بين 15 و74 سنة.

وأفاد بأن العنف المعنوي (عنف نفسي وعنف لفظي) احتل المركز الأول على مستوى أشكال العنف المسلط على المرأة بـتعرّض 49.3 بالمائة من النساء المستجوبات له، لافتا إلى أن العنف الجنسي كان بنسبة 15.6 بالمائة وإلى أن العنف الاقتصادي بنسبة 11.4 بالمائة والعنف المادي بنسبة 5.3 بالمائة.

وبيّن معهد الإحصاء أن 42.7 بالمائة من النساء المتزوجات أو المطلقات أو الأرامل تعرضن للتعنيف مرة على الأقل من قبل أزواجهن أو أزواجهن السابقين وأن النساء الأكثر عرضة للعنف هن الفتيات الشابات والنساء المتحصلات على مستوى متقدم من التعليم والمندمجات في الحياة الاقتصادية والاجتماعية، مشيرا إلى أن ثلث النساء المستجوبات أكدن أنهن كن ضحايا أحد أشكال التحرش الجنسي.

وفي انتظار الإحصائيات والأرقام المحينة لهذه السنة، تجدر الإشارة إلى أن وزارة الأسرة قد أكدت في أكثر من بيان لها، أن العنف ضدّ النساء في تونس في ارتفاع في السنوات الأخيرة وأن العنف الزوجي بات يمثّل أعلى نسبة من أشكال العنف المسجّلة.  وتكشف الإشعارات التي تصلها عبر الخط الأخضر أن 71% من العنف المسلط على النساء هو عنف زوجي. ويشمل العنف مختلف الفئات العمرية والتعليمية، ويتصل بأشكال مختلفة الجسدي واللفظي والاقتصادي والجنسي والمادي.. وتقول الوزارة انه يمكن لحالة عنف واحدة أن تشمل أكثر من شكل واحد من أشكال العنف.

وارتفع منسوب العنف المسلط على النساء خلال السنوات الأخيرة حسب جمعية أصوات نساء وتزايدت فيه جرائم قتل النساء، التي بلغ عددها 13 جريمة حتى تاريخ 9 أوت 2024. وقد عزّز هذا المناخ التسامح والتطبيع مع العنف القائم على النوع الاجتماعي، وعمّق حالة الإفلات من العقاب، وغيّب السياسات الناجعة التي من شأنها أن تكافح هذه الظاهرة وتحمي النساء وتتعهد بهن طبقا لما جاء في الدستور وفي القانون عدد 58-2017.

وتشير الأرقام إلى تضاعف عدد حالات قتل النساء في تونس 6 مرات بين سنة 2018 والى حدود سنة 2024، مع تسجيل لـ 27 حالة تقتيل للنساء سنة 2023.

وتدق الجمعيات النسوية في تونس ناقوس الخطر وتحذر من تواصل السكوت على آفة قتل النساء وما يتعرضن له من عنف في الفضاء العام والخاص، وتعتبر أن تبعاته ستكون مدمرة على الأفراد والأسرة والمجتمع التونسي ككل. 

وللإشارة حسب موقع الأمم المتحدة مازال العنف المسلط على المرأة والفتاة واحدا من أكثر انتهاكات حقوق الإنسان شيوعا في العالم. وتشير التقديرات إلى أن 736 مليون امرأة على مستوى العالم، أي واحدة من كل ثلاث نساء تقريبا، كن ضحايا لعنف جسدي أو جنسي ولو مرة واحدة على الأقل في حياتهن. وتتفاقم هذه الآفة في بيئات مختلفة، بما في ذلك أماكن العمل والمساحات عبر الإنترنت.

وكشف تقرير أممي جديد أن 60% من جميع جرائم قتل الإناث في العالم يرتكبها شركاء حميمون أو أفراد آخرون من الأسرة. وأكد أن العنف ضد المرأة لا يزال منتشرا على نطاق واسع، بما في ذلك في أكثر مظاهره تطرفا، وهو قتل الإناث، وهي ظاهرة عالمية تتجاوز الحدود والوضع الاجتماعي والاقتصادي والفئات العمرية

وقال التقرير إنه في عام 2023 سجلت إفريقيا أعلى معدلات قتل النساء على يد الشريك الحميم والأسرة، تليها الأمريكتان وأوقيانوسيا.

ريم سوودي