"مشروع قانون المالية لسنة 2025: كيف نعيد توزيع العبء الجبائي؟"، سؤال طرحه "المرصد التونسي للاقتصاد" بحضور ثلة من الخبراء خاصة وأن أصنافا محددة شملها الترفيع في الضريبة، واثر التنقيح الجديد لجدول الضريبة على الدخل للأشخاص الطبيعيين، حيث أصبحت تصاعدية.
وفي هذا الإطار، أفادت سحر فضيلة محللة سياسات مالية عمومية بـ"المرصد التونسي للاقتصاد"، خلال الندوة الصحفية التي نظمها المرصد أمس أن التغيرات الجبائية المطروحة في مشروع قانون المالية 2025 ليست نفسها التي اعتدنا عليها طيلة السنوات الفارطة، حيث كانت دائما دعوات لتقليص نسب الضريبة على الشركات بهدف تحفيز الاستثمار للحد من تصاعدية الضريبة على الأشخاص لتيسير استخلاصها بالنسبة لإدارة الجباية، بينما ما حدث توجه مغاير نحو أكثر تصاعدية للضريبة ونحو الترفيع في الضريبة على الشركات وهي مسألة سبق وأن دعا إليها "المرصد التونسي للاقتصاد" والعديد من الفاعلين الاقتصاديين والمدافعين عن العدالة الجبائية.
ووفق رؤية المرصد التونسي، فإن العبء الجبائي في تونس يتحمله الأفراد والأشخاص أكثر مما تتحمله الشركات وما طرأ على الضريبة على الشركات من تخفيضات في 2014 وفي 2021 جعل الشركات لا تؤدي نصيبها العادل من الضريبة.
واستحسن "المرصد التونسي للاقتصاد"، بحسب سحر فضيلة التوجه نحو الترفيع في هذه الضريبة في النسخة الأولى من مشروع قانون مالية 2025، حيث كانت هناك دعوة لضريبة تصاعدية على الشركات بناء على رقم المعاملات، بينما في النسخة الجديدة من مشروع قانون المالية كان هناك توجه إلى نسبة عامة للضريبة على الشركات بناء على الأرباح وأصبحت 20 بالمائة بعد أن كانت في النسخة الأولى ضريبة تصاعدية متفاوتة 15 و20 و25 بالمائة بناء على رقم المعاملات، وهو تراجع عن الخطوة الايجابية التي اتخذتها الحكومة، إذ أن النسب المطروحة تبقى ضئيلة مقارنة بالنسبة العالمية الموجودة والمعمول بها في العديد من الدول.
وأكدت محللة السياسات المالية العمومية بـ"المرصد التونسي للاقتصاد" أنه يجب التنصيص على ضريبة تصاعدية حتى تساهم كل شركة في مجال الضرائب حسب رقم معاملاتها.
وورد في مشروع قانون المالية 2025 في نسخته الثانية، المحافظة على زيادة نسبة الضريبة بالنسبة للبنوك والمؤسسات المالية ومؤسسات التأمين لتصل إلى 40 بالمائة، كما تم اقتراح في ذات المشروع ضريبة دنيا حسب نسب الضريبة المستوجبة.
وقدّم "المرصد التونسي للاقتصاد"، في هذا السياق، مقترحين الأول المحافظة على معدل ضريبة مستهدف بنسبة 15 بالمائة للشركات الصغيرة والمتوسطة والتنصيص على نسب تصاعدية للكيانات الأكبر بناء على الأرباح السنوية التي تحققها.
والمقترح الثاني هو الترفيع في النسبة العامة للضريبة على الشركات نحو 25 بالمائة مع تخصيص نسبة 15 بالمائة للشركات الصغرى والمتوسطة التي لا يتجاوز رقم معاملاتها السنوي 5 ملايين دينار.
واعتبر المرصد أن العودة إلى تطبيق هذه النسبة العامة يجعل تونس متجانسة مع المعايير العالمية وهو ما ينأى بنا عن الوقوع في التنافس الضريبي الضار.
وحسب المرصد التونسي للاقتصاد فإن واقع السياسات الجبائية المتعاقبة عزز اختلال توزيع العبء الجبائي، فعلى الرغم من مستوى الضغط الجبائي الذي بلغ نسبة 25 بالمائة سنة 2024 يشهد توزيع الموارد الجبائية عدم توازن مستمر، حيث تساهم الضريبة على الدخل والأداء على القيمة المضافة بأكثر من نصف الموارد الجبائية.
التحوير في جدول الضريبة على الدخل "مهم"
من جهته، أفاد أمين بوزيان باحث في السياسات المالية العمومية بـ"مركز علي بن غذاهم للعدالة الجبائية"، أن مشروع مالية سنة 2025 شهد تحويرا في جدول الضريبة على الدخل، ووصفه بالإجراء "المهم"، مشيرا إلى أن الضريبة على الدخل تمثل رافعة مهمة على مستوى السياسات الجبائية لتوفير الموارد الذاتية وخاصة لتقليص الفوارق الاجتماعية، وهي سياسة عرفت سابقا تدخل صندوق النقد الدولي عبر برامج الإصلاح الهيكلي على اثر ذلك تم إفراغ تصاعدية الضريبة على الدخل من محتواها باعتبار المرور من جدول ضريبي يضم 16 شريحة وتدرج على مستوى النسب الجبائية المطبقة خاصة أنها النسبة على أصحاب الدخل العالي بلغت 68 بالمائة بالنسبة إلى مستوى دخل سنوي 80 ألف دينار في السنة، ليصبح التوجّه إلى 5 شرائح فقط عوض 16 وتم توجيه الجهد الجبائي أساسا إلى الطبقات الوسطى باعتبار التخفيض في النسب الضريبية على أصحاب الدخل العالي من نسبة عليا 68 بالمائة إلى 35 بالمائة فقط، والشريحة المطبقة عليها تغيرت من دخل سنوي 80 ألف سنوي إلى 50 ألف دينار.
وذكر الباحث في السياسات المالية العمومية بـ"مركز علي بن غذاهم للعدالة الجبائية"، أنه حتى بعد الثورة تدخل صندوق النقد الدولي مرّة أخرى، إلا أنه في قانون مالية 2025، لأول مرة تعود تونس إلى تمش تصاعدي باعتبار أن المقترح الحكومي أضاف 3 شرائح إلى الجدول الضريبي الحالي، من بينها التنقيح على الإعفاء من الضريبة على شريحة الدخل السنوي الصافي التي تساوي أو تقلّ عن 5 آلاف دينار مع التخفيض فيها إلى 15 بالمائة لشريحة الدخل السنوي الصافي بين 5 و10 آلاف دينار.
ولفت أمين بوزيان أن 98 بالمائة من التونسيين سينتفعون بهذا الجدول انطلاقا على سبيل الذكر من دخله السنوي 50 ألف دينار سيدفع 4 دنانير شهريا.
اعتماد شرائح إضافية في الضريبة على الدخل
كما أكد الباحث في السياسات المالية العمومية بـ"مركز علي بن غذاهم للعدالة الجبائية" أن الإصلاح الجبائي في مشروع مالية 2025، يعد تمشيا ايجابيا، غير أن تونس كان بإمكانها انتهاج سياسة تصاعدية أكبر من خلال اعتماد شرائح إضافية خاصة على مستوى المداخيل العليا، وهو ما جعل محدثنا يقترح إضافة 5 شرائح إضافية تهم من دخلهم السنوي 70 ألف دينار فما فوق، من أجل تعبئة موارد مالية أكبر للدولة.
وعلى صعيد آخر تطرّقت سحر مشماش مديرة الاقتصاديات الشاملة بـ"منظمة التحرير لسياسات الشرق الأوسط" إلى كيفية توزيع الجهد الضريبي بين دافعي الضرائب سواء الأشخاص أو الشركات، وأشارت إلى أن هناك حيفا ضريبيا بين الضرائب على الأشخاص الذين دخلهم متأت من رأس المال والأشخاص المتأتي دخلهم من العمل.
وذكرت أن نفس نسب الضرائب لا تُطبّق على الفئتين إذ أن هناك اختلافا وفق تقرير البنك الدولي، صدر منذ نحو أسبوع، بأكثر من 13 نقطة وهو أعلى فارق وفق المسح الذي شمل عددا من الدول.
وحسب منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ناهزت موارد الضريبة على الشركات في تونس 7 بالمائة، سنة 2021 مقابل 14.5 بالمائة بالمغرب و27 بالمائة في مصر 18.7 بالمائة كمتوسط إفريقي.
وأوصت مديرة الاقتصاديات الشاملة بـ"منظمة التحرير لسياسات الشرق الأوسط" أن نسب الدخل على رأس المال يجب أن تكون لديها نفس قواعد الدخل على العمل.
درصاف اللموشي
تونس - الصباح
"مشروع قانون المالية لسنة 2025: كيف نعيد توزيع العبء الجبائي؟"، سؤال طرحه "المرصد التونسي للاقتصاد" بحضور ثلة من الخبراء خاصة وأن أصنافا محددة شملها الترفيع في الضريبة، واثر التنقيح الجديد لجدول الضريبة على الدخل للأشخاص الطبيعيين، حيث أصبحت تصاعدية.
وفي هذا الإطار، أفادت سحر فضيلة محللة سياسات مالية عمومية بـ"المرصد التونسي للاقتصاد"، خلال الندوة الصحفية التي نظمها المرصد أمس أن التغيرات الجبائية المطروحة في مشروع قانون المالية 2025 ليست نفسها التي اعتدنا عليها طيلة السنوات الفارطة، حيث كانت دائما دعوات لتقليص نسب الضريبة على الشركات بهدف تحفيز الاستثمار للحد من تصاعدية الضريبة على الأشخاص لتيسير استخلاصها بالنسبة لإدارة الجباية، بينما ما حدث توجه مغاير نحو أكثر تصاعدية للضريبة ونحو الترفيع في الضريبة على الشركات وهي مسألة سبق وأن دعا إليها "المرصد التونسي للاقتصاد" والعديد من الفاعلين الاقتصاديين والمدافعين عن العدالة الجبائية.
ووفق رؤية المرصد التونسي، فإن العبء الجبائي في تونس يتحمله الأفراد والأشخاص أكثر مما تتحمله الشركات وما طرأ على الضريبة على الشركات من تخفيضات في 2014 وفي 2021 جعل الشركات لا تؤدي نصيبها العادل من الضريبة.
واستحسن "المرصد التونسي للاقتصاد"، بحسب سحر فضيلة التوجه نحو الترفيع في هذه الضريبة في النسخة الأولى من مشروع قانون مالية 2025، حيث كانت هناك دعوة لضريبة تصاعدية على الشركات بناء على رقم المعاملات، بينما في النسخة الجديدة من مشروع قانون المالية كان هناك توجه إلى نسبة عامة للضريبة على الشركات بناء على الأرباح وأصبحت 20 بالمائة بعد أن كانت في النسخة الأولى ضريبة تصاعدية متفاوتة 15 و20 و25 بالمائة بناء على رقم المعاملات، وهو تراجع عن الخطوة الايجابية التي اتخذتها الحكومة، إذ أن النسب المطروحة تبقى ضئيلة مقارنة بالنسبة العالمية الموجودة والمعمول بها في العديد من الدول.
وأكدت محللة السياسات المالية العمومية بـ"المرصد التونسي للاقتصاد" أنه يجب التنصيص على ضريبة تصاعدية حتى تساهم كل شركة في مجال الضرائب حسب رقم معاملاتها.
وورد في مشروع قانون المالية 2025 في نسخته الثانية، المحافظة على زيادة نسبة الضريبة بالنسبة للبنوك والمؤسسات المالية ومؤسسات التأمين لتصل إلى 40 بالمائة، كما تم اقتراح في ذات المشروع ضريبة دنيا حسب نسب الضريبة المستوجبة.
وقدّم "المرصد التونسي للاقتصاد"، في هذا السياق، مقترحين الأول المحافظة على معدل ضريبة مستهدف بنسبة 15 بالمائة للشركات الصغيرة والمتوسطة والتنصيص على نسب تصاعدية للكيانات الأكبر بناء على الأرباح السنوية التي تحققها.
والمقترح الثاني هو الترفيع في النسبة العامة للضريبة على الشركات نحو 25 بالمائة مع تخصيص نسبة 15 بالمائة للشركات الصغرى والمتوسطة التي لا يتجاوز رقم معاملاتها السنوي 5 ملايين دينار.
واعتبر المرصد أن العودة إلى تطبيق هذه النسبة العامة يجعل تونس متجانسة مع المعايير العالمية وهو ما ينأى بنا عن الوقوع في التنافس الضريبي الضار.
وحسب المرصد التونسي للاقتصاد فإن واقع السياسات الجبائية المتعاقبة عزز اختلال توزيع العبء الجبائي، فعلى الرغم من مستوى الضغط الجبائي الذي بلغ نسبة 25 بالمائة سنة 2024 يشهد توزيع الموارد الجبائية عدم توازن مستمر، حيث تساهم الضريبة على الدخل والأداء على القيمة المضافة بأكثر من نصف الموارد الجبائية.
التحوير في جدول الضريبة على الدخل "مهم"
من جهته، أفاد أمين بوزيان باحث في السياسات المالية العمومية بـ"مركز علي بن غذاهم للعدالة الجبائية"، أن مشروع مالية سنة 2025 شهد تحويرا في جدول الضريبة على الدخل، ووصفه بالإجراء "المهم"، مشيرا إلى أن الضريبة على الدخل تمثل رافعة مهمة على مستوى السياسات الجبائية لتوفير الموارد الذاتية وخاصة لتقليص الفوارق الاجتماعية، وهي سياسة عرفت سابقا تدخل صندوق النقد الدولي عبر برامج الإصلاح الهيكلي على اثر ذلك تم إفراغ تصاعدية الضريبة على الدخل من محتواها باعتبار المرور من جدول ضريبي يضم 16 شريحة وتدرج على مستوى النسب الجبائية المطبقة خاصة أنها النسبة على أصحاب الدخل العالي بلغت 68 بالمائة بالنسبة إلى مستوى دخل سنوي 80 ألف دينار في السنة، ليصبح التوجّه إلى 5 شرائح فقط عوض 16 وتم توجيه الجهد الجبائي أساسا إلى الطبقات الوسطى باعتبار التخفيض في النسب الضريبية على أصحاب الدخل العالي من نسبة عليا 68 بالمائة إلى 35 بالمائة فقط، والشريحة المطبقة عليها تغيرت من دخل سنوي 80 ألف سنوي إلى 50 ألف دينار.
وذكر الباحث في السياسات المالية العمومية بـ"مركز علي بن غذاهم للعدالة الجبائية"، أنه حتى بعد الثورة تدخل صندوق النقد الدولي مرّة أخرى، إلا أنه في قانون مالية 2025، لأول مرة تعود تونس إلى تمش تصاعدي باعتبار أن المقترح الحكومي أضاف 3 شرائح إلى الجدول الضريبي الحالي، من بينها التنقيح على الإعفاء من الضريبة على شريحة الدخل السنوي الصافي التي تساوي أو تقلّ عن 5 آلاف دينار مع التخفيض فيها إلى 15 بالمائة لشريحة الدخل السنوي الصافي بين 5 و10 آلاف دينار.
ولفت أمين بوزيان أن 98 بالمائة من التونسيين سينتفعون بهذا الجدول انطلاقا على سبيل الذكر من دخله السنوي 50 ألف دينار سيدفع 4 دنانير شهريا.
اعتماد شرائح إضافية في الضريبة على الدخل
كما أكد الباحث في السياسات المالية العمومية بـ"مركز علي بن غذاهم للعدالة الجبائية" أن الإصلاح الجبائي في مشروع مالية 2025، يعد تمشيا ايجابيا، غير أن تونس كان بإمكانها انتهاج سياسة تصاعدية أكبر من خلال اعتماد شرائح إضافية خاصة على مستوى المداخيل العليا، وهو ما جعل محدثنا يقترح إضافة 5 شرائح إضافية تهم من دخلهم السنوي 70 ألف دينار فما فوق، من أجل تعبئة موارد مالية أكبر للدولة.
وعلى صعيد آخر تطرّقت سحر مشماش مديرة الاقتصاديات الشاملة بـ"منظمة التحرير لسياسات الشرق الأوسط" إلى كيفية توزيع الجهد الضريبي بين دافعي الضرائب سواء الأشخاص أو الشركات، وأشارت إلى أن هناك حيفا ضريبيا بين الضرائب على الأشخاص الذين دخلهم متأت من رأس المال والأشخاص المتأتي دخلهم من العمل.
وذكرت أن نفس نسب الضرائب لا تُطبّق على الفئتين إذ أن هناك اختلافا وفق تقرير البنك الدولي، صدر منذ نحو أسبوع، بأكثر من 13 نقطة وهو أعلى فارق وفق المسح الذي شمل عددا من الدول.
وحسب منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ناهزت موارد الضريبة على الشركات في تونس 7 بالمائة، سنة 2021 مقابل 14.5 بالمائة بالمغرب و27 بالمائة في مصر 18.7 بالمائة كمتوسط إفريقي.
وأوصت مديرة الاقتصاديات الشاملة بـ"منظمة التحرير لسياسات الشرق الأوسط" أن نسب الدخل على رأس المال يجب أن تكون لديها نفس قواعد الدخل على العمل.