بحلول يوم الثلاثاء 26 نوفمبر الجاري،تمر ست و ستون سنة على رحيل المطربة التونسية الخالدة "صليحة"…
صوت طربي تونسي أصيل متفرد في أغانيه وآهاته وترنيماته، صوت كان ولا يزال ملاذًا للباحثين عن النغم الأصيل واللحن الشجي والصورة الشعرية الإبداعية التي تكتب الأحاسيس وتناجي الوجدان.
صليحة، ابنة قرية "نبر" بالشمال الغربي للبلاد التونسية، نجحت في أن تجمع التونسيين جميعًا حول أغانيها وما تحمله من مضامين إنسانية نبيلة. فقد تغنت بالإنسان بكل تناقضاته، ونفضت الغبار عن موروث تونسي يروي للأجيال المختلفة صفحات من النضال الوطني. قدمت القصيد فأقنعت وأمتعت، كما تغنت بالخصوصية التونسية فكانت الصوت الذي قدّمها للمتلقي في أبهى وأرقى حلة.
كانت صليحة واحدة من الركائز الأساسية لفرقة الرشيدية على امتداد أكثر من عشرين سنة، وهي التي تسابق الملحنون والشعراء إلى صوتها الذي كان طريق النجاح والشهرة لهم.
مهرجان أصبح ذكرى
خلال فترة التسعينات، وبدرجة أولى، كانت صليحة عنوان النجاح الفني لكل من يرغب في تأسيس مسيرة فنية تونسية متفردة من خلال "مهرجان صليحة للأغنية التونسية" في الكاف، الذي كان تحت تنظيم وإشراف المندوبية الجهوية للشؤون الثقافية بالكاف، وبإدارة رجل الثقافة والموسيقى الأستاذ الحبيب العوادي. فقد خط العوادي نهجًا متفردًا لهذا المهرجان، قوامه الأنغام والمقامات والطبوع التونسية من خلال تنظيم مسابقة خاصة بالأداء الفردي للهواة، حيث يتم إعداد قائمة تضم 30 أغنية تأليفًا ولحنًا على ذمة المتسابقين. يتم اختيار واحدة منها ليتم تقديمها أمام لجنة تحكيم متكونة من قامات بارزة في الأغنية التونسية، مثل الفنان الراحل مصطفى الشرفي، والفنانة الراحلة شبيلة راشد، والملحن سمير العقربي، والشاعر الغنائي علي الورتاني، والفنان الليبي الراحل حسن العريبي، والفنان الجزائري الراحل الحاج الطاهر الفرقاني، وعازف الكمنجة بفرقة الإذاعة الراحل بلقاسم عمار، وغيرهم. كانت أحكامهم وتقييماتهم للمواهب المشاركة في المسابقة الرسمية وراء بروز العديد من هذه المواهب الغنائية. من بين هؤلاء، نذكر على سبيل المثال لا الحصر: آية دغنوج، وسماح بن عمار، وسارة النويوي، وماهر الهمامي (الكاتب العام الحالي لنقابة المهن الموسيقية والمهن المجاورة)، وغيرهم كثير.
كان هذا المهرجان على امتداد أكثر من عشر سنوات، عنوان الأصالة الغنائية التونسية، وكان فضاءً للقاء أسماء فنية تونسية بارزة، حيث كان يُحتفى ويُكرم خلالها العديد من الفنانين، مثل الشاعر الخالد محمد بوذينة، والشاعر الراحل رضا الخويني، والفنانة أمينة فاخت، والفنانة الراحلة نعمة، وزهيرة سالم، وعدنان الشواشي، وصفوة، وأحمد حمزة، وغيرهم.
اليوم، أصبح هذا المهرجان مجرد ذكرى في زمن فقدت فيه الأغنية التونسية بريقها وتوهجها إلا ما ندر.
يوم 26 نوفمبر 1958، رحلت المطربة صليحة إلى دار الخلد، مخلفة في رصيدها 63 أغنية، منها 36 أغنية محفوظة في خزينة الإذاعة التونسية، أما بقية الأغاني فهي موزعة بين الأرشيف السمعي للرشيدية وجامعي الأسطوانات من الخواص داخل تونس وخارجها.
لقد أثرت صليحة الذائقة الفنية والثقافية التونسية، وطبعت التاريخ الثقافي التونسي، وتحولت إلى نموذج للمرأة الصامدة والفنانة المثابرة.
صليحة، الصوت الخالد على مر الأزمنة والعصور، لا نملك حول مسيرتها سوى شريط وثائقي "صليحة. صوت تونس الأعماق"، من إخراج سماح الماجري وإنتاج الجزيرة الوثائقية. لامس هذا الشريط بعضًا من حياة هذه الفنانة، التي كانت قاعة الطاهر شريعة بمدينة الثقافة قبل يوم من إحياء الذكرى 65 لرحيلها العام الماضي، على موعد مع العرض الأول والوحيد لهذا العمل.
محسن بن أحمد
بحلول يوم الثلاثاء 26 نوفمبر الجاري،تمر ست و ستون سنة على رحيل المطربة التونسية الخالدة "صليحة"…
صوت طربي تونسي أصيل متفرد في أغانيه وآهاته وترنيماته، صوت كان ولا يزال ملاذًا للباحثين عن النغم الأصيل واللحن الشجي والصورة الشعرية الإبداعية التي تكتب الأحاسيس وتناجي الوجدان.
صليحة، ابنة قرية "نبر" بالشمال الغربي للبلاد التونسية، نجحت في أن تجمع التونسيين جميعًا حول أغانيها وما تحمله من مضامين إنسانية نبيلة. فقد تغنت بالإنسان بكل تناقضاته، ونفضت الغبار عن موروث تونسي يروي للأجيال المختلفة صفحات من النضال الوطني. قدمت القصيد فأقنعت وأمتعت، كما تغنت بالخصوصية التونسية فكانت الصوت الذي قدّمها للمتلقي في أبهى وأرقى حلة.
كانت صليحة واحدة من الركائز الأساسية لفرقة الرشيدية على امتداد أكثر من عشرين سنة، وهي التي تسابق الملحنون والشعراء إلى صوتها الذي كان طريق النجاح والشهرة لهم.
مهرجان أصبح ذكرى
خلال فترة التسعينات، وبدرجة أولى، كانت صليحة عنوان النجاح الفني لكل من يرغب في تأسيس مسيرة فنية تونسية متفردة من خلال "مهرجان صليحة للأغنية التونسية" في الكاف، الذي كان تحت تنظيم وإشراف المندوبية الجهوية للشؤون الثقافية بالكاف، وبإدارة رجل الثقافة والموسيقى الأستاذ الحبيب العوادي. فقد خط العوادي نهجًا متفردًا لهذا المهرجان، قوامه الأنغام والمقامات والطبوع التونسية من خلال تنظيم مسابقة خاصة بالأداء الفردي للهواة، حيث يتم إعداد قائمة تضم 30 أغنية تأليفًا ولحنًا على ذمة المتسابقين. يتم اختيار واحدة منها ليتم تقديمها أمام لجنة تحكيم متكونة من قامات بارزة في الأغنية التونسية، مثل الفنان الراحل مصطفى الشرفي، والفنانة الراحلة شبيلة راشد، والملحن سمير العقربي، والشاعر الغنائي علي الورتاني، والفنان الليبي الراحل حسن العريبي، والفنان الجزائري الراحل الحاج الطاهر الفرقاني، وعازف الكمنجة بفرقة الإذاعة الراحل بلقاسم عمار، وغيرهم. كانت أحكامهم وتقييماتهم للمواهب المشاركة في المسابقة الرسمية وراء بروز العديد من هذه المواهب الغنائية. من بين هؤلاء، نذكر على سبيل المثال لا الحصر: آية دغنوج، وسماح بن عمار، وسارة النويوي، وماهر الهمامي (الكاتب العام الحالي لنقابة المهن الموسيقية والمهن المجاورة)، وغيرهم كثير.
كان هذا المهرجان على امتداد أكثر من عشر سنوات، عنوان الأصالة الغنائية التونسية، وكان فضاءً للقاء أسماء فنية تونسية بارزة، حيث كان يُحتفى ويُكرم خلالها العديد من الفنانين، مثل الشاعر الخالد محمد بوذينة، والشاعر الراحل رضا الخويني، والفنانة أمينة فاخت، والفنانة الراحلة نعمة، وزهيرة سالم، وعدنان الشواشي، وصفوة، وأحمد حمزة، وغيرهم.
اليوم، أصبح هذا المهرجان مجرد ذكرى في زمن فقدت فيه الأغنية التونسية بريقها وتوهجها إلا ما ندر.
يوم 26 نوفمبر 1958، رحلت المطربة صليحة إلى دار الخلد، مخلفة في رصيدها 63 أغنية، منها 36 أغنية محفوظة في خزينة الإذاعة التونسية، أما بقية الأغاني فهي موزعة بين الأرشيف السمعي للرشيدية وجامعي الأسطوانات من الخواص داخل تونس وخارجها.
لقد أثرت صليحة الذائقة الفنية والثقافية التونسية، وطبعت التاريخ الثقافي التونسي، وتحولت إلى نموذج للمرأة الصامدة والفنانة المثابرة.
صليحة، الصوت الخالد على مر الأزمنة والعصور، لا نملك حول مسيرتها سوى شريط وثائقي "صليحة. صوت تونس الأعماق"، من إخراج سماح الماجري وإنتاج الجزيرة الوثائقية. لامس هذا الشريط بعضًا من حياة هذه الفنانة، التي كانت قاعة الطاهر شريعة بمدينة الثقافة قبل يوم من إحياء الذكرى 65 لرحيلها العام الماضي، على موعد مع العرض الأول والوحيد لهذا العمل.