احتفلت تونس مع سائر دول العالم أمس 20 نوفمبر 2024 بيوم الطفل العالمي، حيث تم الإعلان في عام 1954 عن هذا التاريخ باعتباره مناسبة عالمية يُحتفل بها في كل عام لتعزيز الترابط الدولي وإذكاء الوعي بأطفال العالم وبتحسين رفاههم.
فتاريخ 20 نوفمبر مهم حيث اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة للإعلان عن حقوق الطفل في عام 1959، كما أنه تاريخ اعتماد الجمعية العامة لاتفاقية حقوق الطفل في عام 1989.
ومنذ عام 1990، يحتفى باليوم العالمي للطفل بوصفه الذكرى السنوية لتاريخ اعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة لإعلان حقوق الطفل وللاتفاقية المتعلقة بها.
وقد منح دستور 2022 لحقوق الطفل مرتبة دستورية إذ خصه بجملة من الحقوق الواردة خاصة في الفصل 44 والذي نص على أن "التعليم إلزامي إلى سن السّادسة عشرة".
وتضمن الدولة الحقّ في التعليم العمومي المجاني بكامل مراحله، وتسعى إلى توفير الإمكانيات الضروريّة لتحقيق جودة التّربية والتّعليم والتكوين. كما تعمل على تأصيل النّاشئة في هويّتها العربية الإسلامية وانتمائها الوطني وعلى ترسيخ اللّغة العربية ودعمها وتعميم استخدامــها والانفتاح على اللغات الأجنبية والحضارات الإنسانية ونشر ثقافة حقوق الإنسان".
كما نص الفصل 52 على ما يلي:"تحمي الدولة حقوق الطفل، وتتكفل بالأطفال المتخلي عنهم أو مجهولي النسب".
حقوق الطفل على أبويه وعلى الدولة ضمان الكرامة والصحة، والرعاية، والتربية، والتعليم. وعلى الدولة أيضا توفير جميع أنواع الحماية لكّل الأطفال دون تمييز وفق المصالح الفضلى للطفل".
وتضمن الدولة للطفل جملة من الحقوق الاجتماعية كالحق في الصحة والتربية والتعليم فضلا عن الحق في حمايته من كل أشكال العنف والاستغلال وغيرها.
"الصباح" وتزامنا مع الاحتفال باليوم العالمي للطفل تحدثت مع الدكتور معز الشريف رئيس الجمعية التونسية للدفاع عن حقوق الطفل حول جملة من المحاور تعلقت بواقع الطفل في تونس التحديات، المخاطر، والحلول الممكنة للنهوض بهذا الواقع.
تضرر الأطفال
وبين معز الشريف رئيس الجمعية التونسية للدفاع عن حقوق الطفل أن الأزمات التي عرفتها بلادنا خلال فترة الانتقال الديمقراطي والتغيرات السياسية بالإضافة إلى الأزمات الاجتماعية والاقتصادية الحادة قد خلقت تراجعا على مستوى الخدمات الموجهة للطفل وعلى مستوى الاعتناء به، معتبرا، في هذا السياق، أن تضرر المقدرة الشرائية للأولياء بفعل ارتفاع الأسعار تجعل من الطفل أول المتضررين.
وأبرز الشريف أن واقع الطفولة في تونس خطير في ظل تدهور المنظومة التربوية وتنامي ظاهرة التسرب المدرسي إذ يغادر مقاعد الدراسة سنويا 100 ألف طفل، مبينا انه خلال 10 سنوات الأخيرة انقطع مبكرا عن الدراسة مليون طفل، وفق تأكيده.
وكشف أن أكثر من 26% من الأطفال يعيشون تحت خط الفقر، في حين أن هذه النسبة كانت ما قبل الثورة في حدود 16%.
وأردف مبينا أن هذه النسبة ترتفع في الأرياف وخاصة في الوسط والوسط الغربي والشمال الغربي لتفوق50% وهي نسبة كبيرة وخطيرة، وفق قوله.
من جهة أخرى أبرز مصدرنا أن التعليم، وبالنظر إلى المشاكل التي يعاني منها، فقد مهمته الأساسية كسلم اجتماعي يمكن بكل مساواة وتكافؤ الفرص الطفل الفقير من صعود السلم الاجتماعي، مشيرا إلى أن الدراسات قد كشفت أن الأطفال الذين يعيشون في محيط فقير ينقطعون مبكرا عن الدراسة ويعانون من الفشل.
واعتبر معز الشريف أن العنف يعد من أبرز الظواهر المخيفة التي يعاني منها الطفل في تونس حيث كشفت الإحصائيات أن أكثر من 83% من الأطفال يعنفون، بينهم 20% يسلط عليهم العنف الشديد بين جسدي وذهني والذي ينجر عنه مخلفات ترافق الطفل طوال حياته والتي تؤثر في تكوين شخصيته.
وأبرز أن العنف الشديد المسلط على الطفل مأتاه أكثر مؤسستين معنيتين بحماية الطفل وهما الأسرة والمؤسسات التربويّة حيث تمثلان 60% من نسبة العنف المسلطة على الأطفال.
وشدد رئيس الجمعية التونسية للدفاع عن حقوق أن الطفل يشكو اليوم من مظهر جديد من مظاهر العنف وهو العنف الافتراضي أو العنف السيبرني، ما جعل التنمر الموجود في المؤسسات التربويّة والشارع يلاحق الطفل على مواقع التواصل الاجتماعي، كل هذا في ظل عدم توفر آليات لوقاية الأطفال من العنف السيبراني بما في ذلك التحرش والعنف الجنسي، مؤكدا أن العديد من الأطفال يقع استغلالهم جنسيا.
وأبرز أن الإشعارات التي تتلقاها مندوبيات حماية الطفولة كبيرة وفي ارتفاع رغم أن العديد من الأولياء يلتزمون الصمت خوفا من المجتمع.
ضرورة إتباع سياسة واضحة
وعبر معز الشريف رئيس الجمعية التونسية للدفاع عن حقوق الطفل لـ"الصباح" عن أسفه لغياب سياسة واضحة للدولة للنهوض بواقع الأطفال في تونس وحمايتهم من التهديد.
وأبرز أن حماية الطفل هي مسؤولية مشتركة ترسم الدولة ملامحها وتجمع حوله كل الجهات المعنية من أولياء ومؤسسات تربوية ومؤسسات حماية الطفولة والمجتمع المدني والمؤسسات الاقتصادية.
واعتبر محدثنا أن بصيص الأمل الوحيد يتمثل في إحداث رئيس الجمهورية قيس سعيّد للمجلس الأعلى للتربية بعد أن بقي المجلس الأعلى للطفولة الذي تم الإعلان عنه منذ سنوات حبرا على ورق.
وأشار رئيس الجمعية أن هذا الواقع المتأزم هو فرصة لاتخاذ قرارات وإيجاد حلول لتغيير الوضع الحالي من خلال وضع مقاربة مشتركة بين مختلف الأطراف يلتف حولها الجميع للنهوض بواقع الطفولة العليل والذي يجب أن يتحول إلى مشروع وطني ذو أولوية.
حنان قيراط
تونس-الصباح
احتفلت تونس مع سائر دول العالم أمس 20 نوفمبر 2024 بيوم الطفل العالمي، حيث تم الإعلان في عام 1954 عن هذا التاريخ باعتباره مناسبة عالمية يُحتفل بها في كل عام لتعزيز الترابط الدولي وإذكاء الوعي بأطفال العالم وبتحسين رفاههم.
فتاريخ 20 نوفمبر مهم حيث اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة للإعلان عن حقوق الطفل في عام 1959، كما أنه تاريخ اعتماد الجمعية العامة لاتفاقية حقوق الطفل في عام 1989.
ومنذ عام 1990، يحتفى باليوم العالمي للطفل بوصفه الذكرى السنوية لتاريخ اعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة لإعلان حقوق الطفل وللاتفاقية المتعلقة بها.
وقد منح دستور 2022 لحقوق الطفل مرتبة دستورية إذ خصه بجملة من الحقوق الواردة خاصة في الفصل 44 والذي نص على أن "التعليم إلزامي إلى سن السّادسة عشرة".
وتضمن الدولة الحقّ في التعليم العمومي المجاني بكامل مراحله، وتسعى إلى توفير الإمكانيات الضروريّة لتحقيق جودة التّربية والتّعليم والتكوين. كما تعمل على تأصيل النّاشئة في هويّتها العربية الإسلامية وانتمائها الوطني وعلى ترسيخ اللّغة العربية ودعمها وتعميم استخدامــها والانفتاح على اللغات الأجنبية والحضارات الإنسانية ونشر ثقافة حقوق الإنسان".
كما نص الفصل 52 على ما يلي:"تحمي الدولة حقوق الطفل، وتتكفل بالأطفال المتخلي عنهم أو مجهولي النسب".
حقوق الطفل على أبويه وعلى الدولة ضمان الكرامة والصحة، والرعاية، والتربية، والتعليم. وعلى الدولة أيضا توفير جميع أنواع الحماية لكّل الأطفال دون تمييز وفق المصالح الفضلى للطفل".
وتضمن الدولة للطفل جملة من الحقوق الاجتماعية كالحق في الصحة والتربية والتعليم فضلا عن الحق في حمايته من كل أشكال العنف والاستغلال وغيرها.
"الصباح" وتزامنا مع الاحتفال باليوم العالمي للطفل تحدثت مع الدكتور معز الشريف رئيس الجمعية التونسية للدفاع عن حقوق الطفل حول جملة من المحاور تعلقت بواقع الطفل في تونس التحديات، المخاطر، والحلول الممكنة للنهوض بهذا الواقع.
تضرر الأطفال
وبين معز الشريف رئيس الجمعية التونسية للدفاع عن حقوق الطفل أن الأزمات التي عرفتها بلادنا خلال فترة الانتقال الديمقراطي والتغيرات السياسية بالإضافة إلى الأزمات الاجتماعية والاقتصادية الحادة قد خلقت تراجعا على مستوى الخدمات الموجهة للطفل وعلى مستوى الاعتناء به، معتبرا، في هذا السياق، أن تضرر المقدرة الشرائية للأولياء بفعل ارتفاع الأسعار تجعل من الطفل أول المتضررين.
وأبرز الشريف أن واقع الطفولة في تونس خطير في ظل تدهور المنظومة التربوية وتنامي ظاهرة التسرب المدرسي إذ يغادر مقاعد الدراسة سنويا 100 ألف طفل، مبينا انه خلال 10 سنوات الأخيرة انقطع مبكرا عن الدراسة مليون طفل، وفق تأكيده.
وكشف أن أكثر من 26% من الأطفال يعيشون تحت خط الفقر، في حين أن هذه النسبة كانت ما قبل الثورة في حدود 16%.
وأردف مبينا أن هذه النسبة ترتفع في الأرياف وخاصة في الوسط والوسط الغربي والشمال الغربي لتفوق50% وهي نسبة كبيرة وخطيرة، وفق قوله.
من جهة أخرى أبرز مصدرنا أن التعليم، وبالنظر إلى المشاكل التي يعاني منها، فقد مهمته الأساسية كسلم اجتماعي يمكن بكل مساواة وتكافؤ الفرص الطفل الفقير من صعود السلم الاجتماعي، مشيرا إلى أن الدراسات قد كشفت أن الأطفال الذين يعيشون في محيط فقير ينقطعون مبكرا عن الدراسة ويعانون من الفشل.
واعتبر معز الشريف أن العنف يعد من أبرز الظواهر المخيفة التي يعاني منها الطفل في تونس حيث كشفت الإحصائيات أن أكثر من 83% من الأطفال يعنفون، بينهم 20% يسلط عليهم العنف الشديد بين جسدي وذهني والذي ينجر عنه مخلفات ترافق الطفل طوال حياته والتي تؤثر في تكوين شخصيته.
وأبرز أن العنف الشديد المسلط على الطفل مأتاه أكثر مؤسستين معنيتين بحماية الطفل وهما الأسرة والمؤسسات التربويّة حيث تمثلان 60% من نسبة العنف المسلطة على الأطفال.
وشدد رئيس الجمعية التونسية للدفاع عن حقوق أن الطفل يشكو اليوم من مظهر جديد من مظاهر العنف وهو العنف الافتراضي أو العنف السيبرني، ما جعل التنمر الموجود في المؤسسات التربويّة والشارع يلاحق الطفل على مواقع التواصل الاجتماعي، كل هذا في ظل عدم توفر آليات لوقاية الأطفال من العنف السيبراني بما في ذلك التحرش والعنف الجنسي، مؤكدا أن العديد من الأطفال يقع استغلالهم جنسيا.
وأبرز أن الإشعارات التي تتلقاها مندوبيات حماية الطفولة كبيرة وفي ارتفاع رغم أن العديد من الأولياء يلتزمون الصمت خوفا من المجتمع.
ضرورة إتباع سياسة واضحة
وعبر معز الشريف رئيس الجمعية التونسية للدفاع عن حقوق الطفل لـ"الصباح" عن أسفه لغياب سياسة واضحة للدولة للنهوض بواقع الأطفال في تونس وحمايتهم من التهديد.
وأبرز أن حماية الطفل هي مسؤولية مشتركة ترسم الدولة ملامحها وتجمع حوله كل الجهات المعنية من أولياء ومؤسسات تربوية ومؤسسات حماية الطفولة والمجتمع المدني والمؤسسات الاقتصادية.
واعتبر محدثنا أن بصيص الأمل الوحيد يتمثل في إحداث رئيس الجمهورية قيس سعيّد للمجلس الأعلى للتربية بعد أن بقي المجلس الأعلى للطفولة الذي تم الإعلان عنه منذ سنوات حبرا على ورق.
وأشار رئيس الجمعية أن هذا الواقع المتأزم هو فرصة لاتخاذ قرارات وإيجاد حلول لتغيير الوضع الحالي من خلال وضع مقاربة مشتركة بين مختلف الأطراف يلتف حولها الجميع للنهوض بواقع الطفولة العليل والذي يجب أن يتحول إلى مشروع وطني ذو أولوية.