من الواضح أن الفنان والباحث في الموسيقى التصويرية طاهر القيزاني في رحلته الاستكشافية لألحانه المتفردة في الدراما التونسية ونسج إلهامه الخاص طيلة سنوات فضلا عن مشاركته خيرة الفنانين التونسيين، كان استباقيا من حيث"نحت" جمله الموسيقية الخالدة الى يوم الناس هذا..
فحين تدخل في مرحلة التأمل والانغماس في ألحان"جينيريك" مسلسل "قمرة سيدي محروس" و"غادة" و"عودة المنيار" و"حسابات وعقابات" وغيرها تستشعر أنها من أبطال الاعمال الدرامية ولا يمكن الاستغناء عنها، وتدرك أن صاحبها تعمد أن يستمر الق تلك الألحان، لعل ذلك يرجع بالأساس الى مواكبة طاهر القيزاني ٱخر الاعمال الموسيقية في العالم وأثر الانماط الفنية الحديثة، حتى يستلهم ألحانا تتماشى وروح الموسيقى المعاصرة..
مسؤولية كبرى
الأمر الذي جعل قرار تعيين الطاهر القيزاني مؤخرا لإدارة مهرجان الأغنية التونسية في دورتها 23 والتي ستمتد من 8الى غاية 11 مارس 2025، يلاقي استحسانا كبيرا من النقاد ورواد المهرجانات باعتبار اختصاصه وأنه صاحب ثقافة موسيقية واسعة من شانها أن تضفي على المهرجان أبعادا فنية متجددة متنوعة تقطع مع السائد..على غرار انتاجاته...
"الصباح" كان لها اتصال مع مدير مهرجان الأغنية الجديد الطاهر القيزاني للحديث عن ٱفاق المسؤولية وفلسفته في التسيير، ناهيك أنه واكب فعاليات الدورات السابقة منذ بداياتها في الثمانينات المتأرجحة بين الهنات والعوائق والتألق الذي شهدته بعض الدورات ..
الطاهر القيزاني بيّن لـ"الصباح" انه تلقى خبر تعيينه من وزيرة الشؤون الثقافية أمينة الصرارفي منذ شهر ونصف تقريبا، ولم يكن القرار بالنسبة إليه مفرحا بتلك الدرجة التي يعتقدها البعض، بل على عكس ذلك، "لأن المنصب يتطلب مسؤولية كبيرة وتفرغا كليا من اجل نجاح التظاهرة على جميع المستويات، بدليل انه فور إعلامي خبر التعيين، بدأت تصورات تتبلور في ذهني، خاصة وأني على دراية بكل المراحل التي مر بها المهرجان منذ سنة 1986 وكيف أصبح يحمل اسم "مهرجان الموسيقى التونسية" سنة 2005 ثم التوقف عن النشاط لمدة 14سنة لتستأنف فعالياته بعد 2011 تحت عنوان "ايام قرطاج الموسيقية" الى أن تحول اسمه خلال السنوات الأخيرة الى"مهرجان الأغنية"..
إشعاع الانتاجات بعد المهرجان
أما بالنسبة الى فلسفته في التسيير وكيف يرى مستقبل المهرجان يقول الفنان الطاهر القيزاني لـ"للصباح": "سأحاول ان أحافظ على إشعاع التقاليد الأولى للمهرجان مع إرجاع بعض المسابقات التي تم إلغاؤها، كما سنحرص على أن تكون الأشكال الموسيقية المقترحة في مستوى الانتظارات وأن تشع الإنتاجات بعد التظاهرة.. هو تصور كان من بين وعود الكثير من القائمين السابقين على المهرجان لكنه لم يتحقق وظل حبرا على ورق، لذا سأسعى إلى استعادة مجد الاغنية التونسية من خلال ايصال إشعاع كل المشاركات التي تستحق الانتشار محليا وعربيا.."
من جهة أخرى وفي إطار مواكبة الأحداث الدامية سواء في فلسطين أو لبنان وانتقاء الأعمال الموسيقية ومدى انعكاسها على الإنتاجات المقترحة، خاصة وأن الدورة السابقة التي حملت شعار "لأجلك يا فلسطين" اعتبرها ثلة من المتابعين مناسبتية حتى لا يرفض إحياء المهرجان، إضافة الى أن القائمين على الدورة لم يوفقوا في تشريك بعض الأسماء العربية التي حلقت عاليا في سماء مناصرة القضايا العادلة، اكد مدير مهرجان الأغنية التونسية الجديد لـ"الصباح" انه : "من المؤكد أننا جزء من العالم العربي والتناغم مع تلك الأحداث المؤلمة ضرورة ويتطلب رؤية خاصة للمهرجان، لكن لا يمكن رسم ملامحها من الٱن باعتبار أن الأحداث لا تنبئ بخير وأن أربعة أشهر مازالت تفصلنا عن انطلاق المهرجان.. واي مثقف اليوم لا يمكنه التنبؤ بمٱل الحرب في فلسطين ولبنان ناهيك انها قابلة للتوسع.. أتصور أن التناغم مع الدورة 23 لمهرجان الأغنية التونسية في مارس المقبل سيكون تلقائيا دون فرض إملاءات على الملحنين والموسيقيين، ومن البديهي أن يكون الأمر كذلك باعتبار أن دعم دولتنا للاراضي المغتصبة واضح لا لبس فيه..فضلا عن ان شعار المهرجان سيكون "تونس تغني" لكن لمن ولماذا فهو أمر سيحدّده المبدعون..
غياب الانتاج والارادة
من جهة أخرى ونظرا للقيمة الفنية لمحدثنا وقربه من الاغلبية الساحقة للفنانين التونسيين بمختلف توجهاتهم حاولت "الصباح" معرفة رأيه حول هجرة بعض الفنانين ليقول صراحة: بالنسبة لي "تراب تونس ما يتبدلش لا بتراب فرنسا ولا فينيزولا" ثم ما مصير البلاد إذا استمرت هجرة الكفاءات في مختلف القطاعات. أنا شخصيا جميع أفراد عائلتي في ايطاليا لكن أفضل الغرق في سفينة تضم كل الفنانين التونسيين على أن ألجأ الى خدمات بلدان اخرى من أجل رغد العيش وتحسين الظروف المادية، والحال ان توحيد صفوف الفنانين في بلدنا سيثمر العديد من المكتسبات وإن طال الزمن.."
في ذات السياق يضيف محدثنا قائلا: "لا اتفق مع من يقول سبل العيش بالنسبة للموسيقيين ضيقة، بدليل اني في وقت من الاوقات اشتغلت على موسيقى الاندرغراوند التي لا تستسيغها الأضواء، في حين أنها عبارة عن التمرد على كل ما هو سائد من عادات وتقاليد.. وبما ان هذا النمط الموسيقي لا ترعاه الدولة كان لا بد من أن اشق الطريق بنفسي في مرحلة من مراحل مشواري الفني التي كان لها الأثر الواضح في تكويني الموسيقي.. ما اردت أن اؤكده هو أن أي فنان يختار منهجا معينا ويؤمن به لا بد أن يفتح له ابواب النجاح طال الزمن أو قصر. ومن غير المعقول أن تتحول الساحة الفنية الى بكائيات واستعطاف المسؤولين في ظل غياب الانتاج والارادة.."
في ذات السياق نوه الفنان الطاهر القيزاني الى القيمة الموسيقية بالنسبة لفناني الراب باعتبار أنهم شقوا طريقا خاصا بهم من خلال التكثيف من "الكليبات" والعمل على الانتشار أكثر ما يمكن في العالم العربي والعالم، دون الإغفال عن استغلال مواقع التواصل الاجتماعي والترسيخ لمقومات نمط موسيقي حديث.
وليد عبد اللاوي
تونس -الصباح
من الواضح أن الفنان والباحث في الموسيقى التصويرية طاهر القيزاني في رحلته الاستكشافية لألحانه المتفردة في الدراما التونسية ونسج إلهامه الخاص طيلة سنوات فضلا عن مشاركته خيرة الفنانين التونسيين، كان استباقيا من حيث"نحت" جمله الموسيقية الخالدة الى يوم الناس هذا..
فحين تدخل في مرحلة التأمل والانغماس في ألحان"جينيريك" مسلسل "قمرة سيدي محروس" و"غادة" و"عودة المنيار" و"حسابات وعقابات" وغيرها تستشعر أنها من أبطال الاعمال الدرامية ولا يمكن الاستغناء عنها، وتدرك أن صاحبها تعمد أن يستمر الق تلك الألحان، لعل ذلك يرجع بالأساس الى مواكبة طاهر القيزاني ٱخر الاعمال الموسيقية في العالم وأثر الانماط الفنية الحديثة، حتى يستلهم ألحانا تتماشى وروح الموسيقى المعاصرة..
مسؤولية كبرى
الأمر الذي جعل قرار تعيين الطاهر القيزاني مؤخرا لإدارة مهرجان الأغنية التونسية في دورتها 23 والتي ستمتد من 8الى غاية 11 مارس 2025، يلاقي استحسانا كبيرا من النقاد ورواد المهرجانات باعتبار اختصاصه وأنه صاحب ثقافة موسيقية واسعة من شانها أن تضفي على المهرجان أبعادا فنية متجددة متنوعة تقطع مع السائد..على غرار انتاجاته...
"الصباح" كان لها اتصال مع مدير مهرجان الأغنية الجديد الطاهر القيزاني للحديث عن ٱفاق المسؤولية وفلسفته في التسيير، ناهيك أنه واكب فعاليات الدورات السابقة منذ بداياتها في الثمانينات المتأرجحة بين الهنات والعوائق والتألق الذي شهدته بعض الدورات ..
الطاهر القيزاني بيّن لـ"الصباح" انه تلقى خبر تعيينه من وزيرة الشؤون الثقافية أمينة الصرارفي منذ شهر ونصف تقريبا، ولم يكن القرار بالنسبة إليه مفرحا بتلك الدرجة التي يعتقدها البعض، بل على عكس ذلك، "لأن المنصب يتطلب مسؤولية كبيرة وتفرغا كليا من اجل نجاح التظاهرة على جميع المستويات، بدليل انه فور إعلامي خبر التعيين، بدأت تصورات تتبلور في ذهني، خاصة وأني على دراية بكل المراحل التي مر بها المهرجان منذ سنة 1986 وكيف أصبح يحمل اسم "مهرجان الموسيقى التونسية" سنة 2005 ثم التوقف عن النشاط لمدة 14سنة لتستأنف فعالياته بعد 2011 تحت عنوان "ايام قرطاج الموسيقية" الى أن تحول اسمه خلال السنوات الأخيرة الى"مهرجان الأغنية"..
إشعاع الانتاجات بعد المهرجان
أما بالنسبة الى فلسفته في التسيير وكيف يرى مستقبل المهرجان يقول الفنان الطاهر القيزاني لـ"للصباح": "سأحاول ان أحافظ على إشعاع التقاليد الأولى للمهرجان مع إرجاع بعض المسابقات التي تم إلغاؤها، كما سنحرص على أن تكون الأشكال الموسيقية المقترحة في مستوى الانتظارات وأن تشع الإنتاجات بعد التظاهرة.. هو تصور كان من بين وعود الكثير من القائمين السابقين على المهرجان لكنه لم يتحقق وظل حبرا على ورق، لذا سأسعى إلى استعادة مجد الاغنية التونسية من خلال ايصال إشعاع كل المشاركات التي تستحق الانتشار محليا وعربيا.."
من جهة أخرى وفي إطار مواكبة الأحداث الدامية سواء في فلسطين أو لبنان وانتقاء الأعمال الموسيقية ومدى انعكاسها على الإنتاجات المقترحة، خاصة وأن الدورة السابقة التي حملت شعار "لأجلك يا فلسطين" اعتبرها ثلة من المتابعين مناسبتية حتى لا يرفض إحياء المهرجان، إضافة الى أن القائمين على الدورة لم يوفقوا في تشريك بعض الأسماء العربية التي حلقت عاليا في سماء مناصرة القضايا العادلة، اكد مدير مهرجان الأغنية التونسية الجديد لـ"الصباح" انه : "من المؤكد أننا جزء من العالم العربي والتناغم مع تلك الأحداث المؤلمة ضرورة ويتطلب رؤية خاصة للمهرجان، لكن لا يمكن رسم ملامحها من الٱن باعتبار أن الأحداث لا تنبئ بخير وأن أربعة أشهر مازالت تفصلنا عن انطلاق المهرجان.. واي مثقف اليوم لا يمكنه التنبؤ بمٱل الحرب في فلسطين ولبنان ناهيك انها قابلة للتوسع.. أتصور أن التناغم مع الدورة 23 لمهرجان الأغنية التونسية في مارس المقبل سيكون تلقائيا دون فرض إملاءات على الملحنين والموسيقيين، ومن البديهي أن يكون الأمر كذلك باعتبار أن دعم دولتنا للاراضي المغتصبة واضح لا لبس فيه..فضلا عن ان شعار المهرجان سيكون "تونس تغني" لكن لمن ولماذا فهو أمر سيحدّده المبدعون..
غياب الانتاج والارادة
من جهة أخرى ونظرا للقيمة الفنية لمحدثنا وقربه من الاغلبية الساحقة للفنانين التونسيين بمختلف توجهاتهم حاولت "الصباح" معرفة رأيه حول هجرة بعض الفنانين ليقول صراحة: بالنسبة لي "تراب تونس ما يتبدلش لا بتراب فرنسا ولا فينيزولا" ثم ما مصير البلاد إذا استمرت هجرة الكفاءات في مختلف القطاعات. أنا شخصيا جميع أفراد عائلتي في ايطاليا لكن أفضل الغرق في سفينة تضم كل الفنانين التونسيين على أن ألجأ الى خدمات بلدان اخرى من أجل رغد العيش وتحسين الظروف المادية، والحال ان توحيد صفوف الفنانين في بلدنا سيثمر العديد من المكتسبات وإن طال الزمن.."
في ذات السياق يضيف محدثنا قائلا: "لا اتفق مع من يقول سبل العيش بالنسبة للموسيقيين ضيقة، بدليل اني في وقت من الاوقات اشتغلت على موسيقى الاندرغراوند التي لا تستسيغها الأضواء، في حين أنها عبارة عن التمرد على كل ما هو سائد من عادات وتقاليد.. وبما ان هذا النمط الموسيقي لا ترعاه الدولة كان لا بد من أن اشق الطريق بنفسي في مرحلة من مراحل مشواري الفني التي كان لها الأثر الواضح في تكويني الموسيقي.. ما اردت أن اؤكده هو أن أي فنان يختار منهجا معينا ويؤمن به لا بد أن يفتح له ابواب النجاح طال الزمن أو قصر. ومن غير المعقول أن تتحول الساحة الفنية الى بكائيات واستعطاف المسؤولين في ظل غياب الانتاج والارادة.."
في ذات السياق نوه الفنان الطاهر القيزاني الى القيمة الموسيقية بالنسبة لفناني الراب باعتبار أنهم شقوا طريقا خاصا بهم من خلال التكثيف من "الكليبات" والعمل على الانتشار أكثر ما يمكن في العالم العربي والعالم، دون الإغفال عن استغلال مواقع التواصل الاجتماعي والترسيخ لمقومات نمط موسيقي حديث.