إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

انطلق عرضه بقاعات السينما.. فيلم "عصفور الجنة" أول انتاج تونسي إيطالي.. جسر بين ثقافتين بلغة الكوميديا الساخرة

 

تونس - الصباح

طرح يوم أمس 25 سبتمبر 2024 فيلم "عصفور الجنة" بقاعات السينما التونسية ويعتبر هذا العمل التجربة الروائية الطويلة الأولى لمخرجه مراد بن الشيخ صاحب الخيارات الجمالية المتفردة في توجهاتها على مستوى المشهد الفني في بلادنا فالمخرج مراد بالشيخ جمع في أعماله بين شغف الصورة وأساليب تشكيلها وبين رؤى سردية تتماهى والراهن التونسي فيلامس في مشاريع وثائقية كانت أو روائية قصيرة القضايا الحارقة اجتماعيا وثقافيا على مستوى وطني وإقليمي (راعي النجوم، موسم بين الجحيم والجنة، ماري نوسترم والتاريخ في المتوسط ..) كما كان واحدا من مخرجي السينما الذين منحوا الأعمال الدرامية بعدا جماليا وتقنيا يضاهي جودة انتاجات الفن السابع (يوميات امرأة، فلاش باك )

اليوم يعود مراد بن الشيخ إلى شاشة السينما في "عصفور الجنة" (ASFOUR JENNA)، وهي كوميديا اجتماعية عن "أماديوس" رجل إيطالي أربعيني شغوف بالتحف القديمة وبـ"بدرة" امرأة تونسية مقيمة بصفة غير نظامية في إيطاليا يدعوها "بيتي". يقرر "أماديوس" بعد مضايقات شرطة بلاده لحبيبته  السفر إلى تونس للزواج من "بدرة" غير أن عائلتها تفرض على العريس الإيطالي تغيير اسمه ودينه والقيام بعملية الختان ..

عن الحياة اليومية للمجتمعات الغربية والشرقية على ضفتي المتوسط تلتقي الأفكار وتتصارع الاختلافات ليقدم مراد بن الشيخ مشهدا اجتماعيا بأسلوب نقدي ساخر يحاور عددا من القضايا منها موقف الشباب التونسي من الحياة ويتلخص في فرصة الهجرة إلى أوروبا وإشكاليات زواج التونسية المسلمة من غير المسلم.

فيلم "عصفور الجنة" (مدته 95 دقيقة) المقتبس عن رواية محمد رضا بن حمودة "La marmite d’Ayoub" يجسد أدواره الممثل الإيطالي نيكولا نوشيلا، أمل مناعي (دور بدرة/ بيتي)، يحي الفايدي، جمال المداني، سليم الذيب، أديب حمدي، محمود السعيدي، رياض حمدي، منيرة الزكراوي، إشراق مطر، شاكرة رمّاح، مراد غرسلي، فاطمة الفالحي، صلاح مصدق، يونس الفارحي، عبد الكريم البناني وظهور خاص لعبد الحميد بوشناق.

المخرج مراد بن الشيخ لـ"الصباح": أملك مفاتيح قراءة المشهدين التونسي والإيطالي و"عصفور الجنة" يعكس الراهن

كشف المخرج مراد بن الشيخ في لقائه مع "الصباح" على إثر العرض قبل الأول لفيلم "عصفور الجنة" بقاعة "الريو" بالعاصمة أن التعاون مع الكاتب محمد رضا بن حمودة كان دون قيد أو شرط فالصداقة تجمع بينهما وحين أهداه الرواية المتكونة من 360 صفحة اطلع على كل شخصياتها ورغم أن شخصيتي "بيتي وأدمايوس" ثانوية إلا أن الحكاية ألهمته لتقديم فيلم سينمائي وأكد مراد بالشيخ في هذا السياق أن التعاون مع محمد رضا بن حمودة كان سلسا فقد تبنى الفكرة وقام بتوظيفها سينمائيا مغيرا في بعض التفاصيل والوقائع بحكم اختلاف الرؤية والكاتب يدرك جيدا هذا الجانب.

وأقر مراد بن الشيخ بأنه أجرى تغييرات على تركيبة شخصية "أماديوس" من رجل كبير في السن حسب رواية "La marmite d’Ayoub" إلى رجل يعاني من السمنة واعتبر مخرج فيلم "عصفور الجنة" هذا التغيير مناسب لرؤيته ومعالجته السينمائية للقصة وعن تعامله مع نيكولا نوشيلا في دور "أماديوس" أشاد ضيف "الصباح" بالقدرة الرهيبة للممثل الإيطالي على تجسيد الشخصية موظفا أدواته بحرفية وعمق كبيران حتى أنه كان مدركا خلال مشاهده مع الممثلين التونسيين متى عليه التفاعل مع شركائه أمام الكاميرا رغم عدم فهمه للهجة التونسية.

وفي إطار حديثه عن الكاستينغ أكد مراد بن الشيخ لـ"الصباح" أنه يبحث دوما عن "الممثل النقي" بمعنى الشغوف والواعي في الآن نفسه بأبعاد ورسائل مهنته وبالتالي هو متمكن من أدواته فكريا وتقنيا لذلك راهن على أسماء لها القدرة على الإمساك جيدا بخيوط الشخصية المجسدة.

اليومي التونسي

وعن قضايا الفيلم المطروح بأسلوب نقدي ساخر أوضح مراد بن الشيخ لـ"الصباح" أنه ملتحم جيدا باليومي التونسي قائلا : "تعاملي مع الواقع من وجهة نظر إنسان يواكب حالة البلاد يوميا يعايش الأحداث الآنية من ناحية ويتابع من ناحية أخرى منجزات الفكر والفنون من اصدارات ومسرح وغيرها وذلك من منطلقات متعددة منها البسيكولوجية والسوسيولوجية وأعتقد أن على المخرج التدرب يوميا ويبحث في مجتمعه حتى يكون جاهزا حين يقرر انجاز عمل فني يعكس راهنه فمعرفته بمختلف وجهات نظر تسمح له بأن يكون صاحب رؤية واضحة".

وأضاف مراد بن الشيخ في حديثه عن مشاريعه السينمائية وغيرها أن كل عمل من أعماله تحد، فهو لا يسرد القصة مرتين مشددا على أنه ينطلق دوما من الصورة لاعتبارات مرجعية عديدة أهمّها تكوينه الأكاديمي في الفنون الجميلة وفنون الصورة.

العودة للسينما

وعن العودة للسينما بعد عدد من الانتاجات الدرامية وتأثير هذه التجربة على مساره أقر مراد بن الشيخ أنه عاتب نفسه بعض الشيء لغيابه عن مشروعه الأساسي السينما ومع ذلك أكد أن الدراما دفعته لهذه العودة قائلا: "الأشياء تتكامل .. وأعتقد أن تجربة التلفزة كان لا بد منها واعتز بأعمال قدمتها وكانت مهمة في لحظة إنجازها على غرار مسلسل "يوميات امرأة" كما فيلم "لا خوف بعد اليوم" والذي واكب الثورة في لحظتها بوجهة نظر معينة."

واعتبر مراد بن الشيخ تعاونه مع المنتح حبيب عطية نجاح جديد يجمعهما فقد سبق لهما تقاسم الكثير من المشاريع لتشابه الاهتمامات والأفكار كما أن تقديم عمل سينمائي هو أول انتاج تونسي إيطالي يعد منطقي بالنسبة له خاصة وأنه متماه مع كلا الثقافتين فهو التونسي الذي درس وتعلم بايطاليا والمتمكن من تفاصيل المجتمعين باختلافاته ونقاط تلاقيه قائلا في السياق : "أمثل جسرا بين البلدين وأتعايش مع الثقافتين دون صراع وأعتقد أني أتفاعل بسلاسة مع الواقع الايطالي كما التونسي وأملك مفاتيح القراءة للمشهدين."

 

جمال المداني لـ "الصباح":شخصية الامام تطلبت معادلة خاصة حتى لا تسيء للدين ورسالة الفيلم من الختان كانت قطعية

تحدث الممثل جمال المداني والذي تقمص شخصية الإمام (الشيخ كما يدعوه أبطال الفيلم) في "عصفور الجنة" عن تعاونه مع مراد بن الشيخ في الفيلم وبيّن في السياق أن تقاسم الأفكار مع المخرج والتناغم المهني فيما بينهما هو امتداد لعلاقة صداقة طويلة تجمعهما لذلك تمكن من منح شخصيته البعد المطلوب على مستوى الأداء خاصة وأن "الإمام" شخصية لها تأثيرها في أحداث الفيلم وعلى مستوى رسالته وبالتالي وكان من الضروري تحديد ملامحها حتى لا تُدرج في إطار الاستهزاء بالدين وفي الوقت نفسه تعكس فئة من رجال الدين في مجتمعاتنا قائلا : "الدور صعب ونجحنا في إيجاد معادلة توازن بين تقديم شخصية من المجتمع لها عيوب واظهار جانبها الإنساني الضعيف دون مساس بالدين فالإمام في الفيلم ينتقل بين المذهب المالكي والحنفي لعلل الزامية الطهارة من عدمها وهنا كان يجب علينا تحديد "جرعة" الكوميديا ومكانها دون السقوط في الجانب الكاريكاتوري.

وعن عبارة الختان التي مرت في ثوان قليلة في خطاب شخصية الامام في أحد المشاهد وكانت رسالتها واضحة في الفيلم، أقر جمال المداني بأهمية هذه الكلمات في حوار الشخصية والتي تعكس رسالة المخرج وصناع العمل وهي تجريم الختان وتأكيد على مكانة المرأة في الربوع التونسية كما جاء على لسان الامام.

ورفض جمال المداني – ويشاهده الجمهوره التونسي في الفترة القادمة في فيلم المنصف ذويب ومسرحية للمخرج العائد للركح البشير الدريسي- تميز الممثل المسرحي عن غيره مشددا على أن الممثل هو المتمكن من أدواته إن كان على الركح أو أمام الكاميرا والأداء يختلف بينهما موضحا أن المسرح له مكانته ويسمح للممثل بالقدرة على التعدد في الشخصيات ويكون جاهزا دوما لتقديم أي دور غير أن الوقوف أمام الكاميرا يتطلب تقنيات أداء مختلفة ، على الممثل كذلك ادراكها والتمكن منها وأشار في السياق لبطلة فيلم "عصفور الجنة" أمل مناعي وهي في الأساس مساعدة مخرج ومع ذلك أجادت دور "بدرة" وتفوقت في تجسيدها.

 

بطل "عصفور الجنة" الإيطالي نيكولا نوشيلا لـ"الصباح": أبهرني مستوى الحرفية في السينما التونسية وهذه تجربتي الأولى في افريقيا والعالم العربي

استعان المخرج مراد بن الشيخ في فيلم "عصفور الجنة" والذي انطلقت عروضه في قاعات السينما التونسية أمس 25 سبتمبر الحالي بالممثل الايطالي نيكولا نوشيلا في تجسيد شخصية "أماديوس" الرجل الاربعيني العاشق للتحف القديمة والمرتبط بوالدته التي تطلب منه وهو الطفل الاعتراف يوميا وهي تصلي في الكنيسة برفقته ليكبر "أماديوس" ويقع في حب امرأة تونسية مسلمة ..

هذه الشخصية جسدها نيكولا نوشيلا بإتقان شديد يعكس عمق موهبة هذا الممثل وليس بغريب عن نيكولا نوشيلا صاحب جوائز الأداء منذ بداياته الأولى  .. نيكولا نوشيلا المتوج بجائزة لوكارنو السينمائي عن فيلمه الملهم "Easy" (انتاج إيطالي اوكراني 2017)  كشف لـ"الصباح" أن فيلم "عصفور الجنة" هو أول مشاركة له في عمل عربي وافريقي وعبر عن مدى انبهاره بحرفية التونسيين في موقع التصوير وتميز المضامين والمواضيع المطروحة في السينما التونسية وأنه ممتن لهذه التجربة مع مراد بن الشيخ التي منحته فكرة عن سينما مختلفة وأشاد نيكولا نوشيلا في حديثه لـ"الصباح" بإمكانيات الممثلين التونسيين على مستوى الأداء.  

وعن تعاونه مع مخرج "عصفور الجنة" قال نيكولا نوشيلا لـ"الصباح": "لم أكن على معرفة سابقة بمراد بن الشيخ ولكن العمل معه كان جيدا جدا وهو عميق ومتطلب ويهتم بالتفاصيل في تحضيرات الفيلم وهذه الصفات كانت تتماشى مع خياراتي الفنية حتى أننا عملنا لليلة كاملة على طريقة مشي أماديوس وطلب مني انقاص بعضا من وزني وحقيقة تمتعت كثيرا بالتمثيل  في فيلم "عصفور الجنة" وأضاف مازحا وتعلمت بعض العبارات التونسية.

 

المنتج حبيب عطية لـ"الصباح":  "عصفور الجنة" مبرمج للعرض في إيطاليا والسينما التونسية قادرة على الأفضل ..

أفاد المنتج حبيب عطية "الصباح" أن فيلم "عصفور الجنة" هو أول انتاج مشترك رسمي تونسي إيطالي وبالتالي الفيلم يحمل جواز سفر كلا البلدين وسيتم عرضه في إيطاليا كما في تونس.

وذكر حبيب عطية أن الإنتاج المشترك من المسالك التي يعتمدها كثيرا في تنفيذ أفلامه غير أن هذا العمل مختلف وهو موجه للجمهور الإيطالي ويطرح قضايا تهمه على غرار اهتمامه بالواقع اليومي للتونسيين مؤكدا أن "عصفور الجنة" انطلق من سوء فهم بين المجتمعين على عدة مستويات وبأسلوب كوميدي ساخر ليكون ضمنيا تشارك التونسيين والايطاليين وغيرهما من شعوب ضفتي المتوسط للقيم الثقافية والإنسانية بعيدا عن الاختلافات الأيديولوجية وغيرها.

وأكد حبيب عطية أن فيلم "عصفور الجنة" كما أضحك الجمهور التونسي شهد ردود الفعل نفسها من قبل الايطاليين الذين شاهدوا العمل وهذا يؤكد نجاح الفيلم في الوصول لوجدان المشاهد واستفزاز أفكاره ومشاعره.

وعن التعاون مع القطاع الخاص في مجال الإنتاج السينمائي نوّه حبيب عطية بهذه التجربة مع مؤسسة "Le 15 SARL" في فيلم "عصفور الجنة" وشدد على ضرورة تكامل الثقافة والاقتصاد لتقديم انتاجات فنية خاصة وأن السينما التونسية تملك جمهورا مستهلكا لهذه الأعمال.

وأكد المنتح حبيب عطية لـ"الصباح" أهمية تطوير التشريعات وإمكانات العرض وقاعات السينما وخلق سوق للسينمائيين التونسيين والمبدعين عموما في بلادنا ايمانا منه بقدرة الثقافة على التنمية ودعم الاقتصاد وذلك حسب عديد الاحصائيات التي تشير في تقاريرها للسينما باعتبارها قطاعا واعدا تنمويا واقتصاديا.

وشدد حبيب عطية على أهمية منح الجمهور التونسي انتاجات فنية تلامس قضاياه قائلا: "التونسي متعطش لهويته في المنجز الإبداعي حتى لو انتقد هذه الانتاجات فهذا دليل على تفاعله واستيعابه ورغبته في استهلاك المنتوج الثقافي التونسي".

وأشاد منتج فيلم "عصفور الجنة" و"عايشة" في 2024 وغيرها من الانتاجات السينمائية السابقة وعدد منها نال جوائز دولية في "كان" والبندقية  ورشح للأوسكار، بقطاع الفن السابع في بلادنا مشددا على أن السينما التونسية لم تقدم بعد ما هي قادرة عليه وعلى مستوى دولي.

 نجلاء قموع

مراد الغرسلي أحد  شخصيات  الفيلم لـ"الصباح": المسرحيون في "عصفور جنة" أضافوا الكثير على مستوى توظيف كوميديا الموقف

بين الفنان مراد الغرسلي أحد شخصيات  فيلم "عصفور جنة" (سيناريو وإخراج مراد بالشيخ وانتاج الحبيب عطية) لـ"الصباح" أنه تمت دعوته لإجراء"كاستينغ" من أجل تقمص دور "مبروك" عم "بدرة" المرأة المسلمة التي تربطها علاقة عاطفية بتاجر تحف قديمة إيطالي يدعى "ماديوس".. علاقة تحمل الكثير من التحديات الثقافية والدينية باعتبار أن الحبيبين لا يعتنقان نفس الديانة..

أما دور مبروك فيرى محدثنا أنه "مختلف عن بقية الأدوار المتقمصة طيلة مسيرته الفنية بل كان فرصة لإثبات إمكانياته في المجال الكوميدي كما التراجيدي، إضافة إلى أهمية وكيفية طرح المواضيع في "عصفور جنة" التي تناولت جوانب اجتماعية تمس عمق الحياة "التونسية" بأسلوب كوميدي متميز "..

+ كوميديا الوضعية وليست كوميديا الحركة

ومن بين نقاط قوة "الكاستينغ" حسب الفنان مراد الغرسلي هو اعتماد المخرج مراد بالشيخ نجوما في العمل تسعون بالمائة منهم مسرحيون بالأساس على غرار جمال المداني وفاطمة الفالحي ورياض حمدي وشاكرة رماح وسليم الذيب وصلاح مصدق والبطلة ٱمال المناعي في أول تجربة والتي سبق لها أن كانت من بين التقنيين الذين اشتغلوا مع المخرج في أعمال سابقة.. مما أضفى على العمل فارق على مستوى الأداء "..

بالنسبة للفكرة والسيناريو بين الغرسلي أن الفيلم" طريزة"، خاصة فيما يتعلق بأحداث "كوميديا الوضعية".. كوميديا الكلمة وليست كوميديا الحركة التي تقطع مع الإسفاف والتهريج المجاني.. فضلا عن ازدواجية السيناريو باعتبار أنه جمع بين كوميديا الموقف والكثير من الأحداث المجسدة لأبعاد فلسفية معمقة من خلال النبش في واقعنا الاجتماعي على غرار معضلة الهجرة غير المنظمة وتلك الفتاة التي هاجرت الى ايطاليا أين تعرفت على تاجر التحف القديمة لنقل سوء المعاملة والعنصرية ما وراء البحار ، الفتاة التي تمثل  غيضا من فيض ومثالا من اهوال ما يصلنا من أخبار صادمة تتعلق بشبابنا.. فضلا عن تلك المفارقة التي اعتمد المخرج إبرازها وهي ضرورة التسامح بين الاديان كما قبول اختلاف الٱخر"..

من جهة أخرى، في ذات السياق وفي إطار تعدد خصائص المجتمع التونسي أضاف محدثنا أن "عصفور جنة" "يسلط الضوء على عقلية الكثير من التونسيين البسطاء وكيف ينظرون الى الأجانب المقيمين في تونس من حيث استغلالهم ومحاولة السفر خارج حدود الوطن بعد الوعود التي تحمل في طياتها الكثير من "الدونية" والتواكل على الغير.. طبعا بشكل هزلي -وإن كان مبالغا فيه مقارنة بالواقع- لأن الأهم هو إيصال الفكرة للمتفرج.."

"الخروج الى المسرح.. الخروج الى الحياة" هامة ولكن!

بما أن مراد الغرسلي أحد أبطال فيلم "عصفور جنة" مسرحي بالأساس، فقد وجهنا له السؤال حول الدورة الخامسة لتظاهرة "الخروج الى المسرح.. الخروج الى الحياة" تنظيم مسرح اوبرا تونس قطبي المسرح والفنون الركحية، وكيف يرى مسألة إعادة مسرحيات في هذه التظاهرة.. ليقول :  نتمنى أن يكون المهرجان بأكثر عدد ممكن من الأعمال المسرحية وتوزيع العروض بكثافة، ولم لا عوض أن يعرض عملان كل يوم طيلة ستة ايام، تبرمج عشرات المسرحيات التونسية من شانها أن تؤمن لخصائص مهرجان محلي يحتفي باهم الأعمال ويعمل على تشجيع الطاقات الإبداعية.. ثم إن مسألة إعادة عرض مسرحيات معينة على غرار "ٱخر البحر" و"بخارة" وغيرها من الأعمال في تظاهرة "الخروج الى المسرح.. الخروج الى الحياة" صحية باعتبار أن الكثير من رواد الفن الرابع لم يتمكنوا من متابعتها سابقا فضلا عن ان عرضها في فضاءات مختلفة لم تكن بصفة متواترة"..

في ذات السياق يقترح محدثنا بخصوص مشاركة أغلب الأعمال المسرحية في هذه التظاهرة الهامة : " امكانية مشاركة الأعمال التي تم انتقاؤها في لجنة الشراءات سنة 2023 ، وبالتالي نضمن مشاهدة أكثر عدد ممكن من المسرحيات كل سنة.. "

أما عن جديد مراد الغرسلي فقد أكد لـ"الصباح " أنه "بصدد الاستعداد لعمل مسرحي جديد تأليف الشاعر عادل الجريدي، رغم ان مسألة الانتاج لم تحسم بعد، قائلا  في هذا الصدد: مبدئيا تم الاتفاق مع مركز الفنون الدرامية بالمهدية ونأمل أن يكون حاضرا خلال الاشهر القليلة القادمة.."

وليد عبد اللاوي

انطلق عرضه بقاعات السينما..   فيلم "عصفور الجنة" أول انتاج تونسي إيطالي.. جسر بين ثقافتين بلغة الكوميديا الساخرة

 

تونس - الصباح

طرح يوم أمس 25 سبتمبر 2024 فيلم "عصفور الجنة" بقاعات السينما التونسية ويعتبر هذا العمل التجربة الروائية الطويلة الأولى لمخرجه مراد بن الشيخ صاحب الخيارات الجمالية المتفردة في توجهاتها على مستوى المشهد الفني في بلادنا فالمخرج مراد بالشيخ جمع في أعماله بين شغف الصورة وأساليب تشكيلها وبين رؤى سردية تتماهى والراهن التونسي فيلامس في مشاريع وثائقية كانت أو روائية قصيرة القضايا الحارقة اجتماعيا وثقافيا على مستوى وطني وإقليمي (راعي النجوم، موسم بين الجحيم والجنة، ماري نوسترم والتاريخ في المتوسط ..) كما كان واحدا من مخرجي السينما الذين منحوا الأعمال الدرامية بعدا جماليا وتقنيا يضاهي جودة انتاجات الفن السابع (يوميات امرأة، فلاش باك )

اليوم يعود مراد بن الشيخ إلى شاشة السينما في "عصفور الجنة" (ASFOUR JENNA)، وهي كوميديا اجتماعية عن "أماديوس" رجل إيطالي أربعيني شغوف بالتحف القديمة وبـ"بدرة" امرأة تونسية مقيمة بصفة غير نظامية في إيطاليا يدعوها "بيتي". يقرر "أماديوس" بعد مضايقات شرطة بلاده لحبيبته  السفر إلى تونس للزواج من "بدرة" غير أن عائلتها تفرض على العريس الإيطالي تغيير اسمه ودينه والقيام بعملية الختان ..

عن الحياة اليومية للمجتمعات الغربية والشرقية على ضفتي المتوسط تلتقي الأفكار وتتصارع الاختلافات ليقدم مراد بن الشيخ مشهدا اجتماعيا بأسلوب نقدي ساخر يحاور عددا من القضايا منها موقف الشباب التونسي من الحياة ويتلخص في فرصة الهجرة إلى أوروبا وإشكاليات زواج التونسية المسلمة من غير المسلم.

فيلم "عصفور الجنة" (مدته 95 دقيقة) المقتبس عن رواية محمد رضا بن حمودة "La marmite d’Ayoub" يجسد أدواره الممثل الإيطالي نيكولا نوشيلا، أمل مناعي (دور بدرة/ بيتي)، يحي الفايدي، جمال المداني، سليم الذيب، أديب حمدي، محمود السعيدي، رياض حمدي، منيرة الزكراوي، إشراق مطر، شاكرة رمّاح، مراد غرسلي، فاطمة الفالحي، صلاح مصدق، يونس الفارحي، عبد الكريم البناني وظهور خاص لعبد الحميد بوشناق.

المخرج مراد بن الشيخ لـ"الصباح": أملك مفاتيح قراءة المشهدين التونسي والإيطالي و"عصفور الجنة" يعكس الراهن

كشف المخرج مراد بن الشيخ في لقائه مع "الصباح" على إثر العرض قبل الأول لفيلم "عصفور الجنة" بقاعة "الريو" بالعاصمة أن التعاون مع الكاتب محمد رضا بن حمودة كان دون قيد أو شرط فالصداقة تجمع بينهما وحين أهداه الرواية المتكونة من 360 صفحة اطلع على كل شخصياتها ورغم أن شخصيتي "بيتي وأدمايوس" ثانوية إلا أن الحكاية ألهمته لتقديم فيلم سينمائي وأكد مراد بالشيخ في هذا السياق أن التعاون مع محمد رضا بن حمودة كان سلسا فقد تبنى الفكرة وقام بتوظيفها سينمائيا مغيرا في بعض التفاصيل والوقائع بحكم اختلاف الرؤية والكاتب يدرك جيدا هذا الجانب.

وأقر مراد بن الشيخ بأنه أجرى تغييرات على تركيبة شخصية "أماديوس" من رجل كبير في السن حسب رواية "La marmite d’Ayoub" إلى رجل يعاني من السمنة واعتبر مخرج فيلم "عصفور الجنة" هذا التغيير مناسب لرؤيته ومعالجته السينمائية للقصة وعن تعامله مع نيكولا نوشيلا في دور "أماديوس" أشاد ضيف "الصباح" بالقدرة الرهيبة للممثل الإيطالي على تجسيد الشخصية موظفا أدواته بحرفية وعمق كبيران حتى أنه كان مدركا خلال مشاهده مع الممثلين التونسيين متى عليه التفاعل مع شركائه أمام الكاميرا رغم عدم فهمه للهجة التونسية.

وفي إطار حديثه عن الكاستينغ أكد مراد بن الشيخ لـ"الصباح" أنه يبحث دوما عن "الممثل النقي" بمعنى الشغوف والواعي في الآن نفسه بأبعاد ورسائل مهنته وبالتالي هو متمكن من أدواته فكريا وتقنيا لذلك راهن على أسماء لها القدرة على الإمساك جيدا بخيوط الشخصية المجسدة.

اليومي التونسي

وعن قضايا الفيلم المطروح بأسلوب نقدي ساخر أوضح مراد بن الشيخ لـ"الصباح" أنه ملتحم جيدا باليومي التونسي قائلا : "تعاملي مع الواقع من وجهة نظر إنسان يواكب حالة البلاد يوميا يعايش الأحداث الآنية من ناحية ويتابع من ناحية أخرى منجزات الفكر والفنون من اصدارات ومسرح وغيرها وذلك من منطلقات متعددة منها البسيكولوجية والسوسيولوجية وأعتقد أن على المخرج التدرب يوميا ويبحث في مجتمعه حتى يكون جاهزا حين يقرر انجاز عمل فني يعكس راهنه فمعرفته بمختلف وجهات نظر تسمح له بأن يكون صاحب رؤية واضحة".

وأضاف مراد بن الشيخ في حديثه عن مشاريعه السينمائية وغيرها أن كل عمل من أعماله تحد، فهو لا يسرد القصة مرتين مشددا على أنه ينطلق دوما من الصورة لاعتبارات مرجعية عديدة أهمّها تكوينه الأكاديمي في الفنون الجميلة وفنون الصورة.

العودة للسينما

وعن العودة للسينما بعد عدد من الانتاجات الدرامية وتأثير هذه التجربة على مساره أقر مراد بن الشيخ أنه عاتب نفسه بعض الشيء لغيابه عن مشروعه الأساسي السينما ومع ذلك أكد أن الدراما دفعته لهذه العودة قائلا: "الأشياء تتكامل .. وأعتقد أن تجربة التلفزة كان لا بد منها واعتز بأعمال قدمتها وكانت مهمة في لحظة إنجازها على غرار مسلسل "يوميات امرأة" كما فيلم "لا خوف بعد اليوم" والذي واكب الثورة في لحظتها بوجهة نظر معينة."

واعتبر مراد بن الشيخ تعاونه مع المنتح حبيب عطية نجاح جديد يجمعهما فقد سبق لهما تقاسم الكثير من المشاريع لتشابه الاهتمامات والأفكار كما أن تقديم عمل سينمائي هو أول انتاج تونسي إيطالي يعد منطقي بالنسبة له خاصة وأنه متماه مع كلا الثقافتين فهو التونسي الذي درس وتعلم بايطاليا والمتمكن من تفاصيل المجتمعين باختلافاته ونقاط تلاقيه قائلا في السياق : "أمثل جسرا بين البلدين وأتعايش مع الثقافتين دون صراع وأعتقد أني أتفاعل بسلاسة مع الواقع الايطالي كما التونسي وأملك مفاتيح القراءة للمشهدين."

 

جمال المداني لـ "الصباح":شخصية الامام تطلبت معادلة خاصة حتى لا تسيء للدين ورسالة الفيلم من الختان كانت قطعية

تحدث الممثل جمال المداني والذي تقمص شخصية الإمام (الشيخ كما يدعوه أبطال الفيلم) في "عصفور الجنة" عن تعاونه مع مراد بن الشيخ في الفيلم وبيّن في السياق أن تقاسم الأفكار مع المخرج والتناغم المهني فيما بينهما هو امتداد لعلاقة صداقة طويلة تجمعهما لذلك تمكن من منح شخصيته البعد المطلوب على مستوى الأداء خاصة وأن "الإمام" شخصية لها تأثيرها في أحداث الفيلم وعلى مستوى رسالته وبالتالي وكان من الضروري تحديد ملامحها حتى لا تُدرج في إطار الاستهزاء بالدين وفي الوقت نفسه تعكس فئة من رجال الدين في مجتمعاتنا قائلا : "الدور صعب ونجحنا في إيجاد معادلة توازن بين تقديم شخصية من المجتمع لها عيوب واظهار جانبها الإنساني الضعيف دون مساس بالدين فالإمام في الفيلم ينتقل بين المذهب المالكي والحنفي لعلل الزامية الطهارة من عدمها وهنا كان يجب علينا تحديد "جرعة" الكوميديا ومكانها دون السقوط في الجانب الكاريكاتوري.

وعن عبارة الختان التي مرت في ثوان قليلة في خطاب شخصية الامام في أحد المشاهد وكانت رسالتها واضحة في الفيلم، أقر جمال المداني بأهمية هذه الكلمات في حوار الشخصية والتي تعكس رسالة المخرج وصناع العمل وهي تجريم الختان وتأكيد على مكانة المرأة في الربوع التونسية كما جاء على لسان الامام.

ورفض جمال المداني – ويشاهده الجمهوره التونسي في الفترة القادمة في فيلم المنصف ذويب ومسرحية للمخرج العائد للركح البشير الدريسي- تميز الممثل المسرحي عن غيره مشددا على أن الممثل هو المتمكن من أدواته إن كان على الركح أو أمام الكاميرا والأداء يختلف بينهما موضحا أن المسرح له مكانته ويسمح للممثل بالقدرة على التعدد في الشخصيات ويكون جاهزا دوما لتقديم أي دور غير أن الوقوف أمام الكاميرا يتطلب تقنيات أداء مختلفة ، على الممثل كذلك ادراكها والتمكن منها وأشار في السياق لبطلة فيلم "عصفور الجنة" أمل مناعي وهي في الأساس مساعدة مخرج ومع ذلك أجادت دور "بدرة" وتفوقت في تجسيدها.

 

بطل "عصفور الجنة" الإيطالي نيكولا نوشيلا لـ"الصباح": أبهرني مستوى الحرفية في السينما التونسية وهذه تجربتي الأولى في افريقيا والعالم العربي

استعان المخرج مراد بن الشيخ في فيلم "عصفور الجنة" والذي انطلقت عروضه في قاعات السينما التونسية أمس 25 سبتمبر الحالي بالممثل الايطالي نيكولا نوشيلا في تجسيد شخصية "أماديوس" الرجل الاربعيني العاشق للتحف القديمة والمرتبط بوالدته التي تطلب منه وهو الطفل الاعتراف يوميا وهي تصلي في الكنيسة برفقته ليكبر "أماديوس" ويقع في حب امرأة تونسية مسلمة ..

هذه الشخصية جسدها نيكولا نوشيلا بإتقان شديد يعكس عمق موهبة هذا الممثل وليس بغريب عن نيكولا نوشيلا صاحب جوائز الأداء منذ بداياته الأولى  .. نيكولا نوشيلا المتوج بجائزة لوكارنو السينمائي عن فيلمه الملهم "Easy" (انتاج إيطالي اوكراني 2017)  كشف لـ"الصباح" أن فيلم "عصفور الجنة" هو أول مشاركة له في عمل عربي وافريقي وعبر عن مدى انبهاره بحرفية التونسيين في موقع التصوير وتميز المضامين والمواضيع المطروحة في السينما التونسية وأنه ممتن لهذه التجربة مع مراد بن الشيخ التي منحته فكرة عن سينما مختلفة وأشاد نيكولا نوشيلا في حديثه لـ"الصباح" بإمكانيات الممثلين التونسيين على مستوى الأداء.  

وعن تعاونه مع مخرج "عصفور الجنة" قال نيكولا نوشيلا لـ"الصباح": "لم أكن على معرفة سابقة بمراد بن الشيخ ولكن العمل معه كان جيدا جدا وهو عميق ومتطلب ويهتم بالتفاصيل في تحضيرات الفيلم وهذه الصفات كانت تتماشى مع خياراتي الفنية حتى أننا عملنا لليلة كاملة على طريقة مشي أماديوس وطلب مني انقاص بعضا من وزني وحقيقة تمتعت كثيرا بالتمثيل  في فيلم "عصفور الجنة" وأضاف مازحا وتعلمت بعض العبارات التونسية.

 

المنتج حبيب عطية لـ"الصباح":  "عصفور الجنة" مبرمج للعرض في إيطاليا والسينما التونسية قادرة على الأفضل ..

أفاد المنتج حبيب عطية "الصباح" أن فيلم "عصفور الجنة" هو أول انتاج مشترك رسمي تونسي إيطالي وبالتالي الفيلم يحمل جواز سفر كلا البلدين وسيتم عرضه في إيطاليا كما في تونس.

وذكر حبيب عطية أن الإنتاج المشترك من المسالك التي يعتمدها كثيرا في تنفيذ أفلامه غير أن هذا العمل مختلف وهو موجه للجمهور الإيطالي ويطرح قضايا تهمه على غرار اهتمامه بالواقع اليومي للتونسيين مؤكدا أن "عصفور الجنة" انطلق من سوء فهم بين المجتمعين على عدة مستويات وبأسلوب كوميدي ساخر ليكون ضمنيا تشارك التونسيين والايطاليين وغيرهما من شعوب ضفتي المتوسط للقيم الثقافية والإنسانية بعيدا عن الاختلافات الأيديولوجية وغيرها.

وأكد حبيب عطية أن فيلم "عصفور الجنة" كما أضحك الجمهور التونسي شهد ردود الفعل نفسها من قبل الايطاليين الذين شاهدوا العمل وهذا يؤكد نجاح الفيلم في الوصول لوجدان المشاهد واستفزاز أفكاره ومشاعره.

وعن التعاون مع القطاع الخاص في مجال الإنتاج السينمائي نوّه حبيب عطية بهذه التجربة مع مؤسسة "Le 15 SARL" في فيلم "عصفور الجنة" وشدد على ضرورة تكامل الثقافة والاقتصاد لتقديم انتاجات فنية خاصة وأن السينما التونسية تملك جمهورا مستهلكا لهذه الأعمال.

وأكد المنتح حبيب عطية لـ"الصباح" أهمية تطوير التشريعات وإمكانات العرض وقاعات السينما وخلق سوق للسينمائيين التونسيين والمبدعين عموما في بلادنا ايمانا منه بقدرة الثقافة على التنمية ودعم الاقتصاد وذلك حسب عديد الاحصائيات التي تشير في تقاريرها للسينما باعتبارها قطاعا واعدا تنمويا واقتصاديا.

وشدد حبيب عطية على أهمية منح الجمهور التونسي انتاجات فنية تلامس قضاياه قائلا: "التونسي متعطش لهويته في المنجز الإبداعي حتى لو انتقد هذه الانتاجات فهذا دليل على تفاعله واستيعابه ورغبته في استهلاك المنتوج الثقافي التونسي".

وأشاد منتج فيلم "عصفور الجنة" و"عايشة" في 2024 وغيرها من الانتاجات السينمائية السابقة وعدد منها نال جوائز دولية في "كان" والبندقية  ورشح للأوسكار، بقطاع الفن السابع في بلادنا مشددا على أن السينما التونسية لم تقدم بعد ما هي قادرة عليه وعلى مستوى دولي.

 نجلاء قموع

مراد الغرسلي أحد  شخصيات  الفيلم لـ"الصباح": المسرحيون في "عصفور جنة" أضافوا الكثير على مستوى توظيف كوميديا الموقف

بين الفنان مراد الغرسلي أحد شخصيات  فيلم "عصفور جنة" (سيناريو وإخراج مراد بالشيخ وانتاج الحبيب عطية) لـ"الصباح" أنه تمت دعوته لإجراء"كاستينغ" من أجل تقمص دور "مبروك" عم "بدرة" المرأة المسلمة التي تربطها علاقة عاطفية بتاجر تحف قديمة إيطالي يدعى "ماديوس".. علاقة تحمل الكثير من التحديات الثقافية والدينية باعتبار أن الحبيبين لا يعتنقان نفس الديانة..

أما دور مبروك فيرى محدثنا أنه "مختلف عن بقية الأدوار المتقمصة طيلة مسيرته الفنية بل كان فرصة لإثبات إمكانياته في المجال الكوميدي كما التراجيدي، إضافة إلى أهمية وكيفية طرح المواضيع في "عصفور جنة" التي تناولت جوانب اجتماعية تمس عمق الحياة "التونسية" بأسلوب كوميدي متميز "..

+ كوميديا الوضعية وليست كوميديا الحركة

ومن بين نقاط قوة "الكاستينغ" حسب الفنان مراد الغرسلي هو اعتماد المخرج مراد بالشيخ نجوما في العمل تسعون بالمائة منهم مسرحيون بالأساس على غرار جمال المداني وفاطمة الفالحي ورياض حمدي وشاكرة رماح وسليم الذيب وصلاح مصدق والبطلة ٱمال المناعي في أول تجربة والتي سبق لها أن كانت من بين التقنيين الذين اشتغلوا مع المخرج في أعمال سابقة.. مما أضفى على العمل فارق على مستوى الأداء "..

بالنسبة للفكرة والسيناريو بين الغرسلي أن الفيلم" طريزة"، خاصة فيما يتعلق بأحداث "كوميديا الوضعية".. كوميديا الكلمة وليست كوميديا الحركة التي تقطع مع الإسفاف والتهريج المجاني.. فضلا عن ازدواجية السيناريو باعتبار أنه جمع بين كوميديا الموقف والكثير من الأحداث المجسدة لأبعاد فلسفية معمقة من خلال النبش في واقعنا الاجتماعي على غرار معضلة الهجرة غير المنظمة وتلك الفتاة التي هاجرت الى ايطاليا أين تعرفت على تاجر التحف القديمة لنقل سوء المعاملة والعنصرية ما وراء البحار ، الفتاة التي تمثل  غيضا من فيض ومثالا من اهوال ما يصلنا من أخبار صادمة تتعلق بشبابنا.. فضلا عن تلك المفارقة التي اعتمد المخرج إبرازها وهي ضرورة التسامح بين الاديان كما قبول اختلاف الٱخر"..

من جهة أخرى، في ذات السياق وفي إطار تعدد خصائص المجتمع التونسي أضاف محدثنا أن "عصفور جنة" "يسلط الضوء على عقلية الكثير من التونسيين البسطاء وكيف ينظرون الى الأجانب المقيمين في تونس من حيث استغلالهم ومحاولة السفر خارج حدود الوطن بعد الوعود التي تحمل في طياتها الكثير من "الدونية" والتواكل على الغير.. طبعا بشكل هزلي -وإن كان مبالغا فيه مقارنة بالواقع- لأن الأهم هو إيصال الفكرة للمتفرج.."

"الخروج الى المسرح.. الخروج الى الحياة" هامة ولكن!

بما أن مراد الغرسلي أحد أبطال فيلم "عصفور جنة" مسرحي بالأساس، فقد وجهنا له السؤال حول الدورة الخامسة لتظاهرة "الخروج الى المسرح.. الخروج الى الحياة" تنظيم مسرح اوبرا تونس قطبي المسرح والفنون الركحية، وكيف يرى مسألة إعادة مسرحيات في هذه التظاهرة.. ليقول :  نتمنى أن يكون المهرجان بأكثر عدد ممكن من الأعمال المسرحية وتوزيع العروض بكثافة، ولم لا عوض أن يعرض عملان كل يوم طيلة ستة ايام، تبرمج عشرات المسرحيات التونسية من شانها أن تؤمن لخصائص مهرجان محلي يحتفي باهم الأعمال ويعمل على تشجيع الطاقات الإبداعية.. ثم إن مسألة إعادة عرض مسرحيات معينة على غرار "ٱخر البحر" و"بخارة" وغيرها من الأعمال في تظاهرة "الخروج الى المسرح.. الخروج الى الحياة" صحية باعتبار أن الكثير من رواد الفن الرابع لم يتمكنوا من متابعتها سابقا فضلا عن ان عرضها في فضاءات مختلفة لم تكن بصفة متواترة"..

في ذات السياق يقترح محدثنا بخصوص مشاركة أغلب الأعمال المسرحية في هذه التظاهرة الهامة : " امكانية مشاركة الأعمال التي تم انتقاؤها في لجنة الشراءات سنة 2023 ، وبالتالي نضمن مشاهدة أكثر عدد ممكن من المسرحيات كل سنة.. "

أما عن جديد مراد الغرسلي فقد أكد لـ"الصباح " أنه "بصدد الاستعداد لعمل مسرحي جديد تأليف الشاعر عادل الجريدي، رغم ان مسألة الانتاج لم تحسم بعد، قائلا  في هذا الصدد: مبدئيا تم الاتفاق مع مركز الفنون الدرامية بالمهدية ونأمل أن يكون حاضرا خلال الاشهر القليلة القادمة.."

وليد عبد اللاوي