إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

كريم الثليبي لــ"الصباح": كم نحن في حاجة لتعدد وجهات النظر في الموسيقى بعيدا عن الاستسهال والمنفعية

تونس - الصباح

كشف الأكاديمي والمؤلف الموسيقي كریم الثلیبي لـ"الصباح" أن أحدث مشاريعه الفنية "تخيل" المستوحى من رواية محسن بن نفيسة "غدا .. يوم القيامة" هو عرض موسيقي ينقل اللحظة أي حالات نفسية محددة لسيدة عجوز في محطة للقطار تعيش لحظات الانتظار، الأمل، الفرح والألم متابعا قوله : "لا نعرف من تكون هذه السيدة أو من أين هي قادمة لكن ندرك أنها تونسية ومن الأعماق وحين أصبحت هذه العجوز مكفوفة فرحت كثيرا فقد تخلصت بفقدانها البصر من ضغط نظرة الآخرين "العنصرية" .. لقد كان الصوت في حكاية هذه السيدة (أداء الممثلة فوزية بدر) بعرض "تخيل" أعدل من الصورة وبالتالي كانت الموسيقى في هذه الوضعية أعدل من الألوان والصور.."

وأضاف كريم الثليبي المختص في البسیكودراما الموسیقیة في ذات السياق : "مشروع "تخيل" ليس قصائد أو نصوص مغناة وليس إعادة كتابة أو تحويل الرواية إلى موسيقى وإنمّا هو تصور مستلهم من روح الرواية الوجودية التي تتناول الجسد كوعاء للروح فعندما يشيخ هذا الجسد ويستنزف ويصبح مستهلكا تبرز أوجاعه اليومية من أمراض وآلام وضغوطات نفسية .. وهنا تكمن مكنونات الرواية .. ففي "غدا .. يوم القيامة" يحدثنا محسن بن نفسية عن ماهية أخرى للإنسان بعيدا عن مكبلات الجسد وهذا ما دفعني للاشتغال على مشروع "تخيل" وهو سيكودراما موسيقية تنقل لحظة نفسية درامية محددة جدا من خلال الموسيقى مع الاركسترا بقيادة محمد بن سلامة وكورال أصوات أوبرا تونس بقيادة إلياس البلايقي والفنانين محمد علي شبيل، هيثم الحذيري، صابر الرضواني، سيرين الهرابي، حمدي الجموسي، نصر الدين الشبلي، هادي الفاهم، هارون القروي والفلسطينية ناي البرغوثي أمّا على مستوى التصور السينمائي والفيديو فكان بتوقيع عبد الحميد بوشناق، المونتاج لهاشم صويلح والمؤثرات السينمائية رامي الجربوعي، كوريغرافيا عبد القادر دريحلي والإخراج المسرحي لوليد الدغسني.

ونفى المؤلف والملحن كريم الثليبي أن يكون اختيار عنونة عرضه المستوحى من رواية محسن بن نفيسة بعبارة "تخيل" عوضا عن  "غدا ...  يوم القيامة" لأسباب رقابية مشددا في هذا الإطار على العامل التسويقي للخيار وأنه يرفض بتاتا أن تنضوي أعماله تحت بند "الرقابة".

وعن تعاونه مع كاتب "غدا ... يوم القيامة" ومدى تدخل صاحب الرواية في مشروعه الموسيقي أفاد كريم الثليبي "الصباح" بأن جلسات عمل جمعته بالكاتب محسن بن نفيسة وهو مثقف وإنسان راق وقد منحه كل الحرية في التعامل مع روايته دون قيد ولا شرط.

وعن المختلف في مشروع "تخيل" عن مشاريعه الموسيقية السابقة أوضح كريم الثليبي لـ"الصباح" أن تجربته الأكاديمية وعلى مستوى التأليف والبحث الموسيقي هي تراكمات تحثه على التطور من مشروع إلى آخر ولعّل مع "تخيل" وعروضه الأخيرة وأبرزها اختتام الدورة الثامنة والخمسين من مهرجان الحمامات الدولي أًصبحت هناك فرص أكبر لبرمجة أعماله خارج تونس، فقد حظي العمل بعدد من المقترحات لبرمجة دولية وفي السياق يشدد ضيف "الصباح" على فكرة تعدد مجالات تعبيرات الموسيقى التونسية فمنها موسيقى الأشياء، الفضاءات والألوان وهي بذلك ثرية جدا مقرا بأهمية البعد النفسي في هذه الايقاعات المشحونة بالرمزية وبالمعنى لذلك يؤمن بدور تعدد الرؤى في تطوير الموسيقى التونسية خاصة وأن أثرها وحضورها لافت على مستوى البحوث المعاصرة في مجال علوم الموسيقى.

وعن تجربته الخاصة في خانة البحث والتجديد الموسيقي أكد كريم الثليبي لـ"الصباح" أنه لا يقدم بديلا بل هو وجهة نظر في مجال يحتاج لتعدد وجهات النظر والرؤى بعيدا عن الاستسهال والمنفعية والبراغماتية بمعنى أن يكون الاشتغال على الموسيقى حقيقيا من منطلقات علمية وفنية ونفسية.

وأقر محدثنا بمشقة البحث في المورث الموسيقي فهو تواتر شفوي ومتغاير حسب كل حقبة، والتاريخ يحتفظ بما يناسبه في كل مرحلة زمنية لذلك يجب أن يتم تناول هذا الإرث الثري بنزاهة ودون تعال، مستدركا قوله بضرورة أن يتم التعامل مع أصحاب مثل هذه المشاريع الفنية والبحثية بسلاسة أكبر من قبل القائمين على القطاع الثقافي في البلاد فالتحديات عديدة وبعض الإداريين ينظرون للمشروع الموسيقي وكأنه مجرد سهرة أو عرض غنائي لا ينطوي على اشتغال عميق.

وعن ضريبة الاشتغال على المشاريع الجادة قال ضيف "الصباح" : "لا أفضل البكائيات ..هذا اختياري ومؤمن به أردت ان أشبه نفسي بعيدا عن ضغوطات ومتطلبات السوق وأنا شغوف ومعتز بخياراتي".

وعن برمجة "تخيل" لاختتام مهرجان الحمامات الدولي فيما لم يقع اقتراحه في مسارح كبرى أخرى على غرار قرطاج والجم بين كريم الثليبي أن مسرح أوبرا تونس (الجهة المنتجة للعمل) قدم مقترحا للحمامات الدولي ومع التوجه الجديد لمهرجاني وزارة الشؤون الثقافية لا يمكن برمجة عروض قرطاج في الحمامات والعكس صحيح لذلك ينفي نية الإقصاء، أمّا في ما يتعلق ببقية المسارح فكشف أن المسؤولين على المهرجان الدولي للموسيقى السيمفونية بالجم برروا عدم برمجة "تخيل" لضعف الميزانية فيما يأمل مستقبلا تقديم عرضه على ركح "دقة" مشيرا في الآن نفسه للدعم والترحيب من قبل عدد من مهرجانات الجنوب التونسي بعرض "تخيل" رغم ضعف الإمكانيات ومن بينها مهرجان مدنين.

ويعمل الأكاديمي والباحث الموسيقي كريم الثليبي بعد النجاح اللافت لمشروعه "تخيل" - قُدم أمام شبابيك مغلقة في اختتام مهرجان الحمامات الدولي- على انتاج موسيقي ينضوي في إطار اهتمامه المتجدد بموسيقى الفضاءات المفتوحة عبر تصور عنونه بــ"الليل" ويسائل مكبوتات غامضة للقبائل القديمة عند اجتماعها حول  النار .. هو طرح لمفهوم الصمت في الليل وللإحساس الجماعي في مثل هذه الفضاءات عبر مقاربة نابعة من أعماق هويتنا التونسية.

للتذكير فإن رصيد كريم الثليبي ثري بالمحطات المميزة على المستوى فني والجمالي والبحثي فقد أصدر في فترة الحجر الصحي ألبوم "حرب" (ماي 2020) وأمضى مشاريعا على مستوى الموسيقى التصويرية على غرار مسرحیة "حقائب" إنتاج المسرح الوطني كما كان ملحن وموزع اوبيریت الدغباجي "صید الصحاري" وتعاون في مشواره مع أهم صناع الفرجة في تونس نذكر من بينهن محمد إدريس، لطفي بوشناق، زهرة الأجنف، سنية مبارك، سامي بن سعيد، منير الطرودي ومؤخرا محسن بن نفيسة في عرض "تخيل" عن رواية "غدا ... يوم القيامة".

نجلاء قموع

كريم الثليبي لــ"الصباح":  كم نحن في حاجة لتعدد وجهات النظر في الموسيقى بعيدا عن الاستسهال والمنفعية

تونس - الصباح

كشف الأكاديمي والمؤلف الموسيقي كریم الثلیبي لـ"الصباح" أن أحدث مشاريعه الفنية "تخيل" المستوحى من رواية محسن بن نفيسة "غدا .. يوم القيامة" هو عرض موسيقي ينقل اللحظة أي حالات نفسية محددة لسيدة عجوز في محطة للقطار تعيش لحظات الانتظار، الأمل، الفرح والألم متابعا قوله : "لا نعرف من تكون هذه السيدة أو من أين هي قادمة لكن ندرك أنها تونسية ومن الأعماق وحين أصبحت هذه العجوز مكفوفة فرحت كثيرا فقد تخلصت بفقدانها البصر من ضغط نظرة الآخرين "العنصرية" .. لقد كان الصوت في حكاية هذه السيدة (أداء الممثلة فوزية بدر) بعرض "تخيل" أعدل من الصورة وبالتالي كانت الموسيقى في هذه الوضعية أعدل من الألوان والصور.."

وأضاف كريم الثليبي المختص في البسیكودراما الموسیقیة في ذات السياق : "مشروع "تخيل" ليس قصائد أو نصوص مغناة وليس إعادة كتابة أو تحويل الرواية إلى موسيقى وإنمّا هو تصور مستلهم من روح الرواية الوجودية التي تتناول الجسد كوعاء للروح فعندما يشيخ هذا الجسد ويستنزف ويصبح مستهلكا تبرز أوجاعه اليومية من أمراض وآلام وضغوطات نفسية .. وهنا تكمن مكنونات الرواية .. ففي "غدا .. يوم القيامة" يحدثنا محسن بن نفسية عن ماهية أخرى للإنسان بعيدا عن مكبلات الجسد وهذا ما دفعني للاشتغال على مشروع "تخيل" وهو سيكودراما موسيقية تنقل لحظة نفسية درامية محددة جدا من خلال الموسيقى مع الاركسترا بقيادة محمد بن سلامة وكورال أصوات أوبرا تونس بقيادة إلياس البلايقي والفنانين محمد علي شبيل، هيثم الحذيري، صابر الرضواني، سيرين الهرابي، حمدي الجموسي، نصر الدين الشبلي، هادي الفاهم، هارون القروي والفلسطينية ناي البرغوثي أمّا على مستوى التصور السينمائي والفيديو فكان بتوقيع عبد الحميد بوشناق، المونتاج لهاشم صويلح والمؤثرات السينمائية رامي الجربوعي، كوريغرافيا عبد القادر دريحلي والإخراج المسرحي لوليد الدغسني.

ونفى المؤلف والملحن كريم الثليبي أن يكون اختيار عنونة عرضه المستوحى من رواية محسن بن نفيسة بعبارة "تخيل" عوضا عن  "غدا ...  يوم القيامة" لأسباب رقابية مشددا في هذا الإطار على العامل التسويقي للخيار وأنه يرفض بتاتا أن تنضوي أعماله تحت بند "الرقابة".

وعن تعاونه مع كاتب "غدا ... يوم القيامة" ومدى تدخل صاحب الرواية في مشروعه الموسيقي أفاد كريم الثليبي "الصباح" بأن جلسات عمل جمعته بالكاتب محسن بن نفيسة وهو مثقف وإنسان راق وقد منحه كل الحرية في التعامل مع روايته دون قيد ولا شرط.

وعن المختلف في مشروع "تخيل" عن مشاريعه الموسيقية السابقة أوضح كريم الثليبي لـ"الصباح" أن تجربته الأكاديمية وعلى مستوى التأليف والبحث الموسيقي هي تراكمات تحثه على التطور من مشروع إلى آخر ولعّل مع "تخيل" وعروضه الأخيرة وأبرزها اختتام الدورة الثامنة والخمسين من مهرجان الحمامات الدولي أًصبحت هناك فرص أكبر لبرمجة أعماله خارج تونس، فقد حظي العمل بعدد من المقترحات لبرمجة دولية وفي السياق يشدد ضيف "الصباح" على فكرة تعدد مجالات تعبيرات الموسيقى التونسية فمنها موسيقى الأشياء، الفضاءات والألوان وهي بذلك ثرية جدا مقرا بأهمية البعد النفسي في هذه الايقاعات المشحونة بالرمزية وبالمعنى لذلك يؤمن بدور تعدد الرؤى في تطوير الموسيقى التونسية خاصة وأن أثرها وحضورها لافت على مستوى البحوث المعاصرة في مجال علوم الموسيقى.

وعن تجربته الخاصة في خانة البحث والتجديد الموسيقي أكد كريم الثليبي لـ"الصباح" أنه لا يقدم بديلا بل هو وجهة نظر في مجال يحتاج لتعدد وجهات النظر والرؤى بعيدا عن الاستسهال والمنفعية والبراغماتية بمعنى أن يكون الاشتغال على الموسيقى حقيقيا من منطلقات علمية وفنية ونفسية.

وأقر محدثنا بمشقة البحث في المورث الموسيقي فهو تواتر شفوي ومتغاير حسب كل حقبة، والتاريخ يحتفظ بما يناسبه في كل مرحلة زمنية لذلك يجب أن يتم تناول هذا الإرث الثري بنزاهة ودون تعال، مستدركا قوله بضرورة أن يتم التعامل مع أصحاب مثل هذه المشاريع الفنية والبحثية بسلاسة أكبر من قبل القائمين على القطاع الثقافي في البلاد فالتحديات عديدة وبعض الإداريين ينظرون للمشروع الموسيقي وكأنه مجرد سهرة أو عرض غنائي لا ينطوي على اشتغال عميق.

وعن ضريبة الاشتغال على المشاريع الجادة قال ضيف "الصباح" : "لا أفضل البكائيات ..هذا اختياري ومؤمن به أردت ان أشبه نفسي بعيدا عن ضغوطات ومتطلبات السوق وأنا شغوف ومعتز بخياراتي".

وعن برمجة "تخيل" لاختتام مهرجان الحمامات الدولي فيما لم يقع اقتراحه في مسارح كبرى أخرى على غرار قرطاج والجم بين كريم الثليبي أن مسرح أوبرا تونس (الجهة المنتجة للعمل) قدم مقترحا للحمامات الدولي ومع التوجه الجديد لمهرجاني وزارة الشؤون الثقافية لا يمكن برمجة عروض قرطاج في الحمامات والعكس صحيح لذلك ينفي نية الإقصاء، أمّا في ما يتعلق ببقية المسارح فكشف أن المسؤولين على المهرجان الدولي للموسيقى السيمفونية بالجم برروا عدم برمجة "تخيل" لضعف الميزانية فيما يأمل مستقبلا تقديم عرضه على ركح "دقة" مشيرا في الآن نفسه للدعم والترحيب من قبل عدد من مهرجانات الجنوب التونسي بعرض "تخيل" رغم ضعف الإمكانيات ومن بينها مهرجان مدنين.

ويعمل الأكاديمي والباحث الموسيقي كريم الثليبي بعد النجاح اللافت لمشروعه "تخيل" - قُدم أمام شبابيك مغلقة في اختتام مهرجان الحمامات الدولي- على انتاج موسيقي ينضوي في إطار اهتمامه المتجدد بموسيقى الفضاءات المفتوحة عبر تصور عنونه بــ"الليل" ويسائل مكبوتات غامضة للقبائل القديمة عند اجتماعها حول  النار .. هو طرح لمفهوم الصمت في الليل وللإحساس الجماعي في مثل هذه الفضاءات عبر مقاربة نابعة من أعماق هويتنا التونسية.

للتذكير فإن رصيد كريم الثليبي ثري بالمحطات المميزة على المستوى فني والجمالي والبحثي فقد أصدر في فترة الحجر الصحي ألبوم "حرب" (ماي 2020) وأمضى مشاريعا على مستوى الموسيقى التصويرية على غرار مسرحیة "حقائب" إنتاج المسرح الوطني كما كان ملحن وموزع اوبيریت الدغباجي "صید الصحاري" وتعاون في مشواره مع أهم صناع الفرجة في تونس نذكر من بينهن محمد إدريس، لطفي بوشناق، زهرة الأجنف، سنية مبارك، سامي بن سعيد، منير الطرودي ومؤخرا محسن بن نفيسة في عرض "تخيل" عن رواية "غدا ... يوم القيامة".

نجلاء قموع