بعد تحرك عمال الحضائر خلال الأسبوع الفارط، نظم عمال المناولة في القطاع العام والمنشآت العمومية أمس الثلاثاء 27 أوت 2024 تحركا من أجل تجسيد قرار رئيس الجمهورية الذي دعا فيه رئيس الحكومة كمال المدوري إلى إنهاء التشغيل الهش في القطاعين العمومي والخاص.
وجاء هذا التحرك إثر استقبال رئيس الجمهورية قيس سعيّد، أول أمس الاثنين 26 أوت 2024 بقصر قرطاج، رئيس الحكومة حيث أكد خلال اللقاء "على أن الدولة لن تقف مكتوفة الأيدي أمام من قام في المدة الأخيرة باستبدال عمال المناولة التي سيتم وضع حد نهائي لها بعمال آخرين كما حصل ذلك، على سبيل المثال لا الحصر، بولاية سليانة حيث تم طرد 24 عاملا من إحدى المؤسسات."
مثل هذه الممارسات تؤكد في كل مرة أن عمال المناولة في وضعية هشة تستدعي وضع حد لها في أقرب الآجال.
وقفة احتجاجية بساحة القصبة
وقد تعالت أمس بساحة الحكومة بالقصبة أصوات عمال المناولة في القطاع العام والمنشآت العمومية الداعية إلى تجسيد ما أكد عليه رئيس الجمهورية قيس سعيد لدى استقباله لرئيس الحكومة الجديد حيث شدد على وجوب وضع حد للمناولة التي تعد أحد أوجه الاستعباد وذلك من خلال تنقيح مجلة الشغل وإنهاء العمل بعقود المناولة، كما اعتبر أن هذه المواضيع لا يمكن حلّها إلا بصفة جذرية تقطع نهائيا مع الماضي كما تقطع أيضا الطريق أمام من يريد أن يستغل هذه الفترة باستبدال عمّال مكان آخرين حتى لا تنسحب عليه الأحكام الجديدة، وشدد أيضا على أنه لا بدّ من التحسّب في النصوص التي سيتم وضعها لمثل هذه الحالات لسدّ الطريق أمام كلّ من يسعى إلى حرمان العمال من حقوقهم المشروعة. وأكد سعيد على أن الإرادة ثابتة ولا بدّ من أن يقع تجسيمها في إطار تشريعات جديدة تهدف إلى إلغاء كافة أشكال العمل الهشّ والمتاجرة باليد العاملة وذلك تكريسا لأحكام الدستور الرامية إلى ضمان الحقوق الأساسية للعامل وضمان الحق لكل مواطن ومواطنة في العمل في ظروف لائقة وبأجر عادل.
وقد تم خلال وقفة المساندة لقرار رئيس الجمهورية المتعلق بإلغاء العمل بالمناولة رفع عدة شعارات أبرزها "اعطيني حقي".. "لا للتشغيل الهش".. "الأعوان العموميون يدعمون قرار رئيس الجمهورية"..
وفي هذا السياق أكد بلال الدريدي أحد عمال المناولة المشاركين في وقفة أمس 27 من شهر أوت 2024 بساحة الحكومة بالقصبة لـ"الصباح" على أن التحرك جاء داعما لقرار رئيس الجمهورية ودفاعا عن حق عمال المناولة في القطاع العمومي في الإدماج العاجل الذي يناضلون من أجله منذ 11سنة، مؤكدا أن الحل في إصدار مرسوم يضمن حقهم في الإدماج.
وبين أن عمال المناولة قد دافعوا عن الوطن من خلال حراسة المنشآت والمؤسسات العمومية من السرقة خلال الثورة، كما ساندوا الجيش الأبيض خلال مكافحة جائحة كورونا، إذ استقبلوا المرضى خلال الحجر الصحي وهو ما أدى الى وفاة العديد من زملائهم خلال القيام بواجبهم وذلك جراء العدوى. وأبرز أن عمال المناولة كانوا في الصفوف الأولى في الدفاع عن الوطن من مختلف مواقعهم.
وأكد أن أكبر دليل على ذلك حادثة انفجار مركب تعبئة قوارير الغاز برادس التابع للشركة الوطنية لتوزيع البترول والتي راح ضحيتها أحد العمال مقابل حمايته من كارثة حقيقية حيث أنقذ أرواحا بشرية. وأردف قائلا "كما لا يجب أن أنسى عاملات المناولة في العديد من المؤسسات المحرومات من ابسط الحقوق إذ يعملن ليلا نهارا مقابل عقود موسمية بما في ذلك صاحبات الشهائد العليا حيث تعملن في المؤسسات الصحية دون ضمان حقوقهن الكاملة ودون حماية من الأمراض."
واستدرك محدثنا بالقول "لكن رغم ذلك لم نجد إلا الجحود في أبسط شيء وخاصة منها الأجور الزهيدة التي لا تكفي لتلبية الاحتياجات الأساسية كما أنها لا تضمن العيش الكريم في ظل غلاء الأسعار".
ملف شائك
ويعد ملف المناولة في القطاعين العام والخاص من أكثر الملفات تشعبا إذ بلغ عدد العاملين بالمناولة في تونس إبان الثورة قرابة 31 ألف عامل تمت تسوية وضعياتهم بموجب الاتفاق المبرم في الغرض بين رئاسة الحكومة والاتحاد العام التونسي للشغل في أفريل 2011، إلا أن رقم العاملين ضمن هذه الآلية الهشة تضاعف ليصبح في حدود 60 ألفا حاليا. وهم عمال يعيشون ضمن وضعيات وحالات اجتماعية تستدعي التدخل لوضع حد للمعاناة التي يعيشونها.
وكخطوة لإنهاء العمل بهذه الآلية قرر رئيس الحكومة السابق أحمد الحشّاني منذ شهر فيفري 2024 تحجير إبرام عقود مناولة جديدة بالقطاع العمومي، وإلغاء كافة التدابير المعمول بها في هذا الإطار وخاصة منها المنشور عدد 35 المؤرخ في 30 جويلية 1999 المتعلق بالمناولة في الإدارات والمنشآت العمومية.
هذا وقد انطلقت عمليات جرد شركات المناولة وذلك على مستوى وزارة الشؤون الاجتماعية وعلى مستوى رئاسة الحكومة وذلك وفقا لتصريح لرئيسة الهيئة العامة للشغل والعلاقات المهنية بوزارة الشؤون الاجتماعية، حيث أفادت في أفريل الفارط بأن متفقدي الشغل ومنذ إعلان رئيس الجمهورية عن ضرورة إلغاء كل أشكال التشغيل الهش والقضاء على المناولة، انطلقوا في حملة لتحديد وضبط شركات المناولة.
وأضافت أنه على ضوء مخرجات هذا الجرد سيتم إعداد الإحصائيات اللازمة المتعلقة بعدد الشغّالين في البلاد وغيرها من الإحصائيات، مشددة على أن تدخلات الهيئة العامة للشغل والعلاقات المهنية تتمحور حول مراقبة ظروف العمل والقضاء على الإخلالات المرتكبة من طرف المؤجر.
وسبق أن استقبل رئيس الجمهورية في 13 من جوان المنقضي 2024 رئيس الحكومة السابق أحمد الحشّاني، حيث شدّد رئيس الدولة، خلال اللقاء، على ضرورة التعجيل بإعداد مشروع قانون لإلغاء المناولة والعقود المحدودة في الزمن، مع التنصيص على مقاييس واضحة وموضوعية وعادلة تحفظ حقوق الذين اشتغلوا في ظل نظام المناولة، وهو ما أكد عليه أيضا لدى استقباله لرئيس الحكومة الحالي كمال المدوري خلال كل اللقاءات منذ تعيينه رئيسا للحكومة.
حنان قيراط
تونس-الصباح
بعد تحرك عمال الحضائر خلال الأسبوع الفارط، نظم عمال المناولة في القطاع العام والمنشآت العمومية أمس الثلاثاء 27 أوت 2024 تحركا من أجل تجسيد قرار رئيس الجمهورية الذي دعا فيه رئيس الحكومة كمال المدوري إلى إنهاء التشغيل الهش في القطاعين العمومي والخاص.
وجاء هذا التحرك إثر استقبال رئيس الجمهورية قيس سعيّد، أول أمس الاثنين 26 أوت 2024 بقصر قرطاج، رئيس الحكومة حيث أكد خلال اللقاء "على أن الدولة لن تقف مكتوفة الأيدي أمام من قام في المدة الأخيرة باستبدال عمال المناولة التي سيتم وضع حد نهائي لها بعمال آخرين كما حصل ذلك، على سبيل المثال لا الحصر، بولاية سليانة حيث تم طرد 24 عاملا من إحدى المؤسسات."
مثل هذه الممارسات تؤكد في كل مرة أن عمال المناولة في وضعية هشة تستدعي وضع حد لها في أقرب الآجال.
وقفة احتجاجية بساحة القصبة
وقد تعالت أمس بساحة الحكومة بالقصبة أصوات عمال المناولة في القطاع العام والمنشآت العمومية الداعية إلى تجسيد ما أكد عليه رئيس الجمهورية قيس سعيد لدى استقباله لرئيس الحكومة الجديد حيث شدد على وجوب وضع حد للمناولة التي تعد أحد أوجه الاستعباد وذلك من خلال تنقيح مجلة الشغل وإنهاء العمل بعقود المناولة، كما اعتبر أن هذه المواضيع لا يمكن حلّها إلا بصفة جذرية تقطع نهائيا مع الماضي كما تقطع أيضا الطريق أمام من يريد أن يستغل هذه الفترة باستبدال عمّال مكان آخرين حتى لا تنسحب عليه الأحكام الجديدة، وشدد أيضا على أنه لا بدّ من التحسّب في النصوص التي سيتم وضعها لمثل هذه الحالات لسدّ الطريق أمام كلّ من يسعى إلى حرمان العمال من حقوقهم المشروعة. وأكد سعيد على أن الإرادة ثابتة ولا بدّ من أن يقع تجسيمها في إطار تشريعات جديدة تهدف إلى إلغاء كافة أشكال العمل الهشّ والمتاجرة باليد العاملة وذلك تكريسا لأحكام الدستور الرامية إلى ضمان الحقوق الأساسية للعامل وضمان الحق لكل مواطن ومواطنة في العمل في ظروف لائقة وبأجر عادل.
وقد تم خلال وقفة المساندة لقرار رئيس الجمهورية المتعلق بإلغاء العمل بالمناولة رفع عدة شعارات أبرزها "اعطيني حقي".. "لا للتشغيل الهش".. "الأعوان العموميون يدعمون قرار رئيس الجمهورية"..
وفي هذا السياق أكد بلال الدريدي أحد عمال المناولة المشاركين في وقفة أمس 27 من شهر أوت 2024 بساحة الحكومة بالقصبة لـ"الصباح" على أن التحرك جاء داعما لقرار رئيس الجمهورية ودفاعا عن حق عمال المناولة في القطاع العمومي في الإدماج العاجل الذي يناضلون من أجله منذ 11سنة، مؤكدا أن الحل في إصدار مرسوم يضمن حقهم في الإدماج.
وبين أن عمال المناولة قد دافعوا عن الوطن من خلال حراسة المنشآت والمؤسسات العمومية من السرقة خلال الثورة، كما ساندوا الجيش الأبيض خلال مكافحة جائحة كورونا، إذ استقبلوا المرضى خلال الحجر الصحي وهو ما أدى الى وفاة العديد من زملائهم خلال القيام بواجبهم وذلك جراء العدوى. وأبرز أن عمال المناولة كانوا في الصفوف الأولى في الدفاع عن الوطن من مختلف مواقعهم.
وأكد أن أكبر دليل على ذلك حادثة انفجار مركب تعبئة قوارير الغاز برادس التابع للشركة الوطنية لتوزيع البترول والتي راح ضحيتها أحد العمال مقابل حمايته من كارثة حقيقية حيث أنقذ أرواحا بشرية. وأردف قائلا "كما لا يجب أن أنسى عاملات المناولة في العديد من المؤسسات المحرومات من ابسط الحقوق إذ يعملن ليلا نهارا مقابل عقود موسمية بما في ذلك صاحبات الشهائد العليا حيث تعملن في المؤسسات الصحية دون ضمان حقوقهن الكاملة ودون حماية من الأمراض."
واستدرك محدثنا بالقول "لكن رغم ذلك لم نجد إلا الجحود في أبسط شيء وخاصة منها الأجور الزهيدة التي لا تكفي لتلبية الاحتياجات الأساسية كما أنها لا تضمن العيش الكريم في ظل غلاء الأسعار".
ملف شائك
ويعد ملف المناولة في القطاعين العام والخاص من أكثر الملفات تشعبا إذ بلغ عدد العاملين بالمناولة في تونس إبان الثورة قرابة 31 ألف عامل تمت تسوية وضعياتهم بموجب الاتفاق المبرم في الغرض بين رئاسة الحكومة والاتحاد العام التونسي للشغل في أفريل 2011، إلا أن رقم العاملين ضمن هذه الآلية الهشة تضاعف ليصبح في حدود 60 ألفا حاليا. وهم عمال يعيشون ضمن وضعيات وحالات اجتماعية تستدعي التدخل لوضع حد للمعاناة التي يعيشونها.
وكخطوة لإنهاء العمل بهذه الآلية قرر رئيس الحكومة السابق أحمد الحشّاني منذ شهر فيفري 2024 تحجير إبرام عقود مناولة جديدة بالقطاع العمومي، وإلغاء كافة التدابير المعمول بها في هذا الإطار وخاصة منها المنشور عدد 35 المؤرخ في 30 جويلية 1999 المتعلق بالمناولة في الإدارات والمنشآت العمومية.
هذا وقد انطلقت عمليات جرد شركات المناولة وذلك على مستوى وزارة الشؤون الاجتماعية وعلى مستوى رئاسة الحكومة وذلك وفقا لتصريح لرئيسة الهيئة العامة للشغل والعلاقات المهنية بوزارة الشؤون الاجتماعية، حيث أفادت في أفريل الفارط بأن متفقدي الشغل ومنذ إعلان رئيس الجمهورية عن ضرورة إلغاء كل أشكال التشغيل الهش والقضاء على المناولة، انطلقوا في حملة لتحديد وضبط شركات المناولة.
وأضافت أنه على ضوء مخرجات هذا الجرد سيتم إعداد الإحصائيات اللازمة المتعلقة بعدد الشغّالين في البلاد وغيرها من الإحصائيات، مشددة على أن تدخلات الهيئة العامة للشغل والعلاقات المهنية تتمحور حول مراقبة ظروف العمل والقضاء على الإخلالات المرتكبة من طرف المؤجر.
وسبق أن استقبل رئيس الجمهورية في 13 من جوان المنقضي 2024 رئيس الحكومة السابق أحمد الحشّاني، حيث شدّد رئيس الدولة، خلال اللقاء، على ضرورة التعجيل بإعداد مشروع قانون لإلغاء المناولة والعقود المحدودة في الزمن، مع التنصيص على مقاييس واضحة وموضوعية وعادلة تحفظ حقوق الذين اشتغلوا في ظل نظام المناولة، وهو ما أكد عليه أيضا لدى استقباله لرئيس الحكومة الحالي كمال المدوري خلال كل اللقاءات منذ تعيينه رئيسا للحكومة.