إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

تونس: فإما أن تكون ابني بحقّ وإلاّ...

     يبقى كلّ حديث عن الإصلاحات في مستوى خطب الاستهلاك والتخدير

أنجبت بلادنا العزيزة تونس أبطالا ورجالا أشاوس أفذاذا ذادوا عنها وأبوا أن يعبث الاستعمار بمصير أبنائها وأن يستغلّ خيراتها ومقدّراتها ففدوها بالنفس والنفيس حتى تعيش حرّة عزيزة أبيّة أبد الدهر... هذه الرّقعة من الكون بتاريخها التّليد تحمل آمالا عريضة ترنو أن يحققها أبناؤها وهم هازئون بالسّحب والأمطار والأنواء. ولكنّها اليوم عليلة تشكو الدّواهي التي أصابتها على مرّ السّنين ولاسيما بعد انتفاضة/ثورة 17 ديسمبر 2010/ 14 جانفي 2011.

تشعر تونس بأنّ لا سبيل إلى تحقيق الخير فيها، فهي ترى أغلب أبنائها يقولون ما لا يفعلون، يتظاهرون بالشيء ويفعلون نقيضه. شخصيّاتهم متذبذبة ومتناقضة. في اعوجاجهم يعمهون. يدّعون، بما ليس فيهم بحقّ،الوطنية الصّادقة والحبّ الخالص لها. يدّعون أنّهم يعفون عند المغنم ولكنّ مآربهم تفضحهم. يدّعون الإيثار على أنفسهم ولكنّ أنانيتهم تعرّيهم. إن حُمت الحامات يديرون لبلادهم ظهورهم ولا يفكّرون إلاّ في مصالحهم ولسان حالهم يقول: بعدي الطوفان. يناصرون الحق في الظاهر ولكن العصبية المقيتة هي التي تجرّهم. يُسقطون هذا ويرفعون من شأن ذاك ليستر عوراتهم ويقضي في مستقبل الأيام حوائجهم. كم يرفعون من شعارات حبلى بمبادئ سامية يريدون بها باطلا في قرارة أنفسهم! يتناسون ما شنّفوا به الآذان ويقولون في أنفسهم ما ضرّ لو دسنا على الكبير والصغير من أهلنا وأحبائنا وخلاّننا؟ يتباكى الكثير منهم ويستنجدون بكلّ من هبّ ودبّ ولو كانوا أعداء للوطن في الداخل والخارج حتى لا يدركهم مرّ فطام السّلطان ويظلّون ينعمون بحلاوة الرّضاع فهم لا يرتضون له بديلا.

تتأفّف تونس اليوم من الكثير من أبنائها حيث يفترون، يكذبون، يتملقون، ينتهزون الفرص ويقذفون بالباطل على الحق فيدمغه. ما أبرعهم في التّلون! ما أصبرهم على النّفاق! أما آن الأوان أن يفكروا في وطنهم ومصيره ومستقبل أجياله القادمة؟ أما آن الأوان أن يخلعوا عنهم ما علق بهم من أنانية ووصولية للصعود في المراتب والمناصب بكل الطرق اللاشرعية؟ أما آن لهم أن يقتلوا أنفسهم التي علقت بها الأدران ليحيوها من جديد؟ فمن دون ذلك يبقى كلّ حديث عن الإصلاحات في مستوى خطب الاستهلاك والتخدير وتزداد الأوضاع تدهورا ويصبح إنقاذ تونس صعبا إن لم نقل مستحيلا.

وعلى العموم، فإنّ تونس تخاطب التّونسيّين قائلة: فإما أن تكونوا أبنائي بحقّ أعرف منكم غثّي من سميني وإلاّ...

مصدّق الشّريف

 

 

 

 

تونس: فإما أن تكون ابني بحقّ وإلاّ...

     يبقى كلّ حديث عن الإصلاحات في مستوى خطب الاستهلاك والتخدير

أنجبت بلادنا العزيزة تونس أبطالا ورجالا أشاوس أفذاذا ذادوا عنها وأبوا أن يعبث الاستعمار بمصير أبنائها وأن يستغلّ خيراتها ومقدّراتها ففدوها بالنفس والنفيس حتى تعيش حرّة عزيزة أبيّة أبد الدهر... هذه الرّقعة من الكون بتاريخها التّليد تحمل آمالا عريضة ترنو أن يحققها أبناؤها وهم هازئون بالسّحب والأمطار والأنواء. ولكنّها اليوم عليلة تشكو الدّواهي التي أصابتها على مرّ السّنين ولاسيما بعد انتفاضة/ثورة 17 ديسمبر 2010/ 14 جانفي 2011.

تشعر تونس بأنّ لا سبيل إلى تحقيق الخير فيها، فهي ترى أغلب أبنائها يقولون ما لا يفعلون، يتظاهرون بالشيء ويفعلون نقيضه. شخصيّاتهم متذبذبة ومتناقضة. في اعوجاجهم يعمهون. يدّعون، بما ليس فيهم بحقّ،الوطنية الصّادقة والحبّ الخالص لها. يدّعون أنّهم يعفون عند المغنم ولكنّ مآربهم تفضحهم. يدّعون الإيثار على أنفسهم ولكنّ أنانيتهم تعرّيهم. إن حُمت الحامات يديرون لبلادهم ظهورهم ولا يفكّرون إلاّ في مصالحهم ولسان حالهم يقول: بعدي الطوفان. يناصرون الحق في الظاهر ولكن العصبية المقيتة هي التي تجرّهم. يُسقطون هذا ويرفعون من شأن ذاك ليستر عوراتهم ويقضي في مستقبل الأيام حوائجهم. كم يرفعون من شعارات حبلى بمبادئ سامية يريدون بها باطلا في قرارة أنفسهم! يتناسون ما شنّفوا به الآذان ويقولون في أنفسهم ما ضرّ لو دسنا على الكبير والصغير من أهلنا وأحبائنا وخلاّننا؟ يتباكى الكثير منهم ويستنجدون بكلّ من هبّ ودبّ ولو كانوا أعداء للوطن في الداخل والخارج حتى لا يدركهم مرّ فطام السّلطان ويظلّون ينعمون بحلاوة الرّضاع فهم لا يرتضون له بديلا.

تتأفّف تونس اليوم من الكثير من أبنائها حيث يفترون، يكذبون، يتملقون، ينتهزون الفرص ويقذفون بالباطل على الحق فيدمغه. ما أبرعهم في التّلون! ما أصبرهم على النّفاق! أما آن الأوان أن يفكروا في وطنهم ومصيره ومستقبل أجياله القادمة؟ أما آن الأوان أن يخلعوا عنهم ما علق بهم من أنانية ووصولية للصعود في المراتب والمناصب بكل الطرق اللاشرعية؟ أما آن لهم أن يقتلوا أنفسهم التي علقت بها الأدران ليحيوها من جديد؟ فمن دون ذلك يبقى كلّ حديث عن الإصلاحات في مستوى خطب الاستهلاك والتخدير وتزداد الأوضاع تدهورا ويصبح إنقاذ تونس صعبا إن لم نقل مستحيلا.

وعلى العموم، فإنّ تونس تخاطب التّونسيّين قائلة: فإما أن تكونوا أبنائي بحقّ أعرف منكم غثّي من سميني وإلاّ...

مصدّق الشّريف