إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

منها متابعة مخرجات الاستشارة الوطنية حول الإصلاح التربوي.. هذه أبرز ملامح تركيبة ومهام المجلس الأعلى للتربية والتعليم المنتظر

تونس- الصباح

بعد استكمال مسار إعداده وصياغته شكلا ومضمونا، ينتظر أن يخصص مجلس الوزراء في الأيام القليلة المقبلة اجتماعا للنظر في مشروع قانون يتعلق بتركيبة المجلس الأعلى للتربية والتعليم.

ويأتي عرض مشروع إرساء هذه المؤسسة التي طال انتظارها، ونص على إحداثها دستور 25 جويلية 2022 المؤرخ في 17 أوت 2022، بالتوازي مع نهاية الاستشارة الوطنية حول إصلاح نظام التربية والتعليم (15 سبتمبر 2023- 15 ديسمبر2023) والتي ستحدد نتائجها ومخرجاتها ملامح تركيبة المجلس الأعلى للتربية ومهامه وصلاحياته.

وكان رئيس الجمهورية قيس سعيّد، قد دعا لدى استقباله يوم الجمعة 9 أوت الجاري، رئيس الحكومة كمال المدوري، إلى عرض مشروع النص المتعلق بالمجلس الأعلى للتربية والتعليم على مجلس الوزراء، مؤكدا على أهمية هذه المؤسسة الدستورية.

وشدد سعيّد، وفق ما جاء في بلاغ صادر عن رئاسة الجمهورية، على أن قطاع التربية والتعليم هو من قطاعات السيادة، وقال:''لا مستقبل لنا إلا بتعليم عمومي وتربية وطنية، وثروتنا البشرية هي التي يجب العمل على المحافظة عليها وهي المقدمة الأولى لتطوير كافة القطاعات الأخرى'.

ومعلوم أن إحداث هذا الهيكل الجديد، كان محل متابعة لصيقة من قبل الرئيس سعيّد، وموضوع لقاءات عديدة بين رئيس الدولة وأعضاء الحكومة خاصة منهم وزراء التربية، والتعليم العالي، والتكوين المهني، والثقافة..، على امتداد فترة قاربت العامين، على اعتبار أن وزاراتهم هي من أكثر الوزارات المشمولة والمعنية بأهداف تركيز المجلس ومهامه.

ومن المقرّر أن تحيل الحكومة النص القانوني المتعلق بإحداث المجلس في صياغته النهائية، على البرلمان، بعد مصادقة مجلس الوزراء عليه، لكن من غير الواضح إن كان المسار التشريعي لهذا النص سيكون في خانة استعجال النظر، أو سيأخذ وقته الكامل في النقاش والمتابعة داخل اللجان البرلمانية المعنية، قبل المصادقة عليه في جلسة عامة.

 علما أن اللجان البرلمانية هي الآن في حالة نشاط رغم دخول مجلس نواب الشعب في عطلة برلمانية تستمر حتى نهاية سبتمبر المقبل، ومن البديهي أن تقوم بدورها المعهود في برمجة جلسات نقاش واستماع مع ممثلي الوزارات والحكومة والمجتمع المدني والمنظمات المعنية لبلورة تصور متكامل لدور المجلس ومشمولاته ومهامه وخاصة لطبيعة تركيبته، خاصة أن هذه المؤسسة الدستورية سيكون من أبرز مهامها الإشراف على تنزيل مخرجات الاستشارة الوطنية للإصلاح التربوي ومتابعة مراحل تنفيذها.

وبخصوص مضمون النص القانوني المحدث للمجلس، وخاصة تركيبته وهيكلته التنظيمية ومهامه وطرق عمله، فهي تقريبا جاهزة منذ فترة، وفق ما أكد على ذلك وزير التربية السابق أو وزيرة التربية الحالية.

علما أن الدستور حدّد في الفصل 135، أبرز مهام المجلس ونصه كالتالي:"يتولّى المجلس الأعلى للتّربية والتّعليم إبداء الرّأي في الخطط الوطنيّة الكبرى في مجال التّربـية والتّعليم والبحث العلميّ والتّكوين المهنيّ وآفاق التّشغيل. ويضبط القانون تركيبة هذا المجلس واختصاصاته وطرق سيره.

وبالرجوع إلى تصريحات وزير التربية السابق السيد محمد علي البوغديري، وأيضا لتصريحات وزيرة التربية الحالية السيدة سلوى العباسي، فإن المجلس الأعلى للتربية والتعليم سيكون تحت إشراف رئيس الجمهورية، وقد يضمّ في تركيبته ممثلين عن جل الوزارات والمنظمات والهياكل التربوية، فضلا عن عدد من الخبراء في عدة اختصاصات، مثل علوم التربية، والتفقد البيداغوجي، وفي علم الاجتماع وعلم النفس.

كما سيكون الهيكل الجديد مؤثرا في تحديد الإستراتيجية الوطنية للإصلاح التربوي بناء على مخرجات الاستشارة الوطنية للإصلاح التربوي. وسيكون له هياكل فرعية تعنى بالجانب التنفيذي وجانب بيداغوجي وجانب تربوي.

لكن من غير الواضح، إن كان المجلس ستكون له صلاحيات تقريرية بمعنى أنه يتخذ قرارات نافذة في الشأن التربوي، أو صلاحيات استشارية بمعنى أن يصدر آراء وتوصيات لفائدة الأجهزة التنفيذية والتشريعية.

الملفت للانتباه، أن إحداث المجلس الأعلى للتربية والتعليم، كان من أبرز مطالب المجتمع المدني والنقابات والمنظمات الوطنية في تونس خاصة بعد سنة 2011، وقدمت في شأنه عديد المقترحات والمشاريع والتصورات دون أن تنجح في تمريرها.

ولعل النقطة المشتركة في مشاريع تصور المجلس الأعلى للتربية التي تقدم بها المجتمع المدني سابقا، تتمثل في تركيز مجلس مستقل حتى يتمكن من القيام بدوره بعملية الإصلاح بكل حيادية ودون ضغوط..، ليرد الوزير السابق على هذه المطالب بقوله على أنه "ليس هناك معنى لمجلس مستقل وأن رئيس الجمهورية هو الذي سيترأسه من أجل ضمان نجاعته".

وكانت النقابات المهنية قد طالبت في وقت سابق الحكومة بضرورة تشريكها في عملية الإصلاح التربوي وخاصة في صياغة مشروع القانون المتعلق بالمجلس الأعلى للتربية والتعليم، وفي تحديد هيكلته وصلاحياته وبرامج عمله، على غرار الجامعة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي.

كما عبرت نقابات الثانوي، والتعليم الأساسي، مؤخرا في تصريحات إعلامية عن قلقها من عدم تشريكها في مسار إعداد النص القانوني للمجلس الأعلى للتربية.

جدير بالذكر أن فكرة بعث المجلس الأعلى للتربية والتعليم العالي والبحث العلمي والتكوين المهني والتشغيل، طرحت منذ 15 أكتوبر 2011 من قبل هياكل نقابية منضوية تحت لواء الاتحاد العام التونسي للشغل، وممثلين عن المجتمع المدني.

كما ضمنت كمقترح في المخطط الاستراتيجي لإصلاح التعليم العالي والبحث العلمي 2015-2025.

فضلا عن أن الجمعية الوطنية للائتلاف المدني لإصلاح المنظومة التربوية، كانت قد قدمت سنة 2016 مقترح قانون لإحداث "مجلس أعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي"، شارك في صياغته الخبير التربوي الراحل محمد بن فاطمة، من أبرز مهامه "إبداء الرأي حول السياسة الوطنية للتربية والخطط التنفيذية وبرامج ومنظومات التكوين الأساسي والمستمر ومنظومات الجودة والرقابة والتقييم والمتابعة والاعتماد اللازمة لتنفيذ السياسة الوطنية للتربية والتعليم وأسس ومقومات التنسيق بين الخطط الوطنية المتصلة بتكوين مختلف أصناف الإطارات ذات العلاقة بالشأن التربوي".

كما يبدي المجلس رأيه وفق ما ورد في مشروع الائتلاف المدني، في "تحقيق الترابط والتكامل بين منظومات التربية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي بهدف دعم الكفاءات والخبرات العلمية الوطنية والتشجيع على التعلم مدى الحياة والنهوض به، وفي الدراسات والبرامج المتعلقة بتعزيز مكانة المؤسسة التربوية وفي المعارف والكفايات التي يتعين على التلميذ تملكها في نهاية التعليم الأساسي..".

رفيق بن عبد الله

 

 

منها متابعة مخرجات الاستشارة الوطنية حول الإصلاح التربوي..   هذه أبرز ملامح تركيبة ومهام  المجلس الأعلى للتربية والتعليم المنتظر

تونس- الصباح

بعد استكمال مسار إعداده وصياغته شكلا ومضمونا، ينتظر أن يخصص مجلس الوزراء في الأيام القليلة المقبلة اجتماعا للنظر في مشروع قانون يتعلق بتركيبة المجلس الأعلى للتربية والتعليم.

ويأتي عرض مشروع إرساء هذه المؤسسة التي طال انتظارها، ونص على إحداثها دستور 25 جويلية 2022 المؤرخ في 17 أوت 2022، بالتوازي مع نهاية الاستشارة الوطنية حول إصلاح نظام التربية والتعليم (15 سبتمبر 2023- 15 ديسمبر2023) والتي ستحدد نتائجها ومخرجاتها ملامح تركيبة المجلس الأعلى للتربية ومهامه وصلاحياته.

وكان رئيس الجمهورية قيس سعيّد، قد دعا لدى استقباله يوم الجمعة 9 أوت الجاري، رئيس الحكومة كمال المدوري، إلى عرض مشروع النص المتعلق بالمجلس الأعلى للتربية والتعليم على مجلس الوزراء، مؤكدا على أهمية هذه المؤسسة الدستورية.

وشدد سعيّد، وفق ما جاء في بلاغ صادر عن رئاسة الجمهورية، على أن قطاع التربية والتعليم هو من قطاعات السيادة، وقال:''لا مستقبل لنا إلا بتعليم عمومي وتربية وطنية، وثروتنا البشرية هي التي يجب العمل على المحافظة عليها وهي المقدمة الأولى لتطوير كافة القطاعات الأخرى'.

ومعلوم أن إحداث هذا الهيكل الجديد، كان محل متابعة لصيقة من قبل الرئيس سعيّد، وموضوع لقاءات عديدة بين رئيس الدولة وأعضاء الحكومة خاصة منهم وزراء التربية، والتعليم العالي، والتكوين المهني، والثقافة..، على امتداد فترة قاربت العامين، على اعتبار أن وزاراتهم هي من أكثر الوزارات المشمولة والمعنية بأهداف تركيز المجلس ومهامه.

ومن المقرّر أن تحيل الحكومة النص القانوني المتعلق بإحداث المجلس في صياغته النهائية، على البرلمان، بعد مصادقة مجلس الوزراء عليه، لكن من غير الواضح إن كان المسار التشريعي لهذا النص سيكون في خانة استعجال النظر، أو سيأخذ وقته الكامل في النقاش والمتابعة داخل اللجان البرلمانية المعنية، قبل المصادقة عليه في جلسة عامة.

 علما أن اللجان البرلمانية هي الآن في حالة نشاط رغم دخول مجلس نواب الشعب في عطلة برلمانية تستمر حتى نهاية سبتمبر المقبل، ومن البديهي أن تقوم بدورها المعهود في برمجة جلسات نقاش واستماع مع ممثلي الوزارات والحكومة والمجتمع المدني والمنظمات المعنية لبلورة تصور متكامل لدور المجلس ومشمولاته ومهامه وخاصة لطبيعة تركيبته، خاصة أن هذه المؤسسة الدستورية سيكون من أبرز مهامها الإشراف على تنزيل مخرجات الاستشارة الوطنية للإصلاح التربوي ومتابعة مراحل تنفيذها.

وبخصوص مضمون النص القانوني المحدث للمجلس، وخاصة تركيبته وهيكلته التنظيمية ومهامه وطرق عمله، فهي تقريبا جاهزة منذ فترة، وفق ما أكد على ذلك وزير التربية السابق أو وزيرة التربية الحالية.

علما أن الدستور حدّد في الفصل 135، أبرز مهام المجلس ونصه كالتالي:"يتولّى المجلس الأعلى للتّربية والتّعليم إبداء الرّأي في الخطط الوطنيّة الكبرى في مجال التّربـية والتّعليم والبحث العلميّ والتّكوين المهنيّ وآفاق التّشغيل. ويضبط القانون تركيبة هذا المجلس واختصاصاته وطرق سيره.

وبالرجوع إلى تصريحات وزير التربية السابق السيد محمد علي البوغديري، وأيضا لتصريحات وزيرة التربية الحالية السيدة سلوى العباسي، فإن المجلس الأعلى للتربية والتعليم سيكون تحت إشراف رئيس الجمهورية، وقد يضمّ في تركيبته ممثلين عن جل الوزارات والمنظمات والهياكل التربوية، فضلا عن عدد من الخبراء في عدة اختصاصات، مثل علوم التربية، والتفقد البيداغوجي، وفي علم الاجتماع وعلم النفس.

كما سيكون الهيكل الجديد مؤثرا في تحديد الإستراتيجية الوطنية للإصلاح التربوي بناء على مخرجات الاستشارة الوطنية للإصلاح التربوي. وسيكون له هياكل فرعية تعنى بالجانب التنفيذي وجانب بيداغوجي وجانب تربوي.

لكن من غير الواضح، إن كان المجلس ستكون له صلاحيات تقريرية بمعنى أنه يتخذ قرارات نافذة في الشأن التربوي، أو صلاحيات استشارية بمعنى أن يصدر آراء وتوصيات لفائدة الأجهزة التنفيذية والتشريعية.

الملفت للانتباه، أن إحداث المجلس الأعلى للتربية والتعليم، كان من أبرز مطالب المجتمع المدني والنقابات والمنظمات الوطنية في تونس خاصة بعد سنة 2011، وقدمت في شأنه عديد المقترحات والمشاريع والتصورات دون أن تنجح في تمريرها.

ولعل النقطة المشتركة في مشاريع تصور المجلس الأعلى للتربية التي تقدم بها المجتمع المدني سابقا، تتمثل في تركيز مجلس مستقل حتى يتمكن من القيام بدوره بعملية الإصلاح بكل حيادية ودون ضغوط..، ليرد الوزير السابق على هذه المطالب بقوله على أنه "ليس هناك معنى لمجلس مستقل وأن رئيس الجمهورية هو الذي سيترأسه من أجل ضمان نجاعته".

وكانت النقابات المهنية قد طالبت في وقت سابق الحكومة بضرورة تشريكها في عملية الإصلاح التربوي وخاصة في صياغة مشروع القانون المتعلق بالمجلس الأعلى للتربية والتعليم، وفي تحديد هيكلته وصلاحياته وبرامج عمله، على غرار الجامعة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي.

كما عبرت نقابات الثانوي، والتعليم الأساسي، مؤخرا في تصريحات إعلامية عن قلقها من عدم تشريكها في مسار إعداد النص القانوني للمجلس الأعلى للتربية.

جدير بالذكر أن فكرة بعث المجلس الأعلى للتربية والتعليم العالي والبحث العلمي والتكوين المهني والتشغيل، طرحت منذ 15 أكتوبر 2011 من قبل هياكل نقابية منضوية تحت لواء الاتحاد العام التونسي للشغل، وممثلين عن المجتمع المدني.

كما ضمنت كمقترح في المخطط الاستراتيجي لإصلاح التعليم العالي والبحث العلمي 2015-2025.

فضلا عن أن الجمعية الوطنية للائتلاف المدني لإصلاح المنظومة التربوية، كانت قد قدمت سنة 2016 مقترح قانون لإحداث "مجلس أعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي"، شارك في صياغته الخبير التربوي الراحل محمد بن فاطمة، من أبرز مهامه "إبداء الرأي حول السياسة الوطنية للتربية والخطط التنفيذية وبرامج ومنظومات التكوين الأساسي والمستمر ومنظومات الجودة والرقابة والتقييم والمتابعة والاعتماد اللازمة لتنفيذ السياسة الوطنية للتربية والتعليم وأسس ومقومات التنسيق بين الخطط الوطنية المتصلة بتكوين مختلف أصناف الإطارات ذات العلاقة بالشأن التربوي".

كما يبدي المجلس رأيه وفق ما ورد في مشروع الائتلاف المدني، في "تحقيق الترابط والتكامل بين منظومات التربية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي بهدف دعم الكفاءات والخبرات العلمية الوطنية والتشجيع على التعلم مدى الحياة والنهوض به، وفي الدراسات والبرامج المتعلقة بتعزيز مكانة المؤسسة التربوية وفي المعارف والكفايات التي يتعين على التلميذ تملكها في نهاية التعليم الأساسي..".

رفيق بن عبد الله