"7 سنوات جفاف.. الماء ثروة خلينا نستحفظو عليه.. كل قطرة بحسابها.. الماء هو الحياة، الجفاف تهديد لبلادنا.. الاقتصاد في الماء ضمان لاستمرار حياة أولادنا"، هذه عينة من الإرساليات التي توجهها الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه "الصوناد" إلى حرفائها عبر الإرساليات القصيرة وقد تحولت هذه الرسائل إلى "ترند" على فضاءات التواصل الاجتماعي موقعة بتعليقات أغلبها أتت في شكل تساؤلات، أين هو الماء لنحافظ عليه؟
ورغم بلوغ تونس مرحلة الفقر المائي بسبب التغيرات المناخية فان عديد التصريحات واختلاف الروايات زادت من حيرة المواطن في علاقة بتكرار انقطاعات الماء.. خاصة بعد تصريحات رئيس الدولة الأخيرة أثناء تنقله لبعض الجهات لمعاينة الوضعية المائية.
فحديث رئيس الجمهورية عن وجود شبكات إجرامية تقوم بتهشيم أنابيب توزيع المياه خلال تحوله إلى سد نبهانة من ولاية القيروان يؤكد أن الأزمة أعمق من التغيرات المناخية والأسباب الطبيعية.
وحسب ما أفاد به خالد بوعجيلة كاتب عام الجامعة العامة للمياه "الصباح" فإن إدارة الشؤون القانونية بالشركة التونسية لتوزيع المياه قد أحالت قضايا في اعتداء على شبكات الشركة كما تقوم الشركة بمعاينة أي اعتداء عن طريق عدل منفذ.
وكان رئيس الجمهورية قد تحول، فجر، أول أمس الثلاثاء، إلى سد نبهانة من ولاية القيروان، الذي لم يقع تعهده منذ سنة 1969 حتّى صار خارج الخدمة، إلى جانب وجود شبكات إجرامية بالمكان تقوم بتهشيم أنابيب توزيع المياه، وفق بلاغ صادر عن رئاسة الجمهورية.
وتوجّه رئيس الجمهورية إثر ذلك إلى معتمدية منزل حرب من ولاية المنستير، التّي تشهد تفاقم حالات قطع المياه كما في الولايات المجاورة. وأكد أنّ "قطع المياه بهذا الشكل الممنهج والمدبر جريمة في حق الشعب بل هو يمس بالأمن القومي التونسي ولا يمكن لمن دبّر لهذه العمليات الإجرامية ومن نفذها أن يبقى خارج المساءلة والعقاب".
كما تحوّل رئيس الجمهورية إلى منطقة قرمبالية أين عاين "تدفق المياه في قنال تونس مجردة تدفقا طبيعيا وهو ما يؤكد أن ما يحصل في عدد من جهات الجمهورية أمر تدبره شبكات إجرامية تستهدف شبكات توزيع المياه وتستهدف المحطات الكهربائية".
وشدد رئيس الجمهورية على أن "الدولة لن تبقى مكتوفة الأيدي أمام من دبّر ومن نفذ هذه الجرائم النكراء ووصل بهم الأمر إلى حدّ حرمان المواطن من أبسط حقوقه حتى من قطرة ماء".
وكان رئيس الجمهورية، قيس سعيد، قد توجّه الاثنين الفارط إلى سد بوهرتمة ثم إلى سد بربرة بولاية جندوبة حيث عاين "امتلاء السدين المذكورين بالمياه الصالحة للشرب والري". ولاحظ أن "انقطاع المياه بالجهة أمر غير طبيعي ولا بريء".
وأشار إلى "أنّ تونس عرفت سنوات عجاف، في السابق ولكن لم يصل الوضع إلى ما هو عليه الآن من قطع للمياه يتواصل على مدى يوم كامل وأكثر أحيانا".
حسين الرحيلي الخبير في التنمية والموارد المائية أكد أن الخطر هو في عدم الإقرار بوجود أزمة حقيقية في المنظومة المائية وهو ما قد يؤخر التسريع بإيجاد حلول للمشاكل الحالية.
وأفاد الرحيلي "الصباح" بأنه عند الحديث عن وجود ماء في سدود مثل بربرة وسيدي البراق لا يعني أن نسبة الامتلاء 100 بالمائة، وبالنسبة لعملية الضخ خاصة من سد سيدي البراق حيث أكد محدثنا أنها يجب أن تكون في الحالات القصوى لان العملية مكلفة،حسب قوله.
وفي سياق حديثه قال الخبير في التنمية والموارد المائية أن السدود هي عبارة عن خزانات إستراتيجية يتم اللجوء إليها عند الضرورة القصوى، هذا بالإضافة إلى أن للسد عمرا محددا يمتد من 20 إلى 50 سنة، أما بخصوص عملية التنظيف فهي مكلفة وتساوي تكلفة بناء سد جديد.
وأضاف الرحيلي بان كثرة "الوحل" في سدود تونس بسبب عدم تهيئة وتشجير الأحواض الدافعة للماء.
وللتذكير فإن من أقدم السدود في تونس سدي ملاق وبني مطير وقد تم إحداثهما سنة 1954، كما توجد في تونس سدود "ميتة" مثل السد الكبير الذي شيّد سنة 1928 في زغوان".
وبخصوص الربط العشوائي وسرقة الماء قال الرحيلي إنها آفة كبيرة وهي السبب المباشر لهدر كميات هامة من الماء، في المقابل فإن أجهزة المراقبة لشبكة الماء من قبل الشركة التونسية لاستغلال وتوزيع المياه ضعيفة.
وخلص محدثنا إلى أن الأزمة هيكلية وعميقة وتعود إلى تخلي الدولة عن مؤسساتها العمومية منذ سنة 1995.
وللتذكير فإن نسبة ضياع الماء في شبكات التوزيع تقريبا 30 بالمائة حسب بعض الدراسات، وفقا لتصريح سابق لعبد الله الرابحي كاتب الدولة الأسبق للمياه الذي أفاد أن نسبة نجاعة شبكات التوزيع في تونس حوالي 70 بالمائة، لافتا إلى ضرورة أن تصل نجاعتها إلى نسبة 80 أو 90 بالمائة.
وأفاد بأنه إن لم نجد نفس الكميات التي ضخت من أول الخزينة في العداد فذلك يعني ضياعها في الأرض.
كما دعا الرابحي إلى عدم استنزاف المائدة المائية الجوفية والتقليص من الآبار العشوائية، مشددا على ضرورة تشريد استهلاك الماء في القطاع الفلاحي ولدى المواطن مع صيانة شبكات التوزيع من أجل الاقتصاد في الموارد المائية.
من جانبه أكد "المرصد التونسي للمياه" على ضرورة إيجاد حلول طارئة وجذرية لمشكل انقطاع الماء وعلى تقديم الدعم الفوري للشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه بالإمكانيات المالية والتقنية والبشرية اللازمة لمواجهة أزمة انقطاع المياه هذه الصائفة.
ودعا المرصد في بيانه الأخير إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لوقف تصدير المياه من طرف الشركات الفلاحية المستنزفة للموارد المائية، كما عبّر عن استنكاره للانقطاع المتكرر للمياه في أغلب جهات الجمهورية في درجات حرارة قياسية.
وفي نفس السياق أعرب "المرصد التونسي للمياه" عن "استيائه من الخطاب الرسمي للسلطة الذي يكرس سياسةً الهروب إلى الأمام معولا على مخاطبة العواطف بدل العقول مستعملا نموذج التهمة الكيدية والتلفيقية وعدم اعترافه بعجز السلطة السياسية في تدبير أزمة ندرة الموارد المائية ومجابهة التحولات المناخية".
كما كشف المرصد أنّ تطبيقية "واتش واتر" لـ"المرصد التونسي للمياه" سجّلت 68 تبليغا لانقطاع المياه في عديد المناطق المختلفة من الجمهورية التونسية وتتصدر ولاية المنستير بـ 15 تبليغا تليها صفاقس بـ 12 وسوسة بـ 11 تبليغا ثم ولاية قفصة بأكثر من 10 تبليغات، كما شهدت ولاية صفاقس تحركا احتجاجيّا تمثّل في غلق الطريق على مستوى طريق قابس.
وأضاف المرصد أنه "تم رصد أكثر من 50 انقطاعا آخر عن طريق شبكات وسائل التواصل الاجتماعي، حيث أثرت هذه الانقطاعات على عيش المواطنين".
وحسب نفس البيان أفاد المرصد أنّ "هذه الاضطرابات تتزامن مع توزيع المياه وسط خطاب رسمي للسلطة السياسية ينفي سردية ندرة المياه والنقص الحاد والملحوظ في الموارد المائية ويتبنى نظرية المؤامرة مستعملا نموذج التهم التلفيقية للهروب من المسؤولية".
وذكر المرصد بان "نسبة امتلاء السدود بلغت 27,2 بالمائة وهو ما يفسر الوضعية الحرجة لمواردنا المائية، وحدود الحلول المعتمدة والمتمثلة في دخول محطة تحلية المياه بصفاقس المرحلة التجريبية".
جهاد الكلبوسي
تونس – الصباح
"7 سنوات جفاف.. الماء ثروة خلينا نستحفظو عليه.. كل قطرة بحسابها.. الماء هو الحياة، الجفاف تهديد لبلادنا.. الاقتصاد في الماء ضمان لاستمرار حياة أولادنا"، هذه عينة من الإرساليات التي توجهها الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه "الصوناد" إلى حرفائها عبر الإرساليات القصيرة وقد تحولت هذه الرسائل إلى "ترند" على فضاءات التواصل الاجتماعي موقعة بتعليقات أغلبها أتت في شكل تساؤلات، أين هو الماء لنحافظ عليه؟
ورغم بلوغ تونس مرحلة الفقر المائي بسبب التغيرات المناخية فان عديد التصريحات واختلاف الروايات زادت من حيرة المواطن في علاقة بتكرار انقطاعات الماء.. خاصة بعد تصريحات رئيس الدولة الأخيرة أثناء تنقله لبعض الجهات لمعاينة الوضعية المائية.
فحديث رئيس الجمهورية عن وجود شبكات إجرامية تقوم بتهشيم أنابيب توزيع المياه خلال تحوله إلى سد نبهانة من ولاية القيروان يؤكد أن الأزمة أعمق من التغيرات المناخية والأسباب الطبيعية.
وحسب ما أفاد به خالد بوعجيلة كاتب عام الجامعة العامة للمياه "الصباح" فإن إدارة الشؤون القانونية بالشركة التونسية لتوزيع المياه قد أحالت قضايا في اعتداء على شبكات الشركة كما تقوم الشركة بمعاينة أي اعتداء عن طريق عدل منفذ.
وكان رئيس الجمهورية قد تحول، فجر، أول أمس الثلاثاء، إلى سد نبهانة من ولاية القيروان، الذي لم يقع تعهده منذ سنة 1969 حتّى صار خارج الخدمة، إلى جانب وجود شبكات إجرامية بالمكان تقوم بتهشيم أنابيب توزيع المياه، وفق بلاغ صادر عن رئاسة الجمهورية.
وتوجّه رئيس الجمهورية إثر ذلك إلى معتمدية منزل حرب من ولاية المنستير، التّي تشهد تفاقم حالات قطع المياه كما في الولايات المجاورة. وأكد أنّ "قطع المياه بهذا الشكل الممنهج والمدبر جريمة في حق الشعب بل هو يمس بالأمن القومي التونسي ولا يمكن لمن دبّر لهذه العمليات الإجرامية ومن نفذها أن يبقى خارج المساءلة والعقاب".
كما تحوّل رئيس الجمهورية إلى منطقة قرمبالية أين عاين "تدفق المياه في قنال تونس مجردة تدفقا طبيعيا وهو ما يؤكد أن ما يحصل في عدد من جهات الجمهورية أمر تدبره شبكات إجرامية تستهدف شبكات توزيع المياه وتستهدف المحطات الكهربائية".
وشدد رئيس الجمهورية على أن "الدولة لن تبقى مكتوفة الأيدي أمام من دبّر ومن نفذ هذه الجرائم النكراء ووصل بهم الأمر إلى حدّ حرمان المواطن من أبسط حقوقه حتى من قطرة ماء".
وكان رئيس الجمهورية، قيس سعيد، قد توجّه الاثنين الفارط إلى سد بوهرتمة ثم إلى سد بربرة بولاية جندوبة حيث عاين "امتلاء السدين المذكورين بالمياه الصالحة للشرب والري". ولاحظ أن "انقطاع المياه بالجهة أمر غير طبيعي ولا بريء".
وأشار إلى "أنّ تونس عرفت سنوات عجاف، في السابق ولكن لم يصل الوضع إلى ما هو عليه الآن من قطع للمياه يتواصل على مدى يوم كامل وأكثر أحيانا".
حسين الرحيلي الخبير في التنمية والموارد المائية أكد أن الخطر هو في عدم الإقرار بوجود أزمة حقيقية في المنظومة المائية وهو ما قد يؤخر التسريع بإيجاد حلول للمشاكل الحالية.
وأفاد الرحيلي "الصباح" بأنه عند الحديث عن وجود ماء في سدود مثل بربرة وسيدي البراق لا يعني أن نسبة الامتلاء 100 بالمائة، وبالنسبة لعملية الضخ خاصة من سد سيدي البراق حيث أكد محدثنا أنها يجب أن تكون في الحالات القصوى لان العملية مكلفة،حسب قوله.
وفي سياق حديثه قال الخبير في التنمية والموارد المائية أن السدود هي عبارة عن خزانات إستراتيجية يتم اللجوء إليها عند الضرورة القصوى، هذا بالإضافة إلى أن للسد عمرا محددا يمتد من 20 إلى 50 سنة، أما بخصوص عملية التنظيف فهي مكلفة وتساوي تكلفة بناء سد جديد.
وأضاف الرحيلي بان كثرة "الوحل" في سدود تونس بسبب عدم تهيئة وتشجير الأحواض الدافعة للماء.
وللتذكير فإن من أقدم السدود في تونس سدي ملاق وبني مطير وقد تم إحداثهما سنة 1954، كما توجد في تونس سدود "ميتة" مثل السد الكبير الذي شيّد سنة 1928 في زغوان".
وبخصوص الربط العشوائي وسرقة الماء قال الرحيلي إنها آفة كبيرة وهي السبب المباشر لهدر كميات هامة من الماء، في المقابل فإن أجهزة المراقبة لشبكة الماء من قبل الشركة التونسية لاستغلال وتوزيع المياه ضعيفة.
وخلص محدثنا إلى أن الأزمة هيكلية وعميقة وتعود إلى تخلي الدولة عن مؤسساتها العمومية منذ سنة 1995.
وللتذكير فإن نسبة ضياع الماء في شبكات التوزيع تقريبا 30 بالمائة حسب بعض الدراسات، وفقا لتصريح سابق لعبد الله الرابحي كاتب الدولة الأسبق للمياه الذي أفاد أن نسبة نجاعة شبكات التوزيع في تونس حوالي 70 بالمائة، لافتا إلى ضرورة أن تصل نجاعتها إلى نسبة 80 أو 90 بالمائة.
وأفاد بأنه إن لم نجد نفس الكميات التي ضخت من أول الخزينة في العداد فذلك يعني ضياعها في الأرض.
كما دعا الرابحي إلى عدم استنزاف المائدة المائية الجوفية والتقليص من الآبار العشوائية، مشددا على ضرورة تشريد استهلاك الماء في القطاع الفلاحي ولدى المواطن مع صيانة شبكات التوزيع من أجل الاقتصاد في الموارد المائية.
من جانبه أكد "المرصد التونسي للمياه" على ضرورة إيجاد حلول طارئة وجذرية لمشكل انقطاع الماء وعلى تقديم الدعم الفوري للشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه بالإمكانيات المالية والتقنية والبشرية اللازمة لمواجهة أزمة انقطاع المياه هذه الصائفة.
ودعا المرصد في بيانه الأخير إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لوقف تصدير المياه من طرف الشركات الفلاحية المستنزفة للموارد المائية، كما عبّر عن استنكاره للانقطاع المتكرر للمياه في أغلب جهات الجمهورية في درجات حرارة قياسية.
وفي نفس السياق أعرب "المرصد التونسي للمياه" عن "استيائه من الخطاب الرسمي للسلطة الذي يكرس سياسةً الهروب إلى الأمام معولا على مخاطبة العواطف بدل العقول مستعملا نموذج التهمة الكيدية والتلفيقية وعدم اعترافه بعجز السلطة السياسية في تدبير أزمة ندرة الموارد المائية ومجابهة التحولات المناخية".
كما كشف المرصد أنّ تطبيقية "واتش واتر" لـ"المرصد التونسي للمياه" سجّلت 68 تبليغا لانقطاع المياه في عديد المناطق المختلفة من الجمهورية التونسية وتتصدر ولاية المنستير بـ 15 تبليغا تليها صفاقس بـ 12 وسوسة بـ 11 تبليغا ثم ولاية قفصة بأكثر من 10 تبليغات، كما شهدت ولاية صفاقس تحركا احتجاجيّا تمثّل في غلق الطريق على مستوى طريق قابس.
وأضاف المرصد أنه "تم رصد أكثر من 50 انقطاعا آخر عن طريق شبكات وسائل التواصل الاجتماعي، حيث أثرت هذه الانقطاعات على عيش المواطنين".
وحسب نفس البيان أفاد المرصد أنّ "هذه الاضطرابات تتزامن مع توزيع المياه وسط خطاب رسمي للسلطة السياسية ينفي سردية ندرة المياه والنقص الحاد والملحوظ في الموارد المائية ويتبنى نظرية المؤامرة مستعملا نموذج التهم التلفيقية للهروب من المسؤولية".
وذكر المرصد بان "نسبة امتلاء السدود بلغت 27,2 بالمائة وهو ما يفسر الوضعية الحرجة لمواردنا المائية، وحدود الحلول المعتمدة والمتمثلة في دخول محطة تحلية المياه بصفاقس المرحلة التجريبية".