رئيس الغرفة النقابية الوطنية لهياكل التكوين المهني الخاص لـ"الصباح": تغيير منظومة قديمة بأخرى تفتقد للجدوى يضر بالقطاع..
قطاع التكوين المهني الخاص يستقطب أضعاف ما هو موجود في القطاع العمومي.. ودور الدولة لتأهيل القطاع "غائب"
تونس – الصباح
أزمة يعيشها اليوم قطاع التكوين المهني في تونس لاسيما في القطاع الخاص من شأنها أن تؤثر على وضع القطاع، وذلك بعد أن انطلقت مختلف الجهات المعنية بذلك في الاستعداد للموسم الدراسي والتكويني 2024/2025، والتحضير للقيام بمراجعات وإصلاحات وتغييرات تخدم التكوين المهني ليكون ضمن منظومة التكوين والتعليم وليس فقط فرصة لمن فشلوا في مسارهم التعليمي، وذلك عبر تحيين الاختصاصات والتكوين بما يتلاءم ومتطلبات سوق الشغل على مستويين وطني ودولي، باعتبار أن التكوين والحصول على شهائد تكوين في اختصاصات مهنية أصبح قبلة أعداد كبيرة من الشباب وآلية مثلى للحصول على مواطن شغل وعقود عمل تضمن الهجرة المنظمة للراغبين في ذلك.
إذ أفاد راشد الشلي، رئيس الغرفة الوطنية لهياكل التكوين المهني الخاص أن سلط الإشراف ممثلة في وزارة التشغيل والتكوين المهني في اختيارها اعتماد سياسة القرارات المسقطة دون الرجوع إلى الهياكل والأطراف المعنية بهذا القطاع الحيوي والهام، وفق تأكيده في حديثه عن ذلك لـ"الصباح"، مشددا على أن الغرفة الوطنية لهياكل التكوين المهني الخاص ملتزمة بالعقد الاجتماعي وسياسية الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية وحريصة أيضا على إتباع وتكريس سياسة الدولة بقيادة رئيس الجمهورية قيس سعيد في القيام بالإصلاحات الهادفة والنهوض بالموارد البشرية كعنصر أساسي والثروة الأولى للدولة.
وتجدر الإشارة إلى أن الغرفة الوطنية لهياكل التكوين المهني أصدرت بيانا استنكرت فيه القرارات التي اتخذتها وزارة التشغيل والتكوين المهني على اعتبار أن ما تضمنه كان نتيجة سلسلة من اللقاءات والمشاورات مع المنضوين في الغرفة من أصحاب مؤسسات خاصة في التكوين المهني ومختصين وناشطين في المجال. ومن بين جملة القرارات التي عبرت الغرفة عن استنكارها ما تعلق بإسناد التأهيل والتصنيف ومشروع قرار مواصفات التكوين، على اعتبار أن الوزارة المعنية لم تقم بتشريك هياكل القطاع الخاص في ذلك. ودعت الغرفة الوطنية لهياكل التكوين المهني إلى إحداث هيئة وطنية مستقلة لتقييم التكوين المهني وضمان الجودة. وطالبت بتكوين المكونين والمؤطرين والإداريين وتأهيلهم تقنيا وبيداغوجيا لضمان جودة التكوين، ودعم هياكل التكوين المهني الخاصة ماديا عبر آليات تمويل عمومية للانخراط في المنظومة الجديدة. وبينت أيضا أنها شرعت منذ أربع سنوات في إعداد مشروع بديل يتعلق بتحسين جودة التكوين وبمنظومة الإشهاد. واعتبرت أن قرارات وزارة الإشراف لن تؤدي إلى تحقيق الأهداف المنشودة وستكون بالضرورة سببا في انهيار الهياكل الخاصة العاملة. ودعت إلى إعادة النظر في القانون عدد10 لسنة 2008 بما يتماشى والمقتضيات الجديدة لتنمية الموارد البشرية بجودة عالية وضمان المصداقية والشفافية في تعاملات الإدارة. كما طالبت بدعم الإدارة الجهوية والمركزية بإطارات تفقد بيداغوجية تساهم في عملية المتابعة والإرشاد والتقييم.
قطاع حيوي أمام معادلة مفقودة
بين راشد الشلّي أن هناك أكثر من 4 آلاف مؤسسة مختصة في التكوين المهني في القطاع الخاص في تونس تتوزع بين التكوين الأساسي والتكوين المستمر. موضحا أن أكثر من 3 آلاف مؤسسة من بينها منظرة فيما تنقسم البقية بين المؤسسات الخاصة لتقديم شهائد ختم التكوين وأخرى للتكوين المستمر والتدريب وإعادة التأهيل. واعتبر أن الإشكال القائم اليوم يتمثل في توجه سلطة الإشراف إلى تغيير منظومة التنظير التي كانت معتمدة منذ سنة 1994 في القطاع وتم تعميمها في القطاع الخاص منذ سنة 2001، وفق تأكيده، ليتم تغييرها اليوم بمنظومة الإشهاد. وأضاف قائلا: "صحيح أننا طلبنا منذ سنوات بضرورة مراجعة هذه المنظومة المعتمدة والعمل على تطويرها بما يجعل من التكوين المهني آلية تكوين وتشغيل وفق الشروط المطلوبة في سوق الشغل اليوم، خاصة أن هياكل التكوين المهني في القطاع الخاص أكبر من حيث العدد والاختصاصات والاستقطاب مما هو متوفر في القطاع العمومي ولكن للأسف لم يتم تشريكنا كفاعلين ومعنيين بهذا القطاع. لأن المنظومة الجديدة لا تتضمن متطلبات توفير جودة التكوين وإنما تساهم في تعميق أزمة القطاع بشكل عام".
لأنه يعتبر في اتخاذ سلطة الإشراف للقرارات المسقطة المذكورة أعلاه، بعد أن انطلقت جل الهياكل في تحديد ووضع برامجها وتوجهاتها للنهوض بهذا القطاع، ستكون أمام ما وصفه "بفراغ".
أوضح قائلا: "في تقديري وبإجماع الناشطين في القطاع، المنظومة الجديدة التي اختارتها سلطة الإشراف دون العودة إلى مناقشة الأمر مع المعنيين، لا تخدم جودة القطاع سواء في القطاع العمومي أو الخاص بل ستساهم في تردي وضعه وهي في تقديري ليس لها ديمومة بل سريعا من تنهار بعد تبين فراغها وخوائها من أي جدوى ونجاعة وجودة".
كما اعتبر رئيس الغرفة الوطنية لهياكل التكوين المهني الخاص أن سلطة الإشراف منحت امتيازات مالية كبيرة للوكالة الوطنية للتكوين المهني خصصت لتأهيل القطاع دون مراعاة دورها في مساعدة وإعادة تأهيل هياكل القطاع الخاص، باعتباره يستقطب أعدادا كبيرة أكثر مما هو موجود في القطاع العمومي. وهو ما يجعل مهمة العاملين في القطاع تكون على غاية من الصعوبة في ظل عدم ملاءمة المنظومة الجديدة مع متطلبات التكوين والتدريب من جودة وتحيين للاختصاصات وتطوير للمدربين من ناحية وما هو مطروح ومطلوب في سوق الشغل وطنيا وعالميا من ناحية أخرى. وهو ما اعتبره رئيس الغرفة الوطنية لهياكل التكوين المهني الخاص "مفارقة صعبة من شأنها أن تؤدي إلى ضرب وانهيار التكوين المهني في تونس في الوقت الذي تراهن فيه سياسة الدولة الخارجية وعبر المراهنة على الدبلوماسية الاقتصادية، لفتح آفاق برامج تعاون وتشارك واستثمار أوسع دوليا عبر المراهنة على الثروة البشرية التونسية النوعية".
ودعا الشلي سلطة الإشراف إلى العمل على مراجعة سياستها في التعاطي مع التكوين المهني بشكل عام في تونس نظرا لأهمية هذا القطاع. وأضاف قائلا: "القطاع المهني الخاص يضطلع بدور كبير في انتشال الشباب ومنحهم فرص الحصول على مهن والمساهمة في التنمية والدورة الاقتصادية للدولة. وهذا كفيل بجعل سلطة الإشراف تراعي ذلك وتعمل على تحقيق المعادلة المطلوبة للنهوض بهذا القطاع وتطويره وجعله آلية حقيقية للتكوين والتشغيل والعمل والتنمية".
ويذكر أن الوكالة التونسية للتكوين المهني تشرف على 136 مركز تكوين مهني منتشرة في جميع أنحاء الجمهورية وتغطي أكثر من 400 تخصص في 12 قطاعا اقتصاديا. منها 51 مركزا قطاعيا للتكوين المهني، يستجيب لحاجيات قطاع معين وذلك على المستوى الوطني و62 مركز تكوين وتدريب مهني تتولى تأمين التكوين في أكثر من اختصاص وهي تستجيب لحاجيات الجهة. إضافة إلى 14 مركز تكوين فتاة ريفية وتسعة مراكز تكوين في الحرف التقليدية.
نزيهة الغضباني
رئيس الغرفة النقابية الوطنية لهياكل التكوين المهني الخاص لـ"الصباح": تغيير منظومة قديمة بأخرى تفتقد للجدوى يضر بالقطاع..
قطاع التكوين المهني الخاص يستقطب أضعاف ما هو موجود في القطاع العمومي.. ودور الدولة لتأهيل القطاع "غائب"
تونس – الصباح
أزمة يعيشها اليوم قطاع التكوين المهني في تونس لاسيما في القطاع الخاص من شأنها أن تؤثر على وضع القطاع، وذلك بعد أن انطلقت مختلف الجهات المعنية بذلك في الاستعداد للموسم الدراسي والتكويني 2024/2025، والتحضير للقيام بمراجعات وإصلاحات وتغييرات تخدم التكوين المهني ليكون ضمن منظومة التكوين والتعليم وليس فقط فرصة لمن فشلوا في مسارهم التعليمي، وذلك عبر تحيين الاختصاصات والتكوين بما يتلاءم ومتطلبات سوق الشغل على مستويين وطني ودولي، باعتبار أن التكوين والحصول على شهائد تكوين في اختصاصات مهنية أصبح قبلة أعداد كبيرة من الشباب وآلية مثلى للحصول على مواطن شغل وعقود عمل تضمن الهجرة المنظمة للراغبين في ذلك.
إذ أفاد راشد الشلي، رئيس الغرفة الوطنية لهياكل التكوين المهني الخاص أن سلط الإشراف ممثلة في وزارة التشغيل والتكوين المهني في اختيارها اعتماد سياسة القرارات المسقطة دون الرجوع إلى الهياكل والأطراف المعنية بهذا القطاع الحيوي والهام، وفق تأكيده في حديثه عن ذلك لـ"الصباح"، مشددا على أن الغرفة الوطنية لهياكل التكوين المهني الخاص ملتزمة بالعقد الاجتماعي وسياسية الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية وحريصة أيضا على إتباع وتكريس سياسة الدولة بقيادة رئيس الجمهورية قيس سعيد في القيام بالإصلاحات الهادفة والنهوض بالموارد البشرية كعنصر أساسي والثروة الأولى للدولة.
وتجدر الإشارة إلى أن الغرفة الوطنية لهياكل التكوين المهني أصدرت بيانا استنكرت فيه القرارات التي اتخذتها وزارة التشغيل والتكوين المهني على اعتبار أن ما تضمنه كان نتيجة سلسلة من اللقاءات والمشاورات مع المنضوين في الغرفة من أصحاب مؤسسات خاصة في التكوين المهني ومختصين وناشطين في المجال. ومن بين جملة القرارات التي عبرت الغرفة عن استنكارها ما تعلق بإسناد التأهيل والتصنيف ومشروع قرار مواصفات التكوين، على اعتبار أن الوزارة المعنية لم تقم بتشريك هياكل القطاع الخاص في ذلك. ودعت الغرفة الوطنية لهياكل التكوين المهني إلى إحداث هيئة وطنية مستقلة لتقييم التكوين المهني وضمان الجودة. وطالبت بتكوين المكونين والمؤطرين والإداريين وتأهيلهم تقنيا وبيداغوجيا لضمان جودة التكوين، ودعم هياكل التكوين المهني الخاصة ماديا عبر آليات تمويل عمومية للانخراط في المنظومة الجديدة. وبينت أيضا أنها شرعت منذ أربع سنوات في إعداد مشروع بديل يتعلق بتحسين جودة التكوين وبمنظومة الإشهاد. واعتبرت أن قرارات وزارة الإشراف لن تؤدي إلى تحقيق الأهداف المنشودة وستكون بالضرورة سببا في انهيار الهياكل الخاصة العاملة. ودعت إلى إعادة النظر في القانون عدد10 لسنة 2008 بما يتماشى والمقتضيات الجديدة لتنمية الموارد البشرية بجودة عالية وضمان المصداقية والشفافية في تعاملات الإدارة. كما طالبت بدعم الإدارة الجهوية والمركزية بإطارات تفقد بيداغوجية تساهم في عملية المتابعة والإرشاد والتقييم.
قطاع حيوي أمام معادلة مفقودة
بين راشد الشلّي أن هناك أكثر من 4 آلاف مؤسسة مختصة في التكوين المهني في القطاع الخاص في تونس تتوزع بين التكوين الأساسي والتكوين المستمر. موضحا أن أكثر من 3 آلاف مؤسسة من بينها منظرة فيما تنقسم البقية بين المؤسسات الخاصة لتقديم شهائد ختم التكوين وأخرى للتكوين المستمر والتدريب وإعادة التأهيل. واعتبر أن الإشكال القائم اليوم يتمثل في توجه سلطة الإشراف إلى تغيير منظومة التنظير التي كانت معتمدة منذ سنة 1994 في القطاع وتم تعميمها في القطاع الخاص منذ سنة 2001، وفق تأكيده، ليتم تغييرها اليوم بمنظومة الإشهاد. وأضاف قائلا: "صحيح أننا طلبنا منذ سنوات بضرورة مراجعة هذه المنظومة المعتمدة والعمل على تطويرها بما يجعل من التكوين المهني آلية تكوين وتشغيل وفق الشروط المطلوبة في سوق الشغل اليوم، خاصة أن هياكل التكوين المهني في القطاع الخاص أكبر من حيث العدد والاختصاصات والاستقطاب مما هو متوفر في القطاع العمومي ولكن للأسف لم يتم تشريكنا كفاعلين ومعنيين بهذا القطاع. لأن المنظومة الجديدة لا تتضمن متطلبات توفير جودة التكوين وإنما تساهم في تعميق أزمة القطاع بشكل عام".
لأنه يعتبر في اتخاذ سلطة الإشراف للقرارات المسقطة المذكورة أعلاه، بعد أن انطلقت جل الهياكل في تحديد ووضع برامجها وتوجهاتها للنهوض بهذا القطاع، ستكون أمام ما وصفه "بفراغ".
أوضح قائلا: "في تقديري وبإجماع الناشطين في القطاع، المنظومة الجديدة التي اختارتها سلطة الإشراف دون العودة إلى مناقشة الأمر مع المعنيين، لا تخدم جودة القطاع سواء في القطاع العمومي أو الخاص بل ستساهم في تردي وضعه وهي في تقديري ليس لها ديمومة بل سريعا من تنهار بعد تبين فراغها وخوائها من أي جدوى ونجاعة وجودة".
كما اعتبر رئيس الغرفة الوطنية لهياكل التكوين المهني الخاص أن سلطة الإشراف منحت امتيازات مالية كبيرة للوكالة الوطنية للتكوين المهني خصصت لتأهيل القطاع دون مراعاة دورها في مساعدة وإعادة تأهيل هياكل القطاع الخاص، باعتباره يستقطب أعدادا كبيرة أكثر مما هو موجود في القطاع العمومي. وهو ما يجعل مهمة العاملين في القطاع تكون على غاية من الصعوبة في ظل عدم ملاءمة المنظومة الجديدة مع متطلبات التكوين والتدريب من جودة وتحيين للاختصاصات وتطوير للمدربين من ناحية وما هو مطروح ومطلوب في سوق الشغل وطنيا وعالميا من ناحية أخرى. وهو ما اعتبره رئيس الغرفة الوطنية لهياكل التكوين المهني الخاص "مفارقة صعبة من شأنها أن تؤدي إلى ضرب وانهيار التكوين المهني في تونس في الوقت الذي تراهن فيه سياسة الدولة الخارجية وعبر المراهنة على الدبلوماسية الاقتصادية، لفتح آفاق برامج تعاون وتشارك واستثمار أوسع دوليا عبر المراهنة على الثروة البشرية التونسية النوعية".
ودعا الشلي سلطة الإشراف إلى العمل على مراجعة سياستها في التعاطي مع التكوين المهني بشكل عام في تونس نظرا لأهمية هذا القطاع. وأضاف قائلا: "القطاع المهني الخاص يضطلع بدور كبير في انتشال الشباب ومنحهم فرص الحصول على مهن والمساهمة في التنمية والدورة الاقتصادية للدولة. وهذا كفيل بجعل سلطة الإشراف تراعي ذلك وتعمل على تحقيق المعادلة المطلوبة للنهوض بهذا القطاع وتطويره وجعله آلية حقيقية للتكوين والتشغيل والعمل والتنمية".
ويذكر أن الوكالة التونسية للتكوين المهني تشرف على 136 مركز تكوين مهني منتشرة في جميع أنحاء الجمهورية وتغطي أكثر من 400 تخصص في 12 قطاعا اقتصاديا. منها 51 مركزا قطاعيا للتكوين المهني، يستجيب لحاجيات قطاع معين وذلك على المستوى الوطني و62 مركز تكوين وتدريب مهني تتولى تأمين التكوين في أكثر من اختصاص وهي تستجيب لحاجيات الجهة. إضافة إلى 14 مركز تكوين فتاة ريفية وتسعة مراكز تكوين في الحرف التقليدية.