إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

بين الكفاءة والنجاعة...

بقلم: مصدّق الشّريف

لا يفتأ رئيس الجمهورية يؤكد أنّ الكثير من النصوص القانونية وُضعت على المقاس إما لخدمة اللّصوص أو لتقبع فوق الرفوف على مدى الأعوام والدهور. ومنذ تجميد أعضاء مجلس نواب الشعب وأشغاله، أصبح السيّد قيس سعيّد يصدر المراسيم والأوامر الرئاسية المنظمة لمختلف المجالات بعد التداول فيها مع أعضاء المجلس الوزاري. ومن أوكد أهداف هذه المراسيم والأوامر الرئاسية وضع حدّ لتمعّش المضاربين والمحتكرين والمهربين من قوت المواطنين، هؤلاء الذين حوّلوا مسالك التوزيع إلى مسالك تجويع حسب تصريحات رئيس الجمهورية.

وفعلا، فقد أصبح المواطن يعيش منذ سنين بين فكّي اللوبيات ومخالبها إذ أنّ هذه العصابات المنظمة تتحكم من قريب ومن بعيد في حياته حتى جعلتها تعاسة ونكدا متواصلين. تهترئ مقدرة المواطن الشرائية يوما بعد يوم. وتنكمش قفته من ساعة إلى أخرى فلا يستطيع أن يعود بها إلى بيته إلا بما قلّ وندر لسدّ رمقه ورمق عياله. صار التونسي يقتّر على نفسه أكثر فأكثر فهجر بدون رجعة الذهاب إلى باعة الغلال واللّحوم والأسماك بجميع أنواعها. وطلّق بالثلاث التفكير في التنزه مع أسرته أو شراء كتاب أو بذلة جديدة حتى أصبحت قبلته الوحيدة سوق الملابس المستعملة "الفريب" التي اشتعلت أسعارها بدورها وبدت هي الأخرى عصية عليه...

سيدي الرئيس، لقد قلت في آخر كلمة لك إنّ هناك عصابات تريد قهر المواطن وزعزعة أركان الدولة من الداخل باحتكار المواد الغذائية وتهريبها إلى الخارج. 

سيدي الرئيس، إنّ الاحتقان الاجتماعي يلوح في الأفق بسبب تدهور الظرف الاقتصادي والاجتماعي وما يُنبئان به من إضرابات قادمة. وهو، في رأينا، آت لا ريب فيه لاسيما ونحن على أبواب شهر رمضان وما أدراك ما شهر رمضان شهر الاستهلاك والحديث عنه بامتياز. وليس لنا من مخرج آمن سليم من هذا المأزق، في اعتقادنا، سوى تطبيق القانون والضرب فعلا لا قولا على أيادي المتلاعبين بأقوات المواطين وتحويل حياتهم إلى عذابات يومية.

سيدي الرئيس، إن المراسيم والأوامر الرئاسية التي أصدرتموها مهمة. لكن مثيلاتها عديدة وموجودة من قبل.أما تهديد المضاربين والمحتكرين، فإنك لم تفوّت أيّة فرصة للقيام به. بل تحدثت عنه عشرات المرّات. لكنّنا لم نلمس خطوات واقعية تجسّد هذا الوعيد والحال أنك كنت تنتقد التلكؤ في تطبيق القوانين ولا تزال.

سيدي الرئيس، لن يشعر المواطن بقيمة القوانين والتهديدات والخطب والمجالس الوزارية إلاّ حين يلمس قرارات جدّية تنسجم معها وتجسّدها في واقعه تكسبه أمنه الغذائي والصّحي  وتنزع عنه شبح الفقر المدقع وتقبُّض يديه.

ومن نافلة القول أنّ مقياس نجاح الأفكار المتميّزة والمخططات المحكمة هو مدى نجاعتها بتحويلها في وقت قياسيّ من تصورات نظرية إلى خطوات تطبيقية. فيمشي المرء بخطى ثابتة على طريق طرفاها مستقيمان متوازيان متوازنان.

بين الكفاءة والنجاعة...

بقلم: مصدّق الشّريف

لا يفتأ رئيس الجمهورية يؤكد أنّ الكثير من النصوص القانونية وُضعت على المقاس إما لخدمة اللّصوص أو لتقبع فوق الرفوف على مدى الأعوام والدهور. ومنذ تجميد أعضاء مجلس نواب الشعب وأشغاله، أصبح السيّد قيس سعيّد يصدر المراسيم والأوامر الرئاسية المنظمة لمختلف المجالات بعد التداول فيها مع أعضاء المجلس الوزاري. ومن أوكد أهداف هذه المراسيم والأوامر الرئاسية وضع حدّ لتمعّش المضاربين والمحتكرين والمهربين من قوت المواطنين، هؤلاء الذين حوّلوا مسالك التوزيع إلى مسالك تجويع حسب تصريحات رئيس الجمهورية.

وفعلا، فقد أصبح المواطن يعيش منذ سنين بين فكّي اللوبيات ومخالبها إذ أنّ هذه العصابات المنظمة تتحكم من قريب ومن بعيد في حياته حتى جعلتها تعاسة ونكدا متواصلين. تهترئ مقدرة المواطن الشرائية يوما بعد يوم. وتنكمش قفته من ساعة إلى أخرى فلا يستطيع أن يعود بها إلى بيته إلا بما قلّ وندر لسدّ رمقه ورمق عياله. صار التونسي يقتّر على نفسه أكثر فأكثر فهجر بدون رجعة الذهاب إلى باعة الغلال واللّحوم والأسماك بجميع أنواعها. وطلّق بالثلاث التفكير في التنزه مع أسرته أو شراء كتاب أو بذلة جديدة حتى أصبحت قبلته الوحيدة سوق الملابس المستعملة "الفريب" التي اشتعلت أسعارها بدورها وبدت هي الأخرى عصية عليه...

سيدي الرئيس، لقد قلت في آخر كلمة لك إنّ هناك عصابات تريد قهر المواطن وزعزعة أركان الدولة من الداخل باحتكار المواد الغذائية وتهريبها إلى الخارج. 

سيدي الرئيس، إنّ الاحتقان الاجتماعي يلوح في الأفق بسبب تدهور الظرف الاقتصادي والاجتماعي وما يُنبئان به من إضرابات قادمة. وهو، في رأينا، آت لا ريب فيه لاسيما ونحن على أبواب شهر رمضان وما أدراك ما شهر رمضان شهر الاستهلاك والحديث عنه بامتياز. وليس لنا من مخرج آمن سليم من هذا المأزق، في اعتقادنا، سوى تطبيق القانون والضرب فعلا لا قولا على أيادي المتلاعبين بأقوات المواطين وتحويل حياتهم إلى عذابات يومية.

سيدي الرئيس، إن المراسيم والأوامر الرئاسية التي أصدرتموها مهمة. لكن مثيلاتها عديدة وموجودة من قبل.أما تهديد المضاربين والمحتكرين، فإنك لم تفوّت أيّة فرصة للقيام به. بل تحدثت عنه عشرات المرّات. لكنّنا لم نلمس خطوات واقعية تجسّد هذا الوعيد والحال أنك كنت تنتقد التلكؤ في تطبيق القوانين ولا تزال.

سيدي الرئيس، لن يشعر المواطن بقيمة القوانين والتهديدات والخطب والمجالس الوزارية إلاّ حين يلمس قرارات جدّية تنسجم معها وتجسّدها في واقعه تكسبه أمنه الغذائي والصّحي  وتنزع عنه شبح الفقر المدقع وتقبُّض يديه.

ومن نافلة القول أنّ مقياس نجاح الأفكار المتميّزة والمخططات المحكمة هو مدى نجاعتها بتحويلها في وقت قياسيّ من تصورات نظرية إلى خطوات تطبيقية. فيمشي المرء بخطى ثابتة على طريق طرفاها مستقيمان متوازيان متوازنان.