الشارقة/ الإمارات – الصباح نيوز من مبعوثتنا إيمان عبد اللطيف
نزل النجم التونسي والعربي ظافر العابدين ضيفا بمعرض الشارقة الدولي للكتاب في دورته الـ44، حيث التقى جمهورا عريضا مساء السبت 8 نوفمبر الجاري خلال جلسة حوارية حملت عنوان "من التمثيل إلى التأليف: الفنانون يروون الحكاية"، شارك فيها إلى جانبه النجم العربي المصري خالد الصاوي والمنتج الإماراتي أحمد الجسمي وأدارتها الإعلامية ندى الشيباني.
تحدث ظافر العابدين عن تجربته في الانتقال من التمثيل إلى الكتابة والإخراج، وعن علاقته المتينة بالحكاية بوصفها محورا إنسانيا وجماليًا يعبّر عن ذاته ورؤيته الفنية، مؤكدا أن التحول نحو الكتابة لم يكن قرارا مفاجئا، بل نتيجة شغف قديم بالحكاية، قائلاً: "منذ بداياتي كان عندي شغف بأن أحكي الخرافة بطريقتي الخاصة، بوجهة نظر مختلفة، لأن الحكاية لا بد أن تأتي من القلب حتى تلامس الناس."
وأوضح أن الحكاية الواحدة يمكن أن تُروى بطرق عديدة، لكن ما يجعلها مؤثرة هو الصدق والرؤية الشخصية. "نفس الحكاية يمكن أن يرويها شخصان أو ثلاثة، كلٌّ يراها من زاوية مختلفة، يرى بطلها ومغزاها بطريقة أخرى. لذلك أؤمن أن القصة لا تُحكى إلا حين تكون صادقة ومنبثقة من تجربة داخلية."
وانتقل العابدين إلى الحديث عن الفرق بين التمثيل والكتابة، مؤكدا أن الكتابة منحته مساحة أوسع من الإبداع: "كممثل، تركيزي يكون على الشخصية التي أؤديها ضمن رؤية الكاتب والمخرج. لكن في الكتابة أكون مسؤولا عن العالم بأسره — عن الشخصيات، والمكان، والمجتمع، والزمن. لذلك الأعمال التي كتبتها كانت قريبة جدا من قلبي لأنها خرجت من إحساس شخصي، ومن رغبة حقيقية في قول الحكاية بطريقتي."
وعن أثر الكتابة على تجربته الإنسانية، قال العابدين: "الكتابة سمحت لي أن أطور نفسي كإنسان قبل أن أطورها كممثل، لأنها تجبرك أن تخرج من ذاتك وتحاول تفهم الناس والمجتمع. هي عملية إنسانية بقدر ما هي فنية." وأضاف أن التمثيل بدوره كان أداة لاكتشاف الذات: "قبل التمثيل كنت خجولا جدا. التمثيل ساعدني أن أعبّر عن نفسي وأفهمها. لو لم أمثل ربما ما كنت اكتشفت ذاتي ولا بنيت هذه الثقة التي أملكها اليوم."
واعتبر العابدين أن الجمع بين التمثيل والكتابة والإخراج تجربة معقدة لكنها مثمرة، قائلاً: "أحيانا الكاتب، والمخرج، والممثل يتجادلون داخلي، لأن كل شخصية منهم ترى العمل من زاويتها. لكني تعلمت أن أهم شيء هو أن أستمع. أن أسمع الآخرين وأحترم وجهات نظرهم، لأن السينما عمل جماعي، والمخرج الناجح هو من يختار فريقا يفهم المشروع أكثر منه في مجاله."
وتوقف عند تجربته الأخيرة في فيلمه "صوفيا"، وهو إنتاج تونسي بريطاني كتبه قبل ثلاثة عشر عاما، ولم ينجزه إلاّ في الآونة الأخيرة بعد أن شعر أن الوقت قد حان. وقال: "لما قرأت السيناريو الذي كتبته منذ 13 سنة، قلت الحمد لله أني ما قمت بتصويره في ذلك الوقت، لأن التجربة التي اكتسبتها خلال السنوات الماضية جعلتني أراه بشكل مختلف وأعمق. الحياة تعلّمك متى تنضج حكايتك."
وعن رؤيته لموقع الكاتب العربي في المشهد العالمي، قال العابدين: "الكتابة العربية موجودة ومؤثرة، لكن الكاتب وحده لا يستطيع تغيير عجلة الصناعة. نحن بحاجة إلى منظومة إنتاجية حقيقية تفتح الأبواب للأعمال التي يمكن أن تسافر وتُفهم في نيويورك أو لندن، لا أن تبقى محصورة في حدودها المحلية." وأكد أن لديه حلما فنيً واضحًا: "أحلم أن أكتب فيلما عربيا يسافر، لا إلى المهرجانات فقط، بل إلى قاعات السينما حول العالم، فيراه المشاهد في أي بلد ويفهمه دون أن يشعر أنه غريب عنه."
كما دعا العابدين إلى ترسيخ التربية الفنية في المدارس العربية، معتبرا أن المسرح والفنون ليست كماليات بل أساس في بناء الإنسان. وقال: "المسرح يعلّم الطفل أن يعيش شخصيات تختلف عنه، أن يفكر في الآخرين، ويشعر بهم، ويبني إحساسا بالمجتمع. من المهم أن نعلّم أبناءنا كيف يكونون بشرا قبل أن نعلمهم كيف يؤدون أدوارا."
واختتم حديثه بالتأكيد على أن الفن بالنسبة إليه هو رحلة إنسانية نحو الفهم والمكاشفة، مضيفًا: "الفن والكتابة ليسا مهنة فقط، بل وسيلة لاكتشاف الذات والعالم. كل نص أكتبه هو مرآة لشيء عشته أو لمسته في الناس. وما دام في القلب حكاية، فثمة ما يُقال."
الشارقة/ الإمارات – الصباح نيوز من مبعوثتنا إيمان عبد اللطيف
نزل النجم التونسي والعربي ظافر العابدين ضيفا بمعرض الشارقة الدولي للكتاب في دورته الـ44، حيث التقى جمهورا عريضا مساء السبت 8 نوفمبر الجاري خلال جلسة حوارية حملت عنوان "من التمثيل إلى التأليف: الفنانون يروون الحكاية"، شارك فيها إلى جانبه النجم العربي المصري خالد الصاوي والمنتج الإماراتي أحمد الجسمي وأدارتها الإعلامية ندى الشيباني.
تحدث ظافر العابدين عن تجربته في الانتقال من التمثيل إلى الكتابة والإخراج، وعن علاقته المتينة بالحكاية بوصفها محورا إنسانيا وجماليًا يعبّر عن ذاته ورؤيته الفنية، مؤكدا أن التحول نحو الكتابة لم يكن قرارا مفاجئا، بل نتيجة شغف قديم بالحكاية، قائلاً: "منذ بداياتي كان عندي شغف بأن أحكي الخرافة بطريقتي الخاصة، بوجهة نظر مختلفة، لأن الحكاية لا بد أن تأتي من القلب حتى تلامس الناس."
وأوضح أن الحكاية الواحدة يمكن أن تُروى بطرق عديدة، لكن ما يجعلها مؤثرة هو الصدق والرؤية الشخصية. "نفس الحكاية يمكن أن يرويها شخصان أو ثلاثة، كلٌّ يراها من زاوية مختلفة، يرى بطلها ومغزاها بطريقة أخرى. لذلك أؤمن أن القصة لا تُحكى إلا حين تكون صادقة ومنبثقة من تجربة داخلية."
وانتقل العابدين إلى الحديث عن الفرق بين التمثيل والكتابة، مؤكدا أن الكتابة منحته مساحة أوسع من الإبداع: "كممثل، تركيزي يكون على الشخصية التي أؤديها ضمن رؤية الكاتب والمخرج. لكن في الكتابة أكون مسؤولا عن العالم بأسره — عن الشخصيات، والمكان، والمجتمع، والزمن. لذلك الأعمال التي كتبتها كانت قريبة جدا من قلبي لأنها خرجت من إحساس شخصي، ومن رغبة حقيقية في قول الحكاية بطريقتي."
وعن أثر الكتابة على تجربته الإنسانية، قال العابدين: "الكتابة سمحت لي أن أطور نفسي كإنسان قبل أن أطورها كممثل، لأنها تجبرك أن تخرج من ذاتك وتحاول تفهم الناس والمجتمع. هي عملية إنسانية بقدر ما هي فنية." وأضاف أن التمثيل بدوره كان أداة لاكتشاف الذات: "قبل التمثيل كنت خجولا جدا. التمثيل ساعدني أن أعبّر عن نفسي وأفهمها. لو لم أمثل ربما ما كنت اكتشفت ذاتي ولا بنيت هذه الثقة التي أملكها اليوم."
واعتبر العابدين أن الجمع بين التمثيل والكتابة والإخراج تجربة معقدة لكنها مثمرة، قائلاً: "أحيانا الكاتب، والمخرج، والممثل يتجادلون داخلي، لأن كل شخصية منهم ترى العمل من زاويتها. لكني تعلمت أن أهم شيء هو أن أستمع. أن أسمع الآخرين وأحترم وجهات نظرهم، لأن السينما عمل جماعي، والمخرج الناجح هو من يختار فريقا يفهم المشروع أكثر منه في مجاله."
وتوقف عند تجربته الأخيرة في فيلمه "صوفيا"، وهو إنتاج تونسي بريطاني كتبه قبل ثلاثة عشر عاما، ولم ينجزه إلاّ في الآونة الأخيرة بعد أن شعر أن الوقت قد حان. وقال: "لما قرأت السيناريو الذي كتبته منذ 13 سنة، قلت الحمد لله أني ما قمت بتصويره في ذلك الوقت، لأن التجربة التي اكتسبتها خلال السنوات الماضية جعلتني أراه بشكل مختلف وأعمق. الحياة تعلّمك متى تنضج حكايتك."
وعن رؤيته لموقع الكاتب العربي في المشهد العالمي، قال العابدين: "الكتابة العربية موجودة ومؤثرة، لكن الكاتب وحده لا يستطيع تغيير عجلة الصناعة. نحن بحاجة إلى منظومة إنتاجية حقيقية تفتح الأبواب للأعمال التي يمكن أن تسافر وتُفهم في نيويورك أو لندن، لا أن تبقى محصورة في حدودها المحلية." وأكد أن لديه حلما فنيً واضحًا: "أحلم أن أكتب فيلما عربيا يسافر، لا إلى المهرجانات فقط، بل إلى قاعات السينما حول العالم، فيراه المشاهد في أي بلد ويفهمه دون أن يشعر أنه غريب عنه."
كما دعا العابدين إلى ترسيخ التربية الفنية في المدارس العربية، معتبرا أن المسرح والفنون ليست كماليات بل أساس في بناء الإنسان. وقال: "المسرح يعلّم الطفل أن يعيش شخصيات تختلف عنه، أن يفكر في الآخرين، ويشعر بهم، ويبني إحساسا بالمجتمع. من المهم أن نعلّم أبناءنا كيف يكونون بشرا قبل أن نعلمهم كيف يؤدون أدوارا."
واختتم حديثه بالتأكيد على أن الفن بالنسبة إليه هو رحلة إنسانية نحو الفهم والمكاشفة، مضيفًا: "الفن والكتابة ليسا مهنة فقط، بل وسيلة لاكتشاف الذات والعالم. كل نص أكتبه هو مرآة لشيء عشته أو لمسته في الناس. وما دام في القلب حكاية، فثمة ما يُقال."