إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

بين الدعم والرفض تعمق "الشرخ" داخل اليسار التونسي بعد 25 جويلية

تونس-الصباح

عمقت محطة 25 جويلية الشرخ السياسي داخل منظومة اليسار التي انقسمت بين قابل بإجراءات قيس سعيد وداعم لها لنجاحها في الإطاحة بخصمهم وعدوهم الإيديولوجي وبين رافض لهذا التوجه الجديد بما ينبئ بميلاد ديكتاتورية ناشئة ستعود بالبلاد الى مربع ما قبل 17 ديسمبر 14 جانفي.

وبرزت قيادات يسارية داعمة للتوجه الأول بل كانت دافعا سياسيا وميدانيا له دون تحفظ بل تحرض على الانخراط في المسار الجديد بما هو خلاص من سطوة اليمين وحلفائهم من بقايا التجمع نحو افق وطني خالص.

وقد كانت قراءات كل من رضا المكي وسنية الشربطي وكلثوم كنو نواتات هذه الرؤية حيث الإيمان بالمجالسية والبناء القاعدي التي نادت بها منذ البداية  "قوى تونس الحرة" التي ساندت ترشح كنو لانتخابات 2014 وكانت  سباقة في دعم والدفع بالرئيس الحالي للترشح وفقا لهذه الروية لتشكل لاحقا العمود الفقري لتنسيقياته.

ويعتبر هذا التيار وضع الاستثناء الذي نعيشه اليوم شكلا من أشكال الدفاع الشرعي عن الدولة وأنه لا بد من وضع سياسات جديدة تلائم مطالب التونسيين وتقطع مع السنوات العشر الفارطة.

ويبدو أن لهذا الصوت صداه عند الرئيس بدليل التعيينات الأخيرة في سلك الولاة الذين كانت لهم اليد الطولى وأهمها ولاية تونس وبنزرت.

في الضفة الأخرى يقف حزب العمال ومجموعة من الأحزاب الاجتماعية على غرار الجمهوري والتيار الديمقراطي والتكتل ومجموعات من اليسار الإسلامي والمستقلين، الذين سارعوا باعتبار 25 جويلية انقلابا صريحا على إرادة التونسيين ووأدا لمكاسبهم الديمقراطية التي قدموا تضحيات ودماء لتحقيقها.

وفي حين يعتبرهم الشق الأول كتائب إسناد لحركة النهضة وإحياء لتحالف 18 أكتوبر وأن موقفهم مرده تورطهم في المشهد السابق وتحركاتهم بإملاءات وارتباطات خارجية، يعتبر حزب العمال والبقية ان موقفهم دفاعا عن مربع الحرية المهدد وأن العشرية الفارطة على هناتها ضمنت كرامة التونسيين ونقلتهم لمصاف الشعوب الديمقراطية وأن الرئيس الحالي يهدد هذه المكاسب، وأن مسار 25 جويلية هو مسار لإرساء دكتاتورية جديدة.

وبين هذا التباين في التخندق، تلازم تنظيمات شبابية وأحزاب وازنة من اليسار المنطقة الرمادية تتراوح اساسا  بين دعم مشروط وحذر للمسار واستشعار لتهديد جدي للديمقراطية دون موقف عدائي تجاه سلطة 25 جويلية وقد وجد هذا التيار نفسه مطالبا بصياغة موقف واضح خاصة مع أحداث 14 جانفي وما رافقها من قمع بوليسي مؤثر اعاد المخاوف بعودة دولة الأمن.

ومع استعداد الأحزاب للاحتفال بذكرى 11 لانتفاضة 17 ديسمبر14 جانفي برز حجم التخبط والخلاف ليس داخل اليسار فحسب بل ايضا داخل الحزب الواحد وكان أبرز تجليات الأزمة بيان حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد.

        

فبتاريخ 13 جانفي أصدر حزب الديمقراطيين الموحد بيانه السياسي بمناسبة عيد الثورة ليكتشف معه الراي العام الوطني حجم التصدع داخل الحزب.

فقد ورد البيان دون إمضاء للامين العام وهو ما اعتبره شق من الحزب تماهيا مع موقف حزب العمال ليعلن الغاضبون موقفهم الرافض لمضمون والبيان بدعوى أنه عرض على الهياكل ورفض شكلا ومضمونا.

وواصل الغاضبون معركتهم السياسية الى حد وصف بيان 13جانفي "بالانقلابي بل وكتب في الظلام" وفرط في الوحدة الحزبية وتخلى عن المطالبة بدم شكري بلعيد.

واعتبر شق محسوب على النائب المجمد منجي الرحوي ان بيان الحزب ببان أعرج حيث لم يقدم شعار المرحلة ولم يحدد المهام.

اما مجموعة الامين العام زياد الاخضر فقد دافعت عن توجهات الحزب واصفين إياه بالواضح خاصة وانه أجاب عن جملة الأسئلة الغامضة المتعلقة ببوصلة الحزب.

ولم يتوقف جدل الرفاق عند هذا الحد بل حولوا النقاشات والصراع الى الصفحة الرسمية للحزب لينكشف حجم التبيان الداخلي في صياغة موقف موحد فكانت المواقف في معظمها شبه رافضة شبه مؤيدة.

وبالعودة الى البيان المثير للجدل نجد أنه يتحدث عن الحق في التظاهر ويرفض كل مبررات التراجع عنه كما وجه رسالة شديدة اللهجة لحكومة بودن واتهمها وسلطة 25 جويلية بالرضوخ لإملاءات خارجية وتبني خيارات اقتصادية لا شعبية ولا وطنية.

وقد فهم المقربون من منجي الرحوي ان غاية البيان الصادر يوم 13جانفي الجاري هو محاولة جادة لعزل الرحوي وإبرازه كأقلي داخل الحزب وذلك أسابيع قبل انعقاد المؤتمر القادم.

خليل الحناشي

بين الدعم والرفض  تعمق "الشرخ" داخل اليسار التونسي بعد 25 جويلية

تونس-الصباح

عمقت محطة 25 جويلية الشرخ السياسي داخل منظومة اليسار التي انقسمت بين قابل بإجراءات قيس سعيد وداعم لها لنجاحها في الإطاحة بخصمهم وعدوهم الإيديولوجي وبين رافض لهذا التوجه الجديد بما ينبئ بميلاد ديكتاتورية ناشئة ستعود بالبلاد الى مربع ما قبل 17 ديسمبر 14 جانفي.

وبرزت قيادات يسارية داعمة للتوجه الأول بل كانت دافعا سياسيا وميدانيا له دون تحفظ بل تحرض على الانخراط في المسار الجديد بما هو خلاص من سطوة اليمين وحلفائهم من بقايا التجمع نحو افق وطني خالص.

وقد كانت قراءات كل من رضا المكي وسنية الشربطي وكلثوم كنو نواتات هذه الرؤية حيث الإيمان بالمجالسية والبناء القاعدي التي نادت بها منذ البداية  "قوى تونس الحرة" التي ساندت ترشح كنو لانتخابات 2014 وكانت  سباقة في دعم والدفع بالرئيس الحالي للترشح وفقا لهذه الروية لتشكل لاحقا العمود الفقري لتنسيقياته.

ويعتبر هذا التيار وضع الاستثناء الذي نعيشه اليوم شكلا من أشكال الدفاع الشرعي عن الدولة وأنه لا بد من وضع سياسات جديدة تلائم مطالب التونسيين وتقطع مع السنوات العشر الفارطة.

ويبدو أن لهذا الصوت صداه عند الرئيس بدليل التعيينات الأخيرة في سلك الولاة الذين كانت لهم اليد الطولى وأهمها ولاية تونس وبنزرت.

في الضفة الأخرى يقف حزب العمال ومجموعة من الأحزاب الاجتماعية على غرار الجمهوري والتيار الديمقراطي والتكتل ومجموعات من اليسار الإسلامي والمستقلين، الذين سارعوا باعتبار 25 جويلية انقلابا صريحا على إرادة التونسيين ووأدا لمكاسبهم الديمقراطية التي قدموا تضحيات ودماء لتحقيقها.

وفي حين يعتبرهم الشق الأول كتائب إسناد لحركة النهضة وإحياء لتحالف 18 أكتوبر وأن موقفهم مرده تورطهم في المشهد السابق وتحركاتهم بإملاءات وارتباطات خارجية، يعتبر حزب العمال والبقية ان موقفهم دفاعا عن مربع الحرية المهدد وأن العشرية الفارطة على هناتها ضمنت كرامة التونسيين ونقلتهم لمصاف الشعوب الديمقراطية وأن الرئيس الحالي يهدد هذه المكاسب، وأن مسار 25 جويلية هو مسار لإرساء دكتاتورية جديدة.

وبين هذا التباين في التخندق، تلازم تنظيمات شبابية وأحزاب وازنة من اليسار المنطقة الرمادية تتراوح اساسا  بين دعم مشروط وحذر للمسار واستشعار لتهديد جدي للديمقراطية دون موقف عدائي تجاه سلطة 25 جويلية وقد وجد هذا التيار نفسه مطالبا بصياغة موقف واضح خاصة مع أحداث 14 جانفي وما رافقها من قمع بوليسي مؤثر اعاد المخاوف بعودة دولة الأمن.

ومع استعداد الأحزاب للاحتفال بذكرى 11 لانتفاضة 17 ديسمبر14 جانفي برز حجم التخبط والخلاف ليس داخل اليسار فحسب بل ايضا داخل الحزب الواحد وكان أبرز تجليات الأزمة بيان حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد.

        

فبتاريخ 13 جانفي أصدر حزب الديمقراطيين الموحد بيانه السياسي بمناسبة عيد الثورة ليكتشف معه الراي العام الوطني حجم التصدع داخل الحزب.

فقد ورد البيان دون إمضاء للامين العام وهو ما اعتبره شق من الحزب تماهيا مع موقف حزب العمال ليعلن الغاضبون موقفهم الرافض لمضمون والبيان بدعوى أنه عرض على الهياكل ورفض شكلا ومضمونا.

وواصل الغاضبون معركتهم السياسية الى حد وصف بيان 13جانفي "بالانقلابي بل وكتب في الظلام" وفرط في الوحدة الحزبية وتخلى عن المطالبة بدم شكري بلعيد.

واعتبر شق محسوب على النائب المجمد منجي الرحوي ان بيان الحزب ببان أعرج حيث لم يقدم شعار المرحلة ولم يحدد المهام.

اما مجموعة الامين العام زياد الاخضر فقد دافعت عن توجهات الحزب واصفين إياه بالواضح خاصة وانه أجاب عن جملة الأسئلة الغامضة المتعلقة ببوصلة الحزب.

ولم يتوقف جدل الرفاق عند هذا الحد بل حولوا النقاشات والصراع الى الصفحة الرسمية للحزب لينكشف حجم التبيان الداخلي في صياغة موقف موحد فكانت المواقف في معظمها شبه رافضة شبه مؤيدة.

وبالعودة الى البيان المثير للجدل نجد أنه يتحدث عن الحق في التظاهر ويرفض كل مبررات التراجع عنه كما وجه رسالة شديدة اللهجة لحكومة بودن واتهمها وسلطة 25 جويلية بالرضوخ لإملاءات خارجية وتبني خيارات اقتصادية لا شعبية ولا وطنية.

وقد فهم المقربون من منجي الرحوي ان غاية البيان الصادر يوم 13جانفي الجاري هو محاولة جادة لعزل الرحوي وإبرازه كأقلي داخل الحزب وذلك أسابيع قبل انعقاد المؤتمر القادم.

خليل الحناشي

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews