إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

"20الف تونسي سيخضعون للمساءلة" … مدخل لتعبئة موارد الدولة أم "ضمان ولاء" وفتح بوابات الاستقطاب؟

تونس-الصباح

كشفت صحيفة ''جون أفريك'' الناطقة بالفرنسية في مقال صادر اول امس الثلاثاء اعتزام الرئيس قيس سعيد محاسبة نحو 20 الف تونسي بين مسؤولين اداريين ورجال اعمال ومساءلتهم عن الثروات التي راكموها خلال العشرية الماضية.

واوضح المقال انه سيتعين على عدة آلاف من الأشخاص الذين شغلوا مناصب إدارية عليا على مدى السنوات العشر الماضية إثبات أنهم لم يحققوا ثروة لأنفسهم بشكل غير قانوني.

وبينت الصحيفة وفق مصادرها الخاصة ان سعيد قد وضع فعلا قائمة اسمية تتضمن عددا كبيرا من المسؤولين الإداريين والسامين بالإدارة والدولة التونسية إضافة إلى رجال أعمال سيما أولئك الذين لديهم ديون وقروض معلقة وقد تصل العقوبات وفقا للإجراءات المقررة إلى حد مصادرة أملاكهم.

واذ يبدو منطق المقال عاديا، وذلك بالعودة إلى "البرنامج" الانتخابي للمترشح قيس سعيد ومناداته المتكررة بالمحاسبة واصراره عليها منذ 2013 وخلال حملته الانتخابية،غير ان ذلك لم يمنع البعض من الحديث على ان ما سيقدم عليه سعيد قد يندرج في اطار سياسة الترهيب من اجل ضمان ولاء جزء كبير من الادارة التونسية.

كما لم تخل بعض القراءات من الاشارة الى ان ما يسعى له سعيد هو مدخل لتعبئة موارد الدولة وما قد تأتيه المصادرة من مداخيل مالية واقتصادية وازنة خاصة بعد ان فشلت مبادرة الصلح الجزائي في اقناع رجال الاعمال في الذهاب مع البرنامج الاقتصادي لسعيد والذي اعلن عنه منذ 23اكنوبر 2020.

 

رجال الأعمال.. يغيبون 

 

بعد طرحه لمشروع قانون يتعلق ”بإقرار صلح لاسترجاع المال العام بهدف خدمة التنمية”، لم تسجل الساحة الاقتصادية والتنموية اي تفاعل واضح مع المشروع ليبقى طرح سعيد مجرد مبادرة رئاسية.

وقد تحول مقترح المشروع الى حملة للسخرية بيد ان ذلك لم يدفع الرئيس لتجاوز مقترحه ونسيانه ليعود ويُسوق له مجددا في اكثر من مناسبة ولقاء.

اصرار رجال الاعمال على عدم التفاعل قابله اصرار سعيد على التطبيق ولو بقوة القانون وهو ما يفسر القائمة المحتملة التي اشارت لها صحيفة جون افريك.

وينص مشروع الصلح على أن “ينتفع بالصلح كل من حكم عليه أو كان محل تتبع قضائي في تاريخ صدوره من أجل أفعال تتعلق بالاعتداء على المال العام أو الإضرار بالإدارة بمختلف صوره باستثناء ما حصل منها باستعمال القوة والسلاح أو التهديد".

ويتضمن مشروع القانون إحداث ”لجنة وطنية للصلح” تحت إشراف رئاسة الجمهورية، تضم 3 قضاة عدليين من الرتبة الثالثة الأقدم في خطة رئيس دائرة في محكمة التعقيب، 3 قضاة عدليين الأقدم في خطة رئيس دائرة تعقيبية، و3 قضاة ماليين الأقدم في خطة رئيس دائرة استئنافية.


ويهدف القانون المذكور إلى “وضع آليات التشجيع على الاستثمار والنهوض بالاقتصاد الوطني من خلال اقرار اجراءات استثنائية لاسترجاع المال العام أو التعويض على الضرر الحاصل لإدارة بأي وجه كان وتوظيف متحصله لإنجاز مشاريع تنموية. وسيمكن الصلح المعني به، من دفع كامل المبالغ التي تحددها اللجنة كتعويض عن الأضرار التي لحقت الإدارة، أو من إنجاز مشروع أو مشاريع تتعلق بالمصلحة العامة وتغطي كلفتها مبلغ الصلح".

 

استقطاب مالي…

 

واعتبارا للعلاقة الوثيقة بين مشروع الصلح الجزائي المقترح والتنمية فانه لا يمكن فصل خبر الصحيفة الفرنسية عن واقع الازمة الاقتصادية بعد ان فشلت حكومة الرئيس في تعبئة الموارد المالية لانعاش الميزانية.

وتأتي هذه الميزانية ضمن واقع اجتماعي واقتصادي وصحي مهزوز حيث لم تنجح الحكومة في اقناع الجهات المانحة بتمويلها بعد أن وضعت ذات الجهات شرط العودة الى الحوار والديمقراطية كمدخل للمساهمة.

وقد زادت التصنيفات السلبية لبلادنا من تراجع حجم الاستثمار والتمويل ليخلقا معها بطئا اقتصاديا واضحا ظهرت آثاره الواضحة في تراجع نسب النمو وتأزم الوضع الاجتماعي.

وتبدو خطة سعيد واضحة في هذا الاطار وهي التوجه الى "خزائن" الداخل لتعبئة الموارد سيما وانه قد تحدث واشار مطولا الى مثل هذه المواضيع.

 وقال رئيس الجمهورية قيس سعيّد يوم 24نوفمبر الماضي خلال لقائه بفضيلة الرابحي بن حمزة، وزيرة التجارة وتنمية الصادرات "بأن خزينة الدولة ينقصها المليارات، بينما المليارات في خزائن هؤلاء الذين يتخفون وراء بعض رجال السياسية المحترفين للسياسية وللكذب والافتراء".

وشدّد رئيس الدولة، على أن الجميع سواسية أمام القانون، وأشار إلى أن كلّ من يعتقد أنه بإمكانه التخفي وراء جهة معيّنة سيتحمّل المسؤولية مع الجهة التي تتستر عليه.

واضاف رئيس الجمهورية قائلا ’’اليوم لا بد من تطبيق القانون، مضيفا ’’وان لم تكف هذه القوانين فيمكن أن نلجأ إلى مراسيم لأننا لن نترك الشعب للجوع والعطش".

 

…"من دخل بيت ابي سفيان فهو آمن"

وبعيدا عن المنطق الاقتصادي الذي يبدو اولوية واضحة في الخبر الصادر بالمجلة الفرنسية، فان ذلك لا يمنع من الاشارة ولو ضمنيا الى المسالة السياسية وسعي قيس سعيد لاستقطاب الادارة التونسية ضمن مشروعه السياسي القادم.

ويدرك سعيد او محيطه على انه لا يمكن الحديث عن نجاح اي رؤية سياسية ما لم تكن الادارة شريكا في مثل هذه التوجهات وهو ما نجح فيه الرئيس الراحل زين العابدين بن علي الذي أّمن حكمه وحزبه بعد سيطرته المطلقة على الادارة.

هكذا توجه قد لا يَخفى عن سعيد وهو الساعي بكل قوة لتحقيق اهدافه السياسية انطلاقا من الاستشارة الوطنية اولا والاستفتاء ثانيا.

وفي انتظار تأكيد الخبر من عدمه فهل بدأ سعيد في فتح بوابات الاستقطاب وهو يرفع شعار من "دخل بيت أبي سفيان فهو آمن"؟

خليل الحناشي

"20الف تونسي سيخضعون للمساءلة" …  مدخل لتعبئة موارد الدولة أم "ضمان ولاء" وفتح بوابات الاستقطاب؟

تونس-الصباح

كشفت صحيفة ''جون أفريك'' الناطقة بالفرنسية في مقال صادر اول امس الثلاثاء اعتزام الرئيس قيس سعيد محاسبة نحو 20 الف تونسي بين مسؤولين اداريين ورجال اعمال ومساءلتهم عن الثروات التي راكموها خلال العشرية الماضية.

واوضح المقال انه سيتعين على عدة آلاف من الأشخاص الذين شغلوا مناصب إدارية عليا على مدى السنوات العشر الماضية إثبات أنهم لم يحققوا ثروة لأنفسهم بشكل غير قانوني.

وبينت الصحيفة وفق مصادرها الخاصة ان سعيد قد وضع فعلا قائمة اسمية تتضمن عددا كبيرا من المسؤولين الإداريين والسامين بالإدارة والدولة التونسية إضافة إلى رجال أعمال سيما أولئك الذين لديهم ديون وقروض معلقة وقد تصل العقوبات وفقا للإجراءات المقررة إلى حد مصادرة أملاكهم.

واذ يبدو منطق المقال عاديا، وذلك بالعودة إلى "البرنامج" الانتخابي للمترشح قيس سعيد ومناداته المتكررة بالمحاسبة واصراره عليها منذ 2013 وخلال حملته الانتخابية،غير ان ذلك لم يمنع البعض من الحديث على ان ما سيقدم عليه سعيد قد يندرج في اطار سياسة الترهيب من اجل ضمان ولاء جزء كبير من الادارة التونسية.

كما لم تخل بعض القراءات من الاشارة الى ان ما يسعى له سعيد هو مدخل لتعبئة موارد الدولة وما قد تأتيه المصادرة من مداخيل مالية واقتصادية وازنة خاصة بعد ان فشلت مبادرة الصلح الجزائي في اقناع رجال الاعمال في الذهاب مع البرنامج الاقتصادي لسعيد والذي اعلن عنه منذ 23اكنوبر 2020.

 

رجال الأعمال.. يغيبون 

 

بعد طرحه لمشروع قانون يتعلق ”بإقرار صلح لاسترجاع المال العام بهدف خدمة التنمية”، لم تسجل الساحة الاقتصادية والتنموية اي تفاعل واضح مع المشروع ليبقى طرح سعيد مجرد مبادرة رئاسية.

وقد تحول مقترح المشروع الى حملة للسخرية بيد ان ذلك لم يدفع الرئيس لتجاوز مقترحه ونسيانه ليعود ويُسوق له مجددا في اكثر من مناسبة ولقاء.

اصرار رجال الاعمال على عدم التفاعل قابله اصرار سعيد على التطبيق ولو بقوة القانون وهو ما يفسر القائمة المحتملة التي اشارت لها صحيفة جون افريك.

وينص مشروع الصلح على أن “ينتفع بالصلح كل من حكم عليه أو كان محل تتبع قضائي في تاريخ صدوره من أجل أفعال تتعلق بالاعتداء على المال العام أو الإضرار بالإدارة بمختلف صوره باستثناء ما حصل منها باستعمال القوة والسلاح أو التهديد".

ويتضمن مشروع القانون إحداث ”لجنة وطنية للصلح” تحت إشراف رئاسة الجمهورية، تضم 3 قضاة عدليين من الرتبة الثالثة الأقدم في خطة رئيس دائرة في محكمة التعقيب، 3 قضاة عدليين الأقدم في خطة رئيس دائرة تعقيبية، و3 قضاة ماليين الأقدم في خطة رئيس دائرة استئنافية.


ويهدف القانون المذكور إلى “وضع آليات التشجيع على الاستثمار والنهوض بالاقتصاد الوطني من خلال اقرار اجراءات استثنائية لاسترجاع المال العام أو التعويض على الضرر الحاصل لإدارة بأي وجه كان وتوظيف متحصله لإنجاز مشاريع تنموية. وسيمكن الصلح المعني به، من دفع كامل المبالغ التي تحددها اللجنة كتعويض عن الأضرار التي لحقت الإدارة، أو من إنجاز مشروع أو مشاريع تتعلق بالمصلحة العامة وتغطي كلفتها مبلغ الصلح".

 

استقطاب مالي…

 

واعتبارا للعلاقة الوثيقة بين مشروع الصلح الجزائي المقترح والتنمية فانه لا يمكن فصل خبر الصحيفة الفرنسية عن واقع الازمة الاقتصادية بعد ان فشلت حكومة الرئيس في تعبئة الموارد المالية لانعاش الميزانية.

وتأتي هذه الميزانية ضمن واقع اجتماعي واقتصادي وصحي مهزوز حيث لم تنجح الحكومة في اقناع الجهات المانحة بتمويلها بعد أن وضعت ذات الجهات شرط العودة الى الحوار والديمقراطية كمدخل للمساهمة.

وقد زادت التصنيفات السلبية لبلادنا من تراجع حجم الاستثمار والتمويل ليخلقا معها بطئا اقتصاديا واضحا ظهرت آثاره الواضحة في تراجع نسب النمو وتأزم الوضع الاجتماعي.

وتبدو خطة سعيد واضحة في هذا الاطار وهي التوجه الى "خزائن" الداخل لتعبئة الموارد سيما وانه قد تحدث واشار مطولا الى مثل هذه المواضيع.

 وقال رئيس الجمهورية قيس سعيّد يوم 24نوفمبر الماضي خلال لقائه بفضيلة الرابحي بن حمزة، وزيرة التجارة وتنمية الصادرات "بأن خزينة الدولة ينقصها المليارات، بينما المليارات في خزائن هؤلاء الذين يتخفون وراء بعض رجال السياسية المحترفين للسياسية وللكذب والافتراء".

وشدّد رئيس الدولة، على أن الجميع سواسية أمام القانون، وأشار إلى أن كلّ من يعتقد أنه بإمكانه التخفي وراء جهة معيّنة سيتحمّل المسؤولية مع الجهة التي تتستر عليه.

واضاف رئيس الجمهورية قائلا ’’اليوم لا بد من تطبيق القانون، مضيفا ’’وان لم تكف هذه القوانين فيمكن أن نلجأ إلى مراسيم لأننا لن نترك الشعب للجوع والعطش".

 

…"من دخل بيت ابي سفيان فهو آمن"

وبعيدا عن المنطق الاقتصادي الذي يبدو اولوية واضحة في الخبر الصادر بالمجلة الفرنسية، فان ذلك لا يمنع من الاشارة ولو ضمنيا الى المسالة السياسية وسعي قيس سعيد لاستقطاب الادارة التونسية ضمن مشروعه السياسي القادم.

ويدرك سعيد او محيطه على انه لا يمكن الحديث عن نجاح اي رؤية سياسية ما لم تكن الادارة شريكا في مثل هذه التوجهات وهو ما نجح فيه الرئيس الراحل زين العابدين بن علي الذي أّمن حكمه وحزبه بعد سيطرته المطلقة على الادارة.

هكذا توجه قد لا يَخفى عن سعيد وهو الساعي بكل قوة لتحقيق اهدافه السياسية انطلاقا من الاستشارة الوطنية اولا والاستفتاء ثانيا.

وفي انتظار تأكيد الخبر من عدمه فهل بدأ سعيد في فتح بوابات الاستقطاب وهو يرفع شعار من "دخل بيت أبي سفيان فهو آمن"؟

خليل الحناشي

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews