إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

وزيرة الصناعة والطاقة والمناجم على هامش مؤتمر التعدين في الرياض : مضاعفة انتاج الفسفاط الى 8 مليون طن بحلول عام 2024

 

* عودة حريف فرنسي وتكثيف الزيارات لإعادة نسق تصدير الفسفاط

* تونس تنضم الى جانب مصر والمغرب في الامدادات العالمية لمادة الفسفاط

تونس- الصباح

اكدت وزيرة الصناعة والطاقة والمناجم، نائلة نويرة القنجي، على هامش مؤتمر التعدين في الرياض بالسعودية، الذي التام مؤخرا، ان الوزارة ماضية في مضاعفة إنتاج الفسفاط الى نحو 8 ملايين طن بحلول عام 2024 ، لمواجهة الأزمة الاقتصادية، التي تسببت فيها جائحة كورونا، وتراجع مداخيل السياحة، وهي بصدد العمل على البحث عن اسواق جديدة لدعم جهود تونس في تحقيق استقرارها الاقتصادي. وذلك حسب ما نشرته وكالة بلومبيرغ..

وبين ذات المصدر ان الجهود منصبة اليوم على تحقيق المعدلات التي كانت تونس قد سجلتها منذ نحو عقد من الزمن في انتاج الفسفاط والذي بلغ 8 ملايين طن في سنة 2010 ، مع التاكيد على وجود مفاوضات مع العديد من الدول، لافتا الى زيارات تقوم بها وزيرة الصناعة والطاقة والمناجم نائلة نويرة القنجي الى عدة دول لرفع انتاج تونس من الفسفاط.

كما افادت الوزيرة في ذات السياق ان " تونس تقدم شراكات في مجال الفسفاط مع دول مجاورة"، مشيرة الى  أن محادثات جارية مع الجزائر بشأن مشاريع الأسمدة التي "يمكن أن تكون في شكل استثمارات أو تبادل خبرات. "

وحسب وكالة بلومبيرغ من المنتظر ان تنضم تونس، التي تسعى إلى إنتاج 5 ملايين طن هذا العام من الفسفاط، إلى المغرب ومصر المجاورتين في الإمدادات العالمية للفسفاط حاليًا، ما يعني تنامي الطلب على الفسفاط التونسي خلال الفترة القادمة.

وكشف التقرير أن تونس تهدف إلى الوصول إلى استغلال 8 ملايين طن في العامين المقبلين، وهو إنتاج لم تشهده تونس منذ ما قبل انتفاضة الربيع العربي قبل أكثر من عقد.

وأدت الاضطرابات السياسية المتتالية والنزاعات العمالية والإدارية إلى كبح عملية استخراج الفسفاط التي كانت مصدرًا مهمًا للعملة الصعبة للبلاد.

وباتت الحكومة في تونس بحاجة إلى ايرادات من العملة الصعبة ، وذلك بعد تلقى الاقتصاد لضربه قوية خلال العشرية الماضية، إضافة إلى الأزمة السياسية التي عطلت الكثير من القرارات، تزامنت مع ازمة وبائية خطيرة اجتاحت البلاد.

عودة حريف فرنسي

وشحنت شركة فسفاط قفصة، السبت الماضي، انطلاقا من ميناء صفاقس، كمّية من الفسفاط التجاري نحو حريف فرنسي، في وقت تعرف فيه أسعار مادّتي الفسفاط والأسمدة انتعاشة مهمة في الاسواق العالمية.

كما تمّ شحن كمّية من الفسفاط التجاري انطلاقا من ميناء صفاقس نحو فرنسا لفائدة حريف من هذا البلد، في مؤشر لاستعادة ثقة الحرفاء العالميين في الفسفاط التونسي، خاصّة وأن هذا الحريف يُعدّ من الحرفاء التقليديين، الذين خسرتهم تونس في السنوات الأخيرة بسبب تهاوي الانتاج الوطني من مادّة الفسفاط إلى أقلّ من 4 مليون طنّ في السنّة، مقابل 8 مليون طنّ سنة 2010.

وتكتسي هذه الخطوة أهمّية بالغة، بعد ان تمكنت الشركة التونسية من استعادة حرفائها ولو بشكل تدريجي، وأيضا هي خُطوة تأتي في وقت تعرف فيه أسعار مادّتي الفسفاط والأسمدة ارتفاعا هاما في الأسواق العالمية، بما من شأنه أن يدعم مستقبلا عائدات البلاد من العملة الصعبة، ويُحقق التوازنات المالية المطلوبة للبلاد.

وسجل إنتاج الفسفاط التجاري بجهة قفصة خلال سنة 2020 تراجعا بنسبة 44 بالمائة، بالمقارنة مع حجم الانتاج الذي كانت شركة فسفاط قفصة تتطلّع لبلوغه طيلة السنة، وذلك بسبب الاضطرابات والاعتصامات المتواترة في الجهة عموما وفي مناطق إنتاج الفسفاط على وجه الخصوص.

وقال مسؤولو الشركة إن إنتاج سنة 2020 بلغ 3 ملايين و144 ألف طن مقابل هدف ببلوغ 3 فاصل 5 مليون طن، مشددين على أن هذا الإنتاج هو في حدود معدّل إنتاج شركة فسفاط قفصة للسنوات العشر الماضية، والذي تهاوى فيها إنتاج الفسفاط التجاري إلى حدود 3 فاصل 2 مليون طن في السنة مقابل 8 ملايين طن في سنة 2010.

ولفت المسؤولون عن الشركة إلى أن إنتاج شهر ديسمبر من سنة 2020، والذي لم يتجاوز 35 ألف طنّ، هو الأسوا على الإطلاق منذ سنة 2011 باعتبار أن كلّ وحدات الإنتاج في معتمديات المتلوي والمظيلة والرديف وام العرائس توقّفت عن العمل كليا.

تراجع الانتاج

وسجّل إنتاج الفسفاط التجاري بولاية قفصة منذ بداية سنة 2021 تراجعا حادّا جرّاء الاحتجاجات والاعتصامات، إذ لم يتعدّ هذا الإنتاج منذ غرّة جانفي وإلى غاية يوم 7 مارس، الـ 200 ألف طن، مما دفع الحكومة الى توريد مشتقات الفسفاط المخصصة للتسميد.

وتراجعت كمّيات الفسفاط التجاري التي أمكن لشركة فسفاط قفصة وسقها نحو حرفائها من مصنّعي الاسمدة الكيميائية، إذ لم تتجاوز هذه الكمّيات منذ بداية سنة 2021 الـ 342 ألف طنّ، في حين أن الشركة كانت تتطلّع لوسق ما لا يقلّ عن مليون و 240 ألف طنّ .

ويعاني قطاع الفسفاط بقفصة منذ 2011 من تراجع لافت في مؤشرات الإنتاج والوسق على وجه الخصوص جرّاء الاضطرابات الاجتماعية واحتجاجات طالبي الشغل بالجهة ، ولم يتجاوز معدّل الإنتاج السنوي لشركة فسفاط قفصة من الفسفاط التجاري، خلال الفترة الممتدة من 2011 إلى 2020، نحو 3 فاصل 2 مليون طنّ مقابل إنتاج بلغ 8 فاصل 3 مليون طن في سنة 2010 لوحدها.

ارتفاع واردات الفسفاط

وراكمت الشركة خسائر مالية تكبّدتها خلال الفترة 2011 – 2019 وبلغت 603 ملايين دينار وفق معطيات لدائرة الاتصال بشركة فسفاط.

وفي بداية سنة 2020 تقهقر الإنتاج إلى 200 ألف طن ، كما تراجعت القيمة المضافة في قطاع المناجم بنسبة 32 % نتيجة تراجع إنتاج الفسفاط الخام، وحسب نتائج التجارة الخارجية لشهر افريل ارتفعت واردات الفسفاط ومشتقاته بنسبة 35 % مقارنة بالفترة نفسها من العام الفارط مع تواصل تقلص الصادرات بنسبة

 2.2 %.

وشهدت منطقة الإنتاج خلال الاشهر الاخيرة اعتصامات واحتجاجات اجتماعية وإضرابات عمالية متواترة من أجل مطالب مهنية وفرص عمل، زادت في تعميق الازمة بالجهة ودفعت بالمسؤولين الى التحذير من افلاس الشركة التي أصبحت تعاني صعوبات كبيرة في توفير الموارد المالية بسبب تراجع الانتاج الى مستويات كارثية.

وحسب بيانات شركة فسفاط قفصة ، فقد بلغ الإنتاج في كامل عام 2020، 3 ملايين و144 ألف طن ، وكانت الشركة ترنو الى تحقيق 3.5 مليون طن في 2020 وهو معدل الإنتاج الذي حافظت عليه طيلة السنوات العشر الماضية، وتسبب التراجع الحاد في شهر ديسمبر الماضي في خسارة تونس لأسواق عالمية.

ونجحت شركة فسفاط قفصة مع موفى سنة 2021 من تحقيق رقم إنتاج قياسي بلغ 3.8 مليون طن من مادة الفسفاط التجاري رغم ما شهده القطاع من تراجع خلال الأشهر الستة الأولى من السنة الماضية بسبب الاحتجاجات والاعتصامات التي شهدتها مدن الحوض المنجمي، حيث تمكنت الشركة من إنتاج 1.1 مليون طن من الفسفاط التجاري خلال السداسية الأولى من سنة 2021 مقابل إنتاج 2.7 مليون طن خلال السداسية الثانية وبمعدل قدر بنحو 15 ألف طن يوميا ، وهو اعلى معدل انتاج حققته الشركة منذ 2011.

انتعاشة في قطاع الفسفاط

وشهد قطاع الفسفاط انتعاشة طفيفة ، حيث بلغ المعدل العام للإنتاج إلى حدود نهاية أوت الماضي حوالي 2.09 مليون طن ونسبة التصدير بلغت 2.133 مليون طن ، وهذا المؤشر يكشف عن تحسن ملموس مقارنة بالأشهر الأولى من السنة الماضية ،والتي سجلت تراجعا كبيرا على مستوى تصدير مادة الفسفاط ومشتقاته.

وشهدت عمليات التصدير ، تحسنا انطلاقا من شهري افريل وماي حيث بلغ معدل إنتاج نحو 4 إلى 5 قاطرة يوميا حوالي 5 ألاف طن، ومنذ 25 جويلية الماضي، تغيرت المعادلة حيث زادات معدلات انتاج الفسفاط وبلغت ذروتها.

ويرجع المسؤولون عن الشركة النقص الكبير في كمّيات الفسفاط إلى عدّة أسباب من أبرزها قطع مسالك نقل الفسفاط سواء البرّية أو الحديدية من قبل محتجّين، بالاضافة إلى ضعف كبير في وتيرة حركة القطارات المخصّصة لوسق الفسفاط من ذلك أن الشركة التونسية للسكك الحديدية كانت قبل سنة 2011 تؤمّن ما لا يقلّ عن 12 قطارا محمّلا بفسفاط في اليوم الواحد في اتجاه ولايتي قابس وصفاقس حيث وحدات تصنيع الاسمدة، وباتت منذ عشر سنوات لا تؤمن سوى 4 قطارات يوميا.

وبدأت معضلة إنتاج الفسفاط منذ التوقّف شبه التامّ لإستخراجه في مستهلّ سنة 2012 جرّاء تفاقم الاحتجاجات الاجتماعيّة في مناطق الإنتاج التي تصل معدلات البطالة في بعض مناطقها الى 50 بالمائة، وهوت نسبة إنتاج مادّة الفسفاط انذاك الى 2.2 مليون طنّ، ولم تتجاوز نسبة الانتاج 30 بالمائة لتتوالى بعد ذلك الخسائر الماليّة الكبرى بسبب تعطّل ماكينة الإنتاجيّة.

ويؤكد خبراء الاقتصاد، أن تراجع قطاع الفسفاط في امداد الدولة بالإيرادات المرجوة، ساهم في تراجع نسب النمو خلال الربع الأول الماضي إلى 1.7 %، وتحتاج تونس في ظرفها الاقتصادي الصعب إلى نسبة نمو تصل إلى أكثر من 4%، وتراجع الانتاج أعاد تونس الى أسفل الترتيب وأربك مخططات الحكومة وحرم البلاد من ايرادات اضافية من العملة الصعبة ، وأفضى الى تسجيل عجز كبير في ميزانية الدولة لسنة 2020 ، وهو العجز الذي ألقى بظلاله خلال سنة 2021 الماضية على قطاعات أخرى في الدولة وتسبب في افلاس العشرات من المؤسسات والمنشآت العمومية.

خسائر كبيرة تكبدها الاقتصاد

وتواجه تونس خطرا كبيرا في الأشهر القادمة يتمثل في إمكانية تآكل مخزونها من الاحتياطي من العملة الأجنبية بسبب الضائقة المالية التي تعرفها بعد تعطل جل مصادر موارد العملة وحلول موعد سداد عدد من القروض ما يقلص من هامش التحرك لمواصلة التزود لاقتناء الادوية والحبوب والمحروقات.

وفي حال عدم استئناف الأنشطة الحيوية على غرار استئناف تصدير الفسفاط وعودة النشاط السياحي واستعادة نسق التصدير وهي المصادر الأساسية لتزويد تونس بالعملة الصعبة، فان الوضعية ستزداد سوءا ما يعقد الوضعية المالية لتونس التي ستظل رهينة الاقتراض الخارجي.

يشار الى ان تراجع انتاج البترول والفسفاط، حرم تونس من 2.2 الى 2.9 مليار دولار سنويا بالعملة الاجنبية، اي تقريبا 18 مليار دولار خلال نحو عشر سنوات وهي عائدات مالية كان بالإمكان جنيها وعدم اللجوء الى الاقتراض الخارجي الذي أنهك البلاد وأضعف هامش تحركها في الأسواق المالية العالمية ، علما وان القروض التي تحصلت عليها تونس من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي منذ سنة 2013 والى غاية 2021 تناهز مجتمعة 19.4 مليار دينار تونسي، وكان بإمكان تونس ان تتجنب الارتهان للصناديق العالمية لو تواصل نشاط انتاج الفسفاط والبترول بنسقه العادي طيلة ال10 سنوات الماضية.

* سفيان المهداوي

وزيرة الصناعة والطاقة والمناجم على هامش مؤتمر التعدين في الرياض : مضاعفة انتاج الفسفاط الى 8 مليون طن بحلول عام 2024

 

* عودة حريف فرنسي وتكثيف الزيارات لإعادة نسق تصدير الفسفاط

* تونس تنضم الى جانب مصر والمغرب في الامدادات العالمية لمادة الفسفاط

تونس- الصباح

اكدت وزيرة الصناعة والطاقة والمناجم، نائلة نويرة القنجي، على هامش مؤتمر التعدين في الرياض بالسعودية، الذي التام مؤخرا، ان الوزارة ماضية في مضاعفة إنتاج الفسفاط الى نحو 8 ملايين طن بحلول عام 2024 ، لمواجهة الأزمة الاقتصادية، التي تسببت فيها جائحة كورونا، وتراجع مداخيل السياحة، وهي بصدد العمل على البحث عن اسواق جديدة لدعم جهود تونس في تحقيق استقرارها الاقتصادي. وذلك حسب ما نشرته وكالة بلومبيرغ..

وبين ذات المصدر ان الجهود منصبة اليوم على تحقيق المعدلات التي كانت تونس قد سجلتها منذ نحو عقد من الزمن في انتاج الفسفاط والذي بلغ 8 ملايين طن في سنة 2010 ، مع التاكيد على وجود مفاوضات مع العديد من الدول، لافتا الى زيارات تقوم بها وزيرة الصناعة والطاقة والمناجم نائلة نويرة القنجي الى عدة دول لرفع انتاج تونس من الفسفاط.

كما افادت الوزيرة في ذات السياق ان " تونس تقدم شراكات في مجال الفسفاط مع دول مجاورة"، مشيرة الى  أن محادثات جارية مع الجزائر بشأن مشاريع الأسمدة التي "يمكن أن تكون في شكل استثمارات أو تبادل خبرات. "

وحسب وكالة بلومبيرغ من المنتظر ان تنضم تونس، التي تسعى إلى إنتاج 5 ملايين طن هذا العام من الفسفاط، إلى المغرب ومصر المجاورتين في الإمدادات العالمية للفسفاط حاليًا، ما يعني تنامي الطلب على الفسفاط التونسي خلال الفترة القادمة.

وكشف التقرير أن تونس تهدف إلى الوصول إلى استغلال 8 ملايين طن في العامين المقبلين، وهو إنتاج لم تشهده تونس منذ ما قبل انتفاضة الربيع العربي قبل أكثر من عقد.

وأدت الاضطرابات السياسية المتتالية والنزاعات العمالية والإدارية إلى كبح عملية استخراج الفسفاط التي كانت مصدرًا مهمًا للعملة الصعبة للبلاد.

وباتت الحكومة في تونس بحاجة إلى ايرادات من العملة الصعبة ، وذلك بعد تلقى الاقتصاد لضربه قوية خلال العشرية الماضية، إضافة إلى الأزمة السياسية التي عطلت الكثير من القرارات، تزامنت مع ازمة وبائية خطيرة اجتاحت البلاد.

عودة حريف فرنسي

وشحنت شركة فسفاط قفصة، السبت الماضي، انطلاقا من ميناء صفاقس، كمّية من الفسفاط التجاري نحو حريف فرنسي، في وقت تعرف فيه أسعار مادّتي الفسفاط والأسمدة انتعاشة مهمة في الاسواق العالمية.

كما تمّ شحن كمّية من الفسفاط التجاري انطلاقا من ميناء صفاقس نحو فرنسا لفائدة حريف من هذا البلد، في مؤشر لاستعادة ثقة الحرفاء العالميين في الفسفاط التونسي، خاصّة وأن هذا الحريف يُعدّ من الحرفاء التقليديين، الذين خسرتهم تونس في السنوات الأخيرة بسبب تهاوي الانتاج الوطني من مادّة الفسفاط إلى أقلّ من 4 مليون طنّ في السنّة، مقابل 8 مليون طنّ سنة 2010.

وتكتسي هذه الخطوة أهمّية بالغة، بعد ان تمكنت الشركة التونسية من استعادة حرفائها ولو بشكل تدريجي، وأيضا هي خُطوة تأتي في وقت تعرف فيه أسعار مادّتي الفسفاط والأسمدة ارتفاعا هاما في الأسواق العالمية، بما من شأنه أن يدعم مستقبلا عائدات البلاد من العملة الصعبة، ويُحقق التوازنات المالية المطلوبة للبلاد.

وسجل إنتاج الفسفاط التجاري بجهة قفصة خلال سنة 2020 تراجعا بنسبة 44 بالمائة، بالمقارنة مع حجم الانتاج الذي كانت شركة فسفاط قفصة تتطلّع لبلوغه طيلة السنة، وذلك بسبب الاضطرابات والاعتصامات المتواترة في الجهة عموما وفي مناطق إنتاج الفسفاط على وجه الخصوص.

وقال مسؤولو الشركة إن إنتاج سنة 2020 بلغ 3 ملايين و144 ألف طن مقابل هدف ببلوغ 3 فاصل 5 مليون طن، مشددين على أن هذا الإنتاج هو في حدود معدّل إنتاج شركة فسفاط قفصة للسنوات العشر الماضية، والذي تهاوى فيها إنتاج الفسفاط التجاري إلى حدود 3 فاصل 2 مليون طن في السنة مقابل 8 ملايين طن في سنة 2010.

ولفت المسؤولون عن الشركة إلى أن إنتاج شهر ديسمبر من سنة 2020، والذي لم يتجاوز 35 ألف طنّ، هو الأسوا على الإطلاق منذ سنة 2011 باعتبار أن كلّ وحدات الإنتاج في معتمديات المتلوي والمظيلة والرديف وام العرائس توقّفت عن العمل كليا.

تراجع الانتاج

وسجّل إنتاج الفسفاط التجاري بولاية قفصة منذ بداية سنة 2021 تراجعا حادّا جرّاء الاحتجاجات والاعتصامات، إذ لم يتعدّ هذا الإنتاج منذ غرّة جانفي وإلى غاية يوم 7 مارس، الـ 200 ألف طن، مما دفع الحكومة الى توريد مشتقات الفسفاط المخصصة للتسميد.

وتراجعت كمّيات الفسفاط التجاري التي أمكن لشركة فسفاط قفصة وسقها نحو حرفائها من مصنّعي الاسمدة الكيميائية، إذ لم تتجاوز هذه الكمّيات منذ بداية سنة 2021 الـ 342 ألف طنّ، في حين أن الشركة كانت تتطلّع لوسق ما لا يقلّ عن مليون و 240 ألف طنّ .

ويعاني قطاع الفسفاط بقفصة منذ 2011 من تراجع لافت في مؤشرات الإنتاج والوسق على وجه الخصوص جرّاء الاضطرابات الاجتماعية واحتجاجات طالبي الشغل بالجهة ، ولم يتجاوز معدّل الإنتاج السنوي لشركة فسفاط قفصة من الفسفاط التجاري، خلال الفترة الممتدة من 2011 إلى 2020، نحو 3 فاصل 2 مليون طنّ مقابل إنتاج بلغ 8 فاصل 3 مليون طن في سنة 2010 لوحدها.

ارتفاع واردات الفسفاط

وراكمت الشركة خسائر مالية تكبّدتها خلال الفترة 2011 – 2019 وبلغت 603 ملايين دينار وفق معطيات لدائرة الاتصال بشركة فسفاط.

وفي بداية سنة 2020 تقهقر الإنتاج إلى 200 ألف طن ، كما تراجعت القيمة المضافة في قطاع المناجم بنسبة 32 % نتيجة تراجع إنتاج الفسفاط الخام، وحسب نتائج التجارة الخارجية لشهر افريل ارتفعت واردات الفسفاط ومشتقاته بنسبة 35 % مقارنة بالفترة نفسها من العام الفارط مع تواصل تقلص الصادرات بنسبة

 2.2 %.

وشهدت منطقة الإنتاج خلال الاشهر الاخيرة اعتصامات واحتجاجات اجتماعية وإضرابات عمالية متواترة من أجل مطالب مهنية وفرص عمل، زادت في تعميق الازمة بالجهة ودفعت بالمسؤولين الى التحذير من افلاس الشركة التي أصبحت تعاني صعوبات كبيرة في توفير الموارد المالية بسبب تراجع الانتاج الى مستويات كارثية.

وحسب بيانات شركة فسفاط قفصة ، فقد بلغ الإنتاج في كامل عام 2020، 3 ملايين و144 ألف طن ، وكانت الشركة ترنو الى تحقيق 3.5 مليون طن في 2020 وهو معدل الإنتاج الذي حافظت عليه طيلة السنوات العشر الماضية، وتسبب التراجع الحاد في شهر ديسمبر الماضي في خسارة تونس لأسواق عالمية.

ونجحت شركة فسفاط قفصة مع موفى سنة 2021 من تحقيق رقم إنتاج قياسي بلغ 3.8 مليون طن من مادة الفسفاط التجاري رغم ما شهده القطاع من تراجع خلال الأشهر الستة الأولى من السنة الماضية بسبب الاحتجاجات والاعتصامات التي شهدتها مدن الحوض المنجمي، حيث تمكنت الشركة من إنتاج 1.1 مليون طن من الفسفاط التجاري خلال السداسية الأولى من سنة 2021 مقابل إنتاج 2.7 مليون طن خلال السداسية الثانية وبمعدل قدر بنحو 15 ألف طن يوميا ، وهو اعلى معدل انتاج حققته الشركة منذ 2011.

انتعاشة في قطاع الفسفاط

وشهد قطاع الفسفاط انتعاشة طفيفة ، حيث بلغ المعدل العام للإنتاج إلى حدود نهاية أوت الماضي حوالي 2.09 مليون طن ونسبة التصدير بلغت 2.133 مليون طن ، وهذا المؤشر يكشف عن تحسن ملموس مقارنة بالأشهر الأولى من السنة الماضية ،والتي سجلت تراجعا كبيرا على مستوى تصدير مادة الفسفاط ومشتقاته.

وشهدت عمليات التصدير ، تحسنا انطلاقا من شهري افريل وماي حيث بلغ معدل إنتاج نحو 4 إلى 5 قاطرة يوميا حوالي 5 ألاف طن، ومنذ 25 جويلية الماضي، تغيرت المعادلة حيث زادات معدلات انتاج الفسفاط وبلغت ذروتها.

ويرجع المسؤولون عن الشركة النقص الكبير في كمّيات الفسفاط إلى عدّة أسباب من أبرزها قطع مسالك نقل الفسفاط سواء البرّية أو الحديدية من قبل محتجّين، بالاضافة إلى ضعف كبير في وتيرة حركة القطارات المخصّصة لوسق الفسفاط من ذلك أن الشركة التونسية للسكك الحديدية كانت قبل سنة 2011 تؤمّن ما لا يقلّ عن 12 قطارا محمّلا بفسفاط في اليوم الواحد في اتجاه ولايتي قابس وصفاقس حيث وحدات تصنيع الاسمدة، وباتت منذ عشر سنوات لا تؤمن سوى 4 قطارات يوميا.

وبدأت معضلة إنتاج الفسفاط منذ التوقّف شبه التامّ لإستخراجه في مستهلّ سنة 2012 جرّاء تفاقم الاحتجاجات الاجتماعيّة في مناطق الإنتاج التي تصل معدلات البطالة في بعض مناطقها الى 50 بالمائة، وهوت نسبة إنتاج مادّة الفسفاط انذاك الى 2.2 مليون طنّ، ولم تتجاوز نسبة الانتاج 30 بالمائة لتتوالى بعد ذلك الخسائر الماليّة الكبرى بسبب تعطّل ماكينة الإنتاجيّة.

ويؤكد خبراء الاقتصاد، أن تراجع قطاع الفسفاط في امداد الدولة بالإيرادات المرجوة، ساهم في تراجع نسب النمو خلال الربع الأول الماضي إلى 1.7 %، وتحتاج تونس في ظرفها الاقتصادي الصعب إلى نسبة نمو تصل إلى أكثر من 4%، وتراجع الانتاج أعاد تونس الى أسفل الترتيب وأربك مخططات الحكومة وحرم البلاد من ايرادات اضافية من العملة الصعبة ، وأفضى الى تسجيل عجز كبير في ميزانية الدولة لسنة 2020 ، وهو العجز الذي ألقى بظلاله خلال سنة 2021 الماضية على قطاعات أخرى في الدولة وتسبب في افلاس العشرات من المؤسسات والمنشآت العمومية.

خسائر كبيرة تكبدها الاقتصاد

وتواجه تونس خطرا كبيرا في الأشهر القادمة يتمثل في إمكانية تآكل مخزونها من الاحتياطي من العملة الأجنبية بسبب الضائقة المالية التي تعرفها بعد تعطل جل مصادر موارد العملة وحلول موعد سداد عدد من القروض ما يقلص من هامش التحرك لمواصلة التزود لاقتناء الادوية والحبوب والمحروقات.

وفي حال عدم استئناف الأنشطة الحيوية على غرار استئناف تصدير الفسفاط وعودة النشاط السياحي واستعادة نسق التصدير وهي المصادر الأساسية لتزويد تونس بالعملة الصعبة، فان الوضعية ستزداد سوءا ما يعقد الوضعية المالية لتونس التي ستظل رهينة الاقتراض الخارجي.

يشار الى ان تراجع انتاج البترول والفسفاط، حرم تونس من 2.2 الى 2.9 مليار دولار سنويا بالعملة الاجنبية، اي تقريبا 18 مليار دولار خلال نحو عشر سنوات وهي عائدات مالية كان بالإمكان جنيها وعدم اللجوء الى الاقتراض الخارجي الذي أنهك البلاد وأضعف هامش تحركها في الأسواق المالية العالمية ، علما وان القروض التي تحصلت عليها تونس من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي منذ سنة 2013 والى غاية 2021 تناهز مجتمعة 19.4 مليار دينار تونسي، وكان بإمكان تونس ان تتجنب الارتهان للصناديق العالمية لو تواصل نشاط انتاج الفسفاط والبترول بنسقه العادي طيلة ال10 سنوات الماضية.

* سفيان المهداوي

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews