إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

الاقتصاد الوطني سيفقد 30٪ من نشاطه وخسائر تناهز 1200 م. د في قطاعات حيوية

 * أكثر من 8 مليار دينار خسائر الغلق الكلي والجزئي للبلاد

تونس-الصباح

أعلنت رئاسة الحكومة ، فرض حظر التجول اعتباراً من الخميس الماضي ولمدة أسبوعين ، في ختام الاجتماع الذي عقدته اللجنة العلمية لمكافحة فيروس كورونا ، بتاريخ 11 جانفي 2022 في القصر الحكومي بالقصبة ،ويأتي الاعلان عن هذا الاجراء في الوقت الذي يعاني فيه الاقتصاد الوطني من أزمة مالية خانقة منذ تاريخ الاعلان الاول عن فرض حظر التجول بالبلاد في مارس من سنة 2020.

وتعاني تونس منذ مارس 2020 من تبعات اجراءات الغلق الكلي والجزئي المتخذة من اللجان العلمية ضمن خطة للحد من تفشي وباء كورونا، الا أنه مع نهاية العام 2020، سجلت تونس أسوء انكماش اقتصادي في تاريخها بلغ 9 بالمائة وفق بيانات رسمية حكومية يقابلها خسائر ناهزت 8 مليار دينار ، وانهار جزء من القطاعات الحيوية في البلاد نتيجة الازمة ، وسجل عجز المالية العمومية في البلاد ومستوى الدين العام ارتفاعا حادا في عام 2021 مع تقديرات بارتفاع الدين العام المركزي إلى اكثر من 87% من إجمالي الناتج المحلي، فيما قفزت معدلات البطالة ما زاد في تأجيج الاحتجاجات الاجتماعية.

قطاعات ستخسر نحو 1200 م. د

ويعتقد جل خبراء الاقتصاد ، في الوقت الحالي ، ان النشاط الاقتصادي سيتراجع تقريبا الى النصف لمدة 15 يومًا، بينما ينتظر - بالتأكيد - تمديد هذه الإجراءات التي سيكون لها تأثير فادح على الفئات الاجتماعية الهشة والفقراء المنهكين بالدرجة الاولى.

وتقدر البيانات الرسمية أن كلفة الإضراب عن العمل ليوم واحد تصل الى نحو 270 مليون دينار ، وفرض حظر الجولان الليلي يقلص من الدورة الاقتصادية بنسبة 30٪ ، وكلما ارتفعت ساعاته كانت الكلفة الاقتصادية أعمق واشد وقعا، وهناك تقديرات ان الكلفة ستكون كبيرة في قطاعات الصناعة والخدمات والنقل والسياحة بما لا يقل عن 1200 مليون دينار خلال أسبوعين.

وليست هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها اللجوء الى حظر الجولان ، بحجة السيطرة على انتشار جائحة كوفيد -19، فسبق اتخاذ هذه التدابير التقييدية ، في مناسبات عديدة بين عامي 2020 و 2021 ، حيث اتخذت الحكومة إجراءات تتعلق ، بفرض حظر التجول في جميع أنحاء التراب الوطني ، وحظر التنقل بين الولايات ، وإغلاق المقاهي والمطاعم ، وتعليق الدراسة في المؤسسات التعليمية لعدة أيام ومنع التجمعات والتظاهرات ، وغالبا ما يتم تبني هذه الإجراءات في شهر جانفي ، وهو الشهر الذي يشهد فيه الشارع التونسي احتجاجات اجتماعية دامية، عقب ارتفاع الأسعار، والاجراءت الجديدة المتخذة في قوانين المالية.

ودفع تردي الأوضاع من صندوق النقد الدولي الى دعوة السلطات في تقريره الاخير بضرورة خفض العجز المالي، والانطلاق في حزمة من الإصلاحات المالية العمومية اللازمة، ومنها خفض الأجور والحد من دعم الطاقة وتنفيذ إصلاحات داخل المؤسسات العمومية، وإلغاء الاحتكار، وإزالة العقبات التنظيمية، وتحسين بيئة الأعمال.

وبلغ العجز الاقتصادي المسجل مستوى خطير ،ارتفعت معه المديونية، وأصبح عجز التمويل يهدد مؤسسات الدولة ويجعلها غير قادرة على الايفاء بالتزاماتها ، وهو الخطر الذي حذر منه اغلب الخبراء الفاعلين في الشان الاقتصادي والذين شددوا على ان لا يتجاوز العجز حاجز 7٪ خوفا من عدم امكانية حصول تونس على قروض خارجية من المؤسسات المالية العالمية.

خسائر "كارثية" في 2020

وقبل جائحة كورونا كانت تونس تخطط لتطوير مواردها الذاتية بنسبة 8.9% من بينها نحو 10% من الموارد الضريبية، وترفع من نسبة التمويل الذاتي في الميزانية إلى 79.2% عام 2022 ، الا ان استمرار الجائحة وتطورها خلط كافة الاوراق ووضع البلاد في مأزق مالي خطير سيستمر لسنوات، وستبقى معه تونس في دوامة نزيف القروض الخارجية.

وكان تقرير صادر عن البنك المركزي ، قد حذر من تواصل تداعيات جائحة كورونا على الاقتصاد الوطني خلال 2022 ، وذلك بعد انكماش الانتاج بنسبة 9.2 بالمائة خلال سنة 2020 ، وتراجع قطاع التصدير الذي سجل انخفاضا بنسبة 15٪ بسبب ضعف الطلب العالمي وتراجع قطاعي الصناعة والسياحة.

وأشار تقرير البنك الى أنه في نهاية عام 2020 ، أصبح حجم تداعيات الوباء على الاقتصاد التونسي محسوسًا بشكل متزايد، حيث تواجه تونس تراجعاً في النمو ، وارتفاع الديون ، ومعدلات البطالة والفقر ، وانكماشاً في الإنتاج بنسبة 9.2٪. وساهم قطاع التصدير بشكل كبير في تباطؤ النمو الاقتصادي،

وحذر تقرير صادر يوم 11 جانفي 2022 عن المنتدى الاقتصادي العالمي (المخاطر العالمية Global Risks)، من أن الخطر الكبير الذي تواجه تونس في المقام الاول خلال الفترة القادمة، هو خطر انهيار الدولة، بالإضافة الى تفاقم ديونها وتنامي البطالة وركود اقتصادي مطول، وتنامي الاقتصاد غير الرسمي.

تداعيات جائحة "كورونا"

وتراجع الاقتصاد التونسي للمرة الأولى تحت وطأة تداعيات فيروس "كورونا" والصعوبات المتراكمة منذ سنوات، ما ولد احتجاجات اجتماعية متواترة ضد الفقر والبطالة ، وكشف المعهد الوطني للإحصاء عن زيادة في نسبة البطالة في الربع الأخير من عام 2020 لتبلغ 17.4 ٪ ، مقابل 16,2 ٪ في الربع الثالث من نفس العام، أي ان نسبة البطالة ارتفعت بنسبة 1.2 ٪ في فترة وجيزة، لتصل 18.4٪ العام الماضي.

وتشير البيانات المسجلة من قبل معهد الاحصاء الوطني ، الى خطورة الاوضاع الاقتصادية مستقبلا ، حيث انه لم يسبق لتونس تسجيل انكماش اقتصادي بمثل الحجم المسجل في 2020 بسبب اجراءات الغلق الكلي والجزئي للبلاد ، فجل الدول في العالم لم تفارق نسبة انكماشها جراء جائحة كورونا أكثر من 3 ٪ آنذاك.

وطالت نسبة التراجع المسجلة القيمة المضافة المسوقة لكامل السنة قطاعات النزل والمطاعم والمقاهي بنسبة قاربت الـ50 % وكذلك خدمات النقل، ونتيجة اعتماد التوقيت الاستثنائي للعمل في الادارات العمومية تراجعت الخدمات غير المسوقة بـ 7.6 % ، كما تراجعت القيمة المضافة للصناعات غير المعملية بـ 8.8 % ، وبنسبة 34% لقطاع الفسفاط، كما تراجع قطاع استخراج النفط والغاز الطبيعي نتيجة انخفاض الطلب الى ادنى مستوياته.

*سفيان المهداوي 

الاقتصاد الوطني سيفقد 30٪ من نشاطه وخسائر تناهز 1200 م. د في قطاعات حيوية

 * أكثر من 8 مليار دينار خسائر الغلق الكلي والجزئي للبلاد

تونس-الصباح

أعلنت رئاسة الحكومة ، فرض حظر التجول اعتباراً من الخميس الماضي ولمدة أسبوعين ، في ختام الاجتماع الذي عقدته اللجنة العلمية لمكافحة فيروس كورونا ، بتاريخ 11 جانفي 2022 في القصر الحكومي بالقصبة ،ويأتي الاعلان عن هذا الاجراء في الوقت الذي يعاني فيه الاقتصاد الوطني من أزمة مالية خانقة منذ تاريخ الاعلان الاول عن فرض حظر التجول بالبلاد في مارس من سنة 2020.

وتعاني تونس منذ مارس 2020 من تبعات اجراءات الغلق الكلي والجزئي المتخذة من اللجان العلمية ضمن خطة للحد من تفشي وباء كورونا، الا أنه مع نهاية العام 2020، سجلت تونس أسوء انكماش اقتصادي في تاريخها بلغ 9 بالمائة وفق بيانات رسمية حكومية يقابلها خسائر ناهزت 8 مليار دينار ، وانهار جزء من القطاعات الحيوية في البلاد نتيجة الازمة ، وسجل عجز المالية العمومية في البلاد ومستوى الدين العام ارتفاعا حادا في عام 2021 مع تقديرات بارتفاع الدين العام المركزي إلى اكثر من 87% من إجمالي الناتج المحلي، فيما قفزت معدلات البطالة ما زاد في تأجيج الاحتجاجات الاجتماعية.

قطاعات ستخسر نحو 1200 م. د

ويعتقد جل خبراء الاقتصاد ، في الوقت الحالي ، ان النشاط الاقتصادي سيتراجع تقريبا الى النصف لمدة 15 يومًا، بينما ينتظر - بالتأكيد - تمديد هذه الإجراءات التي سيكون لها تأثير فادح على الفئات الاجتماعية الهشة والفقراء المنهكين بالدرجة الاولى.

وتقدر البيانات الرسمية أن كلفة الإضراب عن العمل ليوم واحد تصل الى نحو 270 مليون دينار ، وفرض حظر الجولان الليلي يقلص من الدورة الاقتصادية بنسبة 30٪ ، وكلما ارتفعت ساعاته كانت الكلفة الاقتصادية أعمق واشد وقعا، وهناك تقديرات ان الكلفة ستكون كبيرة في قطاعات الصناعة والخدمات والنقل والسياحة بما لا يقل عن 1200 مليون دينار خلال أسبوعين.

وليست هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها اللجوء الى حظر الجولان ، بحجة السيطرة على انتشار جائحة كوفيد -19، فسبق اتخاذ هذه التدابير التقييدية ، في مناسبات عديدة بين عامي 2020 و 2021 ، حيث اتخذت الحكومة إجراءات تتعلق ، بفرض حظر التجول في جميع أنحاء التراب الوطني ، وحظر التنقل بين الولايات ، وإغلاق المقاهي والمطاعم ، وتعليق الدراسة في المؤسسات التعليمية لعدة أيام ومنع التجمعات والتظاهرات ، وغالبا ما يتم تبني هذه الإجراءات في شهر جانفي ، وهو الشهر الذي يشهد فيه الشارع التونسي احتجاجات اجتماعية دامية، عقب ارتفاع الأسعار، والاجراءت الجديدة المتخذة في قوانين المالية.

ودفع تردي الأوضاع من صندوق النقد الدولي الى دعوة السلطات في تقريره الاخير بضرورة خفض العجز المالي، والانطلاق في حزمة من الإصلاحات المالية العمومية اللازمة، ومنها خفض الأجور والحد من دعم الطاقة وتنفيذ إصلاحات داخل المؤسسات العمومية، وإلغاء الاحتكار، وإزالة العقبات التنظيمية، وتحسين بيئة الأعمال.

وبلغ العجز الاقتصادي المسجل مستوى خطير ،ارتفعت معه المديونية، وأصبح عجز التمويل يهدد مؤسسات الدولة ويجعلها غير قادرة على الايفاء بالتزاماتها ، وهو الخطر الذي حذر منه اغلب الخبراء الفاعلين في الشان الاقتصادي والذين شددوا على ان لا يتجاوز العجز حاجز 7٪ خوفا من عدم امكانية حصول تونس على قروض خارجية من المؤسسات المالية العالمية.

خسائر "كارثية" في 2020

وقبل جائحة كورونا كانت تونس تخطط لتطوير مواردها الذاتية بنسبة 8.9% من بينها نحو 10% من الموارد الضريبية، وترفع من نسبة التمويل الذاتي في الميزانية إلى 79.2% عام 2022 ، الا ان استمرار الجائحة وتطورها خلط كافة الاوراق ووضع البلاد في مأزق مالي خطير سيستمر لسنوات، وستبقى معه تونس في دوامة نزيف القروض الخارجية.

وكان تقرير صادر عن البنك المركزي ، قد حذر من تواصل تداعيات جائحة كورونا على الاقتصاد الوطني خلال 2022 ، وذلك بعد انكماش الانتاج بنسبة 9.2 بالمائة خلال سنة 2020 ، وتراجع قطاع التصدير الذي سجل انخفاضا بنسبة 15٪ بسبب ضعف الطلب العالمي وتراجع قطاعي الصناعة والسياحة.

وأشار تقرير البنك الى أنه في نهاية عام 2020 ، أصبح حجم تداعيات الوباء على الاقتصاد التونسي محسوسًا بشكل متزايد، حيث تواجه تونس تراجعاً في النمو ، وارتفاع الديون ، ومعدلات البطالة والفقر ، وانكماشاً في الإنتاج بنسبة 9.2٪. وساهم قطاع التصدير بشكل كبير في تباطؤ النمو الاقتصادي،

وحذر تقرير صادر يوم 11 جانفي 2022 عن المنتدى الاقتصادي العالمي (المخاطر العالمية Global Risks)، من أن الخطر الكبير الذي تواجه تونس في المقام الاول خلال الفترة القادمة، هو خطر انهيار الدولة، بالإضافة الى تفاقم ديونها وتنامي البطالة وركود اقتصادي مطول، وتنامي الاقتصاد غير الرسمي.

تداعيات جائحة "كورونا"

وتراجع الاقتصاد التونسي للمرة الأولى تحت وطأة تداعيات فيروس "كورونا" والصعوبات المتراكمة منذ سنوات، ما ولد احتجاجات اجتماعية متواترة ضد الفقر والبطالة ، وكشف المعهد الوطني للإحصاء عن زيادة في نسبة البطالة في الربع الأخير من عام 2020 لتبلغ 17.4 ٪ ، مقابل 16,2 ٪ في الربع الثالث من نفس العام، أي ان نسبة البطالة ارتفعت بنسبة 1.2 ٪ في فترة وجيزة، لتصل 18.4٪ العام الماضي.

وتشير البيانات المسجلة من قبل معهد الاحصاء الوطني ، الى خطورة الاوضاع الاقتصادية مستقبلا ، حيث انه لم يسبق لتونس تسجيل انكماش اقتصادي بمثل الحجم المسجل في 2020 بسبب اجراءات الغلق الكلي والجزئي للبلاد ، فجل الدول في العالم لم تفارق نسبة انكماشها جراء جائحة كورونا أكثر من 3 ٪ آنذاك.

وطالت نسبة التراجع المسجلة القيمة المضافة المسوقة لكامل السنة قطاعات النزل والمطاعم والمقاهي بنسبة قاربت الـ50 % وكذلك خدمات النقل، ونتيجة اعتماد التوقيت الاستثنائي للعمل في الادارات العمومية تراجعت الخدمات غير المسوقة بـ 7.6 % ، كما تراجعت القيمة المضافة للصناعات غير المعملية بـ 8.8 % ، وبنسبة 34% لقطاع الفسفاط، كما تراجع قطاع استخراج النفط والغاز الطبيعي نتيجة انخفاض الطلب الى ادنى مستوياته.

*سفيان المهداوي 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews