إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

مع تواصل الازمة السياسية والاقتصادية : نادي "باريس" على الابواب وخطر التفويت في السيادة الوطنية اقترب !

ارتفعت في الآونة الاخيرة وتيرة التحذيرات من داخل الاوساط الاقتصادية والسياسية من خطورة الاوضاع في تونس، خاصة بعد عجز وزير المالية في الفترة الاخيرة من الحصول على تمويلات خارجية لدعم ميزانية الدولة بسبب فقدان ثقة المؤسسات الدولية المانحة في الاقتصاد التونسي، والامر ازداد خطورة بعد تصريحات متطابقة حول اقتراب موعد نادي باريس الذي سيمنح المؤسسات المالية الكبرى املاء شروطها على تونس وتنفيذ الاصلاحات الاقتصادية المطلوب منها والتي تذهب حد مطالبتها ببيع المؤسسات العمومية والضغط على كتلة الاجور ورفع الدعم عن المحروقات وغيرها من الشروط القاسية التي ستفقد تونس سيادتها الوطنية. الصراعات تهدد الاقتصاد الوطني ويؤكد خبراء الاقتصاد اليوم، ان تونس بلغت حالة الانهيار التام بعد الشلل الذي أصاب قطاعات حيوية في الدولة كالصناعة والفلاحة والخدمات، داعين بوضع حد للمناخ السياسي المتعفن والذي أضر بمصالح تونس الداخلية والخارجية واطلاق حزمة من الاصلاحات الهيكلية الشاملة قبل فوات الآوان. ورغم نجاح تونس حتى الآن في كسر محاولات اخضاعها لشروط المؤسسات المالية المانحة، فإن منسوب المخاوف بشأن صمودها ارتفع في الآونة الأخيرة بسبب الصراع السياسي والتراجع المدوي للمؤشرات الاقتصادية التي خلفتها جائحة كوفيد-19 في جل قطاعات الدولة ، ما دفع بالخبير الاقتصادي محسن حسن الى التحذير من حالة الافلاس الوشيكة للبلاد ، خاصة بعد تخفيض وكالة موديز للتصنيف الائتماني لتونس الى مستويات سلبية. وقدم تخفيض وكالة موديز للتصنيف الائتماني لتونس من B2 إلى B3 مع المحافظة على توقعاتها السلبية، تقييمًا حقيقيًا لقدرة البلاد على الوفاء بالتزاماتها من حيث إمكانية تسديد ديونها الخارجية وخلق الثروة في الداخل، بالاضافة الى انه الانذار الاخير للحكومة والقيادات السياسية في البلاد حتى تقوم بالاصلاحات المطلوبة منها قبل حصول كارثة والنزول بالتصنيف الى مستويات عالية المخاطر والتي تعلن على اثرها تونس دولة "مفلسة"، ما يعني حرمانها من الدخول إلى السوق المالية الدولية واستقطاب الاستثمار الأجنبي، علما وأن تونس تراجع تصنيفها الائتماني 8 مرات خلال عقد من الزمن . تدهور اقتصادي غير مسبوق وبالأرقام، تُقدر حجم ميزانية تونس لسنة 2021 بـ52.6 مليار دينار، فيما بلغت نسبة الانكماش الاقتصادي 8.8%، مع ارتفاع غير مسبوق لنسبة الدين الخارجي إلى حدود 110% من الناتج الداخلي الإجمالي، بينما قفزت نسبة البطالة إلى حدود 17.4% مع موفى سنة 2020. كما تعاني المالية العمومية من تراجع مداخيل الدولة مقابل ارتفاع نفقاتها، خاصة جراء تضخم كتلة الأجور بنحو 20 مليار دينار، أي 16.6% من الناتج الإجمالي، فيما ساهمت جائحة كورونا في تدهور اقتصادي غير مسبوق، أدى الى تراجع إيرادات السياحة التونسية الى 65% في 2020 مقارنة بسنة 2019، ووجه ضربة قوية للقطاع وللاقتصاد المحلي، وادى الى تراجع الانتاج وتعطل التصدير وشل قطاع المحروقات والفسفاط. وتحتاج تونس سنة 2021 لموارد تناهز 19 مليار دينار، موزعة بين تمويل خارجي بنحو 13 مليار دينار، وتمويل داخلي من البنوك التونسية بنحو 5.6 مليارات دينار، ورغم تظافر الجهود المحلية وتدخل البنك المركزي، فإن المساعدات الخارجية ماتزال دون المأمول، وحتى وعود وزير المالية علي الكعلي بتجاوز الازمة لم تجد لها الصدى داخل الاوساط الاقتصادية التي شككت في قدرته على ايجاد الحلول التمويلية اللازمة، خصوصا وان زيارته الاخيرة الى دولة قطر لم تجلب معها حلولا للازمة المالية في تونس، وبقيت ورقة واحدة لحللة الازمة هي التفاوض مع الجانب الامريكي بشان حزمة من التمويلات لإنقاذ المالية العمومية في الفترة القادمة. السيادة الوطنية مهددة وساهمت الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد في الوقت الراهن، في تردي الوضع الاقتصادي الذي يعاني من أزمة هيكلية منذ سنوات، وزادت من الضبابية وحالة عدم اليقين لدى المستثمرين المحليين، وادت الى انكماش الاستثمار المحلي، والاستثمار الأجنبي المباشر، في حين يجمع الخبراء الماليين ان الإصلاحات العميقة والهيكلية تتطلب أساسًا أرضيةً سياسيةً مستقرةً حتى تتمكن تونس معالجة ملفاتها الاقتصادية بدقة متناهية. وواقعيًا، لا يمكن إنقاذ الاقتصاد التونسي في ظل القطيعة المتواصلة والصراع على السلطات بين الرئاسات الثلاث، وهو الامر الذي حذر منه القيادي في حركة النهضة عماد الحمامي، الذي اكد ، مؤخرا ، في تصريح تلفزي ، ان هذا الصراع سيجبر جميع الاطراف على الذهاب الى نادي باريس والتفويت في السيادة الوطنية قسرا، وتطبيق كافة شروط المؤسسات المالية المانحة، وبالتالي تصبح تونس رهينة قوى خارجية تتحكم فيها مثلما تشاء وتحشر أنفها في سياساتها الداخلية والخارجية حسب تعبيره. نادي باريس وتنازلات قاسية بدوره ، حذر الخبير الاقتصادي معز الجودي في تصريحات اعلامية من هذه الخطوة التي ستفقد تونس سيادتها الوطنية ، خاصة وان البنوك الدولية المانحة ستجبر تونس على القبول بكافة شروطها في نادي باريس وارغامها على القيام بكافة الاصلاحات المطلوبة منها وفي آجالها ، وهي شروط مشطة ومجحفة تصل حد التفويت في المؤسسات العمومية المفلسة ومراجعة كتلة الاجور نحو التخفيض، ما يعني تسريح الآلاف، بالاضافة الى رفع الدعم عن المحروقات ومراجعة كافة المنظومة. وتتوقع الحكومة عجزا في ميزانية الدولة لسنة 2021 بحوالي 7.094 مليار دينار أي حوالي 7 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي. وضبطت نفقات الدولة في اطار هذه الميزانية بـ 40.203 مليار دينار، مقابل مداخيل بـ33.109 مليار دينار. وتتطلع الحكومة، في ظل الازمة الاِقتصادية والاِجتماعية الخانقة التي تتصاعد وتيرتها من سنة إلى أخرى، الى تعبئة موارد اقتراض داخلي بقيمة 5.580 مليار دينار من جملة 18 مليار دينار كموارد اقتراض مقدرة لتمويل ميزانية الدولة لسنة 2021. ويبقى خطر التفويت في السيادة الوطنية مستقبلا رهين ما ستؤول اليه المفاوضات مع كافة الاطراف المتصارعة، وهو امر بقدر خطورته على الاقتصاد الوطني ، الا ان التوصل الى اتفاق بين جميع الاطراف السياسية قد ينقذ البلاد من طاولة نادي "الكبار" ويحفظ ماء الوجه ويجنب تونس"سيناريو" التفويت في سيادتها قسرا تحت ضغط الملف الإقتصادي والحسابات الداخلية الضيقة.

سفيان المهداوي

ارتفعت في الآونة الاخيرة وتيرة التحذيرات من داخل الاوساط الاقتصادية والسياسية من خطورة الاوضاع في تونس، خاصة بعد عجز وزير المالية في الفترة الاخيرة من الحصول على تمويلات خارجية لدعم ميزانية الدولة بسبب فقدان ثقة المؤسسات الدولية المانحة في الاقتصاد التونسي، والامر ازداد خطورة بعد تصريحات متطابقة حول اقتراب موعد نادي باريس الذي سيمنح المؤسسات المالية الكبرى املاء شروطها على تونس وتنفيذ الاصلاحات الاقتصادية المطلوب منها والتي تذهب حد مطالبتها ببيع المؤسسات العمومية والضغط على كتلة الاجور ورفع الدعم عن المحروقات وغيرها من الشروط القاسية التي ستفقد تونس سيادتها الوطنية. الصراعات تهدد الاقتصاد الوطني ويؤكد خبراء الاقتصاد اليوم، ان تونس بلغت حالة الانهيار التام بعد الشلل الذي أصاب قطاعات حيوية في الدولة كالصناعة والفلاحة والخدمات، داعين بوضع حد للمناخ السياسي المتعفن والذي أضر بمصالح تونس الداخلية والخارجية واطلاق حزمة من الاصلاحات الهيكلية الشاملة قبل فوات الآوان. ورغم نجاح تونس حتى الآن في كسر محاولات اخضاعها لشروط المؤسسات المالية المانحة، فإن منسوب المخاوف بشأن صمودها ارتفع في الآونة الأخيرة بسبب الصراع السياسي والتراجع المدوي للمؤشرات الاقتصادية التي خلفتها جائحة كوفيد-19 في جل قطاعات الدولة ، ما دفع بالخبير الاقتصادي محسن حسن الى التحذير من حالة الافلاس الوشيكة للبلاد ، خاصة بعد تخفيض وكالة موديز للتصنيف الائتماني لتونس الى مستويات سلبية. وقدم تخفيض وكالة موديز للتصنيف الائتماني لتونس من B2 إلى B3 مع المحافظة على توقعاتها السلبية، تقييمًا حقيقيًا لقدرة البلاد على الوفاء بالتزاماتها من حيث إمكانية تسديد ديونها الخارجية وخلق الثروة في الداخل، بالاضافة الى انه الانذار الاخير للحكومة والقيادات السياسية في البلاد حتى تقوم بالاصلاحات المطلوبة منها قبل حصول كارثة والنزول بالتصنيف الى مستويات عالية المخاطر والتي تعلن على اثرها تونس دولة "مفلسة"، ما يعني حرمانها من الدخول إلى السوق المالية الدولية واستقطاب الاستثمار الأجنبي، علما وأن تونس تراجع تصنيفها الائتماني 8 مرات خلال عقد من الزمن . تدهور اقتصادي غير مسبوق وبالأرقام، تُقدر حجم ميزانية تونس لسنة 2021 بـ52.6 مليار دينار، فيما بلغت نسبة الانكماش الاقتصادي 8.8%، مع ارتفاع غير مسبوق لنسبة الدين الخارجي إلى حدود 110% من الناتج الداخلي الإجمالي، بينما قفزت نسبة البطالة إلى حدود 17.4% مع موفى سنة 2020. كما تعاني المالية العمومية من تراجع مداخيل الدولة مقابل ارتفاع نفقاتها، خاصة جراء تضخم كتلة الأجور بنحو 20 مليار دينار، أي 16.6% من الناتج الإجمالي، فيما ساهمت جائحة كورونا في تدهور اقتصادي غير مسبوق، أدى الى تراجع إيرادات السياحة التونسية الى 65% في 2020 مقارنة بسنة 2019، ووجه ضربة قوية للقطاع وللاقتصاد المحلي، وادى الى تراجع الانتاج وتعطل التصدير وشل قطاع المحروقات والفسفاط. وتحتاج تونس سنة 2021 لموارد تناهز 19 مليار دينار، موزعة بين تمويل خارجي بنحو 13 مليار دينار، وتمويل داخلي من البنوك التونسية بنحو 5.6 مليارات دينار، ورغم تظافر الجهود المحلية وتدخل البنك المركزي، فإن المساعدات الخارجية ماتزال دون المأمول، وحتى وعود وزير المالية علي الكعلي بتجاوز الازمة لم تجد لها الصدى داخل الاوساط الاقتصادية التي شككت في قدرته على ايجاد الحلول التمويلية اللازمة، خصوصا وان زيارته الاخيرة الى دولة قطر لم تجلب معها حلولا للازمة المالية في تونس، وبقيت ورقة واحدة لحللة الازمة هي التفاوض مع الجانب الامريكي بشان حزمة من التمويلات لإنقاذ المالية العمومية في الفترة القادمة. السيادة الوطنية مهددة وساهمت الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد في الوقت الراهن، في تردي الوضع الاقتصادي الذي يعاني من أزمة هيكلية منذ سنوات، وزادت من الضبابية وحالة عدم اليقين لدى المستثمرين المحليين، وادت الى انكماش الاستثمار المحلي، والاستثمار الأجنبي المباشر، في حين يجمع الخبراء الماليين ان الإصلاحات العميقة والهيكلية تتطلب أساسًا أرضيةً سياسيةً مستقرةً حتى تتمكن تونس معالجة ملفاتها الاقتصادية بدقة متناهية. وواقعيًا، لا يمكن إنقاذ الاقتصاد التونسي في ظل القطيعة المتواصلة والصراع على السلطات بين الرئاسات الثلاث، وهو الامر الذي حذر منه القيادي في حركة النهضة عماد الحمامي، الذي اكد ، مؤخرا ، في تصريح تلفزي ، ان هذا الصراع سيجبر جميع الاطراف على الذهاب الى نادي باريس والتفويت في السيادة الوطنية قسرا، وتطبيق كافة شروط المؤسسات المالية المانحة، وبالتالي تصبح تونس رهينة قوى خارجية تتحكم فيها مثلما تشاء وتحشر أنفها في سياساتها الداخلية والخارجية حسب تعبيره. نادي باريس وتنازلات قاسية بدوره ، حذر الخبير الاقتصادي معز الجودي في تصريحات اعلامية من هذه الخطوة التي ستفقد تونس سيادتها الوطنية ، خاصة وان البنوك الدولية المانحة ستجبر تونس على القبول بكافة شروطها في نادي باريس وارغامها على القيام بكافة الاصلاحات المطلوبة منها وفي آجالها ، وهي شروط مشطة ومجحفة تصل حد التفويت في المؤسسات العمومية المفلسة ومراجعة كتلة الاجور نحو التخفيض، ما يعني تسريح الآلاف، بالاضافة الى رفع الدعم عن المحروقات ومراجعة كافة المنظومة. وتتوقع الحكومة عجزا في ميزانية الدولة لسنة 2021 بحوالي 7.094 مليار دينار أي حوالي 7 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي. وضبطت نفقات الدولة في اطار هذه الميزانية بـ 40.203 مليار دينار، مقابل مداخيل بـ33.109 مليار دينار. وتتطلع الحكومة، في ظل الازمة الاِقتصادية والاِجتماعية الخانقة التي تتصاعد وتيرتها من سنة إلى أخرى، الى تعبئة موارد اقتراض داخلي بقيمة 5.580 مليار دينار من جملة 18 مليار دينار كموارد اقتراض مقدرة لتمويل ميزانية الدولة لسنة 2021. ويبقى خطر التفويت في السيادة الوطنية مستقبلا رهين ما ستؤول اليه المفاوضات مع كافة الاطراف المتصارعة، وهو امر بقدر خطورته على الاقتصاد الوطني ، الا ان التوصل الى اتفاق بين جميع الاطراف السياسية قد ينقذ البلاد من طاولة نادي "الكبار" ويحفظ ماء الوجه ويجنب تونس"سيناريو" التفويت في سيادتها قسرا تحت ضغط الملف الإقتصادي والحسابات الداخلية الضيقة.

سفيان المهداوي

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews