إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

رأي/ الحرب على غزة في قناة الجزيرة : عصافير عديدة و الحجر واحد

بقلم : نبيل السدراوي 
تخصص قناة الجزيرة الناطقة بالعربية بثها على مدار الساعة لتغطية الحرب الاسرائلية على غزة منذ السابع من اكتوبر 2023 و تواصل الجزيرة بعد أكثر من شهرين من اندلاع الحرب إفراد تغطياتها الاخبارية لتطور الأحداث في غزة و ما يجد على هامشها على الميدان في قطاع غزة و في الضفة الغربية و على حدود لبنان مع فلسطين المحتلة و ردود الفعل و غيرها . و قامت القناة الى حد الآن  بحجب كل التغطيات و المتابعات التي تشهدها الساحة العربية و الدولية على غرار الحرب الروسية الاكرانية و الانتخابات الرئاسية المصرية على سبيل المثال كما حجبت نشراتها الاقتصادية و الرياضية و نشرات أحوال الطقس وهي القناة الوحيدة التي تقوم بذلك الى حد الآن   .
 من " الحرب السادسة " الى " الحرب على غزة "
تواصل الجزيرة بعد مرور حوالي سبعين يوما على اندلاع الحرب على غزة تغطيتها على نفس المنوال و دون ادخال آي تغيير لا من حيث الشكل  و لا المضامين و تجلى ذلك من خلال نفس الخلفية الغرافيكية للاستيديو التي تميزها صور متواترة للدمار على مباني غزة و لمقاتل القسام الملثم وعلى كتفه قذيفة تتوسطها عبارة "الحرب على غزة " فيما اعتمدت قناة  سكاي  نيوز عربية  شعار "التصعيد في غزة " و قناة  فرانس 24 "الحرب بين اسرائيل و غزة " و اختارت قناة الميادين الشعار نقسه المعتمد من حماس " طوفان الأقصى " فيما اعتمدت قناة الجزيرة الانقليزية war on Gaza وهو نفس شعار الجزيرة  الناطقة بالعربية أما قناة الحرة  فقد وضعت صورة لدبابة  اسرائلية ووضعتها وسط الدمار في غزة و وشحتها بشعار "حرب مفصلية " و اختارت قناتا LCI و CNews الفرنسيتان شعار "اسرائيل في حالة حرب" و على سبيل المقارنة اعتمدت الجزيرة في تغطية حرب 2006 ايام الهجمة العسكرية  الاسرائلية على جنوب لبنان شعار " لبنان تحت الحصار"ثم سرعان ما استبدلته ب " الحرب السادسة"فيما اعتمدت قناة العربية منافستها الاولى انذاك شعار "الصيف الساخن".
الصدمة و الهزيمة امام عدو قوي 
على صعيد مضامين التغطية الصحغية التي اتبعتها قناة الجزيرة فلقد كان الحيز الزمني الأكبر مخصصا للبث المباشر عبر شبكة مراسليها في مختلف مناطق قطاع غزة و الضفة الغربية و جنوب لبنان و مختلف مدن فلسطين 1948  بما فيها مستوطنات ما يعرف بغلاف غزة و اتسمت التغطيات المباشرة لشبكة المراسلين بالتركيز على المستجدات الحينية و خاصة بث صور مباشرة او مسجلة لمخلفات القصف الاسرائيلي لقطاع غزة و أخذت المشاهد التي تضمنت لقطات صادمة مثل الجثامين الفلسطينية المتناثرة و صور الاطفال المتوفين و الجرحى و صور الاشلاء تحت حطام المباني المهدمة و تقوم  القناة احيانا  باخفاء بعض المشاهد التي كانت شديدة الوقع على المشاهدين و كانت الجزيرة  القناة الاكثر بثا للمشاهد الصادمة في الحرب الراهنة مقارنة بكل القنوات العربية و الغربية .
 و بقدر ما كانت هذه الصور الجريئة مؤثرة سلبا على معنويات المشاهد العربي المناصر  للقضية الفلسطينية و لغزة   فقد كانت تحيله الى الهزيمة و الاستسلام أمام جيش قوي و محهز بقدر ما جاءت الواجهة الثانية من حيث الحيز الزمني لتغطية قناة الجزيرة مؤثرة ايجابا على المشاهدين العرب وهي فقرات التحليل العسكري لتطورات الوضع على الميدان في غزة .
" .. اننا على وشك دحره ...نعم بامكاننا فعل ذلك ..." 
فقرات التحليل العسكري  قدمتها الجزيرة بطريقة مستحدثة و غير مسبوقة و مبهرة في آن واحد و تم و للمرة الاولى على مستوي الإعلام العربي استخدام تقنيات متطورة عبر الابعاد الثلاثية و محاكاة الصور الواقعية  و استخدام الشاشات التفاعلية و صور  الاقمار الاصطناعية لسير المعارك على الميدان  علما ان الجزيرة امتنعت في بداية الحرب عن بثها لاعتبارات قالت انه تتعلق بحقوق بث مثل هذه المشاهد ثم  اقدمت على بثها بداية من منتصف نوفمبر الفارط . 
فقرة التحليل العسكري يؤثثها خبير برتبة لواء متقاعد من الجيش الأردني ملم بتضاريس غزة و تفاصيل مدنها و وأحيائها ذو نفس قومي عروبي متحمس لفلسطين و  قضيتها و تلقى طلعاته اليومية منذ بدء الحرب على شاشة الجزيرة ترحابا كبيرا فالرجل يجيد التواصل لغته عربية سليمة ممزوجة بلكنة أردنية جذابة و يملك سيرة ذاتية ثرية من حيث التكوين و الخبرة الميدانية العسكرية  و يذهب في جميع تحاليله الى نصرة المقاومة و يركز على الصعوبات التي توجهها قوات الاحتلال في توغلها البري  بين ثنايا القطاع و يثمن بصفة متواصلة ضربات المقاومة و يثقل في خسائر الاسرائيليين البشرية و المادية دون الإعتماد على مصادر رسمية بل الى ما يعتبره خبرة عسكرية  تمكنه من سبر أغوار الآليات العسكرية الاسرائلية على غرار "الميركافا "و "النمر"  فعدد القتلى بين الجنود الاسرائليين وفق تحاليله  نتيجة لاستهداف صواريخ المقاومة لأحد هذه الآليات هو العدد المفترض لإفراد طاقمها .
و بقدر ما تسببه مشاهد الدمار و القتل و الجثث المتفحمة و الشهادات المؤثرة  التي تمعن الجزيرة في بثها على مدار الساعة من حالات  الاحباط و الخيبة و الشعور بالهزيمة في ذهن المشاهد العربي بقدر ما كان مرور اللواء المتقاعد على شاشة الجزيرة مصدرا للأمل و التفاؤل و يجعل أغلب مناصري فلسطين يهمسون في قرارة انفسهم "نعم  إن هزيمة  العدو الصهيوني ممكنة..إننا على وشك دحره ... نعم يمكننا فعل ذلك ..." .
الرأي و الرأي الأخر 
الجزيرة في تغطيتها للحرب الراهنة في غزة انتهجت تمشيا تحريريا قائما على بث المادة الدعائية الحربية لطرفي النزاع فهي تبث على الهواء الكلمات المسجلة للناطق باسم الجناح العسكري لحركة حماس و التسجيلات المصورة لعمليات المقاومة في غزة ضد الأهداف الاسرائيلية في نسختها الاصلية كما تردها من المصدر و دون ادخال تعديلات على المضامين الدعائية الواردة فيها و تعمل على اعادة بثها مرات عديدة طيلة ساعات اليوم الاخباري الذي تعتمده القناة كما تستضيف الجزيرة قادة حماس في تغطياتها و تبث مباشرة اللقاءات الاعلامية التي تعقدها الحركة خاصة من بيروت .
 في المقابل تبث الجزيرة يوميا تصريحات القادة الاسرائليين السياسيين و العسكريين و اللقاءات الصحغية التي تعقدها القيادة العسكرية كما تبث المادة الدعائية المصورة التي ينتجها الجيش الاسرائيلي لعملياته في غزة .
العزاء في المباشر
من العلامات الفارقة في تغطية الجزيرة للحرب الراهنة على غزة تناولها الاعلامي للاحداث التي استهدفت عائلات مراسليها في المنطقة و التي اودت بحياة أفراد من عائلاتهم  أو عائلاتهم بأسرها فقد اتسم التناول الاعلامي للقناة مع مصاب بعض مراسليها زيادة على تخصيص حيز زمني  ملحوظ و اعادات متواترة اتسم بمسحة عاطفية مفرطة بالتركيز على اظهار الحالة النفسية  لأفراد طاقمها في غزة و ما يعتريها من حزن و بث مشاهد بصفة متكررة لردود فعلهم فور علمهم  بخبر وفاة اقربائهم على غرار مشهد "ما عليش" لكبير مراسليها في غزة و بث رسالة صوتية بعثها  أحد مراسليها عبر واتس اب  الى غرفة التحرير  يعلم فيها بوفاة والده في قصف أستهدف منزل العائلة في جباليا هذا بالإضافة الى عودة المراسلين الذين فقدوا أفراد من عائلاتهم الى العمل  و الظهور على شاشة القناة ساعات قليلة بعد  وفاة افراد عائلاتهم و لا يعلم إذا ما كان ذلك خيارا من القناة ام منهم شخصيا.
الصفعة للميادين و الحلوى للجزيرة 
في منتصف نوفمبر 2023 قررت الحكومة الاسرائيلية حظر نشاط قناة الميادين اللبنانية "بإغلاق المكاتب ومصادرة معدات البث ومنع استخدام البنى التحتية للاتصالات المختلفة لهيئة البث بما يضر بأمن الدولة".
 في المقابل و في نفس الفترة تعلن قناة الجزيرة انها شرعت في بث برامج القناة  اذاعيا عبر تردد التشكيل الذبذبي FM على كامل قطاع غزة أي على مساحة تناهز 365كلم مربعا وهو ما يتطلب تقنيا تركيز جهاز إرسال على الأرض و يمكن حسب المختصين ان يكون ثابتا أو متحركا و كل ذلك يتم بعلم اسرائيل و بالتأكيد بموافقتها و بالتوازي مع ذلك تواصل الجزيرة إنتاج مضامينها الصحغية المباشرة و المسجلة  من الداخل الاسرائيلي عبر مراسليها في الضفة الغربية الذين يتنقلون الى تل ابيب و مستوطنات ما يعرف بغلاف غزة و  الجليل و القدس و غيرها  بالتأكيد فإن الجزيرة تتمتع بالتصاريح الضرورية من سلطات تل ابيب وهو ما سحبته من قناة الميادين القريبة من خط المقاومة و المحسوبة على حزب الله و ربما يكون ذلك موشرا على ان الاسرائيليين يرون في الميادين و تغطياتها و ومضات الدعاية التحفيزية لروح المقاومة التي تمررها على راس كل ساعة إزعاجا لهم وهو ما لم يرونه في تغطية الجزيرة وبقية القنوات العربية  .
 من يمول هو من يحدد الخط التحريري
قناة الجزيرة الممولة أساسا من الدولة القطرية بالإضافة الى توفيرها  لقسط من المداخيل من الأشهار و من بيع الصور و التغطيات إضافة الى مداخيل البث عبر الكابل في عدد من الدول وهي حاليا و منذ بدء الحرب لا تبث الومضات الاشهارية  رغم تحقيقها كل الأرقام القياسية في نسب المشاهدة  في مختلف اقطار الوطن العربي و في أغلب اصقاع العالم و قد يبدو ذلك خيارا من شبكة الجزيرة  و بالنظر الى الكلفة العالية لتغطية الحرب في غزة بالمعايير التي اتبعتها الجزيرة لانه يمكن التسليم بأن الممول الرئيسي للقناة مصدر أساسا هو دولة قطر على الأقل في هذه الفترة بالذات كما كان الشأن في السنوات الاولى من عمر القناة  و قد يكون خيارا من سلطات الدوحة التي لاحت وكأنها أردت أقتناص فرصة الحرب على غزة لتكون الجزيرة رأس الحربة في تمش  لتجسيم صورة قطر الجديدة الدولة الصغيرة القوية و المتطورة و االعب الأساسي  سياسيا و اقتصاديا على المستوى الدولي تكون فيه الدوحة في نفس مكانة وشنطن و باريس و لندن و  كانت فعلبا كذلك بما انها كانت زاوية مثلث الترويكا الابرز في حصول هدنة  السبعة ايام   و رائدة في صنع القرار العربي كالقاهرة ايام زمان . 
لذلك جاءت تغطية الجزيرة لهذه الحرب مختلفة عن بقية تغطياتها للنزاعات و الحروب منذ نشأتها سنة 1996 فلقد كانت تغطية هادئة  و رصينة و ذكية و غير متشنحة كما كانت في حرب 2006 مثلا  و تعمدت قطر من خلال الجزيرة  مسك العصا من وسطها فلم تغضب اسرائيل التي تربطها بها علاقات  ديبلوماسية و اقتصادية و ارضت الولايات المتحدة حليفتها الاستراتيجية و ناصرت فلسطين و غزة و حماس في تغطيتها و نالت إعجاب المشاهد العربي من جديد و ضربت كل العصافير المممكنة بحجرة واحدة بما في ذلك استعادة صدارة نسب المساعدة بعد سنوات عجاف.
 رأي/ الحرب على غزة في قناة الجزيرة : عصافير عديدة و الحجر واحد
بقلم : نبيل السدراوي 
تخصص قناة الجزيرة الناطقة بالعربية بثها على مدار الساعة لتغطية الحرب الاسرائلية على غزة منذ السابع من اكتوبر 2023 و تواصل الجزيرة بعد أكثر من شهرين من اندلاع الحرب إفراد تغطياتها الاخبارية لتطور الأحداث في غزة و ما يجد على هامشها على الميدان في قطاع غزة و في الضفة الغربية و على حدود لبنان مع فلسطين المحتلة و ردود الفعل و غيرها . و قامت القناة الى حد الآن  بحجب كل التغطيات و المتابعات التي تشهدها الساحة العربية و الدولية على غرار الحرب الروسية الاكرانية و الانتخابات الرئاسية المصرية على سبيل المثال كما حجبت نشراتها الاقتصادية و الرياضية و نشرات أحوال الطقس وهي القناة الوحيدة التي تقوم بذلك الى حد الآن   .
 من " الحرب السادسة " الى " الحرب على غزة "
تواصل الجزيرة بعد مرور حوالي سبعين يوما على اندلاع الحرب على غزة تغطيتها على نفس المنوال و دون ادخال آي تغيير لا من حيث الشكل  و لا المضامين و تجلى ذلك من خلال نفس الخلفية الغرافيكية للاستيديو التي تميزها صور متواترة للدمار على مباني غزة و لمقاتل القسام الملثم وعلى كتفه قذيفة تتوسطها عبارة "الحرب على غزة " فيما اعتمدت قناة  سكاي  نيوز عربية  شعار "التصعيد في غزة " و قناة  فرانس 24 "الحرب بين اسرائيل و غزة " و اختارت قناة الميادين الشعار نقسه المعتمد من حماس " طوفان الأقصى " فيما اعتمدت قناة الجزيرة الانقليزية war on Gaza وهو نفس شعار الجزيرة  الناطقة بالعربية أما قناة الحرة  فقد وضعت صورة لدبابة  اسرائلية ووضعتها وسط الدمار في غزة و وشحتها بشعار "حرب مفصلية " و اختارت قناتا LCI و CNews الفرنسيتان شعار "اسرائيل في حالة حرب" و على سبيل المقارنة اعتمدت الجزيرة في تغطية حرب 2006 ايام الهجمة العسكرية  الاسرائلية على جنوب لبنان شعار " لبنان تحت الحصار"ثم سرعان ما استبدلته ب " الحرب السادسة"فيما اعتمدت قناة العربية منافستها الاولى انذاك شعار "الصيف الساخن".
الصدمة و الهزيمة امام عدو قوي 
على صعيد مضامين التغطية الصحغية التي اتبعتها قناة الجزيرة فلقد كان الحيز الزمني الأكبر مخصصا للبث المباشر عبر شبكة مراسليها في مختلف مناطق قطاع غزة و الضفة الغربية و جنوب لبنان و مختلف مدن فلسطين 1948  بما فيها مستوطنات ما يعرف بغلاف غزة و اتسمت التغطيات المباشرة لشبكة المراسلين بالتركيز على المستجدات الحينية و خاصة بث صور مباشرة او مسجلة لمخلفات القصف الاسرائيلي لقطاع غزة و أخذت المشاهد التي تضمنت لقطات صادمة مثل الجثامين الفلسطينية المتناثرة و صور الاطفال المتوفين و الجرحى و صور الاشلاء تحت حطام المباني المهدمة و تقوم  القناة احيانا  باخفاء بعض المشاهد التي كانت شديدة الوقع على المشاهدين و كانت الجزيرة  القناة الاكثر بثا للمشاهد الصادمة في الحرب الراهنة مقارنة بكل القنوات العربية و الغربية .
 و بقدر ما كانت هذه الصور الجريئة مؤثرة سلبا على معنويات المشاهد العربي المناصر  للقضية الفلسطينية و لغزة   فقد كانت تحيله الى الهزيمة و الاستسلام أمام جيش قوي و محهز بقدر ما جاءت الواجهة الثانية من حيث الحيز الزمني لتغطية قناة الجزيرة مؤثرة ايجابا على المشاهدين العرب وهي فقرات التحليل العسكري لتطورات الوضع على الميدان في غزة .
" .. اننا على وشك دحره ...نعم بامكاننا فعل ذلك ..." 
فقرات التحليل العسكري  قدمتها الجزيرة بطريقة مستحدثة و غير مسبوقة و مبهرة في آن واحد و تم و للمرة الاولى على مستوي الإعلام العربي استخدام تقنيات متطورة عبر الابعاد الثلاثية و محاكاة الصور الواقعية  و استخدام الشاشات التفاعلية و صور  الاقمار الاصطناعية لسير المعارك على الميدان  علما ان الجزيرة امتنعت في بداية الحرب عن بثها لاعتبارات قالت انه تتعلق بحقوق بث مثل هذه المشاهد ثم  اقدمت على بثها بداية من منتصف نوفمبر الفارط . 
فقرة التحليل العسكري يؤثثها خبير برتبة لواء متقاعد من الجيش الأردني ملم بتضاريس غزة و تفاصيل مدنها و وأحيائها ذو نفس قومي عروبي متحمس لفلسطين و  قضيتها و تلقى طلعاته اليومية منذ بدء الحرب على شاشة الجزيرة ترحابا كبيرا فالرجل يجيد التواصل لغته عربية سليمة ممزوجة بلكنة أردنية جذابة و يملك سيرة ذاتية ثرية من حيث التكوين و الخبرة الميدانية العسكرية  و يذهب في جميع تحاليله الى نصرة المقاومة و يركز على الصعوبات التي توجهها قوات الاحتلال في توغلها البري  بين ثنايا القطاع و يثمن بصفة متواصلة ضربات المقاومة و يثقل في خسائر الاسرائيليين البشرية و المادية دون الإعتماد على مصادر رسمية بل الى ما يعتبره خبرة عسكرية  تمكنه من سبر أغوار الآليات العسكرية الاسرائلية على غرار "الميركافا "و "النمر"  فعدد القتلى بين الجنود الاسرائليين وفق تحاليله  نتيجة لاستهداف صواريخ المقاومة لأحد هذه الآليات هو العدد المفترض لإفراد طاقمها .
و بقدر ما تسببه مشاهد الدمار و القتل و الجثث المتفحمة و الشهادات المؤثرة  التي تمعن الجزيرة في بثها على مدار الساعة من حالات  الاحباط و الخيبة و الشعور بالهزيمة في ذهن المشاهد العربي بقدر ما كان مرور اللواء المتقاعد على شاشة الجزيرة مصدرا للأمل و التفاؤل و يجعل أغلب مناصري فلسطين يهمسون في قرارة انفسهم "نعم  إن هزيمة  العدو الصهيوني ممكنة..إننا على وشك دحره ... نعم يمكننا فعل ذلك ..." .
الرأي و الرأي الأخر 
الجزيرة في تغطيتها للحرب الراهنة في غزة انتهجت تمشيا تحريريا قائما على بث المادة الدعائية الحربية لطرفي النزاع فهي تبث على الهواء الكلمات المسجلة للناطق باسم الجناح العسكري لحركة حماس و التسجيلات المصورة لعمليات المقاومة في غزة ضد الأهداف الاسرائيلية في نسختها الاصلية كما تردها من المصدر و دون ادخال تعديلات على المضامين الدعائية الواردة فيها و تعمل على اعادة بثها مرات عديدة طيلة ساعات اليوم الاخباري الذي تعتمده القناة كما تستضيف الجزيرة قادة حماس في تغطياتها و تبث مباشرة اللقاءات الاعلامية التي تعقدها الحركة خاصة من بيروت .
 في المقابل تبث الجزيرة يوميا تصريحات القادة الاسرائليين السياسيين و العسكريين و اللقاءات الصحغية التي تعقدها القيادة العسكرية كما تبث المادة الدعائية المصورة التي ينتجها الجيش الاسرائيلي لعملياته في غزة .
العزاء في المباشر
من العلامات الفارقة في تغطية الجزيرة للحرب الراهنة على غزة تناولها الاعلامي للاحداث التي استهدفت عائلات مراسليها في المنطقة و التي اودت بحياة أفراد من عائلاتهم  أو عائلاتهم بأسرها فقد اتسم التناول الاعلامي للقناة مع مصاب بعض مراسليها زيادة على تخصيص حيز زمني  ملحوظ و اعادات متواترة اتسم بمسحة عاطفية مفرطة بالتركيز على اظهار الحالة النفسية  لأفراد طاقمها في غزة و ما يعتريها من حزن و بث مشاهد بصفة متكررة لردود فعلهم فور علمهم  بخبر وفاة اقربائهم على غرار مشهد "ما عليش" لكبير مراسليها في غزة و بث رسالة صوتية بعثها  أحد مراسليها عبر واتس اب  الى غرفة التحرير  يعلم فيها بوفاة والده في قصف أستهدف منزل العائلة في جباليا هذا بالإضافة الى عودة المراسلين الذين فقدوا أفراد من عائلاتهم الى العمل  و الظهور على شاشة القناة ساعات قليلة بعد  وفاة افراد عائلاتهم و لا يعلم إذا ما كان ذلك خيارا من القناة ام منهم شخصيا.
الصفعة للميادين و الحلوى للجزيرة 
في منتصف نوفمبر 2023 قررت الحكومة الاسرائيلية حظر نشاط قناة الميادين اللبنانية "بإغلاق المكاتب ومصادرة معدات البث ومنع استخدام البنى التحتية للاتصالات المختلفة لهيئة البث بما يضر بأمن الدولة".
 في المقابل و في نفس الفترة تعلن قناة الجزيرة انها شرعت في بث برامج القناة  اذاعيا عبر تردد التشكيل الذبذبي FM على كامل قطاع غزة أي على مساحة تناهز 365كلم مربعا وهو ما يتطلب تقنيا تركيز جهاز إرسال على الأرض و يمكن حسب المختصين ان يكون ثابتا أو متحركا و كل ذلك يتم بعلم اسرائيل و بالتأكيد بموافقتها و بالتوازي مع ذلك تواصل الجزيرة إنتاج مضامينها الصحغية المباشرة و المسجلة  من الداخل الاسرائيلي عبر مراسليها في الضفة الغربية الذين يتنقلون الى تل ابيب و مستوطنات ما يعرف بغلاف غزة و  الجليل و القدس و غيرها  بالتأكيد فإن الجزيرة تتمتع بالتصاريح الضرورية من سلطات تل ابيب وهو ما سحبته من قناة الميادين القريبة من خط المقاومة و المحسوبة على حزب الله و ربما يكون ذلك موشرا على ان الاسرائيليين يرون في الميادين و تغطياتها و ومضات الدعاية التحفيزية لروح المقاومة التي تمررها على راس كل ساعة إزعاجا لهم وهو ما لم يرونه في تغطية الجزيرة وبقية القنوات العربية  .
 من يمول هو من يحدد الخط التحريري
قناة الجزيرة الممولة أساسا من الدولة القطرية بالإضافة الى توفيرها  لقسط من المداخيل من الأشهار و من بيع الصور و التغطيات إضافة الى مداخيل البث عبر الكابل في عدد من الدول وهي حاليا و منذ بدء الحرب لا تبث الومضات الاشهارية  رغم تحقيقها كل الأرقام القياسية في نسب المشاهدة  في مختلف اقطار الوطن العربي و في أغلب اصقاع العالم و قد يبدو ذلك خيارا من شبكة الجزيرة  و بالنظر الى الكلفة العالية لتغطية الحرب في غزة بالمعايير التي اتبعتها الجزيرة لانه يمكن التسليم بأن الممول الرئيسي للقناة مصدر أساسا هو دولة قطر على الأقل في هذه الفترة بالذات كما كان الشأن في السنوات الاولى من عمر القناة  و قد يكون خيارا من سلطات الدوحة التي لاحت وكأنها أردت أقتناص فرصة الحرب على غزة لتكون الجزيرة رأس الحربة في تمش  لتجسيم صورة قطر الجديدة الدولة الصغيرة القوية و المتطورة و االعب الأساسي  سياسيا و اقتصاديا على المستوى الدولي تكون فيه الدوحة في نفس مكانة وشنطن و باريس و لندن و  كانت فعلبا كذلك بما انها كانت زاوية مثلث الترويكا الابرز في حصول هدنة  السبعة ايام   و رائدة في صنع القرار العربي كالقاهرة ايام زمان . 
لذلك جاءت تغطية الجزيرة لهذه الحرب مختلفة عن بقية تغطياتها للنزاعات و الحروب منذ نشأتها سنة 1996 فلقد كانت تغطية هادئة  و رصينة و ذكية و غير متشنحة كما كانت في حرب 2006 مثلا  و تعمدت قطر من خلال الجزيرة  مسك العصا من وسطها فلم تغضب اسرائيل التي تربطها بها علاقات  ديبلوماسية و اقتصادية و ارضت الولايات المتحدة حليفتها الاستراتيجية و ناصرت فلسطين و غزة و حماس في تغطيتها و نالت إعجاب المشاهد العربي من جديد و ضربت كل العصافير المممكنة بحجرة واحدة بما في ذلك استعادة صدارة نسب المساعدة بعد سنوات عجاف.