إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

الإغلاق الحكومي الأطول في تاريخ واشنطن: أزمة تمويل تكشف عمق الانقسام السياسي

يشهد المشهد السياسي الأمريكي واحداً من أكثر فصوله توتراً مع دخول الحكومة الفيدرالية في إغلاق هو الأطول في تاريخ الولايات المتحدة. فقد تجاوزت مدة التوقف عن العمل الرقم القياسي السابق المسجل عام 2018–2019، وسط تعثر المفاوضات بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي حول مشروع تمويل الحكومة.

وحمّل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الديمقراطيين مسؤولية الإغلاق، داعيا الجمهوريين للتحرك السريع وتمرير الموازنة دون تأخير.
كما شدد على أن الديمقراطيين "يتصرفون بشكل انتحاري ويدمرون البلاد"، داعيًا إلى تمرير القوانين الضرورية لإعادة فتح الحكومة ووقف الخسائر الاقتصادية.
وبدأت الأزمة مع فشل الكونغرس في تمرير ميزانية أو قرار مؤقت لتمويل المؤسسات الحكومية، بسبب خلافات حادة حول بنود تتعلق ببرامج الرعاية الصحية والإعفاءات الضريبية. ويُعد هذا الخلاف حلقة جديدة في سلسلة من المواجهات السياسية التي تحوّل فيها التمويل الحكومي إلى ورقة ضغط بين الحزبين.
ويرى مراقبون أن الإغلاق الحالي ليس نتيجة مفاجئة، بل هو انعكاس لتصاعد حدة الاستقطاب داخل النظام السياسي الأمريكي، حيث أصبحت القرارات المالية تُستخدم لفرض أجندات حزبية بدلاً من كونها أدوات لتسيير شؤون الدولة.
وقد أدى الإغلاق إلى توقف آلاف الموظفين الفيدراليين عن العمل أو إلزامهم بالعمل من دون أجر، مما تسبب في اضطرابات معيشية وموجة استياء واسعة. كما تعطلت خدمات عامة أساسية، من بينها برامج المساعدات الغذائية والرعاية الصحية وبعض عمليات مراقبة الطيران والأمن الداخلي.
اقتصادياً، تشير تقديرات أولية إلى خسارة مليارات الدولارات أسبوعياً من الناتج المحلي الإجمالي، إضافة إلى تأثيرات غير مباشرة على ثقة المستثمرين والقطاع الخاص.
ويُحذّر خبراء من أن استمرار الإغلاق لفترة أطول قد يترك آثاراً هيكلية في الاقتصاد الأمريكي.
كما يمثل الإغلاق اختباراً حقيقياً لقدرة النظام السياسي الأمريكي على التوصل إلى تسويات في ظل الانقسام الحزبي العميق.
 فبينما يرى الجمهوريون أن الإغلاق ضرورة لتحقيق "انضباط مالي"، يعتبر الديمقراطيون أنه ابتزاز سياسي يحمّل المواطنين تبعات الخلافات الحزبية.
ويرى محللون أن طول مدة الإغلاق يعمّق الفجوة بين مؤسسات الدولة والمجتمع، ويضعف الثقة في قدرة الحكومة على إدارة شؤونها بفعالية. كما قد تكون له تداعيات على الانتخابات المقبلة، حيث سيسعى كل طرف إلى تحميل الآخر مسؤولية الأزمة.
ورغم استمرار المفاوضات، لا تزال الحلول النهائية بعيدة المنال. ومن المتوقع أن تلجأ الإدارة إلى اتفاق تمويل مؤقت لتخفيف الضغط، ريثما تُستأنف المناقشات حول الميزانية الشاملة.
لكن حتى في حال التوصل إلى تسوية، فإن تداعيات الإغلاق ستظل حاضرة، سواء على مستوى الأداء المؤسسي أو الثقة العامة، وربما تفتح الباب أمام نقاش واسع حول إصلاح آلية اعتماد الميزانية في النظام الفيدرالي.


منال العابدي

الإغلاق الحكومي الأطول في تاريخ واشنطن: أزمة تمويل تكشف عمق الانقسام السياسي

يشهد المشهد السياسي الأمريكي واحداً من أكثر فصوله توتراً مع دخول الحكومة الفيدرالية في إغلاق هو الأطول في تاريخ الولايات المتحدة. فقد تجاوزت مدة التوقف عن العمل الرقم القياسي السابق المسجل عام 2018–2019، وسط تعثر المفاوضات بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي حول مشروع تمويل الحكومة.

وحمّل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الديمقراطيين مسؤولية الإغلاق، داعيا الجمهوريين للتحرك السريع وتمرير الموازنة دون تأخير.
كما شدد على أن الديمقراطيين "يتصرفون بشكل انتحاري ويدمرون البلاد"، داعيًا إلى تمرير القوانين الضرورية لإعادة فتح الحكومة ووقف الخسائر الاقتصادية.
وبدأت الأزمة مع فشل الكونغرس في تمرير ميزانية أو قرار مؤقت لتمويل المؤسسات الحكومية، بسبب خلافات حادة حول بنود تتعلق ببرامج الرعاية الصحية والإعفاءات الضريبية. ويُعد هذا الخلاف حلقة جديدة في سلسلة من المواجهات السياسية التي تحوّل فيها التمويل الحكومي إلى ورقة ضغط بين الحزبين.
ويرى مراقبون أن الإغلاق الحالي ليس نتيجة مفاجئة، بل هو انعكاس لتصاعد حدة الاستقطاب داخل النظام السياسي الأمريكي، حيث أصبحت القرارات المالية تُستخدم لفرض أجندات حزبية بدلاً من كونها أدوات لتسيير شؤون الدولة.
وقد أدى الإغلاق إلى توقف آلاف الموظفين الفيدراليين عن العمل أو إلزامهم بالعمل من دون أجر، مما تسبب في اضطرابات معيشية وموجة استياء واسعة. كما تعطلت خدمات عامة أساسية، من بينها برامج المساعدات الغذائية والرعاية الصحية وبعض عمليات مراقبة الطيران والأمن الداخلي.
اقتصادياً، تشير تقديرات أولية إلى خسارة مليارات الدولارات أسبوعياً من الناتج المحلي الإجمالي، إضافة إلى تأثيرات غير مباشرة على ثقة المستثمرين والقطاع الخاص.
ويُحذّر خبراء من أن استمرار الإغلاق لفترة أطول قد يترك آثاراً هيكلية في الاقتصاد الأمريكي.
كما يمثل الإغلاق اختباراً حقيقياً لقدرة النظام السياسي الأمريكي على التوصل إلى تسويات في ظل الانقسام الحزبي العميق.
 فبينما يرى الجمهوريون أن الإغلاق ضرورة لتحقيق "انضباط مالي"، يعتبر الديمقراطيون أنه ابتزاز سياسي يحمّل المواطنين تبعات الخلافات الحزبية.
ويرى محللون أن طول مدة الإغلاق يعمّق الفجوة بين مؤسسات الدولة والمجتمع، ويضعف الثقة في قدرة الحكومة على إدارة شؤونها بفعالية. كما قد تكون له تداعيات على الانتخابات المقبلة، حيث سيسعى كل طرف إلى تحميل الآخر مسؤولية الأزمة.
ورغم استمرار المفاوضات، لا تزال الحلول النهائية بعيدة المنال. ومن المتوقع أن تلجأ الإدارة إلى اتفاق تمويل مؤقت لتخفيف الضغط، ريثما تُستأنف المناقشات حول الميزانية الشاملة.
لكن حتى في حال التوصل إلى تسوية، فإن تداعيات الإغلاق ستظل حاضرة، سواء على مستوى الأداء المؤسسي أو الثقة العامة، وربما تفتح الباب أمام نقاش واسع حول إصلاح آلية اعتماد الميزانية في النظام الفيدرالي.


منال العابدي