ازدادت مخاوف المهاجرين مع إعلان نتائج الدور الأول للانتخابات التشريعية المبكرة في فرنسا. فقد حلّ حزب أقصى اليمين المتطرف "التجمع الوطني" وحلفاؤه في المرتبة الأولى، بنسبة تفوق الـ34 بالمائة من الأصوات، يليه تحالف اليسار "الجبهة الشعبية الوطنية" التي فازت بحوالي 29 بالمائة من الأصوات وحلّت كتلة الحزب الحاكم في المرتبة الثالثة بنسبة تقدر بـ20 بالمائة من الأصوات.
طبعا لا تعتبر الأمور محسومة مسبقا وقد تتكون جبهة صدّ سياسية موحدة (يسار وجمهوريون بالخصوص) في الدور الثاني للانتخابات، لكن لم يسبق أن كان قصر "ماتينيون" قريبا من أقصى اليمين المتطرف بهذا الشكل ومن زعيم "التجمع الوطني" جوردان بارديلا الذي لا يخفي عداءه للمهاجرين. فهو قد يكون الوزير الأول القادم في صورة فوز حزبه وحلفائه بالأغلبية المطلقة في هذه الانتخابات السابقة لأوانها، ليفرض بذلك التعايش على الرئيس إيمانيال ماكرون للفترة المتبقية في حكمه وهي ثلاث سنوات.
نتائج هذه الانتخابات كانت متوقعة وأكدتها جل استطلاعات الرأي. فقد تنامت الهواجس الأمنية في السنوات الأخيرة واستفحلت المشاكل الاجتماعية، الأمر الذي ساعد على تغلغل أقصى اليمين الذي فاز أيضا في الانتخابات الأوروبية (انتظمت منذ أيام) ودفع الرئيس ماكرون الى الإعلان عن انتخابات تشريعية مبكرة (9 جوان) مثلت مفاجأة لتأتي النتائج مخيبة للآمال. فقد خسرت كتلة الرئيس أغلبيتها النسبية، ويتوقع أن تكون ممثلة في الجمعية العامة الجديدة بستين نائبا (60) على أقصى تقدير، من مجموع 577 نائبا.
وفي المقابل وكما سبق أن ذكرنا، قد تحدث جبهة اليسار الموحّد مفاجأة بعد دعوات الرئيس الفرنسي بنفسه، والعديد من التشكيلات السياسية اليسارية ومن بين معسكر اليمين، الى تجميع القوى من أجل الدفاع على قيم الجمهورية، إلا أن تمثيلية أقصى اليمين المتطرف لن تكون قليلة وفق كل التوقعات، مع ضرورة الإشارة الى أن اليمين ليس له موقف موحد للدور الثاني للانتخابات التشريعية وهناك من دعا بوضوح الى التصدي لأقصى اليسار وخاصة الى جماعة "فرنسا الأبيّة" بزعامة جون لوك ميلنشون.
وما هو واضح، هو أن الخارطة السياسية في فرنسا تتغير، ولكن ليس كما أراد الرئيس ماكرون لما أعلن عن انتخابات سابقة لأوانها وصفت بأنها "غير محسوبة العواقب"، من قبل جل الملاحظين، بل لصالح الفكر اليميني المتطرف. وطبيعي أن يثير ذلك مخاوف المهاجرين وهي مخاوف مشروعة، لأنّ فرنسا ظلت طويلا، رغم المد والجزر، ملتزمة بالفكر الجمهوري ومتمسكة بقيم الجمهورية.
فرنسا ظلت ذلك البلد الذي تتعايش على ترابه قوميات مختلفة، حتى أن فرنسا هي الدولة الوحيدة تقريبا التي "تجرأت" على المطالبة بما يعرف بالاستثناء الثقافي خلال المناقشات حول التجارة العالمية الحرة.
طبعا لن يكون الأمر على ما كان عليه قبل الانتخابات التشريعية المبكرة، لكن لا بد من التذكير بشيء مهم وهو أن فرنسا وغيرها من الدول المتقدمة قد بنت نهضتها على أكتاف المهاجرين وما كان لفرنسا بالذات أن تنهض دون جهود المغاربة الذين تجدهم في كل القطاعات. نفس الشيء بالنسبة لمهاجري إفريقيا جنوب الصحراء ومنهم من أفنى عمره في خدمتها.
وإذ لا نرى أي مجد أو أي ميزة لفكر سياسي يقوم على نكران جهود من خدم البلاد بالفكر والساعد، فإنه علينا أن نذكّر بحقيقة مهمة وهي أن فرنسا هي التي في حاجة الى المهاجرين أكثر مما هم في حاجة إليها. وهي حقيقة يمكن أن يكشفها الميدان. فشتّان بين الحملات الانتخابية وواقع الحال.
حياة السايب
ازدادت مخاوف المهاجرين مع إعلان نتائج الدور الأول للانتخابات التشريعية المبكرة في فرنسا. فقد حلّ حزب أقصى اليمين المتطرف "التجمع الوطني" وحلفاؤه في المرتبة الأولى، بنسبة تفوق الـ34 بالمائة من الأصوات، يليه تحالف اليسار "الجبهة الشعبية الوطنية" التي فازت بحوالي 29 بالمائة من الأصوات وحلّت كتلة الحزب الحاكم في المرتبة الثالثة بنسبة تقدر بـ20 بالمائة من الأصوات.
طبعا لا تعتبر الأمور محسومة مسبقا وقد تتكون جبهة صدّ سياسية موحدة (يسار وجمهوريون بالخصوص) في الدور الثاني للانتخابات، لكن لم يسبق أن كان قصر "ماتينيون" قريبا من أقصى اليمين المتطرف بهذا الشكل ومن زعيم "التجمع الوطني" جوردان بارديلا الذي لا يخفي عداءه للمهاجرين. فهو قد يكون الوزير الأول القادم في صورة فوز حزبه وحلفائه بالأغلبية المطلقة في هذه الانتخابات السابقة لأوانها، ليفرض بذلك التعايش على الرئيس إيمانيال ماكرون للفترة المتبقية في حكمه وهي ثلاث سنوات.
نتائج هذه الانتخابات كانت متوقعة وأكدتها جل استطلاعات الرأي. فقد تنامت الهواجس الأمنية في السنوات الأخيرة واستفحلت المشاكل الاجتماعية، الأمر الذي ساعد على تغلغل أقصى اليمين الذي فاز أيضا في الانتخابات الأوروبية (انتظمت منذ أيام) ودفع الرئيس ماكرون الى الإعلان عن انتخابات تشريعية مبكرة (9 جوان) مثلت مفاجأة لتأتي النتائج مخيبة للآمال. فقد خسرت كتلة الرئيس أغلبيتها النسبية، ويتوقع أن تكون ممثلة في الجمعية العامة الجديدة بستين نائبا (60) على أقصى تقدير، من مجموع 577 نائبا.
وفي المقابل وكما سبق أن ذكرنا، قد تحدث جبهة اليسار الموحّد مفاجأة بعد دعوات الرئيس الفرنسي بنفسه، والعديد من التشكيلات السياسية اليسارية ومن بين معسكر اليمين، الى تجميع القوى من أجل الدفاع على قيم الجمهورية، إلا أن تمثيلية أقصى اليمين المتطرف لن تكون قليلة وفق كل التوقعات، مع ضرورة الإشارة الى أن اليمين ليس له موقف موحد للدور الثاني للانتخابات التشريعية وهناك من دعا بوضوح الى التصدي لأقصى اليسار وخاصة الى جماعة "فرنسا الأبيّة" بزعامة جون لوك ميلنشون.
وما هو واضح، هو أن الخارطة السياسية في فرنسا تتغير، ولكن ليس كما أراد الرئيس ماكرون لما أعلن عن انتخابات سابقة لأوانها وصفت بأنها "غير محسوبة العواقب"، من قبل جل الملاحظين، بل لصالح الفكر اليميني المتطرف. وطبيعي أن يثير ذلك مخاوف المهاجرين وهي مخاوف مشروعة، لأنّ فرنسا ظلت طويلا، رغم المد والجزر، ملتزمة بالفكر الجمهوري ومتمسكة بقيم الجمهورية.
فرنسا ظلت ذلك البلد الذي تتعايش على ترابه قوميات مختلفة، حتى أن فرنسا هي الدولة الوحيدة تقريبا التي "تجرأت" على المطالبة بما يعرف بالاستثناء الثقافي خلال المناقشات حول التجارة العالمية الحرة.
طبعا لن يكون الأمر على ما كان عليه قبل الانتخابات التشريعية المبكرة، لكن لا بد من التذكير بشيء مهم وهو أن فرنسا وغيرها من الدول المتقدمة قد بنت نهضتها على أكتاف المهاجرين وما كان لفرنسا بالذات أن تنهض دون جهود المغاربة الذين تجدهم في كل القطاعات. نفس الشيء بالنسبة لمهاجري إفريقيا جنوب الصحراء ومنهم من أفنى عمره في خدمتها.
وإذ لا نرى أي مجد أو أي ميزة لفكر سياسي يقوم على نكران جهود من خدم البلاد بالفكر والساعد، فإنه علينا أن نذكّر بحقيقة مهمة وهي أن فرنسا هي التي في حاجة الى المهاجرين أكثر مما هم في حاجة إليها. وهي حقيقة يمكن أن يكشفها الميدان. فشتّان بين الحملات الانتخابية وواقع الحال.