إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

افتتاحية "الصباح".. بوادر انتعاشة...

 

بعد الأزمة الخانقة التي كادت تعصف بالبلاد، يبدو أن بوادر بداية تعافي الاقتصاد التونسي، بدأت تلوح وتظهر، في ظل المؤشرات الإيجابية، والتحسن التدريجي، الذي سجلته أغلب القطاعات، في الأشهر الخمسة الأولى من سنة 2024، واللافت أن هذا التعافي، يتحقق بعيدا عن صندوق النقد الدولي والمؤسسات المالية الدولية وشروطها المجحفة، والدول المانحة ومزايداتها المكشوفة، ووكالات التصنيف العالمي وحساباتها وأجنداتها، بعد أن عشنا على مدى السنوات الماضية، على وقع توقعات غرق تونس في مستنقع الإفلاس، وعجزها عن تسديد ديونها، دون أن ننسى حملات التشكيك التي انخرطت فيها عديد الجهات الداخلية والخارجية، لحسابات وأجندات سياسية.

  لا يخفى على أحد اليوم، أن بداية الانفراج، تعد في حد ذاتها انجازا مهما، ينبغي البناء عليها لمزيد الإنقاذ والتطوير، لاسيما أن هذا التحسن يأتي بعد فترة صعبة، وحالكة، وسط معاناة التونسيين من عدم توفر بعض المواد الأساسية، وتردي الأوضاع الاجتماعية، في وقت يقتضي من الأطراف المسؤولة، استخلاص الدروس والعبر، وبذل كل الجهود، من أجل تجاوز مثل هذه الإشكاليات، حتى لا يتكرر نفس السيناريو في المستقبل.

لم يكن من السهل أن تتمكن تونس من سداد جميع ديونها المحلية والخارجية سنة 2023، وإعلان التزامها بسداد ديونها سنة 2024، ولم يكن من اليسير أيضا بداية الخروج من عنق الزجاجة، بعد تحسن عديد المؤشرات، لعل أبرزها تطور بـ31،8 بالمائة في الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وارتفاع الصادرات بنسبة 4،8 بالمائة، وتطور العائدات السياحية بـ6 بالمائة، وتراجع عجز الميزان التجاري بنسبة 21 بالمائة، وغيرها من القطاعات الواعدة التي تجاوزت ركودها.

من المؤكد أن هذه الأرقام الإيجابية وغيرها، تمثل صفعة مدوية، لكل الأطراف الداخلية والجهات الخارجية، التي راهنت على فشل تونس في تجاوز أزمتها، حتى تكون بين "فكي" صندوق النقد الدولي، ليتسنى له إملاء شروطه مثلما يريد، لكن رغم أن معدل النمو في تونس في النصف الأول من العام لم يتجاوز 1،2 بالمائة، فان الآفاق تبدو واسعة، لمواصلة عملية الإنقاذ الاقتصادي بعيدا عن "سقفه"، لاسيما أن ذلك يبدو ممكنا، في ظل إرادة سياسية قوية، تتمسك بالسيادة الوطنية، وترفض الاملاءات والضغوطات.

لا ننسى أن الانتعاشة الاقتصادية المطلوبة، تتطلب خلق حركية تحول كل القطاعات إلى خلايا نحل، واتخاذ إجراءات تحفيزية، وخلق بيئة استثمارية وجاذبة، توفر خطوط التمويل، بعيدا عن الشروط التعجيزية للبنوك، لأنه دون إجراءات وتشجيعات، لن تعود عجلة الاقتصاد إلى الدوران، ولو أن كل التونسيين مطالبون بمضاعفة جهودهم، لاسيما أن آخر تقرير أكد أن 91 بالمائة من الموظفين التونسيين لا يلتزمون بأعمالهم.

ومهما تباينت المعطيات، واختلفت التوجهات والخيارات، فانه لا نجاح لتونس، دون تطوير تصوراتها وتجاوز طرقها التقليدية وقطاعاتها الكلاسيكية، مع المضي في التعويل على إمكانياتها الذاتية، وتنويع شراكاتها الدولية، بما يخدم مصالحها الاقتصادية.

محمد صالح الربعاوي

 

 

 

بعد الأزمة الخانقة التي كادت تعصف بالبلاد، يبدو أن بوادر بداية تعافي الاقتصاد التونسي، بدأت تلوح وتظهر، في ظل المؤشرات الإيجابية، والتحسن التدريجي، الذي سجلته أغلب القطاعات، في الأشهر الخمسة الأولى من سنة 2024، واللافت أن هذا التعافي، يتحقق بعيدا عن صندوق النقد الدولي والمؤسسات المالية الدولية وشروطها المجحفة، والدول المانحة ومزايداتها المكشوفة، ووكالات التصنيف العالمي وحساباتها وأجنداتها، بعد أن عشنا على مدى السنوات الماضية، على وقع توقعات غرق تونس في مستنقع الإفلاس، وعجزها عن تسديد ديونها، دون أن ننسى حملات التشكيك التي انخرطت فيها عديد الجهات الداخلية والخارجية، لحسابات وأجندات سياسية.

  لا يخفى على أحد اليوم، أن بداية الانفراج، تعد في حد ذاتها انجازا مهما، ينبغي البناء عليها لمزيد الإنقاذ والتطوير، لاسيما أن هذا التحسن يأتي بعد فترة صعبة، وحالكة، وسط معاناة التونسيين من عدم توفر بعض المواد الأساسية، وتردي الأوضاع الاجتماعية، في وقت يقتضي من الأطراف المسؤولة، استخلاص الدروس والعبر، وبذل كل الجهود، من أجل تجاوز مثل هذه الإشكاليات، حتى لا يتكرر نفس السيناريو في المستقبل.

لم يكن من السهل أن تتمكن تونس من سداد جميع ديونها المحلية والخارجية سنة 2023، وإعلان التزامها بسداد ديونها سنة 2024، ولم يكن من اليسير أيضا بداية الخروج من عنق الزجاجة، بعد تحسن عديد المؤشرات، لعل أبرزها تطور بـ31،8 بالمائة في الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وارتفاع الصادرات بنسبة 4،8 بالمائة، وتطور العائدات السياحية بـ6 بالمائة، وتراجع عجز الميزان التجاري بنسبة 21 بالمائة، وغيرها من القطاعات الواعدة التي تجاوزت ركودها.

من المؤكد أن هذه الأرقام الإيجابية وغيرها، تمثل صفعة مدوية، لكل الأطراف الداخلية والجهات الخارجية، التي راهنت على فشل تونس في تجاوز أزمتها، حتى تكون بين "فكي" صندوق النقد الدولي، ليتسنى له إملاء شروطه مثلما يريد، لكن رغم أن معدل النمو في تونس في النصف الأول من العام لم يتجاوز 1،2 بالمائة، فان الآفاق تبدو واسعة، لمواصلة عملية الإنقاذ الاقتصادي بعيدا عن "سقفه"، لاسيما أن ذلك يبدو ممكنا، في ظل إرادة سياسية قوية، تتمسك بالسيادة الوطنية، وترفض الاملاءات والضغوطات.

لا ننسى أن الانتعاشة الاقتصادية المطلوبة، تتطلب خلق حركية تحول كل القطاعات إلى خلايا نحل، واتخاذ إجراءات تحفيزية، وخلق بيئة استثمارية وجاذبة، توفر خطوط التمويل، بعيدا عن الشروط التعجيزية للبنوك، لأنه دون إجراءات وتشجيعات، لن تعود عجلة الاقتصاد إلى الدوران، ولو أن كل التونسيين مطالبون بمضاعفة جهودهم، لاسيما أن آخر تقرير أكد أن 91 بالمائة من الموظفين التونسيين لا يلتزمون بأعمالهم.

ومهما تباينت المعطيات، واختلفت التوجهات والخيارات، فانه لا نجاح لتونس، دون تطوير تصوراتها وتجاوز طرقها التقليدية وقطاعاتها الكلاسيكية، مع المضي في التعويل على إمكانياتها الذاتية، وتنويع شراكاتها الدولية، بما يخدم مصالحها الاقتصادية.

محمد صالح الربعاوي