اغتصاب، استهلاك مخدرات، جلسات خمرية، دعارة، جرائم ترتكب ليلا ونهارا في مبان ومنازل مهجورة حولها منحرفون إلى ملاذ ومأوى لهم لممارسة جميع أنواع الانحرافات وللتخفي في بعض الأحيان عن أعين الأمن.
صباح الشابي
ومن منا لا يتذكر جريمة الاغتصاب التي كانت ضحيتها فتاة تعمل بمركز نداء حيث تم تحويل وجهتها إلى منزل مهجور ذو طابقين بمنطقة برشلونة من قبل منحرفة ومنحرف وهناك تداول جناة على اغتصابها رغم توسلاتها لهم بترك سبيلها.
جريمة أخرى لا تقل فظاعة عن هذه الواقعة المأساوية جدت خلال 22 نوفمبر 2023، وتفيد تعرض سيدة كانت بصدد البحث عن منزل للكراء، إلى تحويل وجهة واغتصابها.
حيث كان زوجها بصدد البحث عن منزل للكراء فاتصل به صديق تعرف عليه خلال قضاء عقوبة سجنية سابقة، وعرض عليه منزلا بثمن زهيد وألح عليه لاصطحاب زوجته لمعاينة المنزل وفق زعمه.
وبتنقل الزوج وزوجته إلى المنزل أعلمه الطرف الثالث وهو الصديق بأن المنزل غير متوفر (كان يعقد فيه جلسة خمرية مع طرفين آخرين) وقد أوهم الزوج بأنه سيصطحب المرأة الى منزله مع زوجته، وبأن المنزل على بعد مسافة قريبة، ولا داعي لمرافقتهما.
ووفق الأبحاث الأولية فقد صرحت المتضررة بأن صديق زوجها لم يصطحبها إلى منزله بل إلى منزل مهجور أين التحق به أحد نُدمائه ومنعها من الفرار واعتدى عليها جنسيا.
وقبل ذلك فر زوج المتضررة من المنزل الذي عُقدت فيه الجلسة الخمرية واستنجد بالأجوار والوحدات الأمنية التي تنقلت على عين المكان وألقت القبض على الجاني رغم محاولته الفرار.
وباستشارة النيابة العمومية أذنت بالاحتفاظ بالجاني وإدراج آخرين بالتفتيش ، وبعرضهم على النيابة العمومية يوم أمس ، تم توجيه تهمة تحويل وجهة شخص باستعمال الحيلة ومواقعة انثى غصبا والمُشاركة في ذلك.
خلال 2020 تمكنت الوحدات الأمنية بالمحرس من القبض على أربعة شبان وفتاتين داخل منزل مهجور تتراوح أعمارهم بين 16 و27 سنة بصدد ممارسة الجنس واستهلاك المخدرات حيث كانت الوحدات الأمنية عثرت بحوزتهما على سبع قطع من مخدر القنب الهندي المعروف بـ"الزطلة" .
المنازل والمباني المهجورة مثلما قلنا ليست فقط بؤرة لارتكاب الجرائم بمختلف أنواعها بل كذلك ملاذا للمنحرفينَ ومرتكبي الجرائم على غرار منحرف كان ارتكب جريمة قتل مسنة بالقلعة الصغرى بعد سرقة كمية من مصوغها خلال شهر ديسمبر من سنة 2021 ثم تحصن بالفرار داخل منزل مهجور بالقلعة الصغرى وتمكن بغد ذلك أعوان فرقة الشرطة العدلية بسوسة المدينة بمعية فرقة مقاومة الإجرام بالقرجاني من إلقاء القبض عليه.
خلال شهر جانفي أيضا 2024 وإثر توفّر معلومات لدى الوحدات الأمنية التابعة لمصلحة المتابعة الميدانية بإدارة شرطة النجدة مفادها اندماج زوح وزوجته في ترويج المخدّرات، واستغلال منزل مهجور للتواري عن الأنظار بجهة فتح الله جبل الجلود، وقد قامت الوحدات الأمنية المذكورة بجملة من التحريات أفضت إلى القبض عليهما وبحوزتهما قطعة كبيرة الحجم من مخدّر الزطلة وميزان إلكتروني وآلة حادة.
وبالتحري معهما، تبين أن الزوج محل 7 مناشير تفتيش من أجل تورطه في قضايا "سلب وترويج مادة مخدرة والعنف والتحيل" و زوجته محل 5 مناشير تفتيش من أجل "تكوين وفاق إجرامي واستهلاك مادة مخدرة واقتحام محل".
جرائم لا تحصى ولا تعد "أبطالها" منحرفون ومنحرفات استغلوا المباني والمنازل المهجورة لممارسة شتى أنواع الجريمة.
في قراءته لهذه الظاهرة أوضح المختص في علم الاجتماع ممدوح عز الدين انه يمكن تفسير استغلال المنحرفين للمباني المهجورة من منظور سوسيولوجي من خلال عدة نظريات و مفاهيم فوفقا لنظرية " الإنتقال البيئي"لـ"شاو" و" مكاي" فإن المناطق الحضرية ذات الكثافة السكانية العالية والتحولات السريعة قد تفتقر إلى الروابط الاجتماعية القوية والإشراف الاجتماعي ،مما يخلف بيئة مواتية للانحراف، والمباني المهجورة قد تكون مؤشرا على تدهور المنطقة ،مما يجعلها ملاذا ٱمنا للأنشطة غير المشروعة.
أما" روبرت مرتون" فلقد إعتمد نظرية "الأنوميا" لتفسير هذه الظاهرة اذ أعتبر أن الفجوة بين الأهداف الاجتماعية والوسائل المتاحة لتحقيقها يمكن أن تؤدي الى "الأنوميا" ( الفوضى), فالاشخاص الذين يشعرون بأنهم لا يستطيعون تحقيق أهداف المجتمع من خلال الوسائل المشروعة قد يلجؤون إلى السلوكيات المنحرفة، والمباني المهجورة توفر مكانا لا يمكن ملاحظته لممارسة هذه الأنشطة بعيدا عن أعين السلطة والمجتمع.
" إدوين سذرلاند" طرح نظرية " التفاعل التفاضلي" و التي تقول أن الانحراف يتم تعلمه من خلال التفاعل مع الآخرين، فإذا كان هناك تواجد كبير للمنحرفين في منطقة معينة فإن الأفراد الأكثر عرضة للانحراف قد يتعلمون هذه السلوكيات و يشاركون فيها ،المباني المهجورة قد تصبح نقاط تجمع للمنحرفين حيث يتعلمون ويعززون سلوكياتهم الاجرامية.
" هوارد بيكر" ضمن نظرية "التسمية" اقترح أن الأشخاص قد يتجهون نحو الانحراف عندما يتم وصمهم كمنحرفين.المباني المهجورة قد تعتبر مناطق وصم حيث يشعر الأفراد بأنه في إمكانهم ممارسة سلوكياتهم دون خوف من الاحكام المجتمعية ،مما يعزز من ميلهم نحو الانحراف.
نظرية الضبط الاجتماعي..
أما نظرية الضبط الاجتماعي فتبين كيف أن غياب الروابط والعلاقات الاجتماعية القوية يمكن أن يؤدي إلى السلوك المنحرف، المباني المهجورة قد تكون في مناطق تفتقر الى الضبط الاجتماعي الفعال ،مما يوفر بيئة مناسبة للمنحرفين لاستغلالها..
مواجهة الظاهرة..
تتطلب مواجهة هذه الظاهرة نهجا شاملا يجمع بين التدخلات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية من قبيل إعادة تأهيل المباني المهجورة وتحويلها إلى منشٱت سكنية أو مشاريع اقتصادية وتطبيق القانون وزيادة الوجود الأمني في المناطق التي تحتوي على مبان مهجورة إضافة إلى ضرورة تقديم الدعم الاقتصادي والاجتماعي من خلال توفير فرص العمل والتعليم والدعم الاجتماعي للفئات المعرضة للانحراف، والتعاون بين السلطات المحلية ومنظمات المجتمع المدني والسكان المحليين لتطوير خطط مستدامة للتعامل مع المباني المهجورة وضمان مراقبتها بشكل مستمر، وتنفيذ برامج للوقاية والتدخل المبكر التي تستهدف الشبان المعرضين للخطر وتوفر لهم بديلا للانحراف يمكن أن يكون فعالا في الحد من هذه الظاهرة.
إصلاح السياسات الحضرية
كما لا بد من الإشارة إلى ضرورة إصلاح السياسات الحضرية وتطويرها بهدف توزيع الخدمات والموارد بشكل عادل بين الأحياء المختلفة مما يمنع تدهور بعض المناطق وتحولها إلى بيئات محفزة للانحراف كما يجب القيام بحملات للتوعية والتثقيف حول مخاطر استخدام المباني المهجورة وتقديم معلومات عن كيفية الإبلاغ عن الأنشطة المشبوهة يمكن أن يساعد في الوقاية من الظاهرة.
تونس-الصباح
اغتصاب، استهلاك مخدرات، جلسات خمرية، دعارة، جرائم ترتكب ليلا ونهارا في مبان ومنازل مهجورة حولها منحرفون إلى ملاذ ومأوى لهم لممارسة جميع أنواع الانحرافات وللتخفي في بعض الأحيان عن أعين الأمن.
صباح الشابي
ومن منا لا يتذكر جريمة الاغتصاب التي كانت ضحيتها فتاة تعمل بمركز نداء حيث تم تحويل وجهتها إلى منزل مهجور ذو طابقين بمنطقة برشلونة من قبل منحرفة ومنحرف وهناك تداول جناة على اغتصابها رغم توسلاتها لهم بترك سبيلها.
جريمة أخرى لا تقل فظاعة عن هذه الواقعة المأساوية جدت خلال 22 نوفمبر 2023، وتفيد تعرض سيدة كانت بصدد البحث عن منزل للكراء، إلى تحويل وجهة واغتصابها.
حيث كان زوجها بصدد البحث عن منزل للكراء فاتصل به صديق تعرف عليه خلال قضاء عقوبة سجنية سابقة، وعرض عليه منزلا بثمن زهيد وألح عليه لاصطحاب زوجته لمعاينة المنزل وفق زعمه.
وبتنقل الزوج وزوجته إلى المنزل أعلمه الطرف الثالث وهو الصديق بأن المنزل غير متوفر (كان يعقد فيه جلسة خمرية مع طرفين آخرين) وقد أوهم الزوج بأنه سيصطحب المرأة الى منزله مع زوجته، وبأن المنزل على بعد مسافة قريبة، ولا داعي لمرافقتهما.
ووفق الأبحاث الأولية فقد صرحت المتضررة بأن صديق زوجها لم يصطحبها إلى منزله بل إلى منزل مهجور أين التحق به أحد نُدمائه ومنعها من الفرار واعتدى عليها جنسيا.
وقبل ذلك فر زوج المتضررة من المنزل الذي عُقدت فيه الجلسة الخمرية واستنجد بالأجوار والوحدات الأمنية التي تنقلت على عين المكان وألقت القبض على الجاني رغم محاولته الفرار.
وباستشارة النيابة العمومية أذنت بالاحتفاظ بالجاني وإدراج آخرين بالتفتيش ، وبعرضهم على النيابة العمومية يوم أمس ، تم توجيه تهمة تحويل وجهة شخص باستعمال الحيلة ومواقعة انثى غصبا والمُشاركة في ذلك.
خلال 2020 تمكنت الوحدات الأمنية بالمحرس من القبض على أربعة شبان وفتاتين داخل منزل مهجور تتراوح أعمارهم بين 16 و27 سنة بصدد ممارسة الجنس واستهلاك المخدرات حيث كانت الوحدات الأمنية عثرت بحوزتهما على سبع قطع من مخدر القنب الهندي المعروف بـ"الزطلة" .
المنازل والمباني المهجورة مثلما قلنا ليست فقط بؤرة لارتكاب الجرائم بمختلف أنواعها بل كذلك ملاذا للمنحرفينَ ومرتكبي الجرائم على غرار منحرف كان ارتكب جريمة قتل مسنة بالقلعة الصغرى بعد سرقة كمية من مصوغها خلال شهر ديسمبر من سنة 2021 ثم تحصن بالفرار داخل منزل مهجور بالقلعة الصغرى وتمكن بغد ذلك أعوان فرقة الشرطة العدلية بسوسة المدينة بمعية فرقة مقاومة الإجرام بالقرجاني من إلقاء القبض عليه.
خلال شهر جانفي أيضا 2024 وإثر توفّر معلومات لدى الوحدات الأمنية التابعة لمصلحة المتابعة الميدانية بإدارة شرطة النجدة مفادها اندماج زوح وزوجته في ترويج المخدّرات، واستغلال منزل مهجور للتواري عن الأنظار بجهة فتح الله جبل الجلود، وقد قامت الوحدات الأمنية المذكورة بجملة من التحريات أفضت إلى القبض عليهما وبحوزتهما قطعة كبيرة الحجم من مخدّر الزطلة وميزان إلكتروني وآلة حادة.
وبالتحري معهما، تبين أن الزوج محل 7 مناشير تفتيش من أجل تورطه في قضايا "سلب وترويج مادة مخدرة والعنف والتحيل" و زوجته محل 5 مناشير تفتيش من أجل "تكوين وفاق إجرامي واستهلاك مادة مخدرة واقتحام محل".
جرائم لا تحصى ولا تعد "أبطالها" منحرفون ومنحرفات استغلوا المباني والمنازل المهجورة لممارسة شتى أنواع الجريمة.
في قراءته لهذه الظاهرة أوضح المختص في علم الاجتماع ممدوح عز الدين انه يمكن تفسير استغلال المنحرفين للمباني المهجورة من منظور سوسيولوجي من خلال عدة نظريات و مفاهيم فوفقا لنظرية " الإنتقال البيئي"لـ"شاو" و" مكاي" فإن المناطق الحضرية ذات الكثافة السكانية العالية والتحولات السريعة قد تفتقر إلى الروابط الاجتماعية القوية والإشراف الاجتماعي ،مما يخلف بيئة مواتية للانحراف، والمباني المهجورة قد تكون مؤشرا على تدهور المنطقة ،مما يجعلها ملاذا ٱمنا للأنشطة غير المشروعة.
أما" روبرت مرتون" فلقد إعتمد نظرية "الأنوميا" لتفسير هذه الظاهرة اذ أعتبر أن الفجوة بين الأهداف الاجتماعية والوسائل المتاحة لتحقيقها يمكن أن تؤدي الى "الأنوميا" ( الفوضى), فالاشخاص الذين يشعرون بأنهم لا يستطيعون تحقيق أهداف المجتمع من خلال الوسائل المشروعة قد يلجؤون إلى السلوكيات المنحرفة، والمباني المهجورة توفر مكانا لا يمكن ملاحظته لممارسة هذه الأنشطة بعيدا عن أعين السلطة والمجتمع.
" إدوين سذرلاند" طرح نظرية " التفاعل التفاضلي" و التي تقول أن الانحراف يتم تعلمه من خلال التفاعل مع الآخرين، فإذا كان هناك تواجد كبير للمنحرفين في منطقة معينة فإن الأفراد الأكثر عرضة للانحراف قد يتعلمون هذه السلوكيات و يشاركون فيها ،المباني المهجورة قد تصبح نقاط تجمع للمنحرفين حيث يتعلمون ويعززون سلوكياتهم الاجرامية.
" هوارد بيكر" ضمن نظرية "التسمية" اقترح أن الأشخاص قد يتجهون نحو الانحراف عندما يتم وصمهم كمنحرفين.المباني المهجورة قد تعتبر مناطق وصم حيث يشعر الأفراد بأنه في إمكانهم ممارسة سلوكياتهم دون خوف من الاحكام المجتمعية ،مما يعزز من ميلهم نحو الانحراف.
نظرية الضبط الاجتماعي..
أما نظرية الضبط الاجتماعي فتبين كيف أن غياب الروابط والعلاقات الاجتماعية القوية يمكن أن يؤدي إلى السلوك المنحرف، المباني المهجورة قد تكون في مناطق تفتقر الى الضبط الاجتماعي الفعال ،مما يوفر بيئة مناسبة للمنحرفين لاستغلالها..
مواجهة الظاهرة..
تتطلب مواجهة هذه الظاهرة نهجا شاملا يجمع بين التدخلات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية من قبيل إعادة تأهيل المباني المهجورة وتحويلها إلى منشٱت سكنية أو مشاريع اقتصادية وتطبيق القانون وزيادة الوجود الأمني في المناطق التي تحتوي على مبان مهجورة إضافة إلى ضرورة تقديم الدعم الاقتصادي والاجتماعي من خلال توفير فرص العمل والتعليم والدعم الاجتماعي للفئات المعرضة للانحراف، والتعاون بين السلطات المحلية ومنظمات المجتمع المدني والسكان المحليين لتطوير خطط مستدامة للتعامل مع المباني المهجورة وضمان مراقبتها بشكل مستمر، وتنفيذ برامج للوقاية والتدخل المبكر التي تستهدف الشبان المعرضين للخطر وتوفر لهم بديلا للانحراف يمكن أن يكون فعالا في الحد من هذه الظاهرة.
إصلاح السياسات الحضرية
كما لا بد من الإشارة إلى ضرورة إصلاح السياسات الحضرية وتطويرها بهدف توزيع الخدمات والموارد بشكل عادل بين الأحياء المختلفة مما يمنع تدهور بعض المناطق وتحولها إلى بيئات محفزة للانحراف كما يجب القيام بحملات للتوعية والتثقيف حول مخاطر استخدام المباني المهجورة وتقديم معلومات عن كيفية الإبلاغ عن الأنشطة المشبوهة يمكن أن يساعد في الوقاية من الظاهرة.