إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

المرسومان عدد 5 و9 ساهما في تلاشيه.. الشرطة البيئية سلك دون نظام أساسي "تاه" وسط تداخل المهام!

 

تونس – الصباح

  منذ صدور المرسوم عدد 5 لسنة 2023 بالرائد الرسمي في 25 فيفري 2023 ويتعلق بتنقيح وإتمام القانون عدد 59 لسنة 2006 المؤرخ في 14 أوت 2006 والمتعلق بمخالفة تراتيب حفظ الصحة والنظافة العامة بالمناطق الراجعة للجماعات المحلية، وبتكليف أعوان محلفين ومؤهلين من الجماعات في الصنف "أ" و"ب" وعند الاقتضاء "س" لتكوينهم في المهام الموكولة لهم مع إسنادهم بطاقة مهنية في الغرض لمباشرة مهامهم في تحرير المخالفات الصحية بعد تلقي تكوين خاص، لا يزال الغموض وغياب قانون أساسي يحدد وينظم مهام الهياكل والأجهزة والأسلاك المتداخلة في مسألة المهام العملية والمهنية والرقابة والردع للمخالفات البلدية والبيئية، يلقي بظلاله على مسألة نظافة البيئة والمحيط والسلامة الصحية في المدن والمناطق الحضرية والساحلية وغيرها. وقد كشفت زيارة رئيس الجمهورية قيس سعيد أول أمس إلى الإدارة الفرعية للمعدات والإدارة الفرعية للنظافة التابعين لبلدية تونس العاصمة، عن حجم النقائص والإخلالات التي تستدعي مراجعة شاملة لمنظومة القوانين المعمول بها.

إذ لم تتم مراجعة القوانين المنظمة للعملية مثلما أشار إلى ذلك المرسوم 5 الصادر منذ أكثر من عام، ليزداد التداخل  بعد صدور المرسوم عدد 9 في 8 مارس 2023 ويتعلق بحلّ جميع المجالس البلدية إلى حين انتخاب مجالس بلدية جديدة. ونص في فصله الثاني على أنه "تعهد للمكلف بالكتابة العامة للبلدية، تحت إشراف والي الجهة، مهمة تسيير الشؤون العادية للبلدية وإدارتها".

إذ اعتبر البعض أن المرسوم الأول أي الخامس يقضي بحل سلك الشرطة البيئية الذي تم بعثه رسميا في جوان 2017 كجهاز أمني جديد، مكلف برصد المخالفات البيئية المتعلقة بالاعتداء على الثروات الطبيعية، وضبط المخالفات التي يرقى البعض منها إلى رتبة جريمة، باعتبار أنه جاء في خضم جدل حول هذا السلك والمطالب المرفوعة للمطالبة بمراجعة سياسية الدولة في التعاطي مع الحوكمة المحلية لمقاومة مظاهر الفساد وانتشار وتفشي البناء والانتصاب الفوضوي وتكدس الأوساخ ورمي الفضلات في السواحل والأودية والاعتداءات المتواصلة على المناطق الخضراء وتحويل بعضها إلى مصبات عشوائية لـ"للزبلة" ودور الجماعات المحلية والبلديات والسلط المحلية والجهوية في معالجة هذه الظواهر.

فيما يرى محمد الضيفي، الخبير في الحوكمة المحلية، أن الشرطة البيئية هو سلك مختلف عن بقية الأسلاك الأمنية أو غيرها باعتبار أنه "ولد أعرج" ورغم وضع برنامج لتكوين أعوانه في البداية إلا أنه لا يزال منذ سبع سنوات تقريبا دون قانون أساسي ينظمه. معتبرا أن إلحاقه بالبلديات والأسلاك الأمنية يؤكد فشل هذه التجربة. وأضاف الضيفي في حديثه حول هذه المسألة لـ"الصباح" قائلا:"من الأخطاء التي حدثت في هذا السياق أنه تم بعث سلك الشرطة البيئية لكن دون أن يتم وضع قانون أساسي خاص بهذا الجهاز، على غرار ما حدث مؤخرا بعد إرساء المجالس المحلية والجهوية وانطلاقها قانونيا في العمل دون أن يتم وضع قانون أساسي ينظم سير عملها ومهام أعضائها. وهذا في تقديري ما ساهم في فشل وتلاشي سلك الشرطة البيئية لأنه منذ البداية كان خيارا فاشلا".

كما أوضح الخبير في الحوكمة المحلية أن المرسوم عدد 5 دعا إلى ضرورة مراجعة القوانين المنظمة لسير عمل الجماعات المحلية ولكنه مر أكثر من سنة ولم يتم العمل بما جاء في المرسوم. واعتبر أنه بعد حل سلك التراتيب البلدية سنة 2012 وإلحاق عناصره بالأمن الوطني وعدم تعويضه لسلك آخر، واجهت البلديات صعوبات كبيرة بسبب عدم وجود سلك رادع الأمر الذي أدى إلى تفشي ظواهر البناء الفوضوي والاعتداء على أملاك الدولة والمنشآت العمومية والفوضى في عدة قطاعات ومجالات، في المقابل عجزت البلديات عن التصدي لذلك، رغم تعزيز أعوان وعملة النظافة التابعين لها بعد تسوية وضعيات وإلحاق أعداد كبيرة بالبلديات. فيما يرى رئيس بلدية سابق  أنه كان أجدى، وفق ما جاء في المرسوم عدد 5 التوجه إلى دعم مراقبة التراتيب البلدية خاص أنه يسمح للبلديات بحرية التصرف في الميزانية والاعتمادات لتتمكّن من الترفيع في عدد الأعوان الذين يملكون الحق في الاستعانة بالأمن العمومي، بعد أن تم التخلّي عن زيّهم النظامي، ولكن حل البلديات ودون تقديم خيارات وبرامج بديلة والبطء في المرور إلى المرحلة اللاحقة والضبابية حول المسألة ساهمت كلها في تردي الوضعية.

 وحمّل الضيفي الولاة مسؤولية تردي الوضع في مستوى النظافة بسبب تكدس الفضلات وانتشار المصبات العشوائية والبناء الفوضوي دون تراخيص وما يلحقه من تشويه لجمالية المدن ودون مراعاة شروط ومعايير الصرف الصحي وقال:"في تقديري الولاة لم يستجيبوا لما دعا له المرسوم عدد 9 بعد حل البلديات ولم يقوموا بواجبهم حسب ما ينص على ذلك القانون إلى حد الآن".

في جانب آخر من حديثه عن نفس المسألة اعتبر محمد الضيفي أن غياب قوانين أساسية منظمة لكل سلك أو هيكل والتداخل في المهام بين عدة وزارات ومؤسسات وهياكل من العوامل التي ساهمت في تأزيم الوضع. موضحا أن كل ذلك من بين الأسباب التي يعتمدها البعض في دفاعه ودعوته لضرورة إعادة بعث الشرطة البلدية ليكون سلكا تابعا للبلديات له كامل الصلاحيات الرقابية والردعية في مثل هذه المسائل.

نزيهة الغضباني   

المرسومان عدد 5 و9 ساهما في تلاشيه..   الشرطة البيئية سلك دون نظام أساسي "تاه" وسط تداخل المهام!

 

تونس – الصباح

  منذ صدور المرسوم عدد 5 لسنة 2023 بالرائد الرسمي في 25 فيفري 2023 ويتعلق بتنقيح وإتمام القانون عدد 59 لسنة 2006 المؤرخ في 14 أوت 2006 والمتعلق بمخالفة تراتيب حفظ الصحة والنظافة العامة بالمناطق الراجعة للجماعات المحلية، وبتكليف أعوان محلفين ومؤهلين من الجماعات في الصنف "أ" و"ب" وعند الاقتضاء "س" لتكوينهم في المهام الموكولة لهم مع إسنادهم بطاقة مهنية في الغرض لمباشرة مهامهم في تحرير المخالفات الصحية بعد تلقي تكوين خاص، لا يزال الغموض وغياب قانون أساسي يحدد وينظم مهام الهياكل والأجهزة والأسلاك المتداخلة في مسألة المهام العملية والمهنية والرقابة والردع للمخالفات البلدية والبيئية، يلقي بظلاله على مسألة نظافة البيئة والمحيط والسلامة الصحية في المدن والمناطق الحضرية والساحلية وغيرها. وقد كشفت زيارة رئيس الجمهورية قيس سعيد أول أمس إلى الإدارة الفرعية للمعدات والإدارة الفرعية للنظافة التابعين لبلدية تونس العاصمة، عن حجم النقائص والإخلالات التي تستدعي مراجعة شاملة لمنظومة القوانين المعمول بها.

إذ لم تتم مراجعة القوانين المنظمة للعملية مثلما أشار إلى ذلك المرسوم 5 الصادر منذ أكثر من عام، ليزداد التداخل  بعد صدور المرسوم عدد 9 في 8 مارس 2023 ويتعلق بحلّ جميع المجالس البلدية إلى حين انتخاب مجالس بلدية جديدة. ونص في فصله الثاني على أنه "تعهد للمكلف بالكتابة العامة للبلدية، تحت إشراف والي الجهة، مهمة تسيير الشؤون العادية للبلدية وإدارتها".

إذ اعتبر البعض أن المرسوم الأول أي الخامس يقضي بحل سلك الشرطة البيئية الذي تم بعثه رسميا في جوان 2017 كجهاز أمني جديد، مكلف برصد المخالفات البيئية المتعلقة بالاعتداء على الثروات الطبيعية، وضبط المخالفات التي يرقى البعض منها إلى رتبة جريمة، باعتبار أنه جاء في خضم جدل حول هذا السلك والمطالب المرفوعة للمطالبة بمراجعة سياسية الدولة في التعاطي مع الحوكمة المحلية لمقاومة مظاهر الفساد وانتشار وتفشي البناء والانتصاب الفوضوي وتكدس الأوساخ ورمي الفضلات في السواحل والأودية والاعتداءات المتواصلة على المناطق الخضراء وتحويل بعضها إلى مصبات عشوائية لـ"للزبلة" ودور الجماعات المحلية والبلديات والسلط المحلية والجهوية في معالجة هذه الظواهر.

فيما يرى محمد الضيفي، الخبير في الحوكمة المحلية، أن الشرطة البيئية هو سلك مختلف عن بقية الأسلاك الأمنية أو غيرها باعتبار أنه "ولد أعرج" ورغم وضع برنامج لتكوين أعوانه في البداية إلا أنه لا يزال منذ سبع سنوات تقريبا دون قانون أساسي ينظمه. معتبرا أن إلحاقه بالبلديات والأسلاك الأمنية يؤكد فشل هذه التجربة. وأضاف الضيفي في حديثه حول هذه المسألة لـ"الصباح" قائلا:"من الأخطاء التي حدثت في هذا السياق أنه تم بعث سلك الشرطة البيئية لكن دون أن يتم وضع قانون أساسي خاص بهذا الجهاز، على غرار ما حدث مؤخرا بعد إرساء المجالس المحلية والجهوية وانطلاقها قانونيا في العمل دون أن يتم وضع قانون أساسي ينظم سير عملها ومهام أعضائها. وهذا في تقديري ما ساهم في فشل وتلاشي سلك الشرطة البيئية لأنه منذ البداية كان خيارا فاشلا".

كما أوضح الخبير في الحوكمة المحلية أن المرسوم عدد 5 دعا إلى ضرورة مراجعة القوانين المنظمة لسير عمل الجماعات المحلية ولكنه مر أكثر من سنة ولم يتم العمل بما جاء في المرسوم. واعتبر أنه بعد حل سلك التراتيب البلدية سنة 2012 وإلحاق عناصره بالأمن الوطني وعدم تعويضه لسلك آخر، واجهت البلديات صعوبات كبيرة بسبب عدم وجود سلك رادع الأمر الذي أدى إلى تفشي ظواهر البناء الفوضوي والاعتداء على أملاك الدولة والمنشآت العمومية والفوضى في عدة قطاعات ومجالات، في المقابل عجزت البلديات عن التصدي لذلك، رغم تعزيز أعوان وعملة النظافة التابعين لها بعد تسوية وضعيات وإلحاق أعداد كبيرة بالبلديات. فيما يرى رئيس بلدية سابق  أنه كان أجدى، وفق ما جاء في المرسوم عدد 5 التوجه إلى دعم مراقبة التراتيب البلدية خاص أنه يسمح للبلديات بحرية التصرف في الميزانية والاعتمادات لتتمكّن من الترفيع في عدد الأعوان الذين يملكون الحق في الاستعانة بالأمن العمومي، بعد أن تم التخلّي عن زيّهم النظامي، ولكن حل البلديات ودون تقديم خيارات وبرامج بديلة والبطء في المرور إلى المرحلة اللاحقة والضبابية حول المسألة ساهمت كلها في تردي الوضعية.

 وحمّل الضيفي الولاة مسؤولية تردي الوضع في مستوى النظافة بسبب تكدس الفضلات وانتشار المصبات العشوائية والبناء الفوضوي دون تراخيص وما يلحقه من تشويه لجمالية المدن ودون مراعاة شروط ومعايير الصرف الصحي وقال:"في تقديري الولاة لم يستجيبوا لما دعا له المرسوم عدد 9 بعد حل البلديات ولم يقوموا بواجبهم حسب ما ينص على ذلك القانون إلى حد الآن".

في جانب آخر من حديثه عن نفس المسألة اعتبر محمد الضيفي أن غياب قوانين أساسية منظمة لكل سلك أو هيكل والتداخل في المهام بين عدة وزارات ومؤسسات وهياكل من العوامل التي ساهمت في تأزيم الوضع. موضحا أن كل ذلك من بين الأسباب التي يعتمدها البعض في دفاعه ودعوته لضرورة إعادة بعث الشرطة البلدية ليكون سلكا تابعا للبلديات له كامل الصلاحيات الرقابية والردعية في مثل هذه المسائل.

نزيهة الغضباني