إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

الهشاشة في تونس.. من الهجرة غير النظامية والاقتصاد غير النظامي.. إلى دور الاقتصاد التضامني في تحسين الواقع الاجتماعي

 

تونس -الصباح

تناولت الندوة الحوارية لـ"المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية"، التي انعقدت أمس بالعاصمة قراءات مختلفة لنماذج من الهشاشة في تونس، حيث قام الباحث في علم الاجتماع سفيان جاب الله في المداخلة الأولى، بتشخيص ما هو غير نظامي، انطلاقا من تناول سوسيولوجي لظاهرتي الهجرة غير النظامية والاقتصاد غير النظامي واختار عنوان لها: "من الشارع إلى البحر أو السياسيات العمومية الجديدة في تونس لمقاربة كل ما هو غير نظامي".

أما الدراسة الثانية فتناولت وجها من وجوه معالجة الهشاشة، عبر عرض الأستاذة الجامعية اختصاص ديمغرافيا سناء نقيرا، الدور الذي يمكن أن يتخذه الاقتصاد الاجتماعي والتضامني في الجهات من أجل تحقيق التغيير.

وسعى سفيان جاب الله الباحث في علم الاجتماع، من خلال الورقة العلمية التي قدمها أمس، تقديم تشخيص للسياسات التي تعتمدها الدولة، قبل الثورة وبعد الثورة وقبل 25 جويلية وبعده، في تعاملها مع ما هو غير نظامي وتبيان مستوى التغيرات فيها. واتخذ الهجرة غير النظامية والاقتصاد غير النظامي أو الاقتصاد الحدودي كحقل بحث. وكيف تعالج الدولة السوق غير النظامي ومقاربة الهجرة غير النظامية التي تربط أساسا بمتغيرات جيوسياسية ومتغيرات سياسية داخلية وخارجية.

ورأى أن ما هو مشترك بين الهجرة غير النظامية والاقتصاد غير النظامي، وقع التطرق له في عديد الدراسات التي اشتغلت على الظواهر المذكورة، ويمكن تلخيصها في 4 مستويات، الأول هو مسالة الهشاشة أو طبقة "البريكاريا"، وهي طبقة جديدة تعيش خارج أسوار كل ما هو نظامي وقانوني واقتصادي واجتماعي وتعاقدي في المجتمع، تعاني من الهشاشة والتهميش وعدم تكافؤ الفرص، لا تجد لها الدولة حلولا.

أما المستوى الثاني فيهم علاقات القرابة، فحين تفشل دمقرطة ما هو اقتصادي واجتماعي في المناطق الداخلية، تعود الجماعات إلى ما هو قبلي وما هو أولي، وهي علاقات القرابة والقبلية التي توفر حماية وتأمينا وتعاضدا لهذه الجماعات.

والمستوى الثالث هو القرب، فالمهاجرون غير النظاميين ( تونسيون أو أفارقة من دول جنوب الصحراء) مثلا ينتقلون إلى المناطق الساحلية ويختارون ولايات بعينها بهدف الاقتراب من نقاط الانطلاق لتحقيق مورد تحقيق الثروة وهي الهجرة.

أما المستوى الرابع فهو الحوز، وهو الأمر الذي نفسر به "حوز" أو "احتلال"، الباعة غير النظاميين لشارع معين أو المهاجرين غير النظاميين لمنطقة معينة، الهدف منه تحويله لمورد ثابت لتحقيق ذلك المكسب أي الهجرة أو المكسب الاقتصادي.

والمستوى الخامس، يمثل السلطة فلا يمكن لهذه العوامل أن تتواجد لولا تواجد الدولة عبر السلطة الأمنية، أما لتعديل هذا الاقتصاد غير النظامي أو الهجرة غير النظامية. وهو أمر دأبت عليه السلطة. ففي علاقة بالاقتصاد غير النظامي تعاملت معه قبل الثورة بشكل براغماتي، بهدف الحفاظ على السلم المجتمعي وتقوية المقدرة الشرائية وتحقيق سياسات معينة منها الانتخابي. والآن غيرت الدولة هذه السياسيات واختارت مقاربة بالأساس أمنية في علاقة بالهجرة غير النظامية والاقتصاد غير النظامي، حاولت الورقة العلمية فهمها وتفسيرها.

وبين سفيان جاب الله انه وفي خصوص الهجرة غير النظامية، اختار المقاربة الأمنية بحثا عن اعتراف دولي للنظام الجديد وتحسين شروط التفاوض في علاقة بكل ما هو تمويل، حيث أفادت من جانبها الأستاذة الجامعية اختصاص ديمغرافيا سناء نقيرا، أهمية الاقتصاد التضامي والاجتماعي في المناطق الداخلية، والأكثر فقرا، باعتبار أن القصرين تحتل المراتب الأولى في الفقر أين يسجل فيها تقريبا ضعف المعدل الوطني. وانطلاقا من النتائج التي خلصت إليها الدراسة التي جاءت تحت عنوان: "دور الاقتصاد التضامني والاجتماعي في الجهات"، تبين أن اعتماد هذا النوع من التنظيم الاقتصادي، الجمعيات التنموية مثلا، يمكن الخروج من الهشاشة الاجتماعية، وبقدر ما تسجل المنطقة عددا من الجمعيات التنموية ومشاريع ممولة بقدر ما يكون هناك خلق لمواطن الشغل في تلك المناطق. وبالتالي نكون بصدد تحقيق احد أسس الاقتصاد التضامني وهو إدماج الفئة الهشة بخلق مواطن شغل.

الجزء الثاني من الدراسة تناول تجربة الشركات التعاونية الفلاحية التي تشتغل على تثمين إنتاج الطماطم ( تجفيف وتحويل وتنويع وجهات ترويجها وطنيا وباتجاه التصدير)، وهي تجربة بينت أن التعاضد والتعاون بين نحو 187 فلاحا وفلاحة يمكنهم من تحسين المؤشرات الاقتصادية لعملهم وعملهن.

وتؤكد سناء نقيرا أن نتائج الدراسة تؤكد أن التجميع المسجل يحقق تحسنا في مختلف سلاسل تركيبة المؤسسة، على المستوى الاجتماعي وعلى المستوى التقني والتجاري والمالي وعلى مستوى التسيير. واعتبر أن هذا التطوير ساهم على المستوى الاقتصادي في إنتاج للثروة وتطوير الإنتاج والإنتاجية وخلق مواطن شغل، 35 موطن شغل منها 20 للنساء، بما يشكله من تمكين اقتصادي للمرأة، كما سجل على المستوى التجاري تنوعا في الإنتاج وفي الأسواق. وهذا تم بعد اعتماد تعصير في وسائل الإنتاج.. وهو ما أنتج تحسنا على المستوى المالي ورقم المعاملات، وهو المؤشر الأبرز للتطور تحقيق المؤسسة لأرباح مقارنة بالسنوات السابقة.

وبالتالي وعبر هذه التجربة يمكن القول أن المؤسسات التعاونية ساهمت في تحسين الواقع الاجتماعي والاقتصادي في الجهات وساهمت في تقليص الفوارق وضمان استقرار في المداخيل وتحسينها.

ريم سوودي

 

 

 

 

 

 

الهشاشة في تونس..   من الهجرة غير النظامية والاقتصاد غير النظامي.. إلى دور الاقتصاد التضامني في تحسين الواقع الاجتماعي

 

تونس -الصباح

تناولت الندوة الحوارية لـ"المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية"، التي انعقدت أمس بالعاصمة قراءات مختلفة لنماذج من الهشاشة في تونس، حيث قام الباحث في علم الاجتماع سفيان جاب الله في المداخلة الأولى، بتشخيص ما هو غير نظامي، انطلاقا من تناول سوسيولوجي لظاهرتي الهجرة غير النظامية والاقتصاد غير النظامي واختار عنوان لها: "من الشارع إلى البحر أو السياسيات العمومية الجديدة في تونس لمقاربة كل ما هو غير نظامي".

أما الدراسة الثانية فتناولت وجها من وجوه معالجة الهشاشة، عبر عرض الأستاذة الجامعية اختصاص ديمغرافيا سناء نقيرا، الدور الذي يمكن أن يتخذه الاقتصاد الاجتماعي والتضامني في الجهات من أجل تحقيق التغيير.

وسعى سفيان جاب الله الباحث في علم الاجتماع، من خلال الورقة العلمية التي قدمها أمس، تقديم تشخيص للسياسات التي تعتمدها الدولة، قبل الثورة وبعد الثورة وقبل 25 جويلية وبعده، في تعاملها مع ما هو غير نظامي وتبيان مستوى التغيرات فيها. واتخذ الهجرة غير النظامية والاقتصاد غير النظامي أو الاقتصاد الحدودي كحقل بحث. وكيف تعالج الدولة السوق غير النظامي ومقاربة الهجرة غير النظامية التي تربط أساسا بمتغيرات جيوسياسية ومتغيرات سياسية داخلية وخارجية.

ورأى أن ما هو مشترك بين الهجرة غير النظامية والاقتصاد غير النظامي، وقع التطرق له في عديد الدراسات التي اشتغلت على الظواهر المذكورة، ويمكن تلخيصها في 4 مستويات، الأول هو مسالة الهشاشة أو طبقة "البريكاريا"، وهي طبقة جديدة تعيش خارج أسوار كل ما هو نظامي وقانوني واقتصادي واجتماعي وتعاقدي في المجتمع، تعاني من الهشاشة والتهميش وعدم تكافؤ الفرص، لا تجد لها الدولة حلولا.

أما المستوى الثاني فيهم علاقات القرابة، فحين تفشل دمقرطة ما هو اقتصادي واجتماعي في المناطق الداخلية، تعود الجماعات إلى ما هو قبلي وما هو أولي، وهي علاقات القرابة والقبلية التي توفر حماية وتأمينا وتعاضدا لهذه الجماعات.

والمستوى الثالث هو القرب، فالمهاجرون غير النظاميين ( تونسيون أو أفارقة من دول جنوب الصحراء) مثلا ينتقلون إلى المناطق الساحلية ويختارون ولايات بعينها بهدف الاقتراب من نقاط الانطلاق لتحقيق مورد تحقيق الثروة وهي الهجرة.

أما المستوى الرابع فهو الحوز، وهو الأمر الذي نفسر به "حوز" أو "احتلال"، الباعة غير النظاميين لشارع معين أو المهاجرين غير النظاميين لمنطقة معينة، الهدف منه تحويله لمورد ثابت لتحقيق ذلك المكسب أي الهجرة أو المكسب الاقتصادي.

والمستوى الخامس، يمثل السلطة فلا يمكن لهذه العوامل أن تتواجد لولا تواجد الدولة عبر السلطة الأمنية، أما لتعديل هذا الاقتصاد غير النظامي أو الهجرة غير النظامية. وهو أمر دأبت عليه السلطة. ففي علاقة بالاقتصاد غير النظامي تعاملت معه قبل الثورة بشكل براغماتي، بهدف الحفاظ على السلم المجتمعي وتقوية المقدرة الشرائية وتحقيق سياسات معينة منها الانتخابي. والآن غيرت الدولة هذه السياسيات واختارت مقاربة بالأساس أمنية في علاقة بالهجرة غير النظامية والاقتصاد غير النظامي، حاولت الورقة العلمية فهمها وتفسيرها.

وبين سفيان جاب الله انه وفي خصوص الهجرة غير النظامية، اختار المقاربة الأمنية بحثا عن اعتراف دولي للنظام الجديد وتحسين شروط التفاوض في علاقة بكل ما هو تمويل، حيث أفادت من جانبها الأستاذة الجامعية اختصاص ديمغرافيا سناء نقيرا، أهمية الاقتصاد التضامي والاجتماعي في المناطق الداخلية، والأكثر فقرا، باعتبار أن القصرين تحتل المراتب الأولى في الفقر أين يسجل فيها تقريبا ضعف المعدل الوطني. وانطلاقا من النتائج التي خلصت إليها الدراسة التي جاءت تحت عنوان: "دور الاقتصاد التضامني والاجتماعي في الجهات"، تبين أن اعتماد هذا النوع من التنظيم الاقتصادي، الجمعيات التنموية مثلا، يمكن الخروج من الهشاشة الاجتماعية، وبقدر ما تسجل المنطقة عددا من الجمعيات التنموية ومشاريع ممولة بقدر ما يكون هناك خلق لمواطن الشغل في تلك المناطق. وبالتالي نكون بصدد تحقيق احد أسس الاقتصاد التضامني وهو إدماج الفئة الهشة بخلق مواطن شغل.

الجزء الثاني من الدراسة تناول تجربة الشركات التعاونية الفلاحية التي تشتغل على تثمين إنتاج الطماطم ( تجفيف وتحويل وتنويع وجهات ترويجها وطنيا وباتجاه التصدير)، وهي تجربة بينت أن التعاضد والتعاون بين نحو 187 فلاحا وفلاحة يمكنهم من تحسين المؤشرات الاقتصادية لعملهم وعملهن.

وتؤكد سناء نقيرا أن نتائج الدراسة تؤكد أن التجميع المسجل يحقق تحسنا في مختلف سلاسل تركيبة المؤسسة، على المستوى الاجتماعي وعلى المستوى التقني والتجاري والمالي وعلى مستوى التسيير. واعتبر أن هذا التطوير ساهم على المستوى الاقتصادي في إنتاج للثروة وتطوير الإنتاج والإنتاجية وخلق مواطن شغل، 35 موطن شغل منها 20 للنساء، بما يشكله من تمكين اقتصادي للمرأة، كما سجل على المستوى التجاري تنوعا في الإنتاج وفي الأسواق. وهذا تم بعد اعتماد تعصير في وسائل الإنتاج.. وهو ما أنتج تحسنا على المستوى المالي ورقم المعاملات، وهو المؤشر الأبرز للتطور تحقيق المؤسسة لأرباح مقارنة بالسنوات السابقة.

وبالتالي وعبر هذه التجربة يمكن القول أن المؤسسات التعاونية ساهمت في تحسين الواقع الاجتماعي والاقتصادي في الجهات وساهمت في تقليص الفوارق وضمان استقرار في المداخيل وتحسينها.

ريم سوودي