توشك السنة الأولى لانتخاب المجالس المحلية على النهاية، في ظل غياب شبه كلي لأعضائها عن الشأن العام وقراراته، ووسط ضبابية كاملة حول مهامها ومستوى تدخلاتها في مسارات وبرامج التنمية.
ويبدو أنه وأمام الارتباط العضوي القائم بين المجالس المحلية والمجالس الجهوية ومجلس الجهات والأقاليم، فقد نقلت أو ورثّت علاّتها لها بشكل وجد التونسيون أنفسهم أمام مجالس منتخبة، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، بلا دور.
وباستثناء المرسوم عدد 10 الصادر في شهر مارس من سنة 2023 وتعلق بتنظيم انتخابات المجالس المحلّية وتركيبة المجالس الجهويّة ومجالس الأقاليم لا وجود لأي قانون جديد في شأن المجالس الثلاثة المذكورة.
وفي حديثه لـ"الصباح" قسم، نافع حاجي رئيس "شبكة مراقبون" تدخله إلى ثلاثة أطر خص فيها كل مجلس بتشخيص منفرد. فقال أنه "إلى غاية الآن ليس لدينا أي نص قانوني يضبط عمل المجالس المحلية. فالمترشحون الذين خاضوا غمار الانتخابات المحلية لم تكن لهم أي معرفة بطبيعة المهام الموكولة لهم. فلا وجود لإطار قانوني ينظم مجال تدخلهم وصلاحياتهم واختصاصهم. كما أنهم كسلطة منتخبة لا يتبعها أي جهاز تنفيذي يطبق قراراتها وليس لها استقلالية مالية أو إدارية ولا وجود لنص يحدد مجال تدخلها الترابي ولا تملك مقرات خاصة بها يجتمع فيها أعضاؤها. ودون هذه الأجهزة لا يمكن لمجلس منتخب ممارسة السلطة الموكولة له مهما كانت".
وأضاف حاجي إنها مجالس منتخبة لا تملك حماية دستورية، على غرار المجالس الأخرى، فالفصل 133 من دستور 2022، يقول "تمـارس المجالس البلديّة والمجالس الجهويّة ومجالس الأقاليم والهياكل التي يمنحها القانون صفة الجماعة المحلّية المصالح المحلّيــة والجهويّة حسبما يضبطه القانون". فلم يذكر صراحة المجالس المحلية رغم أنه يمكن أن نضعها تحت صفة الجماعة المحلية، لكن ذلك لا يمنع من أنها تشريعيا لا تحظى بنفس الحماية الدستورية مثل بقية الأصناف المذكورة وهو ما يجعلها معرضة في أي لحظة للإلغاء من قبل السلطة المركزية.
وفضلا عن كل ما تم ذكره لا يوجد أي نص قانوني يُخضع المجالس المحلية للرقابة، سواء رقابة الإشراف أو الرقابة اللاحقة، أو يحدد طبيعة علاقتها بالبلديات باعتبار أن أغلبها يتقاسم نفس المجال الترابي للتدخل مع البلديات. والاثنان يهتمان بالتنمية على مستوى المعتمديات أو العمادات. فكان من المفروض أن يحدد قانون أساسي كل هذه الصلاحيات ومواقع الغموض في شأن مهام ومجال تدخل المجالس المحلية ومن الطرف المجلس البلدي أو المحلي الذي تكون له الغلبة في حال الخلاف حول شأن تنموي، خاصة أن الواقع يسجل تقدم وغلبة للمجالس البلدية التي لها ثقافة في العمل وتمتلك جهازا إداريا وتنفيذيا.
مجالس جهوية تابعة..
وبين رئيس "شبكة مراقبون" أن جزءا من هذه الإشكاليات التي تعاني منها المجالس المحلية، تنسحب أيضا على المجالس الجهوية، فهي بدورها لا تمتلك إلى غاية الآن إطارا قانونيا خاصا بها، وليس لها ميزانية أو جهاز تنفيذي، ودون ذلك لا يمكن أن تمارس أي صلاحية، فيمكن أن يكون لها أفضل برنامج على الإطلاق لكن لا يمكنها تنفيذه.
واعتبر نافع حاجي أن مسألة التداول أيضا كل 3 أشهر لأعضاء المجالس المحلية على المجالس الجهوية، حيث يتم تنصيب كل فترة رئيس جديد، تعتبر "شبكة مراقبون" أن مدة 3 أشهر هي فترة قصيرة للغاية لا تسمح لرئيس المجلس أو أعضائه بالتعرف على الإدارات الجهوية وطبيعة عملها أو لا يمكنه تطبيق أي سياسات محلية وجهوية للتنمية يتم اتخاذها ولا تطبيق أي سلطة أو برنامج. وهو أمر من شانه أن يجعل للسلطة الجهوية التي تمتلك المعلومة والمحاضر ومراكمة للعمل والجهاز التنفيذي الأسبقية والمعرفة والدراية مقارنة بالمجالس الجهوية المنتخبة التي لا يمكنها بإرادتها أو دون ذلك، إلا الانصياع وتنفيذ المقررات والمقترحات المقدمة من الإدارة الجهوية.
الأقاليم والجهات..
وفي خصوص مجلس الأقاليم والجهات، يوضح نافع حاجي رئيس "شبكة مراقبون"، أنه لم يصدر حتى اللحظة قانون ينظم العلاقة بينه وبين الغرفة الأولى مجلس نواب الشعب، ومن المهم والأولوية حسب رأيه أن يقع تحديد العلاقة بينهما في صورة النزاع أو الخلاف بين المجلسين.
من ستكون له الأغلبية في اتخاذ أو تمرير رابه؟ كما أن المهام المنصوص عليها بالنسبة للأقاليم والجهات وهي التنمية ومناقشة الميزانية ومساءلة الحكومة..، يشترك فيها مع مجلس نواب الشعب ومن الضروري توضيحها في قانون. فهل سيقوم مثلا كل مجلس بمناقشة الميزانية بمعزل عن الآخر؟ وهو ما سيضع الحكومة لفترة قد تمتد على 4 أشهر (شهران لكل مجلس) في فترة نقاش للميزانية، أم أن المناقشة ستكون مشتركة؟
وبين أن "شبكة مراقبون" لها جملة من التوصيات في هذا الشأن، وهي الإسراع بإصدار قانون أساسي منظم للعلاقة بين مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم.. والتعجيل بإدخال التعديلات الضرورية على النظام الداخلي لكل من المجلسين بما يتماشى مع قانون العلاقة بينهما حال صدوره. وإقرار قانون العلاقة بين المجلسين في آجال واضحة ومحددة للنظر، مع تكوين لجنة مركبة ومتناصفة بين المجلسين للنظر في الخلافات بينهما في حال الوصول إلى طريق مسدود، يكون دورها حل الإشكاليات في علاقة بالمهام المشتركة على غرار سحب الثقة من الحكومة أو مخططات التنمية والحسم في المجلس الذي تعود له الكلمة الفصل في صورة تواصل الخلاف بينهما. وهي توصيات تتوازى في الأهمية مع إصدار قانون أساسي متعلق بضبط تنظيم المحكمة الدستورية والإجراءات المتبعة أمامها والضمانات التي يتمتع بها أعضاؤها عملا بأحكام دستور 25 جويلية 2022.
ريم سوودي
تونس- الصباح
توشك السنة الأولى لانتخاب المجالس المحلية على النهاية، في ظل غياب شبه كلي لأعضائها عن الشأن العام وقراراته، ووسط ضبابية كاملة حول مهامها ومستوى تدخلاتها في مسارات وبرامج التنمية.
ويبدو أنه وأمام الارتباط العضوي القائم بين المجالس المحلية والمجالس الجهوية ومجلس الجهات والأقاليم، فقد نقلت أو ورثّت علاّتها لها بشكل وجد التونسيون أنفسهم أمام مجالس منتخبة، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، بلا دور.
وباستثناء المرسوم عدد 10 الصادر في شهر مارس من سنة 2023 وتعلق بتنظيم انتخابات المجالس المحلّية وتركيبة المجالس الجهويّة ومجالس الأقاليم لا وجود لأي قانون جديد في شأن المجالس الثلاثة المذكورة.
وفي حديثه لـ"الصباح" قسم، نافع حاجي رئيس "شبكة مراقبون" تدخله إلى ثلاثة أطر خص فيها كل مجلس بتشخيص منفرد. فقال أنه "إلى غاية الآن ليس لدينا أي نص قانوني يضبط عمل المجالس المحلية. فالمترشحون الذين خاضوا غمار الانتخابات المحلية لم تكن لهم أي معرفة بطبيعة المهام الموكولة لهم. فلا وجود لإطار قانوني ينظم مجال تدخلهم وصلاحياتهم واختصاصهم. كما أنهم كسلطة منتخبة لا يتبعها أي جهاز تنفيذي يطبق قراراتها وليس لها استقلالية مالية أو إدارية ولا وجود لنص يحدد مجال تدخلها الترابي ولا تملك مقرات خاصة بها يجتمع فيها أعضاؤها. ودون هذه الأجهزة لا يمكن لمجلس منتخب ممارسة السلطة الموكولة له مهما كانت".
وأضاف حاجي إنها مجالس منتخبة لا تملك حماية دستورية، على غرار المجالس الأخرى، فالفصل 133 من دستور 2022، يقول "تمـارس المجالس البلديّة والمجالس الجهويّة ومجالس الأقاليم والهياكل التي يمنحها القانون صفة الجماعة المحلّية المصالح المحلّيــة والجهويّة حسبما يضبطه القانون". فلم يذكر صراحة المجالس المحلية رغم أنه يمكن أن نضعها تحت صفة الجماعة المحلية، لكن ذلك لا يمنع من أنها تشريعيا لا تحظى بنفس الحماية الدستورية مثل بقية الأصناف المذكورة وهو ما يجعلها معرضة في أي لحظة للإلغاء من قبل السلطة المركزية.
وفضلا عن كل ما تم ذكره لا يوجد أي نص قانوني يُخضع المجالس المحلية للرقابة، سواء رقابة الإشراف أو الرقابة اللاحقة، أو يحدد طبيعة علاقتها بالبلديات باعتبار أن أغلبها يتقاسم نفس المجال الترابي للتدخل مع البلديات. والاثنان يهتمان بالتنمية على مستوى المعتمديات أو العمادات. فكان من المفروض أن يحدد قانون أساسي كل هذه الصلاحيات ومواقع الغموض في شأن مهام ومجال تدخل المجالس المحلية ومن الطرف المجلس البلدي أو المحلي الذي تكون له الغلبة في حال الخلاف حول شأن تنموي، خاصة أن الواقع يسجل تقدم وغلبة للمجالس البلدية التي لها ثقافة في العمل وتمتلك جهازا إداريا وتنفيذيا.
مجالس جهوية تابعة..
وبين رئيس "شبكة مراقبون" أن جزءا من هذه الإشكاليات التي تعاني منها المجالس المحلية، تنسحب أيضا على المجالس الجهوية، فهي بدورها لا تمتلك إلى غاية الآن إطارا قانونيا خاصا بها، وليس لها ميزانية أو جهاز تنفيذي، ودون ذلك لا يمكن أن تمارس أي صلاحية، فيمكن أن يكون لها أفضل برنامج على الإطلاق لكن لا يمكنها تنفيذه.
واعتبر نافع حاجي أن مسألة التداول أيضا كل 3 أشهر لأعضاء المجالس المحلية على المجالس الجهوية، حيث يتم تنصيب كل فترة رئيس جديد، تعتبر "شبكة مراقبون" أن مدة 3 أشهر هي فترة قصيرة للغاية لا تسمح لرئيس المجلس أو أعضائه بالتعرف على الإدارات الجهوية وطبيعة عملها أو لا يمكنه تطبيق أي سياسات محلية وجهوية للتنمية يتم اتخاذها ولا تطبيق أي سلطة أو برنامج. وهو أمر من شانه أن يجعل للسلطة الجهوية التي تمتلك المعلومة والمحاضر ومراكمة للعمل والجهاز التنفيذي الأسبقية والمعرفة والدراية مقارنة بالمجالس الجهوية المنتخبة التي لا يمكنها بإرادتها أو دون ذلك، إلا الانصياع وتنفيذ المقررات والمقترحات المقدمة من الإدارة الجهوية.
الأقاليم والجهات..
وفي خصوص مجلس الأقاليم والجهات، يوضح نافع حاجي رئيس "شبكة مراقبون"، أنه لم يصدر حتى اللحظة قانون ينظم العلاقة بينه وبين الغرفة الأولى مجلس نواب الشعب، ومن المهم والأولوية حسب رأيه أن يقع تحديد العلاقة بينهما في صورة النزاع أو الخلاف بين المجلسين.
من ستكون له الأغلبية في اتخاذ أو تمرير رابه؟ كما أن المهام المنصوص عليها بالنسبة للأقاليم والجهات وهي التنمية ومناقشة الميزانية ومساءلة الحكومة..، يشترك فيها مع مجلس نواب الشعب ومن الضروري توضيحها في قانون. فهل سيقوم مثلا كل مجلس بمناقشة الميزانية بمعزل عن الآخر؟ وهو ما سيضع الحكومة لفترة قد تمتد على 4 أشهر (شهران لكل مجلس) في فترة نقاش للميزانية، أم أن المناقشة ستكون مشتركة؟
وبين أن "شبكة مراقبون" لها جملة من التوصيات في هذا الشأن، وهي الإسراع بإصدار قانون أساسي منظم للعلاقة بين مجلس نواب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم.. والتعجيل بإدخال التعديلات الضرورية على النظام الداخلي لكل من المجلسين بما يتماشى مع قانون العلاقة بينهما حال صدوره. وإقرار قانون العلاقة بين المجلسين في آجال واضحة ومحددة للنظر، مع تكوين لجنة مركبة ومتناصفة بين المجلسين للنظر في الخلافات بينهما في حال الوصول إلى طريق مسدود، يكون دورها حل الإشكاليات في علاقة بالمهام المشتركة على غرار سحب الثقة من الحكومة أو مخططات التنمية والحسم في المجلس الذي تعود له الكلمة الفصل في صورة تواصل الخلاف بينهما. وهي توصيات تتوازى في الأهمية مع إصدار قانون أساسي متعلق بضبط تنظيم المحكمة الدستورية والإجراءات المتبعة أمامها والضمانات التي يتمتع بها أعضاؤها عملا بأحكام دستور 25 جويلية 2022.