عقدت وزارة البيئة عددا هائلا من اتفاقيات الشراكة والتعاون مع منظمات وجامعات ومراكز بحوث ومعاهد أجنبية وهياكل أممية ودولية ناشطة في مجال البيئة. وتستفيد بلادنا بفضل ذلك من تمويلات مهمة لإنجاز مشاريع بيئية، كما تستفيد من الخبرات التي تضعها هذه الهياكل الدولية على ذمتها، في إطار الاتفاقيات المذكورة، وأيضا من مساعدات تقنية. وكل هذا مهم. فتونس تعاني بدورها من آثار التغيرات المناخية وملزمة بالتحرك من أجل التخفيف من حدة تأثير هذه التغيرات.
وفعلا تنشط تونس على المستويين الداخلي والخارجي من أجل حماية البيئة. وقد تبنت بلادنا منذ العام الفارط إستراتيجية وطنية للانتقال الإيكولوجي تهدف بالخصوص إلى "إقامة منوال تنمية قادر على التأقلم ومستدام واجتماعي منصف ودامج" وتسعى وزارة البيئة الى التعريف به على أكبر نطاق ممكن من خلال اللقاءات التعريفية بالأساس، أما على المستوى الخارجي، فقد أمضت تونس على أغلب أو كل الاتفاقيات الدولية التي تمثل الإطار العالمي للحفاظ على البيئة ومن بينها الاتفاقيات المتعلقة بالحفاظ على التنوع البيولوجي، وبمقاومة التصحر، والتلوث، وغيرها.
لكن كل ذلك يبقى منقوصا إذا لم يقع تشريك كل الفاعلين وأساسا الأطراف التي تعتبر مسؤولة بدرجة كبيرة عن التلوث الذي تعاني منه البلاد. فهي بالذات مطالبة بأن تكون في الصف الأول على جبهة المقاومة من أجل التخفيف من حدة التقلبات المناخية التي أصبح الجميع يشعر بخطورتها.
وقد خطت وزارة البيئة مؤخرا خطوة في هذا الاتجاه وبما أن التركيز هذا العام كان على مقاومة البلاستيك وعلى حماية البيئة البحرية، فقد قامت الوزارة بعدد من المبادرات التحسيسية والتوعوية مع عدد من النزل السياحية والمطاعم والمقاهي كما عقدت اتفاقيات شراكة مع بعضها (مبدئيا في حمام سوسة من ولاية سوسة وجربة من ولاية مدنين)، وفق ما أعلن عنه على الصفحة الرسمية لوزارة البيئة وذلك من أجل دفع هذه الهياكل السياحية إلى المشاركة في جهود مقاومة النفايات الضارة بالبيئة البحرية والتقليص من استعمال مادة البلاستيك.
وإذ نعتبر أن الوزارة قد خطت خطوة جيدة بالتوجه إلى الوحدات السياحية بالبلاد، فإننا نشير إلى أن حملات التحسيس تبقى "أضعف الإيمان" في التعامل مع الأطراف المتسببة بدرجة أكبر في الضرر وأننا أحيانا نحتاج جهدا أكبر من هذه المؤسسات، كأن تكون مثلا هناك قرارات ملزمة- في إطار القانون طبعا. فلطالما تصرفت هذه المؤسسات وكأنها مقاطعات مستقلة وغير معنية بمشاكل البيئة.
ويعتبر الأمر مثيرا للفضول خاصة إذا ما علمنا حجم استهلاك هذه المؤسسات من الموارد الطبيعية (المياه بالخصوص) وحجم النفايات الناتجة عن الاستهلاك الكبير لاسيما في فترات الذروة السياحية. ولعلها فرصة للتذكير بأن البيئة البحرية في تونس والشريط الساحلي في بلادنا قد عانت طويلا من المشاريع السياحية التي تم تنفيذها دون الاستفادة من دراسات علمية تحدد بوضوح مدى تأثيرها على البيئة في البلاد. وقد زادت الوحدات العقارية التي بنيت بكثافة وعلى بعد أمتار من البحر في عدد من المناطق الساحلية في تفاقم الوضع. فمياه الصرف الصحي للوحدات السياحية وللشقق والعمارات المطلة على البحر كثيرا ما تختلط مع مياه البحر. وكنتيجة لذلك أصبحت رائحة عدد من الشواطئ منفرة، حيث تشقها جداول ماء قذرة تعشش حولها الحشرات وتفرز رائحة كريهة وتهدد سلامة المصطافين. ويعتبر الأمر مؤسفا حقا، لأن بعض هذه الشواطئ كانت، وإلى الزمن غير بعيد، مشهورة بصفاء رمالها وجمال بحرها.
إننا وإذ لا ننفي الدور الاقتصادي والاجتماعي للمشاريع السياحية، فقد اعتمدت بلادنا لسنوات على مداخيل السياحة بدرجة، لكن التركيز الاستراتيجي على السياحة نتجت عنه عدة مشاكل، لعل أبرزها المشكل البيئي، إذ تضررت البيئة في البلاد وخاصة البيئة البحرية التي تضررت كثيرا. واليوم من الطبيعي أن يقع تحسيس المسؤولين وأصحاب النزل والمطاعم والمقاهي السياحية بدورهم في المجال، وذلك، كما سبق وذكرنا يبقى "أضعف الإيمان".
حياة السايب
عقدت وزارة البيئة عددا هائلا من اتفاقيات الشراكة والتعاون مع منظمات وجامعات ومراكز بحوث ومعاهد أجنبية وهياكل أممية ودولية ناشطة في مجال البيئة. وتستفيد بلادنا بفضل ذلك من تمويلات مهمة لإنجاز مشاريع بيئية، كما تستفيد من الخبرات التي تضعها هذه الهياكل الدولية على ذمتها، في إطار الاتفاقيات المذكورة، وأيضا من مساعدات تقنية. وكل هذا مهم. فتونس تعاني بدورها من آثار التغيرات المناخية وملزمة بالتحرك من أجل التخفيف من حدة تأثير هذه التغيرات.
وفعلا تنشط تونس على المستويين الداخلي والخارجي من أجل حماية البيئة. وقد تبنت بلادنا منذ العام الفارط إستراتيجية وطنية للانتقال الإيكولوجي تهدف بالخصوص إلى "إقامة منوال تنمية قادر على التأقلم ومستدام واجتماعي منصف ودامج" وتسعى وزارة البيئة الى التعريف به على أكبر نطاق ممكن من خلال اللقاءات التعريفية بالأساس، أما على المستوى الخارجي، فقد أمضت تونس على أغلب أو كل الاتفاقيات الدولية التي تمثل الإطار العالمي للحفاظ على البيئة ومن بينها الاتفاقيات المتعلقة بالحفاظ على التنوع البيولوجي، وبمقاومة التصحر، والتلوث، وغيرها.
لكن كل ذلك يبقى منقوصا إذا لم يقع تشريك كل الفاعلين وأساسا الأطراف التي تعتبر مسؤولة بدرجة كبيرة عن التلوث الذي تعاني منه البلاد. فهي بالذات مطالبة بأن تكون في الصف الأول على جبهة المقاومة من أجل التخفيف من حدة التقلبات المناخية التي أصبح الجميع يشعر بخطورتها.
وقد خطت وزارة البيئة مؤخرا خطوة في هذا الاتجاه وبما أن التركيز هذا العام كان على مقاومة البلاستيك وعلى حماية البيئة البحرية، فقد قامت الوزارة بعدد من المبادرات التحسيسية والتوعوية مع عدد من النزل السياحية والمطاعم والمقاهي كما عقدت اتفاقيات شراكة مع بعضها (مبدئيا في حمام سوسة من ولاية سوسة وجربة من ولاية مدنين)، وفق ما أعلن عنه على الصفحة الرسمية لوزارة البيئة وذلك من أجل دفع هذه الهياكل السياحية إلى المشاركة في جهود مقاومة النفايات الضارة بالبيئة البحرية والتقليص من استعمال مادة البلاستيك.
وإذ نعتبر أن الوزارة قد خطت خطوة جيدة بالتوجه إلى الوحدات السياحية بالبلاد، فإننا نشير إلى أن حملات التحسيس تبقى "أضعف الإيمان" في التعامل مع الأطراف المتسببة بدرجة أكبر في الضرر وأننا أحيانا نحتاج جهدا أكبر من هذه المؤسسات، كأن تكون مثلا هناك قرارات ملزمة- في إطار القانون طبعا. فلطالما تصرفت هذه المؤسسات وكأنها مقاطعات مستقلة وغير معنية بمشاكل البيئة.
ويعتبر الأمر مثيرا للفضول خاصة إذا ما علمنا حجم استهلاك هذه المؤسسات من الموارد الطبيعية (المياه بالخصوص) وحجم النفايات الناتجة عن الاستهلاك الكبير لاسيما في فترات الذروة السياحية. ولعلها فرصة للتذكير بأن البيئة البحرية في تونس والشريط الساحلي في بلادنا قد عانت طويلا من المشاريع السياحية التي تم تنفيذها دون الاستفادة من دراسات علمية تحدد بوضوح مدى تأثيرها على البيئة في البلاد. وقد زادت الوحدات العقارية التي بنيت بكثافة وعلى بعد أمتار من البحر في عدد من المناطق الساحلية في تفاقم الوضع. فمياه الصرف الصحي للوحدات السياحية وللشقق والعمارات المطلة على البحر كثيرا ما تختلط مع مياه البحر. وكنتيجة لذلك أصبحت رائحة عدد من الشواطئ منفرة، حيث تشقها جداول ماء قذرة تعشش حولها الحشرات وتفرز رائحة كريهة وتهدد سلامة المصطافين. ويعتبر الأمر مؤسفا حقا، لأن بعض هذه الشواطئ كانت، وإلى الزمن غير بعيد، مشهورة بصفاء رمالها وجمال بحرها.
إننا وإذ لا ننفي الدور الاقتصادي والاجتماعي للمشاريع السياحية، فقد اعتمدت بلادنا لسنوات على مداخيل السياحة بدرجة، لكن التركيز الاستراتيجي على السياحة نتجت عنه عدة مشاكل، لعل أبرزها المشكل البيئي، إذ تضررت البيئة في البلاد وخاصة البيئة البحرية التي تضررت كثيرا. واليوم من الطبيعي أن يقع تحسيس المسؤولين وأصحاب النزل والمطاعم والمقاهي السياحية بدورهم في المجال، وذلك، كما سبق وذكرنا يبقى "أضعف الإيمان".