ـ مراجعة مجلة التهيئة الترابية.. تأهيل المسالك الريفية.. التسريع في إنجاز الطرقات المعطلة.. وحماية المدن من الفيضانات
تونس- الصباح
دعا العديد من النواب إلى التسريع في ترميم البنيات القديمة الواقعة في مدينة تونس وغيرها من المدن نظرا لأنها أصبحت تشكل خطرا كبيرا على المواطنين، وطالبوا أمس خلال جلستهم العامة المنعقدة بقصر باردو بحضور سارة الزعفراني وزيرة التجهيز والإسكان ووزيرة النقل بالنيابة والمخصصة للنظر في مشروع القانون المتعلق بالبنايات المتداعية للسقوط بحماية الأرواح البشرية ومراعاة وضعيات العائلات المقيمة في هذه المباني مع الحرص الشديد على المحافظة على المعالم التاريخية والأثرية واحترام الخصوصيات المعمارية لمناطق التدخل.. وانتهز العديد من النواب فرصة حضور الوزيرة للحديث عن المشاريع المعطلة والمدن المهددة بالفيضانات والبناء الفوضوي والنقائص التي تعاني منها الطرقات والمسالك الريفية وتطرق آخرون إلى معضلة النقل وحوادث الطرقات في حين أثار البعض منهم ملف السكن الاجتماعي وتساءلوا عن مقاسم الوكالة العقارية للسكنى .
رئيس لجنة التخطيط الاستراتيجي والتنمية المستدامة والنقل والبنية التحتية والتهيئة العمرانية النائب شفيق الزعفوري بين أنه بمناسبة دراسة مشروع القانون المذكور تم تنظيم جلسات استماع إلى مختلف الأطراف المعنية بالبنيات المتداعية للسقوط وذكر أن هذا المشروع وهو من أهم المشاريع التي مرت على المجالس النيابية المتعاقبة فهو مشروع هام جدا وأثار الكثير من الجدل ومر منذ سنوات بالعديد من المراحل والأطوار وعاد من جديد في شهر نوفمبر الماضي إلى مجلس نواب الشعب وتولت اللجنة نقاشه بجدية وأولته ما يستحق من عناية وكان محل تشاور بين الجميع واضعة نصب أعينها هدفا أساسيا وحيدا وهو التوافق. وأضاف أنه بعد استكمال كل المراحل تم التوصل إلى إعداد صيغة نهائية وكان هناك حرص على أن تكون قابلة للتطبيق على أرض الواقع وناجعة بما فيه الكفاية لحل أكثر ما يمكن من الإشكاليات المطروحة في علاقة بموضوع البنيات المتداعية للسقوط وخاصة منها البنايات التي تهدد سلامة المواطن وحياته في العديد من الحالات، وعبر عن رغبة اللجنة في أن يقع إنقاذ البنايات ذات الخصوصيات التاريخية أو التراثية أو المعمارية. وذكر أنه بفضل التنسيق المحكم بين المجلس النيابي ووزارة التجهيز والإسكان تم تجاوز العديد من الصعوبات والعراقيل وتمكنت اللجنة حسب تأكيده من تقريب وجهات النظر بين مختلف الأطراف المتداخلة ووصلت إلى صيغة معدلة وهذا مكسب يحسب للمجلس.
أما مقرر اللجنة النائب صالح السالمي فقدم حوصلة لعمل اللجنة منذ تعهدها بدراسة مشروع القانون وإلى غاية المصادقة عليه في صيغة معدلة.. وأشار إلى أن البنايات المتداعية للسقوط حسب آخر الإحصائيات المتوفرة بوزارة التجهيز والإسكان تمثل جزءا هاما من الرصيد السكني القائم بالمدن التونسية.
وقال السالمي إن البنايات التي تم تشييدها قبل 1956 تمثل حوالي 6 بالمائة من مجمل هذا الرصيد بما يعادل 181 ألف وحدة مبنية تبعا للتعداد العام للسكان والسكنى لسنة 2014. وتتمركز النسبة الأهم للرصيد القديم بالمدن الكبرى خاصة في ولايات تونس الكبرى وبنزرت وصفاقس حيث تعد بلدية تونس حوالي 1000 عقار متداع للسقوط منها 100 عقار تتطلب الإخلاء الفوري، في حين يوجد في ولاية المهدية حوالي 530 عقارا متداعيا للسقوط منها 135 تتطلب الإخلاء الفوري، ويوجد في ولاية نابل حوالي 280 عقارا متداعيا للسقوط منها قرابة 48 عقارا تتطلب الإخلاء الفوري، بينما يبلغ عدد هذه العقارات في ولاية جندوبة حوالي 175 عقارا متداعيا للسقوط منها حوالي 40 عقارا تتطلب الإخلاء الفوري، أما في ولاية القيروان فتم إحصاء حوالي 90 عقارا متداعيا للسقوط منها حوالي 56 عقارا تتطلب الإخلاء الفوري.
وقال مقرر اللجنة إنه أمام تفاقم وضعية البنايات المتداعية للسقوط تأكدت الحاجة إلى إيجاد إطار قانوني يمكن من معالجة هذه الوضعية وأضاف أنه تم من خلال مشروع القانون التأكيد على الطابع الإداري لإجراءات التدخل لاستصدار وتنفيذ القرارات المتخذة في إطار التعهد بالبنيات المتداعية للسقوط سواء بالإخلاء أو الهدم أو الترميم الثقيل، وتم ضبط مختلف إجراءات التدخل في حالة تداعي بناية للسقوط وإخضاع القرارات المتخذة في شأنها لرقابة القاضي الإداري، كما تمت إتاحة إمكانية اللجوء إلى الانتزاع من أجل المصلحة العمومية في إطار تدخل السلطة العامة لتفادي الكوارث بما فيها البنايات المتداعية للسقوط، وإضافة إلى ذلك تم من خلال المشروع تحديد العمليات الجماعية التي يمكن أن تقوم بها الدولة مباشرة أو بتسليم المهمة إلى باعثين عقاريين عموميين لمساندة البلديات على التصدي لتفاقم ظاهرة البنايات المتداعية للسقوط، وكما تم تحفيز المالكين على الانخراط في برامج شراكة مع الجماعة المحلية والدولة والباعثين العقاريين العموميين لهدم عقاراتهم وإعادة بنائها في إطار اتفاقيات تبرم للغرض مع منح ضمانات للمالك والشاغل في مواجهة الإجراءات الإدارية المتخذة في إطار التدخل في البنايات المهددة بالسقوط.
وبين السالمي أن مشروع القانون حظي باهتمام بالغ من قبل لجنة التخطيط الاستراتيجي والتنمية المستدامة والنقل والبنية التحتية والتهيئة العمرانية، حيث عقدت اللجنة 14 جلسة استغرقت 49 ساعة عمل واستمعت إلى وزيرة التجهيز والإسكان وإلى ممثلين عن وزارة الداخلية ووزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية ووزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة الشؤون الثقافية وممثلين عن هيئة المهندسين المعماريين وعمادة المهندسين التونسيين وممثلين عن جمعية صيانة مدينة تونس واللجنة الوطنية التونسية للمجلس الدولي للمعالم والمواقع وجمعية مباني وذاكرات.
وخلال النقاش لم يخف النواب حرصهم على ضمان التنسيق اللازم بين مختلف الأطراف المعنية بالبنيات المتداعية للسقوط وأجمعوا على أهمية مشروع القانون المعروض على أنظار جلستهم العامة.
أهل الاختصاص
آمال المؤدب النائبة عن كتلة صوت الجمهورية نبهت إلى وجود أكثر من خمسة آلاف مبنى متداع للسقوط يهدد سلامة المارة والأجوار، ولاحظت أن مشروع القانون المتعلق بالبنيات المتداعية للسقوط في صيغته التي تم إعدادها سنة 2017 لم يراع الإشكاليات التي تعاني منها المباني التاريخية والأثرية وتم لاحقا تدارك الأمر والأخذ بعين الاعتبار تلك الإشكاليات. وأشارت إلى الحوار البناء الذي تم صلب اللجنة بمناسبة نقاش المشروع وهو ما أدى إلى التوصل إلى صيغة توافقية وذكرت أنه كان هناك اختلاف في وجهات النظر لأن كل النواب يرغبون في الوصول إلى صياغة قانون سهل التنفيذ ويضمن نجاعة التدخل في تلك البنايات. وقالت المؤدب إنه يجب ألا يغيب عن الأذهان أن المشروع له انعكاسات اجتماعية لأن البنيات المعنية تقطن فيها عائلات، وفي صورة سقوط مبنى في عطلة نهاية الأسبوع يجب أن تتضافر جهود الجميع من وزارات وبلديات وجمعيات من أجل إيواء متساكنيها. وذكرت أن أهم سؤال وقع طرحه صلب اللجنة يتعلق بالمكان الذي سيأوي العائلات التي تقطن في تلك البنيات المتداعية للسقوط لأنه لا يجب تركهم في الشوارع.. وأضافت أنه تم التأكيد أيضا على ضرورة توفر المعدات اللازمة للتدخل العاجل عندما يكون هناك خطر محدق ووشيك من أجل تلافي الخسائر البشرية. وترى النائبة أن مالك المبني مطالب بدوره بتحمل المسؤولية وأشارت إلى أن مشروع القانون جاء ليوضح مسؤوليات المالكين والدولة والبلديات.
ولاحظت أن تشخيص المبنى يجب أن يكون عن طريق مختص مؤهل للغرض، وفسرت النائبة التي كانت في السابق مهندسة الفرق بين البنايات التي يعود تاريخ تشييدها إلى 200 سنة خلت والقائمة على الخرسانة والبنايات التي تعود إلى الخمسينات وخلصت إلى إبراز أهمية دور المهندس المعماري عند التدخل في عقار قديم وترى أنه يجب أن يكون التشخيص من قبل مختص في الخرسانة وقالت إن التدخل في عقار قديم يحتاج إلى عمل فني وتقني وخبرة.. وأشارت إلى أن مجلة التهيئة العمرانية نصت على وجوب الحصول على ترخيص من رئيس البلدية وأن يقع رسم مشروع البناية من قبل مهندس مرسم في هيئة المهندسين المعماريين إلا في حالات استثنائية وهذا يعني أن أي تدخل في أي بناية يحتاج إلى الحصول على رخصة ترميم. وذكرت أن تدخل المهندس المعماري لن يثقل كاهل المالك بل سيسمح تدخله بأن تكون الأشغال مطابقة للمعايير.
ثروة وطنية
أنور المرزوقي النائب عن الكتلة الوطنية المستقلة بين أن مشروع القانون المتعلق بالبنيات المتداعية للسقوط يكتسي أهمية كبيرة ويهدف إلى إنقاذ رصيد كبير من المباني التي تمثل ثروة وطنية لكنها أصبحت تشكل خطرا محدقا بسلامة المواطنين، خاصة تلك البنيات التي تجاوز عمرها القرن. كما تسببت المباني المتداعية في تشويه جمالية المدن حسب قوله. وقدم المرزوقي قراءة نقدية في تقرير لجنة التخطيط الاستراتيجي والتنمية المستدامة والنقل والبنية التحتية والتهيئة العمرانية المتعلق بمشروع القانون، وذكر أن التقرير أشار إلى الاستئناس بالتجارب السابقة ولكنه يرى أن ما حصل في السابق في الحفصية وحي صقلية وباب سويقة وغيرها هي عمليات تشويه لأن الكثير من التدخلات لم تستجب للشروط المطلوبة. واستفسر النائب عن مصير بنايات متداعية للسقوط واقعة بمدينة نابل لأن هناك بنايات ملكيتها مشتركة ويجب التفكير في حل لمشكل تعطيل أشغال تهيئتها في حال رفض أحد المالكين تحمل مسؤولياته. ولدى حديثه عن البيانات التاريخية المتداعية للسقوط قال المرزوقي إنه لا يفهم سبب تزايد عددها ولماذا يجب عدم المساس بالمعالم التاريخية غير المرتبة الموجودة على مسافة 200 متر من المعالم المرتبة وتركها على حالها إلى حين انهيارها. ولاحظ أن معهد التراث لا يملك الإمكانيات البشرية واللوجستية اللازمة للتدخل إذ يوجد فيه 40 باحثا وهذا العدد لا يكفي للتدخل في البنايات الموجودة في مدينة تونس فقط. وقال إن كتلته فكرت في تقديم مقترح قانون يتعلق بالتراث والوكالة الوطنية للتراث ومعهد التراث بهدف تجاوز النقائص. أما بخصوص الشراكة بين الدولة والبلدية والخواص فيرى النائب أنه لا بد من اعتماد مقاربة شمولية حتى لا تبقى مشاريع التهيئة والترميم حبرا على ورق.
الأراضي المهملة
سنيا بن مبروك النائبة عن كتلة الأمانة والعمل أشارت إلى تنامي عدد البنايات المتداعية للسقوط خلال السنوات الأخيرة وبينت أنها أصبحت تهدد سلامة المواطنين وقالت إنها كانت ترغب في إدراج الأراضي المهملة التي تحولت إلى مصبات للفضلات ضمن مشروع القانون المتعلق بالبنايات المتداعية للسقوط، وذكرت أن التعامل مع هذه الأراضي أسهل من التعاطي مع البنايات المتداعية للسقوط، وترى بن مبروك أن مالكي تلك الأراضي يتحملون المسؤولية مثلما أن الدولة لها دور في هذا الإهمال جراء عدم توفر الإمكانيات الضرورية للتدخل، ونبهت النائبة إلى أن دار الثقافة مصطفى أغا بالكرم وهي في الأصل كنيسة غير مصنفة تحتاج إلى الصيانة والترميم لأنها تشكل خطرا على روادها، وبينت أنها وجهت بتاريخ 27 فيفري الماضي سؤالا كتابيا لوزيرة التجهيز والإسكان حول هذه البناية وأجابتها الوزيرة بعدم الاختصاص، كما توجهت في نفس التاريخ بسؤال إلى وزيرة الثقافة وأجابت الوزيرة أن وزارتها تعهدت بمشروع تهيئة وصيانة دار الثقافة بالكرم وأن الدراسات بلغت مراحل متقدمة إلا أن هذا المشروع تعطل بعد وفاة المهندس المستشار المكلف بقسط الهياكل والشبكات المختلفة وتم إشعار الولاية والإدارة الجهوية للتجهيز بتونس من أجل تعيين مهندس جديد حتى يتسنى تحيين الدراسات واستكمالها والإعلان عن طلب العروض، وأفادت وزارة الثقافة أنه لا يمكن تحديد موعد الانطلاق في الأشغال لارتباطه بنسبة تقدم الانجاز من قبل الإدارة الجهوية للتجهيز في تونس على اعتبار أنها صاحبة المنشأ المفوض.. وبعد قراءة رد وزارة الثقافة تساءلت سنيا بن مبروك هل أن الإدارة الجهوية للتجهيز تابعة لوزارة التجهيز والإسكان أم لا لأن وزيرة التجهيز أجابت بعدم الاختصاص.. وذكرت أنه في إطار ضمان استمرارية الدولة على وزارة التجهيز والإسكان تعيين مهندس جديد في أقرب الآجال، وطالبت النائبة بالعناية بالبنايات المتداعية للسقوط في الكرم ومنها الكائنة بنهج عبد الكريم الخطابي ونهج لاغة ونهج ساقية سيدي يوسف ولاحظت أن البنايات الموجودة بمنطقة لافايات بالعاصمة تعاني من الإهمال وكان بالإمكان أن تكون متحفا مفتوحا للبنايات الفرنسية القديمة وكذلك الشأن بالنسبة إلى المباني الموجودة في منطقة صقلية الصغرى فهذه المنطقة يمكن أن تكون من أرقى الأحياء في تونس. وشددت بن مبروك على ضرورة التسريع في تهيئة البنايات المتداعية الكائنة في العديد من الأحياء الشعبية والتي تحولت إلى بؤر للإجرام والمخدرات. وقالت إنها لا تريد أن تحميل البلديات مسؤولية الإشراف على عمليات الترميم والتهذيب ولاحظت أن وكالة التجديد والتهذيب العمراني اضطلعت في السابق بهذه المهمة وهي تحتاج اليوم إلى التطوير وتوسيع صلاحياتها.
مشروع غامض
لاحظت النائبة غير المنتمية إلى كتل ماجدة الورغي أن لجنة التخطيط الاستراتيجي والتنمية المستدامة والنقل والبنية التحتية والتهيئة العمرانية بذلت جهدا كبيرا في دراسة مشروع القانون المتعلق بالبنيات المتداعية للسقوط، وذكرت أنه كان هناك تناغم مع وزارة التجهيز والإسكان. وسلطت الورغي في مداخلتها الضوء على ملف يتعلق بمشروع غامض حسب وصفها يتعلق بدار الثقافة منزل بورقيبة وقالت إنها لا تريد اتهام أي طرف ولكنها ترغب في معرفة تاريخ انطلاق الأشغال وتاريخ إنتهائها وطبيعة التدخل وكلفته، لأن المعطيات التي في حوزتها تفيد أنه تم رصد 700 ألف دينار لتهيئة قاعة العروض وهذا المبلغ يمكن أن يكفي لبناء دار ثقافة ثانية وليس تهيئة قاعة. وذكرت أن المقاول تعهد بتسليم المشروع في 31 مارس 2024 لكن إلى غاية اليوم لا يوجد مشروع ولاحظت أنه لم تقع استشارة المختصين في الثقافة قبل تهيئة قاعة العروض التي كانت في الماضي بيت الراهبات بالكنيسة.. واستفسرت متى سينتهي إنجاز هذا المشروع وكيف تم صرف 700 ألف دينار وفي صورة تخصيص هذا المبلغ الكبير لماذا يتم غلق الباب بخزانة.. ودعت النائبة وزيرة التجهيز والإسكان إلى زيارة ولاية بنزرت لمعاينة وضعية الطرقات.
جهر الأودية
أما بثينة الغانمي النائبة عن كتلة الخط الوطني السيادي فتساءلت أما آن الأوان لمراجعة مجلة التهيئة الترابية بما يجعلها فاعلة في تنظيم استعمال الفضاء الترابي ومحققة للنمو الاقتصادي المنشود، وأشارت إلى أن كتلتها تعتبر مشروع القانون المتعلق بالبنايات المتداعية للسقوط مكسبا لما تضمنه من فصول تراعي الجانب الإنساني وتقي المواطنين من المخاطر التي قد تودي بحياتهم لكنها تتحفظ على عدد من الفصول ومنها الفصل 32 الذي نص على إمكانية تنفيذ برامج سكنية لتجديد الأحياء وتهذيبها في إطار عمليات جماعية قد تكون البلدية طرفا فيها، إلا أن ذلك قد يثقل كاهل البلديات نظرا لإمكانياتها المحدودة ولانشغالها بتهيئة الطرقات وصيانتها وبالعناية بالنظافة والبيئة. ودعت الغانمي وزارة التجهيز والإسكان إلى مزيد الحرص على حماية المدن من الفيضانات ولاحظت أن عديد المدن تغرق في المياه بمجرد سيلان كميات قليلة من الأمطار. وشددت على ضرورة صيانة الطرقات التي تضررت من الفيضانات في باجة ودعت إلى جهر الأودية بهذه الجهة مثل وادي بوزقدم ووادي البسيم وذكرت أن العديد من المسالك الريفية في حاجة إلى الصيانة لحمايتها من الحرائق ولفك العزلة عن الفلاحين واقترحت الترفيع في الاعتمادات المرصودة لتهيئة المسالك.
وبحضور وزيرة التجهيز والإسكان من المنتظر أن تتواصل اليوم 21 جوان 2024 الجلسة العامة لمجلس نواب الشعب المخصصة للنظر في مشروع القانون المتعلق بالبنايات المتداعية للسقوط وتوجيه أسئلة شفاهية للوزيرة.
سارة الزعفراني: قسط من المساكن الاجتماعية سيخصص لجرحى الثورة والأمنيين والعسكريين
تعقيبا على مداخلات النواب قالت سارة الزعفراني وزيرة التجهيز والإسكان ووزيرة النقل بالنيابة مساء أمس خلال جلسة عامة برلمانية مخصصة للنظر في مشروع القانون المتعلق بالبنايات المتداعية للسقوط إن الوزارة حريصة على أن يتم توزيع المساكن الاجتماعية في أقرب الآجال. وبينت أنه بعد المصادقة على القائمات النهائية للمنتفعين بهذه المساكن على مستوى الجهات يقع إرسالها إلى وزارة التجهيز والإسكان وذكرت أن القائمات التي تم إعدادها في وقت سابق حصلت فيها العديد من التجاوزات لذلك تقرر القيام بتدقيق لأنه لا يمكن تسليم المساكن لغير مستحقيها. وقالت إن القائمات النهائية الخاصة بالمساكن الاجتماعية الكائنة في ولايات تونس وأريانة وبن عروس جاهزة وسيتم تنظيم قرعة وأضافت أنه تم تخصيص قسط من المساكن الاجتماعية لجرحى الثورة والآمنين والعسكريين وسيتم منحها عن طريق القرعة. وإثر القرعة سيقع إعداد العقود وخلصت إلى أن هذا الموضوع يهم كل الولايات ويعني الفئات ضعيفة الدخل لذلك فإن وزارتها حريصة على توزيعها في أقرب الآجال.
ولاحظت الوزيرة سارة الزعفراني أن ارتفاع أسعار السكن في تونس يعود إلى الإشكاليات التي مر بها قطاع السكن خلال السنوات الأخيرة جراء ارتفاع كلفة البناء وذلك بالنظر إلى الارتفاع المسجل في أسعار مواد البناء واليد العاملة وارتفاع كلفة التمويل المنجرة عن الزيادة المسجلة في نسبة فائدة القروض المرتبطة بالسوق النقدية وفسرت أن نسبة الفائدة المديرية ارتفعت من 4 بالمائة سنة 2018 إلى 8 بالمائة حاليا. وقالت إن الوزارة تتصرف في بعض البرامج على غرار صندوق النهوض بالمساكن لفائدة الأجراء الذي يسند قروضا يقع تسديدها على 25 سنة كما تشرف الوزارة على برنامج المسكن الأول الذي يمكن المنتفع من تمويل ذاتي بنسبة 20 بالمائة وهذا القرض بنسبة فائدة لا تتجاوز 2 بالمائة مع 5 سنوات إمهال.
وردا على النواب الذين تحدثوا عن المشاريع المعطلة قالت الوزيرة إنه لا بد من تضافر جهود مختلف الوزارات من أجل حلحلة الإشكاليات المتسببة في تعطيل انجاز تلك المشاريع.
وأضافت أن العديد من النواب تطرقوا إلى مشكل التهيئة العمرانية وأمثلة التهيئة لكن عليهم أن يتذكروا أن مجلة الجماعات المحلية تعود بالنظر للبلديات وليس للوزارة وفي حال تنقيح المجلة الصادرة سنة 2018 وإرجاع مهمة المتابعة لوزارة التجهيز فستتعهد الوزارة حينها بمسؤولياتها أما الآن فإن دورها يتمثل في المساندة ولكن البلديات هي التي تقوم بالمصادقة على أمثلة التهيئة وهي التي تقوم بالمتابعة، وعبرت عن رغبتها في مراجعة مجلة الجماعات المحلية في اتجاه إرجاع الأمثلة لوزارة التجهيز.
أما بالنسبة إلى المشاكل المرتبطة بالصفقات العمومية فهذا الملف حسب قولها موجود على مستوى رئاسة الحكومة وليس الوزارة وقد تم تحقيق تقدم في دراسته. وأضافت أن وزارة التجهيز ليست هي التي تخصص الاعتمادات ولو كان لديها ما يكفي من الإعتمادات فلن نجد طرقات مهترئة أو أريافا دون مسالك. وقالت إنه يجب التذكير بأن الإمكانيات المتاحة محدودة. وذكرت أنه في علاقة بتهيئة وتعبيد المسالك الريفية فإن الوزارة تقوم بمعدل 60 كلم خلال كل خماسي مع تدعيم 20 كلم من المسالك خلال السنة. وفسرت أن تخصيص الاعتمادات يتم من قبل وزارة المالية وذلك بناء على وضعية المالية العمومية. ولاحظت الوزيرة أن أغلب المشاريع التي تشرف عليها الوزارة هي مشاريع كبرى.
ربط الشرق بالغرب
ولدى حديثها عن المشاريع الكبرى قالت وزيرة التجهيز والإسكان إن هناك مشاريع الأروقة الإستراتيجية التي تهدف إلى ربط شرق البلاد بغربها وربط المناطق الداخلية بالمناطق الصناعية والساحلية في إطار التقسيم الجديد للأقاليم ومن بينها مشروع الطريق الوطنية 13 الذي سيربط القصرين وصفاقس مرورا بالقيروان وسيدي بوزيد وهو يمتد على 180 كلم وتقدر قيمته 1475 مليون دينار. وذكرت أنه تم إمضاء اتفاقيات مع البنك الدولي ومع البنك الأوروبي للاستثمار لتمويله على أمل أن يقع في موفى السنة الجارية الإعلان عن طلب العروض. كما يجري العمل حسب قولها على انجاز الدراسات الخاصة بالأروقة الإستراتجية التي تربط بين الحدود الجزائرية وقابس وتهم الطريق الوطنية 15 والطريق الوطنية 16 وتشمل الدراسة 500 كلم من الطرقات وهي عبارة عن طرقات سيارة من الشرق إلى الغرب. وذكرت أن طريق تونس جلمة بصدد الانجاز. وقالت إن هناك عدة دراسات جاهزة والمطلوب هو توفير الاعتمادات لتمويل مشاريع الوزارة.
أما في علاقة بمشاريع وزارة النقل التي تساءل عنها بعض النواب فأشارت وزيرة النقل بالنيابة إلى برمجة مشاريع هامة ومنها مشروع توسعة مطار تونس قرطاج وقالت إن الوزارة بصدد بحث التمويلات اللازمة لاستكمال مشاريع الشبكة الحديدية ونفس الشيء بالنسبة إلى توفير الحافلات لأنه لا بد من التركيز على تحسين منظومة النقل العمومي وفق تعبيرها.
وأضافت أن العديد من النواب تحدثوا عن الحواجز الموجودة في الطرقات والتي تسببت في حوادث مرور والحال أن الوزارة ليست هي التي وضعتها ولاحظت أن أغلب تلك الحواجز عشوائية لذلك علمت الوزارة على إزالة العديد منها وبينت أن المواطنين يضعون الحواجز اعتقادا منهم أنها ستحد من الحوادث لكنها في الحقيقة هي التي تتسبب في الحوادث.
وأجابت الوزيرة على أسئلة النواب المتعلقة بمشروع القانون المتعلق بالبنايات المتداعية للسقوط، ومن بينها ما تعلق بمسؤولية البلديات وفسرت أن المسؤولية تعود بدرجة أولى للمالكين وإن تقاعس المالك يتدخل رئيس البلدية على نفقة المالك وإذا تعذر على البلدية التدخل فإن وزارة التجهيز والإسكان هي التي تقوم بالتدخل في البناية المتداعية للسقوط في إطار العمليات الجماعية. وذكرت أنه في علاقة بالأراضي البيضاء المهملة التي أصبحت مصبات فضلات فلا يمكن إدراجها في مشروع القانون المذكور.
وعبرت الوزيرة عن استعداد الوزارة لإجابة النواب على جميع أسئلتهم وهي ترغب في أن يعمل الجميع معا من أجل انجاز المشاريع في الآجال.
سعيدة بوهلال
ـ مراجعة مجلة التهيئة الترابية.. تأهيل المسالك الريفية.. التسريع في إنجاز الطرقات المعطلة.. وحماية المدن من الفيضانات
تونس- الصباح
دعا العديد من النواب إلى التسريع في ترميم البنيات القديمة الواقعة في مدينة تونس وغيرها من المدن نظرا لأنها أصبحت تشكل خطرا كبيرا على المواطنين، وطالبوا أمس خلال جلستهم العامة المنعقدة بقصر باردو بحضور سارة الزعفراني وزيرة التجهيز والإسكان ووزيرة النقل بالنيابة والمخصصة للنظر في مشروع القانون المتعلق بالبنايات المتداعية للسقوط بحماية الأرواح البشرية ومراعاة وضعيات العائلات المقيمة في هذه المباني مع الحرص الشديد على المحافظة على المعالم التاريخية والأثرية واحترام الخصوصيات المعمارية لمناطق التدخل.. وانتهز العديد من النواب فرصة حضور الوزيرة للحديث عن المشاريع المعطلة والمدن المهددة بالفيضانات والبناء الفوضوي والنقائص التي تعاني منها الطرقات والمسالك الريفية وتطرق آخرون إلى معضلة النقل وحوادث الطرقات في حين أثار البعض منهم ملف السكن الاجتماعي وتساءلوا عن مقاسم الوكالة العقارية للسكنى .
رئيس لجنة التخطيط الاستراتيجي والتنمية المستدامة والنقل والبنية التحتية والتهيئة العمرانية النائب شفيق الزعفوري بين أنه بمناسبة دراسة مشروع القانون المذكور تم تنظيم جلسات استماع إلى مختلف الأطراف المعنية بالبنيات المتداعية للسقوط وذكر أن هذا المشروع وهو من أهم المشاريع التي مرت على المجالس النيابية المتعاقبة فهو مشروع هام جدا وأثار الكثير من الجدل ومر منذ سنوات بالعديد من المراحل والأطوار وعاد من جديد في شهر نوفمبر الماضي إلى مجلس نواب الشعب وتولت اللجنة نقاشه بجدية وأولته ما يستحق من عناية وكان محل تشاور بين الجميع واضعة نصب أعينها هدفا أساسيا وحيدا وهو التوافق. وأضاف أنه بعد استكمال كل المراحل تم التوصل إلى إعداد صيغة نهائية وكان هناك حرص على أن تكون قابلة للتطبيق على أرض الواقع وناجعة بما فيه الكفاية لحل أكثر ما يمكن من الإشكاليات المطروحة في علاقة بموضوع البنيات المتداعية للسقوط وخاصة منها البنايات التي تهدد سلامة المواطن وحياته في العديد من الحالات، وعبر عن رغبة اللجنة في أن يقع إنقاذ البنايات ذات الخصوصيات التاريخية أو التراثية أو المعمارية. وذكر أنه بفضل التنسيق المحكم بين المجلس النيابي ووزارة التجهيز والإسكان تم تجاوز العديد من الصعوبات والعراقيل وتمكنت اللجنة حسب تأكيده من تقريب وجهات النظر بين مختلف الأطراف المتداخلة ووصلت إلى صيغة معدلة وهذا مكسب يحسب للمجلس.
أما مقرر اللجنة النائب صالح السالمي فقدم حوصلة لعمل اللجنة منذ تعهدها بدراسة مشروع القانون وإلى غاية المصادقة عليه في صيغة معدلة.. وأشار إلى أن البنايات المتداعية للسقوط حسب آخر الإحصائيات المتوفرة بوزارة التجهيز والإسكان تمثل جزءا هاما من الرصيد السكني القائم بالمدن التونسية.
وقال السالمي إن البنايات التي تم تشييدها قبل 1956 تمثل حوالي 6 بالمائة من مجمل هذا الرصيد بما يعادل 181 ألف وحدة مبنية تبعا للتعداد العام للسكان والسكنى لسنة 2014. وتتمركز النسبة الأهم للرصيد القديم بالمدن الكبرى خاصة في ولايات تونس الكبرى وبنزرت وصفاقس حيث تعد بلدية تونس حوالي 1000 عقار متداع للسقوط منها 100 عقار تتطلب الإخلاء الفوري، في حين يوجد في ولاية المهدية حوالي 530 عقارا متداعيا للسقوط منها 135 تتطلب الإخلاء الفوري، ويوجد في ولاية نابل حوالي 280 عقارا متداعيا للسقوط منها قرابة 48 عقارا تتطلب الإخلاء الفوري، بينما يبلغ عدد هذه العقارات في ولاية جندوبة حوالي 175 عقارا متداعيا للسقوط منها حوالي 40 عقارا تتطلب الإخلاء الفوري، أما في ولاية القيروان فتم إحصاء حوالي 90 عقارا متداعيا للسقوط منها حوالي 56 عقارا تتطلب الإخلاء الفوري.
وقال مقرر اللجنة إنه أمام تفاقم وضعية البنايات المتداعية للسقوط تأكدت الحاجة إلى إيجاد إطار قانوني يمكن من معالجة هذه الوضعية وأضاف أنه تم من خلال مشروع القانون التأكيد على الطابع الإداري لإجراءات التدخل لاستصدار وتنفيذ القرارات المتخذة في إطار التعهد بالبنيات المتداعية للسقوط سواء بالإخلاء أو الهدم أو الترميم الثقيل، وتم ضبط مختلف إجراءات التدخل في حالة تداعي بناية للسقوط وإخضاع القرارات المتخذة في شأنها لرقابة القاضي الإداري، كما تمت إتاحة إمكانية اللجوء إلى الانتزاع من أجل المصلحة العمومية في إطار تدخل السلطة العامة لتفادي الكوارث بما فيها البنايات المتداعية للسقوط، وإضافة إلى ذلك تم من خلال المشروع تحديد العمليات الجماعية التي يمكن أن تقوم بها الدولة مباشرة أو بتسليم المهمة إلى باعثين عقاريين عموميين لمساندة البلديات على التصدي لتفاقم ظاهرة البنايات المتداعية للسقوط، وكما تم تحفيز المالكين على الانخراط في برامج شراكة مع الجماعة المحلية والدولة والباعثين العقاريين العموميين لهدم عقاراتهم وإعادة بنائها في إطار اتفاقيات تبرم للغرض مع منح ضمانات للمالك والشاغل في مواجهة الإجراءات الإدارية المتخذة في إطار التدخل في البنايات المهددة بالسقوط.
وبين السالمي أن مشروع القانون حظي باهتمام بالغ من قبل لجنة التخطيط الاستراتيجي والتنمية المستدامة والنقل والبنية التحتية والتهيئة العمرانية، حيث عقدت اللجنة 14 جلسة استغرقت 49 ساعة عمل واستمعت إلى وزيرة التجهيز والإسكان وإلى ممثلين عن وزارة الداخلية ووزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية ووزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة الشؤون الثقافية وممثلين عن هيئة المهندسين المعماريين وعمادة المهندسين التونسيين وممثلين عن جمعية صيانة مدينة تونس واللجنة الوطنية التونسية للمجلس الدولي للمعالم والمواقع وجمعية مباني وذاكرات.
وخلال النقاش لم يخف النواب حرصهم على ضمان التنسيق اللازم بين مختلف الأطراف المعنية بالبنيات المتداعية للسقوط وأجمعوا على أهمية مشروع القانون المعروض على أنظار جلستهم العامة.
أهل الاختصاص
آمال المؤدب النائبة عن كتلة صوت الجمهورية نبهت إلى وجود أكثر من خمسة آلاف مبنى متداع للسقوط يهدد سلامة المارة والأجوار، ولاحظت أن مشروع القانون المتعلق بالبنيات المتداعية للسقوط في صيغته التي تم إعدادها سنة 2017 لم يراع الإشكاليات التي تعاني منها المباني التاريخية والأثرية وتم لاحقا تدارك الأمر والأخذ بعين الاعتبار تلك الإشكاليات. وأشارت إلى الحوار البناء الذي تم صلب اللجنة بمناسبة نقاش المشروع وهو ما أدى إلى التوصل إلى صيغة توافقية وذكرت أنه كان هناك اختلاف في وجهات النظر لأن كل النواب يرغبون في الوصول إلى صياغة قانون سهل التنفيذ ويضمن نجاعة التدخل في تلك البنايات. وقالت المؤدب إنه يجب ألا يغيب عن الأذهان أن المشروع له انعكاسات اجتماعية لأن البنيات المعنية تقطن فيها عائلات، وفي صورة سقوط مبنى في عطلة نهاية الأسبوع يجب أن تتضافر جهود الجميع من وزارات وبلديات وجمعيات من أجل إيواء متساكنيها. وذكرت أن أهم سؤال وقع طرحه صلب اللجنة يتعلق بالمكان الذي سيأوي العائلات التي تقطن في تلك البنيات المتداعية للسقوط لأنه لا يجب تركهم في الشوارع.. وأضافت أنه تم التأكيد أيضا على ضرورة توفر المعدات اللازمة للتدخل العاجل عندما يكون هناك خطر محدق ووشيك من أجل تلافي الخسائر البشرية. وترى النائبة أن مالك المبني مطالب بدوره بتحمل المسؤولية وأشارت إلى أن مشروع القانون جاء ليوضح مسؤوليات المالكين والدولة والبلديات.
ولاحظت أن تشخيص المبنى يجب أن يكون عن طريق مختص مؤهل للغرض، وفسرت النائبة التي كانت في السابق مهندسة الفرق بين البنايات التي يعود تاريخ تشييدها إلى 200 سنة خلت والقائمة على الخرسانة والبنايات التي تعود إلى الخمسينات وخلصت إلى إبراز أهمية دور المهندس المعماري عند التدخل في عقار قديم وترى أنه يجب أن يكون التشخيص من قبل مختص في الخرسانة وقالت إن التدخل في عقار قديم يحتاج إلى عمل فني وتقني وخبرة.. وأشارت إلى أن مجلة التهيئة العمرانية نصت على وجوب الحصول على ترخيص من رئيس البلدية وأن يقع رسم مشروع البناية من قبل مهندس مرسم في هيئة المهندسين المعماريين إلا في حالات استثنائية وهذا يعني أن أي تدخل في أي بناية يحتاج إلى الحصول على رخصة ترميم. وذكرت أن تدخل المهندس المعماري لن يثقل كاهل المالك بل سيسمح تدخله بأن تكون الأشغال مطابقة للمعايير.
ثروة وطنية
أنور المرزوقي النائب عن الكتلة الوطنية المستقلة بين أن مشروع القانون المتعلق بالبنيات المتداعية للسقوط يكتسي أهمية كبيرة ويهدف إلى إنقاذ رصيد كبير من المباني التي تمثل ثروة وطنية لكنها أصبحت تشكل خطرا محدقا بسلامة المواطنين، خاصة تلك البنيات التي تجاوز عمرها القرن. كما تسببت المباني المتداعية في تشويه جمالية المدن حسب قوله. وقدم المرزوقي قراءة نقدية في تقرير لجنة التخطيط الاستراتيجي والتنمية المستدامة والنقل والبنية التحتية والتهيئة العمرانية المتعلق بمشروع القانون، وذكر أن التقرير أشار إلى الاستئناس بالتجارب السابقة ولكنه يرى أن ما حصل في السابق في الحفصية وحي صقلية وباب سويقة وغيرها هي عمليات تشويه لأن الكثير من التدخلات لم تستجب للشروط المطلوبة. واستفسر النائب عن مصير بنايات متداعية للسقوط واقعة بمدينة نابل لأن هناك بنايات ملكيتها مشتركة ويجب التفكير في حل لمشكل تعطيل أشغال تهيئتها في حال رفض أحد المالكين تحمل مسؤولياته. ولدى حديثه عن البيانات التاريخية المتداعية للسقوط قال المرزوقي إنه لا يفهم سبب تزايد عددها ولماذا يجب عدم المساس بالمعالم التاريخية غير المرتبة الموجودة على مسافة 200 متر من المعالم المرتبة وتركها على حالها إلى حين انهيارها. ولاحظ أن معهد التراث لا يملك الإمكانيات البشرية واللوجستية اللازمة للتدخل إذ يوجد فيه 40 باحثا وهذا العدد لا يكفي للتدخل في البنايات الموجودة في مدينة تونس فقط. وقال إن كتلته فكرت في تقديم مقترح قانون يتعلق بالتراث والوكالة الوطنية للتراث ومعهد التراث بهدف تجاوز النقائص. أما بخصوص الشراكة بين الدولة والبلدية والخواص فيرى النائب أنه لا بد من اعتماد مقاربة شمولية حتى لا تبقى مشاريع التهيئة والترميم حبرا على ورق.
الأراضي المهملة
سنيا بن مبروك النائبة عن كتلة الأمانة والعمل أشارت إلى تنامي عدد البنايات المتداعية للسقوط خلال السنوات الأخيرة وبينت أنها أصبحت تهدد سلامة المواطنين وقالت إنها كانت ترغب في إدراج الأراضي المهملة التي تحولت إلى مصبات للفضلات ضمن مشروع القانون المتعلق بالبنايات المتداعية للسقوط، وذكرت أن التعامل مع هذه الأراضي أسهل من التعاطي مع البنايات المتداعية للسقوط، وترى بن مبروك أن مالكي تلك الأراضي يتحملون المسؤولية مثلما أن الدولة لها دور في هذا الإهمال جراء عدم توفر الإمكانيات الضرورية للتدخل، ونبهت النائبة إلى أن دار الثقافة مصطفى أغا بالكرم وهي في الأصل كنيسة غير مصنفة تحتاج إلى الصيانة والترميم لأنها تشكل خطرا على روادها، وبينت أنها وجهت بتاريخ 27 فيفري الماضي سؤالا كتابيا لوزيرة التجهيز والإسكان حول هذه البناية وأجابتها الوزيرة بعدم الاختصاص، كما توجهت في نفس التاريخ بسؤال إلى وزيرة الثقافة وأجابت الوزيرة أن وزارتها تعهدت بمشروع تهيئة وصيانة دار الثقافة بالكرم وأن الدراسات بلغت مراحل متقدمة إلا أن هذا المشروع تعطل بعد وفاة المهندس المستشار المكلف بقسط الهياكل والشبكات المختلفة وتم إشعار الولاية والإدارة الجهوية للتجهيز بتونس من أجل تعيين مهندس جديد حتى يتسنى تحيين الدراسات واستكمالها والإعلان عن طلب العروض، وأفادت وزارة الثقافة أنه لا يمكن تحديد موعد الانطلاق في الأشغال لارتباطه بنسبة تقدم الانجاز من قبل الإدارة الجهوية للتجهيز في تونس على اعتبار أنها صاحبة المنشأ المفوض.. وبعد قراءة رد وزارة الثقافة تساءلت سنيا بن مبروك هل أن الإدارة الجهوية للتجهيز تابعة لوزارة التجهيز والإسكان أم لا لأن وزيرة التجهيز أجابت بعدم الاختصاص.. وذكرت أنه في إطار ضمان استمرارية الدولة على وزارة التجهيز والإسكان تعيين مهندس جديد في أقرب الآجال، وطالبت النائبة بالعناية بالبنايات المتداعية للسقوط في الكرم ومنها الكائنة بنهج عبد الكريم الخطابي ونهج لاغة ونهج ساقية سيدي يوسف ولاحظت أن البنايات الموجودة بمنطقة لافايات بالعاصمة تعاني من الإهمال وكان بالإمكان أن تكون متحفا مفتوحا للبنايات الفرنسية القديمة وكذلك الشأن بالنسبة إلى المباني الموجودة في منطقة صقلية الصغرى فهذه المنطقة يمكن أن تكون من أرقى الأحياء في تونس. وشددت بن مبروك على ضرورة التسريع في تهيئة البنايات المتداعية الكائنة في العديد من الأحياء الشعبية والتي تحولت إلى بؤر للإجرام والمخدرات. وقالت إنها لا تريد أن تحميل البلديات مسؤولية الإشراف على عمليات الترميم والتهذيب ولاحظت أن وكالة التجديد والتهذيب العمراني اضطلعت في السابق بهذه المهمة وهي تحتاج اليوم إلى التطوير وتوسيع صلاحياتها.
مشروع غامض
لاحظت النائبة غير المنتمية إلى كتل ماجدة الورغي أن لجنة التخطيط الاستراتيجي والتنمية المستدامة والنقل والبنية التحتية والتهيئة العمرانية بذلت جهدا كبيرا في دراسة مشروع القانون المتعلق بالبنيات المتداعية للسقوط، وذكرت أنه كان هناك تناغم مع وزارة التجهيز والإسكان. وسلطت الورغي في مداخلتها الضوء على ملف يتعلق بمشروع غامض حسب وصفها يتعلق بدار الثقافة منزل بورقيبة وقالت إنها لا تريد اتهام أي طرف ولكنها ترغب في معرفة تاريخ انطلاق الأشغال وتاريخ إنتهائها وطبيعة التدخل وكلفته، لأن المعطيات التي في حوزتها تفيد أنه تم رصد 700 ألف دينار لتهيئة قاعة العروض وهذا المبلغ يمكن أن يكفي لبناء دار ثقافة ثانية وليس تهيئة قاعة. وذكرت أن المقاول تعهد بتسليم المشروع في 31 مارس 2024 لكن إلى غاية اليوم لا يوجد مشروع ولاحظت أنه لم تقع استشارة المختصين في الثقافة قبل تهيئة قاعة العروض التي كانت في الماضي بيت الراهبات بالكنيسة.. واستفسرت متى سينتهي إنجاز هذا المشروع وكيف تم صرف 700 ألف دينار وفي صورة تخصيص هذا المبلغ الكبير لماذا يتم غلق الباب بخزانة.. ودعت النائبة وزيرة التجهيز والإسكان إلى زيارة ولاية بنزرت لمعاينة وضعية الطرقات.
جهر الأودية
أما بثينة الغانمي النائبة عن كتلة الخط الوطني السيادي فتساءلت أما آن الأوان لمراجعة مجلة التهيئة الترابية بما يجعلها فاعلة في تنظيم استعمال الفضاء الترابي ومحققة للنمو الاقتصادي المنشود، وأشارت إلى أن كتلتها تعتبر مشروع القانون المتعلق بالبنايات المتداعية للسقوط مكسبا لما تضمنه من فصول تراعي الجانب الإنساني وتقي المواطنين من المخاطر التي قد تودي بحياتهم لكنها تتحفظ على عدد من الفصول ومنها الفصل 32 الذي نص على إمكانية تنفيذ برامج سكنية لتجديد الأحياء وتهذيبها في إطار عمليات جماعية قد تكون البلدية طرفا فيها، إلا أن ذلك قد يثقل كاهل البلديات نظرا لإمكانياتها المحدودة ولانشغالها بتهيئة الطرقات وصيانتها وبالعناية بالنظافة والبيئة. ودعت الغانمي وزارة التجهيز والإسكان إلى مزيد الحرص على حماية المدن من الفيضانات ولاحظت أن عديد المدن تغرق في المياه بمجرد سيلان كميات قليلة من الأمطار. وشددت على ضرورة صيانة الطرقات التي تضررت من الفيضانات في باجة ودعت إلى جهر الأودية بهذه الجهة مثل وادي بوزقدم ووادي البسيم وذكرت أن العديد من المسالك الريفية في حاجة إلى الصيانة لحمايتها من الحرائق ولفك العزلة عن الفلاحين واقترحت الترفيع في الاعتمادات المرصودة لتهيئة المسالك.
وبحضور وزيرة التجهيز والإسكان من المنتظر أن تتواصل اليوم 21 جوان 2024 الجلسة العامة لمجلس نواب الشعب المخصصة للنظر في مشروع القانون المتعلق بالبنايات المتداعية للسقوط وتوجيه أسئلة شفاهية للوزيرة.
سارة الزعفراني: قسط من المساكن الاجتماعية سيخصص لجرحى الثورة والأمنيين والعسكريين
تعقيبا على مداخلات النواب قالت سارة الزعفراني وزيرة التجهيز والإسكان ووزيرة النقل بالنيابة مساء أمس خلال جلسة عامة برلمانية مخصصة للنظر في مشروع القانون المتعلق بالبنايات المتداعية للسقوط إن الوزارة حريصة على أن يتم توزيع المساكن الاجتماعية في أقرب الآجال. وبينت أنه بعد المصادقة على القائمات النهائية للمنتفعين بهذه المساكن على مستوى الجهات يقع إرسالها إلى وزارة التجهيز والإسكان وذكرت أن القائمات التي تم إعدادها في وقت سابق حصلت فيها العديد من التجاوزات لذلك تقرر القيام بتدقيق لأنه لا يمكن تسليم المساكن لغير مستحقيها. وقالت إن القائمات النهائية الخاصة بالمساكن الاجتماعية الكائنة في ولايات تونس وأريانة وبن عروس جاهزة وسيتم تنظيم قرعة وأضافت أنه تم تخصيص قسط من المساكن الاجتماعية لجرحى الثورة والآمنين والعسكريين وسيتم منحها عن طريق القرعة. وإثر القرعة سيقع إعداد العقود وخلصت إلى أن هذا الموضوع يهم كل الولايات ويعني الفئات ضعيفة الدخل لذلك فإن وزارتها حريصة على توزيعها في أقرب الآجال.
ولاحظت الوزيرة سارة الزعفراني أن ارتفاع أسعار السكن في تونس يعود إلى الإشكاليات التي مر بها قطاع السكن خلال السنوات الأخيرة جراء ارتفاع كلفة البناء وذلك بالنظر إلى الارتفاع المسجل في أسعار مواد البناء واليد العاملة وارتفاع كلفة التمويل المنجرة عن الزيادة المسجلة في نسبة فائدة القروض المرتبطة بالسوق النقدية وفسرت أن نسبة الفائدة المديرية ارتفعت من 4 بالمائة سنة 2018 إلى 8 بالمائة حاليا. وقالت إن الوزارة تتصرف في بعض البرامج على غرار صندوق النهوض بالمساكن لفائدة الأجراء الذي يسند قروضا يقع تسديدها على 25 سنة كما تشرف الوزارة على برنامج المسكن الأول الذي يمكن المنتفع من تمويل ذاتي بنسبة 20 بالمائة وهذا القرض بنسبة فائدة لا تتجاوز 2 بالمائة مع 5 سنوات إمهال.
وردا على النواب الذين تحدثوا عن المشاريع المعطلة قالت الوزيرة إنه لا بد من تضافر جهود مختلف الوزارات من أجل حلحلة الإشكاليات المتسببة في تعطيل انجاز تلك المشاريع.
وأضافت أن العديد من النواب تطرقوا إلى مشكل التهيئة العمرانية وأمثلة التهيئة لكن عليهم أن يتذكروا أن مجلة الجماعات المحلية تعود بالنظر للبلديات وليس للوزارة وفي حال تنقيح المجلة الصادرة سنة 2018 وإرجاع مهمة المتابعة لوزارة التجهيز فستتعهد الوزارة حينها بمسؤولياتها أما الآن فإن دورها يتمثل في المساندة ولكن البلديات هي التي تقوم بالمصادقة على أمثلة التهيئة وهي التي تقوم بالمتابعة، وعبرت عن رغبتها في مراجعة مجلة الجماعات المحلية في اتجاه إرجاع الأمثلة لوزارة التجهيز.
أما بالنسبة إلى المشاكل المرتبطة بالصفقات العمومية فهذا الملف حسب قولها موجود على مستوى رئاسة الحكومة وليس الوزارة وقد تم تحقيق تقدم في دراسته. وأضافت أن وزارة التجهيز ليست هي التي تخصص الاعتمادات ولو كان لديها ما يكفي من الإعتمادات فلن نجد طرقات مهترئة أو أريافا دون مسالك. وقالت إنه يجب التذكير بأن الإمكانيات المتاحة محدودة. وذكرت أنه في علاقة بتهيئة وتعبيد المسالك الريفية فإن الوزارة تقوم بمعدل 60 كلم خلال كل خماسي مع تدعيم 20 كلم من المسالك خلال السنة. وفسرت أن تخصيص الاعتمادات يتم من قبل وزارة المالية وذلك بناء على وضعية المالية العمومية. ولاحظت الوزيرة أن أغلب المشاريع التي تشرف عليها الوزارة هي مشاريع كبرى.
ربط الشرق بالغرب
ولدى حديثها عن المشاريع الكبرى قالت وزيرة التجهيز والإسكان إن هناك مشاريع الأروقة الإستراتيجية التي تهدف إلى ربط شرق البلاد بغربها وربط المناطق الداخلية بالمناطق الصناعية والساحلية في إطار التقسيم الجديد للأقاليم ومن بينها مشروع الطريق الوطنية 13 الذي سيربط القصرين وصفاقس مرورا بالقيروان وسيدي بوزيد وهو يمتد على 180 كلم وتقدر قيمته 1475 مليون دينار. وذكرت أنه تم إمضاء اتفاقيات مع البنك الدولي ومع البنك الأوروبي للاستثمار لتمويله على أمل أن يقع في موفى السنة الجارية الإعلان عن طلب العروض. كما يجري العمل حسب قولها على انجاز الدراسات الخاصة بالأروقة الإستراتجية التي تربط بين الحدود الجزائرية وقابس وتهم الطريق الوطنية 15 والطريق الوطنية 16 وتشمل الدراسة 500 كلم من الطرقات وهي عبارة عن طرقات سيارة من الشرق إلى الغرب. وذكرت أن طريق تونس جلمة بصدد الانجاز. وقالت إن هناك عدة دراسات جاهزة والمطلوب هو توفير الاعتمادات لتمويل مشاريع الوزارة.
أما في علاقة بمشاريع وزارة النقل التي تساءل عنها بعض النواب فأشارت وزيرة النقل بالنيابة إلى برمجة مشاريع هامة ومنها مشروع توسعة مطار تونس قرطاج وقالت إن الوزارة بصدد بحث التمويلات اللازمة لاستكمال مشاريع الشبكة الحديدية ونفس الشيء بالنسبة إلى توفير الحافلات لأنه لا بد من التركيز على تحسين منظومة النقل العمومي وفق تعبيرها.
وأضافت أن العديد من النواب تحدثوا عن الحواجز الموجودة في الطرقات والتي تسببت في حوادث مرور والحال أن الوزارة ليست هي التي وضعتها ولاحظت أن أغلب تلك الحواجز عشوائية لذلك علمت الوزارة على إزالة العديد منها وبينت أن المواطنين يضعون الحواجز اعتقادا منهم أنها ستحد من الحوادث لكنها في الحقيقة هي التي تتسبب في الحوادث.
وأجابت الوزيرة على أسئلة النواب المتعلقة بمشروع القانون المتعلق بالبنايات المتداعية للسقوط، ومن بينها ما تعلق بمسؤولية البلديات وفسرت أن المسؤولية تعود بدرجة أولى للمالكين وإن تقاعس المالك يتدخل رئيس البلدية على نفقة المالك وإذا تعذر على البلدية التدخل فإن وزارة التجهيز والإسكان هي التي تقوم بالتدخل في البناية المتداعية للسقوط في إطار العمليات الجماعية. وذكرت أنه في علاقة بالأراضي البيضاء المهملة التي أصبحت مصبات فضلات فلا يمكن إدراجها في مشروع القانون المذكور.
وعبرت الوزيرة عن استعداد الوزارة لإجابة النواب على جميع أسئلتهم وهي ترغب في أن يعمل الجميع معا من أجل انجاز المشاريع في الآجال.