-الشباب أكثر وعي وثقافة ومعرفة من السياسيين القدامى وحرب غزة ساهمت في نضجهم بالقضايا الوطنية والإنسانية
تونس – الصباح
احتفى قياديو ومناضلو حركة الديمقراطيين الاشتراكيين بذكرى تأسيس الحركة الذي كان يوم 10 جوان 1978، وسط وضع يتسم بغياب حركية المشهد السياسي.. وهو وضع فسره نجيب العياري، القيادي في الحركة (والذي يفضل تقديم نفسه كمناضل بعد أن قضى حوالي أربعة عقود داخل الحركة) بأنه خفوت وصمت وغياب وليد عدة عوامل من أبرزها تراجع اهتمام السياسيين بالعمل السياسي في المرحلة الأخيرة بعد ترذيل العمل السياسي من ناحية، وانشغال المواطن بأزمات النقص في مواد الغذائية وغلاء الأسعار من ناحية ثانية، وتوجه الاهتمامات إلى التحولات التي ما انفك يشهدها العالم من ناحية أخرى باعتبار أن تونس ليست بمنأى عن ذلك، وفق تقديره في حديثه لـ"الصباح".
وأفاد نجيب العياري أن حركة الديمقراطيين الاشتراكيين حاولت بعد تاريخ 25 جويلية 2021 الاستفادة من تغير المشهد السياسي وانخرطت في القيام بمراجعات للعودة إلى المشهد العام بعد الأزمات الداخلية التي عرفتها في مرحلة ما بعد ثورة 2011، مشددا على أن الحركة لا تزال متمسكة بمبادئها التي تأسست عليها.
وأضاف العياري قائلا:"حركة الديمقراطيين الاشتراكيين متمسكة بالمبادئ والأدبيات التي تأسست عليها في نهاية السبعينات من القرن الماضي كحزب منبثق عن لجنة الحريات، فرابطة حقوق الإنسان والمتمثلة في صيانة كرامة المواطن والدفاع عن حقوقه الأساسية وحرياته والتمسك بالجذور والهوية الإسلامية بعيدا عن الغوغائية والتوظيف مع وضع مصلحة الوطن العليا ضمن أولوياته، والتمسك بالديمقراطية وإقرار نظام اشتراكي يرفض استغلال الإنسان للإنسان ويجعل التنمية الاقتصادية في خدمة العدالة الاجتماعية، إضافة إلى العمل على تشييد المغرب العربي الكبير كمرحلة نحو الوحدة العربية، لكننا اليوم في مرحلة "ستاندآب".
تحولات وتغيرات ومراجعات
واعتبر العياري أن الوضع الداخلي والعالمي اليوم وما يعرفه من تحولات يوجب على الطبقة السياسية القيام بمراجعات تدفعها ضرورة للتنازل وترك المجال للأجيال الصاعدة في الحقل السياسي لاسيما في مستوى القيادات والصفوف الأمامية في الأحزاب والمشهد السياسي بشكل عام. حيث أضاف قائلا:"صحيح أني قضيت أكثر من أربعين عاما في النشاط والعمل السياسي، ولكن في تقديري الوضع اليوم تغير ولم يعد للطبقة السياسية الكلاسيكية أي دور في الوضع الحالي ومتغيراته ومتطلباته. لذا يفترض على الجميع التخلي والابتعاد وترك المجال للجيل الصاعد ليقوم بدوره لأنه أكثر منا وعيا ومعرفة وثقافة وإيمانا بالقضايا الوطنية والإقليمية والإنسانية وقد كشفت حرب الاحتلال الصهيوني الأخيرة على، غزة هذه الحقيقة".
وبين محدثنا أن ما هو موجود اليوم على الساحة السياسية في تونس مجرد أحزاب تنازع البقاء وتريد أن تثبت أنها لا تزال موجودة لا غير في حين يعتبر أن "القوميين العرب بالمفهوم الكلاسيكي انتهى دورهم لأنهم جاؤوا في سياق مخطط تدميري استعماري قديم"، كما أضاف قائلا في سياق متصل:"لم تعد اليوم أي مكانة أو قيمة للعمل السياسي سوى البحث عن موطئ قدم في المشهد العام. لذا أدعو السياسيين اليوم إلى ترك المجال للشباب والاكتفاء بدور التأطير والتكوين أو دور استشاري، لأن ما عرفه في العشرية الماضية وفي حرب غزة ساهم في تسريع نضج هذا الجيل الصاعد الذي لم يتجاوز العقدين بالقضايا الوطنية والإقليمية والإنسانية". وأضاف محدثنا:"نفس هذا الشباب غير المعادلة السياسية في الانتخابات الرئاسية 2019 وهو من صنع 25 جويلية 2021 وكان يتوق لما أبعد من أهداف. ولم تستطع القوى السياسية والمدنية في جميع محاولاتها استدراجه لمربعها ولكنه هو من سيصنع تاريخه ويجتاز الصعاب. فهم أهل الساحة السياسية القادمون شئنا أم أبينا. لذلك لي الشرف أن أكون مناضلا ديمقراطيا اشتراكيا قاعديا أكثر منه قياديا في الحركة اليوم. ليقيني أن اليوم هو زمن الشباب وهو القادر على التغيير والبناء والتأسيس".
ويعتبر محدثنا أن الوضع الحزبي في تونس اليوم لم يعد يحتمل الأفكار والتوجهات التي لم تعد صالحة لهذا الزمن وهذه الأجيال الصاعدة والتشرذم الحزبي أو ما وصفه بـ"الفقاقيع" الحزبية المتشابهة بل يتطلب مراجعات جذرية وشاملة تتجاوز ما هو وطني لتشمل الإقليمي المغاربي والعربي.. لكنه في المقابل رفض دخول حزبه أي جبهة أو قطب سياسي في تونس طالما لم تكن هذه المبادرات نابعة عن مراجعات وبرامج ومشاريع هادفة، واستشهد في ذلك برفض حركة الديمقراطيين الاشتراكيين الانضمام إلى جبهة الخلاص عندما عرض عليها ذلك ليقينه بأنه لا جدوى من العملية.
ويذكر أنه سبق أن أكد محدثنا في حديث سابق لـ"لصباح"، أنه لا جدوى من جبهة الخلاص أو غيرها من التكتلات والجبهات السياسية التي بدأت تتشكل في سياق معارضة المسار الذي يقوده رئيس الجمهورية قيس سعيد ما بعد 25 جويلية 2021، على اعتبار أنها مجرد "تجمعات" يريد أن يثبت أصحابها أنهم "هنا" موجودون في الساحة لا غير.
مستقبل قوى التجمعات والأقطاب
وأوضح العياري قائلا:"العالم يشهد تغيرات وتحولات والعالم الجديد بصدد التشكل. وأصبح اليوم التوجه نحو إعادة تشكل وتنظيم وهيكلة القوى والأقطاب على غرار روسيا العائدة والصين ومجموعة "البريكس" والاتحاد الأوروبي وغيرها. فالمستقبل سيكون للعمل السياسي المنظم والتجمعات الإقليمية الكبرى وهو ما أكدته مراكز الدراسات في أمريكا وبلدان متقدمة وظفتها للغرض لمعرفة التوقعات المستقبلية، في حين أن البلدان العربية لا تزال خارج وقع هذه التحولات".
واعتبر نجيب العياري أنه مثلما يدعو حزبه إلى أن بلادنا لا يمكن أن تكون قوة ضاربة دون الانفتاح على المجال المغاربي، فإنه يعتبر هذا التوجه ضرورة تفرضها التحولات التي يمر بها العالم اليوم بما يحافظ على البلدان المغاربية كتلة وقوة إقليمية قادرة على تشكيل قوة اقتصادية وسياسية تمكنها من فرض نسقها وخياراتها على مستوى دولي. لأنه يعتبر أن التحولات السوسيولوجية في المجتمعات أصبحت في ظل الراهن تمر بنسق متسارع.
-على الجميع ترك المجال للجيل السياسي الصاعد
-الشباب أكثر وعي وثقافة ومعرفة من السياسيين القدامى وحرب غزة ساهمت في نضجهم بالقضايا الوطنية والإنسانية
تونس – الصباح
احتفى قياديو ومناضلو حركة الديمقراطيين الاشتراكيين بذكرى تأسيس الحركة الذي كان يوم 10 جوان 1978، وسط وضع يتسم بغياب حركية المشهد السياسي.. وهو وضع فسره نجيب العياري، القيادي في الحركة (والذي يفضل تقديم نفسه كمناضل بعد أن قضى حوالي أربعة عقود داخل الحركة) بأنه خفوت وصمت وغياب وليد عدة عوامل من أبرزها تراجع اهتمام السياسيين بالعمل السياسي في المرحلة الأخيرة بعد ترذيل العمل السياسي من ناحية، وانشغال المواطن بأزمات النقص في مواد الغذائية وغلاء الأسعار من ناحية ثانية، وتوجه الاهتمامات إلى التحولات التي ما انفك يشهدها العالم من ناحية أخرى باعتبار أن تونس ليست بمنأى عن ذلك، وفق تقديره في حديثه لـ"الصباح".
وأفاد نجيب العياري أن حركة الديمقراطيين الاشتراكيين حاولت بعد تاريخ 25 جويلية 2021 الاستفادة من تغير المشهد السياسي وانخرطت في القيام بمراجعات للعودة إلى المشهد العام بعد الأزمات الداخلية التي عرفتها في مرحلة ما بعد ثورة 2011، مشددا على أن الحركة لا تزال متمسكة بمبادئها التي تأسست عليها.
وأضاف العياري قائلا:"حركة الديمقراطيين الاشتراكيين متمسكة بالمبادئ والأدبيات التي تأسست عليها في نهاية السبعينات من القرن الماضي كحزب منبثق عن لجنة الحريات، فرابطة حقوق الإنسان والمتمثلة في صيانة كرامة المواطن والدفاع عن حقوقه الأساسية وحرياته والتمسك بالجذور والهوية الإسلامية بعيدا عن الغوغائية والتوظيف مع وضع مصلحة الوطن العليا ضمن أولوياته، والتمسك بالديمقراطية وإقرار نظام اشتراكي يرفض استغلال الإنسان للإنسان ويجعل التنمية الاقتصادية في خدمة العدالة الاجتماعية، إضافة إلى العمل على تشييد المغرب العربي الكبير كمرحلة نحو الوحدة العربية، لكننا اليوم في مرحلة "ستاندآب".
تحولات وتغيرات ومراجعات
واعتبر العياري أن الوضع الداخلي والعالمي اليوم وما يعرفه من تحولات يوجب على الطبقة السياسية القيام بمراجعات تدفعها ضرورة للتنازل وترك المجال للأجيال الصاعدة في الحقل السياسي لاسيما في مستوى القيادات والصفوف الأمامية في الأحزاب والمشهد السياسي بشكل عام. حيث أضاف قائلا:"صحيح أني قضيت أكثر من أربعين عاما في النشاط والعمل السياسي، ولكن في تقديري الوضع اليوم تغير ولم يعد للطبقة السياسية الكلاسيكية أي دور في الوضع الحالي ومتغيراته ومتطلباته. لذا يفترض على الجميع التخلي والابتعاد وترك المجال للجيل الصاعد ليقوم بدوره لأنه أكثر منا وعيا ومعرفة وثقافة وإيمانا بالقضايا الوطنية والإقليمية والإنسانية وقد كشفت حرب الاحتلال الصهيوني الأخيرة على، غزة هذه الحقيقة".
وبين محدثنا أن ما هو موجود اليوم على الساحة السياسية في تونس مجرد أحزاب تنازع البقاء وتريد أن تثبت أنها لا تزال موجودة لا غير في حين يعتبر أن "القوميين العرب بالمفهوم الكلاسيكي انتهى دورهم لأنهم جاؤوا في سياق مخطط تدميري استعماري قديم"، كما أضاف قائلا في سياق متصل:"لم تعد اليوم أي مكانة أو قيمة للعمل السياسي سوى البحث عن موطئ قدم في المشهد العام. لذا أدعو السياسيين اليوم إلى ترك المجال للشباب والاكتفاء بدور التأطير والتكوين أو دور استشاري، لأن ما عرفه في العشرية الماضية وفي حرب غزة ساهم في تسريع نضج هذا الجيل الصاعد الذي لم يتجاوز العقدين بالقضايا الوطنية والإقليمية والإنسانية". وأضاف محدثنا:"نفس هذا الشباب غير المعادلة السياسية في الانتخابات الرئاسية 2019 وهو من صنع 25 جويلية 2021 وكان يتوق لما أبعد من أهداف. ولم تستطع القوى السياسية والمدنية في جميع محاولاتها استدراجه لمربعها ولكنه هو من سيصنع تاريخه ويجتاز الصعاب. فهم أهل الساحة السياسية القادمون شئنا أم أبينا. لذلك لي الشرف أن أكون مناضلا ديمقراطيا اشتراكيا قاعديا أكثر منه قياديا في الحركة اليوم. ليقيني أن اليوم هو زمن الشباب وهو القادر على التغيير والبناء والتأسيس".
ويعتبر محدثنا أن الوضع الحزبي في تونس اليوم لم يعد يحتمل الأفكار والتوجهات التي لم تعد صالحة لهذا الزمن وهذه الأجيال الصاعدة والتشرذم الحزبي أو ما وصفه بـ"الفقاقيع" الحزبية المتشابهة بل يتطلب مراجعات جذرية وشاملة تتجاوز ما هو وطني لتشمل الإقليمي المغاربي والعربي.. لكنه في المقابل رفض دخول حزبه أي جبهة أو قطب سياسي في تونس طالما لم تكن هذه المبادرات نابعة عن مراجعات وبرامج ومشاريع هادفة، واستشهد في ذلك برفض حركة الديمقراطيين الاشتراكيين الانضمام إلى جبهة الخلاص عندما عرض عليها ذلك ليقينه بأنه لا جدوى من العملية.
ويذكر أنه سبق أن أكد محدثنا في حديث سابق لـ"لصباح"، أنه لا جدوى من جبهة الخلاص أو غيرها من التكتلات والجبهات السياسية التي بدأت تتشكل في سياق معارضة المسار الذي يقوده رئيس الجمهورية قيس سعيد ما بعد 25 جويلية 2021، على اعتبار أنها مجرد "تجمعات" يريد أن يثبت أصحابها أنهم "هنا" موجودون في الساحة لا غير.
مستقبل قوى التجمعات والأقطاب
وأوضح العياري قائلا:"العالم يشهد تغيرات وتحولات والعالم الجديد بصدد التشكل. وأصبح اليوم التوجه نحو إعادة تشكل وتنظيم وهيكلة القوى والأقطاب على غرار روسيا العائدة والصين ومجموعة "البريكس" والاتحاد الأوروبي وغيرها. فالمستقبل سيكون للعمل السياسي المنظم والتجمعات الإقليمية الكبرى وهو ما أكدته مراكز الدراسات في أمريكا وبلدان متقدمة وظفتها للغرض لمعرفة التوقعات المستقبلية، في حين أن البلدان العربية لا تزال خارج وقع هذه التحولات".
واعتبر نجيب العياري أنه مثلما يدعو حزبه إلى أن بلادنا لا يمكن أن تكون قوة ضاربة دون الانفتاح على المجال المغاربي، فإنه يعتبر هذا التوجه ضرورة تفرضها التحولات التي يمر بها العالم اليوم بما يحافظ على البلدان المغاربية كتلة وقوة إقليمية قادرة على تشكيل قوة اقتصادية وسياسية تمكنها من فرض نسقها وخياراتها على مستوى دولي. لأنه يعتبر أن التحولات السوسيولوجية في المجتمعات أصبحت في ظل الراهن تمر بنسق متسارع.