إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

افتتاحية "الصباح".. الباكالوريا القيمة الثابتة رغم كل شيء

 

 إن المتابع لأصداء امتحان الباكالوريا الذي اختتم أمس (انطلقت الاختبارات يوم 5 جوان الجاري)، سواء في بعض وسائل الإعلام أو في مواقع التواصل الاجتماعي، يلاحظ أن التركيز هذا العام كان على الهوامش وليس على أصل الموضوع. وقد استقطبت مسألة الغش في الامتحان الاهتمام بشكل ملفت. لا حديث تقريبا طيلة أيام الامتحان إلا عن الغش ومحاولات الغش والطرق المستعملة في ذلك والأساليب "المبتكرة" للغش وكأنه لا شيء يهم بخلاف ذلك.

ولا يمكن بطبيعة الحال أن ننكر أن مسألة الغش موجودة باعتراف من سلطة الإشراف (وزارة التربية) وأن الظاهرة تزيد مع الأعوام لأسباب عديدة من أبرزها تراجع مستوى التعليم وتفشي عقلية الاستسهال، لكن أن يتركز كل الحديث عن الغش في الامتحان على حساب جوهر الموضوع فتلك مسألة فيها نظر.

فما أبعدنا عن تلك المرحلة التي كانت مواضيع الفلسفة ومواضيع العربية بالنسبة لشعبة الآداب تشغل الناس وتثير فضولهم وتكون موضوعا للنقاش بكل حماسة بعد خروج التلاميذ من مراكز الامتحان ونفس الشيء بالنسبة لمواضيع الرياضيات والعلوم الطبيعية بالنسبة للشعب العلمية.

اليوم تغير كل شيء حتى أن الملاحظ يشعر وهو يتابع ما جرى هذه الأيام بمناسبة هذه المناظرة الوطنية الهامة، من محاولات لإفراغ الحدث من أهميته وكأن امتحان الباكالوريا قد تحول إلى موضوع لـ"الشو" وذلك على حساب المضامين وعلى حساب رمزية هذه المناظرة الوطنية.

 فالباكالوريا لمن نسي ذلك تبقى هي أحد أهم مفاتيح المستقبل بالنسبة لمن يطمح لمسيرة جامعية ويحلم بشهائد عليا تتيح له ارتقاء درجات السلم الاجتماعي.

صحيح، هناك مفاتيح أخرى للمستقبل ولا يمكن أن نبخس مثلا التكوين المهني والشعب القصيرة لاسيما إذا كان اختيارها عن قناعة وعن دراسة فهي أيضا وسيلة لاقتحام سوق الشغل لمن لديه مخططات للشغل مبكرا وعدم الانتظار كثيرا حتى ينغمس في الحياة المهنية. وكثيرون نجحوا وأبدعوا بعد التخرج من شعب قصيرة، لكن تبقى الباكالوريا لها هيبتها ولها قيمتها وهي الخطوة الضرورية في سلم تكوين الكفاءات العليا.

وقد يكون من الضروري التوضيح في هذا السياق أننا لا نعني بملاحظاتنا من ينقد بهدف الإصلاح ولا يتردد في الإشارة إلى كل ما من شأنه أن يمس من قيمة مناظرة الباكالوريا ويحذر من كل الشوائب التي يمكن أن تقلل من وجاهتها، وإنما نعني من كان هدفهم الإساءة. والحقيقة لا يمكن الاستغراب من وجود هؤلاء في هذا الزمن الذي هيمنت فيه العقلية الاستهلاكية ومحاولات ترذيل كل شيء والتشكيك في قيمته بالتركيز على الهوامش وتجاهل جوهر الموضوع. وها قد طال الأمر امتحان الباكالوريا، وقد سهل انتشار مواقع التواصل الاجتماعي مهمة هؤلاء التي تتمثل في تحويل الأنظار عن جوهر الحدث والوقوف فقط عند كل ما من شأنه يزيل وجاهة الباكالوريا ويقلل من أهميتها كي لا نقول قداستها عند الكثير من التونسيين.

وإذ لا ننفي تراجع مستوى التعليم في تونس عموما بما في ذلك المناظرات الوطنية، لكن تبقى الباكالوريا التونسية قيمة ثابتة وهي معترف بها في الخارج. وأبناؤنا تفتح لهم أكبر الجامعات في الخارج بفضل شهادة الباكالوريا بالذات.  وإن كان لابد من فتح باب النقاش حول الموضوع، فإنه من المفروض أن يتمحور حول كيفية إعادة هيبة الباكالوريا وحول تحسين مستوى التعليم في تونس في كل مراحله، وأيضا حول إعادة الاعتبار لقيم الاجتهاد والعمل، والسعي إلى النجاح والفوز بالباكالوريا وكل الشهادات العلمية عن استحقاق.

 حياة السايب

 

 إن المتابع لأصداء امتحان الباكالوريا الذي اختتم أمس (انطلقت الاختبارات يوم 5 جوان الجاري)، سواء في بعض وسائل الإعلام أو في مواقع التواصل الاجتماعي، يلاحظ أن التركيز هذا العام كان على الهوامش وليس على أصل الموضوع. وقد استقطبت مسألة الغش في الامتحان الاهتمام بشكل ملفت. لا حديث تقريبا طيلة أيام الامتحان إلا عن الغش ومحاولات الغش والطرق المستعملة في ذلك والأساليب "المبتكرة" للغش وكأنه لا شيء يهم بخلاف ذلك.

ولا يمكن بطبيعة الحال أن ننكر أن مسألة الغش موجودة باعتراف من سلطة الإشراف (وزارة التربية) وأن الظاهرة تزيد مع الأعوام لأسباب عديدة من أبرزها تراجع مستوى التعليم وتفشي عقلية الاستسهال، لكن أن يتركز كل الحديث عن الغش في الامتحان على حساب جوهر الموضوع فتلك مسألة فيها نظر.

فما أبعدنا عن تلك المرحلة التي كانت مواضيع الفلسفة ومواضيع العربية بالنسبة لشعبة الآداب تشغل الناس وتثير فضولهم وتكون موضوعا للنقاش بكل حماسة بعد خروج التلاميذ من مراكز الامتحان ونفس الشيء بالنسبة لمواضيع الرياضيات والعلوم الطبيعية بالنسبة للشعب العلمية.

اليوم تغير كل شيء حتى أن الملاحظ يشعر وهو يتابع ما جرى هذه الأيام بمناسبة هذه المناظرة الوطنية الهامة، من محاولات لإفراغ الحدث من أهميته وكأن امتحان الباكالوريا قد تحول إلى موضوع لـ"الشو" وذلك على حساب المضامين وعلى حساب رمزية هذه المناظرة الوطنية.

 فالباكالوريا لمن نسي ذلك تبقى هي أحد أهم مفاتيح المستقبل بالنسبة لمن يطمح لمسيرة جامعية ويحلم بشهائد عليا تتيح له ارتقاء درجات السلم الاجتماعي.

صحيح، هناك مفاتيح أخرى للمستقبل ولا يمكن أن نبخس مثلا التكوين المهني والشعب القصيرة لاسيما إذا كان اختيارها عن قناعة وعن دراسة فهي أيضا وسيلة لاقتحام سوق الشغل لمن لديه مخططات للشغل مبكرا وعدم الانتظار كثيرا حتى ينغمس في الحياة المهنية. وكثيرون نجحوا وأبدعوا بعد التخرج من شعب قصيرة، لكن تبقى الباكالوريا لها هيبتها ولها قيمتها وهي الخطوة الضرورية في سلم تكوين الكفاءات العليا.

وقد يكون من الضروري التوضيح في هذا السياق أننا لا نعني بملاحظاتنا من ينقد بهدف الإصلاح ولا يتردد في الإشارة إلى كل ما من شأنه أن يمس من قيمة مناظرة الباكالوريا ويحذر من كل الشوائب التي يمكن أن تقلل من وجاهتها، وإنما نعني من كان هدفهم الإساءة. والحقيقة لا يمكن الاستغراب من وجود هؤلاء في هذا الزمن الذي هيمنت فيه العقلية الاستهلاكية ومحاولات ترذيل كل شيء والتشكيك في قيمته بالتركيز على الهوامش وتجاهل جوهر الموضوع. وها قد طال الأمر امتحان الباكالوريا، وقد سهل انتشار مواقع التواصل الاجتماعي مهمة هؤلاء التي تتمثل في تحويل الأنظار عن جوهر الحدث والوقوف فقط عند كل ما من شأنه يزيل وجاهة الباكالوريا ويقلل من أهميتها كي لا نقول قداستها عند الكثير من التونسيين.

وإذ لا ننفي تراجع مستوى التعليم في تونس عموما بما في ذلك المناظرات الوطنية، لكن تبقى الباكالوريا التونسية قيمة ثابتة وهي معترف بها في الخارج. وأبناؤنا تفتح لهم أكبر الجامعات في الخارج بفضل شهادة الباكالوريا بالذات.  وإن كان لابد من فتح باب النقاش حول الموضوع، فإنه من المفروض أن يتمحور حول كيفية إعادة هيبة الباكالوريا وحول تحسين مستوى التعليم في تونس في كل مراحله، وأيضا حول إعادة الاعتبار لقيم الاجتهاد والعمل، والسعي إلى النجاح والفوز بالباكالوريا وكل الشهادات العلمية عن استحقاق.

 حياة السايب