تُوجت رواية "عرش المجانين" لشاكر ناصف بجائزة الاكتشاف في مسابقة الكومار الذهبي في الدّورة 28 للجوائز الأدبيّة ، بحضور عدد من المهتمين بالشأن الأدبي عامة ، والرواية بشكل خاص.
وتعبتر هذه الرواية استثنائية بامتياز ، نظرا لكبر حجمها ؛ إذ تمتد على 520 صفحة ، وهي 3 روايات ، أو مجلدات ، كما سماها الكاتب ، في رواية واحدة تحمل العناوين التالية : "بالحلال" و"الحدسي والعذراء" و"عرش المجانين" الذي منح الرواية عنوانها ، وكذلك لأسلوبها الفريد في الكتابة الذي يغلب عليه القفز بين الأمكنة والأزمنة ، مما يكثف الغموض والتشويق من جهة ، ويستدعي من القارئ حضورا ذهنيا وذاكرة قوية قادرة على جمع شتات الأحداث المتناثرة في ثنايا الكتاب ، وترتيبها وفق نسقها الزمني الطبيعي التصاعدي.
قصة رامز وميلينا
تتمحور أحداث الرواية حول علاقة الحب بين البطل رامز ، وهو إطار حكومي متزوج وله ابنان والممرضة ميلينا ، يلتقيان في المجلد الأول ، وتفرق بينهما السنون والأحداث ، ويجتمعان في خاتمة المجلد الأخير . وبين البداية والنهاية أحداث كثيرة في أكثر من بلد منها تونس وفرنسا وكندا وسوريا وبأمكنة متعددة . أحداث واقعية متصلة بعوالم السياسة والاجتماع والاقتصاد والتاريخ ، وبالفكر والأدب ، فإذا بنا في مواجهة قضايا راهنة كالإرهاب والتهريب والفساد الإداري والطلاق وغيرها ، ونستحضر أحداثا مهمة في تونس والعالم كالعدوان الإسرائيلي على حمام الشط ، والعمليات الإرهابية بجبل مغيلة ، وفي إدلب بسوريا وباريس بفرنسا ، وتحضر بالمناسبة الكثير من المقولات والرؤى تكشف عن الخلفية الفكرية للكاتب . ولكن هذه الواقعية كثيرا ما تلتبس بالخيال حيث تنعتق الروح من أسر الزمان والمكان وتحلق في عوالم الأحلام الفسيحة ، تغذيها أحيانا الهلوسات والهواجس وبعض الأساطير التي أثث بها الكاتب روايته ، لتطلب من القارئ مجهودا إضافيا للفصل بين الواقع والخيال ، وبين الوعي واللاوعي .
كتابة تستفز القارئ
وفي حديثه عن روايته مؤخرا في المكتبة الجهوية ببنزرت بين الكاتب شاكر ناصف أنها إصداره الثاني بعد مجموعته القصصية "ثنايا النسيان"، وأن الكتابة عنده ، تصدر عن الوجع والألم، وهي استفزازية للقارئ أو لا تكون. ولذلك فإن اسلوب الكتابة في هذه الرواية مغاير للمألوف ، إذ يرتكز
المجلد الأول على أدب المكان ، اعتمادا على تقنية المونتاج السينمائي ،اراد من خلاله وعن طريق الطفل "جاد" بعث رسالة إلى المجتمع بهدف مراجعة العلاقات الاجتماعية وخاصة الأسرية . وأما المجلد الثاني فيقوم على السرد الاسترجاعي أو الاستذكاري عبر التنقل بين الأزمنة المختلفة والمتباعدة والمتقاطعة والمتناوبة ، محوره البطل رامز ، وهو موظف مبدع ومثقف تأثر بمسار الثورة في تونس ، يصل كتابه إلى سيدة تروي حكايتها ، كانت تعرفت على رامز في السعودية ثم اختفى . وأما المجلد الثالث فتدور جل أحداثه في مستشفى المجانين ، تتجلى من خلال حواراتهم الكثير من الحقائق والحكم ، ليفرض سؤال نفسه : هل هم فعلا مجانين ؟ أو لا يقولون بين العبقرية والجنون أوهى من خيط العنكبوت ؟
افتتاح للجيل الخامس للرواية العربية
يقول شاكر ناصف : هي رواية شرعت في كتابتها في 2017 ، وامتدت الكتابة أكثر من 3 سنوات ، وهي موجهة للجيل الجديد من الشباب ، وتثير إشكاليات كبرى لا مناص من طرحها ، فالسياسة تطاردنا حتى في سرير نومنا ، لأنها تتداخل مع طلباتنا ورؤانا وطموحاتنا ، والثقافة يجب أن تحظى باهتمام أكبر من الدولة ، والمثقف مطالب بالاضطلاع بدوره الحق . وإجابة عن السؤال عما إذا كانت هذه الرواية افتتاحا للجيل الخامس بعدما أدركت الرواية العربية جيلها الرابع ، فإنني أترك الحكم للقراء والنقاد ، وإن كنت فعلا توخيت التقنيات الحديثة في المجال السردي والحبكة القصصية ، مؤثرا أن تكون لي بصمتي المميزة في الكتابة ، وأقوال خاصة تنسب إلي عندما يستشهد بها الآخرون.
منصور غرسلي
تونس-الصباح
تُوجت رواية "عرش المجانين" لشاكر ناصف بجائزة الاكتشاف في مسابقة الكومار الذهبي في الدّورة 28 للجوائز الأدبيّة ، بحضور عدد من المهتمين بالشأن الأدبي عامة ، والرواية بشكل خاص.
وتعبتر هذه الرواية استثنائية بامتياز ، نظرا لكبر حجمها ؛ إذ تمتد على 520 صفحة ، وهي 3 روايات ، أو مجلدات ، كما سماها الكاتب ، في رواية واحدة تحمل العناوين التالية : "بالحلال" و"الحدسي والعذراء" و"عرش المجانين" الذي منح الرواية عنوانها ، وكذلك لأسلوبها الفريد في الكتابة الذي يغلب عليه القفز بين الأمكنة والأزمنة ، مما يكثف الغموض والتشويق من جهة ، ويستدعي من القارئ حضورا ذهنيا وذاكرة قوية قادرة على جمع شتات الأحداث المتناثرة في ثنايا الكتاب ، وترتيبها وفق نسقها الزمني الطبيعي التصاعدي.
قصة رامز وميلينا
تتمحور أحداث الرواية حول علاقة الحب بين البطل رامز ، وهو إطار حكومي متزوج وله ابنان والممرضة ميلينا ، يلتقيان في المجلد الأول ، وتفرق بينهما السنون والأحداث ، ويجتمعان في خاتمة المجلد الأخير . وبين البداية والنهاية أحداث كثيرة في أكثر من بلد منها تونس وفرنسا وكندا وسوريا وبأمكنة متعددة . أحداث واقعية متصلة بعوالم السياسة والاجتماع والاقتصاد والتاريخ ، وبالفكر والأدب ، فإذا بنا في مواجهة قضايا راهنة كالإرهاب والتهريب والفساد الإداري والطلاق وغيرها ، ونستحضر أحداثا مهمة في تونس والعالم كالعدوان الإسرائيلي على حمام الشط ، والعمليات الإرهابية بجبل مغيلة ، وفي إدلب بسوريا وباريس بفرنسا ، وتحضر بالمناسبة الكثير من المقولات والرؤى تكشف عن الخلفية الفكرية للكاتب . ولكن هذه الواقعية كثيرا ما تلتبس بالخيال حيث تنعتق الروح من أسر الزمان والمكان وتحلق في عوالم الأحلام الفسيحة ، تغذيها أحيانا الهلوسات والهواجس وبعض الأساطير التي أثث بها الكاتب روايته ، لتطلب من القارئ مجهودا إضافيا للفصل بين الواقع والخيال ، وبين الوعي واللاوعي .
كتابة تستفز القارئ
وفي حديثه عن روايته مؤخرا في المكتبة الجهوية ببنزرت بين الكاتب شاكر ناصف أنها إصداره الثاني بعد مجموعته القصصية "ثنايا النسيان"، وأن الكتابة عنده ، تصدر عن الوجع والألم، وهي استفزازية للقارئ أو لا تكون. ولذلك فإن اسلوب الكتابة في هذه الرواية مغاير للمألوف ، إذ يرتكز
المجلد الأول على أدب المكان ، اعتمادا على تقنية المونتاج السينمائي ،اراد من خلاله وعن طريق الطفل "جاد" بعث رسالة إلى المجتمع بهدف مراجعة العلاقات الاجتماعية وخاصة الأسرية . وأما المجلد الثاني فيقوم على السرد الاسترجاعي أو الاستذكاري عبر التنقل بين الأزمنة المختلفة والمتباعدة والمتقاطعة والمتناوبة ، محوره البطل رامز ، وهو موظف مبدع ومثقف تأثر بمسار الثورة في تونس ، يصل كتابه إلى سيدة تروي حكايتها ، كانت تعرفت على رامز في السعودية ثم اختفى . وأما المجلد الثالث فتدور جل أحداثه في مستشفى المجانين ، تتجلى من خلال حواراتهم الكثير من الحقائق والحكم ، ليفرض سؤال نفسه : هل هم فعلا مجانين ؟ أو لا يقولون بين العبقرية والجنون أوهى من خيط العنكبوت ؟
افتتاح للجيل الخامس للرواية العربية
يقول شاكر ناصف : هي رواية شرعت في كتابتها في 2017 ، وامتدت الكتابة أكثر من 3 سنوات ، وهي موجهة للجيل الجديد من الشباب ، وتثير إشكاليات كبرى لا مناص من طرحها ، فالسياسة تطاردنا حتى في سرير نومنا ، لأنها تتداخل مع طلباتنا ورؤانا وطموحاتنا ، والثقافة يجب أن تحظى باهتمام أكبر من الدولة ، والمثقف مطالب بالاضطلاع بدوره الحق . وإجابة عن السؤال عما إذا كانت هذه الرواية افتتاحا للجيل الخامس بعدما أدركت الرواية العربية جيلها الرابع ، فإنني أترك الحكم للقراء والنقاد ، وإن كنت فعلا توخيت التقنيات الحديثة في المجال السردي والحبكة القصصية ، مؤثرا أن تكون لي بصمتي المميزة في الكتابة ، وأقوال خاصة تنسب إلي عندما يستشهد بها الآخرون.