لم تخرج أخبار الهدنة التي أعلنها الرئيس الأمريكي، نهاية شهر ماي لإيقاف الحرب الإسرائيلية على غزة، من إطار الورق الذي دونت عليه. وليس من الواضح إن كانت قابلة للحياة أو ما إذا ستؤول إلى ما آلت إليه سابقاتها، طالما بقي الاحتلال يمارس هوايته ويتلذذ قتل وسفك الدماء في غزة، كل ذلك فيما تستعر حرب التصريحات بشأن قبول الأطراف المعنية لهذا الاتفاق، بما يفاقم الغموض بشأن مآل هذا الاتفاق المؤجل وما إذا سيكون بإمكان أهالي غزة أن يتجنبوا مزيدا من القصف والقنابل مع حلول عيد الأضحى.. من المهم الإشارة الى قبول المقاومة في غزة هذا الاتفاق رغم التحفظات ورغم الثغرات ما يعني أن المقاومة تدرك جيدا أن تحميل أهالي غزة أكثر مما تحملوا حتى الآن ليس بالأمر الهين وقد لا يكون بإمكانهم مواجهة التجويع والتهجير والإبادة اليومية التي يواجهونها.. طبعا هذا دون اعتبار لما أصبح عليه حال القطاع نتيجة سياسة الأرض المحروقة والجرائم الانتقامية الفظيعة التي يفرضها الاحتلال على الأهالي لضمان خروج يمكن أن يجنب حكومة نتنياهو أكبر إهانة يمكن أن تواجهها في هذه الحرب غير المتوازنة وربما تمنحه ثغرة للتباهي بانتصار مزيف يمكن تسويقه للداخل والخارج وإرضاء كبرياء ومكابرة نتنياهو الذي تلاحقه تهمة مجرم حرب ..
بين كواليس الأخبار القادمة من واشنطن وأخبار المفاوضات واللقاءات المكوكية في القاهرة وكواليس قمة البحر الميت للمساعدة الإنسانية في غزة تتصارع الأفكار بين تشاؤم العقل وتفاؤل الإرادة.. والأكيد أن أسباب التشاؤم تتفوق على أسباب التفاؤل لعدة أسباب لعل أولها وأهمها على الإطلاق أنه لا يبدو أن أصحاب القرار أو القوى التي بإمكانها الضغط لإنهاء الحرب المتوحشة في غزة، تريد ذلك أو تسعى جديا إليه.. إذ وفي الوقت الذي تسجل فيه القوى الحليفة لكيان الاحتلال، بكثير من الاحتشام، دعواتها لإنهاء الحرب وإدخال المساعدات للقطاع الذي يواجه مجاعة أكيدة، فإنها في المقابل لا تتوقف عن تزويد هذا الكيان بكل أنواع السلاح والذخيرة التي تمكنه من مواصلة الحرب.. ولا شك أن مشروع القرار الأمريكي الأخير الذي تم التصويت عليه في مجلس الأمن الدولي بموافقة أربع عشرة دولة ومعارضة روسيا التي لم تستعمل حق الفيتو لإسقاطه يبقى مشروعا على المقاس.. ويبدو أن بايدن لم يكن سوى حمال للمشروع الذي حمل توقيع نتنياهو في الخفاء.. وبعيدا عن العودة الى تفاصيل هذا المشروع الذي لا يمكن أن يكون مثاليا يمكن القول إن التعاطي الايجابي لحركتي "حماس" و"الجهاد" مع البيان يمكن أن يكون دفعا نحو إيقاف الحرب والتفاوض بشأن ما تضمنه الاتفاق حول الانسحاب الإسرائيلي من غزة وحول تحرير الرهائن من الجانبين علما وأن أكثر من سبعة آلاف أسير فلسطيني في السجون الإسرائيلية، قبل السابع من أكتوبر، بينهم العشرات من المحكومين بعشرات المؤبدات وأن أكثر من تسعة آلاف تم سجنهم على مدى الأشهر الثمانية الماضية ..
لا مجال للحديث عن نوايا طيبة في هذا الاتفاق المعلق وسيكون من الغباء الحديث عن نوايا طيبة للاحتلال أو الحليف الأمريكي الذي يجاهر بدعمه اللامحدود لهذا الكيان المارق.. ونكاد نجزم أنه لولا موسم الانتخابات القادم ولولا موجة الانتقادات في أوساط الرئيس بايدن ولولا التحركات الاحتجاجية الشعبية في الشارع الأمريكية ولولا انتفاضة الطلبة في الجامعات الأمريكية والغربية لما سعت إدارة الرئيس بايدن الى إنهاء هذه الحرب وهي التي ظلت تصر على أنه لا شيء يؤكد اقتراف كيان الاحتلال ما يمكن وصفه بجرائم حرب وترفض كل التقارير الأممية الحقوقية واتهامات العدل الدولية والجنائية الدولية التي وثقت لهذه الجرائم ..
المثير ومع انقضاء 250 يوما على هذه الحرب التي سيسجل التاريخ أنها أفظع ما شهده العالم في العصر الحديث وأن عدد القنابل التي أُسقطت على غزة، تجاوز ما تم إسقاطه في الحرب العالمية الثانية.. وهو ما يعني أن أكثر من 70 ألف طن من القنابل تهاطلت على غزة منذ أكتوبر الماضي. وبلغة الأرقام حسب تقرير للمرصد الأورومتوسطي فإن عدد القنابل التي أسقطت على غزة تجاوزت ما القي على لندن وهو 18,300 بين 1940-1941وهامبورغ: 8,500 1943 ودريسدن: 3,900 1945.. وإذا كان "أبو القنبلة الذرية" اعتذر لاحقا عن كارثة اختراعه لها، والتي تم استخدامها في نهاية الحرب العالمية الثانية، فالأرجح أنه لا بواكي ولا اعتذار لضحايا وشهداء الحرب على غزة ..
هل سيكون للاتفاق وقع على الأرض؟ تلك مسألة أخرى.. وفي الانتظار تواصل غزة إحصاء ضحاياها وإكرام شهدائها.. هل سيكون لسلطة رام الله التي برزت حتى الآن بالغياب دور في المرحلة القادمة؟ تلك أيضا مسالة مؤجلة ..
آسيا العتروس
لم تخرج أخبار الهدنة التي أعلنها الرئيس الأمريكي، نهاية شهر ماي لإيقاف الحرب الإسرائيلية على غزة، من إطار الورق الذي دونت عليه. وليس من الواضح إن كانت قابلة للحياة أو ما إذا ستؤول إلى ما آلت إليه سابقاتها، طالما بقي الاحتلال يمارس هوايته ويتلذذ قتل وسفك الدماء في غزة، كل ذلك فيما تستعر حرب التصريحات بشأن قبول الأطراف المعنية لهذا الاتفاق، بما يفاقم الغموض بشأن مآل هذا الاتفاق المؤجل وما إذا سيكون بإمكان أهالي غزة أن يتجنبوا مزيدا من القصف والقنابل مع حلول عيد الأضحى.. من المهم الإشارة الى قبول المقاومة في غزة هذا الاتفاق رغم التحفظات ورغم الثغرات ما يعني أن المقاومة تدرك جيدا أن تحميل أهالي غزة أكثر مما تحملوا حتى الآن ليس بالأمر الهين وقد لا يكون بإمكانهم مواجهة التجويع والتهجير والإبادة اليومية التي يواجهونها.. طبعا هذا دون اعتبار لما أصبح عليه حال القطاع نتيجة سياسة الأرض المحروقة والجرائم الانتقامية الفظيعة التي يفرضها الاحتلال على الأهالي لضمان خروج يمكن أن يجنب حكومة نتنياهو أكبر إهانة يمكن أن تواجهها في هذه الحرب غير المتوازنة وربما تمنحه ثغرة للتباهي بانتصار مزيف يمكن تسويقه للداخل والخارج وإرضاء كبرياء ومكابرة نتنياهو الذي تلاحقه تهمة مجرم حرب ..
بين كواليس الأخبار القادمة من واشنطن وأخبار المفاوضات واللقاءات المكوكية في القاهرة وكواليس قمة البحر الميت للمساعدة الإنسانية في غزة تتصارع الأفكار بين تشاؤم العقل وتفاؤل الإرادة.. والأكيد أن أسباب التشاؤم تتفوق على أسباب التفاؤل لعدة أسباب لعل أولها وأهمها على الإطلاق أنه لا يبدو أن أصحاب القرار أو القوى التي بإمكانها الضغط لإنهاء الحرب المتوحشة في غزة، تريد ذلك أو تسعى جديا إليه.. إذ وفي الوقت الذي تسجل فيه القوى الحليفة لكيان الاحتلال، بكثير من الاحتشام، دعواتها لإنهاء الحرب وإدخال المساعدات للقطاع الذي يواجه مجاعة أكيدة، فإنها في المقابل لا تتوقف عن تزويد هذا الكيان بكل أنواع السلاح والذخيرة التي تمكنه من مواصلة الحرب.. ولا شك أن مشروع القرار الأمريكي الأخير الذي تم التصويت عليه في مجلس الأمن الدولي بموافقة أربع عشرة دولة ومعارضة روسيا التي لم تستعمل حق الفيتو لإسقاطه يبقى مشروعا على المقاس.. ويبدو أن بايدن لم يكن سوى حمال للمشروع الذي حمل توقيع نتنياهو في الخفاء.. وبعيدا عن العودة الى تفاصيل هذا المشروع الذي لا يمكن أن يكون مثاليا يمكن القول إن التعاطي الايجابي لحركتي "حماس" و"الجهاد" مع البيان يمكن أن يكون دفعا نحو إيقاف الحرب والتفاوض بشأن ما تضمنه الاتفاق حول الانسحاب الإسرائيلي من غزة وحول تحرير الرهائن من الجانبين علما وأن أكثر من سبعة آلاف أسير فلسطيني في السجون الإسرائيلية، قبل السابع من أكتوبر، بينهم العشرات من المحكومين بعشرات المؤبدات وأن أكثر من تسعة آلاف تم سجنهم على مدى الأشهر الثمانية الماضية ..
لا مجال للحديث عن نوايا طيبة في هذا الاتفاق المعلق وسيكون من الغباء الحديث عن نوايا طيبة للاحتلال أو الحليف الأمريكي الذي يجاهر بدعمه اللامحدود لهذا الكيان المارق.. ونكاد نجزم أنه لولا موسم الانتخابات القادم ولولا موجة الانتقادات في أوساط الرئيس بايدن ولولا التحركات الاحتجاجية الشعبية في الشارع الأمريكية ولولا انتفاضة الطلبة في الجامعات الأمريكية والغربية لما سعت إدارة الرئيس بايدن الى إنهاء هذه الحرب وهي التي ظلت تصر على أنه لا شيء يؤكد اقتراف كيان الاحتلال ما يمكن وصفه بجرائم حرب وترفض كل التقارير الأممية الحقوقية واتهامات العدل الدولية والجنائية الدولية التي وثقت لهذه الجرائم ..
المثير ومع انقضاء 250 يوما على هذه الحرب التي سيسجل التاريخ أنها أفظع ما شهده العالم في العصر الحديث وأن عدد القنابل التي أُسقطت على غزة، تجاوز ما تم إسقاطه في الحرب العالمية الثانية.. وهو ما يعني أن أكثر من 70 ألف طن من القنابل تهاطلت على غزة منذ أكتوبر الماضي. وبلغة الأرقام حسب تقرير للمرصد الأورومتوسطي فإن عدد القنابل التي أسقطت على غزة تجاوزت ما القي على لندن وهو 18,300 بين 1940-1941وهامبورغ: 8,500 1943 ودريسدن: 3,900 1945.. وإذا كان "أبو القنبلة الذرية" اعتذر لاحقا عن كارثة اختراعه لها، والتي تم استخدامها في نهاية الحرب العالمية الثانية، فالأرجح أنه لا بواكي ولا اعتذار لضحايا وشهداء الحرب على غزة ..
هل سيكون للاتفاق وقع على الأرض؟ تلك مسألة أخرى.. وفي الانتظار تواصل غزة إحصاء ضحاياها وإكرام شهدائها.. هل سيكون لسلطة رام الله التي برزت حتى الآن بالغياب دور في المرحلة القادمة؟ تلك أيضا مسالة مؤجلة ..