إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

تعددت العوامل والنتيجة واحدة.. وضع بيئي من سيئ إلى أسوإ؟؟

تونس-الصباح

يتأكد مع مرور الوقت ومزيد تدهور الوضع البيئي ومحيط عيش التونسيين أن الحق في بيئة سليمة المضمن في دستور الجمهورية التونسية، من خلال الفصل 45 الذي ينص على أنه "تضمن الدولة الحق في بيئة سليمة ومتوازنة والمساهمة في سلامة المناخ وعلى الدولة توفير الوسائل الكفيلة بالقضاء على التلوث البيئي"، يكاد يكون مجرد شعار أجوف وحبر على ورق لا علاقة له بأرض الواقع وما تشهده البيئة من إهمال واعتداءات تتفاقم من سنة إلى أخرى.

وتبرز أكثر مظاهر تدهور الوضع البيئي في البلاد مع حلول فصل الصيف لأن حرارة الطقس وخروج المواطن للترفيه والاستمتاع بالطبيعة والبحر والمناطق الخضراء والغابية عوامل تساهم في اكتشاف حجم التقصير والاخلالات في المنظومة البيئية والنقائص في مجال النظافة ورفع الفضلات ومقاومة الحشرات والعناية بالحدائق العمومية والمساحات الخضراء والشواطئ.

تدهور الوضع البيئي

فالأوساخ والروائح الكريهة في كل مكان تقريبا والنفايات البلاستيكية تنتشر على امتداد الطرقات والجهات وعديد الشواطئ لم تشملها بعد حملات التهيئة والتنظيف زد على ذلك تفاقم مظاهر التلوث المرصودة بالعين المجردة.

ولا تبدو بدورها المناطق السياحية أفضل حال من غيرها فتراجع مستوى العناية بالنظافة والمحيط هو حالة عامة في البلاد للأسف تفاقمت في السنوات الأخيرة.

كذلك الشأن بالنسبة للحدائق والمساحات الخضراء فهي تشكو الإهمال وعديد النقائص أولا بسبب سلوك المواطن غير الصديق للبيئة وغير الواعي في الكثير من الأحيان وثانيا بسبب قلة الإمكانيات وضبابية وضعية البلديات التي عمقت أزمة الوضع البيئي.

صعوبات وعقبات

فعلى سبيل المثال تشير آخر الإحصائيات المنشورة أن بلدية تونس العاصمة تضم حوالي (1100 هكتار من المساحات الخضراء، و37 متنزهاً، و17 متنزهاً وطنياً) وقد تحولت هذه الفضاءات من متنفس للمواطن للتنزه وممارسة الرياضة إلى عبء وكابوس مزعج للبلديات بسبب عدم القدرة على تحمل أعباء صيانتها الدورية والاهتمام بها وسقيها والحفاظ على جمالها ورونقها.

وتواجه عديد المشاريع المبرمجة سابقا صعوبات في التنفيذ على أرض الواقع نظرا لقلة الإمكانيات المادية ففي 2019، كشفت بلدية تونس عن برنامج بمعية الخبراء والمسؤولين البلديين والمجتمع المدني، لوضع ''مخطط أخضر'' يوسع المناطق الخضراء والحدائق العمومية البالغة مساحتها حاليا حوالي 1062، لمواكبة التوسّع السكاني والسعي إلى تحقيق توازن أفضل للبيئة وحياة السكان.

وكان من التوصيات حينها "تكثيف حملات التوعية والتحسيس تجاه المواطنين حول أهمية المناطق الخضراء والحدائق العمومية وضرورة الحفاظ عليها وتفعيل مبدإ الشراكة في المسؤولية للعناية بهذه الفضاءات وتطويرها". لكن المتأمل في وضع المناطق الخضراء يتأكد بأن البون شاسع بين البرامج والمشاريع المرصودة والمشهد على أرض الواقع.

برامج.. لكن

من البرامج الأخرى في المجال البيئي وجمالية المحيط التي تؤكد عدم نجاعة التفعيل على أرض الواقع نجد برنامج الرعاية الخضراء.

ويجسد برنامج الرعاية الخضراء الذي يمتد على ثلاث سنوات، الشراكة الطوعية بين القطاعين العام الخاص.

ويتم بمبادرة من الشركات العمومية أو الخاصة أو الجمعيات أو شخص مادي عبر إعداد دراسة أو برنامج تدخل من الراعي على أن تتولى بلدية المكان الموافقة عليه والتنصيص على البرنامج والتدخلات بدقة مع تحديد فترة التدخل والكلفة.

وتتمتع الشركة الراعية بخصم المصاريف المنجزة عن تهيئة وتعهد الموقع بسقف 150 ألف دينار سنويا من القاعدة الخاضعة للضريبة على المؤسسات والأشخاص طبقا للفصل 60 من قانون المالية لسنة 2018.

وفي حال عدم الإيفاء بالتعهدات الواردة بالاتفاقية المبرمة من قبل الطرف الراعي، يمكن للبلدية بعد التنبيه كتابيا، أن تنهي العمل بالاتفاقية وتسحب الفضاء من الراعي.

لكن يواجه هذا البرنامج مشكلة استدامة إذ تشير المعطيات إلى أنه تم خلال سنة 2018، تاريخ اعتماد الرعاية الخضراء، إبرام 20 اتفاقية غير أن عددها تراجع إلى ثلاث اتفاقيات فقط سنة 2023.

واليوم تعود وزارة البيئة، إلى التوقيع على 11 اتفاقية "رعاية خضراء" بين شركات ومؤسسات من القطاع الخاص وبلديات كل من تونس والمنستير ونابل وبن عروس.

وقالت وزيرة البيئة، ليلى الشيخاوي، بمناسبة حفل التوقيع منذ أيام أن الاتفاقيات الموقعة تكرس الشراكة بين القطاعين العام والخاص وتتعلق بإحداث مناطق خضراء مجاورة للمؤسسات الصناعية والعناية بها بصفة دورية.

كما قال وزير السياحة معز بلحسين أن وزارته تعمل على دعم المسؤولية المجتمعية لهذه المؤسسات من خلال إقامة مساحات خضراء والعناية بها وصيانتها والعمل على ديمومتها خاصة تلك القريبة من المواقع السياحية.

وأكد أن وزارته تدعم برنامج الرعاية الخضراء بالشراكة مع المؤسسات الاقتصادية وخاصة منها السياحية وتعمل على تعميمه داعيا المزيد من المؤسسات إلى الانخراط فيه والتمتع بالامتيازات الجبائية التي يوفرها.

لكن الأهم من كل ذلك البحث في كيفية الالتزام بتنفيذ الاتفاقيات المبرمة ومتابعة تواصلها في الزمن لتكون ناجعة في المساهمة في تحسين الوضع البيئي ومحيط العيش.

م.ي

 

 

 

 

 

 

تعددت العوامل والنتيجة واحدة..   وضع بيئي من سيئ إلى أسوإ؟؟

تونس-الصباح

يتأكد مع مرور الوقت ومزيد تدهور الوضع البيئي ومحيط عيش التونسيين أن الحق في بيئة سليمة المضمن في دستور الجمهورية التونسية، من خلال الفصل 45 الذي ينص على أنه "تضمن الدولة الحق في بيئة سليمة ومتوازنة والمساهمة في سلامة المناخ وعلى الدولة توفير الوسائل الكفيلة بالقضاء على التلوث البيئي"، يكاد يكون مجرد شعار أجوف وحبر على ورق لا علاقة له بأرض الواقع وما تشهده البيئة من إهمال واعتداءات تتفاقم من سنة إلى أخرى.

وتبرز أكثر مظاهر تدهور الوضع البيئي في البلاد مع حلول فصل الصيف لأن حرارة الطقس وخروج المواطن للترفيه والاستمتاع بالطبيعة والبحر والمناطق الخضراء والغابية عوامل تساهم في اكتشاف حجم التقصير والاخلالات في المنظومة البيئية والنقائص في مجال النظافة ورفع الفضلات ومقاومة الحشرات والعناية بالحدائق العمومية والمساحات الخضراء والشواطئ.

تدهور الوضع البيئي

فالأوساخ والروائح الكريهة في كل مكان تقريبا والنفايات البلاستيكية تنتشر على امتداد الطرقات والجهات وعديد الشواطئ لم تشملها بعد حملات التهيئة والتنظيف زد على ذلك تفاقم مظاهر التلوث المرصودة بالعين المجردة.

ولا تبدو بدورها المناطق السياحية أفضل حال من غيرها فتراجع مستوى العناية بالنظافة والمحيط هو حالة عامة في البلاد للأسف تفاقمت في السنوات الأخيرة.

كذلك الشأن بالنسبة للحدائق والمساحات الخضراء فهي تشكو الإهمال وعديد النقائص أولا بسبب سلوك المواطن غير الصديق للبيئة وغير الواعي في الكثير من الأحيان وثانيا بسبب قلة الإمكانيات وضبابية وضعية البلديات التي عمقت أزمة الوضع البيئي.

صعوبات وعقبات

فعلى سبيل المثال تشير آخر الإحصائيات المنشورة أن بلدية تونس العاصمة تضم حوالي (1100 هكتار من المساحات الخضراء، و37 متنزهاً، و17 متنزهاً وطنياً) وقد تحولت هذه الفضاءات من متنفس للمواطن للتنزه وممارسة الرياضة إلى عبء وكابوس مزعج للبلديات بسبب عدم القدرة على تحمل أعباء صيانتها الدورية والاهتمام بها وسقيها والحفاظ على جمالها ورونقها.

وتواجه عديد المشاريع المبرمجة سابقا صعوبات في التنفيذ على أرض الواقع نظرا لقلة الإمكانيات المادية ففي 2019، كشفت بلدية تونس عن برنامج بمعية الخبراء والمسؤولين البلديين والمجتمع المدني، لوضع ''مخطط أخضر'' يوسع المناطق الخضراء والحدائق العمومية البالغة مساحتها حاليا حوالي 1062، لمواكبة التوسّع السكاني والسعي إلى تحقيق توازن أفضل للبيئة وحياة السكان.

وكان من التوصيات حينها "تكثيف حملات التوعية والتحسيس تجاه المواطنين حول أهمية المناطق الخضراء والحدائق العمومية وضرورة الحفاظ عليها وتفعيل مبدإ الشراكة في المسؤولية للعناية بهذه الفضاءات وتطويرها". لكن المتأمل في وضع المناطق الخضراء يتأكد بأن البون شاسع بين البرامج والمشاريع المرصودة والمشهد على أرض الواقع.

برامج.. لكن

من البرامج الأخرى في المجال البيئي وجمالية المحيط التي تؤكد عدم نجاعة التفعيل على أرض الواقع نجد برنامج الرعاية الخضراء.

ويجسد برنامج الرعاية الخضراء الذي يمتد على ثلاث سنوات، الشراكة الطوعية بين القطاعين العام الخاص.

ويتم بمبادرة من الشركات العمومية أو الخاصة أو الجمعيات أو شخص مادي عبر إعداد دراسة أو برنامج تدخل من الراعي على أن تتولى بلدية المكان الموافقة عليه والتنصيص على البرنامج والتدخلات بدقة مع تحديد فترة التدخل والكلفة.

وتتمتع الشركة الراعية بخصم المصاريف المنجزة عن تهيئة وتعهد الموقع بسقف 150 ألف دينار سنويا من القاعدة الخاضعة للضريبة على المؤسسات والأشخاص طبقا للفصل 60 من قانون المالية لسنة 2018.

وفي حال عدم الإيفاء بالتعهدات الواردة بالاتفاقية المبرمة من قبل الطرف الراعي، يمكن للبلدية بعد التنبيه كتابيا، أن تنهي العمل بالاتفاقية وتسحب الفضاء من الراعي.

لكن يواجه هذا البرنامج مشكلة استدامة إذ تشير المعطيات إلى أنه تم خلال سنة 2018، تاريخ اعتماد الرعاية الخضراء، إبرام 20 اتفاقية غير أن عددها تراجع إلى ثلاث اتفاقيات فقط سنة 2023.

واليوم تعود وزارة البيئة، إلى التوقيع على 11 اتفاقية "رعاية خضراء" بين شركات ومؤسسات من القطاع الخاص وبلديات كل من تونس والمنستير ونابل وبن عروس.

وقالت وزيرة البيئة، ليلى الشيخاوي، بمناسبة حفل التوقيع منذ أيام أن الاتفاقيات الموقعة تكرس الشراكة بين القطاعين العام والخاص وتتعلق بإحداث مناطق خضراء مجاورة للمؤسسات الصناعية والعناية بها بصفة دورية.

كما قال وزير السياحة معز بلحسين أن وزارته تعمل على دعم المسؤولية المجتمعية لهذه المؤسسات من خلال إقامة مساحات خضراء والعناية بها وصيانتها والعمل على ديمومتها خاصة تلك القريبة من المواقع السياحية.

وأكد أن وزارته تدعم برنامج الرعاية الخضراء بالشراكة مع المؤسسات الاقتصادية وخاصة منها السياحية وتعمل على تعميمه داعيا المزيد من المؤسسات إلى الانخراط فيه والتمتع بالامتيازات الجبائية التي يوفرها.

لكن الأهم من كل ذلك البحث في كيفية الالتزام بتنفيذ الاتفاقيات المبرمة ومتابعة تواصلها في الزمن لتكون ناجعة في المساهمة في تحسين الوضع البيئي ومحيط العيش.

م.ي