إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

تصنيف جديد مرتقب لتونس.. حصول الدولة على تمويلات خارجية ومدى قدرتها على سداد ديونها أبرز التقييمات

 

-تونس تتعامل حاليا بشكل تعاقدي مع 3 وكالات للتصنيف الائتماني

تونس-الصباح

وفاء بن محمد

منذ سنة، كان آخر تصنيف ائتماني لتونس، بعد أن خفضت فيه وكالة التصنيف الائتماني "فيتش رايتنغ" التصنيف الائتماني للدولة التونسية إلى "سي سي سي" سالب، (CCC-)، أي ما يعكس عدم اليقين بشأن قدرة البلاد على جمع التمويل الكافي لتلبية متطلباتها المالية الكبيرة.

واليوم، تنتظر بلادنا تصنيفا جديدا مرتقبا من هذه الوكالة الدولية خلال بحر هذا الأسبوع،  وهي التي تعاني من صعوبة في تعبئة موارد مالية جديدة بالعملة الصعبة بالأساس، وفي المقدمة تعثر برنامج الاقتراض المزمع تفعيله منذ فترة بعد التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي، والمقدر بقيمة 1.9 مليار دولار.. وهو ما يشكل خطرا يتمثل في تزايد احتمال تخلف الدولة عن سداد ديونها السيادية، حسب الوكالة...

وبالرغم من نجاح الدولة في النصف الأول من السنة الجارية في سداد قسط كبير من تعهداتها المالية الخارجية، إلا أن صعوبة الحصول على تمويلات جديدة مازالت تمثل عائقا أمامها لتغطية العجز الحاصل بميزانيتها العمومية، وقد يبعث برسائل سلبية إلى الجهات المانحة بشأن مدى قدرة تونس اليوم على الإيفاء بتعهداتها المالية..

ومع اقتراب إعلان وكالة فيتش للتراقيم الائتماني، خلال هذا الأسبوع عن تصنيف جديد، تبقى المخاوف قائمة بشأن تصنيف سلبي قد يؤثر على اقتصاد تونس في قادم الأيام، وهذا ما أكده المراقبون في الشأن المالي والاقتصادي، معتبرين أن كل تصنيف سلبي جديد ستكون له تداعيات وخيمة، أهمها صورة الدولة المالية لدى المانحين الدوليين وللاستثمار الخارجي، فضلا عن زعزعة ثقة الدولة مما سيعيقها عن الحصول على تمويلات خارجية بشروط ميسرة وفوائد مقبولة في ظل تعطل الاتفاق مع صندوق النقد.

وهذه النقطة بالذات هي التي ستؤثر على إمكانية حصول الدولة على تمويلات جديدة مستقبلا، باعتبار أن التصنيف الائتماني يحدد مستوى المخاطر لتونس ومدى قدرتها على سداد ديونها الخارجية، كما سيؤثر على حظوظها في توفير السلع والمواد الأساسية المستوردة كالأدوية والحبوب والمحروقات مما يخلق نقصا حادا في السلع بالبلاد.

وبالرجوع إلى آخر تصنيف لتونس من قبل وكالة فيتش رايتنغ الذي حددته عند "سي سي سي" سالب (CCC-)، هو التصنيف السلبي الذي كان يوم 9 جوان من سنة 2023،  وكانت قد تراجعت فيه وقتها بدرجة. وللإشارة فإن وكالات التصنيف الائتماني اللي تتعامل معها تونس ليست عديدة، فالوكالة تقوم في العادة بتقييم مستقل للبيئة الاقتصادية والسياسية لقدرة بلد أو كيان ذي سيادة على تنفيذ تعهداته المالية، ويمكن أن تمنح التصنيفات السيادية للمستثمرين رؤية لمستوى المخاطر المرتبطة بالاستثمار في بلد معين، بما في ذلك المخاطر السياسية، كما أن التصنيف الجيد يعد ضروريا للبلدان النامية التي ترغب في الحصول على التمويل من الأسواق المالية الدولية.

وبالنسبة إلى تونس، فهي تتعامل حاليا وبشكل تعاقدي مع 3 وكالات للتصنيف الائتماني، وكالتان أمريكيتان وهما "فيتش راتينغ" و"موديز"، والوكالة اليابانية، "رايتنغ أند انفستمنت"، بعد أن أنهت العلاقة التعاقدية مع وكالة "ستاندرد أند بورز" منذ سنة 2013  بطلب من رئيس الجمهورية الأسبق المنصف المرزوقي آنذاك..

وتعتمد الجهات المانحة والمؤسسات المالية الدولية، كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي على هذه التصنيفات بجديّة حين تدرس مشاريع اتفاقيات القروض مع مختلف حكومات الدول، لذلك تعتبر هذه التصنيفات عنصرا حاسما وممرًا إلزاميا لجميع دول العالم.

وبالعودة إلى الوراء، فإن أول تصنيف لتونس كان منذ سنة 1994 من قبل الوكالة اليابانية "رايتنغ اند انفستمنت"، وكان وقتها التصنيف عند BBB+  ايجابي مع آفاق مستقرة. وتقوم الوكالات الائتمانية العالمية كل فترة بتقييم بلادنا، وقريبا ستعلن في هذا الإطار إحدى هذه الوكالات وهي "فيتش رايتنغ" تصنيفا جديدا لتونس بعد سنة من آخر تصنيف لها ...

وتعد تونس قد خطت خطوة مهمة مع مطلع السنة الجارية، بعد نجاحها في سداد قسط هام من ديونها الخارجية، فقد قالت وزيرة المالية، سهام البوغديري، أن الدولة تمكنت من سداد جميع ديونها المحلية والخارجية لعام 2023 رغم الضغوط الهائلة على ماليتها العامة، مما يبدد الشكوك إزاء احتمال تخلفها عن السداد.

كما أظهرت وثيقة رسمية أن تونس ستسدد أربعة مليارات دولار من الديون الخارجية في 2024، بزيادة قدرها 40 بالمائة عن 2023، وسط ندرة التمويل الخارجي الذي تحصل عليه الحكومة بينما تكافح لإصلاح ماليتها العمومية المتعثرة.

كما يتوقع العديد من المراقبين الاقتصاديين صعوبة المالية العمومية مع موفى السنة الجارية في ظل صعوبة حصول الدولة على تمويلات جديدة، وسط ارتفاع الديون الخارجية وصعوبة اللجوء المتكرر إلى القروض الداخلية.

وتتوقع الحكومة أن يصل الدين العام المتراكم عام 2024 إلى نحو 140 مليار دينار، أي نحو 79.8 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، مسجلا بعد أن كان قبل سنة في حدود الـ127 مليار دينار.

وهذا الرقم الذي يعتبر قياسيا لديون تونس المطالبة بتسديدها هذه السنة، سيكون بالتأكيد أبرز التقييمات التي ستعتمدها وكالة التصنيف الائتماني "فيتش رايتنغ" أولى وكالات التصنيف التي ستصنف تونس قريبا تصنيفا جديدا قد يغير الموازين مستقبلا في المالية العمومية للدولة..

تصنيف جديد مرتقب لتونس..   حصول الدولة على تمويلات خارجية ومدى قدرتها على سداد ديونها أبرز التقييمات

 

-تونس تتعامل حاليا بشكل تعاقدي مع 3 وكالات للتصنيف الائتماني

تونس-الصباح

وفاء بن محمد

منذ سنة، كان آخر تصنيف ائتماني لتونس، بعد أن خفضت فيه وكالة التصنيف الائتماني "فيتش رايتنغ" التصنيف الائتماني للدولة التونسية إلى "سي سي سي" سالب، (CCC-)، أي ما يعكس عدم اليقين بشأن قدرة البلاد على جمع التمويل الكافي لتلبية متطلباتها المالية الكبيرة.

واليوم، تنتظر بلادنا تصنيفا جديدا مرتقبا من هذه الوكالة الدولية خلال بحر هذا الأسبوع،  وهي التي تعاني من صعوبة في تعبئة موارد مالية جديدة بالعملة الصعبة بالأساس، وفي المقدمة تعثر برنامج الاقتراض المزمع تفعيله منذ فترة بعد التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي، والمقدر بقيمة 1.9 مليار دولار.. وهو ما يشكل خطرا يتمثل في تزايد احتمال تخلف الدولة عن سداد ديونها السيادية، حسب الوكالة...

وبالرغم من نجاح الدولة في النصف الأول من السنة الجارية في سداد قسط كبير من تعهداتها المالية الخارجية، إلا أن صعوبة الحصول على تمويلات جديدة مازالت تمثل عائقا أمامها لتغطية العجز الحاصل بميزانيتها العمومية، وقد يبعث برسائل سلبية إلى الجهات المانحة بشأن مدى قدرة تونس اليوم على الإيفاء بتعهداتها المالية..

ومع اقتراب إعلان وكالة فيتش للتراقيم الائتماني، خلال هذا الأسبوع عن تصنيف جديد، تبقى المخاوف قائمة بشأن تصنيف سلبي قد يؤثر على اقتصاد تونس في قادم الأيام، وهذا ما أكده المراقبون في الشأن المالي والاقتصادي، معتبرين أن كل تصنيف سلبي جديد ستكون له تداعيات وخيمة، أهمها صورة الدولة المالية لدى المانحين الدوليين وللاستثمار الخارجي، فضلا عن زعزعة ثقة الدولة مما سيعيقها عن الحصول على تمويلات خارجية بشروط ميسرة وفوائد مقبولة في ظل تعطل الاتفاق مع صندوق النقد.

وهذه النقطة بالذات هي التي ستؤثر على إمكانية حصول الدولة على تمويلات جديدة مستقبلا، باعتبار أن التصنيف الائتماني يحدد مستوى المخاطر لتونس ومدى قدرتها على سداد ديونها الخارجية، كما سيؤثر على حظوظها في توفير السلع والمواد الأساسية المستوردة كالأدوية والحبوب والمحروقات مما يخلق نقصا حادا في السلع بالبلاد.

وبالرجوع إلى آخر تصنيف لتونس من قبل وكالة فيتش رايتنغ الذي حددته عند "سي سي سي" سالب (CCC-)، هو التصنيف السلبي الذي كان يوم 9 جوان من سنة 2023،  وكانت قد تراجعت فيه وقتها بدرجة. وللإشارة فإن وكالات التصنيف الائتماني اللي تتعامل معها تونس ليست عديدة، فالوكالة تقوم في العادة بتقييم مستقل للبيئة الاقتصادية والسياسية لقدرة بلد أو كيان ذي سيادة على تنفيذ تعهداته المالية، ويمكن أن تمنح التصنيفات السيادية للمستثمرين رؤية لمستوى المخاطر المرتبطة بالاستثمار في بلد معين، بما في ذلك المخاطر السياسية، كما أن التصنيف الجيد يعد ضروريا للبلدان النامية التي ترغب في الحصول على التمويل من الأسواق المالية الدولية.

وبالنسبة إلى تونس، فهي تتعامل حاليا وبشكل تعاقدي مع 3 وكالات للتصنيف الائتماني، وكالتان أمريكيتان وهما "فيتش راتينغ" و"موديز"، والوكالة اليابانية، "رايتنغ أند انفستمنت"، بعد أن أنهت العلاقة التعاقدية مع وكالة "ستاندرد أند بورز" منذ سنة 2013  بطلب من رئيس الجمهورية الأسبق المنصف المرزوقي آنذاك..

وتعتمد الجهات المانحة والمؤسسات المالية الدولية، كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي على هذه التصنيفات بجديّة حين تدرس مشاريع اتفاقيات القروض مع مختلف حكومات الدول، لذلك تعتبر هذه التصنيفات عنصرا حاسما وممرًا إلزاميا لجميع دول العالم.

وبالعودة إلى الوراء، فإن أول تصنيف لتونس كان منذ سنة 1994 من قبل الوكالة اليابانية "رايتنغ اند انفستمنت"، وكان وقتها التصنيف عند BBB+  ايجابي مع آفاق مستقرة. وتقوم الوكالات الائتمانية العالمية كل فترة بتقييم بلادنا، وقريبا ستعلن في هذا الإطار إحدى هذه الوكالات وهي "فيتش رايتنغ" تصنيفا جديدا لتونس بعد سنة من آخر تصنيف لها ...

وتعد تونس قد خطت خطوة مهمة مع مطلع السنة الجارية، بعد نجاحها في سداد قسط هام من ديونها الخارجية، فقد قالت وزيرة المالية، سهام البوغديري، أن الدولة تمكنت من سداد جميع ديونها المحلية والخارجية لعام 2023 رغم الضغوط الهائلة على ماليتها العامة، مما يبدد الشكوك إزاء احتمال تخلفها عن السداد.

كما أظهرت وثيقة رسمية أن تونس ستسدد أربعة مليارات دولار من الديون الخارجية في 2024، بزيادة قدرها 40 بالمائة عن 2023، وسط ندرة التمويل الخارجي الذي تحصل عليه الحكومة بينما تكافح لإصلاح ماليتها العمومية المتعثرة.

كما يتوقع العديد من المراقبين الاقتصاديين صعوبة المالية العمومية مع موفى السنة الجارية في ظل صعوبة حصول الدولة على تمويلات جديدة، وسط ارتفاع الديون الخارجية وصعوبة اللجوء المتكرر إلى القروض الداخلية.

وتتوقع الحكومة أن يصل الدين العام المتراكم عام 2024 إلى نحو 140 مليار دينار، أي نحو 79.8 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، مسجلا بعد أن كان قبل سنة في حدود الـ127 مليار دينار.

وهذا الرقم الذي يعتبر قياسيا لديون تونس المطالبة بتسديدها هذه السنة، سيكون بالتأكيد أبرز التقييمات التي ستعتمدها وكالة التصنيف الائتماني "فيتش رايتنغ" أولى وكالات التصنيف التي ستصنف تونس قريبا تصنيفا جديدا قد يغير الموازين مستقبلا في المالية العمومية للدولة..