الخبر سار فعلا وهو يبعث على الأمل في مستقبل شباب تونس وفي مستقبل البلاد ككل إذا ما آمنت طبعا بطاقاتها الشابة والخلاقة. فقد تمكن فريق من مهندسات تونسيات شابات من خريجي المعهد العالي للتكنولوجيات الطبية بتونس (يعملن حاليا بشركة ناشئة تونسية) من بلوغ الدور النهائي لمنافسات إحدى أبرز جوائز الاختراع الأوروبية وهي جائزة المخترع الشاب بعنوان 2024.
وقد تمكن هذا الفريق الذي يتكون من كل من خولة بن أحمد (28 سنة) وغفران العياري (28 سنة) وسليمة بن تميم (28 سنة) وسيرين العياري (28 سنة) من تطوير نظام التحكم الذكي للكراسي المتحركة "موفوبراين" وهي تقنية تمكن المستخدمين من تشغيل كراسيهم المتحركة باستخدام إشارات الدماغ والصوت وتعابير الوجه أو لمسة بسيطة على الهاتف الذكي.
وستمكن هذه التكنولوجيا الملايين من مستعملي الكراسي المتحّركة في جميع أنحاء العالم من مزيد الاستقلالية وذلك وفق بلاغ في الغرض لجائزة المخترع الأوروبي وللمكتب الأوروبي لبراءات الاختراع الذي يمنح الجائزة.
ويتنافس على الجائزة الكبرى كل من فريق المهندسات التونسيات اللواتي ذكرنا، ومخترعة هولندية (توصلت الى ابتكار يتولى الكشف السريع عن البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية) ومخترع من أوكرانيا (توصل لاختراع يحد من المخاطر المهددة للغابات بالزوال).
ولئن تبدو كل الاختراعات هامة، فإن الاختراع التونسي يعتبر أكثرها أهمية لأنه سيعيد الأمل الى ملايين البشر الذين حرموا من استقلالية الحركة ونقول ذلك استنادا الى أرقام منظمة الصحة العالمية الأخيرة التي تفيد بأن ما لا يقل عن 80 مليون شخص في العالم يحتاجون الى كرسي متحرك وهو ما يمثل وفق أرقام المنظمة نسبة 1 % من سكان العالم. وهناك فئة من بين هؤلاء تعاني أكثر لأنها غير قادرة حتى على تحريك جزئها العلوي ويتوجه اختراع التونسيات الشابات الى هذه الفئة بالخصوص. فهو يوفر استقلالية أكبر لمستعملي التقنية المساعدة "موفوبراين" وقد مكن الاختراع الفريق التونسي من الوصول الى الدور النهائي للتصفيات التي شارك فيها عموما أكثر من 500 مترشح. ويتحصل الفائز بالجائزة الأولى على مبلغ 20 ألف أورو (أكثر من ثلاثة أضعاف المبلغ بالدينار التونسي) في حين يفوز صاحب المرتبة الثانية بـ10 آلاف أورو ويتحصل صاحب المرتبة الثالثة على 5 آلاف أورو. وينتظر أن يتم تتويج الفائزين في حفل ينتظم للغرض يوم 9 جويلية القادم بمالطا.
ويعود تاريخ جائزة المخترعين الشبان الى سنة 2021، حيث أنشأ مكتب براءات الاختراع الأوروبي الجائزة الموجهة للمخترعين من مختلف أنحاء العالم والذين تقل أعمارهم عن 30 سنة. وتشجع الجائزة المبادرات التي تندرج في إطار العمل على تحقيق أهداف التنمية المستدامة وفق معايير أممية أما جائزة المخترع الأوروبي التي تأسست سنة 2006، فهي تشجع بالخصوص المبتكرين -أفرادا أو فرقا- الذين يتوصلون الى حلول للتحديات الكبرى التي تواجه إنسان اليوم.
وإذا ما علمنا أن الحاجة كانت وراء الاختراع التونسي، وقد قيل سابقا أن "الحاجة أم الاختراع"، نفهم هذا التصميم على النجاح والإرادة في كسب هذا التحدي الكبير. فقد شكلت الإصابة المفاجأة بالإعاقة لفرد من عائلة إحدى أعضاء فريق المهندسات المذكورات حافزا للبحث عن وسيلة تجعله لا يفقد استقلاليته بالكامل ويستمر في التواصل مع محيطه، بالاستفادة من التكنولوجيات الحديثة، وهو ما تم التوصل إليه من خلال تطوير تقنية "موفوبراين" التي تقدم طريقة جديدة للتحكم في الكراسي المتحركة، مصممة لتلبية الاحتياجات المختلفة لمستخدميها.
وإذ يعتبر وصول فريق المهندسات التونسيات الشابات الى الدور النهائي لتصفيات جائزة المخترع الشاب لسنة 2024 نصرا خاصا لهن ولشركتهم الناشئة، وهو يعكس بالتأكيد الرغبة الملحة في تقديم المساعدة لمن يحتاجها، الأمر الذي دفع الى بذل كل الجهود من اجل كسب التحدي والسعي الى فتح باب الأمل أمام من ولدوا بإعاقة أو من أصيبوا بإعاقة لسبب أو لآخر، لكنهن يتسابقن في النهاية تحت الراية التونسية. ومثلهن جدير بالتشجيع والتنويه، على أمل أن يواصلن السير في طريق الخلق والابتكار وعلى أمل أن تكون تجربتهن ملهمة لكثير من الشباب الذين تنقصهم الجرأة في اقتحام مغامرة البحث والاختراع والاكتشاف.
وبمثل هذه الكفاءات الشابة يمكن لتونس أن تتطور وأن تجد مكانها بين الأمم. على أنه وجب التنويه بأن الأمر ليس دائما بالسهولة التي نتصور وأنه على المخترعين الشبان أن يسعوا دائما لاغتنام كل فرص التمويل والتدريب وهي موجودة، وهناك شركات عالمية وهياكل دولية تبحث عن المواهب العلمية في كل التخصصات من كل أنحاء العالم وتوفر لها كل الإمكانيات، والهدف واضح بطبيعة الحال وهو الاستفادة من أفكارها ومن كفاءاتها، لكن قلة قليلة من شبابنا الموهوب، تتمكن من النفاذ الى المعلومات اللازمة في الوقت المناسب، على أمل بطبيعة الحال أن تخلق البلدان التي تزخر بالكفاءات الشابة على غرار تونس بطبيعة الحال، بيئة تشجع على الاكتشافات العلمية والتكنولوجية.
ح س
تونس – الصباح
الخبر سار فعلا وهو يبعث على الأمل في مستقبل شباب تونس وفي مستقبل البلاد ككل إذا ما آمنت طبعا بطاقاتها الشابة والخلاقة. فقد تمكن فريق من مهندسات تونسيات شابات من خريجي المعهد العالي للتكنولوجيات الطبية بتونس (يعملن حاليا بشركة ناشئة تونسية) من بلوغ الدور النهائي لمنافسات إحدى أبرز جوائز الاختراع الأوروبية وهي جائزة المخترع الشاب بعنوان 2024.
وقد تمكن هذا الفريق الذي يتكون من كل من خولة بن أحمد (28 سنة) وغفران العياري (28 سنة) وسليمة بن تميم (28 سنة) وسيرين العياري (28 سنة) من تطوير نظام التحكم الذكي للكراسي المتحركة "موفوبراين" وهي تقنية تمكن المستخدمين من تشغيل كراسيهم المتحركة باستخدام إشارات الدماغ والصوت وتعابير الوجه أو لمسة بسيطة على الهاتف الذكي.
وستمكن هذه التكنولوجيا الملايين من مستعملي الكراسي المتحّركة في جميع أنحاء العالم من مزيد الاستقلالية وذلك وفق بلاغ في الغرض لجائزة المخترع الأوروبي وللمكتب الأوروبي لبراءات الاختراع الذي يمنح الجائزة.
ويتنافس على الجائزة الكبرى كل من فريق المهندسات التونسيات اللواتي ذكرنا، ومخترعة هولندية (توصلت الى ابتكار يتولى الكشف السريع عن البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية) ومخترع من أوكرانيا (توصل لاختراع يحد من المخاطر المهددة للغابات بالزوال).
ولئن تبدو كل الاختراعات هامة، فإن الاختراع التونسي يعتبر أكثرها أهمية لأنه سيعيد الأمل الى ملايين البشر الذين حرموا من استقلالية الحركة ونقول ذلك استنادا الى أرقام منظمة الصحة العالمية الأخيرة التي تفيد بأن ما لا يقل عن 80 مليون شخص في العالم يحتاجون الى كرسي متحرك وهو ما يمثل وفق أرقام المنظمة نسبة 1 % من سكان العالم. وهناك فئة من بين هؤلاء تعاني أكثر لأنها غير قادرة حتى على تحريك جزئها العلوي ويتوجه اختراع التونسيات الشابات الى هذه الفئة بالخصوص. فهو يوفر استقلالية أكبر لمستعملي التقنية المساعدة "موفوبراين" وقد مكن الاختراع الفريق التونسي من الوصول الى الدور النهائي للتصفيات التي شارك فيها عموما أكثر من 500 مترشح. ويتحصل الفائز بالجائزة الأولى على مبلغ 20 ألف أورو (أكثر من ثلاثة أضعاف المبلغ بالدينار التونسي) في حين يفوز صاحب المرتبة الثانية بـ10 آلاف أورو ويتحصل صاحب المرتبة الثالثة على 5 آلاف أورو. وينتظر أن يتم تتويج الفائزين في حفل ينتظم للغرض يوم 9 جويلية القادم بمالطا.
ويعود تاريخ جائزة المخترعين الشبان الى سنة 2021، حيث أنشأ مكتب براءات الاختراع الأوروبي الجائزة الموجهة للمخترعين من مختلف أنحاء العالم والذين تقل أعمارهم عن 30 سنة. وتشجع الجائزة المبادرات التي تندرج في إطار العمل على تحقيق أهداف التنمية المستدامة وفق معايير أممية أما جائزة المخترع الأوروبي التي تأسست سنة 2006، فهي تشجع بالخصوص المبتكرين -أفرادا أو فرقا- الذين يتوصلون الى حلول للتحديات الكبرى التي تواجه إنسان اليوم.
وإذا ما علمنا أن الحاجة كانت وراء الاختراع التونسي، وقد قيل سابقا أن "الحاجة أم الاختراع"، نفهم هذا التصميم على النجاح والإرادة في كسب هذا التحدي الكبير. فقد شكلت الإصابة المفاجأة بالإعاقة لفرد من عائلة إحدى أعضاء فريق المهندسات المذكورات حافزا للبحث عن وسيلة تجعله لا يفقد استقلاليته بالكامل ويستمر في التواصل مع محيطه، بالاستفادة من التكنولوجيات الحديثة، وهو ما تم التوصل إليه من خلال تطوير تقنية "موفوبراين" التي تقدم طريقة جديدة للتحكم في الكراسي المتحركة، مصممة لتلبية الاحتياجات المختلفة لمستخدميها.
وإذ يعتبر وصول فريق المهندسات التونسيات الشابات الى الدور النهائي لتصفيات جائزة المخترع الشاب لسنة 2024 نصرا خاصا لهن ولشركتهم الناشئة، وهو يعكس بالتأكيد الرغبة الملحة في تقديم المساعدة لمن يحتاجها، الأمر الذي دفع الى بذل كل الجهود من اجل كسب التحدي والسعي الى فتح باب الأمل أمام من ولدوا بإعاقة أو من أصيبوا بإعاقة لسبب أو لآخر، لكنهن يتسابقن في النهاية تحت الراية التونسية. ومثلهن جدير بالتشجيع والتنويه، على أمل أن يواصلن السير في طريق الخلق والابتكار وعلى أمل أن تكون تجربتهن ملهمة لكثير من الشباب الذين تنقصهم الجرأة في اقتحام مغامرة البحث والاختراع والاكتشاف.
وبمثل هذه الكفاءات الشابة يمكن لتونس أن تتطور وأن تجد مكانها بين الأمم. على أنه وجب التنويه بأن الأمر ليس دائما بالسهولة التي نتصور وأنه على المخترعين الشبان أن يسعوا دائما لاغتنام كل فرص التمويل والتدريب وهي موجودة، وهناك شركات عالمية وهياكل دولية تبحث عن المواهب العلمية في كل التخصصات من كل أنحاء العالم وتوفر لها كل الإمكانيات، والهدف واضح بطبيعة الحال وهو الاستفادة من أفكارها ومن كفاءاتها، لكن قلة قليلة من شبابنا الموهوب، تتمكن من النفاذ الى المعلومات اللازمة في الوقت المناسب، على أمل بطبيعة الحال أن تخلق البلدان التي تزخر بالكفاءات الشابة على غرار تونس بطبيعة الحال، بيئة تشجع على الاكتشافات العلمية والتكنولوجية.