إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

بعد أن تجاوز التهرب الضريبي الـ50 بالمائة.. الدولة تفعل إجراءاتها للحد من الظاهرة.. والمنصة الرقمية الجديدة أبرزها

 

- بداية من غرة جوان الجاري منصة "تاج" لإعداد شهائد الخصم من المورد

 - الإجراء يستثني مؤسسات الدولة والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية

تونس-الصباح

وفاء بن محمد

بداية من غرة جوان الجاري، انطلق العمل رسميا بالمنصة الرقمية الجديدة التي وضعتها وزارة المالية المتعلقة بإعداد شهائد الخصم من المورد بهدف الحد من ظاهرة التهرب الضريبي، بعد بلوغه نسبة 50 بالمائة من قيمة الموارد الضريبية وهو ما تسبب في اختلال للتوازنات المالية للبلاد في السنوات الأخيرة..

هذه المنصة الرقمية التي تعتبر من أبرز الإجراءات الحكومية التي وضعتها الدولة للتصدي لظاهرة التهرب الضريبي الذي مازال يمثل خطرا على ميزانية الدولة ويؤدي إلى مزيد تكريس الحيف الضريبي بين التونسيين، باعتبار أن العديد من المتدخلين في الشأن المالي أكدوا على أهمية المرور بالسرعة القصوى إلى الرقمنة في المنظومة الجبائية التي من شأنها مساعدة مصالح الجباية في الحد من الظاهرة من جهة، كما تساعد المطالبين بالضريبة على القيام بواجبهم الجبائي من جهة ثانية.

وللوقوف عند هذا الإجراء الذي تم تفعيله مع دخول الشهر الجاري، فالمنصة الرقمية الجديدة تتعلق برقمنة الخصم من المورد، وفقا لقرار وزيرة المالية المؤرخ في10 ماي 2024، والذي يتعلق بضبط ميدان تطبيق الإجراء المتعلق بإعداد شهائد الخصم من المورد عبر المنصة الإلكترونية المنصوص عليه بالفصل 41 من قانون المالية لسنة 2022 والطرق العملية له وآجال تطبيقه.

وينص الفصل الأول على أنه يتعين على مديني المبالغ الخاضعة للخصم من المورد بعنوان الضريبة على دخل الأشخاص الطبيعيين والضريبة على الشركات وبعنوان الأداء على القيمة المضافة، إعداد شهائد الخصم من المورد عبر منصة الكترونية تضعها وزارة المالية للغرض، ويشار إليها فيما يلي بالمنصة.

وحول هذا الإجراء الجديد ونتائجه المرتقبة على منظومة الجباية في تونس، أفادنا المستشار الجبائي محمد صالح العياري وعضو المجلس الوطني للجباية بأن هذه المنصة لها أهمية كبيرة في الحد من ظاهرة التهرب الضريبي باعتبار أن الخصم من المورد في تونس حاليا يمثل ضامنا كبيرا لاستخلاص الأداءات والضرائب المستوجبة، مبينا أن الضريبة على الدخل خلال عام 2023 كانت في حدود الـ 11.2 مليار دينار في حين كان حجم الخصم على المورد في حدود الـ 7.9 مليار دينار بالنسبة للأجور أي بما يمثل نسبة 70.6 بالمائة.

وفسر العياري ذلك بأن نفس هذه النسبة تقريبا خلال سنة 2024 أي ما يعادل الـ 70.21 بالمائة باعتبار أن الضريبة على الدخل قدرت بـ12.2 مليار دينار، والخصم من المورد بـ8.6 مليار دينار، بالتالي هناك أهمية للخصم من المورد بالنسبة للمنظومة الجبائية في تونس، حسب تعبيره.

كما أوضح العياري أن الجميع اليوم ومع بداية هذا الشهر جوان، أصبح مرتبطا بالمنصة الرقمية "تاج"، والجميع يخضع لواجب إعداد شهائد الخصم من المورد عبر المنصة الأشخاص الذين يتولون لحسابهم أو لحساب الغير دفع المبالغ المنصوص عليها بالفصل 3 من هذا القرار..

وبالنسبة للفئات المستهدفة من هذا الإجراء، فهم المطالبون بالأداء الراجعون بالنظر لإدارة المؤسسات الكبرى وإدارة المؤسسات المتوسطة بالإدارة العامة للأداءات وأصحاب المهن الحرة الناشطون في مجال المحاسبة والجباية، والمطالبون بالأداء الخاضعون لواجب اكتتاب وإيداع التصاريح ودفع الأداء عن بعد بالوسائل الالكترونية الموثوق بها وذلك ابتداء من 1 جانفي 2025..

في حين يستثني هذا الإجراء أو لا يخص واجب إعداد شهائد الخصم من المورد عبر هذه المنصة، مؤسسات الدولة والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية.

بالمقابل، اعتبر عدد هام من المراقبين الاقتصاديين أن هذا الإجراء لن تكون نتائجه ناجعة على المدى القصير، والحال أن الدولة اليوم مطالبة بالتسريع في إيجاد حلول أكثر نجاعة للحد من تأثيرات ظاهرة التهرب الضريبي التي استشرت في البلاد في السنوات الأخيرة وأنهكت منظومة الجباية وأخلت بكل توازنات الدولة المالية.

فاليوم، تفوق نسبة التهرب الضريبي الـ 50 بالمائة، والعديد من الفئات والمهن التي لا تلتزم بدفع الضرائب للدولة وهو ما يفسر توسع رقعة الظاهرة، وبقيت فقط الفئات المنتظمة في دفع الاداءات وهي بالأساس فئة الأجراء، وهو ما كرس بالتالي الحيف الضريبي بين التونسيين عموما.

وهذا ما اقره العديد من المختصين في المجال الاقتصادي بغياب العدالة الضريبية بين موظفي القطاع العام وأصحاب الشركات، خصوصاً أصحاب المهن الليبرالية، مثل المحامين والأطباء والمهندسين وصغار التجار، ففي الوقت الذي تفرض فيه وزارة المالية التونسية ضريبة على الأجور تصل إلى نحو 20 في المائة من قيمة أجور الموظفين، فإنها تعجز على تحصيل عائدات الضريبة من أصحاب المهن الحرة أو الليبرالية الذين وبشهادة المتخصصين يعمدون إلى التصريح بمعلومات مغلوطة عن عائداتهم المالية السنوية.

 

 

 

 

بعد أن تجاوز التهرب الضريبي الـ50 بالمائة..   الدولة تفعل إجراءاتها للحد من الظاهرة.. والمنصة الرقمية الجديدة أبرزها

 

- بداية من غرة جوان الجاري منصة "تاج" لإعداد شهائد الخصم من المورد

 - الإجراء يستثني مؤسسات الدولة والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية

تونس-الصباح

وفاء بن محمد

بداية من غرة جوان الجاري، انطلق العمل رسميا بالمنصة الرقمية الجديدة التي وضعتها وزارة المالية المتعلقة بإعداد شهائد الخصم من المورد بهدف الحد من ظاهرة التهرب الضريبي، بعد بلوغه نسبة 50 بالمائة من قيمة الموارد الضريبية وهو ما تسبب في اختلال للتوازنات المالية للبلاد في السنوات الأخيرة..

هذه المنصة الرقمية التي تعتبر من أبرز الإجراءات الحكومية التي وضعتها الدولة للتصدي لظاهرة التهرب الضريبي الذي مازال يمثل خطرا على ميزانية الدولة ويؤدي إلى مزيد تكريس الحيف الضريبي بين التونسيين، باعتبار أن العديد من المتدخلين في الشأن المالي أكدوا على أهمية المرور بالسرعة القصوى إلى الرقمنة في المنظومة الجبائية التي من شأنها مساعدة مصالح الجباية في الحد من الظاهرة من جهة، كما تساعد المطالبين بالضريبة على القيام بواجبهم الجبائي من جهة ثانية.

وللوقوف عند هذا الإجراء الذي تم تفعيله مع دخول الشهر الجاري، فالمنصة الرقمية الجديدة تتعلق برقمنة الخصم من المورد، وفقا لقرار وزيرة المالية المؤرخ في10 ماي 2024، والذي يتعلق بضبط ميدان تطبيق الإجراء المتعلق بإعداد شهائد الخصم من المورد عبر المنصة الإلكترونية المنصوص عليه بالفصل 41 من قانون المالية لسنة 2022 والطرق العملية له وآجال تطبيقه.

وينص الفصل الأول على أنه يتعين على مديني المبالغ الخاضعة للخصم من المورد بعنوان الضريبة على دخل الأشخاص الطبيعيين والضريبة على الشركات وبعنوان الأداء على القيمة المضافة، إعداد شهائد الخصم من المورد عبر منصة الكترونية تضعها وزارة المالية للغرض، ويشار إليها فيما يلي بالمنصة.

وحول هذا الإجراء الجديد ونتائجه المرتقبة على منظومة الجباية في تونس، أفادنا المستشار الجبائي محمد صالح العياري وعضو المجلس الوطني للجباية بأن هذه المنصة لها أهمية كبيرة في الحد من ظاهرة التهرب الضريبي باعتبار أن الخصم من المورد في تونس حاليا يمثل ضامنا كبيرا لاستخلاص الأداءات والضرائب المستوجبة، مبينا أن الضريبة على الدخل خلال عام 2023 كانت في حدود الـ 11.2 مليار دينار في حين كان حجم الخصم على المورد في حدود الـ 7.9 مليار دينار بالنسبة للأجور أي بما يمثل نسبة 70.6 بالمائة.

وفسر العياري ذلك بأن نفس هذه النسبة تقريبا خلال سنة 2024 أي ما يعادل الـ 70.21 بالمائة باعتبار أن الضريبة على الدخل قدرت بـ12.2 مليار دينار، والخصم من المورد بـ8.6 مليار دينار، بالتالي هناك أهمية للخصم من المورد بالنسبة للمنظومة الجبائية في تونس، حسب تعبيره.

كما أوضح العياري أن الجميع اليوم ومع بداية هذا الشهر جوان، أصبح مرتبطا بالمنصة الرقمية "تاج"، والجميع يخضع لواجب إعداد شهائد الخصم من المورد عبر المنصة الأشخاص الذين يتولون لحسابهم أو لحساب الغير دفع المبالغ المنصوص عليها بالفصل 3 من هذا القرار..

وبالنسبة للفئات المستهدفة من هذا الإجراء، فهم المطالبون بالأداء الراجعون بالنظر لإدارة المؤسسات الكبرى وإدارة المؤسسات المتوسطة بالإدارة العامة للأداءات وأصحاب المهن الحرة الناشطون في مجال المحاسبة والجباية، والمطالبون بالأداء الخاضعون لواجب اكتتاب وإيداع التصاريح ودفع الأداء عن بعد بالوسائل الالكترونية الموثوق بها وذلك ابتداء من 1 جانفي 2025..

في حين يستثني هذا الإجراء أو لا يخص واجب إعداد شهائد الخصم من المورد عبر هذه المنصة، مؤسسات الدولة والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية.

بالمقابل، اعتبر عدد هام من المراقبين الاقتصاديين أن هذا الإجراء لن تكون نتائجه ناجعة على المدى القصير، والحال أن الدولة اليوم مطالبة بالتسريع في إيجاد حلول أكثر نجاعة للحد من تأثيرات ظاهرة التهرب الضريبي التي استشرت في البلاد في السنوات الأخيرة وأنهكت منظومة الجباية وأخلت بكل توازنات الدولة المالية.

فاليوم، تفوق نسبة التهرب الضريبي الـ 50 بالمائة، والعديد من الفئات والمهن التي لا تلتزم بدفع الضرائب للدولة وهو ما يفسر توسع رقعة الظاهرة، وبقيت فقط الفئات المنتظمة في دفع الاداءات وهي بالأساس فئة الأجراء، وهو ما كرس بالتالي الحيف الضريبي بين التونسيين عموما.

وهذا ما اقره العديد من المختصين في المجال الاقتصادي بغياب العدالة الضريبية بين موظفي القطاع العام وأصحاب الشركات، خصوصاً أصحاب المهن الليبرالية، مثل المحامين والأطباء والمهندسين وصغار التجار، ففي الوقت الذي تفرض فيه وزارة المالية التونسية ضريبة على الأجور تصل إلى نحو 20 في المائة من قيمة أجور الموظفين، فإنها تعجز على تحصيل عائدات الضريبة من أصحاب المهن الحرة أو الليبرالية الذين وبشهادة المتخصصين يعمدون إلى التصريح بمعلومات مغلوطة عن عائداتهم المالية السنوية.