توقع البنك الإفريقي للتنمية أن يبلغ النمو في تونس نسبة 2،1 بالمائة لكامل سنة 2024 ونسبة 2،9 بالمائة في 2025، وذلك في تقرير حول الآفاق الاقتصادية في إفريقيا 2024. كما توقع البنك في تقرير بعنوان "دفع التحوّل في إفريقيا: إصلاح الهندسة المالية العالمية"، أن يكون معدل التضخم في حدود 1،7 لكامل سنة 2024 قبل أن يتراجع تدريجيا الى 6،7 بالمائة خلال سنة 2025، إذا ما تراجعت الضغوط التضخمية العالمية.
مؤشرات تبدو إيجابية إلى حد ما بالنظر إلى عدم نجاح تونس على امتداد السنوات الأخيرة في تجاوز نسب نمو تراوحت بين 0 و1 بالمائة. وتأتي هذه التوقعات في ظل تواصل حالة من الضبابية بشأن توصل تونس إلى إبرام اتفاق مع صندوق النقد الدولي المعطل منذ فترة طويلة مما دفع البعض إلى التساؤل هل بالإمكان تجاوز الاتفاق مع صندوق النقد وهل كانت لمسألة التعويل على الذات انعكاسات إيجابية مكنت تونس من تجاوز مرحلة الأزمة في وقت حذر فيه كثيرون من مخاطر عدم التوصل لاتفاق مع المؤسسات المانحة وفي مقدمتها صندوق النقد الدولي.
شروط
عمليا لا يمكن وفق عديد الملاحظين الإقرار بتجاوز عتبة التمويلات الأجنبية والحاجة لصندوق النقد الدولي لا سيما وأن توقعات البنك الإفريقي للتنمية المتفائلة بشأن نسب النمو في تونس ربطت هذه النتائج مع جملة من المؤشرات والتدابير الواجب اتخاذها لتتمكن تونس من تسريع التحول الهيكلي كما يقول خبراء البنك الإفريقي.
ويشير البنك هنا الى أهمية استعادة توازن المالية العمومية من اجل الحصول على دعم شركاء التنمية وتحسين إدراك المستثمرين للمخاطر. بالإضافة إلى تسريع تأهيل الصناعة وتحسين مناخ الأعمال وتطوير رأس المال البشري وتسهيل الوصول الى التمويل وإدماج المؤسسات المتناهية الصغر والصغرى والمتوسطة ضمن الاقتصاد الرسمي والرقمنة وتعزيز صلابة اقتصادها.
التعويل على الذات
لكن في المقابل تقر بعض التحاليل والملاحظين أن سياسة التعويل على الذات كانت لها نتائج إيجابية محسوسة وبالإمكان مزيد تطويرها لا سيما في اتجاه تشجيع الاستثمار الداخلي كمحرك أساسي للنمو والتنمية واستهداف رجال الأعمال والكفاءات التونسية المقيمة في المهجر ويبدو أن هذا التوجه تشتغل عليه وزارة الخارجية منذ فترة وذلك في سياق تنشيط الدبلوماسية الاقتصادية.
ويعتبر بهذا الصدد وزير الخارجيّة السابق، أحمد ونّيس، أنه توجد "قطاعات يمكن أن تستجيب لتطلعات وطموحات الكفاءات ورجال الأعمال التونسيين بالخارج والتي يجب أن تحظى بإعفاءات وامتيازات بنكية خاصة لضمان الإقبال على الاستثمار فيها".
وكشف ونيس في تصريح إذاعي مؤخرا عن "إمكانية وجود نية لإقرار قانون خاص بامتيازات استثمارية بفوائض مشجعة وإعفاءات جبائية هامة قد تمنح للتونسيين بالمهجر لدفعهم نحو الاستثمار ببلادهم ولضمان نجاح قرار رئاسة الجمهورية بضرورة اعتماد سياسة التعويل على الذات مع منح التونسيين بالمهجر حرية الاستثمار خارج القطاعات المحددة بهذه الامتيازات أيضا.."
كما أشار ونيس إلى إمكانية توجه تونس أيضا "لبعث صندوق استثماري خاص يجمع بين مستثمرين تونسيين بالخارج وبنوك وصناديق استثمارية تمويلية عربية وسيادية هامة لدعم خطوات الحكومة التونسية وطموحها لإعادة توازن الميزانية خلال سنة 2024 والسنوات المقبلة".
متابعة الرئيس
تجدر الإشارة إلى أن رئيس الجمهورية قيس سعيّد لدى استقباله، في 24 ماي الماضي، أحمد الحشّاني، رئيس الحكومة، كان قد أكد على ضرورة تعزيز العمل الحكومي خاصة في المجالين الاقتصادي والاجتماعي، والإسراع في إعداد النصوص التشريعية التي تقطع مع الماضي وتفتح آفاقا أوسع لكل التونسيين من أجل تحقيق الثروة والتوزيع العادل لها.
وشدّد رئيس الجمهورية، في هذا الإطار، على ضرورة تبسيط الإجراءات الإدارية حتى لا تكون عقبة أمام المستثمرين سواء منهم التونسيون أو الأجانب.
كما تعرّض رئيس الجمهورية إلى بعض المؤشرات الاقتصادية والمالية الإيجابية ومنها التحكّم في نسبة التضخّم مؤكدا على أن "التعويل على الذات الذي هو خيار الشعب التونسي أدى إلى تحقيق نتائج إيجابية بالرغم من الصعوبات التي يشهدها العالم بأسره وبالرغم خاصة من الإرث الثقيل الذي تتحمّل أعباءه الدولة التونسية اليوم نتيجة للخراب والتخريب والفساد والإفساد لمدّة عقود من الزمن".
في الأثناء يتواصل العمل مع بقية الشركاء والمانحين الدوليين على أكثر من صعيد ونشير هنا إلى الاجتماع الذي جمع، منذ أيام قليلة، وزيرة الاقتصاد والتخطيط فريال الورغي السبعي، بالمدير الإقليمي لمنطقة المغرب العربي ومالطا بالبنك الدولي جيسكو هنتشيل، والذي تناول سير برامج ومشاريع التعاون المالي لسنة 2024.
كما تناول اللقاء، الذي حضره مدير مكتب البنك بتونس ألكسندر أروبيو، مدى تقدم مشروع “رواق” الداعم للتنمية الاقتصادية الرابط بين ولايات صفاقس وسيدي بوزيد والقصرين، الممول من قبل البنك الدولي.
كما تم التطرق إلى مدى تقدم برنامج التعاون الخاص بدعم الأمن الغذائي وبرنامج الأمان الاجتماعي وغيرها من البرامج والمشاريع الأخرى، الى جانب المشاريع التي سيتم تقديمها للتمويل بالنسبة لسنة 2025 في عدد من المجالات الحيوية وذات الأولوية، من ذلك مجال الطاقة الكهربائية ومجال المياه والتعليم العالي والمجال الصحي والحماية الاجتماعية ودعم الأمن الغذائي.
وجدد جيسكو هنتشيل، التزام البنك الدولي بمواصلة دعم تونس في تنفيذ برامجها الإصلاحية ومشاريعها التنموية ذات الأولوية الوطنية والمردودية الاقتصادية والاجتماعية، بما يساعدها على مجابهة التحديات القائمة والتقدم في تحقيق تنمية شاملة و مستدامة.
م.ي
تونس-الصباح
توقع البنك الإفريقي للتنمية أن يبلغ النمو في تونس نسبة 2،1 بالمائة لكامل سنة 2024 ونسبة 2،9 بالمائة في 2025، وذلك في تقرير حول الآفاق الاقتصادية في إفريقيا 2024. كما توقع البنك في تقرير بعنوان "دفع التحوّل في إفريقيا: إصلاح الهندسة المالية العالمية"، أن يكون معدل التضخم في حدود 1،7 لكامل سنة 2024 قبل أن يتراجع تدريجيا الى 6،7 بالمائة خلال سنة 2025، إذا ما تراجعت الضغوط التضخمية العالمية.
مؤشرات تبدو إيجابية إلى حد ما بالنظر إلى عدم نجاح تونس على امتداد السنوات الأخيرة في تجاوز نسب نمو تراوحت بين 0 و1 بالمائة. وتأتي هذه التوقعات في ظل تواصل حالة من الضبابية بشأن توصل تونس إلى إبرام اتفاق مع صندوق النقد الدولي المعطل منذ فترة طويلة مما دفع البعض إلى التساؤل هل بالإمكان تجاوز الاتفاق مع صندوق النقد وهل كانت لمسألة التعويل على الذات انعكاسات إيجابية مكنت تونس من تجاوز مرحلة الأزمة في وقت حذر فيه كثيرون من مخاطر عدم التوصل لاتفاق مع المؤسسات المانحة وفي مقدمتها صندوق النقد الدولي.
شروط
عمليا لا يمكن وفق عديد الملاحظين الإقرار بتجاوز عتبة التمويلات الأجنبية والحاجة لصندوق النقد الدولي لا سيما وأن توقعات البنك الإفريقي للتنمية المتفائلة بشأن نسب النمو في تونس ربطت هذه النتائج مع جملة من المؤشرات والتدابير الواجب اتخاذها لتتمكن تونس من تسريع التحول الهيكلي كما يقول خبراء البنك الإفريقي.
ويشير البنك هنا الى أهمية استعادة توازن المالية العمومية من اجل الحصول على دعم شركاء التنمية وتحسين إدراك المستثمرين للمخاطر. بالإضافة إلى تسريع تأهيل الصناعة وتحسين مناخ الأعمال وتطوير رأس المال البشري وتسهيل الوصول الى التمويل وإدماج المؤسسات المتناهية الصغر والصغرى والمتوسطة ضمن الاقتصاد الرسمي والرقمنة وتعزيز صلابة اقتصادها.
التعويل على الذات
لكن في المقابل تقر بعض التحاليل والملاحظين أن سياسة التعويل على الذات كانت لها نتائج إيجابية محسوسة وبالإمكان مزيد تطويرها لا سيما في اتجاه تشجيع الاستثمار الداخلي كمحرك أساسي للنمو والتنمية واستهداف رجال الأعمال والكفاءات التونسية المقيمة في المهجر ويبدو أن هذا التوجه تشتغل عليه وزارة الخارجية منذ فترة وذلك في سياق تنشيط الدبلوماسية الاقتصادية.
ويعتبر بهذا الصدد وزير الخارجيّة السابق، أحمد ونّيس، أنه توجد "قطاعات يمكن أن تستجيب لتطلعات وطموحات الكفاءات ورجال الأعمال التونسيين بالخارج والتي يجب أن تحظى بإعفاءات وامتيازات بنكية خاصة لضمان الإقبال على الاستثمار فيها".
وكشف ونيس في تصريح إذاعي مؤخرا عن "إمكانية وجود نية لإقرار قانون خاص بامتيازات استثمارية بفوائض مشجعة وإعفاءات جبائية هامة قد تمنح للتونسيين بالمهجر لدفعهم نحو الاستثمار ببلادهم ولضمان نجاح قرار رئاسة الجمهورية بضرورة اعتماد سياسة التعويل على الذات مع منح التونسيين بالمهجر حرية الاستثمار خارج القطاعات المحددة بهذه الامتيازات أيضا.."
كما أشار ونيس إلى إمكانية توجه تونس أيضا "لبعث صندوق استثماري خاص يجمع بين مستثمرين تونسيين بالخارج وبنوك وصناديق استثمارية تمويلية عربية وسيادية هامة لدعم خطوات الحكومة التونسية وطموحها لإعادة توازن الميزانية خلال سنة 2024 والسنوات المقبلة".
متابعة الرئيس
تجدر الإشارة إلى أن رئيس الجمهورية قيس سعيّد لدى استقباله، في 24 ماي الماضي، أحمد الحشّاني، رئيس الحكومة، كان قد أكد على ضرورة تعزيز العمل الحكومي خاصة في المجالين الاقتصادي والاجتماعي، والإسراع في إعداد النصوص التشريعية التي تقطع مع الماضي وتفتح آفاقا أوسع لكل التونسيين من أجل تحقيق الثروة والتوزيع العادل لها.
وشدّد رئيس الجمهورية، في هذا الإطار، على ضرورة تبسيط الإجراءات الإدارية حتى لا تكون عقبة أمام المستثمرين سواء منهم التونسيون أو الأجانب.
كما تعرّض رئيس الجمهورية إلى بعض المؤشرات الاقتصادية والمالية الإيجابية ومنها التحكّم في نسبة التضخّم مؤكدا على أن "التعويل على الذات الذي هو خيار الشعب التونسي أدى إلى تحقيق نتائج إيجابية بالرغم من الصعوبات التي يشهدها العالم بأسره وبالرغم خاصة من الإرث الثقيل الذي تتحمّل أعباءه الدولة التونسية اليوم نتيجة للخراب والتخريب والفساد والإفساد لمدّة عقود من الزمن".
في الأثناء يتواصل العمل مع بقية الشركاء والمانحين الدوليين على أكثر من صعيد ونشير هنا إلى الاجتماع الذي جمع، منذ أيام قليلة، وزيرة الاقتصاد والتخطيط فريال الورغي السبعي، بالمدير الإقليمي لمنطقة المغرب العربي ومالطا بالبنك الدولي جيسكو هنتشيل، والذي تناول سير برامج ومشاريع التعاون المالي لسنة 2024.
كما تناول اللقاء، الذي حضره مدير مكتب البنك بتونس ألكسندر أروبيو، مدى تقدم مشروع “رواق” الداعم للتنمية الاقتصادية الرابط بين ولايات صفاقس وسيدي بوزيد والقصرين، الممول من قبل البنك الدولي.
كما تم التطرق إلى مدى تقدم برنامج التعاون الخاص بدعم الأمن الغذائي وبرنامج الأمان الاجتماعي وغيرها من البرامج والمشاريع الأخرى، الى جانب المشاريع التي سيتم تقديمها للتمويل بالنسبة لسنة 2025 في عدد من المجالات الحيوية وذات الأولوية، من ذلك مجال الطاقة الكهربائية ومجال المياه والتعليم العالي والمجال الصحي والحماية الاجتماعية ودعم الأمن الغذائي.
وجدد جيسكو هنتشيل، التزام البنك الدولي بمواصلة دعم تونس في تنفيذ برامجها الإصلاحية ومشاريعها التنموية ذات الأولوية الوطنية والمردودية الاقتصادية والاجتماعية، بما يساعدها على مجابهة التحديات القائمة والتقدم في تحقيق تنمية شاملة و مستدامة.