إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

افتتاحية "الصباح".. من الصين إلى كوريا.. تونس تعدل بوصلتها شرقا

 

بعد أيام قليلة من مشاركة الرئيس قيس سعيد في القمة العربية-الصينية التي احتضنتها بيكين والاهتمام الكبير الذي قوبلت به هذه المشاركة من قبل السلطات الصينية، يشارك رئيس الحكومة أحمد الحشاني اليوم في العاصمة الكورية الجنوبية في القمة الكورية-الإفريقية التي تحمل شعار: "المستقبل الذي نبنيه معا: نمو مشترك، استدامة وتضامن" وهي قمة ستمثل انطلاقة العمل المشترك بين كوريا وإفريقيا والتي ستكون دافعة للعلاقات بينهما على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي ومحفزة للتعاون الشامل والعملي في عديد المجالات أبرزها المعادن الحيوية والبنية التحتية والطاقة المتجددة والرقمنة والزراعة والرعاية الصحية والسياحة..

قمة ستكون أولى الخطوات في طريق جديدة للتعاون الاقتصادي بين المنطقتين من أجل دفع التنمية الصناعية، وزيادة التبادلات التجارية، وسبل تحسين البنية الأساسية والإنتاجية الزراعية.. مشاركة تونس فيها ممثلة في رئيس الحكومة ووفد وزاري هام يؤكد التحولات التي تشهدها بلادنا فيما يتعلق بعلاقاتها وتموقعها الجيوسياسي خاصة أن دول الشمال بدأت اليوم تهتم بالموقع الجغرافي الهام الذي تحتله تونس التي تمثل همزة الوصل بين أوروبا وآسيا من جهة وإفريقيا من جهة أخرى.. كما أن الواقع السياسي والاقتصادي جعل تونس تفك حصرية ارتباطها مع الغرب وتلتفت شرقا خاصة وأن شمال المتوسط بدوله وهياكله لم يقدم الشيء الممكن لبلادنا في ظل ما عانته من ظروف اقتصادية وصعوبات مالية في حين أن آفاق حسن التعاون والاستفادة موجودة إذا ما تم الاتجاه والتعامل مع دول آسيا.

تونس التي لم تسع بالمرة إلى الانقلاب الكلي في علاقاتها مع الغرب الأوروبي والأمريكي وهما من بين الشركاء التقليديين الحيويين والاستراتيجيين، ظلت في حالة ارتهان وتبعية للمعسكر الغربي على مدى عقود طويلة من الزمن، لكن في ظل التحولات العالمية الجارية والتحديات التي فرضت نفسها، كان من الحتمي أن تنوع تونس من شركائها وتمد يدها كذلك الى قوى عالمية جديدة على غرار روسيا والصين وكوريا الجنوبية وهي قوى وأقطاب أصبحت ذات وزن على المستوى العالمي سياسيا واقتصاديا.

إن خيار تونس في هذه الفترة الالتفات، وليس التوجه، شرقا هو الخيار الأنسب والأسلم في إطار ما ينسجم مع مصالحها وفي إطار تغير المعادلة الدولية وعودة القطبية الثنائية مجددا.. فتونس لم ولن تتخلى عن الغرب المرتبطة معه بشكل شبه كلي تاريخيا واقتصاديا وحتى سياسيا، لكنها لن تواصل الاعتماد على الشريك الواحد لذلك كان الرهان الحالي في ظل نظام الرئيس قيس سعيد على الشرق، حيث القوة السياسية والمال والاستثمارات والتكنولوجيا والغذاء وخاصة عقلية الكسب المشترك (رابح-رابح) دون أن ننسى مبدأ الحياد السياسي واحترام السيادة الوطنية وعدم التدخل في الشأن الداخلي للدول..

ومن المؤكد أن التفات تونس شرقا وزيارة رئيس الدولة الى الصين وقبلها الى إيران لأداء واجب العزاء، وزيارة رئيس الحكومة الى كوريا ومن قبلهما وزير الخارجية الى روسيا ووزير الفلاحة الى اندونيسيا، ستكون نتائجها جد إيجابية على بلادنا خاصة في ظل الجهود التي تبذلها هذه الدول وغيرها من دول شرق آسيا للتموقع واستغلال فرص الاستثمار في القارة الإفريقية التي تبقى تونس بوابتها الأهم والأبرز ومفتاح كل من يرغب في أن يكون له موطن قدم في القارة السمراء مستقبل العالم.

سفيان رجب

 

بعد أيام قليلة من مشاركة الرئيس قيس سعيد في القمة العربية-الصينية التي احتضنتها بيكين والاهتمام الكبير الذي قوبلت به هذه المشاركة من قبل السلطات الصينية، يشارك رئيس الحكومة أحمد الحشاني اليوم في العاصمة الكورية الجنوبية في القمة الكورية-الإفريقية التي تحمل شعار: "المستقبل الذي نبنيه معا: نمو مشترك، استدامة وتضامن" وهي قمة ستمثل انطلاقة العمل المشترك بين كوريا وإفريقيا والتي ستكون دافعة للعلاقات بينهما على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي ومحفزة للتعاون الشامل والعملي في عديد المجالات أبرزها المعادن الحيوية والبنية التحتية والطاقة المتجددة والرقمنة والزراعة والرعاية الصحية والسياحة..

قمة ستكون أولى الخطوات في طريق جديدة للتعاون الاقتصادي بين المنطقتين من أجل دفع التنمية الصناعية، وزيادة التبادلات التجارية، وسبل تحسين البنية الأساسية والإنتاجية الزراعية.. مشاركة تونس فيها ممثلة في رئيس الحكومة ووفد وزاري هام يؤكد التحولات التي تشهدها بلادنا فيما يتعلق بعلاقاتها وتموقعها الجيوسياسي خاصة أن دول الشمال بدأت اليوم تهتم بالموقع الجغرافي الهام الذي تحتله تونس التي تمثل همزة الوصل بين أوروبا وآسيا من جهة وإفريقيا من جهة أخرى.. كما أن الواقع السياسي والاقتصادي جعل تونس تفك حصرية ارتباطها مع الغرب وتلتفت شرقا خاصة وأن شمال المتوسط بدوله وهياكله لم يقدم الشيء الممكن لبلادنا في ظل ما عانته من ظروف اقتصادية وصعوبات مالية في حين أن آفاق حسن التعاون والاستفادة موجودة إذا ما تم الاتجاه والتعامل مع دول آسيا.

تونس التي لم تسع بالمرة إلى الانقلاب الكلي في علاقاتها مع الغرب الأوروبي والأمريكي وهما من بين الشركاء التقليديين الحيويين والاستراتيجيين، ظلت في حالة ارتهان وتبعية للمعسكر الغربي على مدى عقود طويلة من الزمن، لكن في ظل التحولات العالمية الجارية والتحديات التي فرضت نفسها، كان من الحتمي أن تنوع تونس من شركائها وتمد يدها كذلك الى قوى عالمية جديدة على غرار روسيا والصين وكوريا الجنوبية وهي قوى وأقطاب أصبحت ذات وزن على المستوى العالمي سياسيا واقتصاديا.

إن خيار تونس في هذه الفترة الالتفات، وليس التوجه، شرقا هو الخيار الأنسب والأسلم في إطار ما ينسجم مع مصالحها وفي إطار تغير المعادلة الدولية وعودة القطبية الثنائية مجددا.. فتونس لم ولن تتخلى عن الغرب المرتبطة معه بشكل شبه كلي تاريخيا واقتصاديا وحتى سياسيا، لكنها لن تواصل الاعتماد على الشريك الواحد لذلك كان الرهان الحالي في ظل نظام الرئيس قيس سعيد على الشرق، حيث القوة السياسية والمال والاستثمارات والتكنولوجيا والغذاء وخاصة عقلية الكسب المشترك (رابح-رابح) دون أن ننسى مبدأ الحياد السياسي واحترام السيادة الوطنية وعدم التدخل في الشأن الداخلي للدول..

ومن المؤكد أن التفات تونس شرقا وزيارة رئيس الدولة الى الصين وقبلها الى إيران لأداء واجب العزاء، وزيارة رئيس الحكومة الى كوريا ومن قبلهما وزير الخارجية الى روسيا ووزير الفلاحة الى اندونيسيا، ستكون نتائجها جد إيجابية على بلادنا خاصة في ظل الجهود التي تبذلها هذه الدول وغيرها من دول شرق آسيا للتموقع واستغلال فرص الاستثمار في القارة الإفريقية التي تبقى تونس بوابتها الأهم والأبرز ومفتاح كل من يرغب في أن يكون له موطن قدم في القارة السمراء مستقبل العالم.

سفيان رجب