إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

افتتاحية "الصباح".. هل بلغتكم رسالة "الدربي"؟ ..

 

أوّلا علينا أن نعترف أنه سيكون من غير الحكمة في شيء التصرف وكأن ما شهده ملعب رادس مساء الأحد لم يكن، أو كذلك اعتبار أن ما جاء على لسان المدرب البرتغالي ميغال كاردوزو، مهما كان صادما للكثيرين حول ما حصل من مشاهد العنف خلال مباراة الدربي، واعتباره أن "ما رآه لم يشهد له مثيلا حتى في الحرب"، أمر مبالغ فيه ولا يستوجب بالتالي التوقف عنده..

لا خلاف أن كرة القدم جزء من حياة العامة، كما السياسة مهما اختلفت درجة الاهتمام، وهي تبقى أفيون الشعوب الأكثر رواجا في العالم وأنه لا خلاص من هذا الأفيون إلا بالاستثمار في الرياضة لتكون فضاء للتنافس والتألق والمتعة حتى لا يكون جمهور المتفرجين خاسرا سيئا تقوده الهمجية عندما لا ترضيه النتائج ..

نقول هذا الكلام وفي قناعتنا أن الرياضة كما الصناعة والثقافة والتعليم والصحة والنقل وغيرها مرتبطة بالخيارات والرهانات المعلنة للحكومات ومدى قدرتها على النهوض بمختلف هذه القطاعات.. وإزاء كل ما سبق سيتعين أن نسأل صراحة إن كنا نملك فعلا ما يكفي من الجرأة والشفافية والإرادة للتعاطي جديا مع ما حدث في ملعب رادس خلال اللقاء الذي جمع الإفريقي والترجي، وهما اثنان من أكبر الأندية الوطنية، من فوضى عارمة وعنف وشغب ومواجهات مع الأمن ولجوء لاستعمال الغاز المسيل للدموع؟

وبعيدا عن التهويل أو التهوين لما حدث، نقول لسنا إزاء سابقة سواء تعلق الأمر بالمشهد الرياضي في بلادنا أو كذلك مع كبرى الأندية العالمية ونستحضر هنا خاصة الهوليغانز في بريطانيا، إلا أن ذلك ليس سببا على الإطلاق لتجاهل ما حدث أو حتى التقليل من شأنه لأن في ذلك، وهنا مربط الفرس، خطرا أكبر، يعني بكل بساطة احتمال تكرار تلك المشاهد مستقبلا بما يمكن أن يتجاوز كل الخطوط الحمراء ..

تماما كما لا نريد استباق الأحداث ولكن كنا نأمل لو أن أصحاب سلطة الإشراف، ونعني وزارتي الشباب والرياضة والداخلية، كانوا بادروا بمصارحة الرأي العام والإعلان عن فتح تحقيقات بشأن التوجه نحو تحديد المسؤوليات وتحميل كل طرف نصيبه مما حدث بعيدا عن الشيطنة لأي طرف كان وبمنأى عن الإنكار أو المكابرة والهروب الى الأمام حتى لا تتفاقم أزمة الثقة ..

الأكيد أننا في زمن التكنولوجيا الحديثة والمواقع الاجتماعية التي لا مجال معها لتغييب الحقائق أو تجميلها وقد تابع الرأي العام التونسي ومعه كل العالم ما جرى خلال مباراة الأحد التي ولئن استمرت 118 دقيقة إلا أن الحديث بشأنها لن يتوقف قريبا ..

نرجح أن المدرب البرتغالي جانب الصواب وذهب بعيدا في مقارنته لما حدث بما يجري في غزة ووصفه لما يجري في الميدان بحالة حرب.. وقناعتنا أن مظاهر العنف التي نراها في الملاعب ليست بمعزل عن الأزمة الراهنة بعالم الرياضة في بلادنا والانتكاسات المتلاحقة.. والخوف كل الخوف أن تكون الشجرة التي تخفي الغابة عندما يتعلق الأمر بتجاهل الأسباب التي تدفع بفئة من الشباب التائه الذي يفتقر للبوصلة الى الانسياق وراء العنف لأي سبب كان وليس بسبب نتيجة مباراة رياضية..

لقد تعلمنا ومنذ السنوات الأولى للدراسة "أن العقل السليم في الجسم السليم A Sound Mind in A healthy Body، هي عِبارة لاتينيّة الأصل والتي تنسب إلى الفيلسوف اليوناني طاليس.. ولكن واقع الحال أننا لم نتعلم معاني هذه العبارة وتأثيرها في الحياة ولم نسع لتكريس هذه العقلية لدى التونسي كثقافة في حياتنا اليومية.. فهل وصلت الرسالة؟

آسيا العتروس

 

أوّلا علينا أن نعترف أنه سيكون من غير الحكمة في شيء التصرف وكأن ما شهده ملعب رادس مساء الأحد لم يكن، أو كذلك اعتبار أن ما جاء على لسان المدرب البرتغالي ميغال كاردوزو، مهما كان صادما للكثيرين حول ما حصل من مشاهد العنف خلال مباراة الدربي، واعتباره أن "ما رآه لم يشهد له مثيلا حتى في الحرب"، أمر مبالغ فيه ولا يستوجب بالتالي التوقف عنده..

لا خلاف أن كرة القدم جزء من حياة العامة، كما السياسة مهما اختلفت درجة الاهتمام، وهي تبقى أفيون الشعوب الأكثر رواجا في العالم وأنه لا خلاص من هذا الأفيون إلا بالاستثمار في الرياضة لتكون فضاء للتنافس والتألق والمتعة حتى لا يكون جمهور المتفرجين خاسرا سيئا تقوده الهمجية عندما لا ترضيه النتائج ..

نقول هذا الكلام وفي قناعتنا أن الرياضة كما الصناعة والثقافة والتعليم والصحة والنقل وغيرها مرتبطة بالخيارات والرهانات المعلنة للحكومات ومدى قدرتها على النهوض بمختلف هذه القطاعات.. وإزاء كل ما سبق سيتعين أن نسأل صراحة إن كنا نملك فعلا ما يكفي من الجرأة والشفافية والإرادة للتعاطي جديا مع ما حدث في ملعب رادس خلال اللقاء الذي جمع الإفريقي والترجي، وهما اثنان من أكبر الأندية الوطنية، من فوضى عارمة وعنف وشغب ومواجهات مع الأمن ولجوء لاستعمال الغاز المسيل للدموع؟

وبعيدا عن التهويل أو التهوين لما حدث، نقول لسنا إزاء سابقة سواء تعلق الأمر بالمشهد الرياضي في بلادنا أو كذلك مع كبرى الأندية العالمية ونستحضر هنا خاصة الهوليغانز في بريطانيا، إلا أن ذلك ليس سببا على الإطلاق لتجاهل ما حدث أو حتى التقليل من شأنه لأن في ذلك، وهنا مربط الفرس، خطرا أكبر، يعني بكل بساطة احتمال تكرار تلك المشاهد مستقبلا بما يمكن أن يتجاوز كل الخطوط الحمراء ..

تماما كما لا نريد استباق الأحداث ولكن كنا نأمل لو أن أصحاب سلطة الإشراف، ونعني وزارتي الشباب والرياضة والداخلية، كانوا بادروا بمصارحة الرأي العام والإعلان عن فتح تحقيقات بشأن التوجه نحو تحديد المسؤوليات وتحميل كل طرف نصيبه مما حدث بعيدا عن الشيطنة لأي طرف كان وبمنأى عن الإنكار أو المكابرة والهروب الى الأمام حتى لا تتفاقم أزمة الثقة ..

الأكيد أننا في زمن التكنولوجيا الحديثة والمواقع الاجتماعية التي لا مجال معها لتغييب الحقائق أو تجميلها وقد تابع الرأي العام التونسي ومعه كل العالم ما جرى خلال مباراة الأحد التي ولئن استمرت 118 دقيقة إلا أن الحديث بشأنها لن يتوقف قريبا ..

نرجح أن المدرب البرتغالي جانب الصواب وذهب بعيدا في مقارنته لما حدث بما يجري في غزة ووصفه لما يجري في الميدان بحالة حرب.. وقناعتنا أن مظاهر العنف التي نراها في الملاعب ليست بمعزل عن الأزمة الراهنة بعالم الرياضة في بلادنا والانتكاسات المتلاحقة.. والخوف كل الخوف أن تكون الشجرة التي تخفي الغابة عندما يتعلق الأمر بتجاهل الأسباب التي تدفع بفئة من الشباب التائه الذي يفتقر للبوصلة الى الانسياق وراء العنف لأي سبب كان وليس بسبب نتيجة مباراة رياضية..

لقد تعلمنا ومنذ السنوات الأولى للدراسة "أن العقل السليم في الجسم السليم A Sound Mind in A healthy Body، هي عِبارة لاتينيّة الأصل والتي تنسب إلى الفيلسوف اليوناني طاليس.. ولكن واقع الحال أننا لم نتعلم معاني هذه العبارة وتأثيرها في الحياة ولم نسع لتكريس هذه العقلية لدى التونسي كثقافة في حياتنا اليومية.. فهل وصلت الرسالة؟

آسيا العتروس